يعرف أن السبي في الاسلام ليس له الا طريقة واحدة الا و هي في الحرب و الغزو و الجهاد, فأن سالمت القرية أو البلد المسلمين فهي أمنة, أما اذا حاربوا المسلمين فبلدهم نهبة للمسلمين و نسائهم و صبيانهم فيء للمسلمين.
و يسأل سائل: لماذا بعد الفتح لا يترك المسلمين الناس في حالهم دون سبي أو غيره؟ فنقول بعون الله:
مما لا شك فيه أن في الحروب دائماً ما يكون الضحية الأكبر هم الرجال, و بالرغم من سقوط بعض النساء و الأطفال قتلى, عمداً أو خطأ فأن الرجال يشكلون العدد الأكبر من ضحاياها, و التي قد يفوق عددهم الالاف بل و أكثر.
و هذا مشاهد و مجرب في كل الحروب التي خاضها الانسان.
و في هذه الحالة فأن البلد المهزوم سيكون قد تعرض لثلاث ضربات:
الاولى: سقوط عدد هائل من رجاله قتلى و هم العمود الفقري للعمالة في أي دولة او بلد.
ثانيا: انهيار الوضع الاقتصادي و الأمني و السياسي و الاجتماعي.
ثالثا: فقدان الاف الأسر لمن يعولها من الرجال.
و في النقطة الثالثة مربط الفرس, فأن هذه الأسر لو تركت دون عناية من الدولة الفاتحة فانها و لا شك ستتمزق و تنهار بحثاً و تنقيباً عن الغذاء و الطعام.
و بما أن الوضع في البلد قد انهار كما ذكرنا من كل جوانبه فأن أهل البلد من النساء و الأطفال الذين فقدوا عائلهم سيسعون وحدهم بعد أن فقدوا أي مساعدة الى لقمة العيش. و هذا ماثل أمامنا في كل البلدان التي أنهكتها الحروب.
و هنا نقول: ما هي الوسائل التي سيحاولون الوصول الى لقمة العيش من خلالها؟
ما زال يمثل في ذاكرتي مشهد امرأة فرنسية رأيتها في برنامج ثقافي عن الحرب العالمية الثانية بعد دخول الألمان الى فرنسا, و هي تخرج ثديها عارضة على المارة بيع لبنها التي ترضعه لضغيرها من أجل الحصول على بعض القروش التافهة.
هذا مشهد بيسط لما يحدث في دول اجتاحتها الحرب, و سنجد في غيرها من الوسائل الكثير من المهانة و الانحطاط الخلقي و الاجتماعي, فالنساء, وان كان بعضهن سيجدن وظائف افضل ما يقال عليها انها وضيعة اجتماعياً كالخدمة في البيوت و غيرها, فان كثيراً منهن سيجدن الوسيلة الوحيدة لأطعام نفسها و أهلها هي طريق الرذيلة و الفحش و غيرها من الطرق الشيطانية.
أما الأطفال فسنجدهم يقتاتون على القمامة أو يتعلمون التسول, و منهم من يتجه نحو السرقة و الجريمة و بيع المخدرات و غيرها. و هذا مشاهد بالذات في هذا العصر بل و غيره من العصور.
ففتح الدولة في هذه الحالة لم يؤدي سوى الى دمار البلد من كل النواحي بدلاً من اعمارها. و بهذا نرى أن لا خير في ترك أهل البلد وحدهم, بل تركهم يعني نشر الرذيلة و الجريمة و غيرها.
و الدولة الفاتحة مسؤولة أمام الله عن الناس الذين في هذه البلد, فكيف تهملهم؟
و يقول أخر: حسناً, و لكن اليس هناك طريقة أخرى سوى السبي؟
فنقول هناك طريقتان و لنتدارسهم سوياً:
أولاً:
أن تتحمل الدولة الفاتحة مسؤولية هؤلاء الناس في انفاقهم و عيشهم.
و هذا كلام جميل نظرياً, أما عملياً ففيه عدة عيوب:
1- سيكون تعامل الدولة مع هؤلاء الناس تعامل لا بشري, مجرد واجب عليها تطبيقه و ذلك بسبب كثرتهم, فهي في هذه الحالة كالمدرس الذي في فصله خمسون طالباً, فهو لكثرتهم لا يلتفت الى مشاكلهم بل همه توصيل الخدمة التي يقدمها, فهو لا يفرغ لكل منهم لكي يستمع منه.
2- تحمل الدولة الفاتحة ما لا تطيق من نفقات مالية هي بحاجة اليها على أناس لا ينتجون مما سؤدي الى اهمال في أداء هذا الواجب ان طرأ طارئ تحتاج الى تحويل أموالها اليه.
3- اهمال حاجات الناس, فالمرأة بحاجة الى زوج, و الأولاد بحاجة الى رجل يرعاهم و يوجههم الى ما فيه صلاحهم, و انعدام هذا سيؤدي الى فساد المجتمع ايضاً.
ثانياً:
أن تقوم الدولة الفاتحة بتوكيل مواطنيها برعاية هؤلاء, و هذا سيكون مرفوض من الناس لما سيتحملونه من نفقات, خصوصاً اذا كان عدد الأطفال و النساء بالالاف بل و بالملايين أحياناً.
فسيشعر الانسان أنه يقوم بتبذير أمواله على أطفال و هو يرى أولاده أحق بذلك منهم, و هذا سيؤدي الى أهمالهم و عدم الانفاق عليهم بالشكل المتوازن.
أما اذا شعر بأن هذه المرأة أو الطفل له هو شخصياً يخدمه و يطيعه, بل و يستطيع الاستفادة مالياً منه من خلال تشغيله أو بيعه و غير ذلك, فأنه سيشعر أن هذا مكسب لا خسارة.
و بهذا نضمن أمرين, دنيوي و ديني:
أما الدنيوي فاننا ننتشل هذا الانسان من حضيض و شظف العيش, ليعيش فرداً منتجاً في المجتمع, يعمل و يكد في الحق بدلاً من الباطل, و يعيش في بيت كريم طاهر ليشعر بانسانيته خير له من العيش في الشوارع يقتات على المزابل أو على جيوب الناس.
و الأمر الديني أننا نضمن أن يعيش هذا الانسان في بيت مسلم يشاهد بأم عينه الاسلام بدلاً من أن يسمع عنه سمعاً, فتتجذر في نفسه أحكام و أخلاق الاسلام فيدخل الاسلام طوعاً لا كرهاً, و يحبه من كل قلبه.
فان كبر قدر على تحرير نفسه من خلال المكاتبة لصاحبه, فيبرز لدينا انسان حر شريف منتج, يملأ الدنيا صلاحاً و عملاً, بدلاً من أن يملأها فساداً و ظلماً.
و كذلك المرأة تعيش في كنف البيت المسلم و تتلقى مباشرة تعاليم الاسلام من أهله, و بدلاً من يمتلئ قلبها بالكراهية لمن قتلوا رجالها و تركوها في الشوارع و أهملوها, تحب الاسلام و تحترمه و تتعلمه رويداً حتى يملأ الايمان قلبها, فتصبح من خير النساء, بعد ان كان مكتوباً عليها العار و الفاحشة و الدمار.
و ياتي سؤال أخير يسأله سائل:
كل هذا جميل, و لكن لماذا أباح الاسلام للرجل مجامعة جاريته؟ و لماذا لم يكتفي بخدمتها له دون المعاشرة؟
فنقول بحول الله:
مما لا شك فيه أن هذه المرأة ككل النساء لها رغباتها التي ان لم تفرغ في الحلال أفرغتها في الحرام.
و كذلك صاحبها, فهو يرى امرأة تخدم في بيته, فلابد أن يظهر منها ما يظهر من النساء في البيت, فتثور غريزته. فان حرم عليه وطئها فهو واقع في الحرام لا شك.
فأباح الاسلام وطئها من أجلها و أجله, لكي تنطفئ رغباتها و رغباته دون الوقوع في الحرام.
و هي لها في ذلك من أحكام الاسلام ما يحفظ كرامتها بل و يرفع قدرها.
فان أنجبت منه فاولادها أحرار و ينسبون لأبيهم و يرثونه, و هو في هذه الحالة لا يجوز له بيعها, بل تبقى عنده حتى يتوفاه الله, فان مات قبلها أصبحت حرة و خرجت من المواريث.
و بهذا تصبح أمرأة حرة كريمة لها أولاد أحرار رجال يرعونها في كبرها و تفخر بهم و يملأون حياتها سعادة و سرور, و تشاهد نسلها يكبر و ينتشر.
أليس هذا خير من تركها لحالها تغوص في عالم الفحش كما هو مشاهد في عالم اليوم؟
براق / اليمن
آخر تعديل بواسطة عاشق البندقية بتاريخ
23.12.2011 الساعة 01:16 .