اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :664  (رابط المشاركة)
قديم 11.10.2012, 09:12
صور pharmacist الرمزية

pharmacist

عضوة مميزة

______________

pharmacist غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 28.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.814  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.10.2021 (12:19)
تم شكره 328 مرة في 292 مشاركة
افتراضي


صمونجي بابا

هذه قصة لشخص، اسمه ( حامد آقصر ايلي ) ولكنه عرف بين أهالي مدينة (بورصة) التركية
باسم ( صمونجي بابا ) لأنه كان يبيع (الصمون) لهم.

ولد في مدينة ( قيصري) ، وسافر في طلب العلم إلى بلاد ( الشام) و ( تبريز) ووصل إلى (أدربيل)
وهي : مدينة في شمالي غرب إيران اشتهرت بمكتبتها الكبيرة ، وعاشت فترة من الازدهار الثقافي.
وهناك التقى العالم الكبير ( علاء الدين الأردبيلي) ولازمه ، وبقي في خدمته سنوات عديدة ،
فنهل من علمه ودرج مثله في مدارج التصوف والزهد.

ثم رجع وسكن في مدينة (بورصة) ، وكانت آنذاك عاصمة الدولة العثمانية ،
فقد كان ذلك في عهد السلطان (بايزيد الأول) (1360 – 1403م).

قضى ( صمونجي بابا) سنوات عديدة من عمره في مدينة (بورصة) يخبز الخبز
في فرنه المتواضع في البيت ، ثم يضعه في سلة كبيرة يحملها على ظهره ،
ويمشي في الأسواق وفي الأزقة ، وما إن يراه الصبيان حتى يهتفوا :
جاء ( صمونجي بابا) … جاء (صمونجي بابا) ،
وسرعان ما يجتمعون حوله ، ويبتاعون منه الخبز …
كان جميع أطفال وصبيان وأهالي (بورصة) يحبونه ، فوجهه نوراني ،
وهو بشوش يحب الأطفال ويلاطفهم ، وخبزه حار ، ولذيذ ، ونظيف.

وعندما بدأ السلطان (بايزيد) ببناء جامع (ألو جامع) (أي الجامع الكبير، أو الجامع العظيم)
اعتاد عمال البناء شراء الخبز من (صمونجي بابا) .

اكتمل بناء هذا الجامع الذي يعد آية من آيات العمارة الإسلامية ،
وتعد الآيات الكريمة التي تزينه آية في فن الخط ، وتقرر افتتاحه بصلاة الجمعة.

وفي يوم الجمعة : حضر السلطان (بايزيد الأول) إلى الجامع مع الوزراء والعلماء ،
وجمع وفير من أهالي (بورصة) حتى امتلأ هذا الجامع الكبير على سعته ،
وعندما حان وقت الخطبة ، التفت السلطان إلى العالم الكبير (أمير سلطان) وكلفه بإلقاء الخطبة.

وقف (أمير سلطان) قرب المنبر ، وبدأ يجول ببصره في الحضور ، وكأنه يفتش عن أحدهم …
أجل كان يفتش عن (صمونجي بابا) فهو يعرف قدره وعلمه ، وإن جهله الناس ،
اعتقدوا أنه ليس إلا رجلاً طيباً يبيع الخبز … وأخيراً وقع بصره عليه …
ثم قال بصوت سمعه كل الحضور ، وهو يشير بيده إليه :
ليس في هذا الجامع من هو أحق من هذا الرجل في إلقاء هذه الخطبة.

دهش الحاضرون من هذا الكلام ، وبدؤوا يتطلعون إلى الجهة التي أشار إليها العالم (أمير سلطان)
وأحس (صمونجي بابا) بحرج شديد ، فقد كتم أمره عن الناس طوال هذه السنوات ،
فلا يعرفون عنه إلا أنه بائع خبز ، وها هو (أمير سلطان) يفاجئه فيكشف أمره للناس.

قام من مكانه مضطراً واتجه إلى المنبر ، والأنظار مصوبة إليه ، وقبل أن يصعد إلى المنبر ،
مال على أذن (أمير سلطان) وهمس له معاتباً : ماذا فعلت يا أخي ؟ لقد كشفتني أمام الناس جميعاً.
فأجابه (أمير السلطان) بالهمس نفسه : أنت الأجدر بإلقاء هذه الخطبة يا أخي.

صعد العالم المتخفي على المنبر ، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه ، قرأ سورة (الفاتحة) ،
وبدأ بتفسير معانيها الكبيرة من سبعة أوجه ،
وكانت خطبة ، وتفسيراً رائعاً ، أخذ بمجامع قلوب الحاضرين.

ولم يخفي العالم الكبير ، والمعروف (ملا فناري) الذي كان حاضراً ، وسمع الخطبة التي حيرته
ودهشته وأعجبته ، فقال فيما بعد لأصدقائه : لقد شاهدنا عظمة هذا الرجل ، وتبحره في العلم وفي التفسير ،
فالتفسير الأول للفاتحة فهمه الجميع ، والتفسير الثاني فهمه البعض ،
والتفسير الثالث فهمه القلة ، والخواص فقط ،
أما التفسير الرابع والخامس والسادس والسابع ، فقد كان فوق طاقة إدراكنا.

وانتشر الخبر في أرجاء العاصمة (بورصة) بسرعة ، وعرف الجميع حقيقة هذا الرجل المتواضع الفقير ،
الذي يحمل سلة الخبز على ظهره ، ويتجول في الأسواق وفي الأزقة ، ويتلاطف مع الأطفال والصبيان …
عرفوا أنه عالم كبير، وانتظروا رؤيته ، لكي يقبلوا يديه ويسألوه الدعاء ، ولكنهم لم يروه …
أجل لم يروه بعد تلك الخطبة ،

لقد رحل هذا العالم عن (بورصة) بعد أن تكشف أمره …
ورحل إلى مدينة أخرى لا يعرفه الناس فيها..


مات رحمه الله في مدينة (آق صراي) ودفن فيها

منقول








توقيع pharmacist


رد باقتباس