و تتبقى بعض الآثار عن مجاهد بن جبر من طريق عمرو بن دينار و ابن أبي نجيح
و هذه الآثار فى مصنف عبد الرزاق
فأما الآثار التى جاءت من طريق عمرو بن دينار
13202 - عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن دينار عن مجاهد قال مر بن عمر على قوم يبتاعون جارية فلما رأوه وهم يقلبونها أمسكوا عن ذلك فجاءهم بن عمر فكشف عن ساقها ثم دفع في صدرها وقال اشتروا قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هزها
(7/286)
13203 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد قال كنت مع بن عمر في السوق فأبصر بجارية تباع فكشف عن ساقها وصك في صدرها وقال اشتروا يريهم أنه لا بأس بذلك
(7/286)
و هذه الآثار ليس في متنها إشكال كبير
فليس فيها أن ابن عمر رضي الله عنه كان يضع يده على عجز جارية أو يكشف بطنها و يضع يده عليها
كل ما فيها أنه كان يكشف عن ساقها أو بعض ساقها و الساق فى اللغة هو ما بين الركبة و القدم
و هذا لا بأس به عند شراء الجارية إذا أمنت الفتنة
و يضع يده على صدرها أو يدفع فى صدرها
و طبعا الصدر غير الثدى فابن عمر لم يكن يتحسس ثدى المرأة و العياذ بالله
و لعل دفعه فى صدر الجارية من وراء الثياب
و حتى هذه الآثار يمكن أن يكون فى إسنادها مقال
فأما عمرو بن دينار فهناك شخصان اسمهما عمرو بن دينار
عمرو بن دينار المكى و هو تابعى جليل و هو من كبار المسلمين و لا سبيل للتشكيك فى روايته للحديث و الأثر
و عمرو بن دينار قهرمان آل زبير البصرى و هو ضعيف
جاء عنه فى سير أعلام النبلاء :
ضعفه أحمد ، والفلاس، وأبو حاتم ، وقال ابن معين : ذاهب ، وقال البخاري: فيه نظر ، وقال النسائي: ليس بثقة ، وقال أيضا : ضعيف . وكذا ضعفه الدارقطنيوالناس .
وأسرف ابن حبانفقال : لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ، ينفرد بالموضوعات عن الأثبات .
قلت : روى له الترمذي وقال : ليس بالقوي في الحديث . تفرد عن سالم بأحاديث . و فى الغالب هو عمرو بن دينار المكى فالسند صحيح على الأرجح و الآثار التى رواها ليس فيها إشكال فكل ما رواه عمرو بن دينار هو أن ابن عمر كان إذا أراد شراء جارية كشف عن ساقها و دفع فى صدرها
و هناك أثر آخر عن ابن أبي نجيح فى مصنف عبد الرزاق
13204 - عبد الرزاق عن بن عيينة قال وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هزها
(7/286)
و هذا الأثر ليس فيه شئ أيضا
فهو يوضح أن ابن عمر لم يكن يمس الثدى نفسه بل كان يضع يده على الصدر بين الثديين و يجتنب الثدى
و السند أيضا يحتمل الكلام فيه
فابن أبي نجيح وضعه ابن حجر فى الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين و قال أنه كان يدلس عن مجاهد
ففى كتاب (طبقات المدلسين)
77 -عبد الله بن أبي نجيح المكي المفسر أكثر عن مجاهد وكان يدلس عنه وصفه بذلك النسائي
والطبقة الثالثة هذه هى التى وصفها ابن حجر فى أول كتابه على نفس الرابط بقوله
الثالثة:
من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم الا بماصرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبيرالمكي
وعلى حسب كلام ابن حجر السابق فإن ابن أبي نجيح قد لا يقبل من حديثه إلا ما قال فيه(حدثنا) لا ما قال فيه (عن فلان)
و هو فى هذا الأثر قال ( عن مجاهد ) و ليس ( حدثنا مجاهد )
و الكثير من أهل العلم على توثيق ابن أبي نجيح قالوا أنه دلس عن مجاهد التفسير فحسب و أخذه من كتاب القاسم بن أبي بزة و أن حديثه مقبول حتى و إن كان من الدعاة للقدرية و الاعتزال
و لو صح الأثر فليس فيه إشكال بل هو يوضح أن ابن عمر كان يمس صدر الجارية دون أن يمس ثديها
و هناك أثر آخر فى مصنف ابن أبي شيبة
حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال : كنت مع ابن عمرأمشي في السوق فإذا نحن بناس من النخاسين قد اجتمعوا على جارية يقلبونها ، فلما رأوا ابن عمرتنحوا وقالوا : ابن عمرقد جاء ، فدنا منها ابن عمرفلمس شيئا من جسدها وقال : أين أصحاب هذه الجارية ، إنما هي سلعة . و ( لمس شيئا من جسدها ) فى هذا الأثر هو ما تفسره الآثار الأخرى بأن ابن عمر رضي الله عنه دفع فى صدرها
و قد يقول قائل أن قول (ابن عمر) (إنما هى سلعة) دليل على احتقار هذه الجارية و امتهان لآدميتها
و للرد على هذا نقول أن ابن عمر لا يقصد بهذه الكلمة امتهان آدمية الجارية بل يقصد أنها بما أنها معروضة للبيع فى سوق النخاسة فهى سلعة تباع فمن حق من يشتريها أن ينظر إليها و يفحصها لأنه سينفق من ماله لشرائها ... فهو يريد أن يوضح للناس أنه لا حرج فى النظر إلى الجارية و فحصها قبل شرائها