باب / هل يعد قتيل العشق شهيدا:
باب / هل يعد قتيل العشق شهيدا: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد/ حديث : (من عشق ، وكتم ،وعف ، فمات ، فهو شهيد) موضوع .الضعيفة برقم (409). قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة : موضوع . هذا سند ضعيف و له علتان : الأولى : ضعف أبي يحيى القتات و اسمه زاذان و قيل غير ذلك ، قال الحافظ في " القريب " : لين الحديث . الأخرى : ضعف سويد بن سعيد ، قال الحافظ : صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه ، وأفحش فيه ابن معين القول . قلت : و قد تكلم فيه ابن معين من أجل هذا الحديث كما يأتي ، و اتفق الأئمة المتقدمون على تضعيف هذا الحديث . فقال ابن الملقن في " الخلاصة ": و أعله الأئمة ، قال ابن عدي و الحاكم و البيهقي و ابن طاهر و غيرهم هو أحد ما أنكر على سويد بن سعيد قال يحيى بن معين : لو كان لي فرس و رمح لكنت أغزوه . و خلاصة القول أن الحديث ضعيف الإسناد من الطريقين . و قد أنكره العلامة ابن القيم من حيث معناه أيضا و حكم بوضعه كما رأيت ، و قد أوضح ذلك في كتابه " زاد المعاد " أحسن توضيح فقال : و لا تغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ساقه من الطريقين ثم قال ، فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا يجوز أن يكون من كلامه ، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة الصديقية و لها أعمال و أحوال هي شروط في حصولها و هي نوعان عامة و خاصة ، فالخاصة الشهادة في سبيل الله و العامة خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا منها ، و كيف يكون العشق الذي هو شرك المحبة و فراغ عن الله و تمليك القلب و الروح و الحب لغيره تنال به درجة الشهادة ! ؟ هذا من المحال ، فإن إفساد عشق الصور للقلب فوق كل إفساد بل هو خمر الروح الذي يسكرها و يصدها عن ذكر الله و حبه ، و التلذذ بمناجاته و الأنس به ، و يوجب عبودية القلب لغيره ، فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقه بل العشق لب العبودية ، فإنها كمال الذل و الحب و الخضوع و التعظيم فكيف يكون تعبد القلب لغير الله مما تنال به درجة أفاضل الموحدين و ساداتهم و خواص الأولياء ! ؟ فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطا و وهما ، و لا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ العشق من حديث صحيح البتة ، ثم إن العشق منه حلال و منه حرام ، فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يحكم على كل عاشق يكتم و يعف بأنه شهيد ! ؟ أفترى من يعشق امرأة غيره أو يعشق المردان و البغايا ينال بعشقه درجة الشهداء ! ؟ و هل هذا إلا خلاف المعلوم من دينه صلى الله عليه وسلم ؟ كيف و العشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه لها من الأدوية شرعا و قدرا ، و التداوي منه إما واجب إن كان عشقا حراما ، و إما مستحب ، و أنت إذا تأملت الأمراض و الآفات التي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابها بالشهادة وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها ، كالمطعون و المبطون و المجنون و الحرق و الغرق ، و منها المرأة يقتلها ولدها في بطنها ، فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد فيها و لا علاج لها ، و ليست أسبابها محرمة و لا يترتب عليها من فساد القلب و تعبده لغير الله ما يترتب على العشق، فإن لم يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلد أئمة الحديث العالمين به و بعلله فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط أنه شهد له بصحة ، بل و لا بحسن ، كيف و قد أنكروا على سويد هذا الحديث و رموه لأجله بالعظائم و استحل بعضهم غزوه لأجله . انتهى كلام ابن القيم و خلاصة الكلام أن الحديث ضعيف الإسناد موضوع المتن كما جزم بذلك العلامة ابن القيم في المصدرين السابقين ، و كذا في رسالة " المنار " له أيضا ( ص 63) و مثله في " روضة المحبين " و الله أعلم . انتهى . وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
جميع الأوقات حسب التوقيت الدولي +2. الساعة الآن 15:16. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.