حَدَّثَنَامُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّوَ عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ
قَالَا حَدَّثَنَاأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ
عَنْسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَحَدَّثَنِيأَبُو مَرْحُومٍ
عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍعَنْ أَبِيهِرضى الله عنهم
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
( نَهَى عَنْ الْحِبْوَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ)
قَالَ أَبُو عِيسَى وَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌوَ أَبُو مَرْحُومٍاسْمُهُعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مَيْمُونٍ
وَ قَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحِبْوَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ وَ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ
بَعْضُهُمْ مِنْهُمْعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَوَ غَيْرُهُ وَ بِهِ يَقُولُأَحْمَدُوَ إِسْحَقُلَا يَرَيَانِ بِالْحِبْوَةِ
وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ بَأْسًا .
) بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الِاحْتِبَاءِ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ )
قَالَالْجَزَرِيُّفِي النِّهَايَةِ : الِاحْتِبَاءُ هُوَ أَنْ يَضُمَّ الْإِنْسَانُ رِجْلَيْهِ إِلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ
يَجْمَعُهُمَا بِهِ مَعَ ظَهْرِهِ وَ يَشُدَّهُ عَلَيْهَا ، وَ قَدْ يَكُونُ الِاحْتِبَاءُ بِالْيَدَيْنِ عِوَضَ الثَّوْبِ
يُقَالُ : احْتَبَى يَحْتَبِي احْتِبَاءً ، وَ الِاسْمُ الْحُبْوَةُ بِالضَّمِّ وَ الْكَسْرِ وَ الْجَمْعُ حِبًا وَ حُبًا .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ) ،
الْخُوَارَزْمِيُّ نَزِيلُبَغْدَادَ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ ،
رَوَى عَنْأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِيوَ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّوَ غَيْرِهِمَا ،
وَ رَوَى عَنْهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ ، وَ لَزِمَابْنَ مَعِينٍوَ أَخَذَ عَنْهُ الْجَرْحَ وَ التَّعْدِيلَ ،
وَ ثَّقَهُالنَّسَائِيُّوَ غَيْرُهُ مَاتَ سَنَةَ 271 إِحْدَى وَ سَبْعِينَ وَ مِائَتَيْنِ ،
( قَالَا : أَخْبَرَنَاأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي)اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَكِّيُّ
أَصْلُهُ مِنَالْبَصْرَةِ وَ الْأَهْوَازِ، ثِقَةٌ فَاضِلٌ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ نَيِّفًا وَ سَبْعِينَ سَنَةً ،
مِنَ التَّاسِعَةِ ، وَ هُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِالْبُخَارِيِّ ،
(عَنْسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ)الْخُزَاعِيِّ مَوْلَاهُمُ الْمِصْرِيُّ ، ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَ اسْمُ أَبِي أَيُّوبَ مِقْلَاصٌ ،
( قَالَ حَدَّثَنِيأَبُو مَرْحُومٍ ( اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ ، نَزِيلُمِصْرَ ،
قَالَ الْحَافِظُ : صَدُوقٌ زَاهِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ
( عَنْسَهْلِ بْنِ مُعَاذِ ( بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ .
قَوْلُهُ : ( نَهَى عَنِ الْحَبْوَةِ )
قَالَ فِي الْقَامُوسِ : احْتَبَى بِالثَّوْبِ اشْتَمَلَ ، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ ظَهْرِهِ وَ سَاقَيْهِ بِعِمَامَةٍ وَ نَحْوِهَا ،
وَ الِاسْمُ الْحَبْوَةُ وَيُضَمُّ ، انْتَهَى .
قوله :) يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ ) ،
قَالَالْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا نَهَى عَنْ الِاحْتِبَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ؛ لِأَنَّهُ يَجْلِبُ النَّوْمَ
وَ يُعَرِّضُ طَهَارَتَهُ لِلِانْتِقَاضِ ، وَ قَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الِاحْتِبَاءِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ
بِحَالِ الْخُطْبَةِ وَ لَا بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ ؛
لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِانْكِشَافِ عَوْرَةِ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَ أَخْرَجَهُأَحْمَدُوَ أَبُو دَاوُدَ . قَالَالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : فِي سَنَدِهِسَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ،
وَ قَدْ ضَعَّفَهُيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ،
وَ فِي سَنَدِهِ أَيْضًاأَبُو مَرْحُومٍضَعَّفَهُابْنُ مَعِينٍ . وَ قَالَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ : لَا يُحْتَجُّ بِهِ ،
قَالَ : وَ فِي الْبَابِ عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوعِنْدَابْنِ مَاجَهْقَالَ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ- عَنْ الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، يَعْنِي وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ ،
وَ فِي إِسْنَادِهِبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِوَ هُوَ مُدَلِّسٌ وَ قَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ عَنْ شَيْخِهِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ ،
قَالَالْعِرَاقِيُّ : لَعَلَّهُ مِنْ شُيُوخِهِ الْمَجْهُولِينَ ، عَنْ جَابِرٍعِنْدَابْنِ عَدِيٍّفِي الْكَامِلِ ،
وَ فِي إِسْنَادِهِعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، وَ هُوَ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَالْبُخَارِيُّ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَبْوَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ ) .
قَالَأَبُو دَاوُدَفِي سُنَنِهِ : لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا كَرِهَهَا إِلَّاعُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ ،انْتَهَى .
قَالَالْعِرَاقِيُّ : وَ وَرَدَ عَنْمَكْحُولٍوَ عَطَاءٍوَ الْحَسَنِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ
أَنْ يَحْتَبُوا وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . رَوَاهُابْنُ أَبِي شَيْبَةَفِي الْمُصَنَّفِ ،
قَالَ : وَ لَكِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَنِ الثَّلَاثَةِ فَنُقِلَ عَنْهُمُ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ وَ نُقِلَ عَنْهُمْ عَدَمُهَا ؛
وَ اسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ .
قَالَالشَّوْكَانِيُّ : وَ هِيَ تُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا ( وَ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ إلخ )
قَالَأَبُو دَاوُدَفِي سُنَنِهِ : وَ كَانَابْنُ عُمَرَيَحْتَبِي وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ ،
وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍوَ شُرَيْحٌوَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
وَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّوَ مَكْحُولٌوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ
وَ نُعَيْمُ بْنُ سَلَامَةَ قَالَ : لَا بَأْسَ بِهَا ، انْتَهَى .
وَ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا قَالَالْعِرَاقِيُّإِلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ وَ اسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُأَبُو دَاوُدَ
عَنْيَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
شَهِدْتُ مَعَمُعَاوِيَةَفَتْحَبَيْتِ الْمَقْدِسِفَجَمَعَ بِنَا ،
فَإِذَا جُلُّ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ -
فَرَأَيْتُهُمْ مُحْتَبِينَ وَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ . وَ سَكَتَ عَنْهُأَبُو دَاوُدَوَ الْمُنْذِرِيُّ .
قَالَالشَّوْكَانِيُّ : وَ فِي إِسْنَادِهِسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِوَ فِيهِ لِينٌ ،
وَ قَدْ وَثَّقَهُابْنُ حِبَّانَ ،وَ أَجَابُوا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهَا كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ ،
وَ إِنْ كَانَالتِّرْمِذِيُّقَدْ حَسَّنَ حَدِيثَمُعَاذِ بْنِ أَنَسٍوَ سَكَتَ عَنْهُأَبُو دَاوُدَ .
قُلْت : أَحَادِيثُ الْبَابِ وَ إِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لَكِنْ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا ،
وَ لَا يُشَكُّ فِي أَنَّ الْحَبْوَةَ جَالِبَةٌ لِلنَّوْمِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ عَنْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ ،