اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 25.06.2011, 10:32

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


"الحياة تنشأ من الحياة "
لم يتحدث تشارلز دارون أبداً عن أصل الحياة في كتابه المذكور, والسبب يتمثل في طبيعة المفاهيم العلمية التي كانت سائدة في عصره, والتي لم تتجاوز فرضية كون الأحياء من مواد بسيطة جداً. وكان العلم آنذاك ما يزال تحت تأثير نظرية "التولد الذاتي" التي كانت تفرض سيطرتها منذ القرون الوسطى, ومفادها أن مواد غير حيّة تجمّعت بالمصادفة وأنتجت مواد حيّة. وهناك بعض الحالات اليومية كانت تسوق بعض الناس إلى تبنّي هذا الاعتقاد مثل تكاثر الحشرات في فضلات الطعام, وتكاثر الفئران في مخازن الحبوب. ولإثبات هذه الادعاءات الغريبة كانت تجري بعض التجارب مثل وضع حفنة من الحبوب على قطعة قماش بالٍ, وعند الانتظار قليلاً تبدأ الفئران بالظهور حسب اعتقاد الناس في تلك الفترة .
وكانت هناك ظاهرة أخرى وهي تكاثر الدود في اللحم, فقد ساقت الناس لهذا الاعتقاد الغريب واتخذت دليلاً له, ولكن تم إثبات شيء آخر فيما بعد, وهو أن الدود يتم جلبه بواسطة الذباب الحامل ليرقاته والذي يحط على اللحم. وفي الفترة التي ألف خلالها دارون كتابه "أصل الأنواع" كانت الفكرة السائدة عن البكتيريا أنها تنشأ من مواد غير حيّة, ولكن أثبتت التطورات العلمية بعد خمس سنوات فقط من تأليف الكتاب عدم صحة ما جاء فيه, وذلك عن طريق الأبحاث التي أجراها عالم الأحياء الفرنسي لويس باستور, ويلخص باستور نتائج أبحاثه كما يلي: "لقد أصبح الادعاء القائل بأن المواد غير الحيّة تستطيع أن تنشئ الحياة في مهب الريح" 10

وظل المدافعون عن نظرية التطور يكافحون لمدة طويلة ضد الأدلة العلمية التي توصل إليها باستور, ولكن العلم بتطوره عبر الزمن أثبت التعقيد الذي يتصف به تركيب الخليّة, وبالتالي استحالة ظهور مثل هذا التركيب المعقد من تلقاء نفسه.

المحاولات العقيمة في القرن العشرين
لقد كان الأخصائي الروسي في علم الأحياء أليكسندر أوبارين أول من تناول موضوع أصل الحياة في القرن العشرين وأجرى أبحاثا عديدة في ثلاثينيات القرن العشرين لإثبات أن المواد غير الحيّة تستطيع إيجاد مواد حيّة عن طريق المصادفة. ولكن أبحاثه باءت بالفشل الذريع واضطر إلى أن يعترف بمرارة قائلاً "إن أصل الخلية يُعَدُّ نقطة سوداء تبتلع نظرية التطور برمتها".11
ولم ييأس باقي العلماء من دعاة التطور, واستمروا في الطريق نفسه الذي سلكه أوبارين وأجروا أبحاثهم للتوصل لأصل الحياة, وأشهر بحث أجريَ من قبل الكيميائي الأمريكي "ستانلي ميلر" سنة 1953 حيث افترض وجود مواد ذات غازات معيّنة في الغلاف الجوي في الماضي البعيد, ووضع هذه الغازات مجتمعة في مكان واحد وجهزها بالطاقة, واستطاع أن يحصل على بعض الأحماض الأمينية التي تدخل في تركيب البروتينات .
وعدّت هذه التجربة في تلك السنوات خطوة مهمة إلى الأمام, ولكن سرعان ما ثبت فشلها, لأن المواد المستخدمة في التجربة لم تكن تمثل حقيقة المواد التي كانت موجودة في الماضي السحيق, وهذا الفشل ثبت بالتأكيد في السنوات اللاحقة .
وبعد فترة صمت طويلة اضطر ميللر نفسه إلى الاعتراف بأن المواد التي استخدمها في إجراء التجربة لم تكن تمثل حقيقة المواد التي كانت توجد في الغلاف الجوي في سالف الزمان.12
وباءت بالفشل كل التجارب التي أجراها الدارونيون طوال القرن العشرين, وهذه الحقيقة تناولها "جيفري بادا" الأخصائي في الكيمياء الجيولوجية في المعهد العالي في سان ديغو سيكريس في مقال نشره سنة 1998 على صفحات مجلة "الأرض" ذات التوجه الدارويني. وجاء في المقال ما يلي:
"نحن نودع القرن العشرين وما زلنا كما كنا في بدايته نواجه معضلة لم نجد لها إجابة, وهي: كيف بدأت الحياة ؟"13

الطبيعة المعقدة للحيـاة
السبب الرئيسي الذي جعل نظرية التطور تتورط في هذه المتاهات أن هذا الموضوع العميق لأصل الحياة معقد للغاية. حتى للكائنات الحيّة البسيطة بشكل لا يصدقه العقل .
إن خلية الكائن الحي أعقد بكثير من جميع منتجات التكنولوجيا التي صنعها الإنسان في وقتنا الحاضر ولا يمكن إنتاج ولو خلية واحدة بتجميع مواد غير حيّة في أكبر المعامل المتطورة في العالم .
إن الشروط اللازمة لتكوين خليّة حيّة كثيرة جدّاً, لدرجة أنه لا يمكن شرحها بالاستناد على المصادفات إطلاقاً. غير أن احتمال تكوين تصادفي للبروتينات التي هي حجر الأساس للخليّة, على سبيل المثال: احتمالية تكوين بروتين متوسط له 500 حمض أميني و هي 10 قوة 950 تعد مستحيلة على أرض الواقع.
الذي يحفظ المعلومات الجينية في نواة الخليّة يعد بنكا هائلاً للمعلومات لا يمكن تصور ما فيه. فهذه المعلومات تمثل مكتبة تشتمل على تسع مئة مجلد. وكل مجلد عدد صفحاته خمس مئة صفحة.
وهناك أيضاً ازدواجية أخرى غريبة في هذه النقطة وهي أن الشريط الثاني لـDNA لا يمكن تكونه إلا ببعض البروتينات ( الأنزيمات )الخاصة. ولكن إنتاج هذه الأنزيمات يتم حسب المعلومات الموجودة في د.ن.أ فقط لارتباطها الوثيق ببعضها, فلا بد من وجودها معاً في الوقت نفسه لكي تتم الإزدواجية. فهو يؤدي إلى الوقوع في مأزق الفكرة التي تقول : إن الحياة قد وجدت من ذاتها, ويعترف بهذه الحقيقة الدارويني المعروف " ليسلي أورجيل "14 .

إن البروتينات والحمضيات النووية د.ن.أ / ر.ن. أ التي تمتلك مكونات غاية في التعقيد يتم تكونها في الوقت نفسه والمكان نفسه, واحتمال تكونهما مصادفة عملية غير مقبولة تماماً, فلا يمكن إنتاج أحدهما دون أن يكون الآخر موجودا, وبذلك يكون الإنسان مضطرًا إلى الوصول إلى نتيجة وهي استحالة ظهور الحياة بطرق كيميائية.
إن كان ظهور الحياة بطريق المصادفة مستحيلاً فيجب أن نعترف بخلق الحياة بشكل خارق للطبيعة, هذه الحقيقة تبطل نظرية التطور التي بنت كل مقوماتها على أساس إنكار الخلق.

الآليات الخيالية لنظرية التطور
القضية الثانية التي كانت سبباً في نسف نظرية دارون كانت تدور حول "آليات التطور"، فهذا الادعاء لم يثبت في أي مكان في دنيا العلم لعدم صحته علمياً ولعدم احتوائه على قابلية التطوير الحيوي. وحسب ادعاء دارون فإن التطور حدث نتيجة "الانتخاب الطبيعي" وأعطى أهمية استثنائية لهذا الادعاء, وهذا الاهتمام من قبله يتضح من اسم الكتاب الذي سماه "أصل الأنواع عن طريق الانتخاب الطبيعي". إن مفهوم الانتخاب الطبيعي يستند إلى مبدإ بقاء الكائنات الحيّة التي تظهر قوة وملاءمة تجاه الظروف الطبيعية. فعلى سبيل المثال: لو هدّد قطيع من الغزال من قبل الحيوانات المفترسة فإن الغزالة الأسرع في العدو هي التي تستطيع البقاء على قيد الحياة. وهكذا يبقى القطيع متألفاً من أفراد أقوياء سريعين في العدو. ولكن هذه الآلية لا تكفي أن تطور الغزال من شكل إلى آخر, كأن تحولها إلى خيول مثلاً. لهذا السبب لا يمكن تبني فكرة "الانتخاب الطبيعي" كوسيلة للتطور. وحتى دارون نفسه كان يعلم ذلك وذكره ضمن كتابه "أصل الأنواع" على النحو التالي: " طالما لم تظهر تغييرات إيجابية فإن الانتخاب الطبيعي لا يفي بالغرض المطلوب " 15.

تأثير لامارك
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف كانت ستحدث هذه التغيرات الإيجابية ؟ أجاب دارون على هذا السؤال استناداً إلى أفكار من سبقوه من رجالات عصره مثل لامارك . ولامارك عالم أحياء فرنسي عاش ومات قبل دارون بسنوات كان يدّعي أن الأحياء تكتسب تغيرات معيّنة تورثها إلى الأجيال اللاحقة. وكلما تراكمت هذه التغيرات جيلاً بعد جيل أدت إلى ظهور أنواع جديدة, وحسب ادعائه فإن الزرافات نشأت من غزلان نتيجة محاولتها للتغذي على أوراق الأشجار العالية عبر أحقاب طويلة . وأعطى دارون أمثلة مشابهة في كتابه "أصل الأنواع"، فقد ادعى أن الحيتان أصلها قادم من الدببة التي كانت تتغذى على الكائنات المائية، وكانت مضطرة للنزول إلى الماء بين الحين والآخر. 16
إلا أن قوانين الوراثة التي اكتشفها مندل والتطور الذي طرأ على علم الجينات في القرن العشرين أدى إلى نهاية الأسطورة القائلة بانتقال الصفات المكتسبة من جيل إلى أخر، وهكذا ظلت "آلية الانتخاب الطبيعي" آلية غير ذات فائدة أو تأثير من وجهة نظر العلم الحديث.

الدارونية الحديثة والطفرات الوراثية
قام الدارونيون بتجميع جهودهم أمام المعضلات الفكرية التي واجهوها خصوصاً في ثلاثينيات القرن العشرين وساقوا نظرية جديدة أسموها بـ "نظرية التكوّن الحديث" أو ما عرف بـ "الدارونية الحديثة"، وحسب هذه النظرية الحديثة فهناك عامل آخر له تأثير تطوري إلى جانب الانتخاب الطبيعي. وهذا العامل يتلخص في حصول طفرات وراثية أو جينية تكفي سبباً لحدوث تلك التغيرات الإيجابية المطلوبة . وهذه الطفرات تحدث إما بسبب التعرض للإشعاعات أو نتيجة خطأ في الاستنساخ الوراثي للجينات .
وهذه النظرية لا زالت تدافع عن التطور لدى الأحياء تحت اسم الدارونية الحديثة. وتدّعي هذه النظرية أن الأعضاء والتراكيب الجسمية الموجودة لدى الأحياء والمعقّدة التركيب كالعين والأذن أو الكبد والجناح ...الخ لم تظهر أو تتشكل إلا بتأثير حدوث طفرات وراثية أو حدوث تغييرات في تركيب الجينات, ولكن هذا الادعاء يواجه مطباً علمياً حقيقياً, وهو أن الطفرات الوراثية دائماً تشكل عامل ضرر على الأحياء ولم تكن ذات فائدة في يوم من الأيام .
وسبب ذلك واضح جداً فإن جزيئات الـ "د.ن.أ" معقدة التركيب للغاية. وأي تغيير جزيئي عشوائي مهما كان طفيفاً لا بد أن يكون له أثر سلبي, وهذه الحقيقة العلمية يعبّر عنها ب. ج. رانكاناثان الأمريكي المتخصص في علم الجينات كما يلي: "إن الطفرات الوراثية تتسم بالصغر والعشوائية والضرر, ولا تحدث إلا نادراً وتكون غير ذات تأثير في أحسن الأحوال. إن هذه الخصائص العامة الثلاث توضح أن الطفرات لا يمكن أن تلعب دوراً في إحداث التطوّر, خصوصاً أن أي تغيير عشوائي في الجسم المعقد لا بدّ له أن يكون إما ضاراً أو غير مؤثر, فمثلاً أي تغيير عشوائي في ساعة اليد لا يؤدي إلى تطويرها, بل الاحتمال الأكبر أن يؤدي إلحاق الضرر بها أو أن يصبح غير مؤثر بالمرة."17
وهذا ما حصل فعلاً, لأنه لم يثبت إلى اليوم وجود طفرة وراثية تؤدي إلى تحسين البنية الجينية للكائن الحيّ , والشواهد العلمية أثبتت ضرر جميع الطفرات الحاصلة. وهكذا يتضح أن هذه الطفرات التي سيقت باعتبارها سبباً لتطور الأحياء من قبل الدارونية الحديثة تمثل وسيلة تخريبية التأثير على الأحياء. وأفضل مثال للطفرة الوراثية الحاصلة لجسم الإنسان هو الإصابة بمرض السرطان, ولا يمكن والحال كذلك أن تصبح الطفرات الوراثية ذات التأثير الضار آلية معتمدة علمياً لتفسير عملية التطور. أما آلية الانتخاب الطبيعي فهي بدورها لا يمكن أن تكون مؤثرة لوحدها فقط حسب اعترافات دارون نفسه , وبالتالي لا يمكن أن يوجد مفهوم يدعى بـ "التطور"، أي أن عملية التطور لدى الأحياء لم تحدث على الإطلاق.





رد باقتباس