
17.02.2010, 22:51
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
20.11.2009 |
الجــــنـــــس: |
ذكر |
الــديــــانــة: |
الإسلام |
المشاركات: |
680 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
28.09.2012
(20:17) |
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
|
|
|
|
|
الفيلم الأسباني (أغورا) لإليخاندور أمينابار .. ملحمة بصرية تعلي من شان المعرفة
عمان - ناجح حسن - يمتلك الفيلم الروائي الطويل المعنون (أغورا) للمخرج الأسباني التشيلي المولد اليخاندرو امينابار حرفيته وفرادته من مجموع تلك العناصر الملحمية التي وفرتها الحقبة التاريخية التي تسري فيها أحداثه حين كانت شاهدة على تحولات جذرية في المجتمع الإنساني في مدينة الإسكندرية إبان القرن الخامس الميلادي .
أثار موضوع الفيلم الذي بدأت إحدى صالات السينما المحلية بعرضه حديثا، خلافا لما اعتادت عليه من أفلام الخفة والإثارة والتشويق.. الكثير من أصداء الإعجاب، والتي لا تخلو أحيانا من وجهات نظر مغايرة مثيرة للجدل كالتي لاقتها عروضه في العديد من أرجاء العالم حين استقبله النقاد وعشاق السينما بحفاوة بالغة إبان تواجده الدائم في مهرجانات السينما العالمية .
راعى أمينابار في الكثير من تفاصيل الفيلم أجواء الحقبة التاريخية على الساحل الشمالي لمصر وتحديدا مدينة الإسكندرية في نهاية عصر وبداية آخر، في تركيز شديد على عنصري المعرفة (العلم) والدين دون أن يغفل مباديء سامية تدعو الى التسامح ولكنه أيضا يوغل في تصويره محطات ومواقف عصيبة تتأسس على التطرف الديني وما يقود إليه من دمار وعنف ونزعات الثأر والانتقام.
اختار صناع الفيلم تقديم حالة من الإبهار التاريخي يذكر المتلقي بتلك الأفلام الكبيرة التي حققتها هوليوود في فترتها الذهبية عن الإمبراطوريات الرومانية والإغريقية والفرعونية والصينية واليابانية واللاتينية في أميركا الجنوبية، التي كانت تقدمها تلك في ميزانيات ضخمة من التمويل والإنتاج التي توفرها كبرى الشركات الهوليودية والتي غدت اليوم من ابرز كلاسيكيات السينما العالمية.
بيد أن فيلم (أغورا) الآتي من إنتاج لمؤسسات مستقلة مكلف الميزانية تبدو ضخمة لواحد من الأفلام الأورو بية (50 مليون يورو) أنفقت على إحياء لمدينة الإسكندرية في حقبة تاريخية وما عاصرته من أحداث جسام يختلط فيها التطور المعماري الفتان والمجبول بديكورات مبهرة تعود الى أواخر أيام الإمبراطورية الرومانية.
ويبرز الفيلم منارة ومكتبة الإسكندرية وما تحتويه من وثائق وخرائط ورسومات ومواد القياس العلمي ومخطوطات الكتب بالإضافة الى المجاميع وهم في ملابسهم داخل أسواقهم أو في المدرجات المزدانة بالمنحوتات أو في مشاهد الالتحام الدامي الذي دارت بين الوثنيين واليهود من جهة والمسيحيين من جهة أخرى الآخذين في الانتشار والإمساك بالسلطة في أكثر من مكان بين آسيا وشمال إفريقيا وجنوب أوروبا.
هذا الخليط من الأحداث يتمحور حول حياة فتاة تؤدي الدور الممثلة البريطانية ريتشل فايس والى جوارها الممثل اشرف برهوم من فلسطين المحتلة العام 1948 ظهر في أفلام عالمية (جسد من الأكاذيب) عقب مشاركته بالفيلم الفلسطيني (الجنة الآن) لهاني أبو اسعد .. وهي تعمل في حقل العلم والفلسفة والمعرفة وتقدم فرضياتها العلمية وأفكارها بجرأة وتحدي في فترة بالغة الحساسية حيث اصطدمت نظرياتها حول علم الفلك مع أولئك المتمترسين بأوهام ومغلوطات رجالات يتذرعون بالحفاظ على القيم الدينية في سبيل الإمساك بالسلطة ولو قاد ذلك إلى نزاعات دموية بين الطوائف ومكونات المجتمع .
لا شك إن الفيلم الذي يذهب الى التاريخ يحتشد بالكثير من الطروحات والإشارات البليغة التي يعيشها العالم المعاصر حاليا من تعصب وانغلاق وعدم تسامح وتنازع بين الثقافات وكأنه يشير الى ما كشفت عنه الأحداث الجسيمة التي عاصرها العالم في العقدين الأخيرين .
مناظر عنيفة يفيض فيها الفيلم وهي تصور المطاردات والملاحقات التي يقوم بها متعصبون وهم يحرقون ويقتلون كل من يختلفون معه بالرأي ولا يتوانون أيضا عن حرق كتب ووثائق نفيسة عن الحضارات الأخرى المحفوظة في مكتبة الإسكندرية راعى المخرج في تصويرها أدق التفاصيل التي تعري الانحدار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي وصلت إليه القوى الحاكمة.
يصل المخرج امينابار (37 عاما) بهذا العمل مرتبة لائقة بين صناع السينما العالمية المكرسين وهو الذي قدم سابقا مجموعة من الأفلام الثرية المضامين والأفكار والجماليات (الآخرون) الذي جرى اقتباسه لاحقا الى السينما الاميركية .
استمد فيلم (أغورا) الذي عرض في احتفاء بليغ العام الماضي في مهرجان (كان) السينمائي الدولي عنوانه من الساحة التي يجتمع بها القوم لتدارك الخطر أو التعاطي والبحث في أمر جلل يهم المجتمع كما ويشكل إضافة مهمة للسينما الأسبانية خاصة والأوروبية عموما نظرا لبراعة المخرج في استلهامه التاريخ وأحكامه الدقيق على تفاصيل تلك الفترة بحرفية إبداعية تنهض على إدارته المتمكنة في إثراء العمل بالمزايا والجماليات والمفاهيم الدرامية النضرة تجاه الجدل الدائر حاليا في الثقافات العالمية المعاصرة.
كل ذلك يقدمه امينابار بمتعة وبهجة وجاذبية الصورة رغم قتامة الأحداث وسوداويتها، بغية تعرية وإدانة سلوكيات شخوص بذريعة الالتزام الديني المغلوط في انحياز الى العلم والمعرفة الذي يستقيم والوجدان الإنساني، وفي اعتماد أسس الحوار والسلوك الحضاري بين الأمم والثقافات الإنسانية.
http://www.alrai.com/pages.php?news_id=316199
|