وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)
إذا وجد الإيمان فإن المعركة بين الحق والباطل لا تطول لأن الله مع الحق:
شاهد بنو إسرائيل بأعينهم كيف أن البحر انشقَّ طريقاً يبساً:
﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) ﴾
مُعجزات مُدهشة، صار البحر طريقاً:
﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) ﴾
الله يتدخل أحياناً، وإذا تدخَّل الله تنتهي كل مشاكلنا،
ولكن أنت اطلب منه موجبات رحمته،
إذا فعلت موجبات رحمته أوجب ذلك أن يتدخَّل الله لصالحك،
وتوجد بعض الشواهد في حياتنا،
شيء لا يُحتمل صرفه الله عزَّ وجل من عنده
اللهمَّ انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك فنستحقَّ أن تنصرنا على عدوِّنا
لأن المعركة بين حقَّين لا تكون،
الحق لا يتعدَّد،
وبين حقٍ وباطل لا تكون لأن الله مع الحق،
وبين باطلين لا تنتهي لأن الله تخلَّى عن الطرفين،
الأقوى هو الذي ينتصر، الأذكى ينتصر، ينتصر الذي عنده سلاح أكثر فاعليَّة، ينتصر الذي عنده معلومات أكثر، ينتصر الذي عنده أقمار، ينتصر الذي عنده رصد، ينتصر الذي عنده ليزر،
اختلف الوضع،
إذا ابتعد الفريقان عن الله عزَّ وجل يكون هناك ترتيب آخر، يكون الفوز نصيب الأقوى والأذكى والذي عنده سلاح أكثر جدوى،
أما إذا وجد الإيمان
فإن المعركة بين حقٍ وباطل لا تطول لأن الله مع الحق.
--------
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (51) ﴾
وعد الله عزَّ وجل موسى مع النقباءِ وعلية القوم ليعطيهم المَنْهَج،
ماذا فعل قومه في غيبته ؟
اتخذوا من الذهب الذي أخذوه من بيوت فرعون عِجْلاً جسداً، وعبدوه من دون الله،
ماذا نستنتج ؟
هذا الذي رأى أن البحر أصبح طريقاً يبساً كيف يعبُدُ عجلاً من دون الله ؟
نستنبط من هذا أن المُعجزات الحِسَّية وحدها لا تكفي ما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة،
الكون بما هو عليه من دون خَرْقٍ للعادات يُعَدُّ معجزةً وأيَّةَ معجزة،
أما هذا الذي يطلب خرقاً العادات، هذا الذي يطلب كرامة !!!
هناك طُلاب عِلْم كثيرون يبحثون عـن كرامة، عن منام، عن شيء فيه خرق للعادات !!
هذا النظام المستقر، الشمس والقمر، والليل والنهار، المجرَّات، الجبال، السهول، البحار، النباتات، الأطيار، الأسماك، أنواع الخضراوات، المحاصيل، نظام النبات،
هذا كلُّه لم يلفت نظرك،
خَلق الإنسان !
تبحث عن معجزة !
تبحث عن خرقٍ للعادات !!
--------
أشد أنواع الظلم أن تشرك بالله:
﴿ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ﴾
إن أشدُّ أنواع الظُلْمِ أن تعبد غير الله، أشد أنواع الظلم أن تشرك بالله،
حينما يؤمن الإنسان بالله يكون قد احترم نفسه
يكون قد عرف قيمته كإنسان
أما حينما يتخذ صنماً ليعبده طبعاً هذا هو الشرك الجَلِيّ،
لكنَّ المسلمين والمؤمنين قد يقعون في شركٍ خفي،
حينما يتوهَّمون أن المال يحلَّ كل مشكلة،
لا،
المال لا يحل المشكلات
وأن تكون في أعلى درجة في الحياة لا تحل مشكلة
الله عزَّ وجل
هو الفعَّال، هو القهَّار، هو واهب الحياة، هو المُحيي، هو المُميت، هو الحافظ، هو الناصر، هو الموفِّق، هو الرافع، هو الخافض، هو المعطي، هو المانع، هو الرازق، هو المعز، هو المذل.
إن الشرك لظلمٌ عظيم،
وحينما تتجه لغير الله أو تعتمد على غير الله فقد وقعت في ظلمٍ شديد.
فإذا كان الله يأمر سيد الخلق أن يقول لقومه:
﴿ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً (21) ﴾
(سورة الجن )
سيد الخلق،
وفي آية أخرى :
﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً (188) ﴾
(سورة الأعراف: من آية " 188 " )
قَالَ صلى الله عليه وسلم :
( يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) رواه البخاري (2753) ومسلم (206)
( ومن بطّأ به عملُه ، لم يسرعْ به نسبُه ) .
من حديث أبى هريرة رواه مسلم
إذاً أشدِّ أنواع الظلم أن تعبد إلهاً آخر غير الله عزَّ وجل، أو أن تعتمد على شيءٍ آخر غير الله عزَّ وجل،
-------------
تفسير النابلسى
--------
هذه الآيات ليست قصص للتسلية وانما هى لنا حتى لا نقع فى مثل ما وقع فيه بنو اسرائيل
فتدبروا اخوة الايمان
واذكروا نعمة الله علينا وستره وحلمه
مع ظلم الانسان وبغيه
(( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الانسان لظلوم كفار ))
( 34 ) ابراهيم
ومع ظلم الانسان تجد رحمة الله عز وجل :
وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) النحل
------------------------------
والى رحلة جديدة مع القرآن الكريم وتدبر آياته