هناك شبهة ثانية احاطت بقضية الايام الستة وهى مقدار ايام خلق السماوات والارض هل هى ستة ايام ام اكثر؟
الحقيقة التى دلت عليها النصوص او ظاهر النصوص ان هناك ايام ستة خلق الله عزوجل فيها السماوات والارض وهناك اربعة ايام من الايام الستة وهى الاربعة الاولى كانت لخلق الارض وهذه الاربعة ايام تساوى ستة ايام بحسابات اخرى لخلق الارض.
بمعنى:الارض تم خلقها بمفردها فى ستة ايام بكل ماعليها من جبال وشجرولكن هذه الايام الستة لخلق الارض تساوى اربعة ايام من الايام الستة الكبيرة لخلق السماوات والارض.
اولا الدليل على ان السماوات والارض ومابينهما تم خلقهم فى الايام الستة:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)سورة ق
وما بينهما على الارجح هو الغلاف الجوى والمجموعة الشمسية لأن كوكب الارض لم تكن له سماء قبل خلقه ونشأته ولعل البعض يتصور ان السماوات هى الكون وهذا خطأ فالسماوات هى الاغلفة والاغطية التى تغطى كوكب الارض من كل الجهات فالارجح ان "السماوات" فى الاية القرأنية هى السماوات السبع العظيمة و"ما بينهما"هى السماوات الاخرى غير السماوات السبع لأنه من الناحية اللغوية لا يمكن ان يكون خلق وسيط بين سماء وارض الا سماء اخرى اخفض من السماء التى فوقها وهذه السماوات التى بين السماوات السبع والارض لها عدد يزيد عن سبعة لأن الغلاف الجوى هو سماء ايضا والغلاف الجوى نفسه يتكون من سبعة طبقات وكذلك غلاف المجموعة الشمسية الدخانى(يمكن للمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة مراجعة موضوعى الفرق بين السماء والسماوات السبع على صفحة موضوعاتى) ولعل البعض يسئل ماذا عن النجوم والكواكب؟ الرد هذه فى السماوات وليست بين السماوات وليست هذه النجوم سماوات وليست مما تم خلقه فى الايام الستة فكل علاقة النجوم بالايام الستة انها زينت السماء الدنيا فى اخر المراحل من الايام الستة وهذا موضوع سنناقشه باذن الله جل وعلا فى بحث قادم فالرجاء خصوصا من العلمانيين عدم استنتاج اى معنى قرأنى بلا دليل ثم يقولوا هناك شبهات حول القرأن بينما الحقيقة هناك شبهات حول العقول القاصرة.
ثانيا الدليل على ان الارض تم خلقها فى اطار اربعة ايام من الايام الستة:هذا الاثر المرفوع الى الرسول صلى الله عليه واله وسلم والذى له طرق كثيرة تجعله حسنا لغيره على الاقل والحديث ورد باسانيد صحيحة موقوفا على ابن عباس رضى الله تعالى عنه من طرق اخرى ولكن سأكتفى بالطرق المرفوعة فى هذا الموضوع الان وسأؤجل الباقى الى بحث قادم باذن الله جل وعلا حين يأتى الحديث عن تفصيل مراحل خلق الوجود فى الكتاب والسنة.
قال الضياء المقدسى فى المختارة"أخبرنا أبو القاسم بن أحمد بن أبي القاسم الخباز أن محمد بن رجاء بن ابراهيم ابنا أحمد بن عبد الرحمن ابنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الرحمن بن الحسين الصابوني التستري ثنا يحيى بن يزيد الأهوازي ثنا أبو همام محمد بن الزبرقان عن هدبة بن المنهال عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:"يا أبا القاسم أخبرنا عن الأحد ما خلق الله فيه؟"قال فأنزل الله عز وجل ( أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ) الى قوله ( ذلك رب العالمين )، قال:" خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين"قالوا:" ثم مه" قال فأنزل الله(وجعل فيها رواسي من فوقها)الى قوله (للسائلين)ثم قدر أقواتها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء قالوا:" ثم مه؟" قال فأنزل الله ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) الى قوله ( كل سماء أمرها ) فقضاهن سبع سماوات في يومين يوم الخميس ويوم الجمعة قالوا:" ثم مه؟" فقال:"الله أعلم" قالوا أخبرنا عن يوم السبت قال:"الله أعلم" قالوا لكنا نعلم ثم رفع احدى رجليه على الأخرى فاستراح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" سبحان الله" فأنزل الله (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب) فاصبر يا محمد على ما يقولون "
والحديث رواه عن عكرمة عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم ابو سعد البقال وعطاء بن السائب فيكون مجموع الطريقين:طريق عكرمة وطريق سعيد عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم حسن لغيره هذا غير الطرق الموقوفة الصحيحة عن ابن عباس وغيره من السلف وكلها تصب فى نفس المعنى.
وهناك دليل ثان على ان الارض والجبال استغرقتا اربعة ايام من الايام الستة وهو قوله تبارك وتعالى فى سورة فصلت عن حقبة خلق السماوات السبع(التى لو طرحناهذه الفترة الزمنية من الايام الستة لتبقى لنا مدة خلق الارض والجبال من الايام الستة)مع ملاحظة مهمة يغفل عنها البعض وهى ان الارض تم تخليقها كاملة فى مرحلة ثم تم تخليق السماوات السبع فى مرحلة تالية ولم يتم الامر بالتوازى:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)"
ثالثا الدليل على ان خلق الارض بجبالها استغرق ستة ايام منفصلة المقدارعن الايام الستة لخلق السماوات والارض:هذا الحديث الذى رواه الامام مسلم من طريق والنسائى من طريق ثان وقد تصور البعض انه من الاسرائيليات ولكن لايمكن ان يكون هذا الحديث تحديدا من الاسرائيليات لعدة اسباب منها ان اليهود لا يؤمنون بحدوث خلق يوم السبت كما ان الحديث يتوافق جدا مع ظاهر القرأن الكريم
قال الامام مسلم:حدثني سريج بن يونس ، وهارون بن عبد الله ، قالا : حدثنا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج ، أخبرني إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : " خلق الله عز وجل التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة ، في آخر الخلق ، في آخر ساعة من ساعات الجمعة ، فيما بين العصر إلى الليل " ، قال إبراهيم : حدثنا البسطامي وهو الحسين بن عيسى ، وسهل بن عمار ، وإبراهيم ابن بنت حفص وغيرهم ، عن حجاج بهذا الحديث
قال النسائى:أخبرنا إبراهيم بن يعقوب ، قال : حدثني محمد بن الصباح ، قال : حدثنا أبو عبيدة الحداد ، قال : حدثنا الأخضر بن عجلان ، عن ابن جريج المكي ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي قال : " يا أبا هريرة ، إن الله خلق السموات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش يوم السابع ، وخلق التربة يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين ، والتقن يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر ، وخلق أديم الأرض أحمرها وأسودها ، وطيبها وخبيثها ، من أجل ذلك جعل الله عز وجل من آدم الطيب والخبيث
وتصديق الحديث الشريف فى القرأن الكريم فى سورة فصلت:
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)
فمراحل خلق كوكب الارض بجباله واشجاره وانهاره وبحاره تمت فى ستة ايام غير الايام الستة التى خلق الله عزوجل فيها السماوات والارض ولهذا ميزها رب العزة والجلال بقوله" فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ"وكأن رب العزة والجلال يعلم بأن هناك من سيشتبه فى عدد الايام.