المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : نفس الله - جواب عن سؤال و شبهة


أبوجنة
08.05.2009, 12:50
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيد النبيين و أشرف المرسلين
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
و من استن بسنته و اهتدى بهداه إلى يوم الدين

ورد لى هذا السؤال من خلال رسالة خاصة على برنامج البالتوك
و نصه كالتالى:

قال تعالى:

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
العنكبوت (57)

و قال أيضا:

......... تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ .......
المائدة (116)

فأثبت أن لله نفس. و من قبلها أكد عز و جل أن كل نفس ذائقة الموت

و من هنا يحاول أهل الصليب أن يثبتوا أنه لابد أن يموت الله كما هو فى عقيدة الفداء و الصلب عندهم

فكيف نرد عليهم و كيف نجمع بين الآيتين؟

أبوجنة
08.05.2009, 13:00
الجواب و الله المستعان

لا يحاولن أى إنسان بجهل أو بجهالة أن يثبت عقيدة باطلة مثل عقيدة الفداء و الصلب من خلال كلام الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

فإن للقرآن الكريم قواعد تفسير و فهم رشيد

و من ضمن هذه القواعد قاعدة شهيرة فى التفسير و فى كل كلام العرب بلا استثناء

و هى قاعدة أنه "لا معنى بدون سياق"

فيجب أن نحدد سياق الكلمة حتى يمكننا فهم معناها كما فهمها العرب من كلام الله الذى أنزله عربيا
و كلمة النفس فى الآيتين المذكورتين مثلها مثل كل كلام العرب لا يتم تحديد المقصود منها إلا من خلال السياق

و بالعودة إلى مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية نجد أن العرب تستخدم كلمة النفس بمعنيين مختلفين يتم تحديد احدهما حسب السياق
المعنى الأول هو الروح

و الروح هى مخلوق من مخلوقات الله أودعه سر حياة البشر
يحيون ببث الروح فى أجسادهم و يموتون بنزعها منهم

أما المعنى الثانى فهو الذات بكل صفاتها و مشتملاتها
أى أنه النفس قد يعنى بها الروح فقط أو يعنى بها الذات ككل بكل صفاتها

و من عقيدة أهل السنة و الجماعة أن الله ذات. لأن كل من له صفة الوجود فهو ذات. و الذات هى ما تقوم بالصفات. و الله له صفاته عز وجل. إذن فلا بأس من إثبات النفس لله عز وجل بمعنى الذات.

و من عقيدة أهل السنة و الجماعة أيضا - على الصحيح و الأكمل - أن الله حى بدون روح
لأن الله عز وجل لم يثبت لنفسه صفة الروح
كما أن الروح على الصحيح و على الحقيقة هى من مخلوقات الله و ليست من صفاته
و الله عز وجل لا يحتاج لروح يحيا بها
بل هو حى عز وجل بصفة الحياة الذاتية فيه تبارك و تعالى
لذلك فمن الخطأ أن نقول أن لله روح أو أن الله حى بروحه أو أن الله روح تملأ الوجود كما يقول أهل الصليب
و من هنا فلا تطلق كلمة النفس على الله عز وجل بمعنى الروح أبدا

و على ذلك فيكون تفسير الآيتين المسئول عنهما هو:

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
العنكبوت (57)

فلو اعتبرنا أن النفس هنا بمعنى الروح فيكون المعنى أن كل روح ستموت. لأن الروح مخلوقة كما أوضحنا من قبل

ولو اعتبرنا أن النفس هنا بمعنى الذات فيكون المعنى أيضا أن كل ذات مخلوقة ستموت و يكون هناك تخصيص لذات الله عز وجل لأن الله لا يموت كما قال عز وجل:

نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
الواقعة(60)

و قال عز من قائل:
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
الرحمن(26-27)

فنفى الموت عن نفسه تماما نفيا قاطعا حاسما و يكون هذا على سبيل الاستثناء.

أى أن نفس الله عز وجل مستثناه من حكم الموت المقدّر على كل الخلائق

أما الآية الثانية المسئول عنها:

......... تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ .......
المائدة (116)

فلا مجال وفقا للسياق أن نفسر النفس فيها بمعنى الروح أبدا لأن الله عز وجل ليس له روح
و إنما معنى النفس هنا هو الذات

و هو قول المسيح عليه و على نبينا الصلاة السلام لله عز وجل أنه يعلم ما فى ذات المسيح و يحيط به علما كاملا عز وجل فى حين أن المسيح لا يحيط علما بذات الله عز وجل و صفاته لأن الله لا يحيط أى من خلقه به علما و نحن لا نعلم عن الله عز وجل إلا ما أخبرنا به الله مع عجز عقولنا عن تكييف تلك الصفات و هى عقيدة أهل السنة و الجماعة حيث نثبت ما أثبته الله عز وجل لنفسه دون تكييف أو تحريف أو تمثيل أو تعطيل.

و بذلك يزول الإشكال تماما بين الآيتين

فى الآية الأولى المقصود بالنفس هو المخلوق الذى سيموت و الله حى لا يموت

و فى الثانية المقصود بنفس الله أى ذات الله عز وجل العالمة بكل مخلوقاته تبارك و تعالى

و السياق هو الذى يقرر ذلك و يثبته

و الحق أنه لا يوجد أى لبس أو تعارض بين المعنيين بالمرة وفقا لسياق كل معنى منهم

و أى عربى يعرف لغته لا يكون عنده هذا اللبس بالمرة
فلا لبس ولا تعارض فى الفهم ولا تأويل إلا عند أصحاب العقول المريضة و المنطق الفاسد و العقائد الباطلة

و الأهم من كل ذلك .... أنه لا سوء فهم إلا من أصحاب الجهل باللغة

فقد سمع تلك الآيات أساطين اللغة و علماؤها و لم يستخرجوا منها ما يفتريه أهل الجهل من أعاجم هذا الزمان ممن يحرفون الكلم عن مواضعه و يضعون من المعانى ما فسد و ثبت بطلانه لأى عاقل أو فاهم للغة العربية لغة القرآن لغة أهل الجنة

أما عن عقيدة الفداء و الصلب فالأحرى بهم أن يثبتوا مصداقية كتابهم المزعوم مقدسا أولا و يبحثوا عصمته و ضياع أصله و ألفاظه و معانيه قبل أن يخوضوا فى إقرار ما حواه هذا الكتاب من عدمه
أثبتوا لنا أولا أنه كلام الله قبل أن تشرحوا لنا محتواه

هذا و الله أعلى و أعلم

إستبرق
11.05.2009, 05:56
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا اخي ابو جنة على هذا الموضوع القيم الذي يستحق التقييم

فعلا استفدت منه كثيرا والاسلوب سهل ومفهوم

اسمح لي اخي بان اكتب في صفحتك ما يجول في خاطري ويا رب تاوصل فكرتي وصححني ان اخطأت



كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
العنكبوت (57)

فلو اعتبرنا أن النفس هنا بمعنى الروح فيكون المعنى أن كل روح ستموت. لأن الروح مخلوقة كما أوضحنا من قبل

ولو اعتبرنا أن النفس هنا بمعنى الذات فيكون المعنى أيضا أن كل ذات مخلوقة ستموت و يكون هناك تخصيص لذات الله عز وجل لأن الله لا يموت كما قال عز وجل:


نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
الواقعة(60)


و قال عز من قائل:
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
الرحمن(26-27)

فنفى الموت عن نفسه تماما نفيا قاطعا حاسما و يكون هذا على سبيل الاستثناء.

أى أن نفس الله عز وجل مستثناه من حكم الموت المقدّر على كل الخلائق


كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
العنكبوت (57)

لو نظرنا الى الشق الاول من الاية "كل نفس ذائقة الموت" واعتبرنا ان كل نفس بمعنى روح ستموت ومن ضمنها روح الله ،تعالى الله عما يصفون فكيف سيتحقق الشق الاخر من الاية "ثم الينا ترجعون" وقد مات حتى الله
فإلى من سيرجع حين موته؟؟؟؟

فلا بد من استثناء الله عز وجل من الموت حتى لو فرضنا ما يدعون جدلا حتى يستقيم المعنى ويتحقق الشق الاخر من الاية

كلامهم وشبهاتهم دائما وابدا واهية واكثرهم عارفين للحق ولكنهم معرضون عنه

أبوجنة
11.05.2009, 08:42
طبعا ملحوظة ممتازة و فى محلها أختنا استبرق

و أضافت للرد طبعا

بارك الله بك و أحسن إليك