اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 30.12.2009, 18:24

Ahmed_Negm

مجموعة مقارنة الأديان

______________

Ahmed_Negm غير موجود

فريق النصرانيات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 20.11.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 680  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
28.09.2012 (20:17)
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي


تقرير علمي (6)ـ المسيحية ديانة موحدة

وفي الفصل الثالث من هذا الكتاب .. وتحت هذا العنوان .. ادعى كاتب هذا « المنشور التنصيري » أن « كلمة الله .. التي هي المسيح ، تعنى « عقل الله » وقدرته على إِعلان ذاته وتنفيذ إِرادته » .. فالكلمة هي العقل – اللوجس .

وفي الحوار مع هذه الدعوى نقول :

إِذا كان المسيح هو كلمة الله .. وإِذا كانت الكلمة – المسيح - « تعني العقل الإِلهي وقدرته على إِعلان ذاته وتنفيذ إِرادته » .

وإِذا كان المسيح – الكلمة .. العقل – قد ولد من مريم .. فهل قبل المسيح كان الله بلا عقل وبلا قدرة على إِعلان ذاته وتنفيذ إِرادته ؟ ! .

وإِذا قيل : إِن عقل الله اتحد بالمسيح – أي بالناسوت – في رحم مريم .. فهل دخل الله بعقله في رحم مريم ؟! .. أم دخل عقله وحده رحم مريم ، وبقي الله بلا عقل ؟! .. وإِذا كان الله قد اتحد بالمسيح في رحم مريم – اتحاد اللاهوت والناسوت – فهل كان الله يدب الكون ، ويعلن ذاته وينفذ إِرادته من داخل رحم مريم ؟! .

وإِذا كان الثلاثة – الآب .. والابن .. والروح القدس – هم واحد – لا ثلاثة – مثل حرارة الشمس .. وضوئها ، المتحدان بها – كما يحلو لهم التمثيل بذلك في تفسير « وحدة الثالثوث » .. فإِن الضوء وحده لا تقوم بوظيفة الشمس .. وإِنما لابد من مكونات الشمس : الضوء .. والحرارة .. وغيرها للقيام بوظائف الشمس .

لكن المسيحيين يجعلون المسيح إِلها كاملا يقوم بكل وظائف الإِله ، حتى لقد جعلوه بديلا للآب .. فهو – عندهم – خالق كل شيء .. وبه كان كل شيء .. وبدونه لم يكن شيء .. وهو الألف والياء .. وبذلك سقط « تسويق » وحدة الثالوث ، بالقياس على مكونات الشمس .

لقد تجاوزوا التثليث وتعدد الآلهة إِلى الشرك ، الذي حل فيه المسيح محل الله – الآب .

ولقد سبق للإِمام الفخر الرازي أنه سد الطريق على النصارى في هذا التخريج الذي حاولوا به جمع المتناقضات – التثليث والتوحيد – وذلك عندما عرض مذهبهم هذا فقال :

« إنهم يقولون : إِن أقنوم الكلمة اتحد بعيسى عليه السلام ، فأقنوم الكلمة إما أن يكون ذاتا أو صفة ، فإِن كان ذاتا فذات الله قد حلت في عيسى واتحدت بعيسى ، فيكون عيسى هو الإِله على هذا القول .

وإِن قلنا : إِن الأقنوم عبارة عن الصفة ، فانتقال الصفة من ذات إِلى ذات أخرى غير معقول .

ثم ، بتقدير انتقال أقنوم العلم عن ذات الله تعالى إِلى عيسى يلزم خلو ذات الله عن العلم ، ومن لم يكن عالما لم يكن إِلها .. » (27) .

أما كون المسيح – في القرآن الكريم - « كلمة الله » :

{ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } [ النساء : 171 ] .

فمعناها : خلق الله .. فكلمات الله لا نهائية .. أي خلقه ومخلوقاته .

{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [ لقمان : 27 - 28 ] ، { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } [ الكهف : 109 ] . فلكلمات الله هي خلقه .. ووحيه .. وقضاؤه .

وأما كون المسيح – في القرآن – هو روح من الله .

{ وَرُوحٌ مِّنْهُ } [ النساء : 171 ] .

فإِنها لا تعني ألوهيته .. فلقد نفخ الله – سبحانه وتعالى – في آدم من روحه .. ولم يقل أحد إِن آدم قد صار إِلها بسبب احتوائه على روح من الله .

{ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ } [ السجدة : 9 ] ، { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [ الحجر : 29 ] . ثم .. إِن هذا القرآن الكريم – الذي يستشهد به هذا الكتاب ، في هذه المواطن ، وبهذه الآيات ، ليوهم قراءه انحياز القرآن لعقائد النصرانية في ألوهية المسيح .. إِن هذا القرآن هو ذاته الذي نفى نفياقاطعا ألوهية المسيح وبنوته لله ، وحكم على من قال ذلك بالكفر والشرك .

{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } [ المائدة : 72 – 77 ] .

هذا هو القرآن ، الذي يحاول كاتب هذا « المنشور التنصيري » أن يستشهد به .. يعلن أن المسيح : كلمة الله .. أي خلقه .. نفخ فيه من روحه .. كما نفخ في آدم من روحه .. وأنه – المسيح – عبد الله ورسوله ، كالخالين من الرسل .. وأن الذين ألهوه ، وقالوا بالتثليث قد كفروا بالوحدانية .. وسقطوا في مستنقع الإِشراك بالله الواحد الأحد .

وأما تفويض القرآن الكريم للمسيح – عليه السلام – معجزات الخلق .

{ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ } [ آل عمران : 49 ] .

فهو معجزة بإِذن الله ، وليست خلقا ابتدائيا كخلق الله .

وكذلك شفاؤه للمرضى .. وإِحياؤه للموتى .. هو إِعجاز بإِذن الله :

{ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ } [ آل عمران : 49 ] .

فهو إعجاز يظهره الله على يديه ، وليس ثمرة لألوهيته .. وإِلا كان شريكا لله في الخلق والإِحياء والإِماتة .. والشراكة تعنى الشرك لا التوحيد .. ثم إِنه هو – المسيح – مخلوق لله ، بإِعجاز دون إِعجاز خلق آدم – عليهم السلام .

واستدلال الكتاب بآية سورة الزخرف :

{ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } [ الزخرف : 61 ] .

استدلاله بجعل القرآن المسيح من علامات الساعة .. يتجاهل أن هذه الآية مسبوقة بالآية 59 التي تقول :

{ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائيلَ } [ الزخرف : 59 ] .

فهو عبد الله ورسوله .. جعله آخر أنبياء بني إسرائيل .. وعلامات الساعة – كل علاماتها – مخلوقة لله الواحد الأحد .. وليس من بينها علامة تشارك الله في الألوهية والخلق .. ولم يقل عاقل إِن علامات الساعة – وهي كثيرة – هي آلهة مع الله ! .

وميلاد المسيح بلا أب بشري ، لا يعني ألوهيته .. وإلا لكان آدم – عليه السلام – أولى بذلك .. فلقد خلق دون أب ولا أم .. إِنهم خلق الله .. وكلمات الله .. خلقوا بقدرة الله الواحد الأحد :

{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] .

فهو معجزة ، خلقه الله دون أب .. والإِعجاز في خلقه أقل من الإِعجاز في خلق آدم .. ولذلك عبر القرآن الكريم بلفظ : « كمثل آدم » .. والمشبه « خلق آدم » لم يبلغ – في الإِعجاز – مبلغ المشبه به « خلق آدم » .

وإِذا كان المسيح قد جاء بمعجزات كثيرة ، فإِنما كان ذلك لغلاظة القلوب والعقول في بني إسرائيل والرقاب في بني إِسرائيل .. وإِلا فتكفى للداعي معجزة واحد تتم بها المفارقة للواقع والخرق لقوانينه ، والتحدي المعجز ، المعلن عن صدق الرسول .

ثم إِن المسيح – عليه السلام – قد تألم .. وبكى .. وصرخ .. واستغاث .. وهي من نواقص البشر الممتازين – فضلا عن الأنبياء – وإِن تكن نواقص خارجه عن نطاق التبليغ عن الله .

وقبل كل هذا وبعده .. فإِن مصدر عقائد المسيحية في ألوهية المسيح ، وبنوته لله ، وصلبه .. مصدرها الأناجيل ، التي ثبت – بالعقل والنقل واستقراء واقعها – افتقارها للشروط الضرورية التي تجعلها مصدر صد لنظرية اجتماعية أو فلسفية ، فضلا عن أن تكون مصدر صدق لدين من الأديان .

إِن ألوهية المسيح .. وبتوته لله :

ترفضها أسفار العهد القديم .. وترفضها اليهودية .. التي جاء المسيح – عليه السلام – ملتزما بشريعتها وعقيدتها .. ومضيفا إِليها « التعاليم » .

ويرفضها القرآن الكريم .. والإِسلام .. ويعدها شركا بالله وكفرا بوحدانيته .

وإذا كانت الأناجيل – التي ذكرت في دوائر المعارف والموسوعات والدراسات المسيحية ، قد وصل عددها إِلى مائة إِنجيل .. فإِنه لم يقل بألوهية المسيح ، من بين تلك الأناجيل المائة ، سوى إِنجيل واحد هو إِنجيل يوحنا !! .

فهل من الجائز : والمعقول أن تهمل كل الأناجيل الأخرى الإِشارة إِلى هذه العقيدة المحورية – الألوهية وطبيعة الإِله – وينفرد بها إِنجيل واحد – من بين مائة إِنجيل ؟ ! .

بل لقد أنكرت هذه العقيدة – ألوهية المسيح – كثير من هذه الأناجيل ، التي قالت إِن المسيح مخلوق ، كان بعد أن لم يكن ، وهو عبد الله ورسوله .

بل لقد ظلت هذه العقيدة – القائلة إِن المسيح هو عبد الله ورسوله – العقيدة السائدة في النصرانية إِبان القرون الأولى من تاريخ المسيحية .

وإِذا كان عمدة الأدلة المسيحية على ألوهية المسيح هو أنه « الكلمة » بمعنى : الوحي .. أو الأمر الإِلهي .. أو الرسالة النبوية ، عند أنبياء العهد القديم .. ولم تشر هذه الأسفار بمصطلح « الكلمة » إِلى المسيح – ابن مريم – أو أي مسيح آخر .

وكذلك صنع القرآن الكريم .. فكلمة الله – كما سبق وأشرنا – هي : قوله .. ووحيه .. ووعده .. وقضاؤه .. وحكمه .. وخلقه ..

{ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } [ المؤمنون : 100 ] ، { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ } [ آل عمران : 64 ] ، { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ] ، { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا } [ لأعراف : 137 ] ، { وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا } [ التوبة : 40 ] ، { وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ } [ التوبة : 74 ] ، { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } [ الفتح : 26 ] ، { وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } [ يونس : 19 ] ، { إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } [ آل عمران : 45 ] ، { إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ } [ النساء : 171 ] ، { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } [ الكهف : 109 ] .

وفي الأناجيل الأربعة المعتمدة لدى الكنائس النصرانية لم يرد مصطلح « الكلمة » في متى ومرقس .. وورد في لوقا بنفس معناه في أسفار العهد القديم Word « اسمعوا الكلمة التي تكلم بها الرب عليكم يا بيت إِسرائيل » إِرميا 1 : 1 .. وقال عن يوحنا المعمدان : « كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية » إِصحاح 2 : 3 وعن يسوع : « إِذا كان الجميع يزدحم عليه ليسمع كلمة الله » إِصحاح 5 : 1 .

كما أطلق مصطلح « الكلمة » على تعليم تلاميذ المسيح للناس : « وكثيرون من الذين سمعوا الكلمة آمنوا » أعمال 4 : 4 .. وعلى تعليم بولس : « هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة » أعمال 19 : 20 .

هكذا اتفق التراث اليهودي – في أسفار العهد القديم – وأناجيل : متى ولوقا ومرقس وأعمال الرس على أن معنى « الكلمة » هو التعليم .. أو الوحي .. أو الأمر الإِلهي الصادر عن قصد واختيار من قبل الله تعالى إِلى الناس عن طريق إِنسان معين ، هو النبي أو تابع النبي .

ومع العهد القديم وهذه الأناجيل وقف القرآن الكريم في معنى « الكلمة » .

لكن الشذوذ الذي أوقع المسيحيين في تأليه المسيح – عليه السلام – قد جاء من الإِنجيل الوحيد – إِنجيل يوحنا – الذي فسر « الكلمة » - أي المسيح – بأنها العقل Logos وهو المعنى اليوناني الذي ساد في الفلسفة الوثنية اليونانية .. فجعل المسيح – كلمة الله – عقل الله ، ومن ثم فهو متحد به .. أي إِله !! .

ولذلك ، كان هذا الإِنجيل هو الوحيد .. من بين الأناجيل .. المعتمدة – وهي أربعة – وغير المعتمدة – والتي يصل عددها في بعض الدراسات إِلى مائة إِنجيل – كان هذا الإِنجيل هو الوحيد الذي ادعى كاتبه ألوهية المسيح ، لأنه « الكلمة » - بمعنى « العقل » - عقل الله – ومن ثم كان هذا الإِنجيل وحده هو المصدر لعقيدة الحلول والاتحاد والتثليث والتأليه للمسيح .

ففي هذا الإِنجيل – وحده – جاء : « في البدء كان الكلمة ، وكان الكلمة عند الله ، وكان الكلمة الله » يوحنا 1 : 1 .

وبعد هذا التصوير للكلمة بأنها هي الله .. ذهب هذا الإِنجيل – وحده أيضا – فجعل الكلمة كيانا مستقلا : « والكلمة صار جسدا ، وحل بيننا » يوحنا 1 : 14 .. فدخل في الحلول والاتحاد والتعدد .

ثم ذهب هذا الإِنجيل – وحده – فأوغل على درب الوثنية والشرك إِلى حيث جعل الكلمة – المسيح – بديلا عن الله ، قائما بكل وظائف الإِله ! .. « هذا كان في البدء عند الله ، كل شيء به ، كان ، وبغيره لم يكن شيء مما كان » يوحنا 1 : 2 – 3 .

وهكذا نجد هذا الإِنجيل – الذي انفرد بتأليه المسيح .. وانفرد بتبني المعنى اليوناني الوثني للكلمة – العقل .. اللوجس ، والنزعة الغنوصية اليونانية .. الحلولية .. نجده قد جمع كما هائلا من التناقضات .

فإِذا كانت « الكلمة » هي الله ، فكيف تصير الكلمة – الله – جسدا حل بيننا ؟! .. هل خلق الله ذاته وجعلها جسدا ؟ ! .. أم أنه خلق جسدا – كما يخلق كل المخلوقات ؟ .

وإِذا كان قد خلق وصيّر جسدا حل بيننا .. فكيف يحل هذا المخلوق محل الخالق ، فيكون به كل شيء كان ، وبغيره لم يكن شيء مما كان ؟! .

ولا مخرج لهؤلاء الذين اعتمدوا في أم العقائد – الألوهية – على عبارات شاذة انفرد بها – وشذ – إِنجيل واحد – على عكس الأناجيل التي اقترب عددها من المائة .. وعلى عكس معنى الكلمة في العهد القديم والتراث اليهودي .. وعلى عكس القرآن ، والتراث الإِسلامي .. وعلى عكس معناها في أناجيل أخرى .. لا مخرج لهم من هذه التناقضات ، التي أدخلت الحلول والاتحاد والتعدد والشرك والوثنية إِلى التوحيد النصراني .. لا مخرج لهم إِلا العودة إِلى المعنى الحقيقي للكلمة : .

وحي الله ، ووعد الله ، وقضاء الله ، وحكم الله ، وخلق الله .

بدلا من المعنى الوثني ، الذي شع في الفلسفة الوثنية اليونانية – العقل .. اللوجس .. والذي تسرب إِلى المسيحية عندما تروَّمت ، واتخذت صورتها الرومانية – على يد بولس .

وبهذه العودة إِلى أصول النصرانية الموحدة .. ومعاني الكلمة في التراث الديني التوحيدي ، تعود المسيحية إِلى حقيقتها : تعاليم المسيح – عليه السلام – وبشارته ، في إِطار دين الوحدانية والتوحيد لله الواحد الأحد .. الفرد الصمد .. الذي لم يلد ولم يولد .. ولم يكن له كفوا أحد .

* * *





المزيد من مواضيعي
رد باقتباس