الناجح لا يعيش على هامش الأحداث، ولا يكون صفراً بلا قيمة، ولا زيادة في حاشية... من كانت همته في شهواته وطلب ملذاته كثر سقطه، وبان خلله، وظهر عيبه وعواره... من خدم المحابر خدمته المنابر، ومن أدمن النظر في الدفاتر احترمته الأكابر... من خلق الناجح التفاؤل وعدم اليأس والقدرة على تلافي الأخطاء، والخروج من الأزمات، وتحويل الخسائر إلى أرباح... القطرة مع القطرة نهر، والدرهم مع الدرهم مال، والورقة مع الورقة كتاب، والساعة مع الساعة عمر... |
أمس مات، واليوم في السياق، وغداً لم يولد، فاغتنم لحظتك الراهنة فإنها غنيمة باردة... المؤمن لا يخلو من عقل يفكر، ونظر يعبر، ولسان يذكر، وقلب يشكر، وجد على العمل يصبر .. في الدقيقة الواحدة تسبح مائة تسبيحه، وتقرأ صفحة من المصحف، وتطالع ثلاث صفحات من كتاب، وتكتب رسالة، وتتلو سورة الإخلاص ثلاثاً... كرر النيسابوري صحيح مسلم مائة مرة، وأعاد ابن سيناء كتاب الفارابي أربعين مرة، وقرأ بعضهم المغني عشر مرات... احترقت كتب ابن حزم كلها فأعادها من حفظه، وكان قتادة يحفظ حمل بعير، وقال الشعبي: ما كتبت سوداء في بيضاء إلا حفظتها... |
وقام سفيان الثوري ليلة كاملة يصلي حتى أصبح، وتذاكر ابن المبارك الحديث هو وأحد العلماء وقوفاً حتى الفجر، وبقي محمد الأمين الشنقيطي يبحث مسألة يوماً وليلة... وكتب يحيى بن معين لفظ صلى الله عليه وسلم ألف ألف مرة، وكان ربما كتب الحديث خمسين مرة، وقال الشعبي: أقل ما أحفظ الشعر، ولئن شئتم لأنشدتكم شهراً كاملاً .. الناجح يحترمه أطفال مدينته، والفاشل يسخر منه كل أحد حتى لو اعتذر لهم ألف مرة... من بكر في طلب العلم بكور الغراب، وصبر صبر الحمار، وعزم عزمة الليث، وأختلس الفرص اختلاس الذئب حصل علماً كثيراً... الكسلان محروم، والعاطل نادم، ومع الحركة البركة، ومن صال وجال غلب الرجال... |
الطريق شاق، ناح فيه نوح، وذبح فيه يحيى، وقتل فيه عمر، وأريق فيه دم عثمان، واغتيل علي، وجلدت فيه ظهور الأئمة... نسخ ابن دريد كتاب الجمهرة أربع مرات، ونقح البخاري صحيحه ست عشرة سنة يغتسل عند كل حديث ويصلي ركعتين... أجر أحمد بن حنبل نفسه في طلب العلم، وباع أبو حنيفة بعض سعف بيته في العلم، وجاع سفيان ثلاث أيام في طلب الحديث .. كان النووي يطالع ويكتب، ويحفظ ويصلي ويسبح، فإذا نعس نام قليلاً وهو جالس، وكان للشوكاني اثنا عشر درساً في اليوم، وكان ابن سيناء يكتب في اليوم خمساً وعشرين صفحة... كان إدريس النبي خياطاً، وداود حداداً، وأجر موسى نفسه في الرعي، وكان ابن المسيب يبيع الزيت، وأبو حنيفة يبيع البز... |
البدار البدار، قبل تقضى الأعمار وكتابة الآثار، فلا بقاء مع الليل والنهار... أعوذ بالله من خسة الهمم، وتفاهة العزائم، وسخف المقاصد، وثخانة الطبع، وبلادة النفوس... بحث علي عن الشهادة في بدر، فقالوا، في أحد، فهب إلى هناك، فقال: ربما كانت في الخندق، فسعى إليها، قالوا: التمسها في خيبر، فلما أتاها، قالوا: تأخر الموعد قال: ما أحسن القتل في المسجد... يحفظ العلم بالعمل به وتعليمه، والتأليف فيه، ومن حفظه وكرره وذاكره به ودرسه ثبت في صدره... لا بد للناجح من أن يكون قوي الملاحظة، دائم التركيز، حافظاً للوقت، مديماً للتدبر طموحاً إلى المعالي... |
قال ابن عباس: ذللت طالباً فعززت مطلوباً، وقال عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا، وقال مجاهد: لا يطلب العلم مستح ولا مستكبر... مثبطات النجاح: هوى متبع، ونفس أمارة، ودنيا مؤثرة، وهمة باردة، وطول أمل مع تسويف... الناجح يأنف من الرزايا، ولا يتحمل المنن، ووقت الراحة له عمل ووقت العمل راحة... الفراغ مفسدة، والمباحات مشغلة، وأكثر الناس مثبطون، والولد مجبنة محزنة مبخلة... سبعون سنة قضاها الإمام أحمد يتقوت من أجرة دكان، وسبعون سنة قضاها الخليل بن أحمد على الخبز والزيت، وسبعون سنة قضاها سفيان الثوري على خبز الشعير... |
الناجح يرضى عنه ربه بالإيمان وأهله بالألفة والناس بالأخلاق والمجتمع بالنفع... تولى أبو بكر سنتين فأقام الخلافة وهزم المرتدين، وتولى عمر بن عبد العزيز سنتين فنشر العدل وأزال المظالم وجدد الدين، وتعلم أبن أبي جعد العلم سنتين فصار مفتي المدينة... سجن السرخسي فألف المبسوط في ثلاثين مجلداً وأقعد بن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية ثلاثين مجلداً، وسجن ابن تيميه فأخرج الفتاوى ثلاثين مجلداً... كان ابن الجوزي يكتب خواطره، وكان كتاب الفتح بن خاقان في جيبه ليقرأ كل وقت، وكان الخطيب البغدادي يطالع وهو يمشي... قال عمر بن عبد العزيز: إن لي نفساً تواقة ؛ تاقت للإمارة فتوليتها، ثم تاقت إلى الخلافة فتوليتها، وهي الآن تتوق إلى الجنة .. |
وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام همة تنطح الثريا وعزم *** نبوي يزعزع الجبالا همتي همة الملوك ونفسي *** نفس حر ترى المذلة كفرا تريدين إدراك المعالي رخيصة *** ولا بد دون الشهد من إبر النحل إذا غامرت في شرف مروم ٍ *** فلا تقنع بما دون النجوم |
ولم أر في عيوب الناس عيباً *** كنقص القادرين على التمام ومن تكن العلياء همة نفسه *** فكل الذي يلقاه فيها محبب لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى *** فما انقادت الآمال إلا لصابر من يهن يسهل الهوان عليه *** وما لجرح بميت إيلام لولا لطائف صنع الله ما نبتت *** تلك المكارم في لحم وفي عصب |
محمد في فؤاد الغار يرتجف *** في كفه الدهر والتأريخ والصحف مزمل في رداء الطهر قد صعدت *** أنفاسه في ربوع الكون تــأتلف من الصفا من سماء البيت جلله *** نور من الله لا صوف ولا خصـف والكفر يا ويحه غضبان من أسف *** لم يبقه الحقد في الدنيا ولا الأسف ولا حمته سيوف كلها كذب *** في صولة الحق والإيمان تنقصف |
أتى الرسول إلينا والربى جثث *** مطورة وعليها يضحك القـرف والظالم المارد الجبار محترم *** جماجم الجيل في أسيافه نطـف نجوع نأكل موتانا وسهرتنا *** كأس الضياع وليل أحمر دنف جباهنا قبلة تعنو إلى حجر *** وحفنة من لفيف التمـر نعتلف أعراب ويحكم ماذا يقيمكموا *** قومية ليس في آنافــها الأنف |
على موائد كسرى كسرت وانقشعت *** تيجان من قتلوا الأحرار واعتسفوا وحررت من بلال الحق مهجته *** وظل ما نسج الباغون واقترفوا وعاد أعظم قد لفت عمامته *** على الشريعة يحويها ويلتحف أنا الجزيرة في عيني عباقرة *** الفجر والفتح والرضوان والشرف أنا الجزيرة في أعماقها رقدت *** اشلاء أحمد تحوي نورها الغرف |
أنا الجزيرة بيت الله قبلتها *** وفي حمى عرفات دهرنا يقف جبريل يروي لنا الآيات في حلل *** من القداسات والأملاك قد دلفوا من السموات تهمي كل غادية *** على ديار بنوها بالهدى شغفوا شكان دار العلا رواد كعبتها *** حجاب وجه الحيا والحق قد عرفوا من الحثالات طهرنا مرابعها *** هزت مدافعنا الباغين فانصرفوا |
وغسلت أدمع الأبرار تربتها *** الدر يبقى ويفنى الطين والخزف الساكبون دماء الحق فما ظمئت *** روح ومن دمنا الموار تغترف والساجدون ونجم الليل يشهد ما *** أضاعنا فيه من غنوا ومن عزفوا وقاتلت معنا الأملاك في أحد *** تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا *** إياك نعبد من سلسالها رشفوا |
أكفانهم بدماء البذل قد صبغت *** الله أكبر كم في ساحاتها هتفوا أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا *** جثمان حنظلة والروح تختطف وكلم الله من أوس شهيدهم *** من غير ترجمة زيحت له السجف العرش يهتز من هول ومن حزن *** لسعد إذ سفراء الوحي قد وقفوا وسدرة المنتهى غريدة بسمت *** لأمة الضاد تهمي عندها التحف |
لا اللوح ينسى ولا التأريخ يغفل عن *** مسيرة النور تروي مجدها الصفف سل المجرة هل نامت على حلم *** أحلى لها يوم أعلى نجمها السلف وسل سهيلا مع الزهراء هل نظرت *** أبهى من الثلة الأخيار يوم صفوا كل البرايا على أصنامها عكفت *** وقومنا عند بيت الله قد عكفوا جبلة العدل نيطت في تمائمنا *** إذا تظاهر دجال ومحترف |
وهالة النور شعت بين أضلعنا *** وغيرنا عن سناء النور قد ضعفوا ثوب من الهدى والفاروق ينسجه *** فيه صلاح ومأمون ومنتصف هل أذن الفجر إلا في منائرنا *** والشرق والغرب بالطغيان ملتحف ذابت عيون وأسماع وأفئدة *** حبا لمن نوره في الغار مكتنف اقرأ فأنت أبو التعليم رائده *** من بحر علمك كل الجيل يغترف |
أن لم تصغ منك أقلام معارفها *** فالزور ديدنها والظلم والصلف تاريخنأ أنت أمهرناك أنفسنا *** نمضي على قبسات منك أو نقف على جماجمنا خض كل ملحمة *** أغلى الرؤوس التي في الله تقتطف في كفك الشهم من حبل الهدى طرف *** على الصراط وفي أرواحنا طرف فكن شهيدا على بيع النفوس فما *** تحوي الضمائر منا فوق ما نصفُ |
أنا الحجازُ أنا نجــدٌ أنا يمنٌ *** أنا الجنوبُ بها دمعي وأشجَــاني بالشّامِ أهلي وبغدادُ الهوى وأنا *** بالرقمتينِ وبالفسطاطِ جِيــراني وفي رُبى مكةٍ تـاريخُ ملحمــةٍ *** عــلى ثَراها بنينا العالمَ الفانـي دفنتُ في طيبة رُوحي ووا لهفي *** في روضةِ المُصطفى عُمْري ورِضْوَانِي النيلُ مَائي ومِنْ عمّانِ تذكرتِـي *** وفي الجــزائرِ آمالي وتِطْــوانِ |
دمي تصبّبَ في كابول مُنْسَكِباً *** ودمعتي سفحتْ في سفْـحِ لُبْنــانِ فأينما ذُكر اسمُ اللهِ في بلدٍ *** عددتُ ذاكَ الحمى من صلبُ أوطــاني والوحي مدرستي الكُبرى وغارُ حِرا *** ميلادُ فَجْري وتوحيدي وإيماني وثيقتي كُتِبَتْ في اللّوحِ وانْهَمَرَتْ *** آياتُها فاسألُوا يا قومَ قُـــرآني جبريلُ يغدو على قومي بأجنحةٍ *** من دوحةِ الطُّهْرِ في نجواهُ عِـرفـاني |
بدرُ أنَا وسيوفُ اللهِ راغفـةٌ *** كم حطّمتْ من عنيدٍ ماردٍ جـاني كتبتُ تاريخَ أيامي مرتلـةً *** في القادسيةِ لا تاريخَ شِــروانـي وما استعرتُ تعاليماً ملفقةً *** من صرحِ واشنطنَ أو رأسِ شيطانِ وما سجدتُ لغيرِ اللهِ في دَعَةٍ *** وما دعوتُ مع معبودنا ثـاني وما مددتُ يدي إلا لخالقها *** وما نصبتُ لغير الحقِّ مِيـزاني |
فقِبْلَتي الكعبةُ الغرّاءُ تعشقُها *** روحي وأنوارُها في عمقِ أجفاني وليس لي مطلبٌ غيرَ الذي سَجَدتْ *** لوجههِ كائناتُ الإنسِ والجانِ لا أجمعُ المالَ مالي كل أمنيةٍ *** طموحةٍ تصطلي بركانَ وِجْدَاني وكل قدم جبانٍ لا يُصاحِبُني *** على الشجاعةِ هذا الدينُ رباني ليتَ المنايا تُناجيني لأُخبِرَها *** أنّ المنايا أنا لا لونها القاني |
لِيَرْمِ بي كُلُّ هَوْلٍ في مَخَالِبِهِ *** ما ضرَّنِي وعيونُ اللهِ تَرْعَاني مُمَزّقُ الثّوْبِ كَاسِي العِرْضِ مُلتهباً *** أنْعِي المخاطرَ في الدنيا وتَنْعَاني مريضُ جِسْمٍ صَحِيحُ الروحِ في خَلَدِي *** حُبُّ أحمد من نَجْواهُ عِرْفَاني بلالُ صَوْتِي هتافٌ كُلُّهُ حَسَنٌ *** أَذَانُهُ في المعالي نَبْعُ آذاني وعزمُ عمّار في دنيا فُتُوّتِهِ *** أسْقِي شَبابي بِهِ مِنْ نَهْرِهِ الدّانِي |
عَصَا الكليمِ بكفِّي كي أهشُّ بِها *** على تلاميذِ فِرعون وهامانِ ونارُ نُمْرودَ أطفِيها بغاديةٍ *** من الخليلِ فلا النيرانُ تَصْلاني في حُسْنِ يُوسفَ تاريخي وملحمتي *** من صُنعِ خالدَ لا مِن صُنع ريحاني داودُ ينسجُ دِرعي والوغى حِمَمٌ *** لا يخلعُ الدّرعَ إلا كَفُّ أكفاني يا جيلُ يا كل شهمٍ يا أخا ثقةٍ *** يا ابن العقيدةِ من سعدٍ و سلمانِ |
يا طارقاً يا صلاح الدينِ يا ابنَ جلا *** يا عينَ جالوتَ يا يرموكَ فُرقاني يا بائعي الأنْفُسِ الشّماءِ في شُهُبٍ *** من الرِّماحِ على دنيا سِجِسْتَاني يا مَنْ بَنَى المجدَ مِن أغلا جماجمهم *** في شُقْحِبِ النصرِ أو في أرضِ أفغانِ يا صوتَ عِكرمةَ المبحوحِ يقطعُهُ *** قصفُ العَوالي من سُمْرٍ و مُرّانِ هيا إلى اللهِ بِيعُوا كلّ فانيةٍ *** فصوتُ رضوانَ نادَاكُم ونَادَانِي |
صوت من الغور أم نور من الغار *** أم ومضة الفكر أم تاريخ أسرار يا عيد عمري ويا فجري ويا أملي *** ويا محبة أعمار وأقطار تطوي الدياجير قبل الصبح في ألق *** تروي الفيافي كمثل السلسل الجاري الشمس والبدر في كفيك لو نزلت *** ما أطفأت فيك ضوء النور والنار أنت اليتيم ولكن فيك ملحمة *** يذوب في ساحها مليون جبار |
شيدت فوق المعالي ألف مكرمة *** تيجان مجد علي سعد وعمار النصر يرنو في عينيه معجزة *** وأنت ترنو له من بين أستار فدولة الكفر حول الغار قد هزمت *** بمعول الفتح ثان اثنين في الغار وأم معبد في الصحراء ذاهلة *** يروي الحليب لها ما أبدع الباري فجملة منك تبني أمة عبثت *** بها الليالي في عبس وذي قار |
من أجل عينيكَ يُروى الشعرُ و الزجلُ *** ناديْتُ فيكَ الرجالَ الصيدَ يا رجلُ عساكَ ترضى و كلِّ الناسِ غاضبةٌ *** فدَتْكَ هاماتُ من شيكَتْ لها الحللُ عيبٌ لغيرِكَ أبياتي أرصِّعُها *** و خيبةٌ إن سَرَتْ في غيرِكَ السبلُ و بسمةٌ منكَ تكفيني، فيا طربي *** فما أبالي أجادَ الناسُ أم بخلوا أنشودةٌ أنا في كفِّ الهوى نسجتْ *** من لحنِ داودَ في الأحشاءِ تشتعلُ |
دمٌ و دمعٌ و أحلامٌ مسهَّدةٌ *** و أنهرٌ من هيامٍ في الهوى عسلُ ذُقْتُ الصبابةَ في كأسِ الجوى أجلاً *** للعاشقين فصاحَتْ مقلتي أجلُ طرحْتُ في عتباتِ الغارِ ملحمتي *** و الغارُ يعرفُ من حَلُّوه و ارتحلوا غارُ الهدى و عيونُ الدهرِ رانيةٌ *** تغازلُ الفجرَ، طابَ الحبُّ و الغزلُ غارٌ و في مقلتيه كلُّ أمنيةٍ *** أملودةٌ تتهادى عندها الأملُ |
فالليلُ فجرٌ و آياتُ الهدى حللٌ *** و المشرفيةُ عند الغارِ ترتجلُ و اللوحُ يروي أحاديثَ مرتلةً *** و البيدُ يسجعُ في أسماعها الخجلُ نعم أنا الغارُ في أرجائهِ وُلِدَتْ *** عقيدتي و شبابي فيه مكتملُ فيه البشيرُ رسولُ اللهِ مرتجفٌ *** و الوحيُ يهتفُ و الأملاكُ تبتهلُ اقرأْ و لو كنتَ أمياً لتُقْرِئه *** للناسِ نوراً و منه النورُ ينهملُ |
اقرأْ و دفترُكَ الدنيا و ما حملَتْ *** و اكتب على هامةِ الصحرا أنا الأملُ اقرأْ و أصحابُكَ الأقلامُ خطَّ بها *** وثيقةَ النصرِ يروي متنَها الأزلُ هجرْتَ في الغارِ كأسَ النومِ فاغتسلَتْ *** بكَ الدياجي و قامَ الليلُ يرتحلُ و صُنْتَ صوتَ الهدى يسري فراعدُهُ *** يزلزلُ البغي و الأصنامُ تقتتلُ و المشرفياتُ في عزِّ المنى صقلَتْ *** بكفِّ خالد لم يفللْ لها نفلُ |
أسقيتها من سُلافِ النورِ و انتصبَتْ *** باسمِ الهدى و عليها الموتُ منسدلُ جرّدتَها في هوى بدرٍ يلاعبُها *** عشاقُها من كرامٍ فيك قد قتلوا تراقصَتْ أنفسُ الكفّارِ من جزعٍ *** يومَ الكريهةِ و الطغيانُ مبتذلُ أعداؤكَ القدمُ شادوا الأرضَ من ذهبٍ *** و في صحافٍ من الإبريزِ قد أكلوا و مِتَّ درعُكَ مرهونٌ على شظفٍ *** من الشعيرِ، و أبقى رهنَك الأجلُ |
تاريخُنا أنتَ، لا نرضى به بدلاً *** لو كلُّ تاريخِ أمجادِ الورى بدلُ و منكَ صحوتُنا الكبرى متوَّجةٌ *** بصوتِكَ العذبِ يحدو السادةُ النبلُ صلَّتْ عليكَ دموعُ الحبِّ في لهفٍ *** و عانقتْكَ شفاهُ الروحِ و القُبَلُ و باركتْكَ تحياتٌ معطرةٌ *** في نفحةٍ من عليلِ المسكِ تحتفلُ كأن زاكيَها أنفاسُكَ ائتلفَتْ *** فالطيبُ من طيبِكَ المأهولِ يتَّصلُ |
لأن فيك حديث اليتم أعذبـــــــه *** حتى دعيت أبا الأيتام يا بطــــــل ومنك صحوتنا الكبرى متوجــة *** في نفحــــة من عليل المسك تحتفل كأن زاكيها أنفاســـــك ائتلفت *** فالطيب من طيبك المأهول يتصــــل تغدو إلى طيبةَ الآمالُ سافرةً *** يغني عن الكحلِ في أجفانها الكَحَلُ إلى رياضِكَ في أرضٍ ثويتَ بها *** فيها الهدايةُ و التاريخُ و الدولُ |
أنـصـت لميـمـة مــن أمـــم * * * مدادها مـن معانـي نـون و القلـمِ سالت قريحـة صـب فـي محبتكـم * * * فيضـاً تدفـق مثـل الهاطـل العمـمِ كالسيل كالليل كالفجر اللحـوج غـدا * * * يطوي الروابي ولا يلوي على الأكـمِ أجش كالرعد في ليـل السعـود و لا * * * يشابه الرعد في بطش و فـي غشـمِ كدمع عيني إذا مـا عشـت ذكركـم * * * أو خفقِ قلبٍ بنار الشـوق مضطـرمٍ |
يـزري بنابغـة النعمـان روانقهـا * * * و مَنْ زهير ؟ و ماذا قال فـي هـرمِ دع سيف ذي يزنٍ صفحـاً ومادحـه * * * و تبّعـا وبنـي شــداد فــي إرمِ و لا تعرّج علـى كسـرى و دولتـه * * * وكـل أصيـد أو ذي هالـة و كمـي و انسخْ مدائح أرباب المديـح كمـا * * * كانـت شريعتـه نسـخـا لدينـهـمِ رصّعْ بهـا هامـة التأريـخ رائعـة * * * كالتاج في مفـرق بالمجـد مرتسـمِ |
فالهجر و الوصل و الدنيا وما حملـتْ * * * و حبُ مجنـونِ ليلـى ضلـة لعمـي دع المغاني و أطـلال الحبيـب و لا * * * تلمح بعينـك برقـاً لاح فـي أضـمِ و انسَ الخمائـلَ و الأفنـان مائلـة * * * وخيمـةً و شويهـان بـذي سـلـمِ هنـا ضيـاء هنـا ري هنـا أمــلٌ * * * هنـا رواء هنـا الرضـوان فاستلـمِ لو زُينتْ لامرء القيس انزوى خجـلاً * * * ولو رآهـا لبيـدُ الشعـرِ لـم يقـمِ |
ميمية لـو فتـى بوصيـر أبصرهـا * * * لعـوذوه بـرب الـحـل و الـحـرمِ سل شعرَ شوقي أيروي مثل قافيتـي * * * أو أحمد بن حسين فـي بنـي حكـمِ ما زار سوقَ عكـاظ مثـلُ طلعتِهـا * * * هامتْ قلوبٌ بها مـن روعـة النغـمِ أُثني علي منْ ؟ أتدري من أبجلـه ؟ * * * أمـا علمـت بمـن أهديتـه كلمـي في أشجع الناسِ قلبـاً غيـر منتقـم * * * و أصدق الخلق طـراً غيـر متهـمِ |
أبهى من البدر في ليل التمـام و قـل * * * أسخى من البحر بل أرسى من العلـمِ أصفى من الشمسِ في نطق و موعظةٍ * * * أمضى من السيف في حكم و في حكمِ أغرٌ تشـرق مـن عينيـه ملحمـةٌ * * * من الضياء لتجلـو الظلـم و الظلـمِ في همة عصفت كالدهـر و اتقـدتْ * * * كم مزقت من أبي جهل و من صنـمِ أتى اليتيـم أبـو الأيتـام فـي قَـدَرٍ * * * أنهـى لأمتـه مـا كـان مـن يُتـمِ |
محرر العقـل بانـي المجـد باعثنـا * * * من رقدة في دثار الشـرك و اللمـمِ بنـور هديـك كحلـنـا محاجـرنـا * * * لمـا كتبنـا حروفنـا صغتهـا بـدمِ من نحـن قبلـك إلا نقطـةٌ غرقـتْ * * * في اليم بل دمعة خرساء فـي القـدمِ أكـاد أقتلـع الآهـات مـن حُرقـي * * * إذا ذكرتـكَ أو أرتـاعُ مـن ندمـي لما مدحتـك خلـتُ النجـمَ يحملنـي * * * و خاطري بالسنـا كالجيـش محتـدمِ |
| جميع الأوقات حسب التوقيت الدولي +2. الساعة الآن 12:59. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.