الموضوع: عقائد الملحدين
اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 15.04.2014, 13:52
صور ابن النعمان الرمزية

ابن النعمان

عضو مميز

______________

ابن النعمان غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 13.01.2011
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 670  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
07.02.2024 (11:53)
تم شكره 82 مرة في 67 مشاركة
افتراضي


يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :
دار بيني وبين أحد الملاحدة جدال طويل، ملَكْت فيه نفسي وأطلت صبري حتى
ألقف آخر ما في جعبته من إفك، وأدمغ بالحجة الساطعة ما يوردون من شبهات
قال: إذا كان الله قد خلق العالم فمن خلق الله ؟
قلت له: كأنك بهذا السؤال أو بهذا الاعتراض تؤكد أنه لا بد لكل شيء من
خالق !!
قال: لا تلقني في متاهات، أجب عن سؤالي .
قلت له: لا لف ولا دوران، إنك ترى أن العالم ليس له خالق، أي أن وجوده
من ذاته دون حاجة إلى موجد، فلماذا تقبل القول بأن هذا العالم موجود من ذاته
أزلاً ، وتستغرب من أهل الدين أن يقولوا : إن الله الذي خلق العالم ليس
لوجوده أول ؟
إنها قضية واحدة، فلماذا تصدق نفسك حين تقررها، وتكذب غيرك حين
يقررها، وإذا كنت ترى أن إلهاً ليس له خالق خرافة، فعالمَ ليس له خالق خرافة
كذلك، وفق المنطق الذي تسير عليه .. !!
قال: إننا نعيش في هذا العالم ونحس بوجوده فلا نستطيع أن ننكره !
قلت له: ومن طالبك بإنكار وجود العالمَ ؟
إننا عندما نركب عربة أو باخرة أو طائرة تنطلق بنا في طريق رهيب، فتساؤلنا
ليس في وجود العربة، وإنما هو: هل تسير وحدها أو يسيرها قائد بصير؟ !!
ومن ثم فإنني أعود إلى سؤالك الأول لأقول لك: إنه مردود عليك، فأنا وأنت
معترفان بوجود قائم، لا مجال لإنكاره، تزعم أنه لا أول له بالنسبة إلى المادة،
وأرى أنه لا أول لها بالنسبة إلى خالقها .
فإذا أردت أن تسخر من وجود لا أول له، فاسخر من نفسك قبل أن تسخر من
المتدينين .
قال: تعنى أن الافتراض العقلي واحد بالنسبة إلى الفريقين ؟
قلت: إنني أسترسل معك لأكشف الفراغ والادعاء الذين يعتمد عليهما الإلحاد
وحسب، أما الافتراض العقلي فليس سواء بين المؤمنين والكافرين.
إنني أنا وأنت ننظر إلى قَصر قائم، فأرى بعد نظرة خبيرة أن مهندسا
أقامه، وترى أنت أن خشبة وحديدة وحجرة وطلاءة قد انتظمت في مواضعها
وتهيأت لساكنيها من تلقاء أنفسها .
الفارق بين نظرتينا إلى الأمور، أنني وجدت قمرا اصطناعيا يدور في الفضاء،
فقلت أنت: "انطلق وحده دونما إشراف أو توجيه " وقلت أنا :" بل أطلقه عقل
مشرف مدبر" ان الافتراض العقلي ليس سواء، إنه بالنسبة إلىّ الحق الذي لا محيص عنه، وبالنسبة إليك الباطل الذي لا شك فيه، وإن كل كفار عصرنا مهرة في شتمنا
نحن المؤمنين ورمينا بكل نقيصة، في الوقت الذي يصفون أنفسهم فيه بالذكاء
والتقدم والعبقرية .
إننا نعيش فوق أرض مفروشة، وتحت سماء مبنية، ونملك عقلاً نستطيع به البحث
والحكم، وبهذا العقل ننظر ونستنتج ونناقش ونعتقد .
وبهذا العقل نرفض التقليد الغبي كما نرفض الدعاوى الفارغة، وإذا كان الناس
يهزءون بالرجعيين عبيد الماضي ويتندرون بتحجرهم الفكري، فلا عليهم أن
يهزءوا كذلك بمن يميتون العقل باسم العقل، ويدوسون منطق العلم باسم العلم،
وهم للأسف جمهرة الملاحدة . !!
لكننا نحن المسلمين نبنى إيماننا بالله على اليقظة العقلية والحركة الذهنية، ونستقرئ
آيات الوجود الأعلى من جولان الفكر الإنساني في نواحي الكون كله .
في صفحة واحدة من سورة واحدة من سور القرآن الكريم وجدت تنويها بوظيفة
العقل اتخذ ثلاث صور متتابعة في سلم الصعود، هذه السورة هي سورة الزمر،
وأول صورة تطالعك هي إعلاء شأن العلم والغض من أقدار الجاهلين قال تعالى :
"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" (الزمر 9) ، ثم تجيء الصورة الثانية لتبين أن المسلم ليس عبد فكرة ثابتة أو عادة حاكمة، بل هو إنسان يزن ما يعرض عليه ويتخير الأوثق والأزكى ، قال سبحانه : {"فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) } (الزمر 18 ,17 )
ثم يطرد ذكر أولى الألباب للمرة الثالثة في ذات السياق على أم أهل النظر في
ملكوت الله الذين يدرسون قصة الحياة في مجالاتها المختلفة لينتقلوا من المخلوق إلى الخالق : {‏‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ‏} ‏[‏الزمر‏:‏ 21‏]‏‏.
وظاهر من الصور الثلاث في تلك الصفحة من الوحي الخاتم، أن الإيمان لمبتوت
الصلة بالتقليد الأعمى أو النظر القاصر أو الفكر البليد .
إنه يلحظ إبداع الخالق في الزروع والزهور والثمار، وكيف ينفلق الحمأ المسنون
عن ألوان زاهية أو شاحبة، توزعت على أوراق وأكمام حافلة بالروح والريحان، ثم كيف يحصد ذلك كله ليكون أكسية وأغذية للناس والحيوان، ثم كيف يعود الحطام والقمام مرة أخرى زرعا جديد الجمال والمذاق ، تهتز به الحقول والحدائق، من صنع ذلك كله ؟ قال صاحبي وكأنه سكران يهذى: الأرض صنعت ذلك !!
قلت: الأرض أمرت السماء أن تهمي، والشمس أن تشع، وورق الشجر أن يختزن الكربون ويطرد الأوكسجين ، والحبوب أن تمتلئ بالدهن والسكر والعطر والنشا ؟
قال: أقصد الطبيعة كلها في الأرض والسماء !
قلت: إن طبق الأرز في غذائك أو عشائك تعاونت الأرض والسماء وما بينهما
على صنع كل حبة فيه، فما دور كل عنصر في هذا الخلق ؟ ومن المسئول عن
جعل التفاح حلوا والفلفل حريفا، أهو تراب الأرض أم ماء السماء ؟
قال: لا أعرف ولا قيمة لهذه المعرفة !!
قلت: ألا تعرف أن ذلك يحتاج إلى عقل مدبر ومشيئة تصنف ؟
فأين ترى العقل الذي أنشأ، والإرادة التي نوعت في أكوام السباخ، أو في حزم
الأشعة ؟
قال: إن العالم وجد وتطور على سنة النشوء والارتقاء ولا نعرف الأصل ولا
التفاصيل !!
قلت له: أشرح لكم ما تقولون ! تقولون: إنه كان في قديم الزمان وسالف
العصر والأوان مجموعة من العناصر العمياء، تضطرب في أجواز الفضاء، ثم مع
طول المدة وكثرة التلاقي سنحت فرصة فريدة لن تتكرر أبد الدهر، فنشأت
الخلية الحية في شكلها البدائي، ثم شرعت تتكاثر وتنمو حتى بلغت ما نرى ..!!
هذا هو الجهل الذي سميتموه علما، ولم تستحوا من مكابرة الدنيا به !!
أعمال حسابية معقدة تقولون: إنها حلت تلقائيا، وكائنات دقيقة وجليلة تزعمون
أنا ظفرت بالحياة في فرصة سنحت ولن تعود !! وذلك كله فرارا من الإيمان بالله
الكبير !!
قال وهو ساخط: أفلو كان هناك إله كما تقول كانت الدنيا تحفل بهذه المآسي
والآلام، ونرى ثراء يمرح فيه الأغبياء، وضيقا يحتبس فيه الأذكياء ، وأطفالا
يمرضون ويموتون، ومشوهين يحيون منغصين .؟
قلت: لقد صدق فيكم ظني، إن إلحادكم يرجع إلى مشكلات نفسية واجتماعية
أكثر مما يعود إلى قضايا عقلية مهمة !!
ويوجد منذ عهد بعيد من يؤمنون ويكفرون وفق ما يصيبهم من عسر ويسر، قال الله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ"} ( الحج : 11 )
قال: لسنا أنانيين كما تصف، نغضب لأنفسنا أو نرضى لأنفسنا، إننا نستعرض
أحوال البشر كافة، ثم نصدر حكمنا الذي ترفضه .
قلت: آفتكم أنكم لا تعرفون طبيعة هذه الحياة الدنيا ووظيفة البشر فيها، إنها
معبر مؤقت إلى مستقر دائم، ولكي يجوز الإنسان هذا المعبر إلى إحدى خاتمتيه لا
بد أن يبتلى بما يصقل معدنه ويهذب طباعه، وهذا الابتلاء فنون شتى، وعندما
ينجح المؤمنون في التغلب على العقبات التي ملأت طريقهم، وتبقى صلتهم بالله
واضحة مهما ترادفت البأساء والضراء، فإنهم يعودون إلى الله بعد تلك الرحلة الشاقة ليقول لهم : {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} (الزخرف68 )
قال: وما ضرورة هذا الابتلاء ؟
قلت: إن المرء يسهر الليالي في تحصيل العلم، ويتصبب جبينه عرقا ليحصل على
الراحة، وما يسند منصب كبير إلا لمن تمرس بالتجارب وتعرض للمتاعب، فإن
كان ذلك هو القانون السائد في الحياة القصيرة التي نحياها على ظهر الأرض،
فأي غرابة أن يكون ذلك هو الجهاد الصحيح للخلود المرتقب ؟
قال مستهزئاً : أهذه فلسفتكم في تسويغ المآسي التي تخالط حياة الخلق وتصبير
الجماهير عليها ؟







توقيع ابن النعمان
حسبنا الله ونعم الوكيل
كيف يطول عمرك بالصلاة
جوامع الذكر و الدعاء
اعمال يعدل ثوابها قيام الليل
خطوات علمية مجربة لمن يعانون من الوسواس القهرى شفاهم الله


رد باقتباس