اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :384  (رابط المشاركة)
قديم 12.02.2012, 12:36
صور pharmacist الرمزية

pharmacist

عضوة مميزة

______________

pharmacist غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 28.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.814  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.10.2021 (12:19)
تم شكره 328 مرة في 292 مشاركة
افتراضي


الجمال وحده لا يكفي


تروي إحداهن عن زوجها :


كنت أشعر أنني بعيدة عن فكره، أقيس الأمور بسطحية وسذاجة

حتى تشككت أن العاطفة قد نضبت من قلبه بعد استهلاك يومي رتيب، فهو شخصية ذات نسيج خاص،

ونمط لم أعرفه من قبل كنا في تضاد مستمر، أمام التلفزيون نتشاجر، ذوقه يناقض ذوقي،

أحب مشاهدة عروض الأزياء بينما يقلب القنوات بحثا عن البرامج العلمية والثقافية المملة

وأصر على موقفي، يرضخ مستسلما وهو يحدجني بعين لائمة متبرمة ويفر ذاهبا إلى مكتبه ليقرأ.

بعد أن طفح الكيل اشتكيت لأمي حياتي المتوترة، أعصابي المنهوكة,

النقص الذي تبرعم حتى كبر وحشا يقضم هيكل جمالي، كانت تشحنني ثقة وزهوا،

تسترد اعتبار هذا الجمال المهزوم بقوة قاهرة وتبرير حاسم

( فليحمد ربه ، متزوج من جميلة الجميلات ويتبطر على نعمة الله، تجاهلي حماقاته، انه رجل جاحد )

وامتثلت لنصيحة أمي وإذا به يبتعد ،

يصاحب روحه قلقا، لم تعد له طاقة على الإصغاء لي، أو الجلوس معي،

شعرت وكأني مذنبة اجترحت إثما لا يغتفر، في داخلي انكسار عميق،

وخذلان ساحق ,انشقت عن صدري زفره حارة.

وذات مساء..

كنا نشاهد برنامج ثقافي، كان يصغي بمجامع قلبه، مأخوذا لا يكاد يلتفت إلى ثرثرتي،

لم أعجب يوما بهذه البرامج إنها تسبب لي صداع، مجاملة ومراوغة ذكية لأجاذبه في مواضيع تخصني،

قلت له ( أراك معجب بهذه المذيعة؟)

هز رأسه بإيجاب

( فعلا، مدهشة بلباقتها، باهرة في ثقافتها حتى أنها تنسي المشاهد ثقل الوقت

لفرط حيويتها في ربط المحاورين بجاذب عجيب )

افتعلت ابتسامة مقهورة واستطردت بعد أن فكرت بنقيصة تردع فيه هذا الإبهار

( ولكنها قبيحة الشكل ومكياجها ثقيل )

ودون أن يلتفت إلي أردف :

( شكلها مقبول، لكنها مثقفة وواعية ولبقة )

سألت وكأنني متشككة بنفسي

( وأنا من أي صنف؟ دائما تنعتني بالجمود عندما أتباطأ في تلبية حوائجك اليومية؟ )

وعلى غير عادته أجلسني وقال لي باهتمام

( سأحدثك بقصة الأميرة، المدللة،المغرورة، التي كلما خطبها رجل هزأت به وسخرت منه

هذا بدين، ذاك قصير، لم يسلم أحد من نقدها الجارح حتى خطبها أمير وسيم

وعرف كيف يروض هذا الوحش المغرور في داخلها

تنكر لها بزي رجل فقير مهلهل الثياب مدعيا أنها هذه حقيقته الخافية،

علمها أن تصنع أواني من الفخار لتبيعها في السوق كي تساعده في المعيشة

وعندما تنتهي من صناعتها تجلس في السوق عارضه بضاعتها للبيع يأتيها على صهيل خيله ملثما

ودون أن تعرفه يحطم كل أوانيها وهكذا يعيد الكرة لأيام حتى أنهك قواها

مستفزا كل ما فيها من طاقة وصبر ).

طافت عيناي في وجهه متسائلة في صمت عن مغزى القصة

فاستطرد بهدوء :

( إنه أراد أن يحطم صنم جمالها وغرورها الذي استعبدها يوم كانت أميرة في قصر أبيها،

علمها الكفاح، العمل، المعاناة، كان يريد لزوجته أن تكون ذات شخصية وقيمة في الحياة،

والآية تنعكس عليك ، منذ أن تزوجنا لم أر لك هواية نافعة، اهتمام اجتماعي، ثقافة مفيدة، نشاط مميز،

لم تستهويك قراءة أخبار العالم في الصحف اللهم إلا المجلات التافهة تتصفحينها كألبوم صور

ثم ترمينها جانبا وأنت متبرمة.. لا تقرئين حتى مقالة واحدة،

صرت أتحرج من خروجك معي إلى هذه المجتمعات وأنت متوارية بخجل

خشية أن يسألك أحد فتقفي متلعثمة تتعثر الكلمات في حلقك،

متى تعرفين أن الجميلة والدميمة تفقدان تأثيرهما على الزوج مع الاعتياد والألفة،

فلكل جديد طربه، وقد تفتق انبهاري فيك على وجع دفين ومرارة،

حاولت أن أحارب هذا الإحساس وأصرفه عني وأكتفي بأنوثتك ومظهرك

غلبتني الحقيقة فجوهرك ناضب، وفهمك قاصر، وكلماتك جافة، وأسلوبك فظ).


لما انتهى من كلامه غادرت الغرفة منقبضة، أثرثر لنفسي كمن بي مس، يصطخب صدري كالغلاية

وأفكر وأنا أذرف الدمع السخين أن أنفصل عنه،

عدت إليه بعد لحظات وأنا أرتعد كالإعصار وينطلق لساني كسيل لا يبقي ولا يذر

( طلقني.. إن اتهامك وتجريحك خنجران طعنا قلبي )

واسترسلت وأنا أرتعش برهبة

( سأسافر على أول طائرة عائدة إلى لأهلي )

( اعلم أن هناك طوابير من الرجال في انتظاري وقد قبلت بك وأنت دونهم حظا)

تفاجأت به يرد بصوت جهير وكأنه انتفض لكبريائه الجريح

( إذن..أنت طالق..المرأة التي تدوس كرامتي لا بقاء لها في حياتي اذهبي لعل طوابير العرسان في انتظارك)

وعدت وكل ذرة في وجهي تنطق أسى ومرارة،

ومع الأيام عادت الذكريات تداعب أفكاري وتهدهد صدري

باسل هو الرجل الذي شخصني عمقا وجوهرا لا مظهرا مسطحا،

خطبني الكثير وتودد لي أكثر وكنت أقارنهم بباسل وإذا بكفته الراجحة تزجرهم بكل قوة..

هو في شخصيته الفذة، وفكره الرصين، وسمته المهيب،

استجديته أن يعود وأبى رغم نبرة صوتي المخنوقة ،

وظل أمل العودة يجيش في صدري دون أن يداخلني اليأس،

تعاقبت علي الأيام وأنا أعجز ما أكون عن انتشال نفسي من هذه الهوة، فقررت أن أخطط لهذا الهدف،

واصلت تعليمي وقرأت ودخلت دورات تدريبية في المهارات والتنمية البشرية،

تهالكت على الكتب لأقرأ وأبحث بنهم يحدوني الأمل بالعودة إلى باسل

فقد تركته يصعد نحو مدارج الدكتوراه، وألهث وراء الأيام الصعبة بإرادة وعزم أكابد مع الزمن

من أجل أن أغرس في ذاتي معنى وقيمة،

تحجبت وأحسست بعد الحجاب أن لجمالي رونقا خاصا أحاطني بهالة من نور

دفع العيون الشرهة لأن تحجم خاسئة مدحورة.

وقصة الأميرة المغرورة مغروسة في ذاكرتي شاهد إثبات.

أثرتني الدورات النافعة في تصميم الديكور وتنسيق الزهور

ورحت أكتشف في داخلي طاقات زاخرة ومواهب دفينة، شعرت أن الحياة أجمل وأروع،

ذقت شهد العطاء، بعد مرارة الاستغراق في (الأنا )، وتفجرت أعماقي عن إبداعات مكنونة،

فنسيت المرآة محطة تستوقفني لساعات مكبلة بقيد الطين وشهقة الصلصال،

أتطلع اليوم إلى جمال أعمق بل أوفر في إثراء الحياة بمفاهيم مشعة بالنور والأمل.


رن هاتفي هذا الصباح

من تتوقعون المتصل؟!

هو !! ..

قال : ( معك الدكتور باسل )

ضجت أعصابي فرحا غامرا ،

ثم حسم أمره

( جئت لأطلب يدك ).

أجبته على الفور

( أنا وحقيبتي في انتظارك)

ومضى يحدثني

( أعجبت بالمعرض كثيرا )

قلت وأوتار صوتي ترتجف

( إن لي تصاميم رائعة، سأطورها لتكون على مستوى عالمي )

رق صوته فاختلجت نبرته :-

( كم أنا فخور بك )


( وأنا أشكرك لأن صفعتك الموجعة أيقظتني على حقيقة كنت أجهلها زمنا،

فالجمال وحده لا يكفي ما لم يكن مطعما بشذرات روح تضفي له ألقا ).


منقول









توقيع pharmacist


رد باقتباس