الموضوع: أصل الإنسان
اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :5  (رابط المشاركة)
قديم 10.09.2012, 13:44

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


وحدات الصاعقة والتدخّل السريع الداروينية

كان الصحفي العلمي "ريتشارد ميلتون" Richard Milton من بين المؤمنين المتحمسين بالعقيدة الداروينية. لكن في أحد الأيام، وبفضل موهبته الاستقصائية، توصل إلى استنتاجات ساهمت في إيقاظه من سباته الطويل. بعد 20 سنة من الدراسة والكتاب حول نظرية التطوّر، أدرك فجأة بأنها تحتوي على الكثير من الثغرات المربكة. فقرّر أن يخفف من شكوكه عبر محاولة إثبات النظرية بنفسه، وذل كم خلال اتباع وسائل تحقيق صحفية نموذجية.

أصبح "ميلتون" زائراً دائماً إلى متحف التاريخ الطبيعي المشهور Natural History Museum في لندن. وقد بذل مجهود كبير في إخضاع كل مبدأ رئيسي للنظرية الداروينية تحت الفحص والاختبار. وقد صُدم بالنتائج. اكتشف أن النظرية لا تستطيع الصمود حتى أمام تحقيق صحفي روتيني.

اتخذ هذا الكاتب العلمي المجتهد خطوة جريئة وألف كتاب بعنوان "حقائق الحياة: تحطيم الخرافات الداروينية" The Facts of Life: Shattering the Myths of Darwinism. أصبح واضحاً أن هذه الخرافة قد تحطّمت بالنسبة له شخصياً، لكن الكثير من الخرافات المتعلقة بالعلم بشكل عام سوف تتحطم بعد طهور كتابه. يقول "ميلتون":

".. لقد مورس علي حملة صيد الساحرات من قبل الشرطة الداروينية. إن الأمر مخيّب للأمل فعلاً، حيث وجدت نفسي أوصف من قبل عالِم مرموق في جامعة أكسفورد [ريتشارد دوكنز] على أنني "مجنون" و"غبي" و"بحاجة إلى علاج نفسي"، وهذا هو الجواب الذي تلقيته بعد نشر تقرير العلمي مستقيم.."

لكن العالم المرموق "ريتشارد دوكنز" لم يتوقف عند هذا الحد، بل أقام حملة من الرسائل الموجّهة إلى كافة رؤساء تحرير المجلات العلمية، متهماً "ميلتون" بأنه دخيل مهرطق ويجب منع نشر أعماله. إن كل من يفقه القليل في مجال السياسة سوف يدرك بأن هذه إحدى التكتيكات التي ذكرها "ميكافيلي" (في كتاب الأمير) لاغتيال هيبة الشخصية ومصداقيتها. الأمر العجيب هو أن "دوكنز" يُعتبر من بين العلماء المرموقين والمحترمين جداً، وله وزن كبير في المجتمع العلمي.

قال "ميلتون" بأن الوضع تفاقم أكثر بعدما طلب منه رئيس تحرير المُلحق العلمي لجريدة التايمز لأن يكتب مقالة ناقدة للداروينية. ونُشر إعلان في الجريدة تقول: ".. في الأسبوع القادم: ريتشارد ميلتون يستمر في هجومه على الداروينية.." بعد أن قرأ "دوكنز" هذا الإعلان، لم يضيّع أي وقت في إطلاق هجومه العنيف على "ميلتون" المسكين. اتصل برئيسة التحرير "أوريول ستيفنز"، واتهم "ميلتون" بأنه "رجعي متديّن" (أي يؤمن بعملية الخلق المذكورة في الإنجيل)، وأمر رئيسة التحرير بأن تمنع نشر المقالة. علِم "ميلتون" بهذه الطعنة التي تلقاها وراء الكواليس، فكتب رسالة استئناف يناشد خلالها "ستيفنز"، لكن رئيسة التحرير خضعت في النهاية لأوامر "دوكنز" ومنعت نشر المقالة.

تصوّر لو هذا الأمر حصل مع أحد السياسيين البيروقراطيين، أي استخدم الضغوط ذاتها التي استخدمها "دوكنز" لمنع نشر مقالة صحفية، فلابد من أن يُشعل فضيحة كبرى تؤدي إلى نهايته المهنية. صحيح أن السياسيين يقومون بهذا النوع من الضغوط في أحيان كثيرة، لكن ليس بهذا الفجور والوقاحة. يبدو أن القائمين على المجتمع العلمي لهم وضع خاص، إنهم يمثلون طبقة كهنوتية قائمة بذاتها، لها قدسيتها وحرمتها التي يُحسب لها حساب. هناك حوادث كثيرة مشابهة لهذا النوع تجري يومياً. النظرية الداروينية هي من النظريات التي تُدرّس في المدارس بشكل روتيني دون أن تخضع لأي نوع من المساءلة أو الاستقصاء في مدى صحتها. وحتى هذه اللحظة، لم يُسمح لأي انتقاد علمي رسمي بالتداول إعلامياً أو إعلانياً بخصوص هذه النظرية.

الأمر المثير للسخرية هو أنه تم تعيين "ريتشارد دوكنز" في منصب بروفيسور مسؤول عن "الاستيعاب الجماهيري للعلم" في جامعة أكسفورد. إنه في الحقيقة يلعب دور ضابط الأمن، قوة صاعقة، متأهبة دائماً للتدخّل السريع في حال تعرّض المنهج الدارويني للاختراق أو الاعتداء. لازالت المؤسسات العلمية الغربية، وكذلك مؤسسات الإعلام، تتفاخر بموضوعيتها وانفتاحها على كافة الأفكار دون أي انحياز أو أحكام مُسبقة أو خضوع لرقابة من أي نوع. لكن رغم هذه الواجهة الجميلة التي يجاهدون في المحافظة عليها، لا يستطيعون إخفاء حقيقة أنه لم يظهر حتى هذه اللحظة في أي محطة تلفزيونية أي برنامج يفضح تفاصيل الهفوات والثغرات التي تعاني منها النظرية الداروينية، ولا يُسمح لأي عالِم معارض لهذه النظرية أن ينشر ورقة علمية مناقضة لها في أي وسيلة صحفية محترمة.

حتى أن الفيلم الوثائقي "الأصول الغامضة للإنسان"، لا يمكن اعتباره هجوماً مباشراً على الداروينية، بل مجرّد تقديم واستعراض دلائل ثابتة لا يمكن إنكارها، لكنها تتعرّض للتجاهل والإهمال من قبل أتباع المذهب الدارويني.

بالعودة إلى معاقل النزاهة العلمية والتفكير الحرّ: الصحافة الغربية، حيث يمكن إضافة حادثة أخرى بهدف الكشف عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه الأمور. كان "فورسن ميمز" Forest Mims صحفياً علمياً محترفاً، ولم يكن في أي وقت من الأوقات منحازاً أو مثيراً لجدال من أي نوع، ولهذا السبب تم دعوته للكتابة في القسم الأكثر شعبية من مجلة "ساينتيفيك أميريكان" Scientific American الواسعة الانتشار. فقبل العرض بكل سرور. لكن حسب أقواله، اكتشف رئيس تحرير المجلة، "جوناثان بيل" Jonathan Piel، بأنه يكتب في عدد من المجلات الدينية. فطلب من "ميمز" المجيء إلى مكتبه وواجهه بالسؤال: "..هل تؤمن بنظرية التطوّر؟.."، أجابه "ميمز": ".. لا.. وكذلك عالِم المستحاثات المشهور ستيفن جاي غولد لا يؤمن بها..". هذا الجواب لم يمنع رئيس التحرير من حرمان الصحفي من الكتابة في المجلة بعدها بفترة قصيرة. هذه الحملة الخفية الجارية بصمت وعلى نطاق واسع، والهادفة للمحافظة على هيبة النظرية الداروينية وسيطرتها المطلقة على العقول، منعت الكثير من المفكرين والعلماء المستقلين من إيصال أفكارهم وآراءهم للجماهير الواسعة.

قال "ريتشارد ملتون":
".. يسألني بعض الناس، كيف يمكنك انتقاد نظرية معيّنة طالما انك لا تستطيع استبدالها بنظرية أخرى؟.. وجوابي هو أنني لا أتقبّل ذلك.. وهذا يكفي. فإذا كان الإمبراطور مجرّداً من الثياب فالحقيقة بالتالي هي أن الإمبراطور مجرّداً من الثياب.. والذنب ليس ذنبي.. وإذا كان داروين على خطأ فلا بد من أن يتجرأ احدهم ليشير إليه بإصبعه.."


الأصل الغامض للإنسان

لقد أصبح يتوضّح لنا بجلاء أن مفهومنا التقليدي حول التاريخ البشري ليس مغلوطاً فحسب ولكنه بحاجة أيضاً لمراجعة شاملة. إن الدلائل على ذلك آخذة بالتراكم وتتعاظم لدرجة أنه لم يعد من الممكن تجاهله. في جميع أنحاء المعمورة، راحت المكتشفات الأثرية تظهر ما هو نقيض كامل للتصوّر التقليدي بخصوص الأصل البشري. ويبدو أن هناك ثورة فكرية في طور التشكّل، وتتبع طريقة مختلفة في النظر لأنفسنا ولأصولنا الحقيقية.

تم خلال القرنين الماضيين استخراج العديد من المكتشفات الأثرية التي لا تتوافق مع المقياس الزمني التقليدي لعصور ما قبل التاريخ. هذه المكتشفات والتي تدعى عامةً بـ"الغرائب الأثرية" تم تجاهلها في التقارير المكتوبة حول الموقع الأثري أو تركت مهملة في مستودعات المتاحف ليتراكم فوقها الغبار. لكن بجميع الأحوال فإن الحجم الهائل لتلك المكتشفات المقموعة والنوعية المميّزة لبعضها يدعو إلى إعادة النظر في العوالم التي سبقت عالمنا.

لازال الإجماع الأكاديمي يتفق على أن أسلاف الإنسان الحديث قد انحدروا قبل مليون سنة من الآن. أما الإنسان الحديث، أي "الهومو سابيان" homo sapiens، فلم يبرز ككائن متفوّق على سطح الكوكب إلا منذ 50.000 عام. ومنذ 10.000 سنة فقط، بدأ طريقه لصنع الحضارة. وهذا بشكل عام هو الخط الذي يسير عليه علماء الآثار التقليديون وعلماء الاجتماع الذين يدرسون مراحل التطوّر البشري. كل ذلك بالرغم من وجود كم هائل من الدلائل التي تشير إلى عكس ذلك.

ونحن طبعاً لا زلنا نستبعد أي حقيقة مناقضة للتوجّه العلمي الرسمي، لأننا لم نفكر يوماً بقراءة إحدى الدّراسات أو الكتب المنبوذة من قبل المؤسّسة العلميّة السّائدة ، ليس لأنَّ هذه الدّراسات غير صحيحة بل لأنّها تتناقض مع توجهات المؤسسة العلمية الرسمية، مثل كتاب "علم الآثار المحظور" Forbidden Archeology 1993، للمؤلفان: "مايكل كريمو" Michael Cremo، وريشارد ثومبسون Richard Thompson، اللذان أوردا، في ما يقارب 900 صفحة، عدد كبير من الدلائل والبراهين والأوراق الموثّقة وبقايا عظام إنسانيّة، بالإضافة إلى أدوات ومصنوعات وغيرها من آثار تشير إلى أنّ بشراً مثلنا (يشبهونا تماماً) عاشوا على هذه الأرض منذ ملايين السّنين! وقدّم الكاتبان إثباتات مقنعة تدلّ على أنََّ المؤسَّسة العلميّة قامت بإخماد وقمع وتجاهل هذه الحقائق تماماً! لأنّها تتناقض مع الرؤية العلميّة المعاصرة تجاه أصول الإنسان ومنابع ثقافاته ومعتقداته.

يقترح الكاتبان وجود كم هائل من الدلائل القوية التي تثبت بأن بشراً عصريين كانوا موجودين في كل من الفترة "البلوسينية" Pliocene، "الميوسينية" Miocene، وحتى في الفترة "التيرتيارية" Tertiary، أي قبل ظهور أي قرد أو ما شابه من أسلاف مُفترضة بملايين السنين. مُعظم الاكتشافات تمت على يد علماء محترمين برزوا في القرنين التاسع عشر والعشرين، وقبل أن تم وضع "الجدول الزمني العام" لمسيرة التطوّر البشري وفُرض على الجميع الالتزام به. كتب "كريمو" و"ثومبسون" يقولان:

".. هذه الاكتشافات ليست معروفة جيداً، حيث تم نسيانها من قبل العلم عبر العقود الطويلة أو، في حالات كثيرة، تم إبعادها من تحت الأضواء بفعل منظومة "تصفية المعلومات غير المناسبة". فكانت النتيجة أن الطلاب الحديثين في مجال دراسة المستحاثات البشرية paleoanthropology لم يتعرفوا على كامل طيف الدلائل الأثرية المتعلقة بأصول الإنسان وتاريخه. وبدلاً من ذلك، يتعرّف معظم الناس، بما فيهم الخبراء والعلماء، على مجموعة دلائل مُنتقاة بعناية بحيث تناسب القصة التي يرويها العلم المنهجي، أي ظهور كائنات شبه بشرية تطوّرت من كائنات مشابهة للقرود في أفريقيا خلال بدايات الفترة البليوسينية Pleistocene، وأن الإنسان الحديث تطور في النهاية من تلك الكائنات شبه البشرية في أواخر الفترة البليوسينية، ربما في أفريقيا أو مكان آخر في العالم.."

لقد تفحّص الكاتبان بقايا أثرية حديثة الاكتشاف، واستعرضوا كيف يمكن لمفاهيم وتصوّرات نظرية متحيّزة أن تحكم عملية قبول أو رفض الدلائل وطريقة ترجمتها. توصّلا إلى أن أنواع مختلفة من الكائنات شبه البشرية وأشباه القرود كانت متعايشة معاً وبنفس الوقت وعلى مدى ملايين السنين الماضية.

لقد استجابت المؤسسة العلمية الرسمية بغضب شديد تجاه هذا التحدي السافر الذي أبداه كل من "كريمو" و"ثومبسون" للمعتقدات الراسخة بعمق في وجدان العلماء المنهجيين. وصف العالم الدارويني البارز "ريتشارد ليكي" Richard Leakey كتابهما بـ"الكلام الفارغ". أما المجلة العلمية المحترمة The American Journal of Physical Anthropology، فقد وصفت الكتاب على أنه "..بدعة هندوسية/تكوينية (أساطير هندية مخلوطة مع روايات سفر التكوين في الإنجيل).. مجرّد قصص أنثروبولوجية ماورائية تهدف للتشويق والإثارة... عبارة عن سخافات لا تستحق الاعتبار والاهتمام.."

الكاتبان لا ينكران تعاطفهما مع مؤسسة "باكتيفيدانتا" Bhaktivedanta الروحية، وهي فرع من الجمعية الدولية لـ"وعي كريشنا" Krishna Consciousness، والكثير من النقاد تهجّموا على الكتاب بناء على أساس الإيمان (الهندي) الذي ينتمي إليه مؤلفاه مما جعلهما، كما يزعم النقاد، غير مؤهلان لمناقشة الموضوع من موقع حيادي وغير متحيّز. لكن هذا الموقف غير عادل، حيث أن كافة المؤلفين، بما فيهم الداروينيين، لديهم ميول فلسفية معيّنة يمكنها التأثير على موضوعيتهم. مهما كان الأمر، من المفروض أن تنال كافة الدلائل والحجج القبول أو الرفض بناءً على أهليتها ومصداقيتها، فلا يمكننا رفض عمل معيّن بناء على الميول الفلسفية أو الأيديولوجية وحتى الدينية للمؤلفين والباحثين.

لم تكن ردود الفعل من العلماء الرسميين سلبية بالكامل، بل أدرك بعضهم جودة العمل والمهنية العالية التي اتصف بها الكتاب. كتب "ديفيد هيبيل" David Heppell من قسم التاريخ الطبيعي في المتحف الملكي باسكتلندا يقول:
".. إنه عمل شامل وتصف بدرجة عالية من الاحتراف والثقافة... إذا قبل أحدنا أم لم يقبل تلك الدلائل المُقدمة في الكتاب، فإنها تبدو بكل تأكيد وكأنه لم يعد هناك جدوى من تجاهلها.."

لقد صدر كتاب واحد على الأقل، كمحاولة جدّية من قبل أحد الداروينيين لدحض وتكذيب ما ورد في كتاب "علم الآثار المحظور"، لكن بدا واضحاً أن المؤلّف حاول فقط البحث عن الفجوات في بعض المسائل الواردة فيه، أما الأغلبية الباقية من الكتاب، فقد تركها دون أن يحرّك بها ساكناً.

معظم الدلائل الأثرية التي قدمها المؤلفان "كريمو" و"ثومبسون" في الكتاب كانت قد اكتُشفت بعد نشر كتاب "أصل الأجناس" The Origin of Species في العام 1859م. في ذلك الوقت، لم يكن هناك أي مستحاثات ذات أهمية سوى بقايا إنسان النياندرتال Neanderthal، كما أنه لم يكن هناك أي قصّة ثابتة حول أصل الإنسان لكي يُدافع عنها ضد أفكار داروين. وكنتيجة لهذا الأمر، كافة الاكتشافات التي بلّغ عنها العلماء الرسميون والمناقضة للداروينية لم تجد طريقها إلى صفحات المجلات الأكاديمية المحترمة. مُعظم المُستحاثات واللُقى الأثرية، التي تُعتبر "شاذة" بالنسبة للمنهج الدارويني، قد تم استخراجها قبل اكتشاف "يوجين دوبوا" Eugene Dubois المزعوم لرجل "جافا" Java man عام 1891 ـ 1892م.

لقد قام "دوبوا" بتصنيف رجل "جافا" وفق المصطلح "بيثكانثروبوس أركتوس" Pithecanthropus erectus، معتقداً بأنه يمثّل صلة الوصل بين القرود وفصيلة الـ"هومو" Homo (أسلاف الإنسان المباشرون)، لكنه اليوم يُصنّف بأنه يمثّل مخلوق الـ"هومو أركتوس" Homo erectus.

تم إيجاد رجل "جافا" في طبقات أرضية تعود للفترة البليوستينية المتوسطة Middle Pleistocene وقُدر عمره بحوالي 800 ألف سنة. لقد أصبح الاكتشاف نقطة علام تاريخية. وبالتالي، أصبح العلماء يرفضون تقبّل أي مستحاثات أو لُقى أثرية تابعة للإنسان العصري في طبقات أرضية متساوية أو أكثر عمقاً من تلك التي وُجد فيها رجل "جافا". وإذا أتوا على هكذا اكتشافات وجهاً لوجه، فسوف يحكمون فوراً بأن هذا مستحيل ويبحثون عن طريقة للتخلّص من هذا الاكتشاف "الشاذ" فيقررون بأنه مجرّد وهم، أو تزوير، أو حصل نتيجة خطأ ما في التقييم العلمي، أو غيرها من حجج وأعذار مختلفة يتم تسويقها حسب الحالة والظرف.

في العام 1884م، كتب عالِم الأنثروبولوجيا "أرماند دي كواتريفغ" Armand de Quatrefages يقول: ".. يبدو أن الاعتراضات على وجود الإنسان في الفترتين "البليوسينية" Pliocene و"الميوسينية" Miocene تتعلّق باعتبارات نظرية أكثر من كونها ملاحظات ميدانية مباشرة.."وقد عبّر العالِم "ألفرد ولاس" Alfred Wallace عن امتعاضه من حقيقة أن الدلائل على وجود إنسان حديث في المرحلة "الترتيارية" Tertiary تتعرّض دائماً للهجوم الشرس وبواسطة كافة الأسلحة المتوفرة بما في ذلك الشكّ المهين، والاتهامات الجارحة، والسخرية الوقحة.

في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، اكتشف عدد من العلماء عظام مكسورة ومحززة وكذلك مصنوعات صدفية تشير إلى وجود إنسان عاقل في كل من الفترة "البليوسينية" Pliocene، "الميوسينية" Miocene، وحتى في فترات أبكر بكثير. أما منتقدو هذه الاكتشافات، فيقترحون بأن علامات وآثار الحفر والتحزيز هي ناتجة من أفعال عفوية سببتها الكائنات المفترسة أو ربما الضغوطات الجيولوجية. لكن الداعمين للاكتشافات قدموا حجج وبراهين مفصّلة تثبت أنها مصنوعات بشرية. كما أن العلماء استخرجوا كميات كبيرة من ما يفترضون بأنها أدوات وأسلحة حجرية. وقد تم التبليغ عن هذه الاكتشافات في المجلات العلمية المحترمة وحصلت نقاشات كثيرة حولها في المؤتمرات العلمية البارزة، لكن اليوم بالكاد يسمع عنها أحد. النظرة السائدة نقول بأن "أشباه القرود" الذين عاشوا في أواخر وأواسط الفترة "البليوسينية" كانوا مجرّد مخلوقات "أوسترالوبيثاكية" australopithecines بدائية جداً لدرجة أنها تعجز عن صنع الأدوات الحجرية.

الشكل في الأعلى يحتوي على نماذج أدوات حجرية اكتُشفت على يد العالِم "أ.روتو" A. Rutot عام 1970م، تحت طبقات رملية تعود للفترة "الأوليجوسينية" Oligocene في بلجيكا.(قم بمقارنتها مع الأدوات في الشكل التالي)

أدوات حجرية مصنوعة من قبل الشعوب البدائية التي قطنت في "تاسمانيا" Tasmania (أستراليا) منذ فترات تاريخية قريبة. من الواضح أنها تشبه تماماً الأدوات في الشكل السابق. مما يدلّ على أن تلك الأدوات التي اكتُشفت في فترات جيولوجية سحيقة لم تتشكّل نتيجة عوامل طبيعية.

لقد استعرض كل من "كريمو" و"ثومبسون" كيف أن علماء المستحاثات البشرية العصريين يتعاملون مع الدلائل الأثرية بازدواجية المعايير. فإذا توافق أحد الاكتشافات مع النظرية القائمة، فسوف يتم قبولها بسهولة ويسر، بينما إذا تم اكتشاف دلائل أثرية "شاذة"، فسوف يخضعونها لفحوصات دقيقة ونتائج هذه الفحوصات تكون معروفة مسبقاً: سوف لن تُعتبر اكتشافات حقيقية!

وقد جذب المؤلفان الانتباه نحو الممارسة المضللة وغير الصادقة خلال تحديد التاريخ مورفولوجياً. أي أنه، إذا تم اكتشاف "شبه بشري" قريب للإنسان، وبنفس الوقت اكتُشف "شبه بشري" قريب للقرد في موقعين مختلفين لكنهما ينتميان لنفس الفترة الجيولوجية، البليوسينية الوسطى مثلاً، فسوف يمنحون الموقع الذي يحتوي على بقايا "شبه بشري" القريب للقرد تاريخاً أقدم من الموقع الآخر. ثم يتم إظهار المخلوقين المكتشفين في الكتب المدرسية على أنهما يمثلان دلائل ثابتة على التطوّر التدريجي المتسلسل! هذه الممارسة الجارية على نطاق واسع تساهم في تحريف المعلومات الحقيقية التي توفرها المستحاثات والبقايا الأثرية.

فيما يلي مجموعة اقتباسات من كتاب "علم الآثار المحظور" Forbidden Archeology، حيث يوفّر حقائق أثرية كثيرة تثبت حقيقة أن الإنسان العصري كان، بطريقة ما، يعيش على هذه الأرض في عصور جيولوجية غابرة تتجاوز مئات الملايين من السنين.





رد باقتباس