View Single Post
   
Share
  رقم المشاركة :10  (رابط المشاركة)
Old 27.11.2011, 23:18
د/مسلمة's Avatar

د/مسلمة

مديرة المنتدى

______________

د/مسلمة is offline

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.01.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 5.627  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (11:34)
تم شكره 1.168 مرة في 800 مشاركة
Default


سادسا: التصرف في ترتيب أجزاء الآية القرآنية الواحدة:

من أغرب ما وقع فيه جاك بيرك من تغيير للنص القرآني تصرفه في ترتيب مقاطع الآية القرآنية الواحدة، ولم يُبدِ لنا المترجم سببا لإقدامه على هذا التغيير المتعَمَّد الذي لا يجوز في حق أي نص يراد ترجمته، وبالأحرى إذا تعلق الأمر بالنص القرآني!!

ومن ذلك على سبيل المثال ترجمته لقوله تعالى: "يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" ( لقمان29 )
حيث عكس الآية كما يلي: "يولج النهار في الليل ويولج الليل في النهار".

ومن ذلك أيضا ترجمته لقوله تعالى: "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ" ( الأنعام 95 )
حيث عكس الآية كما يلي:"يخرج الميت من الحي ويخرج الحي من الميت"

ومن ذلك أيضا قوله تعالى: "لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ" ( الشورى 15 )

وقوله عز وجل: "فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ" ( الرحمن 41 ) .

إن جاك بيرك يعلم جيدا أن من الأمانة العلمية في مجال ترجمة النصوص -كيفما كانت- الاحتفاظ بترتيب الكلام حسب ما أراده صاحب النص الأصلي، ومن الخطأ الاعتقاد بأن أمر التغيير هَين ولا يؤثر في معنى الآية القرآنية.

ففضلا عن توقيفية ترتيب النص القرآني ( إذا كان ترتيب الآيات توقيفيا فترتيب أجزاء الآية الواحدة توقيفي بصورة قطعية ) أشار كثير من علماء الإعجاز القرآني والمفسرين إلى حِكَم جليلة تظهر من ترتيب أجزاء الآية الواحدة، وقد أكَّد الإمام الرازي في تفسيره كثيرا من تلك اللطائف العجيبة التي تدل على أن كل لفظة في مكانها لا يصلح في موضعها غيرها ولا يؤدى معنى الآية كاملا إلا بها في مكانها مؤتلفة مع غيرها غير متنافرة.

وقد تحدث الإمام الخطابي ( ت388 ) في كتابه "إعجاز القرآن" عن الإعجاز القرآني من جهة البلاغة فأكد أن مناط البلاغة في النظم القرآني هو "اللفظ في مكانه إذا أبدل فسد معناه أو ضاع الرونق الذي يكون منه سقوط البلاغة"

ولعل أبرز مثال على ذلك ما أقدم عليه المترجم من عكسٍ لنص الآية: "وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ" ( الأنعام 151) حيث قدَّم الأولاد على الآباء كما هو في آية ( الإسراء ) ،

والفرق بين ترتيب الضميرين في الآيتين يرجع إلى أن آية الأنعام تنهى عن قتل الأولاد بسبب الفقر الواقع فعلا فاقتضى المقام تذكير الآباء بأن رزقهم ورزق أبنائهم مكفول من الله أما في الإسراء فإن الآية تنهى عن قتل الأولاد خوف الفقر المتوقع لهم في مستقبلهم فاقتضى المقام التذكير بأن رزق الأبناء مكفول كرزق آبائهم، لذلك فإن الحفاظ على ترتيب أجزاء آية الأنعام- في ظل إعجاز نظمها- يبدو ضروريا ولا ينبغي التصرف فيه.

وفي السياق نفسه يلاحظ أن المترجِم يتصرف أحيانا في الترجمة بإدخال أقواس يفتحها ويغلقها كما يشاء ضاربا بمبدأ الالتزام بالتركيب الأصلي للآية عرض الحائط، ولا يخفى أن إدراج الأقواس في الترجمة يُخل بالمعاني والمقاصد القرآنية ويحرف طرق الخطاب القرآني.

وقد رأينا من قبل كيف أن جاك بيرك حرَّف معنى قوله تعالى: "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" عندما لم يفهم معناها، فأدخل الأقواس مما نجم عنه تشويه للمعنى وتحريـف لطريقـة الخطاب القرآني، فجاء معنى الترجمة كالتالي ( قلنا يا "نار كوني بردا" وسـلام على إبراهيم )

وهناك نماذج كثيرة في الترجمة أدرج فيها بيرك أقواسا ضمن السياق القرآني مما أخل بالمعاني الأصيلة والمقاصد الهادفة.

بالمقابل يلاحظ أنه عندما تدعو الضرورة إلى إدراج أقواس لتطويق كلمات أو جمل زائدة أضيفت للضرورة قصد توضيح المعنى، فإن المترجم لا يلتفت لذلك مما يعد أيضا إخلالا بقواعد الترجمة .







توقيع د/مسلمة



اللهم اغفر لنا


Reply With Quote