لماذا يُتَّهم الإسلام فقط بالإرهاب ؟!
لِماذا يُتَّهم المسلِمُون في الإعلام الغربي بأنَّهم إرهابيُّون , ولا يُتَّهم بذلك اليهودُ ولا النَّصارى ؟! لِماذا الادِّعاءات بأنَّ القرآن الكريم يحثُّ على القتل والإرهاب , ولا تُوصَف بذلك التَّوراةُ والأناجيلُ الموجودة اليوم عند أتباعها ؟!
لأنَّها لا تدعُو إلاَّ إلى السِّلم ونشر المحبَّة بين النَّاس ؟!
فما رأيُ النَّصارى إذًا فيما جاء في إنجيل متّى , ما نُسِبَ للمسيح عليه السَّلام أنَّه قال : لا تظُنُّوا أنِّي جئتُ لِأُلْقِي سلامًا على الأرض . ما جئتُ لِأُلْقِي سلامًا , بل سَيْفًا , فإنِّي جئْتُ لِأُفرِّقَ الإنسانَ ضِدَّ أبيه , والابنةَ ضِدَّ أمِّها , والكَنَّةَ ضِدَّ حَماتِهَا , وأعداءُ الإنسان أهلُ بَيْتِه . (إنجيل متّى – الإصحاح العاشر 34- 36) .
ألا يتناقضُ هذا الكلام مع ما يَدَّعيه النَّصارى من أنَّهم رُوَّادُ العالَم في الدَّعوة إلى التَّسامح ونَبذ الحروب ؟!
وما رأيُ اليهود في ما جاء في سِفْر التّثْنِيَة : حينَ تَقْرُبُ من مَدينة لِتُحاربَها , اسْتَدْعِها لِلصُّلْح . فإن أجابَتْكَ إلى الصُّلْح وفَتَحَتْ لَك , فكُلُّ الشَّعْب الموجُود فيها يكُون لَكَ لِلتَّسْخير ويُسْتَعْبدُ لكَ . (سِفْر التّثْنِيَة – الإصحاح العشرون 9 -11) .
وما رأيُهم في ما جاء في سِفْر العَدَد : وسَبَى بَنُو إسرائيل نِسَاءَ مِدْيَانَ وأطْفَالَهم , ونَهَبُوا جَميعَ بَهائِمهم وجَميعَ مَوَاشِيهم وكلَّ أملاكِهم . وأَحْرقُوا جَميعَ مُدُنِهِم بِمَسَاكِنِهم وجَميعَ حُصُونِهم بالنَّار . وأخَذُوا كُلَّ الغَنيمَة وكُلَّ النَّهْب من النَّاس والبَهائم . وأتوا إلى مُوسَى وألِعَازَار الكاهِن وإلى جَمَاعَة بَني إسْرائيل بالسَّبْي والنَّهْب والغَنيمَة إلى المحَلة إلى عَربَات مُوآب التي على أرْدُنَّ أريحَا . فخرجَ مُوسَى وألِعَازَار الكاهِنُ وكُلّ رؤساء الجمَاعَة لِاسْتِقْبَالِهم إلى خَارج المحَلة . فسَخطَ مُوسَى على وُكَلاء الجَيْش رُؤسَاء الألُوف ورُؤسَاء المِئَات القَادِمينَ من جُنْد الحَرْب , وقالَ لَهُم مُوسَى : هلْ أبْقَيْتُم كُلَّ أنْثَى حَيَّة ؟ إنَّ هؤلاء كُنَّ لِبَني إسْرائيل حَسَبَ كَلام بَلعَام سَبَبَ خِيَانةٍ لِلرَّبّ في أمْر فَغُور فكَانَ الوَبَاء في جَمَاعة الرَّبّ . فالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَر منَ الأطْفَال , وكُلّ امْرَأةٍ عَرَفَتْ رجُلاً بِمُضَاجَعة ذكَر اقْتُلُوها . (سِفْر العَدَد – الإصحاح الحادي والثَّلاثون 9 – 17) .
ومديانُ المذكورة هنا هي التي مكثَ فيها موسَى عليه السَّلام عدَّة سنوات , فهل يُعقَل أن يَأمُر فيما بعدُ بني إسرائيل بأن يقتُلوا أهلَها شَرَّ قتْلَة ؟! ثمَّ , كيف للجنود أن يعرفُوا النِّساء الغير عذارى لِيَقتلوهنّ : " وكُلّ امْرَأةٍ عَرَفَتْ رجُلاً بِمُضَاجَعة ذكَر اقْتُلُوها " ؟! هل أمَرَهُم موسى باغتصاب كلّ النّساء لمعرفة ذلك ؟! طبعًا , كلُّ هذا افتراءٌ على نبيِّ اللَّه عليه السَّلام !
وما رأيُ اليهود في ما جاء في سفْر يوشع , وصيّ موسى عليهما السَّلام : وصعدَ الشَّعبُ إلى المدينة , كلُّ رجُل مع وجهه , وأخذُوا المدينة . وحرَّمُوا كلَّ ما في المدينة من رجُل وامرأة , من طفل وشيخ , حتَّى البَقَر والغَنَم والحمير بِحَدّ السَّيف . (سفْر يوشع – الإصحاح السَّادس 20 – 21) .
وما رأيُهم في ما جاء في سفْر يوشع أيضًا أنَّه قال : أَحرِقُوا المدينة بالنَّار مع كلّ ما بها . (سفْر يوشع – الإصحاح السَّادس 24) .
فهل يُتَّهم يُوشع عليه السَّلام بأنَّه وحش , يَحرق كلَّ ما في المدينة بالنَّار , ويقتلُ الرِّجال والنِّساء والشُّيوخ والأطفال , بل حتَّى البَقر والغنم والحمير ؟! حاشى له وكلاَّ أن يكون كذلك !
وما رأيُ اليهود في ما جاء في سفر صموئيل الأوَّل : فأخبر عبيدُه داوُدَ بهذا الكلام , فحسُنَ الكلامُ في عَيْنَيْ داوُد أن يُصاهرَ الملِك . ولَم تَكْمُل الأيَّام حتَّى قامَ داوُدُ وذهبَ هو ورجالُه وقتلَ من الفِلِسطينيّين مائتَيْ رَجُل , وأتَى داوُدُ بِغُلْفِهم فأكْملُوها للملِك لِمُصاهَرة الملِك , فأعطاهُ شاوُلُ ميكالَ ابنتهُ امرأةً . (سفْر صموئيل الأوّل – الإصحاح الثّامن عشر 26 – 27) .
فهلْ يُعقَل أن يَقتُلَ النَّبيُّ داوُد مائتَيْ رجُل , ثمَّ يكشفُ عوراتهم ويُمسِكُ بذُكُورهم ويقطعُ غُلفهم (وهي الجلدة التي تُقطع في الختان) , ويُقدِّمها مُهرًا لكي يتزوَّج من ابنة ملك إسرائيل الأوَّل (طالوت) ؟! حاشى له وكلاَّ أن يفعل ذلك !
وما رأيُ اليهود في ما جاء في سفْر صموئيل الثّاني : فجمعَ داوُدُ كلَّ الشَّعب وذهبَ إلى ربَّة وحاربَها وأخذها . وأخذَ تاجَ مَلِكِهم عن رأسه ووزنه وزْنَة من الذَّهب مع حجَر كريم , وكان على رأس داوُد , وأخرجَ غنيمةَ المدينة كثيرةً جدّا , وأخرجَ الشَّعبَ الذي فيها ووضَعهُم تحت مناشير ونَوارج حديد وفُؤوس حديد , وأمَرَّهُم في أتُون الآجُرّ , وهكذا صنعَ بِجَميع مُدُن بَني عَمُّون , ثمَّ رجعَ داوُدُ وجميعُ الشَّعب إلى أورشَليم . (سفْر صموئيل الثّاني – الإصحاح الثّاني عشر 29 – 31) .
وما رأيُهم في ما جاء في سفْر صموئيل الثّاني أيضًا : وبعد ذلك ضربَ داوُدُ الفلسطينيِّين وذَلَّلَهم , وأخذ داوُدُ زِمامَ القصَبة مِنْ يَد الفلسطينيِّين . وضربَ الموآبيِّينَ وقاسَهُم بالحَبْل . أضْجَعَهُم على الأرض , فقاسَ بِحَبْلَيْن للقَتْل وبِحَبْلٍ للاسْتِحْياء . وصار الموآبيُّونَ عبيدًا لِدَاوُدَ يُقدِّمون هدايَا . (سفْر صموئيل الثَّاني – الإصحاح الثَّامن 1- 2) .
أي أنَّ داوُدَ , حسبَ زعم اليهود , طرح الموآبيِّينَ على الأرض في صفوف , ثمَّ أخذ يقتلُ صفَّيْن ويَستبقي صفًّا , ثمَّ جعل مَن استبقاهُم عبيدًا له ! حاشى لهذا النَّبيِّ الكريم أن يقوم بهذا الفعل الشَّنيع !
وما رأيُ اليهود في ما جاء في سفْر الملوك الثَّاني : ثمَّ صعد من هناك (أي النَّبيُّ اليشع) إلى بَيْت إيل . وفيما هو صاعدٌ في الطَّريق , إذا بصبْيَان صِغَار خرجُوا من المدينة وسَخِرُوا منه وقالُوا له : اصعَدْ يا أقرع ! اصعَدْ يا أقرع ! فالْتَفتَ إلى ورائه ونظرَ إليهم ولَعَنَهم باسْم الرَّبّ . فخَرَجَتْ دبَّتان من الوَعْر وافْتَرَسَتَا منهم اثْنَيْن وأربعينَ وَلدًا . (سفْر الملوك الثَّاني – الإصحاح الثَّاني 23 – 24) .
وما رأيُهم في ما جاء في سفْر الملوك الثَّاني أيضًا : وكان جوعٌ شديد في السَّامرة . وهم حاصَرُوها حتَّى صار رأسُ الحمار بثَمانين من الفضَّة , ورُبْع القاب من زبْل الحمام بخمس من الفضَّة . وبينما كان مَلِكُ إسرائيل جائزًا على السُّور , صرختْ امرأةٌ إليه : خَلِّصْ يا سَيِّدي الملك . فقال : لا ! يُخَلّصكِ الرَّبُّ . مِن أينَ أخلِّصكِ ؟ أمِنَ البَيْدَر أو من المعْصَرة ؟ ثمَّ قال لها الملك : مالَكِ ؟ فقالتْ : هذه المرأةُ قالتْ لي : هاتي ابْنَكِ فنأكُله اليَومَ ثمَّ نأكلُ ابني غدًا . فسَلَقْنَا ابني وأكَلْناه . ثمَّ قلتُ لها في اليوم الآخر : هاتي ابْنَكِ فنأكُله , فخَبَّأت ابْنَها . (سفْر الملوك الثَّاني – الإصحاح السَّادس 25– 29) .
انتبه يا ابني الكريم ! إنَّ هذه المجازر البشعة ليست منقولَة عن كتاب في التَّاريخ , وإنَّما عن توراة اليهود المحرَّفة !!
لا غرابة إذًا أن تُنزَع الرَّحمةُ من أُناسٍ يقرأون في كتابهم المقدَّس أنَّ أنبياءَهم كانُوا يُقتِّلُون الأبرياءَ من النِّساء والشُّيوخ والأطفال , بل حتَّى الحيوانات لم تَسلَمْ من وَحشِيَّتهم , وكلُّ ذلك بِمُباركةٍ من اللَّه حسبَ زَعْمهم !!
وما أكبرَ الفارقَ بين هذه النُّصوص التي تقطر دمًا , وبين وصايا النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وخُلفائه الكرام إلى جيوش المسلمين : بالرِّفق بالبَشر والدَّوابِّ وحتَّى بالأشجار ! فقد روى البيهقي في سُنَنه عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال (وهو يُودّعُ الجنود) : انْطَلِقُوا باسم اللَّه , وباللَّه , وعلى مِلَّة رسول اللَّه . لا تَقْتُلُوا شَيخًا فانِيًا , ولا طفلاً , ولا صغيرًا , ولا امرأةً , ولا تَغلوا , وضُمُّوا غنائمَكُم , وأصْلِحُوا وأحْسِنُوا إنَّ اللَّه يُحِبُّ المحسنين . (سنن البيهقي الكبرى – الجزء 9 – ص 90 – رقم الحديث 17932) .
وروى البيهقي أيضًا في سُنَنه عن أبي عمران الجوني , أنَّ أبا بكر رضي اللَّه عنه بعثَ يزيد بن أبي سفيان إلى الشَّام , فمَشَى معه يُشَيِّعُه . فقال يزيد بن أبي سفيان : إنِّي أكرهُ أن تكونَ ماشيًا وأنا راكِب . فقال : إنَّكَ خرجْتَ غازيًا في سبيل اللَّه , وإنِّي أحتَسِبُ في مَشْيي هذا معك . ثمَّ أوصاهُ فقال : لا تَقْتُلُوا صَبيًّا , ولا امرأةً , ولا شَيْخًا كبيرًا , ولا مريضًا , ولا راهبًا , ولا تَقْطَعُوا مُثْمِرًا , ولا تُخَرِّبُوا عامِرًا , ولا تَذْبَحُوا بعيرًا ولا بقرةً إلاَّ لِمَأكَل , ولا تغرقُوا نَخْلاً ولا تحرقُوه . (سنن البيهقي الكبرى – الجزء 9 – ص 90 – رقم الحديث 17931) .
واللَّهِ إنَّها لَوصايَا عظيمة تَعجز جمعيَّاتُ حقوق الإنسان عن الإتيان بمثلها ! فباللَّه عليك يا ابني الفاضل , أيُّ الفريقين يَصلُحُ أن يُتَّهم بالإرهاب ؟!
|