1- لماذا نسب الله لنفسه الإضلال فى القرأن الكريم
لقد نسب الله لنفسه الإضلال لعدة اسباب وهى
1- لكى يعلن لنا انه لا توجد مشيئتان او إرادتان واحده الهيه والاخرى شيطانيه واذا كان فعل الانسان متفقه مع الإراده والمشيئه الإلهيه فإن إرادة الله ومشيئته هى المنتصره واذا حدث العكس كانت إرادة الشيطان ومشيئته هى المنتصره (حاشا لله) بل هى مشيئه وإراده واحده هى مشيئة وإرادة الله
ولا يوجد لدينا صراع الالهه التى تحدثت عنها الكتب والاساطير الاغريقيه والديانات اليونانية والفارسية الوثنية حول صراع اله الخير الذى يريد ان يهدى الناس ويرشدهم للحق مع اله الشر الذى يريد ان يضل الناس ويدعوهم للذهاب الى الباطل وذلك لانه لا يوجد سوى اله واحد هو الله فهو الذى يهدى الناس بمشيئتة ويضل الناس بمشيئتة ايضا فلا مشيئة تنفذ على مشيئة الله تعالى
ولذلك فالقرأن الكريم كان دائما ينسب كل فعل سواء كان خير وهداية ام ضرر وشر وضلال لله عز وجل وايضا هناك الكثير من الايات التى تشرح لماذا يصيب الانسان بخير وهداية او شر وضلال حتى لا نعتقد انه لا توجد معايير فى إرادة الله بهذا الانسان خير وهداية وذاك الانسان بالشر والضلاله او ان الموضوع خاضع للعشوائيه (حاشا لله) فجميع الافعال خير وهداية ام شر وضلال هى من عند الله وبمشيئته وإرادته فيقول الله تعالى وان تصبهم حسنه يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئه يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا (النساء 78) وايضا وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (التكوير29)
2- كما ان الواقع يقر أن الله هو الذى يضل وهذا من حكمته وسوف يسأل السائل كيف هذا ؟ وللرد نقول
ان الله حينما خلق الشيطان كان الله يريد منه ان يعبده مثل باقى المخلوقات ولكن فى نفس الوقت الله يعلم ان الشيطان سيعصيه وسيضل البشر وسيكون هو سبب الإضلال ومع ذلك خلقه الله والسؤال لماذا خلقه وهو يعلم انه لن يعبده وسيخرج عن طاعته وسيضل الناس ؟ الإجابة ان الله يريد من الشيطان ان يضل الناس واعطاه سلطان لكى يضل الناس ولكن اى اناس يريد الله من الشيطان ان يضلهم ؟ انهم اناس محددين كما اجمع العلماء المسلمين من أيات القرأن الكريم وهم المكذبين لأيات الله سواء بعدم الإيمان بها او بعدم العمل بها
فالشيطان اعتقد انه بإضلاله للبشر يتحدى الله ولكن غباء الشيطان لم يجعله يفهم ان الله يستخدمه لإضلال من حقت عليهم الضلالة وقد ضرب بعض العلماء مثل ولله المثل الأعلى فقالوا ان الله يستخدم الشيطان مثل الصياد الذى يستخدم شبكته للإيقاع بالفريسة ولكن الفريسة هنا هم من حقت عليهم الضلالة اى يستحقون الضلالة بسبب تكذيبهم وليس ظلما لهم وهذا من قوله تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (النحل 36)
وكما يقال على الشبكة انها اصطادت الفريسة كذلك يقال على الصياد انه اصطاد الفريسة فالله يضل من حقت عليهم الضلالة بسبب تكذيبه بإستخدام الشيطان ولهذا خلق الكون وخلق فيه الخير والشر وهذا لا عيب فيه
3- كما ان الله خالق كل شىء خلق الخير والشر والهداية والضلال وهذا ايضا مذكور عند المسيحيين فى كتابهم المقدس والله حينما خلق الضلال كان يعلم ان هناك من سيختار الضلالة ومع ذلك خلق الله الضلالة وهو عالم ان هناك من سيختاره وسيضل ولكن لماذا خلق الله الضلالة وهوعالم ان هناك من سيختارونه فيضلون ؟؟؟ والإجابة هى ان الله خلق الضلالة لكى يختاره من يستحقه فلو كان الله يريد للجميع الهداية وعدم الضلالة ما كان الله ليخلق الضلال اوكان حجب الضلال على من سيختارونه ولكنه لم يحجبه عنهم ولكن خلقه وعرضه للجميع لكى يقع فيه من سيختاره فيكون بذلك الله هو الذى اضل من يختار الضلالة بعرض الضلالة عليه وهو عالم انه سيختارها دون إعفاء الضال من مسؤلية اختياره وذلك حتى لا يستوى الخبيث بالطيب ولا المستحق للضلالة بمن يستحق الهداية
4- كما ان إضلال الشيطان لمن يتبعوه هو تحقيق لإرادة الله القدرية وبالتالى لا نستغرب فى نسب الإضلال الى الله ولكى نفهم ذلك لابد ان نعرف ما هى إرادة الله
قال العلماء ان إرادة الله نوعان:
الإرادة الشرعية :وهى إرادة الله لجميع خلقه بالهداية والصلاح وهى المشار اليها فى قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون (الذاريات 56) وفى قوله والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما (النساء 27) والله اراد ان يعطى للإنسان حرية الخروج عن هذه الإرادة وإرادته فى ذلك هى
الإرادة القدرية :وهى إرادة الله لخلقه ان يخرجوا عن إرادته الشرعية عندما يريدوا ذلك وهذه الإرادة حسب ما يستحقه العبد وأراده العبد واختاره وفقا لما اعطاه الله له من حرية الاختيار وهى التى تسمى بالمشيئة وهى المشار اليها فى قوله ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد (البقرة 253) وفى قوله كتب عليه انه من تولاه فانه يضله ويهديه الى عذاب السعير (الحج 4)
وقد ضربوا مثل على ذلك بالشيطان فقال العلماء: إن الله حينما خلق الشيطان وهو عالم انه سيعصيه كان الله يريد له ان يكون صالح وطائع وهى الإرادة الشرعية ولكن الله اعطاه حرية الخروج على إرادته الشرعيه وهذه هى إرادة الله القدرية و الله عالم فى علمه الازلى ان الشيطان حينما يعصيه لن يقدم التوبة او يندم على فعلته كما ندم ادم على فعلته ولذلك اراد الله للشيطان ان يضل حسب ما اختاره الشيطان والله عالم بما سيختاره الشيطان فى علمه الازلى وتلك الإرادة هى الإرادة القدرية وهى مشيئة الله
وبالتالى فإن إضلال الشيطان للضالين واختيار الضالين لضلالهم هو تنفيذ لإرادة الله القدرية بأن يضل الشيطان من يتبعه وخروج من يريد عن إرادته الشرعيه وتلك هى إرادته القدرية وهى المشيئة
5- كما ان الله نسب الإضلال والختام على قلوب وسمع وبصر من حقت عليهم الضلالة الى نفسه رغم ان الشيطان هو الذى يضل ويختم لأنههو الذى خلق الشيطان من اجل هؤلاء الذين يستحقون الضلالة كما ان الله هو الذى اعطاه سلطان ان يزيد الضالين فى ضلالهم ويتحكم فى انفسهم ولأن الشيطان لا يضل أحد إلا بإذن الله وبالكيفية التى يريدها الله
6- كما ان الله نسب الإضلال والختام على القلوب والسمع والبصر الى نفسه حتى لا يعتقد احد ان افعال الشيطان تمت دون إرادة الله او تحديا لله او ان ضلال البشر يتم بسبب قوة الشيطان امام ضعف الله(حاشا لله) او ان هذا عن عدم استطاعته حماية البشر من الشيطان (حاشا لله)
7- كما ان الله هو الذى حكم على الشيطان ان يضل كل من يتبعه وان يدخله النار وذلك من قوله كتب عليه انه من تولاه فانه يضله ويهديه الى عذاب السعير (الحج 4) فمن يتبع الشيطان يضله الشيطان ولا يكون مهتدى ويدخله النار تنفيذا لأمر الله وبالتالى فإن الله هو الذى اضل من يتبع الشيطان لأنه حكم على الشيطان ان يضل من يتبعه ولا يهديه ولا يتركه على هدايه عقابا له فالشيطان اضل المتبع له من جهة الفعل والله اضل المتبع للشيطان من جهة الحكم عليه والعبد اضل نفسه من جهة إختياره لإتباع الشيطان وكذلك دخول اتباع الشيطان فى النار فالشيطان هو الذى ادخلهم بإتباعهم له وهم ادخلوا انفسهم النار من جهة انهم إختاروا إتباع الشيطان والله ادخلهم النار من جهة الحكم عليهم بدخول النار عقابا لهم
8- كما ان الهداية والإضلال مثل الإمتحان الذى يضعه المعلم ويصححه فهو الذى ينجح الطلاب ويرسب الطلاب والمعلم لا يعيبه انه يرسب الطلاب لانه يرسب من يستحق الرسوب ولا يظلمهم وكذلك الله ولله المثل الأعلى فالله يمتحن البشر بعرض الهداية والضلال فيهدى من يستحق الهداية ويضل من يستحق الضلال ويكفى قوله تعالى وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (النحل 118)
9- كما ان الله نسب لنفسه العقاب كما نسب لنفسه العفو وكما قال العلماء ان الإضلال أحد انواع العقاب فى الدنيا فعقاب الله فى الدنيا ثلاث هو الإضلال على من يصر على الكفر والمعاصى اوالمكر على من يمكر بالمؤمنين او إصابة بسيئة على من فعل الفعل السيىء بالإضافة الى عقاب الله فى الأخره وهو التعذيب أو إحباط الأعمال وكل هذه الأنواع من العقاب نسبت الى الله فى القرأن كما نسب اليه العفو والرحمة والهداية لأنه هو الذى يرحم وهو الذى يعاقب فلماذا لم نستشكل إنتساب العقاب او العفو الى الله واستشكلنا إنتساب الإضلال وهو عقوبة المصر على الضلالة كما اجمع العلماء وأوضحه القرأن الكريم
10- كما ان الله يسمح بكل شىء خير ام شرا وهذا ايضا موجود فى المسيحية والله سمح بإضلال الضال كما يقر علماء المسيحية وسماح الله بالشر وخاصة الإضلال لا يمنعنا من ان ننسب الإضلال الى الله وهذا ليس كلام علماءالإسلام فقط بل كلام الكتاب المقدس وعلماء المسيحية انفسهم وسوف نتطرق اليه بالتفصيل فى الجزء الأخير من الموضوع وبالتالى فإن سماح الله بالإضلال يجعل الإضلال منتسب الى الله بإتفاق علماء الإسلام والمسيحية والكتاب المقدس
آخر تعديل بواسطة السهم الخارق بتاريخ
27.07.2015 الساعة 16:42 .