
26.02.2010, 15:09
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
06.05.2009 |
الجــــنـــــس: |
ذكر |
الــديــــانــة: |
|
المشاركات: |
30 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
12.10.2010
(20:08) |
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
|
|
|
|
|
علم الله ما فتن المغرورين من شبابنا إلاّ ما أخذهم من هذه الحضارة ، فإن لها في زينتها ورونقها أخذة كالسحر ، فلا يميزون بين خيرها وشرها ، ولا يفرقون بين مبادئها وعواقبها ، ثم لا يفتنون منها إلا ما يدعوهم إلى ما يميت ويصدهم عما يحيي وما يحول بينهم وبين قلوبهم ، فليس إلا المتابعة والتقليد ؛ وسأوجز هذا الرأي ما استطعت ، وسأجعل كلامي فيه بلغة النظر: تأتي اللمحة القصيرة على ما تطول العبارة فيه وتمتد.
إن هذه الحضارة لا تظهر أبداً على حقيقتها ، إذ كانت حقيقتها لم تجتمع بعد ، وقد أنشأها جيل قريب منا وورّثها من بعده وترك معها أخلاقه وطباعه ، فما برح الناسُ يشبهون الناسَ ، وإنما صبغت الحياة ولونت ودخلها التمويه و الزخرف والخطب في هذا يسير ، إذ كان اللون الإنساني لا يزال ولكن الشأن حين تتناسخ الأجيال خلقاً بعد خلق ويظهر على هذه الأرض الإنسان الميكانيكي الوارث أخلاقه من الآلات أكثر مما يرثها من النفوس ، فيومئذ لا يكون القول في الحضارة موضع حسبان وظن كما هو الآن.
وعلى أن الدنيا لا تزال بخير ، وعلى أن الحضارة لم تعد من الإنسانية موقع الألوان و التحاسين ؛ فقد غمر شرّها وكثر أذاها وأخذ أهلها يتدافعونها ويتذمّمون منها وألزموها الإثم وألحقوا بها الفساد وأبكى عقلاءهم وحكماءهم ما جلبت عليهم من الأخانيث والمضاحيك والمهازل والمفاسد وكبائر الإثم والفواحش ، ولم يقم خيرها بشرها ولا غطت مصالحها على مفاسدها.
يحمل الإنسان في نفسه نقيضين ، هما عقله وهواه ، أو دافعه ووازعه ، فإذا أطلقهما معا أفسداه ، وإذا قيدهما معا أفسداه كذلك ، ولكن تمام الإنسان ونظامه أن يطلق العقل ويحدّ الهوى فيصفى بعضه في بعض فإذا هو قد خلص وتحرر ؛ ومادامت الأهواء مقيدة في حدودها فليس في العقل إلا محض الخير، فإذا تركا جميعاً لغاياتها طمّ شيء على شيء ورجعت الحياة صراعاً حيوانياً ، واحتالت العقول لتغيير الوضع الإنساني ، وتواضع الناس على الأخلاق البهيمية الفاسدة يدخلونها في آدابهم فلا ينكرونها ولا يردونها ولا يرون الأدب يكون بغيرها أدباً.
توقيع أبو عبد الله البخاري |
" هم يقولون إنهم يريدون بآرائهم الأمة ومصالحها ومراشدها ، ويقولون في ذلك بما يسعه طغيانهم واتساعهم في الكلام واقتدارهم على الثرثرة ، حتى إذا فتشت وحققت لم تجد في أقوالهم إلا ذواتهم وأغراضهم وأهواءهم يريدون أن يبتلوا بها الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم ، كالمسلول يصافحك ليبلغك تحيته وسلامه ، فلا يبلغك إلا مرضه وأسباب موته " ** الرافعي متحدثاً عن العلمانيين ** |
|