اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :54  (رابط المشاركة)
قديم 16.01.2011, 14:35
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي



الغلاف الجوِّي أو السَّقف المحفوظ !



عندما صعد أوَّلُ روَّادٍ إلى الفضاء وابتعدُوا عن الكرة الأرضيَّة , أُصيبُوا بدهشة كبيرة لأنَّ ما اكتشفُوه كان خِلافًا لكلِّ تَوقُّعاتهم : ظلامٌ حالكٌ رهيبٌ يُحيط بكلِّ الأجرام السَّماويَّة , وصمتٌ مُطبِقٌ مُخيف بسبب عدَم وجود هواء , وبَرْد شديد قاتِل , وخَطَر الشُّهُب الكثيرة والإشعاعات المميتَة !
ما حدث مع هؤلاء الرُّوَّاد هو ربَّما الذي أشار إليه اللَّهُ تعالى في القرآن الكريم حين قال مُتحدِّثًا عن الكفَّار : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ 14 لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ 15 } (15- الحجر 14-15) .
فأوَّل أُناس صَعِدُوا إلى الفضاء كانُوا فعْلاً كُفَّارًا , وكانوا في حالةٍ من الذُّهول والدَّهشة , كأنَّهم تحت تأثير سِحْر , لا يُصدِّقون ما تراه أعيُنهم !
ثمَّ لاحِظْ أنَّ اللَّهَ تعالى قال : { يَعرُجون } , ولم يقلْ : يَصعدون . والعروجُ هو الصُّعود في مَسارٍ مُنْحَنٍ , مائل . ولو سألتَ علماء الفضاء لَقالُوا لك أنَّ مَسار الصَّواريخ التي يُطلقونها نحو السَّماء يكون دائمًا مائلاً , نظرًا لِعَوامل الجاذبيَّة الأرضيَّة وغيرها ! فهل هذه الدِّقَّة في اختيار ألفاظ القرآن هي من قَبيل الصُّدفة ؟!
لا , ليست من قَبيل الصُّدفة ! والدَّليلُ أنَّ اللَّه تعالى استعملَ لفظ العروج في مواضع أخرى من القرآن الكريم , عند حديثه عن الصُّعود بعيدًا في السَّماء , مثل قوله تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ 1 يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ 2 } (34- سبأ 1-2) .

لَمَّا عَرجَ العُلَماء إذًا في السَّماء , اكتشفُوا أنَّ الأرض وكُلَّ الأجرام السَّماويَّة تَسبحُ في ظلام كَوني دامس ! أمَّا السَّماء الزَّرقاء التي نراها فوقنا في النَّهار , فليست إلاَّ نتيجة تَلاقي ضوء الشَّمس مع ما يُسَمَّى بالغلاف الجوِّي للأرض Atmosphère terrestre . فلولا هذا الغلاف , لرأينا سماءً سوداء طول الوقت .
يبدأ الغلاف الجوِّي من سطح الأرض ويَمتدُّ حتَّى بُعْد حوالي 600 كلم إلى الأعلى , مُحيطًا بالأرض من كلِّ جوانبها . وهو يتكوَّن من الهواء , وجزئيَّات الغازات , وبُخار الماء , والجسَيْمات التُّرابيَّة . فطبقة الهواء الذي نتنفَّسه تنتهي إذًا عند نهاية الغلاف , لِتَبْدأ بعدها الغازات الكونيَّة الخطيرة , والتي تحتوي على غازَي الهيدروجين والهليوم بنسبة 98 بالمائة .
من مَزايا الغُلاف الجوِّي أنَّه يَمنع بُرودةَ الفضاء المهْلِكة والغازات الكونيَّة القاتلة والإشعاعات الخطيرة , أن تَتسرَّب إلى الأرض . وهو كذلك يَحْمي الأرض من ملايين الشُّهُب والنَّيازك التي تتساقطُ دَوْريًّا نحوها فتصطدم بالغلاف وتَتَفتَّت .
فهل تعلمين يا ابنتي أنَّ اللَّه تعالى تحدَّث عن الغُلاف الجوِّي في القرآن الكريم منذ حوالي 1400 سنة , وأسماه بالسَّقف المحفوظ ؟!
يقول اللَّه تعالى : { وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ 32 } (21- الأنبياء 32) .

وكما أنَّ اللَّه جعل هذا السَّقف حافظًا لنا من الأخطار الخارجيَّة , فقد جعله أيضًا حافظًا لنا من الموت ! نعم , فهو يَمنعُ غاز الأكسيجين من الهروب بعيدًا عن الأرض .
وهنا لا بُدَّ من ملاحظة أنَّ نسبة الأكسيجين في الهواء هي 21 بالمائة , وهي بالضَّبط النِّسبة التي يجبُ أن تكون , بحيثُ لو نقصَتْ , لاختَنقَ الإنسانُ والحيوان , ولو زادَتْ , لَاشتعلَت الحرائق في كلِّ مكان ولَما أمكن إطفاءها !
أليسَ في هذا إذًا دليلٌ آخر على وجود إله واحد وراء هذا الكون , وأنَّه خلقَ كلَّ شيء بنِسَب غايةٍ في الدِّقَّة ؟ يقول اللَّه تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا 1 الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا 2 } (25- الفرقان 1-2) .
والغُلاف الجوِّي لا يَمنعُ الأكسيجين فقط من الهروب , بل يَمنع أيضًا الهواءَ وبخار الماء من ذلك . ولو هرب الهواءُ عن الأرض , لَخَيَّم عليها صمتٌ مُطْبق , ولَمَا استطاع النَّاسُ التَّخاطب فيما بينهم ولا سماع أيّ شيء , لأنَّ الهواء هو الذي يسمح بانتقال الموجات الصَّوتيَّة . ولو هربَ بُخار الماء , لَمَا تَكوَّنتْ بعد ذلك سُحُبٌ ولا أمطار , ولَهلَكَ كلُّ الأحياء فوق الأرض .

أليْسَ إذًا من واجبنا أن نشكُر اللَّهَ على نعمة الغلاف الجوِّي ؟
أم أنَّنا رَكِبَنا الغُرورُ بسَبب ما وصلْنَا إليه من تقدُّم علمي , فأصبحْنَا نَترفَّع عن شُكْر اللَّه , ونحنُ أعجز عن أن نستردَّ نعمةً يسلُبها اللَّهُ منَّا ؟! يقول اللَّه تعالى : { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ 18 } (23- المؤمنون 18) .
نعم , لو ذهبَ اللَّهُ بالماء وحَرَمَنا المطَر , لَمَا استطاعت البشريَّةُ مُجتمعة أن تفعل أيَّ شيء لإنزال قَطرة ماءٍ واحدة من السَّماء !







توقيع كلمة سواء


رد باقتباس