اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 10.04.2010, 15:27
صور أبوحمزة السيوطي الرمزية

أبوحمزة السيوطي

عضو شرف المنتدى

______________

أبوحمزة السيوطي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.544  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
20.06.2023 (12:40)
تم شكره 36 مرة في 25 مشاركة
افتراضي


2 - ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا ) .

باطل .

وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، ولا من جهة متنه . أما إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية ) والقضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 2 / 414 ) و" الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس عن ابن عباس .
وهذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا - وهو ابن أبي سليم - فإنه ضعيف ، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك .
وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
وقال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
قلت : وقد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره ( 20 / 92 ) من طريق أخرى عن ابن عباس موقوفا عليه من قوله ، ولعله الصواب وإن كان في سنده رجل لم يسم .
ورواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " ( ص 159 ) والطبراني في " المعجم الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ : " من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا " .
وسنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف ، ثم رأيته في معجم ابن الأعرابي قال ( 193 / 1 ) ، أنبأنا عبد الله - يعني ابن أيوب المخرمي - أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
وهذا مرسل ، وإسماعيل هو ابن مسلم ، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة ، وإن كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف ، لكن قال الحافظ العراقي : رواه علي بن معبد في كتاب " الطاعة والمعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح .
قلت : يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح ، ولا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند جمهو ر علماء الحديث ، ولا سيما إذا كان من مرسل الحسن وهو البصري ، قال ابن سعد في ترجمته : كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة .
وحتى إنه لوفرض أن الحسن وصل الحديث وأسنده ولم يصرح بالتحديث
أو بسماعه من الذي أسنده إليه كما لوقال : عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة ، فكيف لوأرسله كما في هذا الحديث ؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " : كان الحسن كثير التدليس ، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه ولا سيما عمن قيل : إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة ونحوه ، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في
جملة المنقطع .
على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " ( ص 264 ) وإسناده صحيح ، وكذلك رواه ابن جرير ( 20 / 92 ) من طرق عنه وهو الصواب .
ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) من طريق مقدام بن داود قال : أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا ، ومقدام هذا قال النسائي : ليس بثقة ، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد وكان ثقة فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي وإلا فلا يصح .
وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما صح من قول ابن مسعود والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس . ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما .
وقال ابن عروة في " الكواكب " : إنه الأصح .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين وابن عباس وابن مسعود والحسن مرفوعا : والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم .
قلت : وسيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى وهو بهذا اللفظ إلا أنه قال : " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " وهو منكر أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم ( 985 ) .
وأما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة ، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
وقوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
وهذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان ، وحينئذ فليس له صلاة شرعا ، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : { إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد والبزار والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) والبغوي في حديث علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " ( 31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها - ولم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة.
ولذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا ومتنا والله أعلم .
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي وقال : ومثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان والشرائط ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : " ستمنعه صلاته " واستصوب الشيخ أحمد كلام الجاربردي هذا وقال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في
الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة ويزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال :
قلت : وحمل الحديث على المبالغة والتهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره وأما على اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : ويشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى { إن الحسنات يذهبن السيئات } .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه ، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه وإن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا وهو الحق وكلامه المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2 ) وقد نقل الذهبي في " الميزان " ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث : كذب وزور .







توقيع أبوحمزة السيوطي
إذا كُنت تشعر انك لاتعيش جيـداً ...فاعلم أنك لاتصلي جيداً


رد باقتباس