الشرك نوعان:
النوع الأول :
شرك أكبر يخرج من الملة ويخلد صاحبه في النار إذا مات ولم يتب منه وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله- كدعاء غير الله والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله من القبور والجن والشياطين ، والخوف من الموتى أو الجن أو الشياطين أن يضروه أو يمرضوه ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات وتفريج الكربات مما يمارس الآن حول الأضرحة المبنية على قبور الأولياء والصالحين، قال تعالى : [وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـَؤُلآءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّه][1]
النوع الثاني:
شرك أصغرلا يخرج من الملة لكنه ينقص التوحيد وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر- وهو قسمان..
القسم الأول:
شرك ظاهر وهو: ألفاظ وأفعال. فالألفاظ كالحلف بغير الله قال " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك "[2] وقول : ما شاء الله وشئت - قال : لما قال له رجل ما شاء الله وشئت فقال: " أجعلتني لله نداً قل ما شاء الله وحده "[3] وقول: لولا الله وفلان- والصواب أن تقال: ما شاء الله ثم فلان، ولولا الله ثم فلان- لأن ثم تفيد الترتيب مع التراخي- تجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله كما قال تعالى: [ وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ] [4] . وأما الواو فهي لمطلق الجمع والاشتراك لا تقتضي ترتيبا ولا تعقيبا، ومثله قول، مالي إلا الله وأنت، وهذا من بركات الله وبركاتك.
وأما الأفعال : فمثل لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه ومثل تعليق التمائم خوفاً من العين وغيرها إذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه فهذا شرك أصغر، لأن الله لم يجعل هذه أسباباً. أما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر لأنه تعلق بغير الله.
القسم الثاني :
شرك خفي وهو الشرك في الإرادات والنيات- كالرياء والسمعة- كأن يعمل عملاً مما يتقرب به إلى الله يريد به ثناء الناس عليه كأن يحسن صلاته أو يتصدق لأجل أن يمدح ويثنى عليه. أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بالتلاوة لأجل أن يسمعه الناس فيثنوا عليه ويمدحوه، والرياء إذا خالط العمل أبطله- قال الله تعالى: [فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا[[5] .
وقال النبي : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر- قالوا يا رسول الله: وما الشرك الأصغر قال: الرياء)[6] ومنه العمل لأجل الطمع الدنيوي- كمن يحج أو يؤذن أو يؤم الناس لأجل المال- أو يتعلم العلم الشرعي أو يجاهد لأجل المال. قال النبي ( تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط)[7] قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما الشرك في الإرادات والنيات فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئاً غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته. والإخلاص: أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته. وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم ولا يقبل من أحد غيرها وهي حقيقة الإسلام، كما قال تعال[وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الاَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ][8].وهي ملة إبراهيم التي من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء ([9] .
يتلخص مما مر أن هناك فروقا بين الشرك الأكبر والأصغر وهي:
1- الشرك الأكبر يخرج من الملة والشرك الأصغر لا يخرج من الملة.
2- الشرك الأكبر يخلد صاحبه في النار- والشرك الأصغر لا يخلد صاحبه فيها إن دخلها.
3- الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال- والشرك الأصغر لا يحبط جميع الأعمال وإنما يحبط الرياء والعمل لأجل الدنيا العمل الذي خالطاه فقط.
4 - الشرك الأكبر يبيح الدم والمال- والشرك الأصغر لا يبيحهما.
[1] سورة يونس : 18
[2] رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم.
[3] رواه النسائي
[4] سورة التكوير : 29 [5] سورة الكهف : 110
[6] رواه أحمد، والطبراني، والبغوي في شرح السنة.
[7] رواه البخاري
[8] سورة آل عمران : 85
[9] الجواب الكافي ص 115