أما أنا فقد أعذرت إلى الله
والبلاغة ليست من الصعوبة بمكان ، بحيث يعرض عنها الأخوة
فقد سهلت الأمر - على غير عادتي-
ولم تكن أكاديمية ،بل سهلة ميسورة ،- على غالب ظني على الأقل-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث للناس رحمة .
وبعد ...... :
( الحلقة الثانية )
علم البيان
وقد عرفه صاحب كشاف اصطلاحات الفنون بقوله : هو علمُُ يعرف به إيرادالمعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه .
يقول ابن خلدون في مقدمته : " ألاترى أن قولهم ( زيد جاءني ) مغاير لقولهم ( جاءني زيد ) من قبل أن المتقدم منهما هوالأهم عند المتكلم ، فمن قال : جاءني زيد ، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه ، ومن قال : زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند ،وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصولٍ أو مبهمٍ أو معرفة .
من أمثلة البيان القرآني :
ولقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم : { ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } ( الإسراء/31 ) و قال أيضاً في مقام آخر : { ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم } ( الأنعام/151 ) فلما ذكر الخوف من الفقر مستقبلاً ( خشية إملاق ) ولم يذكر وقوعه فعلا ،ً قدم رزق الأولاد على آبائهم ، من حيث إن الله سبحانه قد رزق الآباء حالياً ، لكنهم يخشون الفقر إذا كثر أولادهم ، ولما ذكر في الآية الأخرى وقوع الفقر ( من إملاق ) دعاهم إلى عدم قتل أولادهم ، وقدم سبحانه رزقه لهم على رزق أولادهم ، حيث يُخشى قتلهم أولادهم لقلة رزقهم الحالي .
ومثل هذا يعد من أرفع أنواع البيان الذي تميز به القرآن فيما خاطب به العرب من بني الإنسان . ومن هذا القبيل استخدام الاستعارة والكناية والتشبيه والتمثيل وغير ذلك .
علم البيان :
هو العلم الذي يهتم بالصور والأخيلة ويورد المعنى الواحد بصور مختلفة .
ومباحث علم البيان :
التشبيهات : وهي تشبه أمر بأخر لصفة جامعة بينهما .
مثل محمد كالاسد
الصفة الجامعة هي الشجاعة .
أركانه :
أ- المشبه : وهو الموضوع المقصود بالوصف ( محمد )
ب- المشبه به : وهو الذي يجعل نموذجا للمقارنة ( الاسد ).
ج- وجه الشبه : الوصف الجامع بين المشبه والمشبه به ( الشجاعة )
د- أداةالتشبيه : وهي الكلمة التي تدل على معنى ( ك ) التشبيه ( الكاف ، مثل ، كأن).
أنواع التشبيهات في علم البيان :
التشبيه التمثيلي :
وهومايكون وجه الشبه فيه حالة مركبة من جملة صفات .
مثاله : قوله تعالى في وصف اليهود(مثلُ الذينَ حُمِّلُوا التوراةَ ثمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كمثلِ الحمارِ يحملُ أسفاراً )
لايكون التشبيه التمثيلي ابداً بكلمة أو كلمتين بل بجملة . تشبه احداها بالأخرى كما في الآية أعلاه .
والتشبيه الضمني :
وهو الذي يفهم من سياق الكلام ، وغالبا ما يؤدى بجملتين فأكثر ، بدل الجملة الواحدة .
ترجوالنجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس
التشبيه الضمني : هوما يوصل التشبيه بجملتين يكون التشبيه فيه واضحاً بمجرد قراءتك للبيت ترجو النجاة ولم تسلك طرقها الصحيحه كما السفينة التي تريد الإبحار في البحر وهي عاجزة فوق الرمال .
التشبيه المقلوب :
هو جعل المشبه مشبها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر .
مثاله :
وبدا الصباح كأن غرته *** وجه الخليفة حين يمتدح
القلب هنا معناه : كأنك تقول كالقمر سلمى ومن ثم تقلب لإثبات القوة والجمال وحسن الصفات سلمى كالقمر جعلت الوصف بناء على سلمى لشدة جمالها لجذب الإنتباه لها ودائماً ماتكون الكلمة الأولى في التشبيه المقلوب الأقوىوالأظهر .
المجاز اللغوي:
هو اللفظ المستخدم في غير ماوضع له لعلاقة .
مثاله :
بلادي وإن جارت علي عزيزة *** وقومي وإن ضنوا علي كرام
قد تكون في كلمة واحدة في غير موضعها كما في البيت أعلاه تجد أن الكلمة بلادي ليست بموضعها بلادي وان جارت علي عزيزة أي بلادي وان ظلمتني عزيزة والبلاد جماد ولاتظلم هنا لم يقصد البلاد بحد ذاتها بل قصد بها أهل
البلاد .
الاستعارة :
هي تشبيه حذف أحد طرفيه ، فعلاقتهما المشابهة .
الاستعارة التصريحية:
وهي ما يصرح بها بلفظ المشبه به و( حذف المشبه.
مثاله : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل )
الاستعارة تشبيه يحذف فيه المشبه ويترك المشبه به كما في الآيه أعلاه يتوفاكم تعني الوفاة الصغرىوهي النوم لم تذكر كلمة النوم بل حذفت لوجود مايدل عليها ويوصل المعنى فيها .
الاستعارة المكنية :
هو التشبيه الذي ذكر فيه المشبه ، وحذف المشبه به وذكر لازم من لوازمه .
مثاله :
أتاك الربيع الطلق يختالضاحكا *** من الحسن حتى كاد أن يتكلما
تجد أعلاه أنه شبه الربيع بالإختيال والضحك والقدوم وهذه جميعها صفات للعاقل فلا الربيع يأتي ولايختال ولا يضحك
بل حذف هنا المشبه به ووجه المشبه .
توقف عن القراءة وردد : لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
وللكلام بقية إن شاء الرب جل وعلا
توقيع أبو عبد الله محمد بن يحيى |
خُـــــذْ لك زَاديْــنِ مِـنْ سِــيـــرَةٍ ** وَمِنْ عَمَـلٍ صَــالِــــحٍ يُدّخرْ
وكن في الطريق عفيفَ الخُطى ** شريفَ السماعِ كريمَ النَّظرْ
وكــن رجـــلاً إن أتَـــــــوْا بَعْدَهُ ** يَقُــولُـونَ مَــرّ وَهَـــذَا الأثَرْ
|