وهذه الفتوى للشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
ما الحكم في الموالد التي ابتدعت في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم والتي يدعي من يقوم بها ويحييها من الناس أنك إذا أنكرت ذلك أو لم تشاركهم فيه؛ فلست بمحبٍّ للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأن في المولد الصلاة على النبي والمدائح؛ فأنت بفعلك هذا معارض للصلاة وكاره للنبي؟
الموالد هي من البدع المُحدَثة في الدين، والبدع مرفوضة ومردودة على أصحابها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهوَ رَدّ) [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (3/167) من حديث عائشة رضي الله عنها.].
والرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته إحياء الموالد لا في مولده صلى الله عليه وسلم ولا في مولد غيره، ولم يكن الصحابة يعملون هذه الموالد ولا التابعون لهم بإحسان ولم يكن في القرون المفضَّلة شيء من هذا، وإنما حدث هذا على أيدي الفاطميين الذين جلبوا هذه البدع والخرافات ودسوها على المسلمين، وتابعهم على ذلك بعض الملوك عن جهل وتقليد، حتى فشت في الناس وكثُرت، وظن الجُهَّال أنها من الدين وأنها عبادة، وهي في الحقيقة بدعة مضلّلة وتؤثِم أصحابها إثمًا كبيرًا، هذا إذا كانت مقتصرة على الاحتفال والذكر كما يقولون، أما إذا شملت على شيء من الشرك ونداء الرسول ( والاستغاثة به كما هو الواقع في كثير منها؛ فإنها تتجاوز كونها بدعة إلى كونها تجر إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله، وكذلك ما يخالطها من فعل المحرَّمات كالرقص والغناء، وقد يكون فيها شيء من الآلات المُطرِبَة، وقد يكون فيها اختلاط بين الرجال والنساء... إلى غير ذلك من المفاسد؛ فهي بدعة ومحفوفة بمفاسد ومنكرات.
وهذا الذي يريده أعداء الدين؛ يريدون أن يُفسدوا على المسلمين دينهم بهذه البدع وما يصاحبها من هذه المنكرات، حتى ينشغلوا بها عن السنة وعن الواجبات.
فهذه الموالد لا أصل لها في دين الإسلام، وهي مُحدَثَة وضلالة، وهي مباءة أيضًا لأعمال شركية وأعمال محرمة كما هو الواقع.
وأما محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فمحبته عليه الصّلاة والسَّلام فرض على كل مسلم أن يحبه أحب مما يحب نفسه وأحب من ولده ووالديه والناس أجمعين عليه الصلاة والسلام.
ولكن ليس دليل محبته إحداث الموالد والبدع التي نهى عنها عليه الصلاة والسلام، بل دليل محبته اتباعه عليه الصلاة والسلام والعمل بما جاء به؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31.]؛ فدليل المحبة هو الاتباع والاقتداء وتطبيق سنته عليه الصلاة والسلام وترك ما نهى عنه وحذّر منه، وقد حذّر من البدع والخرافات، وحذّر من الشرك وحذّر من وسائل الشرك؛ فالذي يعمل هذه الأشياء لا يكون محبًّا للرسول صلى الله عليه وسلم، ولو ادعى ذلك؛ لأنه لو كان محبًّا له؛ لتبعه؛ فهذه مخالفات وليست اتباعًا للرسول صلى الله عليه وسلم، والمحب يطيع محبوبه ويتبع محبوبه ولا يخالفه.
فمحبته صلى الله عليه وسلم تقتضي من الناس أن يتَّبعوه، وأن يقدِّموا سنته على كل شيء، وأن يعملوا بسنته، وأن يُنهى عن كل ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم. هذه هي المحبة الصحيحة، وهذا هو دليلها.
أما الذي يدَّعي محبته عليه الصلاة والسلام، ويخالف أمره؛ فيعصي ما أمر به، ويفعل ما نهى عنه، ويحدث البدع من الموالد وغيرها، ويقول: هذه محبة الرسول صلى الله عليه وسلم! هذا كاذب في دعواه ومُضلِّل يريد أن يُضلِّل الناس والعوام بهذه الدعوة.
ومن حقه صلى الله عليه وسلم علينا بعد اتباعه الصلاةُ والسلام عليه؛ فهي مشروعة، وتجب في بعض الأحيان وفي بعض الأحوال؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56.]، فنصلي عليه في الأحوال التي شرع الله ورسوله الصلاة عليه فيها.
وأما البدع والمنكرات؛ فهذه ليست محلاً للصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم! كيف يصلي عليه؛ وهو يخالف أمره، ويعصي نهيه، ويرتكب ما حرَّمه الله ورسوله؟! كيف يصلي عليه؛ وهو يحدث الموالد والبدع، ويترك السنة، بل ويُضَيِّع الفرائض؟!
- سائل يقول: نقيم بين حين وآخر مأدبة عشاء، وننحر الذبائح لوجه الله تعالى، ونجتمع على بركة الله، ونقيم ليلة نذكر فيها الله سبحانه وتعالى وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وإلقاء القصائد في مدح الرسول وآله وأصحابه الأطهار، ويرافقها ضرب الدفوف؛ فهل هذا العمل جائز أم لا
هذا من البدع والمنكرات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي تُباعد عن الله عز وجل، وتُوجِب سخطه وعذابه؛ لأن هذه الاحتفالات وما يجري فيها من ذبح الذبائح وإنشاد المدائح كما تقول، وربما تكون مدائح شركية؛ كما في "البُردة" وغيرها من الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وإطرائه الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تطرُوني كما أطرَت النَّصارى ابنَ مريم) [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (4/142) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.]، وهذا الذكر التي تقول: إنه يُعمَلُ في هذه الليلة! هذا من البدع؛ لأن الذكر لابد أن يكون على الوجه الشرعي، ولابد أن تتبع فيه الأدلة الشرعية؛ بدون أن تحدث له صفة خاصة أو في وقتٍ خاص أو في ليلة خاصة إلا بدليل من الكتاب والسنة.
ذكر الله لا شك أنه مشروع، ولكن ذكر الله حسب ما ورد في الأدلة في الحالات وفي الصفات وفي الأزمنة التي شرع الله ذكره فيها، أما أن نبتدع ونخصِّص وقتًا أو ليلة لذكر الله عز وجل بدون دليل؛ فهذا من البدع المُحرَّمة.
وكذلك ما ذكرت من ضرب الدفوف وغير ذلك؛ هذا من المحرَّمِ؛ لأن الدفوف من اللهو من آلات اللهو، وآلات اللهو مُحرَّمة؛ كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يكونُ في أمتي أقوامٌ يستحِلُّونَ الحِرَّ والحريرَ والخَمْرَ والمعازِفَ) [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (ج6 ص243) من حديث أبو عامر أو أبو مالك الأشعري بلفظ (ليكونن من أمتي...) وللحديث بقية..]، والمعازف هي آلات اللهو باختلاف ألوانها، ومنها الدفوف؛ لأنها آلة لهو؛ فهذا أيضًا من المنكرات.
فهذه الليلة التي تقولها لا يجوز إحياؤها وعملها؛ لأنها تشتمل على بدع وتشتمل على منكرات ومخالفا ت
-- أنتهى كلامهم رحمهم الله.
تمسك بحبل الله وأتبع الهـــــــدى ولا تكن بدعيا لعلك تفلـــــــح
ودني من كتاب الله والسنن التــــــــــي أتتك من رسول الله تنجو وتفـــــرح
منقول