الموضوع
:
ملاحظات حول ترجمة معاني القرآن للمستشرق الفرنسي جاك بيرك - دكتور حسن عزوزي
اعرض مشاركة منفردة
Tweet
Share
رقم المشاركة :
5
(رابط المشاركة)
09.12.2011, 22:35
د/مسلمة
مديرة المنتدى
______________
الملف الشخصي
التسجيـــــل:
04.01.2010
الجــــنـــــس:
أنثى
الــديــــانــة:
الإسلام
المشاركات:
5.627
[
عرض
]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (11:34)
تم شكره 1.168 مرة في 800 مشاركة
حادي عشر: الحواشي والتعليقات:
إن مما عمل مترجمو معاني القرآن الكريم على إضافته إلى ترجماتهم تحرير جهاز نقدي من التعليقات والتوضيحات والحواشي يتعلق بكل ما قد يُبهَم أو يُشكَل على القارئ ذي الثقافة الإسلامية المحدودة جدا، ومن خلال تلك التعليقات يتضح لنا مدى تضلع المترجم في الثقافة الإسلامية بصفة عامة وفي علوم القرآن والتفسير وقواعد اللغة العربية والبلاغة على وجه الخصوص.
ويعد جاك بيرك واحدا ممن اهتم بوضع جملة من التعليقات على بعض الآيات المترجمة، غير أن منهجه في التعليق والتوضيح والبيان وطريقة التمييز بين ما ينبغي التعليق عليه، وما لا يحتاج لذلك.كل ذلك يبدو غير سليم ويحتاج إلى التنبيه عليه.
والمثير للانتباه أن معظم تعليقات جاك بيرك لا تؤدي المقصود والمراد منها، فهي إما تعليقات غير صائبة كان من الأفضل الاستغناء عنها أو تعليقات تثير نوعا من التشويش والبلبلة في ذهن القارئ.
أما التعليقات المفيدة المرتبطة بالآيات التي قد يُبهَم ويُشكَل معناها على القارئ فهي نادرة جدا، بل إن كثيرا من الألفاظ القرآنية التي ترجمها بيرك إلى لغة فرنسية معقدة وغريبة لا نكاد نجد تعليقا عليها يوضح معناها أو يبين المقصود منها.
والمترجِم حريص على أن يضع لكل سورة تقديما موسعا في الحاشية يتحدث فيه عن موقع السورة بين باقي السور وما تتضمنه من محاور وقضايا وموضوعات يصنفها ضمن مجموعات من الآيات، ولا يفوته في كل تقديم أن يثير مسألة ترتيب الآيات داخل السورة حسب المنهج الاستشراقي الذي لا يتردد في الإشادة به واتهام المنهج الإسلامي بكونه قاصرا في الاهتمام بالموضوع.
وهذا أمر طبعي بالنسبة لرجل لا يؤمن بالرواية الإسلامية الصحيحة في مجال ترتيب السور والآيات مما اعتمده علماء المسلمين، في حين يرجح ما ذهب إليه العقل الاستشراقي ورجحه أساتذته القدامى أمثال: نولدكه وبيل وبلاشير.
ومن خلال تعليقات جاك بيرك تبدو نزعة استهداف التشويش والبلبلة في ذهن القارئ واضحة وجلية، فهو يسعى في كثير من الأحيان إلى التهوين من شأن التفاسير ولا يكاد يتعلق في إحالاته بغير تفسيري الطبري والقاسمي معرضا عن بقية التفاسير التي كثيرا ما يصفها بالقاصرة في توضيح معنى أو بيان إشكال، فهو يحلو له أن يقول مرة : (إن التفاسير القرآنية تجد صعوبة في تفسير هذه الآية) ويقول في موضع آخر ( إن التفسير القرآني يعد هذه الآية غير مفهومة obscure ) . إلى غير ذلك.
والمترجم يعلم جيدا أن المفسرين لم يتركوا مبحثا أو مسألة تتعلق بلفظة من ألفاظ القرآن إلا أشبعوها بحثا وقلَّبوها من جميع جوانبها، وإذا ثبت أن أحد المفسرين توقف في شيء من ذلك فلا يُعقل أن يكون ذلك حال جميع المفسرين كما يزعم بيرك،
لذلك فإن سوء نية الرجل فيما زعمه يبدو واضحا.
من جهة أخرى فإن بيرك يسعى أحيانا إلى وضع حواشٍ وتعليقات غير مفيدة للقارئ ذي الثقافة الإسلامية المحدودة، فعند قوله تعالى:
"وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ"
( الأنعام 108 )
قال في الحاشية: هذه الآية تعد أساسا لنظرية "سد الذرائع المفسِدة " عند المالكية، فما عسى هذا التعليق أن يفيد القارئ العادي للترجمة ؟.
ومما يظهر من تعليقات المترجم أنه كلما اجترح تحريفا أو تشويها في حق لفظة قرآنية سارع إلى تسويغ ذلك في الحاشية في محاولة يائسة لإقناع القارئ بجدوى ترجمته الغريبة وأهميتها، وهذا أمر يتردد كثيرا في التعليقات، بل إن مما يدعو للاشمئزاز أن المترجم أحيانا يضع ما هو مرجوح في الأصل ويذكر في الحاشية أنه أعرض عن توظيف ترجمات أخرى منها ما هو راجح ومعتمد من طرف كل المترجمين.
أما في مجال القراءات القرآنية فإن المترجم لا يبين منها إلا ما كان مدعاة إلى إبراز اختلاف القراءات بطريقة تشوش على ذهن القارئ،
فقد علق مثلا على قوله تعالى:
"وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ"
( الأنعام 137 ) بما ورد عن الزمخشري من رده لقراءة ابن عامر وغير ذلك من الخلاف مبرزا ذلك بطريقة مغرضة واضحة.
وعندما أراد أن يعلق على اختلاف القراء الوارد في قوله تعالى:
"وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"
أشار إلى أن نافعا وابن عامر قرآها ( اتَّخَذُوا ) بصيغة الماضي على وجه الخبر، في حيـن قرأها الآخرون بصيغة الأمر(اتخِذوا ) . غير أن المترجم كتب لفظة ( اتخذوا ) بحروف لاتينية وبنطق عربي هكذا ( attakhidhu ) وهو ما لا يمكن لغير العربي أن يفهمه أو يستوعبـه، مما يعني أن الحاشية قد أصبحت لَغوا لا فائدة منها لأن المترجم لم يحسن تبليغ اختلاف القراءة في الآية بما يفهمه جميع القراء على اختلاف مشاربهم.
وممـا يلاحظ على بيرك في ترجمته أنه كثيرا ما يقف طويلا في تعليقاته حيث لا يستدعي الأمر ذلك، لكن بالمقابل نجده يهمل توضيح بعض الكلمات المترجمة، فالقبلة التي يترجمها بلفظة Direction : الاتجاه، لا يوضح معناها للقارئ وكلمة ( صحف ) يترجمها بـ feuilles : أوراق ولا يشرح للقارئ المراد من تلك الصحف أو الأوراق في السياق القرآني.
والشيء نفسه يمكن قوله فيما يخص لفظة ( سفَرة ) التي ترجمها بـMessagers دون أدنى توضيح أو تفسير. وهذا ما قد يؤدي لا محالة إلى ارتباك وتشويش أو على الأقل إلى تساؤل مثير من طرف القارئ غير المتخصص.
إن مجموع الحواشي والتعليقات التي ألحق جاك بيرك ترجمته بها يعُدَّ كثير منها ذا تأثير خطير في فهم القارئ ومدى استيعابه للمضامين والمعاني القرآنية المراد نقلها إلى اللغة الفرنسية، فهي ناقصة أو غير مفهومة وقد تكون زائدة بدون فائدة.
لكن الخطورة القصوى تكمن في إهمال بيان ما يستحق الشرح والتوضيح ولا سيما وأن جاك بيرك المعروف بتحذلقاته اللغوية المعقدة كثيرا ما يُبهِم أكثر مما يُفهِم في كثير من المواطن التي تستوجب مساعدة القارئ -عن طريق التعليق- في فهم المراد من الترجمة المقترحة.
المزيد من مواضيعي
حلقات برنامج براهين النبوة للدكتور منقذ السقار - رمضان 2012-1433
صفات الحجاب الصحيح
يديعوت أحرنوت: أوروبا ستصبح قارة إسلامية نهاية القرن الحالى
فوائد متجددة مع الأيام العشر
أعمال و مشاريع عشر ذي الحجة - بطاقات
كيفية الوضوء (صفة الوضوء)
What does Allah Almighty say about Justice for all in an Islamic State?
أسلمت حديثا وتسأل عن وليها في النكاح وعن الحجاب
توقيع
د/مسلمة
اللهم اغفر لنا
د/مسلمة
اعرض الملف الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى د/مسلمة
إيجاد كل مشاركات د/مسلمة
إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع
603
عدد الـــــردود
5024
المجمــــــــوع
5.627