اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :106  (رابط المشاركة)
قديم 26.07.2012, 14:26
صور أسد الإسلام الرمزية

أسد الإسلام

عضو شرف المنتدى

______________

أسد الإسلام غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 02.05.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 171  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.11.2016 (20:06)
تم شكره 8 مرة في 7 مشاركة
افتراضي


يقول الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق: (فكان الجهاد مشروعاً في الشريعة الموسوية على طريق هو أشنع أنواع الظلم عند منكري النبوة، ولم تبق مشروعيته في الشريعة العيسوية، وما كان بنو إسرائيل مأمورين بالجهاد قبل خروجهم عن مصر، وصاروا مأمورين به بعد خروجهم، وعيسى عليه السلام يقتل الدجال وعسكره بعد نزوله. كما هو مصرح به في الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي، والباب التاسع عشر من المشاهدات. وكذا لا يشترط أن تكون معاملة تنبيه الكفار والعصاة على طريقة واحدة كما علمت في الأمر الأول، فلا يجوز لمن يعتقد النبوة والوحي أن يعترض في مثل هذه الأمور على شريعته، فلا يجوز له أن يقول أن إهلاك كل ذي حياة غير أهل السفينة في طوفان نوح عليه السلام، وإهلاك أهل سادوم وعامورة ونواحيهما في عهد لوط عليه السلام، وإهلاك كل ولد أكبر من أولاد الإنسان والبهيمة من أهل مصر، ليلة خروج بني إسرائيل عنها في عهد موسى عليه السلام، كان ظلماً سيما إهلاك ألوف في حادثة الطوفان، وإهلاك ألوف في الحادثتين الأخيرتين من أولاد الإنسان الصغار، وأولاد البهيمة التي هي ما كانت مدنسة بذنب من الذنوب. وكذا لا يجوز أن يقول أن قتل الأمم السبعة كلها بحيث لا تبقى منهم بقية ما سيما قتل أولادهم الصغار الذين ما كانوا اقترفوا ذنباً ظلم، أو أن يقول أن قتل الرجال وسبي الذراري ونهب الأموال من غير الأمم السبعة، أو أن قتل ذكور المديانيين كلهم حتى الطفل الرضيع، وكذا قتل نسائهم الثيبات كلها وإبقاء الأبكار لأجل أنفسهم، ونهب الأموال والدواب ظلم، أو أن يقول أن جهادات داود عليه السلام، وجهادات سائر الأنبياء الإسرائيلية عليهم السلام، أو أن ذبح إيليا عليه السلام أربعمائة وخمسين رجلاً من أنبياء بعل، أو أن قتل عيسى عليه السلام بعد نزوله الدجال وعسكره ظلم، لا يجوز العقل أن يفعل اللّه أو يأمر أحداً بأمثال هذا الظلم، وكذا لا يجوز أن يقول أن قتل الذابح للأوثان، وكذا قتل من يرغب إلى عبادة غير اللّه، وكذا قتل أهل القرية كلها إذا ثبت منهم الترغيب، وكذا قتل موسى عليه السلام ثلاثة وعشرين ألفاً من عبدة العجل، وكذا قتل موسى عليه السلام أربعة وعشرين ألفاً من الذين زنوا ببنات مواب وسجدوا لآلهتهن ظلم شنيع، وفي هذه الأحكام إجبار بأن يثبت الإنسان على الشريعة الموسوية لأجل خوف القتل والرجم، وظاهر أن الإيمان القلبي لا يمكن أن يحصل بالإجبار بل يستحيل أن يحصل للإنسان محبة اللّه أيضاً بالإجبار. فأمثال هذه الأحكام لا تكون من جانب اللّه، نعم من لا يكون معتقداً بالنبوة والشرائع، ويكون ملحداً وزنديقاً وينكر أمثال هذه الأمور لم تستبعد منه، لكنا لا كلام لنا معه في هذا الكتاب، بل كلامنا فيه مع المسيحيين عموماً وعلماء بروتستنت خصوصاً.

أن حكم الجهاد في الشريعة المحمدية هكذا يدعى الكفار أولاً بالموعظة الحسنة إلى الإسلام، فإن قبلوه فبها ويكونون كأمثالنا، وإن لم يقبلوا فإن كانوا من مشركي العرب فحكمهم القتل، كما كان هذا الحكم في الشريعة الموسوية في حق الأمم السبعة والمرتد والذابح للأوثان والداعي إلى عبادتها، وإن كانوا من غيرهم يدعون إلى الصلح بقبول الجزية والإطاعة، فإن قبلوا صارت دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا، وإن لم يقبلوا فيحاربون، مع مراعاة الشروط التي هي مصرح بها في كتب الفقه. كما كان مثله في الشريعة الموسوية في حق غير الأمم السبعة.

وأنقل كتاب خالد بن الوليد رضي اللّه عنه إلى رئيس عسكر فارس وكتاب الأمان من عمر رضي اللّه عنه لنصارى الشام ليظهر الحال على الناظر اللبيب. أما الأول فصورته هكذا: (بسم اللّه الرحمن الرحيم من خالد ابن الوليد إلى رستم ومهران في ملأ فارس. سلام على من اتبع الهدى أما بعد: فإنا ندعوكم إلى الإسلام فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، فإن أبيتم فإن معي قوماً يحبون القتل في سبيل اللّه، كما يحب فارس الخمر. والسلام على من اتبع الهدى).

وأما الثاني فصورته هكذا: (بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد اللّه عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أماناً لأنفسهم وكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبرها وسائر ملتها، أنها لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينقص منها ولا من صلبانهم ولا شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم ولا يسكن إيلياء أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعتهم وصليبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعتهم وعلى صليبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان فيها من أهل الأرض، فمن شاء منهم قعدوا عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء رجع إلى أرضه وأنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد اللّه وذمته وذمة رسوله صلى اللّه عليه وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك من الصحابة رضي اللّه عنهم خالد بن الوليد رضي اللّه عنه وعمرو بن العاص رضي اللّه عنه وعبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي اللّه عنه) وكل الناس يعترفون أن أمير المؤمنين عمر رضي اللّه عنه كان شديداً في الإسلام في غاية الشدة، وكان جهاد الشام من أعظم جهاداته وكان جاء بنفسه الشريف عند محاصرة إيلياء، ولما تسلط على إيلياء وقبل المسيحيون الجزية ما قتل أحداً ولا أكره على الإيمان وأعطاهم شروطاً حسنة، وقد اعترف به مؤرخوهم ومفسروهم أيضاً، كما عرفت من كلام طامس نيوتن في الفصل الثالث من الباب الأول، وقد عرفت في الأمر الرابع من هذا المبحث من كلام المفسر المذكور ما فعل المسيحيون في حق المسلمين واليهود إذ تسلطوا على إيلياء.

والفرق بين الشريعة المحمدية والموسوية في مسألة الجهاد أن الشريعة المحمدية أن يدعى الكافر فيها:
أولاً: بالموعظة الحسنة إلى الإسلام بخلاف الشريعة الموسوية وظاهر أنه لا قبح في هذه الدعوة، والامتناع بعد الإيمان عن القتل عين الإنصاف.. في الآية الحادية عشر من الباب الثالث والثلاثين من كتاب حزقيال: (يقول الرب الإله لست أريد موت المنافق بل أن يتوت المنافق من طريقه). والآية السابعة من الباب الخامس والخمسين من كتاب أشعيا هكذا: (فليترك المنافق طريقه ورجل السوء أفكاره، وليرجع إلى الرب فيرحمه وإلى آلهنا لأنه كثير الغفران).

والثاني: أنه كان حكم قتل النساء والصبيان إذا كانوا من الأمم السبعة في الشريعة الموسوية، بخلاف الشريعة المحمدية، فإن هؤلاء لا يقتلون وإن كانوا من مشركي العرب، كما كانوا لا يقتلون في الشريعة الموسوية أيضاً إذا كانوا من غير الأقوام السبعة.

لا شناعة في مسألة الجهاد الإسلامي نقلاً وعقلاً. أما نقلاً فلما عرفته في الأمور المذكورة وأما عقلاً فلأنه قد ثبت بالبرهان الصحيح أن إصلاح القوة النظرية مقدم على إصلاح القوة العملية فإصلاح العقائد مقدم على إصلاح الأعمال، وهذه مقدمة مسلمة عند كافة الملبين، ولذلك لا تفيد الأعمال الصالحة بدون الإيمان عندهم. ولا يعاندنا المسيحيون أيضاً في هذا الباب لأن الأعمال الصالحة بدون الإيمان بالمسيح لا تنجي عندهم أيضاً. وأن الجواد الحليم المتواضع الكافر بعيسى عليه السلام أشر عندهم من البخيل الغضوب المتكبر المؤمن بعيسى عليه السلام. وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن الإنسان قد تنبه على خطأه وقبحه بتنبيه الغير، وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن الإنسان لا يطيع الحق غالباً لأجل وجاهة قومه وشوكتهم، ولا يصغي إلى قول رجل من صنف آخر بل يأنف من سماع كلامه، سيما إذا كان هذا القول مخالفاً لطبائع صنفه وأصولهم، ويكون في قبوله لزوم المشقة في أداء العبادات البدنية والمالية بخلاف ما إذا انكسرت وجاهة قومه وشوكتهم فلا يأنف من الإصغاء، وكذا قد ثبت بالتجربة أن العدو إذا رأى أن مخالفه مائل إلى الدعة والسكون يطمع في التسلط على مملكته).
المصدر: كتاب إظهار الحق رحمة الله الهندي, ج 4 ص ص 1256ـ 1306.





المزيد من مواضيعي


توقيع أسد الإسلام


"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ"


رد باقتباس