أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)
يبين الله لنا بأنه يعلم أمرهم وما يفعلون.
لقد ظنوا أن الله غافل عندما خلا بعضهم إلي بعض وقالوا: "أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم" ..
الله علم وسمع
﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ (78) ﴾
أي أنهم غير متعلمين، يخلطون الحق بالباطل، والخير بالشر، والسُنَّة بالبدعة، ويتَّبعون الأهواء
طالب العلم إنسان كبير جداً عند الله،
أنت حينما تأتي إلى بيتٍ من بيوت الله تطلب العلم، تسلك طريقاً ينتهي بك إلى الجنَّة:
(( مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ بِهِ عِلْماً سَهَّلَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ ))
[الدارمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه ]
فالإنسان عندما يطلب العلم يصبح عنده حارس.
يا بني العلم خيرٌ من المال،
لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال،
والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق.
قال سبحانه :
﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
( سورة الزمر )
وقال :
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾
( سورة المجادلة )
قال سيدنا علي: "
يا كُميل الناس ثلاثة ؛ عالمٌ ربَّاني،
ومُتَعَلِّمٌ على سبيل نجاة،
وهمجٌ رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركنٍ وثيق،
فاحذر يا كميل أن تكون منهم
﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ (78) ﴾
أي أن بعضهم الآخر ليسوا أميُّين،
بعضهم الآخر يعلمون الحقيقة ويعرفون النبيَّ كما يعرفون أبناءهم،
الآن دخلنا في موضوع ثانٍ،
أنت حينما تعلم قد يكون هذا العلم حُجَّةً عليك، العلم حُجَةٌ لك أو عليك، حينما تعلم ولا تعمل أصبح العلم حجَّةً عليك، وحينما تعلم وتعمل أصبح العلم حجَّةً لك
بعض هؤلاء اليهود يعلمون أن النبيَّ رسول الله، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ولكن حفاظهم على مكاسبهم، وحفاظهم على رئاستهم لأتباعهم، وحفاظهم على شهواتهم، وعلى هذه المكاسب الكثيرة التي حَصَّلوها بمكانتهم الدينيَّة جعلتهم يركبون رؤوسهم، وينكرون على النبي رسالته.
فاليهود منهم أميون، ومنهم غير أميّين،
وهؤلاء غير الأميين منهم من استجاب لعلمه فسلم وسعد، ومنهم من حافظ على مكاسب الدنيا فشقي في الدنيا والآخرة.
لذلك قالوا :
هناك من يُفْتِي بعلمٍ، وهناك من يفتي بغير علمٍ، وهناك من يفتي بخلاف ما يعلم،
فالذي يفتي بعلمٍ نجا، والذي يفتي بغير علمٍ هَلَكَ، ولكن الذي يفتي بخلاف ما يعلم أجرم، يعرف الحقيقة ويفتي بخلافها،
فهؤلاء الذين ليسوا أميين حافظوا على مكاسبهم، فركبوا رأسهم، وأنكروا نبوَّة النبي عليه الصلاة والسلام.
مقتطفات من تفسير النابلسى
------------