اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :506  (رابط المشاركة)
قديم 21.06.2012, 09:35
صور pharmacist الرمزية

pharmacist

عضوة مميزة

______________

pharmacist غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 28.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.814  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.10.2021 (12:19)
تم شكره 328 مرة في 292 مشاركة
افتراضي


انه “ لم يسمع ” يا سيدي

يقول كاتبها :

ابني عمر ذو السنوات السبع ..
منذ أن بلغ الرابعة حرصت على أن يقوم ببعض الأشياء البسيطة بمفرده ..
أن يتناول طعامه دون مساعدة احد .. وان يحاول ارتداء ملابسه كذلك دون طلب تدخل احد ..
وعندما كنا نسير في الشارع كان يسعى لان يمسك بيدي فاتركه قائلا
” لقد كبرت يا عمر ويمكنك أن تسير في الشارع بمفردك ”
وكنت اتركه مترقبا ماذا يفعل وكأنه يسير وحيدا .. وأقوم بإرشاده بين الحين والآخر
” أن تسير محاذيا للرصيف وان تنظر يمينا ويسارا ”
وهكذا كنت حريصا على أن يشعر بالاستقلالية والمسئولية ..

رغم معارضة بعضهم على انه ما زال صغيرا ..
إلا أنني كنت أصر دائما على أن اردد أمامه ” لقد كبرت يا عمر ” .
عندما بلغ السادسة من عمره كنت اختبر معلوماته فاطلب منه أن يذكر لي أسماء أربعة أنواع من أية سلعة
قد حرصت على أن ترتبط معلوماته بالواقع فيربط بينهما في ذهنه ..
وعندما نذهب معا إلى الـ ” سوبر ماركت ” كنت أجده يسجل في ذاكرته أنواع جديدة من أية سلعة
انتظارا لسؤالي عنها فيما بعد ……

عمر الآن في السابعة .. شجعته على أن يمارس الرياضة .. أية رياضة .. كنت احلم به بطلاً ..
ولكنني خفت من انعكاس ذلك عليه فيسبب له ضغطا عصبيا وتوترا ..
أقنعت نفسي ” إن ممارسة الرياضة فقط تكفى ”
اختار عمر الاشتراك في رياضة العاب القوى ” العدو ”
وبدأ في التدريب مع أقرانه فكنت أتابع أخبار التدريب بين الحين والآخر ..

بادرني ذات يوم قائلا ” توجد مسابقة في النادي مخصصة لمن هم بعمر عشر سنوات
ويمكن الاشتراك فيها لمن هم في سن اقل وان عددا من أعضاء فريقي سوف يشاركون , فهل أشارك؟
” أجبته قائلا ” لابد أن تكون الرغبة في الاشتراك من داخلك أنت .. انه قراراك أنت وليس قراري أنا ”
وتابعت قائلا ” ولكنك إذا قررت الاشتراك في السباق عليك أن تضاعف من ساعات التدريب ”
ثم قررت مفاجأته فقلت ” إذا اشتركت – مجرد الاشتراك – في السباق سوف اكأفك مكافأة قيمة ”
قرر عمر الاشتراك في السباق ..واصل تدريبه المكثف متحمساً ..
كنت أخشى عليه من الفشل فى تجربة هي الأولى له .. سوف يكون تأثير الفشل اكبر وأعمق أثرا ..
” لا يهم يا عمر أن تفوز بالمراكز الأولى .. يكفيك فقط أن تخوض التجربة ”
” إذا حلمت بالفوز تأكد انك ستحققه “..
ومع اقتراب موعد السباق كنت اشعر برهبة وخوف شديدين ..
ليس من عدم الفوز .. ولكن من تداعيات عدم الفوز .
جاء يوم السباق .. امتلآ ” مضمار السباق ” بحشود كبيرة من أهالي المتسابقين ..
وقد سمعت احدهم قائلا ” إن السباق يفوق قدرات الأولاد تماما ” عندما سمعت ذلك قررت تنفيذ شيئا ما ..
رأيت التوتر باديا على عمر ناديته قائلا ” اسمعني جيدا يا عمر ونفذ ما أقوله لك بالحرف ..
عندما تقف على خط البداية قبل بدء السباق أغمض عينيك .. خذ نفساً عميقا ..
تخيل انك قد وصلت إلى خط النهاية .. وانك تحمل كأس البطولة ..
اسمع فى خيالك تصفيق وآهات كل هؤلاء .. ركز مجهودك وطاقتك فى الجزء الأول من السباق ..
لا تنظر بجوارك ولا خلفك أبدا ” واقتربت من وجهه وفعلت شيئا ما ..
أبدى اندهاشه واستغرابه ولكنني لم اهتم .

وبدأ السباق

وقد رأيته يغمض عينيه فشعرت حينئذ بالاطمئنان .. وانطلق بكل قوته ..
كان اهالى المتسابقين يهللون فرحا وينادون بأسماء أولادهم
يشجعونهم ويبادلونهم النظرات والابتسامات ..
أما عمر فلم أجده سوى ناظرا أمامه وبقوة .
عندما انتصفت المسافة .. كان قد تعب من تعب .. وتراجع من تراجع .. وانسحب من انسحب ..
وانخفضت طاقة الكثيرين من المتسابقين .. وقد انعكس ذلك على أهليهم .. فقل التشجيع أو ندر ..
ومع انسحاب متسابق تلو الآخر انعكس ذلك فى إحباط أهليهم
فبدأ بعضهم يوجه عبارات التنديد والاستنكار للقائمين على أمر السباق
نظرا لطول المسافة مقارنة بقدرات وإمكانيات أولادهم ..
بل إن هناك من أطلق صفارات الاستهجان والاستنكار ملوحين بأيديهم معبرين عن اعتراضهم على ذلك
بل وازداد الأمر مع انسحاب معظم المتسابقين قبل الوصول إلى خط النهاية .

أما عمر فما زال منطلقا .. بكل قوة وحماس .. ومعه ثلاثة فقط .. كانوا يفوقونه سناً وتدريباً .
انتهى السباق .. استمر عمر حتى النهاية .. وهذا بالنسبة لي يكفى .. فاز بالمركز الثالث ..
لاقى تحية كبيرة من المشجعين ممن ابدوا استغرابهم واندهاشهم من استمراره حتى النهاية
مقارنة بأولادهم الأكبر منه سناً والأكثر منه تدريباً ..
اقترب منى احدهم معبرا عن استغرابه أكثر من إعجابه متسائلا ” كيف حدث ذلك ”
أجبته سعيدا وكأني اكشف له سراً ” انه لم يسمع يا سيدي ”
إن معظم المتسابقين قد انسحبوا من السباق بعد أن سمعوا عبارات الاستهجان والاستنكار
والإشفاق عليهم من طول المسافة ..
لقد وضعت فى أذنيه قطناً جعله لا يسمع أي شئ مما يدور حوله ” فقد توقعت ما حدث وقد حدث .

كانت مكافأتي له أن اشتريت لوحتين فارغتين .. كتبت له على الأولى
” ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش ابد الدهر بين الحفر” ( أبو القاسم الشابي )
وعلى الثانية كتبت
” عليك أن تفعل الأشياء التي تعتقد انه ليس باستطاعتك أن تفعلها ” ( روزفلت ) ..

طلبت منه أن يعلق اللوحتين على جدران غرفته ..
وقد أبدى استغرابه من هذه المكافأة التي خالفت توقعاته
” عندما تكبر وتفهم معنى هاتين الجملتين ستعرف أنها مكافأة قيمّة حقا ”

وأنت أيضا – أيها الفاضل – عندما يشكك احدهم في قدراتك وإمكانياتك
وإصرارك على تحقيق هدف ما .. ضع في أذنيك قطنا .


منقول







توقيع pharmacist


رد باقتباس