اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :108  (رابط المشاركة)
قديم 26.07.2012, 14:30
صور أسد الإسلام الرمزية

أسد الإسلام

عضو شرف المنتدى

______________

أسد الإسلام غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 02.05.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 171  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.11.2016 (20:06)
تم شكره 8 مرة في 7 مشاركة
افتراضي


أما عن الجزية في الإسلام و لماذا فرضت ؟ و متى فرضت؟ و ما معنى الصغار فى الآية ؟
أ- الجزية من جزى يجزى, إذا كافأ عما أسدى إليه, و هى مال يدفعه أهل الكتاب, و من يلحق بهم, إلى المسلمين مقابل حق أو خدمة أو واجب يقوم به الطرف الأخر .
ب- لماذا فرضت؟ ذلك أن أهل الكتاب هم جزء من الدولة الإسلامية, يعيشون في كنفها, و يستمتعون بخيراتها, و الدولة الإسلامية عليها أن تكفل لهم الحماية و الأمن و سبل المعيشة الكريمة .

فضلا عن أن المسلم يقوم بواجب الجهاد, دفاعا عن البلاد, فالجزية جزاء حمايتهم و كفايتهم, فهم يكفون مؤنة القتال مع المسلم, فالدولة الإسلامية لها حدود و ثغرات, و تحتاج إلى مقاتلين يدافعون عنها و يحافظون على حدودها, و يؤمنون أهلها, و الذي يقوم بهذا الدور إنما هم المسلمون , لأنهم يؤمنون بمبدأ دولتهم , و يعلمون أن الجهاد فرض عليهم , و يعلمون ما للجهاد من فضل يزيد عن أجر صائم النهار و قائم الليل , فهم يجاهدون عن عقيدة , و ليس ثمة شئ من هذا لدى أهل الكتاب , لذا لا يجبرهم الإسلام على أن يقاتلوا مع المسلمين , و كيف يجبر الإسلام أناسا يحملون أرواحهم على أكفهم فى سبيل دين لا يؤمنون به , و بمبادئ لا يعتنقونها ؟!! و من ثم خفف عنهم عبء القتال بأنفسهم , فبقى المقابل أن يقدموا شيئا من أموالهم فى سبيل حماية الدولة التى يعيشون فى كنفها و ظلالها .

هذا .. و يوم أن تتاح الفرصة لأهل الكتاب أن يقاتلوا مع المسلمين , فإذا الجزية تسقط عنهم , لأنها شرعت في مقابل الدفاع عنهم , فيوم أن يقوموا بواجب الدفاع عن أنفسهم مع الدولة الإسلامية الكبرى التى يعيشون فى ظلالها , فان الجزية تسقط عنهم .

كما أنه من أسباب فرض الجزية على أهل الكتاب تحقيق العدل بين أفراد الدولة الإسلامية , مسلمين و غير مسلمين , إذ تقدم لهم الدولة الامتيازات المطلوبة للحماية و الخدمة و سبل الحياة الكريمة فهي تفرض على المسلمين أن يقدموا الزكاة , و على الذين أعطوا من أرضها أن يقدموا الخراج , و أما الذين لم تفرض عليهم الزكاة , و لم يجب فى حقهم الخراج , أن يعطوا الجزية .

إذا كما أنه مفروض على المسلم أن يزكى , فمفروض على أهل الكتاب أن يعطوا الجزية .

فلما كانت الزكاة عبادة و قربى إلى الله - عز و جل - لا تصح إلا من مسلم , كان البديل عن الزكاة فى حق أهل الكتاب هو إعطاء الجزية .
ج - متى فرضت ؟ يعترف أحد كبار النصارى , المدعو " جورجى زيدان " بأن الجزية ليست من محدثات الاسلام , بل هى قديمة من أول عهد التمدن القديم , و قد وضعها يونان أثينا على سكان سواحل آسيا الصغرى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد , مقابل حمايتهم من هجمات الفينيقيين , و فينيقية يومئذ من أعمال الفرس , فهان على سكان تلك السواحل دفع المال فى مقابل حماية الرؤوس .

و الرومان وضعوا الجزية على الأمم التى أخضعوها , و كانت أكثر بكثير مما وضعه المسلمون بعدئذ , فان الرومان لما فتحوا ( فرنسا ) وضعوا على كل واحد من أهلها جزية يختلف مقدارها ما بين 9 جنيهات , و 15 جنيها فى السنة , أو نحو سبعة أضعاف جزية المسلمين .
و كانت تؤخذ من الأشراف, عنهم و عن عبيدهم و خدمهم . و كان الفرس أيضا يجبون الجزية من رعاياهم . ( تاريخ التمدن الإسلامي , جورجى زيدان , ج 11 - بتصرف - )

فماذا عن الجزية فى الإسلام ؟
لقد كان النبي يقدرها بحسب الأحوال , و على مقتضى التراضى الذى كان يقع بين المسلمين و أعدائهم ... في الوقت الذى لا يؤخذ شئ من النساء و الصبيان , و لا من أهل العاهات , فلا تؤخذ من مجنون , و لا من مريض مرضا غالبا , و لا من كبير فى السن , و لا من عبد , و لا من الرهبان و نحوهم .

و كثيرا ما كانت تقدر الجزية باعتبار ما يبقى فى أيدى الناس من دخلهم بعد نفقاتهم و جاء فى حديث النبى ما يقدر قيمتها ( أن على كل حالم ( بالغ ) دينارا )( أخرجه أبو داود فى الزكاة ( 1576 ) و الترمذى ( 623 ) و النسائى فى الزكاة ( 2449 ) و ابن ماجة فى الزكاة ( 1803 ) ) , أو عدل ذلك .

و قيمة الجزية يمكن أن تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة , و الأشخاص و الأحوال , و الأمر فى ذلك واسع , و لكن شرطها يجب ألا يكلف أحد فوق طاقته , و قد يكون الدينار فوق طاقة البعض , بل ان الفقير منهم اذا احتاج يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم, كى يعيش معيشة تتوافر فيها كفايته , كما فعل عمر بن الخطاب مع اليهودى المسن الأعمى - اذ رآه يتكفف الناس, فسأله: مالك, قال: ليس لى مال, و ان الجزية تؤخذ منى - و فى رواية قال: من أى أهل الكتاب أنت ؟ فقال : يهودى , قال : فما ألجأك الى ما أرى ؟ قال: أسأل الجزية و الحاجة و السن , فأخذ عمر بيده , و ذهب به الى منزله فأعطاه مما وجده , ثم أرسل به الى خازن بيت المال, و قال له, أنظر هذا و ضرباءه , فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم, أو نأخذ منه الجزية عند كبره, قال تعالى:
( إنما الصدقات للفقراء و المساكين ) - التوبة : 60 - و الفقرء هم الفقراء المسلمون, و هذا من المساكين من أهل الكتاب , ثم وضع الجزية عنه وعن ضربائه .

و فى رحلته الى دمشق أيضا أمر عمر بن الخطاب بعياله المقعدين من أهل الذمة من بيت المال . و بيت مال المسلمين لم يكن أعز عند عمر بن عبد العزيز من ذمى يسلم , و قد شكا اليه بعض الولاة افقار بيوت الأموال من اقبال أهل الذمة على الاسلام ليسقط عنهم الجزية , فكتب اليهم عمر يلومهم على الشكوى و يقول : ان الله أرسل محمدا هاديا و لم يبعثه جابيا !! و لم يكن اقبال أهل الذمة على الاسلام الا لأنه رد اليهم ذواتهم التى كانوا فقدوها فى الشرك و الوثنية و لو كان الاسلام سلبا للذوات لظلوا على عداوته و ما قبلوا دعوته , و لكن المسافة لم تكن بين الذمية و الاسلام فى كثير من الأحيان الا مسافة التجربة و الاختلاط , ثم يقبل الذمي على الاسلام مخلصا موفقا .
يذكر التاريخ - من مواقف الاسلام المشرفة - أنه حين فتح أبو عبيدة بن الجراح الشام , و أخذ الجزية من أهلها الذين كانوا يومئذ ما يزالون على دينهم , أشترطوا عليه أن يحميهم من الروم الذين كانوا يسمونهم الخسف و الاضطهاد , و قبل أبو عبيدة الشرط , و لكن هرقل أعد جيشا عظيما لاسترداد الشام من المسلمين , و بلغت الأنباء أبو عبيدة , فرد الجزية الى الناس و قال لهم : لقد سمعتم بتجهيز هرقل لنا و قد اشترطتم علينا أن نحميكم و انا لا نقدر على ذلك , و نحن لكم على الشرط ان نصرنا الله عليهم . ( فتوح البلدان للامام أبى الحسن البلاذرى , و الدعوة الى الاسلام / توماس أرنولد )

انه حدث فريد فى التاريخ , قائد جيش فاتح منتصر يأخذ الجزية من أهل البلاد المفتوحة , ثم يردها اليهم بأى حال من الاحوال , و لم يكن أبو عبيدة يصنع ذلك رجاء مصلحة بعيدة يقدرها , و يضحى فى سبيلها بالمصلحة القريبة , كلا فما كان عنده يقين بأن ينتصر على جيش هرقل الجرار , و تعبيره واضح جدا ( انا لا نقدر على ذلك ) , و انما ينطلق من مبدأ الوفاء بالمواثيق , و أخلاق الاسلام , و لذلك نصرهم الله , وراح الناس يعيدون الجزية راضية قلوبهم , ثم من بعد صاروا يدخلون فى دين الله أفواجا , اعجابا بهذا الدين الذى يُخَرجُ من هو على هذا الدين العظيم .
د- ما معنى الصغار الوارد فى الآية ( حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ) ؟
معناه هنا التسليم و القاء السلاح و الخضوع لحكم الدولة الاسلامية و اعترافهم بالوضع الاسلامى و الرضوخ له , من باب الآية الكريمة ( و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين ) - المنافقون : 8 - , أى أن يعترفوا بعزة الاسلام و دولة المسلمين .
و ينبغى أن لا يفهم الصغار هنا بمعنى الهوان و الذلة و الاهانة لهم , أو الزراية عليهم , أو الشماتة فيهم , أو ظلمهم أو ايذائهم , أو التكليف فوق طاقتهم , أو عقوبة لهم , فان كل ذلك لا يتفق و سماحة الاسلام و عظمته و ما عرف من حسن معاملة الرسول و صحابته لأهل الذمة .
و لو أن المسلمين الأُول فعلوا ما قاله أولئك الذين لم يفهموا روح الاسلام , لانفض الناس من حولهم , و لما دخل فى الاسلام هذا الجمع الغفير الذى لم يدخله الا عن اقتناع منه برحابة صدره , و سماحة تعاليمه , و عدالته مع أتباعه و غير أتباعه , و نظرته الى الكل نظرة بر و عدل و احسان .

و من يقرأ بتدبر و امعان ما كتبه ابن القيم فى كتابه ( أحكام أهل الذمة ) عن الجزية يرى عظمة الإسلام و سماحته فى معاملة الذميين .
و قد أورد النهى عن التشديد على أهل الذمة فى الجزية و الخرج و الحث على الرفق و اللطف بهم فى كل حال , و أن لا يكلفوا ما لا يطيقون , و أمر عمر ألا يكلفوا فوق طاقتهم , و أن لا يلزموا من مال ما لا يطيقونه , و لا يجوز أن ينادى على أملاكهم للبيع عوضا عن الجزية .
و قد كتب على بن ابى طالب الى بعض عماله : لا تبيعن لهم فى خراجهم حمارا و لا بقرة و لا كسوة , شتاء و لا صيفا , و لا رزقا يأكلونه , و لا دابة يعملون عليها , و لا تضربن أحدا منهم سوطا واحدا فى درهم , و لا تقمه على رجله فى طلب درهم , و لا تبح لأحد منهم عرضا فى شئ من الخراج , فانما أمرنا أن نأخذ منهم العفو , فان أنت خالفت ما أمرتك به , يأخذك الله به دونى , و ان بلغنى عنك خلاف ذلك عزلتك .
مر عمر فى سفره الى الشام ببعض عماله و هو يعذب الذميين فى أداء الجزية , فقال : لا تعذب الناس , فان الذين يعذبون الناس فى الدنيا يعذبهم الله يوم القيامة .( الخراج لأبى يوسف - بتصرف ) و غير ذلك كثير .
فهل ينبغى بعد هذا كله - و هذا بعضه - أن يقال : ان الاسلام بأسلوب فرض الجزية على أهل الكتاب يكرههم على التحول عن دينهم الى الاسلام , أو أراد اذلالهم , أو ظلمهم.
المصدر: د/ عمر بن عبد العزيز, آيات مظلومة بين جهل المسلمين و حقد المستشرقين, ص 189- 196 .

تم, الحمد لله رب العالمين.





المزيد من مواضيعي


توقيع أسد الإسلام


"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ"


رد باقتباس