بقيت معجزة عظيمة باهرة للسيد المسيح لم يوردها الكتاب المقدس
خلق الطير من الطين والنفخ فيه
سوف نحقق في معجزة المسيح عليه السلام في خلق الطير من الطين بإذن الله ونلقي الضوء علي :
الفرق بين الخلق التصويري والخلق الإبداعي
ونبين كيف ان المسيح لم ينفرد بالخلق غير الإبداعي
بداية الخلق لغة التقدير والتصوير
ويقال : خَلَقْتُ الأديمَ، إذا قَدَّرْتَهُ قبل القطع
والخلق نوعان ..
1- الخلق التقديرى بمعني إيجاد الشيء من شيء (التحويل) وهو يستلزم وجود الشىء الأصلى (المادة الأولية)
2- الخلق الإبداعي بمعني إيجاد الشيء من لا شيء (الخلق من عدم)
فالله تعالى يصف خلقه للسماوات والأرض بالإبداع :
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
فالخلق التقديري يقدر عليه كل الناس لا شك في ذلك وقد نسب الي المشركين في القرآن : (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا)
أى تصنعون إفكا
وإذا تدبرنا الآيات سوف نجد أن خلق المسيح التقديرى للطير لم يكن أصلا معجزا .... فكل منا يستطيع ان يصور من الطين كهيئة الطير (لو كان هذا جائزا في شريعتنا) ..
أما المعجزة فهي تكمن في أنه ينفخ في الطير فيصير طيرا بإذن الله :
(وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
فالمسيح عليه السلام استخدم الطين (وهو مادة ليست من إبداعه) ... ولو كان إلها لخلق الطين ذاته
ولو كان إلها لخلق إنسانا حيا خلقا ابداعيا بقول (كن) فيكون إنسانا دون أن يحتاج الي الطين ودون أن يقول (بإذن الله)
ماذا عن نفخ المسيح في الطير ؟؟؟
لا شك أنها معجزة مبهرة لكنه لم يفعلها بأمره بل بإذن الله الذي جعل عبده سببا كما جعل الملاك سببا في الخلق والإحياء والإماتة وأظهر أفعالا كثيرة من العباد ولكن يبقي الفاعل الحقيقي هو الله
وما أظهر الله في المسيح لم يتفرد به
فالله يخلق بواسطة ملائكته
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب أذكر أم أنثى فيقضى ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب رزقه فيقضى ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة فى يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص)
صحيح مسلم
فمن الواضح أن الحديث أضاف الخلق إلي الملاك .... ولا يشك أحد أن الخالق المبدع هو الله ... كذلك الخلق من الطين كهيئة الطير ونفح الروح فيه جاز أن يضاف الي المسيح كما جاز أن يضاف الخلق إلي الملائكة , فكلاهما مخلوق
ونري أيضا أن الإماتة تضاف إلي الله في القرآن وتضاف إلي ملك الموت في موضع آخر وإلي الملائكة مرة أخري :
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)
(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)
وبالطبع .... فالملائكة لا تتوفى الأنفس من تلقاء ذاتها ... بل بأمر الله
كذلك ... لم يكن المسيح عليه السلام يخلق الطير من تلقاء نفسه ... بل بأمر الله
إذن .... فصانع المعجزة الحقيقى .... هو الله