
24.01.2010, 16:54
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
12.04.2009 |
الجــــنـــــس: |
ذكر |
الــديــــانــة: |
الإسلام |
المشاركات: |
937 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
18.09.2012
(01:27) |
تم شكره 5 مرة في 3 مشاركة
|
|
|
|
|
الحمد لله الذي رَفَعَ قَدْرَ حبيبه في الدارَين ، وَنَصَبَهُ بخفض العِدَا لا سِيَّما يوم بدرٍ وحنين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الكرام ، وعلى من تبعهم من السادة البررة الأعلام ، صلاة وسلاما بهما ننتظم في سلكه الرفيع ، ونأمن من كل هول بالدخول في حصنه المنيع ، آمين ، أمَّا بعد : فاعلم رزقنا الله التوفيق ، وسلك بنا مَهَايِع التحقيق أَنَّ الذي يلي لفظ «لا سِيَّما» له حالتان : التنكير ، والتعريف . فإن كان نكرة جاز فيه ثلاثة أوجه : الجر ، والرفع ، والنصب . فالجر وهو أرجحها بإضافة «سي» إليه ، و «ما» زائدة بينهما مثلها في { أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ .
والرفعُ خبرٌ لمحذوف وجوبا، و «ما» موصولةٌ أو نكرة موصوفةٌ ، أي : ولا مثل الذي .... ، أو : ... شيء هو كذا . وعلى الوجهين فتحةُ «سِيّ» إعرابٌ ؛ لأَنَّ اسم «لا» مضاف ، وخبرها محذوف ، أي : موجود ، وحَذْفُ المبتدأ في هذا المحل([i]) مقيسٌ غير شاذ ؛ لأَنَّهم نزَّلوا «لا سِيَّما» منزلة «إلا» الاستثنائية ، فناسب ألاَّ يُصرَّحَ بعدها بجملة .
فإن قيل : «لا سِيَّما زيدٌ الصالحُ» فلا استثناء؛ لطول الصلة بالنعتكما نبَّه عليه ابن عقيل .
لا يقال : (إن شرط «لا» عملها في النكرات ، و «سِيّ» قد عُرِّفت بالإضافة فلا عَمَلَ لـ«لا» فيها) ؛ لأَنَّا نقول : مَنَعَ من ذلك توغُّلها في الإبهام كـ«غَيْر» و «مِثْل» و «شِبْه» فلا تُعرِّفها الإضافة.
والنصب على التمييز و «ما» كافَّة ، وفتحة «سي» فتحة بناء، وإلى ما تقدم أشرت بقولي :
وَمَا يَلِي «لا سِيَّما» إِنْ نُكِّـرَا فَاجْرُرْ أَوِ ارْفَعْ ثُمَّ نَصْبَهُ اذْكُرَا في الْجَرِّ «مَا» زِيْدَتْ وَفي رَفْعٍ أُلِفْ وَصْلٌ لَهَا قُـلْ أَوْ تَنَكُّرٌ وُصِفْ (وَعِنْدَ رَفْعٍ) بالتنوين (مُبْتَدًا قَدِّرْ) ، أي : قَدِّرْ مبتدأً عند رفعٍ ، (وَفِي رَفْعٍ وَجَرٍّ أَعْرِبَنْ) بنون التوكيد الخفيفة ، (سِيَّ تَفِي ، وَانْصِبْ مُمَيِّزًا) أي : انصبْ حالَ كونك مُمَيِّزًا .
وقد عُلِمَ بناء «سِيّ» في هذا الأخير من التقييد بالإعراب في ذينك ، وقد رُوِيَ قولُ الشاعر :
وَلا سِيَّما يَوْم بِدَارَةِ جُلْجُلِ بالأوجه الثلاثة ، وإلى هذا أشرتُ بقولي : (وَقُلْ : ((لاَ سِيَّما يَوْم)) بِأَحْوَالٍ) بالتنوين (ثَلاَثٍ)بدلٌ مما قبله (فَاعْلَمَا).
قال العلامة الفارضيفي شرح الألفية بعد أن ذكر البيت المستشهد به : (فعلى رواية الجر تكون «سِيّ» بمعنى «مِثْل» ، وهو مضاف ، و «يوم» مضاف إليه ، و «ما» زائدة .
وعلى رواية الرفع تكون «ما» موصولة ، و «يومٌ» خبرٌ لمحذوف ، أو نكرةٌ موصوفة ، والتقدير : لا مثلَ الذي هو يومٌ ، أو : لا مثلَ شيءٍ هو يومٌ .
والنصب على التمييز كما يقع التمييز بعد «مِثْل» في نحو : { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } ، و «ما» كافة عن الإضافة ، وفتحةُ «سِيّ» بناءٌ مثلُها في « لا رجلَ» على ما تقدم) .
وذكر وجها آخر ، وهو أَنَّ «ما» موصولة ، و «بدارة جُلْجِل» صلة ، و «يوما» ظرف ، والعامل فيه ما في «بدارة» من معنى الاستقرار، ثم قال: (وفتحةُ «سِيّ» في الصور الثلاث فتحةُ إعرابٍ ـ يعني به : حالة الجر ، والرفع ، والنصب على الظرفية ـ ؛ وذلك لأَنَّ «ما» إن كانت موصولة فهي معرفة ، واسم «لا» التبرئة لا يكون معرفة ، وإن كانت غير موصولة فـ«سيّ» مضافة لما بعدها إن كانت «ما» زائدة ، أو مضافة لـ«ما» إن كانت نكرة موصوفة ، واسم «لا» المبني لا يكون مضافا) . انتهى كلامه .
وقد علمت ردَّه بما تقدم من أَنَّها لا تتعرف بالإضافة ، فتأمل .
قال ابن مالك : وإذا كانت «ما» موصولة معها جاز وصلها بفعلٍ وبظرف ، نحو : أعجبني كلامُكَ لا سِيَّما تَعِظُ به ، ويعجبني التهجُّدُ لا سِيَّما عندَ زيدٍ. انتهى .
هذا إن كان ما بعدها نكرة ، فإن كان معرفة جاز الأولان ، أعني : الجر والرفع ، وإن ضُعِّفَ الرفع بأَنَّ فيه حذفَ العائد المرفوع مع عدم الطول ، وإطلاقَ «ما» على من يعقل في نحو : ولا سِيَّما زيدٌ .
وامتنع الأخير ، أعني : نصبه ، أي : عند الجمهور ، وإلا فقد نَقَلَ بعضهم جوازه ، نحو : أكرمِنَّ القوم لا سِيَّما زيدًا ، وإلى هذا أشرت بقولي : (وَالنَّصْبُ إِنْ يُعَرَّفِ اسْمٌ فَامْنَعَا) .
وقد أشرت بقولي : (وَبَعْدَ «سِيٍّ» جُمْلَةً فَأَوْقِعَا ، أَجَازَ ذَا الرَّضِيْ) إلى ما نقله العلامة الْحِفْنِيِّ في حاشية الشِّنْشَوْرِيِّعن الْمُحَقِّقِ الرَّضِيِّ من جواز وقوع الجملة بعد «لا سِيَّما» ، ونَصُّهُ: (وهل يقع بعدَهَا جملةٌ أو لا ؟ قال في التسهيل نقلا عن المرادي : (وقولهم : (لا سِيَّما والأمرُ كذا) تركيب غير عربي) ، وعليه السيوطي . وقد أجاز ذا الرضي حيث قال : (ويُحذف ما بعد «سِيَّما» على جعله بمعنى «خصوصا» ، فيكون منصوبَ المحل على أَنَّه مفعول مطلق مع بقائه على نصبه الذي كان له في الأصل حين كان اسم «لا» التبرئة ، فإذا قلت : ((أحب زيدا ولا سِيَّما راكبا)) ، فهو بمعنى : وخصوصا راكبا ، فـ«راكبا» حال من مفعول الفعل المقدر ، أي : وأخصه بزيادة المحبة خصوصا راكبا ، وكذا في : ((أحبه ولا سِيَّما وهو راكب)) . انتهى ، فقد حَكَمَ بِصِحَّةِ ما جعله المراديُّ تركيبا فاسدا ) . انتهى .
ثم قلت : (وَلا تُحْذَفُ «لا» مِنْ سِيَّما) يعني : أَنَّ لفظة «لا» لا تُحذف من «سِيَّما» وجوبا ؛ لأَنَّ حذف الحرف خارج عن القياس . وكذلك دخول الواو على «لا» ، وذكر بعضهم أَنَّها قد تُحذف .
وتُخفَّف «سِيَّما» ، كما في قوله :
فِهْ بالْعُقُودِ وبالأَيْمانِ لا سِيَما عَقْدٌ وفاءٌ بِهِ مِنْ أعظمِ القُرَبِ وإلى جواز التخفيف أشرت بقولي : (وَسِيَّ خَفِّفْ تَفْضُلا) ، أي : خَفِّفْ لفظة «سِيّ» إن أردت ذلك .
ثم قلت : (وَامْنَعْ عَلَى الصَّحِيْحِ الاسْتِثْنَا بِهَا) ، أي : الصحيح أَنَّ «لا سِيَّما» ليست من أدوات الاستثناء، بل هي مضادة له ؛ لأَنَّ الذي بعدها داخلٌ فيما دخل فيه ما قبلها ومشهودٌ له بأَنَّه أحقُّ بذلك من غيره . وقد وُجِّهَ قولُ من قال بأَنَّها من أدوات الاستثناء بأَنَّ ما بعدها مُخرَجٌ مما قبلهامن حيث أولويته بالحكم المتقدم ، فلَمَّا لم يستوِ مع ما قبلها في الرتبة جُعِلَ كأَنَّه مُخرَجٌ . وقد تمَّ الكلام عليها .
وقد ختمت الأبيات بالصلاة على أشرف المخلوقات ، فقلت : (ثُمَّ الصَّلاَةُ لِلنَّبِيِّ ذِي الْبَهَا)، أي : والصلاة والسلام على النبي المعهود ، صاحبِ الحوض المورود ، وعلى آلـه وأصحابـه وأهل بيته ومُحـبِّيه .
والبهاء : ـ بفتح الباء ـ معناه : الْحُسْن . وفي هذا البيت الْجِنَاسُ ـ بكسر الجيم ـ الْمُحرَّفُ ، وضابطه : اختلاف هيئة الحروف، كقولهم : (جُـبَّة الْـبُرْد جَـنَّة الْـبَرْد). انتهى ، والحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وأحِبَّته ومُحِبِّيه، كلما ذكرك الذاكرون ، وغفل عن ذكره الغافلون ، والحمد لله رب العالمين .
والنظم وشرحه ،، للعلامة السجاعي
توقيع أبو عبد الله محمد بن يحيى |
خُـــــذْ لك زَاديْــنِ مِـنْ سِــيـــرَةٍ ** وَمِنْ عَمَـلٍ صَــالِــــحٍ يُدّخرْ
وكن في الطريق عفيفَ الخُطى ** شريفَ السماعِ كريمَ النَّظرْ
وكــن رجـــلاً إن أتَـــــــوْا بَعْدَهُ ** يَقُــولُـونَ مَــرّ وَهَـــذَا الأثَرْ
|
|