سماحة التعامل
ونقول ان للسماحة التي أمرنا بها الإسلام في التعامل مع الآخر: "علمنا الإسلام احترام وجهات النظر المختلفة، وتقبلها برحابة صدر، وإن كان الفرد مختلفا مع آخر فليناقشه بالتي هي أحسن، وهذا المبدأ يكفل لي احترام رأيي لدى الآخرين".
ولكن ما يثيرني هو التشدد في وجهات النظر، فأنا أضيق بهؤلاء الذين يسعون إلى فرض آرائهم، وعند هذه النقطة يقف النقاش، ويبدأ أطراف المناقشة في التعصب لذاتهم دون التوصل إلى نقاط التقاء، والتركيز على نقاط الخلاف، والانحياز لها".
تربية خاطئة
أما عن التفسير النفسي لسبب تعنت البعض لآرائهم؛
"يحب الإنسان احترام رأيه، وقد يفقد الثقة بالنفس إذا لم يتقبله الآخرون احتراما له، ويؤدي الشعور بالظلم والمهانة في التربية إلى تكوين شخصيات غير قادرة على اتخاذ القرار في حياتهم".
والمتعصب مصاب بغموض فكري؛ وليس لديه استعداد أن يستمع إلي آراء الآخرين، ويكون ذلك نابعا عن سوء في التربية؛ كالذكور الذين يتم تمييزهم عن الإناث، أو أنه يكون ولدا وحيدا على مجموعة من البنات، ولم يتعود منذ صغر سنه على أدب التحاور مع الآخرين".
الأفكار القوية.. تصمد
ونؤكد على أهمية التشبث بالآراء الصحيحة والمبادئ إذا كان الشخص ذا حجة وشخصية قوية؛ "ولو كانت أفكار الشخص هشة، وليست نابعة عن فكر يحس أنه لا قيمه له؛ يستسلم ويصير سلبيا".
ونحن نصف الشخص المتسلط والمتعصب لرأيه: "إنه فقير علميا ولكنه طموح جدا بأن يظهر بمظهر المفكر مثله مثل السطو، فاحذروا التمسك بالرأي فإنه آفة من آفات الجهل، وأثرها يكون سلبا لا على الفرد فقط بل على المجتمع ككل".
وان الشخص الذي يلقى تقديرا من الآخرين: "هناك فرق بين الرأي المبني على فروض نظرية صحيحة، والمبني على فروض أهواء.
فالمبني على قاعدة من المعلومات ووجهة نظر من حقه طرح آرائه، والتشبث بها -خاصة في حالة السياسة- لأنه يحدث داخل المجتمع نوعا من أنواع الجدل والتنوع في الآراء. ولكن في حالة تغير الحقائق التي اعتمد عليها؛ يجب أن يعدل".
ادعاء العصمة
ونحن نرفض لفظ التمسك بالرأي وينعته بالتعصب؛ ونقول "إن التعصب يميت الأفكار، ويحرم الاجتهادات الإيجابية التي تساهم في التصدي الفعال للمشكلات، والتي تساهم في تطوره؛ لأن الذي يصر على رأيه يدعي العصمة لنفسه، وادعاء العصمة يعني ادعاء الحقيقة.
ويرتكب المتعصب لرأيه خطأ كبيرا في حق نفسه لأنه يحرمها من اكتشاف أشياء صائبة في الرأي الآخر، ولا تتأتى الآراء الصواب إلا باستماع ووضع الأفكار الذاتية على ضفاف البحث، وإلا فهو يحرم نفسه بالدرجة الأولى".
عبر وعظات
ولقد تحدث القرآن والسنة النبوية عن مبدأ احترام الرأي الآخر. فقد سمع الله جل شأنه دعاء المشركين رغم فساد حجتهم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (الأنعام:112).
ويدلل على أهمية احترام الآخر
وحيث "أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لوفد نجران أن يؤدوا طقوسهم في الحرم، وقام المسلمون بحراستهم وخدمتهم لأنهم ضيوف، رغم أنهم كانوا يعلقون الصلبان في الحرم. وقد كان الرسول يحترم آراء الشباب ويأخذ آراءهم، ولا يصادرها لصالح فئة ما".
" وتعني كلمة الرأي اعتقادَ النفس أحدَ النقيضَين عن غلَبة الظن، فالذي يُطلب منه إعطاء رأيه في أمر ما، أصواب هو أم لا، يُجيب بما هو مُستقر في ضميره، إنْ كان المُستقِرُّ في نفسه عن هذا الأمر أنه صواب قال بذلك، وإنْ كان العكس قال العكس، وهكذا.
لذلك كان الأمر القرآنيّ في سورة النساء: {يا أيُّها الذينَ آمنوا كُونوا قوَّامِينَ بالقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ ولو علَى أنْفُسِكُمْ أوِ الوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا فاللهُ أولَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أنْ تَعْدِلُوا وإنْ تَلْوُوا أو تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
فالجهل مع الكِبْر آفة مِن آفات الرأي، ولذلك أوصَى الحُكماءُ المُستشيرَ في حاجةٍ له أن يَستشير حَكيمًا وألاّ يَعْصيه".
اسلام اون لاين
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال_ فيما يحبه الله وةيرضاه