ب- المسيح في الإنجيل
كما هو معلوم فإن النصارى يؤمنون بأربعة أناجيل وهي:
1. إنجيل متى.
2. إنجيل لوقا.
3. إنجيل مرقص.
4. إنجيل يوحنا.
ولهذا سنذكر ملخصاً لفكرة المسيح لديهم من خلال هذه الأناجيل:
1. من هو المسيح:
المسيح عند النصارى هو ابن الله الأزلي -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً -، وهم يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى غضب على الجنس البشري بسبب خطيئة آدم وأكله من الشجرة، ولهذا رحمة بهم أرسل ابنه الوحيد إلى الأرض، حيث دخل رحم مريم العذراء البتول، وولد كما يولد الأطفال وتربى كالأطفال، ثم صلب ظلماً على الصليب ليكفر عن آدم وبني آدم الخطيئة.
2. المسيح هو الله وابن الله وثالث ثلاثة:
يعتقد النصارى أن الله حل في المسيح فاختلط جزءه البشري مع الجزء الإلهي، وأنه ابنه، وأنه شخص وأقنوم منفصل عنه
كلها اعتقادات للنصارى ولايمكن الجمع بينها ولايقبلها العقل البشري.
3. عقيدة التثليث:
خلاصة هذه العقيدة أن الابن وهو المسيح، والأب وهو الله، والروح القدس وهو جبريل، ثلاثة أقانيم -أي أشخاص - وفي نفس الوقت هم واحد، وهذه العقيدة لايمكن للعقل قبولها ولاتوافق حتى السنن الكونية، ولهذا وجد لها النصارى حلاً، فقالوا لأتباعهم المقولة المشهورة: "اعصب عينيك واعتقد "، أي من غير أن تفكر هل هو مقبول عقلاً أم لا؟
4. نسب المسيح:
إن المتأمل في أناجيلهم يجد التباين الكبير والاختلاف الشديد بين إنجيل متى وإنجيل لوقا في سرد نسب المسيح عليه السلام، فكيف يكون الإنجيل هذا من عند الله، وأيهم الصواب؟ إن هذا دليل واضح على عدم قدسية الإنجيل وصحته، لأن التحريف والتبديل قد دخله، وهذا التباين والاختلاف من أقوى الأدلة.
لقد نسب كتاب الإنجيل المسيح إلى يوسف ومن ثم إلى داود وإلى إبراهيم. وهل كان يوسف أباً للمسيح حتى يكون نسبه من جهته؟
كلا، وإن كان لابد فليكن من جهة مريم أمه لا غير، كما نسبه القرآن الكريم.
5. ولادة المسيح وحياته:
لقد ذكرت الأناجيل ولادة المسيح وحياته بشكل يدعو للدهشة لما فيه من التناقض والاختلاف، مما يدل على وقوع التحريف والتبديل فيها، فخذ أمثلة على هذا:
أ. في إنجيل لوقا: أن ولادة المسيح كانت بعد الاكتـتاب في عهد أغسطس، والثابت في التاريخ أن ذلك كان في السنة السادسة من ولادة المسيح.
بينما يقول متى: إن ولادة المسيح كانت في عهد هيرووس، والثابت في التاريخ أنه توفي قبل ولادة المسيح بأربع سنوات.
ب. أن متى يدعي أن أبويه ذهبا إلى مصر خوفاً من هيرووس الذي أمر بقتل جميع الصبيان. بينما يقول لوقا: إن أبويه ذهبا به إلى أورشليم ومنها إلى الناصرة وبقيا هناك إلى أن شابا.
ج. يقول متى: إن المسيح كان ملك اليهود، والتاريخ يكذب هذه الدعوى، فإن المسيح لم يكن يوماً ما ملكاً لليهود، بل هم الذين سعوا إلى الحكم واستطاعوا إصدار الأمر عليه بالإعدام.
6. ما جاء في الأناجيل عن المسيح موافقاً لما في القرآن:
أ. بشرية المسيح: حيث تقول بأنه ولد من مريم، وكان يأكل ويشرب ويتعب وينام وكلها من خصال البشر.
ب. أنه رسول الله:
جاء في إنجيل متى:10 / 40: "متى يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني ".
ج. أنه رسول إلى بني إسرائيل خاصة:
ورد في إنجيل متى 15 / 24: "أن المسيح عليه السلام لحقته امرأة كنعانية تطلب منه شفاء ابنتها المجنونة فقال المسيح: لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ".
وهذا مخالف لما يدعيه النصارى من عالمية دعوتهم لجميع الناس.
د. أنه متبع لشريعة موسى عليه السلام ومكمل لها:
يقول متى في إنجيله 5/ 17: عن المسيح أنه قال: "لاتظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ماجئت لأنقض بل لأكمل ". هـ. أنه دعى إلى عبادة الله وحده لاشريك له:
ذكر متى في إنجيله 4/10: عن المسيح أنه قال: "للرب إلهك تسجد إليه وإياه وحده تعبد ".
خلاصة هذا الموضوع:
ومن خلال هذا العرض نخلص إلى مايلي:
أولاً: أن عقيدة المسلمين كما تبين من نصوص القرآن الكريم في المسيح عليه السلام عقيدة مقبولة عقلاً، وتتطابق مع السنن الكونية والإلهية، بخلاف مافي سيرته في الأناجيل من المبالغة والأمور التي لاتقبل عقلاً، فمثلاً كيف يكون رباً ثم هو يقتل ويصلب ولايستطيع أن يدافع عن نفسه.
ثانياً: من خلال الوصف تظهر وسطية الإسلام تجاه المسيح عليه السلام، فلا غلو كالنصارى الذين جعلوه رباً وإلهاً
ولا جفاء كاليهود الذين جعلوه ابناً من الزنا -قبحهم الله -.
ثالثاً: التوافق والتلاؤم بين المعلومات في القرآن عن المسيح عليه السلام وما يجب اعتقاده فيه، ولاتوجد أي معلومة في القرآن حوله متضاربة
أو متناقضة بخلاف الأناجيل، فإن المعلومات التي فيها متضاربة، فما يوجد في إنجيل يوحنا يخالف مافي إنجيل متى وهكذا.
رابعاً: أن ما نقل إلينا في القرآن عن المسيح عليه السلام ثبت سنده بالتواتر القطعي الذي رواه الثقات عن الثقات بالأسانيد المشهورة المعلومة
وأما ما نقل إلينا عن المسيح في الأناجيل فلا سند له، ولايعلم مصدره، وهذا يشكك في نسبة المعلومات عن المسيح وعن حياته.
خامساً: مجمل عقيدة المسلمين من خلال القرآن في المسيح عليه السلام إنما هي تشريف وتكريم ورفع منزلته، ولايوجد فيها تنقيص
أو احتقار له بخلاف ما عليه الأناجيل من ذكر بعض ما ينقص من قدره، كالصلب والفداء ونحو هذا.
إعداد فريق نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم