يا متطرف
حين قالت لي العذراء : يا متطرف
24 أبريل , 2010 جلست في زاوية الغرفة وأنا أتطلع لها , كان وجهها يحمل تعبيراً لا يمكن التكهن بماهيته , لا تستطيع أن تقول حزناً ولا أن تقول فرحاً وليس بمستطاعك النظر كما يقال عبر نافذة روحها وكاشفة مكنونها ( عيناها ) كانت ممسكة بكتاب بيدها اليمنى تغوص برأسها إلى الأسفل فيه تارةً وتطير رافعةً رأسها ترمقني تارةً لم أشاهد تجعيدة أو قل خطاً من خطوط الدهر على جبينها أو حتى خدها , كانت جميلة ويبدو أنها مثقفة تعبت جداً وأنا أقاوم همساتها الصامتة , كنت أكاد أسمعها تقول لي ” أقترب ” ” هيت لك ” أعرف أنها لم تناديني ولكني أكاد أجيب النداء رغم أعجميتها إلا أنني أسمع قصائد امرئ القيس تخرج من ثغرها الساكن لم أطق تخاطب الأرواح هذا , وأردت كسر حاجز الروحانيات والتخيلات والدخول في الماديات والذبذبات - مرحبا ( قلت لها ) - مرحبا ( وصاغتها بابتسامة من نال شيئاً وثق بنيله ) - ما هذا الكتاب الذي بين يديك ؟ ( سؤال يحمل كل معاني العنجهية العربية ) - كتاب ! - أليس لهذا الكتاب أسم ؟ - له أسم , لكنك لن تفهمه - لماذا لن أفهمه - هو كتاب يتحدث عن الحرية وكما أرى من هندامك يبدو أنك متطرف وذو رأي وحيد - إذن هكذا ( قلتها وأنا أبتسم ) ضحكت وقالت – هكذا هممت بالرجوع لمكاني لكنها بادرتني وقالت : - لماذا اقتربت مني ؟ ( لم أكن أريد أن أكافئها بجوابي ولكني جداً لم أكن أريد الكذب ) قلت : - لجمالك ( ضحكت وصمتت برهة ثم قلبت الكتاب ووضعته على المقعد وكأنها تعمدت أظهار عنوانه لي ) نظرت لاسم الكتاب كان أسماً جذاباً وذو معنى سامي - كم تظنين باقي لك من العمر ؟ ( سألتها ) قالت – أطول من الباقي لك على ما أظن - أذكر قديماً أن أبي قال لي أن في أحد ليالي السمر على ضوء القمر أتى لنا فلاح بحشرة كانت تسمى ( أم 44 ) سميت بذلك لأنها تحمل أربع وأربعين رجلاً http://www.aboshms.com/wp-content/up...10/04/44ii.jpg ( ثم صمت قليلاً فأجابتني هي بكل حماسة ) - أكمل - فسأل أحد الحضور ذاك الفلاح هل يمكن أن يخلق الله حشرة بخمس وأربعين رجلاً فأجابه الفلاح بالنفي وعلل بأنها – أي الحشرة ستموت - ( رمقتني الفتاة بنظرة ثم ألتقفت كتابها وغاصت به تقرأه ) سألتها بكل حدة - لماذا تكرهيننا ؟ - لست اكره أحدا . - هل أنت عذراء ؟ - نعم - وستموتين عذراء أجابت وعينيها في كتابها - لن أموت - كلنا سنموت سواء موت هادئ أو صاخب - كل الموت هادئ ونهايته ساكنة - ألا تجدين فرقاً بين موت الفراش الدافئ وبين موت قصف النار ؟ صمتت ولم تجب - ألا تعرفين موت الكمّد ؟ والحسرة والقهر حين تفقدين أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو ولداً أو بنتاً ؟ - بلى , لقد مات لي أبناء أمام عينّي . - لماذا ماتوا ؟ - أنت تعرف لماذا . - أقصد ما هو السبب الرئيسي لموتهم . صمتت مرة أخرى وتجاهلت السؤال - هل حقاً لم تكتفي ؟ أليس لهذا الحقد من نهاية ؟ أليس لهذا الدم من حقن ؟ هل حقاً تحبين العدل ؟ أعلم أن كثيراً قد اغتروا بك وبجمالك وبقيمك وظنوا أن هذا الجمال يحمل قلباً لا يظلم وروحاً لا تحقد . - ماذا تريد الآن ؟ - أنا لا أريد شيئاً لكني أعرف أن الرجل الخامسة والأربعين لن تخرج وأن الحشرة ستموت . - تموت بيد من ؟ - بيدي أو بيد أبني أو بيد أبن أبني … لا يهم ,,, المهم أن الحشرة ستموت . هزت رأسها بسخرية ولعقت شفتاها فقلت – هل أنت عطشى ؟ قالت – دوماً قمت من عندها وأنا أحمل في قلبي براكين من الغضب وألتفت ورائي فإذا بها تضع تاجها فوق رأسها وتحمل كتابها بيدها وتنتصب كما اعتادت واعتدنا إلى حين http://www.aboshms.com/wp-content/up...4/new_york.jpg مشيت مبتعداً فإذا بصورة الرئيس باراك اوباما أمامي فقلت : أهلا بك سيادة الرجْل رقم 44 سيادة الرئيس باراك اوباما ( الرئيس الرابع والأربعين ) كتبه الفقير لعفو ربه ابوشمس 24 مارس 2010 |
| جميع الأوقات حسب التوقيت الدولي +2. الساعة الآن 19:04. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.