اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 15.07.2010, 07:04
صور د/مسلمة الرمزية

د/مسلمة

مديرة المنتدى

______________

د/مسلمة غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.01.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 5.627  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (11:34)
تم شكره 1.170 مرة في 800 مشاركة
افتراضي




تاسعاً : يتحدى وينتصر باسم الرب!

لم يكتفي هذا النبي العظيم بدعوى النبوة ، بل أخذ يتحدى باسم الرب مناوئيه من العرب الذين كانوا يتفاخرون فيما بينهم بالشعر والخطابة وحب الكلمة ، تحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن الذي يسمعونه منه ، إذ قرأ عليهم : " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ". [ الإسراء : 88 ]

والتحدي هنا هو انهم لا يستطيعون أن : " يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ ".

والقرآن اسم للألفاظ والمعاني، والله جل وعلا تحدى أن يؤتى بمثل هذا القرآن، وهذه المثلية إنما هي باللفظ وبالمعنى جميعاً وبصورة الكلام المتركبة.

وكون النبي منصوراً في جميع المواضع، ومنها مواضع التحدي التي تتم باسم الرب كما في سور (الطور : 33 ، هود 13 ، يونس : 38 ، البقرة : 23) فهذا يُعد تصديقاً وشهادة وعلامة من الرب على صدق أقوال هذا النبي ، ومن المحال على الله سبحانه وتعالى أن يصدّق الكاذب. لأن تصديق الكاذب كذبٌ، والكذب لا يجوز على الله.

وعلى الرغم من أن هذا التحدي قد أُعيد عليهم بقوالب مختلفة من اللفظ والأسلوب كما في السور المذكورة آنفاً ، وهم ما هم عليه من أنفة ، وفيهم ما فيهم من الشعراء والخطباء وفرسان الكلام ، ومع حرصهم الشديد على إبطال دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إذ قد سفه أصنامهم وعاب طريقتهم في الدين ، وجعل القرآن الكريم موجباً لطاعته والانقياد له ، إلا أنهم قد وقفوا أمامه موقف العاجز المهزوم ، ولم يستطع أحداً منهم المواجهة ...

علماً بأن جميع آيات التحدي وعددها خمس آيات قد نزلت في زمن ضعف المسلمين وقلة عددهم ، إذ أن أربع آيات منها نزلت في مكة أي في بدايات الدعوة الإسلامية ، وآية واحده نزلت في المدينة وقد اشتملتها سورة البقرة ، وهي من أوائل السور التي نزلت بعد الهجرة في وقت لم تظهر للإسلام فيه القوة ولا المنعة بعد.

لقد هزموا أمام هذا التحدي الذي أعلنه النبي باسم الرب ، وكان المؤمنون في ذلك الوقت يسمعون آيات التحدي ويقرأونهاولو ظهرت أي معارضة فعلية للقرآن لأهتزت قضية الدين عندهم، ولضاع الدين وانتهى وهو في بداية ظهوره ولما آمن بهذا القرآن أحد ، ولأنطفأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم واختل حاله بين العرب ، إلا ان أمره صلى الله عليه وسلم كان يعلوا شيئاً فشيئاً وأتباعه يتزايدون حالاً فحالا ...

ولو صح من العرب انهم قبلوا التحدي فعارضوا القرآن الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لترتب عليه سقوط دعوته بعد ظهور هزيمته وانهيار حجته و بطلان معجزته ، فما كان لهذا القرآن ان يدخل في نفوس الناس في بدايات الدعوة في مكة والمدينة ، باذلين من اجله النفس والمال والولد ، يوم لم تكن للإسلام القوة والمنعة بعد ، وثمة معارضون للقرآن من العرب الاقحاح ، يأتون بمثله للناس مظهرين فساد دعوى التحدي في تلك الآيات .. فتأمل !

قال الجاحظ : لو تكلف بعضهم ذلك - يريد المعارضة - فجاء بأمر فيه أدني شبهة ، لعظمت القصة على الأعراب وأشباه الأعراب .. ولكثر القيل والقال ، وان سورة واحدة وآيات يسيرة كانت أسرع في تفريق أتباعه [13] وتبعه الباقلاني فذكر أنهم لو كانوا عارضوه بما تحداهم إليه لكان فيه توهين أمره ، وتكذيب قوله ، وتفريق جمعه ، وتشتيت أسبابه ، وكان من صدق به يرجع على أعقابه ويعود في مذهب أصحابه .. ورأى صاحب المغني : أن المعارضة لو وقعت لكان فيها اضطراب لنفوس أصحابه [14]

ولما لم يكن شيئاً من هذا قد حدث فإننا على يقين تام بأن العرب قد وقفوا أمام هذا التحدي موقف العاجز المهزوم ، وقد دفع هذا العجز بأهل الاستكبار منهم أن يصفوا هذا القرآن الكريم بقولهم : " هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ " كما في سورة الزخرف المكية آية : 30 ،

وبقولهم :" إِنْ هَذَا إلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ " كما في سورة المدثر المكية آية : 24 ،

وذهبوا ينعتون هذا الرسول الذي جاءهم بما أعجزهم بقولهم : " إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ " كما في سورة يونس المكية آية : 2 ،

وكذلك قولهم : " هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ " كما في سورة ص المكية آية : 4 ،

وليس كل ذلك إلا لهزيمتهم وقصور قرائحهم أمام القرآن الكريم ، ومدى تأثيره العجيب في نفوسهم . .

وقد ذهبوا يتواصون على عدم سماع القرآن والمشاغبة والتشويش عليه قائلين فيما بينهم :" لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ .. " فصلت : 26 ،

ونلاحظ من هذه الآية الكريمة انهم أرادوا الغلبة من خلال عدم السماع لهذا القرآن ، وليس من خلال قبولهم التحدي لأنهم قد فهموا حقيقته وانه خارج عن مقدرتهم ،

ولذلك لما قال البعض منهم على سبيل الكذب والوقاحة : " لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ " كان هو قول منهم بلا فعل .. يغرون به أنفسهم ومن تبعهم على باطلهم.

هذا ولقد كانت آيات التحدي تُقرأ في قوالب مختلفة من اللفظ والأسلوب - كما ذكرنا – ولو لم تكن تلك الآيات حقيقة واقعة في حياته - صلى الله عليه وسلم - لسارع كبار الصحابة من بعده والمؤمنون به وكتاب الوحي وكبار الحفظة القراء وقت جمع القرآن الكريم إلى إنكارها ورفضها ، كيف لا ، وقد ضحوا بأموالهم وأنفسهم شرقاً وغرباً في سبيل نشر هذا الكتاب الذي جاءهم به - صلى الله عليه وسلم - إذ لا مصلحة في تحمل الأذى في سبيل دين باطل يكذب عليهم ...

والآن اسأل نفسك أخي القارئ ، هل من المعقول أن يترك الله شخصاً ما ، ادعى النبوة وأخذ يتقول عليه كذباً ويتحدى الناس باسمه بدون عقاب؟ وإذا افترضنا جدلاً بأنه قد افترى على الله كذباً ، وزعم أن الله أوحى إليه بهذا التحدي ، فهل يُحقق الله كلام ذلك الكذاب ويتمم له فعلاً هذا التحدي فيهزم به أعدائه ويكثر به أتباعه؟








توقيع د/مسلمة



اللهم اغفر لنا


رد باقتباس
الأعضاء الذين شكروا د/مسلمة على المشاركة :