﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً (67) ﴾
لكن لماذا ؟
أنت حينما تتلقى أمر من مساوٍ لك تسأله لماذا ؟
قال لك زميلك في الدائرة: افعل كذا، تقول له: لماذا ؟
دائماً وأبداً حينما تتلقى أمراً من مساوٍ لك، من ندٍ لك تسأله عن الحِكمة، وعن العِلَّة، وما السبب، ولماذا ؟
أما حينما تتلقى أمراً ممن فوقك ممنوعٌ أن تسأله لماذا ؟
أنت مريض لا تعلم في الطب شيئاً، دخلت إلى طبيب وأعطاك أمراً، يجب أن تأتمر بهذا الأمر،
أنت جندي في معركة حاسمة والقائد العام أصدر أمراً عليك أن تأتمر،
فكيف إذا كنت عبداً لله عزَّ وجل وخالق السماوات أعطى أمراً،
قال علماء العقيدة:
علَّةُ أي أمرٍ في الكتاب والسنة أنه أمر.
ذهب رجل من أهل العلم إلى أمريكا،
والتقى بعالمٍ أسلم حديثاً،
ودار الحديث حول لحم الخنزير،
أفاض هذا العالم المَشْرِقِي في الحديث عن علة التحريم، وعن أضرار لحم الخنزير، وعن الدودة الشريطية، وعن الآثار النفسية التي يتركها هذا اللحم في نفس الآكل،
ومضى يتحدَّث لساعاتٍ طويلة عن حكمة تحريم لحم الخنزير،
فما كان من هذا العالم الغَرْبِي المُسْلِم حديثاً إلا أن قال:
كان يكفيك أن تقول لي: إن الله حرمه.
الأمر يُقَيَّم بالآمر:
ذات مرة في برنامج سألوا دكتورة في جامعة من جامعات البلاد العربية عن رأيها في التعَدُّد،
فقالت:
كيف يكون لي رأي في التعدد وقد أباحه الله عزَّ وجل ؟!!
الأمر الإلهي هو من خالق السماوات والأرض،
الأمر يُقَيَّم بالآمر،
من هو الآمر ؟
هو الله،
الحكمة المُطلقة، والعلم المطلق، والخبرة المطلقة، والرحمة المطلقة، والعدل المطلق،
فحينما يقول الله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
( سورة التحريم: الآية " 8 " )
أي
يا من آمنتم بي خالقاً،
يا من آمنتم بي إلهاً،
يا من آمنتم بي مربياً،
يا من آمنتم بعلمي،
يا من آمنتم بحكمتي،
يا من آمنتم بقدرتي،
يا من آمنتم بلُطفي،
يا من آمنتم برحمتي،
يا من آمنتم بعدلي،
أنا آمركم بكذا وكذا،
لذلك المؤمن الصادق لمجرَّد أن يتلقى أمراً من الله عزَّ وجل ينصاع إلى تنفيذه من دون أن يسأل عن الحكمة والعِلَّة،
إذا سأل بعد التنفيذ ليعلِّم الناس فلا مانع،
إذا سأل عن الحكمة والعلة ليكون داعيةً ليقنع الناس لا يوجد مانع،
أما أن يعلِّق تنفيذ الأمر على معرفة الحكمة،
الكلمة الخطيرة الآن إنه عندئذٍ لا يعبد الله يعبد نفسه.
-----------
تفسير النابلسى
-------------------------