
24.06.2011, 10:46
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
24.04.2009 |
الجــــنـــــس: |
أنثى |
الــديــــانــة: |
الإسلام |
المشاركات: |
3.944 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
29.08.2013
(18:25) |
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
|
|
|
|
|
بناء المدن:
يقال :إن الحضارة الإسلامية هي حضارة مدن، فقد بنى خلال هذه الحضارة مئات المدن، ما يزال كثير منها موجود حتى الآن
وقد بدأ هذا الاتجاه الحضاري عمر بن الخطاب ،وذلك حين قدمت إليه الوفود بعد فتح جلولاء وحلوان فلم تعجبه هيئاتهم وأجسامهم فقال لهم: ما الذي غيركم؟ قالوا: وخومة البلاد، فكتب إلى سعد بن أبي وقاص: أن ابعث سلمان وحذيفة رائدان ليرتادا منزلاً بريًا بحريًا، فظفر بالكوفة وأقرهم عمر وأذن لهم في البنيان ولكن على ألا يتطاولون في البنيان، وقال لهم: (الزموا السنة تلزمكم الدولة) وطلب من سعد أن يدعو أبا الهياج بن مالك ،وأمره أن يجعلها مناهج (شوارع) عرض كل منها أربعون ذراعًا، وأخرى عرض كل منها ثلاثون ذراعًا، وأخرى عرض كل منها عشرون ذراعًا لا تضيق عن ذلك شيئًا.
ثم بنيت البصرة وفي مصر بنيت الفسطاط والجيزة ،ولذلك يلقب ـ رضي الله عنه ـ بأنه (أبو المدن) وهو لا يكتفي بالإذن بالبناء، بل يخطط لهم موقع المدينة المناسب (ليس بينه وبينهم ما يمنع الوصول إليهم)ومقدار اتساع شوارعها، وينهاهم عن التطاول في البناء حتى يبقى المسلمون في حالة وسط ، ولا ينتقلون إلى حالة الرفه والإسراف، وإذا وقع ذلك فعندئذ تذهب عنهم الدولة ، ويروى أن عمرو بن العاص أمير مصر اتخذ منبرًا مرتفعًا، فكتب إليه عمر: بلغني أنك اتخذت منبرًا ترقى به على رقاب المسلمين، أو ما بحسبك أن تقوم قائمًا، فعزمت عليك لما كسرته، وبنى خارجة بن حذافة غرفة (فوق البناء الأرضي) فكتب إلى عمرو بن العاص: فقد بلغني أن خارجة بنى غرفة، وقد أراد خارجة أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فاهدمها إن شاء الله..
إنها عبقرية عمر في النظرة للمستقبل وما سيؤول إليه أمر المسلمين حين يقعون في الترف المهلك، وفي تبديد الأموال على البناء والزخرفة.
حرية الفرد وكرامته وشخصيته:
إن حماية حرية الإنسان وصيانة كرامته من أهم المطالب الشرعية، ولا تستقيم الحياة البشرية بدونها، فالاعتزاز بالنفس وخلق الإباء من الأسس الهامة لنضج الأخلاق؛ ولذلك اهتم عمر رضي الله عنه بهما، ويقول مخاطبًا وفود المسلمين إلى المدينة: "أيها الناس، إني والله ما أرسل عمالاً (أمراء) ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فو الذي نفس عمر بيده لأقصنه منه، قال عمرو بن العاص: لو أن رجلاً أدب بعض رعيته أتقصنه منه؟ قال: أي والذي نفسي بيده إذن لأقصنه منه، وكيف لا أقصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه.." وكان يقول للعمال (أمراء المناطق) "لا تضربوا أبشار الناس فتذلوهم" فهو رضي الله عنه يهتم بكرامة المسلم لأن في ضربه إذلالاً له، وعندئذ يصبح شخصية ضعيفة مستكينة، وليس هذا من تربية الإسلام.
بل هو يهتم بكرامة الإنسان، كل إنسان وهو الذي قال قولته المشهورة :
"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا" عندما ضرب مسلم رجلاً قبطيًا في مصر.
ومن اهتمامه بشخصية المسلم التي يريدها أن تبقى في حالة وسط لا تقع في الترف ولا تصل إلى حالة الشظف، شخصية متعالية على عبادة الأثاث والرياش، يقول مخاطبًا المسلمين "اخشوشنوا وتمعددوا (5) وانزوا على الخيل" ويطلب من الآباء تعليم أولادهم السباحة والرماية وركوب الخيل، ويطلب من سعد بن أبي وقاص بناء المدن بعيدًا عن المستنقعات حماية لصحة المسلمين.
العلم ونشر العلم:
من البديهي أن القرآن الكريم هو أساس العلم وأساس الحضارة الإسلامية، وقد نوه القرآن وأشاد كثيرًا بالعلم والعلماء وأثار في نفوس المسلمين حب العلم والتعلم، ومن أعظم أعمال عمر جهوده العلمية خدمة للإسلام ما أشار به على أبي بكر رضي الله عنه في جمع القرآن، وكانت طريقة جمعه على أسس علمية دقيقة فقد وضع عمر منهجًا للتوثيق، فلا يؤخذ أي مخطوط (آية أو آيات) لا يشهد شخصان على أنه مكتوب وليس من الذاكرة فقط، فجمع بين الحفظ في الذاكرة والكتابة، شاهدين عدلين على الكتابة وشاهدين عدلين على الحفظ (اسم القرآن يدل على القراءة واسم الكتاب يدل على الكتابة).
وبعد أن تم هذا المشروع العظيم كان الذي يشغل بال عمر هو تعليم المسلمين هذا الكتاب ،وخاصة الذين أسلموا بعد أن فتحت بلدانهم
ولذلك أرسل المعلمين من كبار الصحابة إلى المناطق المفتوحة ليعلمونهم دينهم، أرسل عبد الله بن مسعود إلى الكوفة، وعمران بن حصين ومعقل بن يسار إلى البصرة، وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل إلى الشام، فالفتوحات لا تترسخ وتستقر إلا بأن تنصهر هذه الشعوب في بوتقة الإسلام ، ويعيش المسلمون أمة واحدة، وحتى ينتشر العلم في كل مكان، أرسل عمر رجلاً يجول بين القبائل في البادية معلمًا للقرآن، أي أن عمر نشر التعليم الإلزامي.
الاهتمام بالوقت والتاريخ:
عندما قدم إلى عمر صك مكتوب عليه كلمة (شعبان) قال عمر: كيف نعلم أن المقصود شهر شعبان الماضي أم الحالي؟
فعقد مجلسًا للشورى حضره كبار الصحابة وعرض هذه المسألة، أي تحديد التاريخ حتى لا تقع الأخطاء في العقود والمعاملات، فقال البعض: أرخوا من مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال آخرون من مبعثه، وأشار علي ـ رضي الله عنه ـ إلى أن يؤرخ من الهجرة، فاستحسن عمر هذا الرأي ، واستقر الأمر على أن تكون بداية التأريخ من بداية هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأرخوا من محرمها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1 ـ يقول المؤرخ الأمريكي ( ول ديورانت ) واصفاً مجيء عمر إلى بيت المقدس: "وجاء الخليفة نفسه للتصديق على شروط التسليم ، جاء من المدينة في بساطة أفخر من الفخامة " [قصة الحضارة 13 / 76
وعن أبي الغادية الشامي قال: "قدم عمر الجابية على جمل أورق تلوح صلعته للشمس ليس عليه قلنسوة ولا عمامة".
2 ـ مالك بني نبي: مشكلة الأفكار /40
3 ـ القلقشندي: مآثر الإناقة في معالم الخلافة 1/19
4ـ قال أحد أساتذة الجامعات في أمريكا: إن أعظم إنجازات الرئيس (أيزنهاور) هي شبكة الطرق التي أنجزت في عهده وليس انتصاراته في الحرب.
5 ـ أي كونوا مثل جدكم معد بن عدنان في البأس والخشونة.
المصدر: موقع المسلم
للمزيد من مواضيعي
|