بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن فهمنا معنى عبارة "تاريخ المسيحية"
وعرفنا المصادر التي سنأخذ منها معلوماتنا بخصوص "تاريخ المسيحية"
وفهمنا معنى عبارة "النَّقد التّاريخي"
وعرفنا أن "النَّقد التّاريخي" يُطبَّق على مصادر "تاريخ المسيحية"
الآن نُريد أن نعرف ...
ما هو تأثير "النَّقد التّاريخي" على "تاريخ المسيحية" ؟
"النَّقد التّاريخي" يُخرج لنا جميع المعلومات والتَّفاصيل
الخاصة بمصادر "تاريخ المسيحية"
مما يُتيح لنا فُرصة الوصول إلى نتائج واقعيَّة
بعد دراسة مصادر "تاريخ المسيحية" على ضوء معلومات حقيقية !
وبالمثال يتَّضِح المقال ...
إذا كنت تبحث في موضوع إيمان تلاميذ المسيح عليه السلام
وبالتحديد إيمان بطرس رئيس التلاميذ بالمسيح عليه السلام
ستقوم بالبحث عن أقوال بطرس المذكورة في الأناجيل
هل آمن بالمسيح عليه السلام على أنه ابن الله أم لا ؟
ستجد هذه الأقوال المنسوبة لبطرس والتي يُخاطب بها المسيح عليه السلام !
متى 16 / 16 «
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
مرقس 8 /29 «
أَنْتَ الْمَسِيحُ!»
لوقا 9 / 20 «
مَسِيحُ اللهِ»
يوحنا 6 / 69 «
أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
حتى نستطيع أن نخرج بنتيجة حقيقية بخصوص إيمان بطرس
يجب أن نُمرِّر كل إنجيل من هذه الأناجيل الأربعة على "النَّقد التّاريخي" !
أولاً: يجب تطبيق "النَّقد الأدنى" أو "النَّقد النَّصِّي"
والمَعنِي بتحديد النُّصُوص في أقدم وأصحّ شكل تاريخي له
بمعنى ...
هذه النُّصُوص الأربعة التي قمُنا بقراءتها مأخوذة من ترجمة عربية
ما هو مصدر نصّ هذ التَّرجمة العربية ؟ هل حدث تحريف للنُّصُوص أم لا ؟
يجب علينا التّأكُّد من النَّص الذي نقوم بقراءته قبل أن نستخلص منه معلومة !
سنجد أن النَّص الخاص بإنجيل يوحنا لم يكن كما قرأناه في أقدم المخطوطات
بل إن النَّص كان يقول: يوحنا 6 / 69 «
أَنْتَ قُدُّوس الله» !
وتم تحريف النَّص إلى «
أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ» !
إذن, بعد تمرير النُّصُوص الأربعة على "النَّقد النَّصِّي"
وصلنا إلى أن النُّصُوص الأربعة كانوا هكذا في أقدم وأصح المخطوطات
متى 16 / 16 «
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
مرقس 8 /29 «
أَنْتَ الْمَسِيحُ!»
لوقا 9 / 20 «
مَسِيحُ اللهِ»
يوحنا 6 / 69 «
أَنْتَ قُدُّوس الله»
ثانياً: يجب تطبيق "النَّقد الأعلى"
حتى نعرف أي إنجيل من هذه الأناجيل الأربعة هو أدق وثيقة تاريخية !
بمعنى ...
هُناك ثلاثة أقوال مُختلفة منسوبة لبطرس رئيس التلاميذ !
1. «
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
2. «
الْمَسِيحُ» أو «
مَسِيحُ اللهِ»
3. «
قُدُّوس الله»
رُغم أن هُناك فرق بين "الْمَسِيحُ" و "مَسِيحُ اللهِ"
ولكن سأتجاوز هذا الاختلاف البسيط حتى لا أُطيل
ما الذي قاله بطرس بالفعل ؟!
بعد دراسة مُوسَّعة وتفصيليَّة, وبمجموع الأدلة
نجد أن بطرس لم يقل على الإطلاق: «
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
وفي الغالب لم يقل أيضاً: «
قُدُّوس الله»
ولكنه إما قال: «
الْمَسِيحُ» أو «
مَسِيحُ اللهِ»
اقرأ كلام الـمُهندس
رياض يوسف داود بخصوص هذه الـمُشكلة
إن شهادة بطرس في إنجيل متى تدل على أنه كان قد فهم آنذاك سرّ يسوع, وهذا ما يُناقض صورة الاثني عشر في الأناجيل لأنهم لم يكونوا يعرفون هذا السِّر قبل القيامة. فيُمكن القول ببساطة إنَّ متى سجَّل اعتراف بطرس مُفسَّراً في ضوء القيامة.
رياض يوسف داود:
مدخلٌ إلى النَّقد الكِتابيّ, دار المشرق ببيروت - صـ7.
هذا الكلام يعني ببساطة شديدة جداً
أن هناك بعض الأناجيل لا تُدوِّن ما قيل حقيقةً
ولكنها تُدوِّن الأقوال في ضوء الإيمان وليس من واقع التّاريخ
لذلك نقوم بتطبيق "النَّقد التّاريخي" حتى نحصل على التّاريخ والواقع وليس الإيمان !
لعلنا فهمنا بعد هذا المثال
فائدة تطبيق "النَّقد التّاريخي" على مصادر "تاريخ المسيحية"
من الأجل الوصول إلى نتائج حقيقية واقعية !
الآن نُريد أن نعرف ...
ما هي أهمّ نتائج "النَّقد التّاريخي" المُؤثِّرة على "تاريخ المسيحية" ؟
هُناك الكثير من النَّتائج الصّادِمة للمسيحي العادي !
لا أستطيع ذكرها كلها لضيق الوقت
ولكنني سأذكر أهمّ النَّتائج بخصوص الأناجيل الأربعة
حيث أن الأناجيل الأربعة هُم المصدر الرَّئيسي لتعاليم المسيح عليه السلام
"النَّقد التّاريخي" و "الأناجيل الأربعة"
"النَّقد التّاريخي" يُعطينا معلومات عن ...
1. مُؤلِّفي الأناجيل الأربعة
2. زمن كتابة الأناجيل الأربعة
3. مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة
4. دقَّة المعلومات الموجودة في الأناجيل الأربعة
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
سنتكلَّم بشكل بسيط حول كل نقطة من هذه النِّقاط
مُؤلِّفي الأناجيل الأربعة
"النَّقد التّاريخي" يتعارض مع "الإيمان المسيحي" بخصوص هذه النُّقطة
فـ "الإيمان المسيحي" يقول إن كتبة الأناجيل من تلاميذ المسيح عليه السلام
شهود عَيان للأحداث دوَّنوها كما شاهدوها
"النَّقد الكِتابي" وهو تطبيق "النَّقد التّاريخي" على الكتاب الـمُقدَّس
يُخبرنا أننا لا نستطيع أن نعرف من هُم كتبة الأناجيل
فهؤلاء الكتبة مجهولون تماماً كأشخاص بالنِّسبَة لنا
ولكننا نستطيع أن نعرف بعض المعلومات عنهم
نعلم أن كتبة الأناجيل الأربعة لم يكونوا شهود عيان !
نعلم أن كتبة الأناجيل لم يكونوا من الجيل الأول من المسيحين !
نعلم أن كتبة الأناجيل لم يكونوا يهوداً أو كتبوا باللغة العبرية !
زمن كتابة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن إنجيل مُرقس كُتِبَ تقريباً عام 65 - 70م
وأن إنجيلَيّ متى ولوقا كُتِبا تقريباً عام 80 - 85م
وأن إنجيل يوحنا كُتِبَ تقريباً عام 90 - 95م
ويُخبرنا أيضاً أن المسيح عليه السلام رُفِعَ إلى السماء عام 33م تقريباً
سوف نستفيد من هذه المعلومات في النُّقطة التالية !
مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أننا لا نستطيع تحديد مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة !
بمعنى: لا نستطيع أن نقول إن الكتاب الفُلاني أو المصدر الفُلاني
هو مصدر معلومات أحد كتبة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن مصادر كتبة الأناجيل إما عبارة عن روايات منقولة شفهياً
أو عبارة عن كتابات مُبكِّرة لا نعرف ما هي تحديداً
احتوت على معلومات خاصة بحياة المسيح عليه السلام
ولكن أغلب العلماء يُرجِّحون أن مصادر كتبة الأناجيل كانت روايات شفهيَّة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن هُناك مسافة الزمنيَّة بين
"وُقُوع الحَدَث" و "تَدْوِين الحَدَث"
وأنه لم تكن هُناك أي قواعد أو ضوابط أثناء نقل الروايات نقلاً شفهياً
وبالتّالي تم تغيير القصص أو الروايات أثناء انتقالها زمنياً
بين اللغات واللهجات والثقافات الـمُختلفة
وهذا هو سبب وجود اختلافات وتناقضات بين الأناجيل الأربعة
لأننا لا نعرف مصادر هذه الأناجيل, وكانت الروايات تتغير عبر الزَّمن !
دقَّة المعلومات الموجودة في الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن الأناجيل الأربعة لا تُعتبر وثائق تاريخية دقيقة بنسبة 100%
فكتبة الأناجيل لم يكونوا شهود عَيان, ولا نعرف مصادر أخبارهم
وهُناك مسافة زمنية بين "وُقُوع الحَدَث" و "تَدوين الحَدَث"
ولم تكن هُناك أي قواعد أو ضوابط لنقل الروايات نقلاً شفهياً
لذلك نجد بين الأناجيل تناقضات واختلافات كثيرة جداً تُعدّ بالمئات !
و "النَّقد الكِتابي" يُخبرنا أيضاً
كتبة الأناجيل كانوا أحياناً يُدوِّنون الأحداث بنظرة إيمانيَّة
فيقومون بتغيير الأحداث والأقوال لتتوافق مع إيمانهم الـمُرتبط بهذه الوقائع
ولكن مع كل هذا فإن الأناجيل أو العهد الجديد بشكل عام
يحتوي على معلومات تاريخية رائعة جداً بخصوص المسيحية وعقائدها
وهذا ما سنقوم بمُناقشته في الـمُداخلات القادمة
المسيحية في عهد المسيح عليه السلام
المسيحية في عهد بولس رسول المسيحية
المسيحية في عهد آباء ما قبل نقية 325م
المسيحية في عصر المجامع
آسف جداً على الإطالة وكثرة الـمُداخلات
ولكن أُريد أن أقوم بتوصيل صورة واضحة لكل مُبتدئ
بخصوص "تاريخ المسيحية"
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عزَّ وجل ...