
26.02.2010, 15:10
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
06.05.2009 |
الجــــنـــــس: |
ذكر |
الــديــــانــة: |
|
المشاركات: |
30 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
12.10.2010
(20:08) |
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
|
|
|
|
|
اتخذت الحضارة المرأة الغربية من وسائلها في ترقيق الطباع وإرهاف الملكات ، ومع المرأة ما معها من فنون الدعابة والمغازلة والمفاكهة والإغراء وما تحت هذه من الطباع والأخلاق ، فإذا العالم المتحضر في صبغة من الأنوثة متى أخذ الدهر مأخذه فيها استحالت من بعد صبغة من الفجور يشمل هذا العالم .
ويقولون : الجمال والفن ولا يعلمون أنهما إذا استفاضا وعمّا جاء منهما الخبال والهوس ، وخرج من اجتماع كل ذلك الانحلال والسقوط ، كما وقع في التمدن الروماني والحضارة الغربية .
إني لا أرى أكثر مظاهر هذه الحضارة إلا أسلحة قاتلة تقتل الخير والرحمة في قلوب الناس ، فهي ترفع تكاليف الحياة وتزيد فيها وتعسر آمالها ، فتنشيء بذلك الفقر المدقع ، وتخرج معه الفوضى والاختلال ، وتحدث به الأخلاق السافلة كالتلصص والدماء والخبث والحسد ونحوها ويزيد العالم كل يوم بأسباب كثيرة تبدعها الحضارة ؛ فلا تكون الزيادة إلا عبثاً وشراً ومضايقة ، لأن ما كان يكفي الجماعة ذات العدد أصبح لا يكفي إلا فرداً واحداً ، ويومئذ لا تستقيم الإنسانية إلا بأن يتغذى بعضها من بعض ، فيكثر القتل والاستراق والإباحة ، ولكن في ألفاظ وتعابير مدنية ، والآفة يومئذ أن الإنسانية تكبر والأرض لا تكبر ، فتضيق الحياة بأهلها وتزيد مطامعهم ضيقا ، فيتقرر عندهم نظام التقتيل ويصبح قانوناً إنسانياً عاماً ، وما أرى هذا القانون سينفذ إلا في الأجنة في بطون أمهاتهن ، بحيث يكون في كل أسرة ميزان للموت لا يعطي الدنيا من إحدى كفتيه طفلاً إلا بعد أن يجتمع في الكفة الأخرى أربعة موتى أو أقل أو أكثر
ولن يجدوا علاجاً من داء الحضارة إلا بالحمية منها ، فيوشك إذا هم تنبهوا إلى ذلك أن يمنعوا الناس من بعض فنون هذه الحضارة بقوة القانون ، وأن يفرضوا عليهم بعض الجهل فرضا يؤخذون به ليبقى تاريخ العالم متصلا وليجد النوع الإنساني على هذه الأرض من يوجده بصفائه وخصائصه ، فإن الأخلاق في تلك الحضارة قائمة على خير قواعدها ، إذ لم يكن من سبيل لتغيير البناء الإنساني إلا بتغيير تلك القواعد .
وأنا أرى أنه لو انتزع من هذه المدنية أكثر حسناتها لذهب في ذلك أكثر سيئاتها ، إذ كانت الحسنة هي التي تخرج السيئة ؛ فالغنى الواسع بإزاء الفقر الأوسع ، والرفاهيّة السّرية بإزاء الشيوعية والفوضى وهكذا ، ونعيم هذه الحضارة نعيم في أقله وشقاء في أكثره ، وهو يفسد من يناله بإضعاف أخلاقه القوية الصالحة ، ويفسد من لم ينله بتقوية أخلاقه الضعيفة الفاسدة ؛ ذاك تسقط به مؤاتاة الشهوات إياه ، وهذا يسفل به امتناعها عليه وهي لغيره معرضة ؛ ذاك يفسده ما في نفسه ، وهذا يفسده ما في نفسه وما في غيره.
توقيع أبو عبد الله البخاري |
" هم يقولون إنهم يريدون بآرائهم الأمة ومصالحها ومراشدها ، ويقولون في ذلك بما يسعه طغيانهم واتساعهم في الكلام واقتدارهم على الثرثرة ، حتى إذا فتشت وحققت لم تجد في أقوالهم إلا ذواتهم وأغراضهم وأهواءهم يريدون أن يبتلوا بها الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم ، كالمسلول يصافحك ليبلغك تحيته وسلامه ، فلا يبلغك إلا مرضه وأسباب موته " ** الرافعي متحدثاً عن العلمانيين ** |
|