منتديات كلمة سواء الدعوية للحوار الإسلامي المسيحي

منتديات كلمة سواء الدعوية للحوار الإسلامي المسيحي (https://www.kalemasawaa.com/vb/index.php)
-   القسم الإسلامي العام (https://www.kalemasawaa.com/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   قاعدةٌ شريفةٌ في نعيمِ القلبِ وشقائِه (https://www.kalemasawaa.com/vb/showthread.php?t=3111)

خادم المسلمين 19.12.2009 17:41

قاعدةٌ شريفةٌ في نعيمِ القلبِ وشقائِه
 
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتـُه
بسمِ الله ، والحمدُ لله ، والصلاةُ والسّلامُ علىٰ رسولِ الله :3:
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا :3: عبدُهُ ورسولُه
حَيَّاكُمُ اللهُ جميعـًا يا طيّبين ، وبوّأكُمُ الجنّة
أمّا بعد ،

فهذه قاعدةٌ شريفةٌ عظيمةُ القدر، حاجةُ العبدِ إليها أعظمُ من حاجتِهِ إلى الطعامِ والشراب، والنفس، والروحِ التي بين جَنْبَيْه، مستفادةٌ من كلامِ شيخِ الإسلام -ابن تيميّة-، وفيها فوائدُ من كلامِ تلميذِهِ ابنِ القيّم -رحمهما الله تعالىٰ-.

فنقول: إنَّ كُلَّ عبدٍ وكلَّ مخلوقٍ فقيرٌ محتاجٌ إلى جلبِ ما ينفعُه، ودفعِ ما يضرُّه، والمنفعةُ هي مِن جِنسِ النَّعِيمِ واللَّذَّة، والمضرَّةُ هي من جِنسِ الألَمِ والعذاب.

فلابد له من أمرين:
أحدهما: هو المطلوبُ المقصودُ المحبوبُ الذي ينتفعُ به ويلتذَّذُ به.
والثاني: هو المُعِينُ المُوصِلُ لذلكَ المقصود، والمانعُ لحصولِ المكروه، أو الدافعُ لهُ بعدَ وقوعِه.

وهنا أربعة أشياء:
1- أمرٌ هو محبوبٌ مطلوبُ الوجود.
2- أمرٌ هو مكروهٌ مطلوبُ العدم.
3- الوسيلةُ إلى حصولِ المحبوب.
4- الوسيلةُ إلى دفعِ المكروه.
فهذه أربعةُ أمورٍ ضروريةٍ للعبد، لا يقومُ وجودُهُ وصلاحُهُ إلا بها.

إذا ثبت ذلك، فبيان ما ذكرنا من وجوه:
1- اللهُ -تبارك وتعالىٰ هو الذي يجبُ أن يكونَ هو المقصودُ المدعُوُّ المطلوب، وهو المُعِينُ على المطلوبِ وعلى دفعِ المكروه؛ فهو -سبحانه- الجامعُ للأمورِ الأربعةِ دونَ سِواه؛ قال تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } (الفاتحة:5)، فالعُبودِيَّةُ تتضمَّنُ المقصودَ المطلوبَ على أكملِ الوجوه، والمُستعانُ: هو الذي يُستعانُ به على المطلوب، فالأول: من معنىٰ الألوهية، والثاني: من معنىٰ الربوبية.

2- اللهُ جَلَّ جلالُهُ خلقَ الخلقَ لعبادتِهِ الجامعةِ لمعرفتِه، والإنابةِ إليه، ومحبَّتِه... الخ، وحاجتُهُم إليهِ في عبادتِهِم إياهُ كحاجتِهِم -وأَعْظَمُ- في خلقِهِ لهم، وربوبِيَّتِهِ إيَّاهُم؛ فإن ذلك هو الغايةُ المقصودةُ لهم.

وهذا مبنيٌّ علىٰ أصلين:
أ. عبادةُ اللهِ والإيمانُ بِهِ غذاءُ الإنسان، وقُوَّتُهُ وصلاحُهُ وقوامُه، كما دَلَّ عليهِ القرآن، وكما عليهِ أهلُ الإيمان، لا كما يقولُهُ من يقولُهُ إنَّ عبادَتَهُ تكليفٌ ومشقة؛ بل أوامرُ المحبوبِ قُرَّةُ العيونِ وسُرورُ القلوب، ونعيمُ الأرواح، ولذَّاتُ النفوس، وبها كمالُ النعيم.
ب. كمالُ النعيمِ في الدارِ الآخرةِ أيضًا بِهِ وحدَهُ سبحانَهُ وتعالىٰ، مثل: النظرُ إليهِ كما في المأثور: « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّة » (رواه النسائي، وصححه الألباني)، فاللذةُ والنعيمُ التامُّ في حظِّهِم من الخالقِ تعالىٰ أعظمُ مما يخطرُ بالبالِ أو يدورُ في الخيال.

وهذانِ الأصلانِ ثابتانِ في الكتابِ والسُنَّة، وعليهِما أهلُ الإيمانِ وأهلُ السنةِ والجماعةِ وعوامُّ الأُمَّة، وذلكَ من فطرةِ اللهِ التي فَطَرَ الناسَ عليها؛ ويزيدُ ذلك ويُقَرِّرُه:
أولاً: أنَّ المخلوقَ ليس عندهُ للعبدِ نفعٌ ولا ضرر، ولا عطاءٌ ولا منْع… الخ، بل رَبُّهُ هو الذي خلقَهُ ورزقَه، وبصَّرَهُ وهداه، وأسبغَ عليهِ نِعَمَه، وتحبَّبَ إليهِ مع غِناهُ عنه، وهذا كُلُّهُ يقتضي التوكلَ عليه سبحانَهُ والاستعانةَ بِه، ودعاءَهُ ومسألَتَهُ دون سواه، ويقتضي أيضًا مَحَبَّتَهُ وعِبادَتَه؛ لإحسانِهِ إلى عبدِه، وإسباغِ نِعَمِهِ عليه، فإذا عَبَدَهُ وأَحَبَّهُ وتوكلَ عليه من هذا الوجه، دخلَ في الوجهِ الأول.
ثانيًا: أنَّ تَعُلَّقَ العبدِ بما سوىٰ اللهِ مضرَّةٌ عليه، وكُلُّ من أَحَبَّ شيئًا لغيرِ اللهِ فلابد أن يَضُرَّهُ محبوبُه، ويكونَ سببًا لعذابِه؛ فالضررُ حاصلٌ لهُ إنْ وَجَدَ أو فَقَد، فإنْ فَقَدَ عُذِّبَ بالفراقِ وتَأَلَّم، وإنْ وَجَدَ فإنَّهُ يُحَصِّلُ من الألمِ أكثرَ مما يَحْصُلُ له من اللذَّة، وهذا أمرٌ معلومٌ -بالاعتبارِ والاستقراء- أنَّ كُلَّ من أَحَبَّ شيئًا دونَ اللهِ لغيرِ اللهِ فإنَّ مَضَرَّتَهُ أكثرُ من منفعَتِه، وعذابَهُ بِهِ أعظمُ من نَّعيمِه، فصارتِ المخلوقاتُ وَبَالاً عليه، وإلاَّ، ما كانَ للهِ وفي اللهِ فإنَّهُ كمالٌ وجمالٌ للعبد، وهذا معنىٰ حديثِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: « الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرَ الله وَمَا وَالاَهُ » (رواه الترمذي، وحسّنه الألباني).
ثالثًا: أنَّ اعتمادَ العبدِ علىٰ المخلوقِ وتوكُّلَهُ عليهِ يُوجِبُ له الضَّرَرَ من جِهَتِه؛ فإنَّهُ يُخذَلُ من تلكَ الجهة، وهو أيضًا معلومٌ بالاعتبارِ والاستقراءِ ما عَلَّقَ العبدُ رجاءَهُ وتوكُّلَهُ بغيرِ اللهِ إلا خابَ من تلك الجهة، ولا استنصرَ بغيرِ اللهِ إلا خـُذِل؛ ولَمَّا كانت غايةُ صلاحِ العبدِ في عبادةِ اللهِ وحدَهُ واستعانتِهِ بِهِ وحدَه، كانَ في عبادةِ غيرِهِ والاستعانَةِ بغيرِهِ غايةُ مَضَرَّتِه.

3- اللهُ غنيٌّ عن عبادَةِ عبادِه؛ فالرَّبُّ سبحانَهُ يريدُكَ لكَ ولمنفعَتِك، لا لينتَفِعَ هُوَ -سبحانَهُ- بِك، ونفعُهُ إيَّاكَ بلا مضرّة، بل رحمةً وإحسانًا وكَرَمًا مَحضًا؛ فإنه رحيمٌ لذاتِهِ -سبحانه-، محسنٌ لذاتِهِ -سبحانه-، كريمٌ لذاتِهِ -سبحانه-. وهذا بخلافِ الخلقِ كُلِّهِم، فتَدَبَّر هذا.

4- غالبُ الخلقِ يَطلُبونَ إدراكَ حاجتِهِم بك، وإنْ كان في ذلك ضررٌ عليك؛ فإنَّ صاحِبَ الحاجَةِ أعمى لا يعرِفُ إلا قضاءَها؛ فهم لا يُبالونَ بمضرَّتِكَ إذا أدركوا منكَ حاجاتِهِم، بل لو كان فيها هلاكُ دنياكَ وآخرَتَك لم يبالوا بذلك؛ فالسَّعيدُ الرَّابِحُ من عامَلَ اللهَ فيهِم، ولم يعامِلْهُم في الله، وخافَ اللهَ فيهِم، ولم يَخَفْهُم في الله، وأرضىٰ اللهَ بِسَخَطِهِم، ولم يُرضِهِم بِسَخَطِ الله، وآثَرَ اللهَ عليهِم، ولم يُؤثِرْهُم على الله، وأماتَ خوفَهُم ورجاءَهُم وحُبَّهُم مِن قلبِه، وأحيا حُبَّ اللهِ وخوفَهُ ورجاءَهُ فيه، فهذا هو الذي تكونُ مُعامَلَتُهُ لهم كُلُّها ربحًا، بشرطِ أن يصبرَ علىٰ أذاهُم، ويتِّخِذَهُ مَغنَمًا لا مَغرَمًا، ورِبحًا لا خُسرانا.

5- إذا أصابتكَ مضرَّةٌ فإنَّ الخلقَ لا يقدرونَ على دَفعِها إلا بإذنِ الله، ومشيئَتِهِ وقَدَرِه، ولا يَقصِدونَ دفعَها إلا لغرضٍ لهم في ذلك؛ فاللهُ هو الذي لا يأتي بالحَسَناتِ إلا هو، ولا يذهبُ بالسَّيِّئَاتِ إلا هو: { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (يونس:107).

6- الخلقُ لو اجتَهَدُوا أنْ يَنْفَعُوكَ لم ينفعوكَ إلا بأمرٍ قد كتبَهُ اللهُ لك، وكذلك لو اجتهدوا أن يَضُرُّوكَ لم يضروكَ إلا بأمرٍ قد كتبَهُ اللهُ عليك؛ فهم لا ينفعونَكَ إلا بإذنِ الله، ولا يضرونَكَ إلا بإذنِ الله؛ فلا تُعَلِّقْ بِهِم رجاءَك، وإذا كانت هذه حالُ الخليقةِ فتعليقُ الخوفِ والرجاءِ بِهِم ضارٌّ غيرُ نافِع.

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية -رحمه الله-:
"جِمَاعُ هذا أنك أنت إذا كنت غيرَ عالمٍ بمصلحَتِك؛ وغيرَ قادرٍ عليها؛ ولا مريدٍ لها كما ينبغي؛ فغيرُكَ من الناسِ أولىٰ أن لا يكون عالِمًا بمصلحتك، ولا قادِرًا عليها، ولا مُرِيدًا لها؛ واللهُ -سبحانه- هو الذي يَعلَمُ ولا تَعلم، ويقدِرُ ولا تقدِر، ويُعطِيكَ من فضلِهِ العظيم، كما في حديثِ الاستخارة: « اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوب » (رواه البخاري)". ا.هـ.المجلد الأول من مجموع الفتاوىٰ "قاعدة في توحيد الألوهية".

وقال الإمامُ ابنُ القيم -رحمه الله-:
"والمقصودُ أنَّ إلَهَ العبدِ الذي لابُدَّ لَهُ مِنهُ في كُلِّ حالةٍ وكُلِّ دقيقَةٍ وكُلِّ طَرْفَةِ عين، فهُوَ الإلَهُ الحقُّ الذي كُلُّ ما سِواهُ باطل، الذي أينما كانَ العبدُ فهو -سبحانه- مَعَه، وضرُورَتُهُ وحاجَتُهُ إليهِ لا تُشبِهُها ضرورةٌ ولا حاجة، بل هي فوقَ كُلِّ ضَرورة، وأعظمُ من كُلِّ حاجة، ولهذا قالَ إِمَامُ الحنفاء: { لا أُحِبُّ الآفِلِينَ } (الأنعام:76)". ا.هـ. طريق الهجرتين (1/121) ط. عالم الفوائد.

منقول "بتصرف"

أسالُ اللهَ العليَّ القديرَ أن يجعَلَهُ زادًا إلى حُسْنِ المصيرِ إليه ، وعَتادًا إلى يُمْنِ القدومِ عليه ، إنه بكلِّ جميلٍ كفيل ، هُوَ حَسْبُنا ونِعْمَ الوكيل

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

نضال 3 19.12.2009 19:27

http://nawasreh.com/islamic/up/12050969788711.gif

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ

الرَّحِيمُ}

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :"اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم


القيامة شفيعا لأصحابه"

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنه عرشه ومداد كلماته


جزاك الله خيرااا اخى الكريم خادم الاسلام

جعله الله في ميزان حسناتك ورزقنا و اياك جنة الفردوس و حسن الخاتمة

http://www.nawasreh.com/welcome/up/11921927782522.gif



جميع الأوقات حسب التوقيت الدولي +2. الساعة الآن 06:53.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.