الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد ..
بارك الله فيك أخانا : أبا علي . موضوع رائع حقيقة ، وكم كنت أرجو أن يكون طرح هذا الموضوع قبل معرض القاهرة الدولي للكتاب ؛ لعل أحدنا يدل أخاه على : كتاب ماتع ؛ فيقتنيه ، أو مؤلف مبدع ؛ فيلتمس مؤلفاته . وعلى العموم الأمر لا يزال مستدركا ، فدور النشر ـ بفضل الله تبارك و تعالى ـ منتشرة .
اسمح لي ـ بارك الله فيك ـ أن أستطرد قليلا و أقول : إننا جميعا نمر بمراحل في القراءة أو في طلب العلم ، و على أساس المرحلة التي نمر بها يكون اقتناؤنا للكتب أو لقراءة الكتب . و أستطيع أن أميز بين مرحلتين رئيستين :مرحلة اقتناء الكتاب بالنظر لاسم مؤلفه .
مرحلة اقتناء الكتاب بالنظر لاسم الكتاب أو موضوع الكتاب .
وهاتان المرحلتان متداخلتان غير منفصلتين ، و لكن المرحلة الأولى لمن هم في أول سلم الطلب أنفع بلا شك من باب أخذ العلم عن الثقات ، و المرحلة الأخرى لمن تقدم في الطلب و البحث ، فهو يستطيع أن يميز بين الخطأ والصواب ، و الحق و الباطل ، بحول الله تعالى وقوته .
ونحن أيضا متفاوتون فمنا : القارئ العادي ، و القارئ المتوسع ، و طالب العلم المبتدئ ، و طالب العلم المتقدم ... إلى أقسام كثيرة متداخلة يصعب حصرها .
أخي الكريم .. أعتذر لهذا الاستطراد .
الكتاب الذي سأتكلم عنه اقتنيته لاسم مؤلفه و هو الأستاذ العلامة المحقق :
أبو فهر محمود محمد شاكر
أسأل الله تبارك و تعالى أن يرحمه رحمة واسعة .
و كتابه هو :
المتنبي
و اخترت هذا الكتاب لأسباب منها :ما أدين به لهذا الرجل ، فقد علمني ما لم أكن أعلم ، و لا أظنني كنت سأتعلم حرفا مما علمنيه من غيره ؛ فهو مؤلف مبدع بلا شك ، يعرف للكلمة خطورتها و للقلم حقه . و لقد سمعت ـ فيما بعد ـ فضيلة الشيخ أبا إسحاق الحويني يصفه ـ وهذا حق إن شاء الله ـ بأفضل من كتب بالحرف العربي في القرن الماضي . و رغم ذلك فإن هذا الرجل الجبل لا يعرفه إلا خواص طلبة العلم ـ و لا يتوهمن أحد أني من طلبة العلم ، فضلا عن خواصهم ـ فرأيت أن أدل الأخوة و الأخوات عليه .
أن هذا " السفر " كما يحب أن يسميه صاحبه ـ رحمه الله ـ يحوي علما غزيرا متمثلا في :
ما أسماه صاحبه ـ رحمه الله ـ " رسالة في الطريق إلى ثقافتنا " حري بكل مسلم أن يقرأها ، فهي ملخص قصير لتاريخ طويل ، و ضح فيها الشيخ ـ فيما وضح ـ علاقة الثالوث الخطير: الاستعمار ، الاستشراق ، التبشير ( التنصير ) بعضه ببعض . وهذه الرسالة موجودة في أول السفر فيما يقارب من مائتين صفحة ، ثم طبعت مفردة فيما بعد .
منهج الشيخ ـ رحمه الله ـ : التذوق ، هذا المنهج الذي وضح شيخنا معالمه أيما وضوح ، مقتفيا أثر سلفنا الصالح من العلماء.
كتاب المتنبي نفسه ، الذي ألفه الشيخ ـ رحمه الله ـ في السابعة و العشرين من عمره ، و الذي لم يُؤلَّف ـ فيما أعلم ـ على منواله مثله. وهذا في حياة طه حسين عميد الادب العربي ـ بزعمهم ـ وغيره مما كتبوا عن المتنبي أيضا .
فوائد غير ذلك كثيرة يصعب حصرها .
وبعد ...
فجزاك الله خيرا أبا علي أن طرحت هذا الموضوع ، الذي ذكرني بالشيخ و كتابه ؛ فنشطت لأرد بعض دين الشيخ في عنقي ، و أنصح لكل مسلم ـ و الدين النصيحة ـ بقراءة كل كتب الشيخ و لا سيما ما أسماه " رسالة في الطريق إلى ثقافتنا " . و لهذا الكتاب معي تجربة أرجو أن تأتي الفرصة لذكرها .
بقي أن أقول : إن للشيخ ـ رحمه الله ـ جهدا في محاربة التنصير يتجلى هذا في كل كتب الشيخ ، و لا سيما كتابه : أباطيل و أسمار .
أعتذر أخي أبا علي على الإطالة و لك مني جزيل الشكر و خالص الدعوات .