تسجيل الدخول

اعرض النسخة الكاملة : العــــدو بيننـــا فأحــــذروا ,,,,


أحمد شرارة
10.07.2010, 10:11
:bismillah2:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين والمعصومين، وعلى أئمة الهدى والدين، الذين تمسكوا بالكتاب وسنة الرسول الأمين، واستنبطوا منها الشرائع الفرعية ببذل الصدق واليقين، وصدّقوا صحف الأولين ، وجعلوا الكعبة المقدسة قبلة لقرباتهم وهي مركز للعالمين؛ فرضينا بالله رباً و إلهاً، وبمحمدٍ ص رسولاً ونبياً، وبالإسلام ديناً و شريعةً، وبالإيمان محبة واعتقاداً، وبالإحسان تزكية ومعرفةً، وبدفاع الفتن إعلاءً و إظهاراً، وبتداول الأيام عبرةً و نصيحةً وبالقرآن حجةً و إماماً، وبالحديث شرحاً و بياناً، وبالفقه تفريعاً و تفصيلاً ، وبالكلام تعقلاً و تدليلاً، وبالرسل تصديقاً و إقراراً، وبالكتب المنزلة إيقاناً وشهادةً، وبالملائكة عصمةً و تدبيراً، و بالشخصيات المقدسة حباً و انقياداً، وبتربيتهم سمعا و طاعةَ، وبالكلمة الطيبة جمعاً واجتماعاً، وبالكعبة المعظّمة قبلةً و جهةً، و بجميع شرائع الله تعظيماً و تبجيلاً، و بالقضاء والقدر رضاءً و تسليماً، وباليوم الآخر حشراً و نشراً، وبالبعث والوقوف صدقا و عدلاً، وبجميع هذه الأمور مسلكاً (مذهباً) و مشربًا، وكفانا هذا الرضاء سراً وعلانيةً. وبعد فإن هذا بيان لمسلك (مذهب) أهل الحق و الإتقان، وشرح لمشرب أهل الصدق والإيقان، وإيضاح لذوق أهل المحبة والعرفان، فنسأل الله التوفيق والسداد والعدل والاقتصاد، وبه الثقة وعليه الاعتماد.
********************


أخي المسلم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
فاعلم يرحمني ويرحمك الله أن إتباع سبيل المؤمنين ومجانبة أصحاب الجحيم من اليهود والنصارى والمشركين هو الذي يوصل الى رضوان رب العالمين ، وإذا كان الامر كذلك فخذ للأمر عدته والزم طريقة نبيك محمد صلّى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، واسلم بدينك من معاشرة أصحاب الهوى والزيغ ولاتغتر بمعسول كلامهم : }وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن{.
فمن الفِرق التي عمَّ شرها وطمَّ الروافض اللئام الذين تقربوا إلى الشيطان الرجيم بسبِّ أصحاب نبينا صلّى الله عليه وسلم وأزواجه وأئمّتنا مصابيح الدجى رضوان الله عليهم، ـ ألا لعنة الله على الظالمين ـ.
أخي المسلم سترى في هذه الاسطر حقيقة نظرتهم إليكَ وماحكمكَ عندهم أيها السنُّي الموحد، فالله الله في دينك وتذّكر أنك على ثغرة من ثغور الاسلام فلا يُأتي الاسلام عن طريقك. والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
------------------------------------------------------------------------------------------------------
* إبن سبأ اليهودي مؤسس الديانة الشيعية
إن من أكبر الفِرَق التي كانت و ما تزال وبالاً و شراً على المسلمين على طول تاريخهم و في جميع مراحل حياتهم ، هي فرقة الشيعة على تعدد طوائفها و اختلاف نحلها ، بدءاً بالسبئية أتباع بعد الله بن سبأ اليهودي ، الذي كان رأساً في إذكاء نار الفتنة والدس بين صفوف المسلمين ، و الذي وصل الأمر بهم إلى تأليه علي رضي الله عنه ، و قبل أن أبدأ بالموضوع لابد من مقدمة توضح الموضوع و تشرح المضمون .
أصل ابن سبأ و منشأه :-
اختلف أصحاب المقالات والتاريخ في هوية عبد الله بن سبأ ، و من ذلك اختلفوا في بلده و قبيلته ، يذكر القلقشندي في قلائد الجمان (ص 39 ) : أن يعرب بن قحطان ولد يشجب ، و ولد ليشجب ( سبأ ) و اسم سبأ هذا عبد شمس ، و قد ملك اليمن بعد أبيه ، و أكثر من الغزو والسبي ، فسمي ( سبأ ) وغلب عليه حتى لم يسم به غيره ، ثم أطلق الاسم على بنيه .. و هم الوارد ذكرهم في القرآن .
على أن المصادر التاريخية لا تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين ، و الذي ينتسب إليهم عبد الله بن سبأ ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي ( 800 ق م ) ، و هي عادة العرب في التجوال ، أو نتيجة ضغط الآشوريين عليهم من الشمال ، واستقروا أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع . راجع : محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي (1/21) .
و منهم من ينسب ابن سبأ إلى ( حمير ) ، و هي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب هو حمير الأكبر ، و حمير الغوث هو حمير الأدنى و منازلهم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء . أنظر : معجم البلدان لياقوت الحموي (2/306) .
ومن الذين قالوا بذلك : ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء ( 5/46) ، حيث يقول : والقسم الثاني من فرق الغالية يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل ، فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري .
أما البلاذري في أنساب الأشراف (5/240) ، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) ، والفرزدق في ديوانه ( ص 242-243) فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة ( همدان ) ، و همدان بطن من كهلان من القحطانية و هم بنو همدان ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان ، و كانت ديارهم باليمن من شرقيه . معجم قبائل العرب لرضا كحالة (3/1225) . فهو ( عبد الله بن سبأ بن وهب الهمداني ) كما عند البلاذري ، و ( عبد الله بن سبأ بن وهب الراسبي الهمداني ) كما عند الأشعري القمي ، أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى همدان في قصيدته التي هجا فيها أشراف العراق و من انضم إلى ثورة ابن الأشعث في معركة دير الجماجم سنة (82هـ ) و يصفهم بالسبئية حيث يقول :
كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تقعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية و تُكره عينيها على ما تنكّرا . إلى آخر القصيدة .
و يروي عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق ( ص 235) ، أن ابن سبأ من أهل ( الحيرة ) ، قال : إن عبدالله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها ، و كان أصله من يهود الحيرة ، فأظهر الإسلام .
و يروي ابن كثير في البداية والنهاية (7/190) ، أن أصل ابن سبأ من الروم ، فيقول : و كان أصله رومياً فأظهر الإسلام و أحدث بدعاً قولية و فعلية قبحه الله .
أما الطبري و ابن عساكر ، فيرويان أن ابن سبأ من اليمن . قال الطبري في تاريخه (4/340) : كان عبدالله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء . و قال ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 29/3) : عبد الله بن سبأ الذي ينسب إليه السبئية وهم الغلاة من الرافضة أصله من أهل اليمن كان يهودياً .
و الذي أميل إليه و أرجحه هو : أن ابن سبأ من اليمن ؛ و ذلك أن هذا القول يجمع بين معظم أقوال العلماء في بلد ابن سبأ ، و لو نظرنا في الأقوال السابقة لم مجد تعارضاً بين هذا القول و بين القول الأول الذي ينسب ابن سبأ إلى قبيلة ( حمير ) ، و القول الثاني الذي ينسبه إلى قبيلة ( همدان ) ، إذ القبيلتان من اليمن ، و لم يخالف في أن أصل ابن سبأ من اليمن إلا البغدادي الذي ينسبه إلى ( الحيرة ) ، و ابن كثير الذي ذكر أنه ( رومي ) الأصل .
أما البغدادي فقد اختلط عليه ابن السوداء بابن سبأ ، فظن أنهما شخصان ، يقول : و قد ذكر الشعبي أن عبد الله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها .. ثم تحدث عن ابن السوداء و مقالته في علي رضي الله عنه ، إلى أن قال : فلما خشي – أي علي رضي الله عنه – من قتله – أي ابن السوداء – و من قتل ابن سبأ الفتنة التي خافها ابن عباس ، نفاهما إلى المدائن ، فافتتن بهما الرعاع . الفرق بين الفرق ( ص 235) .
والذي ذكر أنه من أهل الحيرة هو عبد الله بن السوداء و لم يتعرض لابن سبأ بشيء ، لهذا لا يمكننا أن نجزم بأن البغدادي نسب ابن سبأ المشهور في كتب الفرق و مؤسس فرقة السبأية إلى الحيرة ، فلعله قصد شخصاً آخر غيره ، و مما يدل على أنه لا يعني ابن سبأ ، أنه قال عند حديثه عن عبد الله بن السوداء : ( كان يعين السبأية على قولها ) ، فدل على أنه غير مؤسس السبأية .
أما ابن كثير فلا أعلم أحداً من المؤرخين وأصحاب المقالات وافقه في نسبة ابن سبأ إلى ( الروم ) ، و قد جاء في بعض النسخ المطبوعة من البداية والنهاية كلمة ( ذمياً ) بدل ( رومياً ) أنظر الطبعة الثانية ( 7/173) ، فلعل أصل الكلمة ذمياً و لكن حدث في الكلمة تصحيف من قبل النساخ ، وكون ابن سبأ ذمياً لا ينافي ما تناقله العلماء من كونه يهودياً . و لهذا لا يعارض قوله هذا ما اشتهر نقله في كتب التاريخ والفرق من أن أصل ابن سبأ من اليمن .
فترجح بهذا أن ابن سبأ من اليمن و نحن لا نقطع بنسبته إلى قبيلة معينة لعدم توفر الأدلة على ذلك . و الله أعلم .
و قد اختلف المؤرخون وأصحاب المقالات أيضاً في نسبة ابن سبأ لأبيه ، فمنهم من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه إلى ( وهب ) كما عند البلاذري في أنساب الأشراف (5/240) ، و الأشعري القمي في المقالات والفرق ( ص 20) والذهبي في المشتبه في الرجال (1/346) و المقريزي في الخطط (2/356) .
أما من قال أنه : ( عبد الله بن وهب الراسبي ) كما هو عند الأشعري القمي في المقالات ( ص 20) ، فلعل ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدالله بن سبأ هذا و بين عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج ، و هناك فرق بين الشخصيتين ما لا يخفى على مطلع ، فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و الممات ، نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم ، فهو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ، شرح صحيح مسلم للنووي (7/172) ، و هو المقتول في وقعة النهروان ، العبر في خبر من غبر للذهبي (1/44) ، و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ ، فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً . أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي (ص 94) .
و مما يؤكد الفرق بين الاسمين ما نص عليه السمعاني في الأنساب (7/24) بقوله : ( عبدالله بن وهب السبئي رئيس الخوارج ، و ظني أن ابن وهب هذا منسوب إلى عبد الله بن سبأ ) .
و هناك من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه أيضاً إلى حرب ، كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين (3/81) ، و هو ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال : ( قدمت المدائن بعد ما ضرب علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه ، فلقيني ابن السوداء و هو ابن حرب .. ) .
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلى سبأ ، فيقولون : ( عبد الله بن سبأ ) ، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/382) ابن قتيبة في المعارف ( ص 622) و الطبري في التاريخ (4/340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/86) ، والشهرستاني في الملل والنحل (1/174) ، والذهبي في الميزان ( 2/426) وابن حجر في لسان الميزان (3/290) ، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/483) ، وابن حبان في المجروحين ( 2/253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل ( 4/186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين ( ص 108 ) وابن عساكر في تاريخ دمشق ( 29/3) ، والسمعاني في الأنساب (7/24) و ابن الأثير في اللّباب (2/98) ، و غيرهم الكثير . و من الرافضة : الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة ( ص 22- 23 ) ، و الأشعري القمي في المقالات والفرق ( ص 20 ) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22 ) .
أما نسب ابن سبأ ( لأمه ) فهو من أم حبشية ، كما عند الطبري في التاريخ (4/326-327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308 ) ، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه ( ابن السوداء ) ففي البيان والتبيين ( 3/81) : ( ... فلقيني ابن السوداء ) و في تاريخ الطبري ( 4/326) : ( و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة ) ، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/122) : ( ولما خرج ابن السوداء إلى مصر ) ، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ ، و لذلك قال المقريزي في الخطط ( 2/356) : ( عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء ) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/8) من قول علي رضي الله عنه : ( من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء ) . و مثل هذا كثير ...
وكما وقع الخلط والإشكال في نسبة ابن سبأ لأبيه ، وقع الخلط و تصور من غفلوا عن هذه النسبة لأمه ، أن هناك شخصين : ابن سبأ ، وابن السوداء ، ففي العقد الفريد لابن عبد ربه (2/241) : ( .. منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط ، و عبد الله بن السوداء نفاه إلى الخازر ) .
و يقول الاسفرايني في التبصرة ( ص 108) : ( و وافق ابن السوداء عبد الله بن سبأ بعد وفاة علي في مقالته هذه ) .
ومثل هذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق ( ص 235 ) : ( فلما خشي علي من قتل ابن السوداء وابن سبأ الفتنة نفاهما إلى المدائن ) .
والذي يترجح من مناقشة الروايات : أن ابن سبأ غير ابن وهب الراسبي ، وأنه هو نفسه ابن السوداء ، والله أعلم .
و مما يحسن ذكره هنا أيضاً أن ابن سبأ كان أسود اللون ، و هذا يرجح كون أمه من الحبشيات ، ذكر ابن عساكر في تاريخه ( 29/7-8 ) : عن عمار الدهني قال : سمعت أبا الطفيل يقول : رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر ، فقال علي : ما شأنه ؟ فقال : يكذب على الله وعلى رسوله ، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال : ما لي ومال هذا الحميت الأسود ، و من طريق سلمة قال : سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي ، قال : ما لي ومال هذا الحميت الأسود ، و جاء أيضاً من طريق زيد قال : قال علي بن أبي طالب : ما لي ولهذا الحميت الأسود ، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر .
و يبقى بعد ذلك الأصل اليهودي لابن سبأ ، هل هو محل اتفاق أم تتنازعه الآراء ؟
يفترض المستشرق Hodge son أن ابن سبأ ليس يهودياً في أغلب الاحتمالات ، مشايعاً في ذلك للمستشرق الإيطالي Levi Della Vida الذي يرى أن انتساب ابن سبأ إلى قبيلة عربية هي ( همدان ) كما في نص البلاذري الذي وقف عنده ( ليفي ديلا فيدا ) يمنع من أن يكون يهودياً . و هو كما يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مذاهب الإسلاميين ( 2/30) : ( استنتاج لا مبرر له ، فليس هناك من تناقض بين أن يكون المرء يهودياً وأن يكون من قبيلة عربية .
وابن قتيبة رحمه الله أشار إلى يهودية بعض القبائل كما في المعارف ( ص 266 ) حيث يقول : ( كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة .
و فوق ذلك فإن الاتجاه الغالب في يهود اليمن أن أكثرهم من أصل عربي ، كما قال الدكتور جواد علي في تاريخ العرب قبل الإسلام ( 6/26) .
و مع ذلك فليس مقطوعاً بانتساب ابن سبأ إلى همدان – كما مر معنا – و حتى لو قطع بذلك ، فهل هذا الانتساب لهمدان ، انتساب على الحقيقة أم بالولاء ؟!
و لئن كان هذا الشك في يهودية ابن سبأ عند بعض المستشرقين ، إنما جاء نتيجة اعتراض يقيني بأن ابن سبأ في تصوراته عن المهدي كان متأثراً بالإنجيل أكثر من تأثره بالتوراة ، و هو اعتراض قد يقلل من يهودية ابن سبأ ، إلا أن هذا الاعتراض يضعف حينما نتبين رأي بعض الباحثين في طبيعة اليهودية في بلاد اليمن – في تلك الفترة – وأنها امتزجت فيها المسيحية بالموسوية ، و كانت يهودية سطحية ، وأن يهودية ابن سبأ ربما كانت أقرب إلى يهودية ( الفلاشا ) و هم يهود الحبشة ، و هذه اليهودية شديدة التأثر بالمسيحية الحبشية . مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/28) .
و هذا الأصل اليهودي لابن سبأ لم يكن محل خلاف في الروايات التاريخية ، أو لدى كتب الفرق ، و في آراء المتقدمين ، أمثال : الطبري وابن عساكر وابن الأثير والبغدادي وابن حزم ، وأمثال شيخ الإسلام ، عليه رحمه الله .

سبب الاختلاف في تحديد هوية ابن سبأ :-
لا غرابة أن يحدث هذا الاختلاف الكبير بين أهل العلم في تحديد هوية و نسب ابن سبأ ، فعبد الله بن سبأ قد أحاط نفسه بإطار من الغموض والسرية التامة حتى على معاصريه ، فهو لا يكاد يعرف له اسم ولا بلد ، لأنه لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له ، و حياكة المؤامرات والفتن بين صفوف المسلمين ، و لهذا لما سأله عبد الله بن عامر والي البصرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال له : ما أنت ؟ لم يخبره ابن سبأ باسمه و اسم أبيه ، و إنما قال له : إنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام و رغب في جوارك . تاريخ الطبري (4/326-327 ) .
و في رأيي أن تلك السرية التامة التي أطبقها ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختلاف المؤرخين والمحققين في نسبة ابن سبأ ، و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض هذه الأسماء التي ذكرها المؤرخون ، بل واستعمل بعض الأسماء الأخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر الدولة الإسلامية .

نشأة ابن سبأ :-
على ضوء ما تقدم من المعلومات السابقة – في المقال السابق - ، أمكننا الوقوف على الأجواء التي نشأ فيها ابن سبأ ، و نستطيع أن نحدد عدد من النقاط :-
1 - بتغليب الروايات السابقة نجد أن ابن سبأ نشأ في اليمن ، سواء كان من قبيلة حمير أو همدان ، ولا نستطيع الجزم بأيهما .
2 – كان لليهود وجود في اليمن ، غير أنه لا نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة ، و قد رجح بعض الأساتذة أنه يرجع إلى سنة (70م ) و ذلك حينما نزح اليهود من فلسطين بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني ( تيتوس ) و حطم هيكل ( أورشليم ) وعلى إثر ذلك تفرق اليهود في الأمصار و وجد بعضهم في اليمن بلداً آمناً فالتجأوا إليه ، و بعد أن استولى الأحباش على اليمن سنة (525م ) بدأت النصرانية تدخل اليمن . اليمن عبر التاريخ لأحمد حسين (ص 158- 159) .
3 – على إثر هذا امتزجت تعاليم ( التوراة ) مع تعاليم ( الإنجيل ) و كانت اليهودية في اليمن يهودية سطحية . مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/28) .
4 – و لكن اليهودية و إن ضعفت في اليمن بدخول الأحباش فيها ، فإنها بقيت مع ذلك محافظة على كيانها ، فلم تنهزم و لم تجتث من أصولها . تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي (6/34) .
و لعلنا من خلال تلك الإشارات ، نستطيع أن محدد المحيط الذي نشأ فيه عبد الله بن سبأ ، والبيئة التي صاغت أفكاره ، خاصة في عقيدة ( الرجعة ) و ( الوصية ) حينما قال : ( لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و يكذب بأن محمداً يرجع ، و قد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى ، و إنه كان ألف نبي و وصي و كان على وصي محمد ، ثم قال : محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء .. ) . تاريخ الطبري (4/340) .
على كل حال فهي معلومات ضئيلة لا تروي غليلاً ، ولا تهدي سبيلاً ، و لعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين أيدينا ، فهي لا تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ ، كما أن المعلومات عن فتوة ابن سبأ قبل ظهوره غير موجودة ، و نحن هنا مضطرون للصمت عما سكت عنه الأولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش و تكشف المكنون .

ظهور ابن سبأ بين المسلمين :-
جاء في تاريخ الطبري (4/340) و الكامل لابن الأثير (3/77) و البداية والنهاية لابن كثير(7/167) و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7-8 ) و غيرهم من كتب التاريخ ضمن أحداث سنة (35هـ ) : أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء وأنه أسلم زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه ، و أخذ يتنقل في بلاد المسلمين يريد ضلالتهم ، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم بالشام ، فلم يقدر على شيء فيها ، فأتى مصر واستقر بها و وضع لهم عقيدتي الوصية و الرجعة ، فقبلوها منه و كوّن له في مصر أنصاراً ممن استهواهم بآرائه الفاسدة .
لكن أين و متى كان أول ظهور لعبد الله بن سبأ بين المسلمين ؟
جاء في البداية والنهاية لابن كثير (7/183) ضمن أحداث سنة (34هـ ) ، أن عبد الله بن سبأ كان سبب تألب الأحزاب على عثمان . ثم أورده في أحداث سنة (35هـ) مع الأحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى خلع عثمان . البداية والنهاية (7/190) .
أما الطبري (4/331) وابن الأثير(3/147) فنجد عندهما ذكر لابن سبأ بين المسلمين قبل سنة ( 34هـ ) في الكوفة ، ( فيزيد بن قيس ) ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عامل عثمان ( سعيد بن العاص ) إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبهم .
و هذا يعني ظهور ابن سبأ قبل هذا التاريخ ، و تكوين الأعوان الذين اجتمعوا إلى يزيد بن قيس ، و تأكيد ذلك عند الطبري ( 4/326) وابن الأثير(3/144) ، ففي سنة ( 33هـ ) و بعد مضي ثلاث سنين من إمارة بعد الله بن عامر على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على ( حكيم بن جبلة ) و تكون المقابلة بين ابن عامر وابن السوداء والتي ذكرتها في بداية الموضوع .
ونستمر في الاستقراء فنجد ظهوراً لابن سبأ بين المسلمين قبل هذا التاريخ ، ففي الطبري (4/283) و ابن الأثير (3/114) ، و ضمن حوادث سنة (30هـ ) يرد ابن السوداء الشام ، و يلتقي بأبي ذر و يهيجه على معاوية – و سنأتي على تحقيق القول في قضية تأثير ابن سبأ على أبي ذر فيما بعد - .

ابن سبأ في الحجاز :-
لما كان ظهور ابن سبأ في الحجاز قبل ظهوره في البصرة والشام ، فلابد أن يكون قد ظهر في الحجاز قبل سنة ( 30هـ ) ، لأن ظهوره في الشام كان في هذا التاريخ ، و في الحجاز لا تكاد تطالعنا الروايات التاريخية على مزيد من التفصيل ، و لعل في هذا دلالة على عدم استقرار أو مكث لابن سبأ في الحجاز ، عدا ذلك المرور في طريقه التخريبي ، لكنه كما يبدو لم يستطع شيئاً من ذلك فتجاوز الحجاز إلى البصرة . تاريخ الطبري ( 4/340-341) .

ظهوره في البصرة :-
و في البصرة كان نزول ابن سبأ على ( حكيم بن جبلة العبدي ) ، و خبره كما ورد في الطبري (4/ 326 ) : ( لما مضى من إمارة ابن عامر ثلاث سنين بلغه أن في عبد القيس رجلاً نازلاً على حكيم بن جبلة ، و كان حكيم رجلاً لصاً إذا قفلت الجيوش خنس عنهم ، فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة ، و يتنكر لهم و يفسد في الأرض و يصيب ما يشاء ثم يرجع ، فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان ، فكتب إلى عبد الله بن عامر أن احبسه و من كان مثله فلا يخرج من البصرة حتى تأنسوا منه رشداً ، فحبسه فكان لا يستطيع أن يخرج منها ، فلما قدم ابن السوداء نزل عليه ، و اجتمع إليه نفر فطرح لهم ابن السوداء ولم يصرح ، فقبلوا منه واستعظموه .
و بقية خبر الطبري يفيدنا أنه لقي آذاناً صاغية في البصرة ، و إن كان لم يصرح لهم بكل شيء ، فقد قبلوا منه واستعظموه ، و شاء الله أن تحجم هذه الفتنة و يتفادى المسلمون بقية شرها و ذلك حينما بلغ والي البصرة ابن عامر خبر ابن سبأ ، فأرسل إليه و دار بينهما هذا الحوار : ( ما أنت ؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام والجوار ، فقال ابن عامر : ما يبلغني ذلك ! اخرج عني ، فأخرجه حتى أتى الكوفة . تاريخ الطبري (4/326-327) .

ظهوره في الكوفة :-
الذي يبدو أن ابن سبأ بعد إخراجه من البصرة وإتيانه الكوفة ، لم يمكث بها طويلاً حتى أخرجه أهلها منها ، كما في بقية خبر الطبري (4/327) : ( فخرج حتى أتى الكوفة ، فأخرج منها فاستقر بمصر و جعل يكاتبهم و يكاتبونه ، و يختلف الرجال بينهم ) .
لكنه وإن كان قد دخل الكوفة ثم أخرج منها سنة ( 33هـ ) ، إلا أن صلته بالكوفة لم تنته بإخراجه ، فلقد بقيت ذيول الفتنة في الرجال الذين بقي يكاتبهم و يكاتبونه . الطبري (4/327) وابن الأثير (3/144) .

ظهوره في الشام :-
في ظهور ابن سبأ في الشام يقابلنا الطبري في تاريخه نصان ، يعطي كل واحد منهما مفهوماً معيناً ، فيفيد النص الأول أن ابن سبأ لقي أبا ذر بالشام سنة (30هـ ) و أنه هو الذي هيجه على معاوية حينما قال له : ( ألا تعجب إلى معاوية ! يقول المال مال الله ، كأنه يريد أن يحتجزه لنفسه دون المسلمين ؟ وأن أبا ذر ذهب إلى معاوية وأنكر عليه ذلك ) . تاريخ الطبري (4/283) .
بينما يفهم من النص الآخر : أن ابن سبأ لم يكن له دور يذكر في الشام ، وإنما أخرجه أهلها حتى أتى مصر ، بقوله : ( أنه لم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام ) تاريخ الطبري (4/340) .
و يمكننا الجمع بين النصين في كون ابن سبأ دخل الشام مرتين ، كانت الأولى سنة (30هـ ) ، و هي التي التقى فيها بأبي ذر ، و كانت الثانية بعد إخراجه من الكوفة سنة ( 33هـ ) ، و هي التي لم يستطع التأثير فيها مطلقاً ، و لعلها هي المعنية بالنص الثاني عند الطبري .
كما و يمكننا الجمع أيضاً بين كون ابن سبأ قد التقى بأبي ذر سنة (30هـ ) ، و لكن لم يكن هو الذي أثر عليه و هيجه على معاوية ، و يرجح هذا ما يلي :-
1 - لم تكن مواجهة أبي ذر رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه وحده بهذه الآراء ، و إنما كان ينكر على كل من يقتني مالاً من الأغنياء ، و يمنع أن يدخر فوق القوت متأولاً قول الله تعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة } [التوبة 34]
2 - حينما أرسل معاوية إلى عثمان رضي الله عنه يشكو إليه أمر أبي ذر ، لم تكن منه إشارة إلى تأثير ابن سبأ عليه ، و اكتفى بقوله : ( إن أبا ذر قد أعضل بي و قد كان من أمره كيت و كيت .. ) . الطبري (4/283) .
3 - ذكر ابن كثير في البداية (7/170 ، 180) الخلاف بين أبي ذر ومعاوية بالشام في أكثر من موضع في كتابه السابق ، و لم يرد ذكر ابن سبأ في واحد منها ، و إنما ذكر تأول أبي ذر للآية السابقة .
4 - ورد في صحيح البخاري ( 2/111) الحديث الذي يشير إلى أصل الخلاف بين أبي ذر و معاوية ، و ليس فيه أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى ابن سبأ ، فعن زيد بن وهب قال : ( مررت بالربذة ، فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه ، فقلت له ما أنزلك منزلك هذا ؟ قال : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله } قال معاوية : نزلت في أهل الكتاب ، فقلت : نزلت فينا و فيهم ، فكان بيني و بينه في ذلك ، و كتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني ، فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة ، فقدمتها ، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك ، فذكرت ذلك لعثمان ، فقال لي : إن شئت تنحيت فكنت قريباً فذاك الذي أنزلني هذا المنزل .. ) .
5 - و في أشهر الكتب التي ترجمت للصحابة ، أوردت المحاورة التي دارت بين معاوية وأبي ذر ثم نزوله الربذة ، و لكن شيئاً من تأثير ابن سبأ على أبي ذر لا يذكر . الاستيعاب لابن عبد البر (1/214) و أسد الغابة لابن الأثير (1/357) والإصابة لابن حجر (4/62) .
6 - وأخيراً فإنه يبقى في النفس شيء من تلك الحادثة ؛ إذ كيف يستطيع يهودي خبيث حتى و لو تستر بالإسلام أن يؤثر على صحابي جليل كان له من فضل الصحبة ما هو مشهود .

ظهور ابن سبأ في مصر :-
على ضوء استقراء النصوص السابقة ، يكون ظهور ابن سبأ في مصر بعد خروجه من الكوفة ، و إذا كان ظهوره في البصرة سنة ( 33هـ ) ، ثم أخرج منها إلى الكوفة ، و من الكوفة استقر بمصر ، فإن أقرب توقيت لظهور ابن سبأ في مصر يكون في سنة ( 34هـ ) ، لأن دخوله البصرة و طرحه لأفكاره فيها و تعريجه على الكوفة ثم طرده منها ، واتجاهه بعد ذلك إلى مصر .. كل هذا يحتاج إلى سنة على الأقل ، و يؤكد هذا ابن كثير في البداية والنهاية (7/284) ، فيضع ظهور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة (34هـ ) ، و تابعه في ذلك السيوطي أيضاً في حسن المحاضرة (2/164) ، حيث أشار إلى دخول ابن سبأ مصر في هذا التاريخ .

وهنا نسأل - عبد الله بن سبأ حقيقة أم خيال؟
إن تشكيك بعض الباحثين المعاصرين في عبد الله بن سبأ وأنه شخصية وهمية وإنكارهم وجوده لا يستند إلى الدليل العملي ، ولا يعتمد على المصادر المتقدمة ، بل هو مجرد استنتاج يقوم على أراء وتخمينات شخصية تختلف بواعثها حسب ميول واتجاهات متبنيها ، ويمكن القول إن الشكاك والمنكرين لشخصية ابن سبأ هم طائفة من المستشرقين ، وفئة من الباحثين العرب ، وغالبية الشيعة المعاصرين .
ومن العجب أن هؤلاء المستشرقين وذيولهم من الرافضة والمستغربين في عصرنا أنكروا شخصية عبد الله بن سبأ ، وأنه شخصية وهمية لم يكن لها وجود ، فأين بلغ هؤلاء من قلة الحياء والجهل ، وقد ملأت ترجمته كتب التاريخ والفرق ، وتناقلت أفعاله الرواة وطبقت أخباره الآفاق .
لقد اتفق المؤرخون والمحدثون وأصحاب كتب الفرق والملل والنحل والطبقات والأدب والأنساب الذين تعرضوا للسبئية على وجود شخصية عبد الله بن سبأ الذي ظهر في كتب أهل السنة - كما ظهر في كتب الشيعة - شخصية تاريخية حقيقية. و لهذا فإن أخبار الفتنة ودور ابن سبأ فيها لم تكن قصرا على تاريخ الإمام الطبري و استنادا إلى روايات سيف بن عمر التميمي فيه ، و إنما هي أخبار منتشرة في روايات المتقدمين و في ثنايا الكتب التي رصدت أحداث التاريخ ألإسلامي ، و آراء الفرق و النحل في تلك الفترة ، إلا أن ميزة تاريخ الإمام الطبري على غيره أنه أعزرها مادة وأكثرها تفصيلا لا أكثر. و لهذا كان التشكيك في هذه الأحداث بلا سند وبلا دليل ، إن يعني الهدم لكل تلك الأخبار ، والتسفيه بأولئك المخبرين والعلماء ، وتزييف الحقائق التاريخية .
فمتى كانت المنهجية ضربا من ضروب الاستنتاج العقلي المحض في مقابل النصوص الروايات المتضافرة؟ و هل تكون المنهجية في الضرب صفحاً و الإعراض عن المصادر الكثيرة المتقدمة و المتأخرة التي أثبتت لابن سبأ شخصية واقعية!
و في ما يلي ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد الله بن سبأ أو السبئية – طائفته - في الكتب والمصادر المتقدمة ( السنية والشيعية ، المتقدمة منها والمعاصرة ) ؛ لأن ورود أي ذكر للسبئية دليل على انتسابها له ، و هذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة ، مع الرد على محاولات التشكيك في وجود عبد الله بن سبأ ، و ما ينسب إليه من أعمال ، و سأتّبع فيه الترتيب الزمني للأحداث :-

أولاً : من أثبت وجود عبد الله بن سبأ من الفرقين :
أ – عبد الله بن سبأ عند أهل السنة :-
1 - جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان ( ت 84هـ ) في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله :
شهدت عليكم أنكم سبئية * و أني بكم يا شرطة الكفر عارف
2 - و جاء ذكر السبئية في كتاب الإرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية (ت95هـ ) – راجع كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (1/345- 361) ، حيث تحدث عن معنى الإرجاء المنسوب للحسن ، و ذكر كلام أهل العلم في ذلك فليراجع للأهمية – ما يلي : ( و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا ، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس ) . رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان ( ص 249) .
3 - و هناك رواية عن الشعبي ( ت 103هـ ) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (29/7) ، تفيد أن : ( أول من كذب عبد الله بن سبأ ) .
4 - و هذا الفرزدق (شيعي الولاء سني المذهب) ( ت 116هـ ) يهجو في ديوانه ( ص 242-243) ، أشارف العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم ، و يصفهم بالسبئية ، حيث يقول :
كأن على دير الجماجم منهم * حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية * و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها * عليها تراب في دم قد تعفّرا
أراحوه من رأس وعينين كانتا * بعيدن طرفا بالخيانة أحزرا
من الناكثين العهد من سبئية * وإما زبيري من الذئب أغدرا
ولو أنهم إذ نافقوا كان منهم * يهوديهم كانوا بذلك أعذرا
و يمكن الاستنتاج من هذا النص أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معنية و مذهب عقائدي محدد بانتمائها إلى عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف ، صاحب المذهب .
5 - و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري ( ت 117هـ ) ، في النص التالي : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون م تشابه منه ابتغاء الفتنة } [آل عمران 7] ، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال : ( إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري ) .
6 - وفي الطبقات الكبرى لابن سعد ( ت 230هـ ) ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمها وإن لم يشر إلى ابن سبأ بالاسم . الطبقات (3/39) .
7 – و جاء عند ابن حبيب البغدادي ( ت 245هـ ) في المحبر ( ص 308) ، ذكر لعبد الله بن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات .
8 - كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم ( ت 253هـ ) ، خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة . أنظر : منهاج السنة لابن تيمية ( 1/7) .
9 - و جاء في البيان والتبيين (3/81) للجاحظ (من كبار زعماء المعتزلة) ( ت 255هـ ) ، إشارة إلى عبد الله بن سبأ .
و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن و المساند . أنظر على سبيل المثال : سن أبي داود (4/126) والنسائي (7/104) و الحاكم في المستدرك (3/538) .
10 - فقد ذكر الإمام البخاري ( ت 256هـ ) في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه ( 8/50) عن عكرمة قال : ( أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تعذبوا بعذاب الله ) ، و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .
ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقهم علي رضي الله عنه هم أتابع عبد الله بن سبأ حينما قالوا بأنه الإله .
11 - ذكر الجوزجاني ( ت 259هـ ) في أحوال الرجال ( ص 38) أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول :
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا .
12 - و يقول ابن قتيبة ( 276هـ ) في المعارف ( ص 267) : ( السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ ) . و في تأويل مختلف الحديث ( ص 73) يقول : ( أن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي ، فأحرق علي أصحابه بالنار .
13 - و يذكر البلاذري ( ت 279هـ ) ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي الله عنه يسألونه من رأيه في أبي بكر و عمر ، فقال : أو تفرغتم لهذا . أنساب الأشراف ( 3/382) .
14 – و يعتبر الإمام الطبري ( ت 310هـ ) من الذي أفاضوا في تاريخهم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في ذلك على الإخباري سيف بن عمر . تاريخ الطبري ( 4/283 ، 326 ، 331 ، 340 ، 349 ، 398 ، 493 – 494 ، 505 ) .
15 - وأكد ابن عبد ربه ( ت 328هـ ) أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا : هو الله خالقنا ، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام . العقد الفريد ( 2/405) .
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري ( ت 330هـ ) في مقالات الإسلاميين (1/85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة ، إذ يزعمون أن علياً لم يمت ، و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً .
17 - و يذكر ابن حبان ( ت 354هـ ) في كتاب المجروحين ( 2/253) : ( أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ ، من أولئك الذين يقولون : إن علياً لم يمت ، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة ) .
18 – يقول المقدسي ( ت 355هـ ) في كتابه البدء والتاريخ ( 5/129) : ( إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب : لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ) .
19 - و يذكر الملطي ( ت 377هـ ) في كتابه التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع ( ص 18) فيقول : ( ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له : أنت أنت !! ، قال : من أنا ؟ قالوا : الخالق البارئ ، فاستتابهم ، فلم يرجعوا ، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم .
20 - و ذكر أبو حفص ابن شاهين ( ت 385هـ ) أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم ، و من المنفيين عبد الله بن سبأ . أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/7) .
21 - و يذكر الخوارزمي ( ت 387هـ ) في كتابه مفاتيح العلوم (ص 22 ) ، أن السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ .
22 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند الهمذاني ( ت 415هـ ) في كتابه تثبيت دلائل النبوة (3/548) .
23 - و ذكر الغدادي ( ت 429هـ ) في الفرق بين الفرق ( ص 15 و ما بعدها ) : أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه ، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام .
24 - و نقل ابن حزم ( ت 456هـ ) في الفصل في الملل والنحل ( 4/186) : ( و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله ، أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة : أنت هو ، فقال لهم : ومن هو ؟ فقالوا : أنت الله ، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار ) .
25 - يقول الأسفرايني ( ت 471هـ ) في التبصرة في الدين ( ص 108) : ( إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره ، ثم دعا إلى ألوهيته ، و دعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي ) .
26 - و يتحدث الشهرستاني ( ت548هـ ) في الملل والنحل (2/116، 155) عن ابن سبأ فيقول : ( و منه انشعبت أصناف الغلاة ) ، و يقول في موضع آخر : ( إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي ) .
27 – و ينسب السمعاني ( ت 562هـ ) في كتابه الأنساب ( 7/24) السبئية إلى عبد الله بن سبأ .
28 - و ترجم ابن عساكر ( ت 571هـ ) في تاريخه ( 29/3) لأبن سبأ بقوله : عبد الله بن سبأ الذي تنسب إلى السبئية ، و هم الغلاة من الرافضة ، أصله من اليمن ، و كان يهودياً وأظهر الإسلام .
29 - و يقول نشوان الحميري ( ت 573هـ ) في كتابه الحور العين ( ص 154) : ( فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت ، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة ) .
30 - و يؤكد فخر الدين الرازي ( ت 606هـ ) في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57) ، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية .
31 - و يذكر ابن الأثير ( ت 630هـ ) في كتابه اللباب ( ص 2/98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ . كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل ( 3/114، 144، 147، 147، 154 إلى غيرها من الصفحات ) .
32 - و ذكر السّكْسَكي ( ت 683هـ ) في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان : ( أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت ) .
33 - و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ( ت 727هـ ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة ، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق ، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه ، وادعى العصمة له . أنظر مجموع الفتاوى ( 4/435) و ( 28/483) و في كثير من الصفحات في كتابه : منهاج السنة النبوية .
34 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند المالقي ( ت 741هـ ) في كتابه التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان ( ص 54) ، بقوله : ( و في سنة ثلاث و ثلاثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي الله عنه .. و كانوا جماعة منهم ، مالك الأشتر ، و الأسود بن يزيد .. و عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء .
35 - و عند الذهبي ( ت 748هـ ) في كتابه المغني في الضعفاء (1/339) و في الميزان (2/426) : ( عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة ، ضال مضل ) ، و ذكره أيضاً في تاريخ الإسلام ( 2/122-123) .
36 - وذكر الصفدي ( ت 764هـ ) في كتبه الوافي بالوفيات (17/20) في ترجمة ابن سبأ : ( عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله ، فنفاه إلى المدائن ، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي ، و أن علياً في السحاب ، و الرعد صوته ، و البرق سوطه ، وأنه سينزل إلى الأرض ) .
37 - و ذكر ابن كثير ( ت 774هـ ) في البداية و النهاية (7/183) أن من أسباب تألب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ و صيرورته إلى مصر ، و إذاعته على الملأ كلاماً اخترعه من عند نفسه .
38 - و جاء في الفرق الإسلامية (ص 34) للكرماني ( ت 786هـ ) أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت ، وأن فيه الجزء الإلهي .
39 - و يشير الشاطبي ( ت 790هـ ) في كتابه الاعتصام ( 2/197) إلى أن بدعة السبئية من البدع الاعتقادية المتعلقة بوجود إله مع الله ، و هي بدعة تختلف عن غيرها من المقالات .
40 - و ذكر ابن أبي العز الحنفي ( ت 792هـ ) في شرح العقيدة الطحاوية ( ص 578) أن عبد الله بن سبأ أظهر الإسلام و أراد أن يفسد دين الإسلام كما فعل بولص بدين النصرانية .
41 - و يعرف الجُرجاني ( ت 816هـ ) في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأنه رأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون : عليك السلام يا أمير المؤمنين .
42 - و يقول المقريزي ( ت 845هـ ) في الخطط ( 2/356-357) : ( أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ ) .
43 - و قد سرد الحافظ بن حجر ( ت 852هـ ) في كتابه لسان الميزان ( 3/290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر ، ثم قال : ( و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ ، و ليس له رواية و الحمد لله ) .
44 - و ذكر العيني ( ت 855هـ ) في كتابه عقد الجمان ( 9/168) : ( أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها ، و أظهر الأمر بالمعروف ، و تكلم في الرجعة ، و قررها في قلوب المصريين .
45 - و أكد السيوطي ( ت 911هـ ) في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب ( 1/132) نسبة السبئية إلى عبد الله بن سبأ .
46 - و ذكر السفارني ( ت 1188هـ ) في كتابه لوامع الأنوار (1/80) ضمن فرق الشيعة فرقة السبأية و قال : ( و هم أتباع عبد الله بن سبأ الذي قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنت الإله حقاً ، فأحرق من أصحاب هذه المقالة من قدر عليه منهم فخدّ لهم أخاديد وأحرقهم بالنار .
47 - و يروي الزُّبيدي ( ت 1205هـ ) أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مُسيك المرادي هو والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة . تاج العروس ( 1/75-76) ، و كلام الزبيدي هذا غير مقبول و يرده حديث فروة بن مسيك ، راجع صحيح سنن أبي داود (برقم (3373) و الترمذي ( برقم 3220) كتاب تفسير سورة سبأ ، و في الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من الأنبناء : سكن منهم ستة في اليمن و أربعة في الشام ، و هم أصول القبائل العربية : لخم و جذام و غسان .. الخ ، مما يدل على أن سبأ رجل متقدم جداً من أصول العرب ، فما علاقة ذلك بسبأ والد عبد الله صاحب السبئية ؟ !
48 - و تحدث عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي ( ت 1239هـ ) في كتابه مختصر التحفة الاثنى عشرية ( ص 317 ) عن ابن سبأ بقوله : ( و من أكبر المصائب في الإسلام في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة اليهود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاهر لهم بالإسلام وادعى الغيرة على الدين والمحبة لأهله .. و إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء ، و كان يسمى ابن السوداء ، و كان يبث دعوته بخبث و تدرج و دهاء .
49 - و محمد صديق حسن خان ( ت 1307هـ ) في خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان ( ص 8 ، 33 ، 44 ) .
هذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء ، و من سلف الأمة ، و هناك الكثير غيرهم ، و كلها تأكد و تجمع على ثبوت شخصية عبد الله بن سبأ اليهودي بكونه حقيقة لا خيال ، و كوني آثرت ذكر المتقدمين ، لأنه إذا ثبت عندهم ؛ فهم أعرف منا ، لأنه تسنى لهم الاطلاع على الكثير من الكتب التي تعد في زمننا هذا في عداد المفقود ، فهم الأصل الذي نحن عيال عليه ، نقتبس منه و نثبت ، كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين ، راجع للأهمية كتاب : العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي ( 2 / 530-531 ) ، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين .


ب – المثبتين لشخصية ابن سبأ من الشيعة :-
1 - ورد في تاريخ الطبري (5/193) على لسان أبي مخنف – لوط بن يحيى – ( ت 157هـ ) و هو يصف معقل بن قيس الرياحي والذي كلفه المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة بقتال المستورد بن علفة الخارجي و أصحابه ، فيصفه بأنه من السبئية المفترين الكذابين .
2 - الأصفهاني ( ت 283هـ ) ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليهودية ( 2/528) .
3 - أورد الناشئ الأكبر ( ت 293هـ ) في كتابه مسائل الإمامة ( ص 22-23 ) ما يلي : ( و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت ، و أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ) .
4 – و نقل القمي ( ت 301هـ ) في كتابه المقالات و الفرق ( ص 20 طهران 1963 م تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور فيروي ) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة ، و تبرأ منهم ، وادّعى أن علياً أمره بذلك . و ( أن السبئية قالوا للذي نعاه ( أي علي بن أبي طالب ) : كذبت ياعدو الله لو جئتنا والله بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وإن لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ثم مضوا …)
5 - و يتحدث النوبختي ( ت 310هـ ) في كتابه فرق الشيعة ( ص 23 ) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن ، قال للذي نعاه : كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل ، و لا يموت حتى يملك الأرض.
و يقول في ( ص 44 ) وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي بعد موسى على نبينا وآله وعليهما السلام بالغلو فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه. يقول النوبختي : فمن هنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
6 - و يقول أبو حاتم الرازي ( ت 322هـ ) في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية ( ص 305 ) : ( أن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله ، و أنه يحيي الموتى ، وادعوا غيبته بعد موته .
7 - و روى الكشي ( ت 340هـ ) في الرجال ( ص 98-99) بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله : أن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة ، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله ، تعالى عن ذلك علواً كبيراً . و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في ( ص 70 ، 100 ) من نفس الكتاب .
و يروي الكشي في ( رجال الكشي ص 98 ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات كربلاء ) بسنده إلى أبي جعفر ( أن عبدالله بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين هو الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال : نعم أنت هو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي فقال له أمير المؤمنين : ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أنه نفاه بالمدائن …)
8 - و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي ( ت 381هـ ) في كتاب من لا يحضره الفقه ( 1/213) ، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء .
9 - و جاء عند الشيخ المفيد ( ت 413هـ ) في كتاب شرح عقائد الصدور ( ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة ، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار .
10 - و قال أبو جعفر الطوسي ( ت 460هـ ) في كتبه تهذيب الأحكام ( 2/322) أن ابن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو .
11 - ابن شهر آشوب ( ت 588هـ ) في مناقب آل أبي طالب (1/227-228 ) .
12 - و ذكر ابن أبي الحديد ( ت 655هـ ) في شرح نهج البلاغة ( 2/99) ما نصه : ( فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته ، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه .
13 - و أشار الحسن بن علي الحلّي ( ت 726هـ ) في كتابه الرجال (2/71) إلى ابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء .
14 - و يرى ابن المرتضى ( ت 840هـ ) – و هو من أئمة الشيعة الزيدية - ، أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن سبأ ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة . تاج العروس لابن المرتضى ( ص 5 ، 6 ) .
15 - و يرى الأردبيلي ( ت 1100هـ ) في كتاب جامع الرواة (1/485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته .
16 - المجلسي ( ت 1110هـ ) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/286-287 ) .
17 - يقول نعمة الله الجزائري ( ت 1112هـ ) في كتابه الأنوار النعمانية ( 2/234) : ( قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن و قيل إنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي .
18 - طاهر العاملي ( ت 1138هـ ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62 ) .
19 - و عند المامقاني ( ت 1323هـ ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه .
20 - أما محمد حسين المظفري ( ت 1369هـ ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ان سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال . تاريخ الشيعة ( ص 10 ) .
21 - أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير . روضات الجنات (3/141) .

ثانياً : المنكرون وجود عبد الله بن سبأ من الفريقين :
أ – المنكرون لوجود ابن سبأ من أهل السنة ومن حسب عليهم :-
1 – الدكتور : طه حسين ، يقف طه حسين عل رأس الكتّاب المحدثين الذين شككوا في وجود ابن سبأ بل و أنكروه . أنظر كتاب الفتنة الكبرى – عثمان – ( ص 132 ) ، و علي و بنوه ( ص 90 ) . يذكر أن زوجة طه حسين و سكرتيره (و كلاهما نصرنيان) ذكرا أن طه حسين تنصر في باريس!
2 - الدكتور : علي سامي النشار ، و هو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارها شخصية وهمية . راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام (2/ 38 – 39 ) .
3 - الدكتور : حامد حنفي داود ، و هو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودها ، و ذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب ( عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى ) و من ضمن ما قال : ( و أخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بهذا السفر الجليل لصاحبه العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري ) ، أما رأيه في عبد الله بن سبأ فأوضحه بقوله : ( و لعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغمّ عليهم أمرها فلم يفقهوها و يفطنوا إليها هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة حين لفقوا عليهم قصة عبد الله بن سبأ فيما لفقوه من قصص . (1/ 18 ، 21 ) .
و ضمن كتابه : التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية ( ص 18 ) .
4 – و هناك أيضاً الدكتور : محمد كامل حسين في كتابه : أدب مصر الفاطمية ( ص 7 ) .
5 – و أيضاً : عبد العزيز الهلابي في كتابه عبد الله بن سبأ ( ص 73) ، حيث حجب هذا الشخص الغموض الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فلازم الإنكار .
6 – و الشيء بالشيء يذكر يعتبر الأستاذ حسن بن فرحان المالكي (شيعي المذهب) تلميذ المذكور أعلاه من المنكرين لوجود ابن سبأ ، و في أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة . راجع كلامه في جريدة المسلمون الأعداد ( 657 ، 658 ) .
7 - ومن المنكرين و المتشكيين والمترددين في إثبات و نفي شخصية عبد الله بن سبأ ، الدكتور : جواد علي في مقال له بعنوان ( عبد الله بن سبأ ) منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس ( ص 84 ، 100 ) و أيضاً في مجلة الرسالة العدد ( 778 ) ( ص 609-610 ) .

8 - و أيضاً الدكتور : محمد عمارة (من مؤيدي المعتزلة و المرجئة) في كتابه الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية ( ص 154-155 ) ، فيقول : ( وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر الإسلامي إلى ابن السوداء هذا نشاط عظيماً و جهداً خرافياً ) ، و يقول : ( فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده ) إلى غيرها من النقولات .
9 - و الدكتور : عبد الله السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية ( ص 86 ) ، إلا أنه يثبت وجود الأفكار التي تنسب إلى عبد الله بن سبأ ، من غير جزم بوجود صاحبها .

ب - المنكرون لوجود ابن سبأ من الشيعة :-
1 - محمد الحسين كاشف الغطاء ، في كتابه أصل الشيعة و أصولها ( ص 61 ) يقول : ( على أنه لا يستبعد أن يكون هو – أي عبد الله بن سبأ – و مجنون بني عامر و أبو هلال .. وأمثالهم أحاديث خرافية وضعها القصاص لتزجية الفراغ و شغل أوقات الناس ) .
2 - مرتضى العسكري و له كتابان في هذا الموضوع ، ينفي فيهما وجود ابن سبأ من الأصل ، و يعتبر مرتضى هذا من أكثر الشيعة المحدثين اهتماماً بمسألة عبد الله بن سبأ . الكتاب الأول بعنوان : ( عبد الله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري ) . و رمز له بالجزء الأول . الكتاب الثاني بعنوان : ( عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى ) .
3 - محمد جواد مغنيه ، و قد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى لمرتضى العسكري (1/12 ) . و كتاب التشيع ( ص 18 ) .
4 - الدكتور علي الوردي ، في كتاب و عاظ السلاطين ( ص 273- 276 ) ، يقول : ( يخيل إلى أن حكاية ابن سبأ من أولها إلى آخرها كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير ) ، و يعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول بأن ابن السوداء و هو عمار بن ياسر رضي الله عنه ، ( ص 278) .

5 – عبد الله الفياض في كتابه تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة ( ص 95 ) ، يقول : ( يبدوا أنابن سبأ كان شخصية إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة ) .
6 - الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع ( ص 41 ) ، و قد تابع الدكتور علي الوردي في كلامه حول كون عمار بن ياسر هو ابن السوداء ، ( ص 88 ) .
7 – طالب الرفاعي في التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية ( ص 20 ) .
و لعل هذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد الله بن سبأ ، هو بغرض نفي التأثير اليهودي في عقائد الشيعة ، و تبرئة ساحتهم من عبد الله بن سبأ ، و لكن أنى لهم ذلك .
و قد أعجبتني مقولة للدكتور سعدي الهاشمي يقول فيها : ( و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم ( الشيعة ) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي ، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي ( ابن سبأ ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول ، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم ) . ابن سبأ حقيقة لا خيال ( ص 76 ) .

جـ – المثبتون لوجود ابن سبأ من المستشرقين :-
اهتم المستشرقون بمسألة عبد الله بن سبأ و درسوا ما جاء عنه ، و نحن لسنا بحاجة إلى قيام أمثال هؤلاء الحاقدين لإثبات شخصية ابن سبأ لنثبت شخصيته بدورنا ، لكن تطرقت لذكرهم فقط من باب بيان أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها ، كما فعل أبي هريرة رضي الله عنه عندما تعلم فضل سورة آية الكرسي من إبليس لعنه الله . البخاري مع الفتح (4/487- 488 ) .
1 - المستشرق الألماني : يوليوس فلهاوزن (1844- 1918 م ) ، يقول : ( ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي و الحسن ، و تنسب إلى عبد الله بن سبأ و كما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً و الواقع أنه من العاصمة صنعاء ، و يقال أنه كان يهودياً ) . في كتابه : الخوارج والشيعة ( ص 170-171 ) .
2 - المستشرق : فان فلوتن ( 1866- 1903 م ) ، يرى أن فرقة السبأية ينتسبون إلى عبد الله بن سبأ فيقول : ( وأما السبأية أنصار عبد الله بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخلافة منذ أيام عثمان ، فكان يعتقدون أن جزءاً إلهياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده . السيادة العربية والشيعية و الإسرائيليات في عهد بني أمية (ص 80 ) .
3 - المستشرق الإيطالي : كايتاني ( 1869-1926 م ) ، يخلص هذا المستشرق في بحثه الذي نشره في حوليات الإسلام الجزء الثامن من سنة (33-35هـ ) إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية ، كما وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلهة لعلي قد حدثت في أيامه ، و ينتهي إلى القول بأن هذه الآراء وليدة تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة .
4 - المستشرق : ليفي ديلافيدا ( المولود عام 1886م ) ، حيث مرّ بعبد الله بن سبأ و هو يتحدث عن خلافة علي من خلال كتاب أنساب الأشراف للبلاذري .
5 - المستشرق الألماني : إسرائيل فريد لندر ، وقد كتب مقالاً عن عبد الله بن سبأ في المجلة الآشورية العددين من سنة (1909م ، ص 322) و (1910م ، ص 23) بعنوان : ( عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله اليهودي ) و قد خلص في بحثه هذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه لا يتشكك مطلقاً في شخصية ابن سبأ .
6 – المستشرق المجري : جولد تسيهر ( 1921م ) ، يقول : ( كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ ) . في كتابه : العقيدة والشريعة في الإسلام ( ص 205 ) .
7 - رينولد نكلس ( 1945م ) ، يقول في كتابه تاريخ الأدب العربي (ص 215 ) : ( فعبد الله بن سبأ الذي أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن ، و قد قيل إنه كان من اليهود و قد أسلم في عهد عثمان و أصبح مبشراً متجولاً ) .
8 - داويت . م . رونلدسن ، يقول : ( فقد ظهر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد الله بن سبأ قطع البلاد الإسلامية طولاً و عرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري ) . عقيدة الشيعة ( ص 85 ) .
9 - المستشرق الإنجليزي : برنارد لويس ، فهو يرى أن عبد الله بن سبأ هو أصل التشيع . راجع كلامه في كتابه : أصول الإسماعيلية ( ص 86 ) .
هذه أهم الكتابات الاستشراقية في موضوع عبد الله بن سبأ ، و هناك غير هؤلاء الكثير ، راجع للأهمية كتاب : عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة ( ص 73 ) .
أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين ، فهم فئة قليلة و الذين وقفوا في شخصية ابن سبأ و أصبحت عندهم مجرد خرافة و محل شك ، و ليس هناك من داع لذكرهم ، لعدم انتشار أفكارهم بخلاف المثبتين فهم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليهم الكثير ممن تأثر بفكر الاستشراق ، و كان هدف هؤلاء المستشرقين من ذلك التشكيك أو الإنكار هو ادعاء أن الفتن إنما هي من عمل الصحابة أنفسهم ، و أن نسبتها إلى اليهود أو الزنادقة هو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليها الإخباريون والمؤرخون المسلمون ليعلقوا أخطاء هؤلاء الصحابة على عناصر أخرى ، على أن إنكار بعضهم لشخصية ابن سبأ إنما يرجع إلى رغبتهم في الانتهاء إلى النتيجة التالية : لا حاجة لمخّرب يمشي بين الصحابة ، فقد كانت نوازع الطمع و حب الدنيا والسلطة مستحوذة عليهم ، فراحوا يقاتلون بعضهم عن قصد و تصميم ، و القصد من ذلك الإساءة إلى الإسلام و أهله ، و إلقاء في روع الناس أن الإسلام إذا عجز عن تقويم أخلاق الصحابة و سلوكهم وإصلاح جماعتهم بعد أن فارقهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمدة وجيزة ، فهو أعجز أن يكون منهجاً للإصلاح في هذا العصر . أنظر : تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور : محمد أمحزون (1/314) .


ثالثاً : أسباب إنكار إبن سبأ عند بعض المبطلين :
أولاً : قالوا : إعراض المؤرخين عن ذكر ابن سبأ أو ابن السوداء في حرب صفين ، و كونه غاب عنها ، و كيف له أن يغيب عن هذا المعركة و هو الذي كان يصول و يجول في حرب الجمل ، لهذا لم يستطع المؤرخون الإجابة على هذا السؤال المحير ! و هذا مما يدل على أن غير موجود .
الرد عليه : إن المؤرخين عند حديثهم عن موضوع معين لا يلتزمون بذكر كل تفاصيل ما جرى في الأحداث والوقائع التي ذكروها في كتبهم ، هذا على افتراض مشاركة ابن سبأ في حرب صفين ، و على افتراض عدم مشاركته في حرب صفين ، هل يعد ذلك دليلاً على عدم وجوده ، فيعارض به ما أثبته المؤرخون من وجود ابن سبأ و ما كان له من دور ؟! و في اعتقادي أن هذه الشبهة لا تقوى على ما أثبته المؤرخون والمحققون من سنة و شيعة من وجود ابن سبأ .
ثانياً : قالوا : إن أخبار ابن سبأ إنما انتشرت بين الناس عن طريق الطبري ، والطبري أخذها عن سيف بن عمر ، إذاً فسيف هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ ، و سيف هذا كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل .
الرد عليه و سيكون على ثلاثة فروع :-
أ – كون الطبري هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ ، و هذه الأخبار جميعها جاءت من طريق سيف بن عمر .
الرد : هذه شبهة باطلة إذ لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف ، بل هناك روايات لسيف تتحدث عن ابن سبأ لا توجد عند الطبري ، و مثاله :
1 - من طريق ابن عساكر ( ت 571هـ ) في تاريخه (29/9 ) ، وقد أورد رواية من طريق سيف بن عمر ليست عند الطبري .
2 - من طريق المالقي ( ت 741هـ ) في كتابه التمهيد و البيان ( ص 54 ) و قد أورد رواية ليست عند الطبري من طريق سيف بن عمر .
3 - من طريق الذهبي ( ت 748هـ ) في كتابه تاريخ الإسلام ( 2/122-123) و هذه الرواية أيضاً غير موجودة في الطبري .
فهذه الطرق الثلاثة تدلنا على أن الطبري لم ينفرد بروايات سيف بن عمر عن ابن سبأ ، و أنه ليس المصدر الوحيد لهذه الأخبار .
ب – كون سيف بن عمر هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ .
الرد : هذه الشبهة أيضاً غير صحيحة ، فقد ثبتت روايات ذكر فيها ابن سبأ لم يكن سيف في سندها ، و إن الذي يتبين لنا من خلال البحث والتنقيب أن سيف بن عمر ليس هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ ، و سأورد هنا عدد من النصوص لابن عساكر تذكر ابن سبأ لا ينتهي سندها إلى سيف بن عمر ، و قد اخترت تاريخ ابن عساكر بالذات لأنه يعتمد في روايته للأخبار على السند كما هو حال الطبري في تاريخه .
الرواية الأولى : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى الشعبي ، قال : أول من كذب عبد الله بن سبأ .
الرواية الثانية : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى عمار الدهني ، قال : سمعت أبا الطفيل يقول : رأيت المسيب بن نجبة أتى به يلببة - يعني ابن السوداء - ، و علي على المنبر ، فقال علي : ما شأنه ؟ فقال : يكذب على الله وعلى رسوله .
الرواية الثالثة : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى زيد بن وهب عن علي قال : ما لي و ما لهذا الحميت الأسود ؟ .
الرواية الرابعة : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة قال : قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال : ما لي وما لهذا الحميت الأسود ؟ .
الرواية الخامسة : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة بن كهيل عن زيد قال : قال علي بن أبي طالب ما لي ولهذا الحميت الأسود ؟ - يعني عبد الله بن سبأ – وكان يقع في أبي بكر وعمر .
الرواية السادسة : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال : رأيت علياً كرم الله وجهه وهو على المنبر ، وهو يقول : من يعذرني من هذا الحميت الأسود ، الذي يكذب على الله ورسوله ؟ - يعني ابن السوداء – لولا أن لا يزال يخرج عليّ عصابة تنعى عليّ دمه كما أدّعيت عليّ دماء أهل النهر ، لجعلت منهم ركاماً .
الرواية السابعة : ذكرها ابن عساكر بسنده إلى أبو الأحوص عن مغيرة عن سماك قال : بلغ عليا أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر ، فدعا به ، ودعا بالسيف - أو قال : فهمّ بقتله - فكُلّم فيه ، فقال : لا يساكني ببلد أنا فيه . قال : فسيره إلى المدائن . تاريخ دمشق لابن عساكر ( 29/ 7-10 ) .
للمزيد حول ورود روايات عبد الله بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر راجع ما ذكرناه سابقاً.
جـ – كون سيف بن عمر ( ت 180هـ ) كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل .
الرد : مكانة سيف بن عمر (ت 180هـ ) بين الجرح والتعديل ، حتى تكون الصورة واضحة للقارئ .
أولاً : سيف بن عمر محدثاً :-
يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين ( ص 14 ) : ( سيف بن عمر الضبي ضعيف ) . وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ( 2/278 ) أن سيف بن عمر : ( متروك الحديث ، يشبه حديثه حديث الواقدي ) . و عند ابن معين في نفس المصدر (2/278 ) أن سيفاً ضعيف الحديث . و ذكره الذهبي فيمن له رواية في الكتب الستة ، واكتفى بالقول : ( ضعفه ابن معين و غيره ) .الكاشف (1/416 ) . و في المغني في الضعفاء ( ص 292) قال الذهبي : ( سيف بن عمر التميمي الأسدي له تواليف متروك باتفاق ) . و عند ابن حجر في التقريب (1/344 ) : ( سيف ضعيف الحديث ) . و يقول ابن حبان في المجروحين (1/345) : ( سيف بن عمر الضبي الأسدي من أهل البصرة اتهم بالزندقة .. يروي الموضوعات عن الأثبات ) .
هذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً ، لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً ؟!
هنا لا بد و قبل أن أذكر أقوال أهل العلم فيه أن أنبه أنه لا بد من التفريق بين رواية ( الحديث ) و رواية الأخبار الأخرى ، فعلى الأولى تبنى الأحكام و تقام الحدود ، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع ، و من هنا تحرز العلماء –رحمهم الله – في شروط من تأخذ عنه الرواية ، لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار ، فهي وإن كانت مهمة – لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة – إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث ، و من هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس و تطبيقه على ( سيف ) بكونه محدثاً ، و إخبارياً . راجع للأهمية كتاب : تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون (1/82-143) فقد تحدث عن هذا الموضوع فأجاد .
نعود إلى كتب الرجال نفسها فنجد الآتي :-
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/255 ) : ( كان إخبارياً عارفاً ) . و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب ( 1/344 ) : ( عمدة في التاريخ ) . أما اتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/344 ) بقوله : ( أفحش ابن حبان القول فيه ) . ولا يصح اتهام سيف بالزندقة دون دليل ، إذ بكيف نفسر رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة ، فأسلوبه الذي روى به تلك الأحداث أبعد ما يكون عن أسلوب الزنادقة ، و هو الذي فضح و هتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ !!
و بعد هذا لا يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من الإخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن الكلبي ، و غيرهم الكثير ، فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات ، علاوة على أنها صادرة و مأخوذة عمن شاهد تلك الحوادث أو كان قريباً منها . للمزيد حول هذا الموضوع راجع كتاب : استشهاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر ، للدكتور خالد بن محمد الغيث ( ص 19- 40 ) ، و عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور :سليمان العودة ( ص 104- 110 ) .
ثالثاً : قالوا : لم يكن لابن سبأ وجود ، و إنما هو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر ، ثم ساقوا عدد من الدعائم التي تؤيد هذا القول ، منها :-
1 - كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء ، و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً .
2 - كلاهما من أب يماني ، و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أهل اليمن .
3 - كلاهما كان شديد الحب لعلي ، و من محرضي الناس على بيعته .
4 - ذهاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان ، و مثل هذا ينسب إلى ابن سبأ .
5 - ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخلافة بغير حق ، و أن صاحبها الشرعي هو علي ، و هذا نفسه كان يقول به عمار .
6 - و يشترك الاثنان في عرقلة مساعي الصلح في معركة الجمل .
7 - قالوا عن ابن سبأ أنه هو المحرك لأبي ذر في دعوته الاشتراكية ! و صلة عمار بأبي ذر وثيقة جداً .
الرد : هذا الرأي الذي خلصوا إليه ، إنما يدل على جهل صاحبه ، و هذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب الرجال الموثقة عند الشيعة ، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه ، و هو أحد الأركان الأربعة عندهم ، ثم هي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد الله بن سبأ في معرض السب واللعنة . أنظر : رجال الطوسي ( ص 46 ، 51 ) و رجال الحلي ( ص 255 ، 469 ) . فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد ذلك ؟!
كما وأن عوامل توافق الشخصيتين ذهاب كل منهما إلى مصر زمن عثمان ، فإن استقراء النصوص ومعرفة تاريخها يعطي مفهوماً غير الذي فهمه النافين لوجود ابن سبأ ، و بالتالي ينتصب هذا العامل دليلاً على استقلال كل من الشخصيتين ، فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة ( 35هـ ) ، بينما كان ظهور ابن سبأ سنة ( 30هـ ) كما في الطبري (4/241) ، و هو الذي ساق الخبرين ، و شيء آخر و هو أن الطبري نفسه أورد أن من الذين استمالوا عماراً في مصر قوم منهم عبد الله بن سبأ . الطبري (4/341) ، وانظر أيضاً : البداية والنهاية لابن كثير (7/167) و الكامل في التاريخ لابن الأثير (3/77) و تاريخ ابن خلدون ( 2/1034) فهؤلاء هو كبار المؤرخين و هم جميعاً أثبتوا الشخصيتين ؛ شخصية ابن سبأ و شخصية عمار بن ياسر ، فكيف لعاقل بعد ذلك أن يقول إنهما شخص واحد ؟!
و أما قولهم بأن عمار كان يمانياً ، فكل يماني يصح أن يقال له ابن سبأ ، فهذا غير صحيح ، فليست سبأ إلا جزءاً من بلاد اليمن الواسعة كما قال بذلك ياقوت في معجم البلدان (3/181 ) .
وأما قولهم بأن عمار كان يقول بأن عثمان قد أخذ الخلافة بغير حق ، و أن صاحبها الشرعي هو علي ، فإن هذه المقولة زَعْم يحتاج إلى دليل ، بل الثابت أن عثمان رضي الله عنه كان يثق بعمار و هو الذي أرسله إلى مصر لضبط أمورها . راجع الطبري ( 4/341) .
كما وأن التشابه في الكنى لا يجعل من الرجلين شخصية واحدة ، كما وأن الظروف التاريخية وطابع كل من الشخصيتين لا تسمحان لنا بقبول هذا الرأي . وإن نظرة واحدة إلى كتب التراجم والرجال لتعطي القارئ فكرة واسعة في سبب قيام علماء الجرح والتعديل بتأليف الكتب التي تحتوي على المتشابه من الأسماء والكنى .
و شيء مهم آخر و هو أن عمار قتل يوم صفين ، في حين بقي ابن سبأ إلى بعد مقتل علي رضي الله عنه ، فهل بعد هذا يكون عمار بن ياسر هو عبد الله بن سبأ ؟!

رابعاً : قالوا : لم يكن لابن سبأ وجود في الحقيقة ، و إنما هو شخصية وهمية انتحلها أعداء الشيعة بهدف الطعن في مذهبهم و نسبته إلى رجل يهودي .
الرد : إن هذه دعوى لا تقوم عليها حجة ، فكما أنكم ادعيتم هذا ، فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء ، لكن العبرة بالحجة والدليل ، فزعمكم أن هذه القصة قد اختلقها أهل السنة للتشنيع على الشيعة ، ليس لها دليل ، و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظلال الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على الأقل من أن هذه القصة لم ينفرد بها أهل السنة فقط ، فهذا الزعم باطل لأن مصادر الشيعة هي الأخرى أثبتت – كما سلف – وجود ابن سبأ . و بهذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنها من مفتريات أهل السنة .
و بعد هذا الذي ذكرت و هذه الشبهات التي أبطلت ، أستطيع أن أقول : إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن سبأ إلى عقيدتهم التي بثها و تسربت إلى فرق الشيعة ، و هي عقيدة تتنافى مع أصول الإسلام ، و تضع القوم موضع الاتهام والشبهة ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو الصحابة ، و رغبة لإظهارهم بأنهم هم الذين أثاروا الفتنة بينهم .
و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد الله بن سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية ، و تفيض فيه كتب العقائد ، و ذكرته كتب الحديث والرجال والأنساب والطبقات و الأدب واللغة ، و سار على هذا النهج كثير من المحققين والباحثين المحدثين.

* الفرق بين " البُهرة " و " الرافضة

أولاً:
الشيعة الرافضة ، والشيعة البُهرة كلاهما من الطوائف الضالة المنحرفة عن دين الله - إن كانت قد دخلت أصلاً فيه .
وعلماء الفرَق يعدُّون " البُهرة " من الباطنية الإسماعيلية ، وقد كانوا من فرَق " الشيعة " فغلوا في الأئمة غلوّاً عظيماً ، حتى كفَّرهم الرافضة ! .
وقد حصل شقاق ونزاع بين " الرافضة الإمامية " و " الإسماعيلية " في ترتيب الأئمة المعصومين ! من بعد جعفر الصادق ، فبينما الترتيب عند " الرافضة الإمامية الاثني عشرية " : جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ، إذا هي عند " الإسماعيلية " : جعفر الصادق ثم ابنه إسماعيل ، ثم في محمد بن إسماعيل .
ثانياً:
عقائد الرافضة الإمامية الاثني عشرية اشتملت على الزندقة ، والإلحاد ، والوثنية ، ومن أبرز عقائدهم :
1. اعتقاد أن القرآن محرَّف .
2. تكفير الصحابة رضي الله عنهم إلا قليلاً .
3. اعتقاد عصمة أئمتهم من الخطأ والسهو ، فضلاً عن المعصية والسيئة ، واعتقاد علمهم بالغيب المطلق .
4. تعظيم القبور والمشاهد .
قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيماً ) الفتح/ 29 :
ومِن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله - في رواية عنه - بتكفير الروافض ، الذين يبغضون الصحابة ، قال : لأنهم يغيظونهم ، ومن غاظ الصحابة : فهو كافر ؛ لهذه الآية ، ووافقه طائفة من العلماء على ذلك ، والأحاديث في فضائل الصحابة ، والنهي عن التعرض لهم بمساءة : كثيرة ، ويكفيهم ثناء الله عليهم ، ورضاه عنهم .
" تفسير ابن كثير " ( 7 / 362 ) .
وقال القرطبي – رحمه الله - :
لقد أحسن مالك في مقالته ، وأصاب في تأويله ، فمن نقص واحداً منهم ، أو طعن عليه في روايته : فقد ردَّ على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين .
" تفسير القرطبي " ( 16 / 297 ) .
وقال ابن حزم – رحمه الله – في ردِّه على النصارى - :
وأما قولهم في دعوى الروافض تبديل القراءات : فإن الروافض ليسوا من المسلمين ! إنما هي فرَق ، حدث أولُّها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة ، وكان مبدؤها إجابة من خذله الله تعالى لدعوة من كاد الإسلام ، وهي طائفة تجري مجرى اليهود ، والنصارى ، في الكذب ، والكفر .
" الفِصَل في الملل والنِّحَل " ( 2 / 65 ) .
ثالثاً:
أما " البهرة " فهم خليط من عقائد منحرفة شتَّى ، وهم باطنية ، وهم جزء من الإسماعيلية ، والتي كانت من فرق الشيعة ، لكنهم غلوا في أئمتهم أشد من غلو الرافضة ، وهذه بعض عقائدهم :
1. تعظيم أئمتهم لدرجة العبادة ، وما يسمونه " الداعي المطلق " هو مصدر السلطات عندهم ، وهو مرجعهم في كل شيء ، ويسجدون له إن أقبلوا عليه .
2. لهم صلوات مبتدعة ، منها : صلاة ليلة الثالث والعشرين من رمضان ، وعدد ركعاتها : اثنتا عشرة ركعة ، يرددون فيها : " يا عليَّاه " سبعين مرة ، و " يا فاطمتاه " مئة مرة، و " ياحسناه " مئة مرة ، و " يا حسيناه " تسعمائة وسبع وتسعين مرة .
3. لهم ظاهر مع الإسلام وباطن خبيث ، فهم يصلون ، ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل " الطيب بن الآمر " ، يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين ، لكنهم يقولون : إن الكعبة هي رمز على الإمام .
4. يعظمون القبور والمشاهد كإخوانهم الرافضة ، ومن أعمالهم المعاصرة المشهورة : قيامهم بإصلاح ضريح كربلاء ، والنجف ، كما عملوا قبة من ذهب فوق ضريح " الحسين " المزعوم في القاهرة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان واقع كبير علماء " بوهرة " وأتباعه ، وما وصفت في أسئلتك : فهم كفرة ، لا يؤمنون بأصول الإسلام ، ولا يهتدون بهدي كتاب الله ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستبعد منهم أن يضطهدوا الصادقين في إيمانهم بالله ، وكتابه ، وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، وسنَّته ، كما اضطهد الكفار في كل أمة رسل الله الذين أرسلهم سبحانه إليهم لهدايتهم .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 390 ) .
وينظر لمزيد فائدة حول " البهرة " : كتاب : " أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية " لمؤلفه : خادم حسين إلهي بخش .
فتوى ذات صله
من هم " البهرة " ؟ وما هي عقائدهم ؟ وما حكم تزويجهم والتزوج منهم ؟
سؤالي يتعلق بي وبزوجتي ، تنتمي زوجتي لطائفة " البهرة " ، وهي إحدى طوائف الشيعة ، مواقعهم على الإنترنت هي " مؤمنين دوت أورج " و " معلومات دوت كوم " ، كنت أنتمي لتلك الطائفة ، لكنَّ الله تعالى هداني لدينه الصحيح . تزوجتها من أجل خاطر والديّ بعدما قالا لي إنها فتاة جيدة ، وإنها سوف تطيعني في مسألة الدين بعد الزواج ، حاولت بكل جهدي أن أبيِّن لها من القرآن والسنَّة ، ولكنها مازالت على رفضها . أكبر اختلاف بيننا هو أنها - أو تلك الطائفة عموماً - تتوسل بـ " علي " أو بـ " حسين " رضي الله عنهما ، ولجعل الصورة أوضح أمامكم هم مثلا يقولون " يا الله بوسيلة الحسين ساعدني ، أو اشفني " ، فيذهب الحسين لله ، ويطلب منه ، وهكذا يتم الشفاء ، أو تحدث المساعدة المطلوبة ، اعتادت زوجتي قبل ذلك أن تقول " يا حسين ساعدني أو اشفني ، أو أنقذني " ، وهذا - على ما أعتقد - شرك ، توقفتْ عن ذلك بعدما شرحت لها ، ولكنها مازلت تتوسل بالأئمة ، وتتبع البدع ، هل هذا النوع من التوسل يعد شركاً ؟ هل ذكر الله في آيات عديدة ألا نسأل إلا هو ؟ إن كان ما تفعله من توسل شرك : فهل زواجي بها صحيح ؟ هل الشرك كفر ؟ والزواج من كافرة لا يجوز ؟ . يطلب منهم أئمتهم أن ينحنوا أمامهم ، ويقبلوا أقدامهم ، ويذهبوا للقبور ، وينحنوا أمام الموتى ، ويعتقدون أنه سيأخذ بأيديهم إلى الجنة ، هؤلاء يجعلون اسم سيدنا " علي " في الأذان ويذكرونه في التشهد في الصلاة ، ويتبعون العديد من البدع ، يقولون – أيضاً - إن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الله مرات عديدة باسم سيدنا على ، بالإضافة إلى أنهم يسبون ويلعنون السيدة عائشة ، وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، رضي الله عنهم أجمعين ، ويقولون : إنهم عذبوا السيدة فاطمة وسيدنا علي رضي الله عنهما . ما سردته لكم ما كان إلا قليلاً من كثير ، ومازال مسموحاً لهؤلاء أن يذهبوا للحج ، ويصلوا بطريقتهم ويفعلون بدعهم في مكة. أخي أرجوك أجبني في أقرب وقت ممكن لأنه إن لم يكن زواجي منها جائزاً فأنا زانٍ ! . أسأل الله تعالى أن يحميني والمؤمنين من الشرك والذنوب وأن ينقذنا من النار، آمين .

الحمد لله
أولاً:
جاء تعريف " البهرة " في " الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة " ( 2 / 389 ) :
هم إسماعيلية مستعلية ، يعترفون بالإمام " المستعلي " ، ومن بعده " الآمر " ، ثم ابنه " الطيب " ، ولذا يسمون بـ " الطيبية " ، وهم إسماعيلية الهند ، واليمن ، تركوا السياسة ، وعملوا بالتجارة ، فوصلوا إلى الهند ، واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا ، وعرفوا بـ " البهرة " ، والبهرة : لفظ هندي قديم ، بمعنى " التاجر " .
- الإمام الطيب دخل الستر سنة 525 هـ‍، والأئمة المستورون من نسله إلى الآن لا يُعرف عنهم شيء ، حتى إن أسماءهم غير معروفة ، وعلماء البهرة أنفسهم لا يعرفونهم .
- انقسمت البهرة إلى فرقتين :
1. البهرة الداوودية : نسبة إلى قطب شاه داود : وينتشرون في الهند ، وباكستان ، منذ القرن العاشر الهجري ، وداعيتهم يقيم في " بومباي " .
2. البهرة السليمانية : نسبة إلى سليمان بن حسن ، وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم .
انتهى
ثانياً:
" البهرة " خليط من عقائد منحرفة شتَّى ، وهم باطنية ، وهم جزء من الإسماعيلية ، والتي كانت من فرق الشيعة ، لكنهم غلوا في أئمتهم أشد من غلو الرافضة ، وهذه بعض عقائدهم :
1. لا يقيمون الصلاة في مساجد المسلمين .
2. ظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد سائر الفرق الإسلامية المعتدلة .
3. باطنهم شيءٌ آخر ، فهم يصلون ، ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل " الطيب بن الآمر " .
4. يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين ، لكنهم يقولون : إن الكعبة هي رمز على الإمام .
انتهى من " الموسوعة الميسرة " ( 2 / 390 ) .
وأما الغلو في إمامهم : فله صور متعددة ، من السجود له ، وتقبيل يده ورجله من الرجال والنساء ، وغير ذلك ، ونحن نسوق بعضها مع الحكم عليها من خلال طائفة من فتاوى علماء اللجنة الدائمة :
1. سئل علماء اللجنة الدائمة :
كبير علماء بوهرة يصر على أنه يجب على أتباعه أن يقدموا له سجدة كلما يزورونه ، فهل وجد هذا العمل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو الخلفاء الراشدين ، وحديثاً نشرت صورة لرجل بوهري يسجد لكبير علماء بوهرة في جريدة " من " الباكستانية المعروفة الصادرة في 6 / 10 / 1977 م ، ولاطلاعكم عليها نرفق لكم تلك الصورة ؟ .
فأجابوا :
السجود نوع من أنواع العبادة التي أمر الله بها لنفسه خاصة ، وقربة من القرب التي يجب أن يتوجه العبد بها إلى الله وحده ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ من الآية 36 ؛ وقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/ 25؛ ولقوله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) فصلت/ 37 ، فنهى سبحانه عباده عن السجود للشمس والقمر، لكونهما آيتين مخلوقتين لله فلا يستحقان السجود ولا غيره من أنواع العبادات ، وأمر تعالى بإفراده بالسجود لكونه خالقاً لهما ، ولغيرهما من سائر الموجودات ، فلا يصح أن يُسجد لغيره تعالى من المخلوقات عامة ؛ ولقوله تعالى : ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) النجم/ 59 – 62 ، فأَمر بالسجود له تعالى وحده ، ثم عمَّ فأمر عباده أن يتوجهوا إليه وحده بسائر أنواع العبادة دون سواه من المخلوقات ، فإذا كان حال " البوهرة " كما ذكر في السؤال : فسجودهم لكبيرهم عبادة وتأليه له ، واتخاذ له شريكاً مع الله ، أو إلهاً من دون الله ، وأمره إياهم بذلك أو رضاه به : يجعله طاغوتاً يدعو إلى عبادة نفسه ، فكلا الفريقين التابع والمتبوع كافر بالله خارج بذلك عن ملة الإسلام ، والعياذ بالله .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 382 ، 283 ) .
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً - :
جميع النساء يقبلن يده ورجله ، فهل يجوز في الإسلام لرجل غير محرم للنساء أن يلمسن أيدي كبير العلماء ، وهذا العمل ليس خاصّاً بكبير العلماء ، بل هو لكل فرد من أفراد أسرته ؟
فأجابوا :
أولاً : ما ذُكر من تقبيل نساء " البوهرة " يد كبيرهم ، ورجله ، وتقبيلهن يد كل فرد من أسرته ورجله : لا يجوز ، ولم يُعرف ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا مع أحد من الخلفاء الراشدين ؛ وذلك لما فيه من الغلو في تعظيم المخلوق ، وهو ذريعة إلى الشرك .
ثانياً : لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه ، ولا أن يمس جسدها ؛ لما في ذلك من الفتنة ؛ ولأنه ذريعة إلى ما هو شر منه ، من الزنا ، ووسائله ، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " كان رسول الله صلى الله علية وسلم يمتحن من هاجرن إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ ) إلى قوله : ( إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الممتحنة/ 12 ، قال عروة : قالت عائشة : فمَن أقرَّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قد بايعتك ) ، كلاماً ، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ، ما يبايعهن إلا بقوله : ( قد بايعتك على ذلك ) متفق عليه ، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايع النساء مصافحة ، بل بايعهن كلاماً فقط مع وجود المقتضي للمصافحة ، ومع عصمته ، وأمن الفتنة بالنسبة له : فغيره من أمَّته أولى بأن يجتنب مصافحة النساء الأجنبيات منه ، بل يحرم عليه ذلك ، فضلا عن تقبيل يده ورجله ، وأيدي أفراد أسرته ، وأرجلهم ، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إني لا أصافح النساء ) رواه النسائي وابن ماجه ، وقد قال الله عز وجل : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب/ من الآية 21 .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 383 – 385 ) .
3. وسئلوا :
كبير علماء " بوهرة " يدَّعي أنه المالك الكلي للروح والإيمان - العقائد الدينية - نيابة عن أتباعه .
فأجابوا :
إذا كان كبير علماء " بوهرة " يدَّعي ما ذكر : فدعواه باطلة ، سواء أراد بما يدعيه من ملك الروح والإيمان أن الأرواح والقلوب بيده يصرفها كيف يشاء فيهديها إلى الإيمان ، أو يضلها عن سواء السبيل : فإن ذلك ليس إلى أحدٍ سوى الله تعالى ؛ لقوله سبحانه : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) الأنعام/ 125 ؛ وقوله : ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ) الكهف/ 17 … إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن تصريف القلوب بهدايتها وإضلالها إلى الله دون سواه ؛ ولما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم : ( قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء ) مسلم .
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم عند فزعه إلى ربه بقوله : ( يا مقلب القلوب ، ثبِّت قلبي على دينك ) رواه الترمذي ، أو أراد بملكه الأرواح والإيمان نيابة عن جماعته أن إيمانه يكفي أتباعه أن يؤمنوا ، وأنهم يثابون بذلك ، ويؤجرون ، وينجون من العذاب وإن أساءوا العمل ، وارتكبوا الجرائم ، والمنكرات : فإن ذلك مناقض لما جاء في القرآن من قوله تعالى : ( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) البقرة الآية 286 ، وقوله: ( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) الطور الآية 21 ، وقوله : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) المدثر/ 38 - 42 الآيات ، وقوله : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } النساء/ 123 ، 124 ، وقوله : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) النجم/ 39 ، وقوله : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) فاطر/ 18 … إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن كل إنسان يجزى بعمله خيراً كان أم شرّاً ؛ ولما ثبت في الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حين أنزل عليه : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الشعراء/ 214 فقال : ( يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً ، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ) متفق عليه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 385 – 387 ) .
4. وسئلوا :
ويدَّعي أنه المالك الكلي لجميع أملاك الوقف ، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات، وهو الله على الأرض ، كما ادعى ذلك كبير العلماء المتوفى سيدنا طاهر سيف الدين في قضية بالمحكمة العليا في مدينة " بومباي " ، وله القدرة الكاملة على جميع أتباعه .
فأجابوا :
ما ذكر في السؤال عن دعوى كبير " البوهرة " ملكه الكلي لجميع أملاك الوقف ، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات ، وأنه هو الله على الأرض : كلها دعاوى باطلة ، سواء صدرت منه أم من غيره ، أما الأولى : فلأنَّ أعيان الأوقاف لا تُملك ، وإنما يملك الانتفاع بغلَّتها ، وذلك بصرفها إلى الجهات التي جعلت وقفاً عليها لا إلى غيرها ، فلا يملك كبير " البوهرة " أعياناَ – أي : أوقافاً - ولا يملك شيئاً من غلتها إلا غلة ما جعل وقفاً عليه إن كان أهلاً لذلك .
وأما الثانية : وهي دعوى أنه غير محاسب : فلأن كل امرئ محاسب على جميع أعماله من التصرف في الصدقات ، وغيرها بنص الكتاب ، والسنَّة ، وإجماع الأمة .
وأما الثالثة : وهي دعوى أنه الله في الأرض : فكفر صراح ، ومن ادَّعى ذلك: فهو طاغوت يدعو إلى تأليه نفسه ، وعبادتها ، وبطلان ذلك معلوم من دين الإسلام بالضرورة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 387 ، 388 ) .
5. وسئلوا :
ويدَّعي أنه يحق له أن يعلن البراءة والمقاطعة الاجتماعية ضد الذين يعترضون على مثل هذه الأعمال .
فأجابوا :
إن كانت صفة كبير علماء " بوهرة " على ما تقدم في الأسئلة : فلا يجوز له أن يتبرأ ممن يعترضون عليه فيما ارتكبه من أنواع الشرك ، بل يجب عليه قبول نصحهم ، والإقلاع عن تأليه نفسه ، وعن دعوى اتصافه بما هو من اختصاص الله تعالى : الألوهية ، وملك الأرواح والقلوب ، ودعوة من حوله إلى عبادته ، وإلى غلوهم في الضراعة والخضوع له ولأفراد أسرته ، بل يجب على من اعترضوا على ما يرتكبه من ألوان الكفر أن يتبرءوا منه ومن ضلاله وإضلاله إذا لم يقبل نصحهم ، ولم يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن يتبرءوا من اتباعه وكل من كان على شاكلتهم من الطواغيت وعبدة الطواغيت ، قال الله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ) آل عمران/ الآية 103 ، وقال : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب/ 21 ، وقال : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ الآية 36 وقال : ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ . الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الزمر/ 17 ، 18 ، وقال : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة الآية 4 ، الآية ، إلى أن قال سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) الممتحنة/ 6 .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 388 ، 389 ) .
وأخيراً قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان واقع كبير علماء " بوهرة " وأتباعه ، وما وصفت في أسئلتك : فهم كفرة ، لا يؤمنون بأصول الإسلام ، ولا يهتدون بهدي كتاب الله ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يستبعد منهم أن يضطهدوا الصادقين في إيمانهم بالله ، وكتابه ، وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، وسنَّته ، كما اضطهد الكفار في كل أمة رسل الله الذين أرسلهم سبحانه إليهم لهدايتهم .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 390 ) .
وينظر لمزيد فائدة حول " البهرة " : كتاب : " أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية " لمؤلفه : خادم حسين إلهي بخش .
ثالثاً:
وبما ذكرنا يتبين للمسلمين جميعاً : تحريم التزوج من نساء " البهرة " ، وتحريم تزويج رجالهم ، وأنهم فرقة باطنية تخالف أصول الإسلام وتهدمها ، وزوجتك إما أن تتبرأ من تلك الطائفة تبرءاً كاملاً واضحاً بيِّناً ، وتكفر بما هم عليه من اعتقادات فاسدة ، وإلا فإنه لا يحل لك البقاء معها ، وعقدك معها مفسوخ ، واستمرارك معها بعد علمك بما عليه من كفر وردَّة يجعل جماعك لها زناً ، وليست هي كاليهودية والنصرانية ؛ لأنهما كتابيَّات ، وأما البهرة فكفَّار باطنيون .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب

رابعاً:
أما بخصوص تكفير هاتين الطائفتين : فإنه لا شك في كفر " البهرة " جميعهم ، العالِم منهم والعامي ؛ لأنها فرقة باطنية ، والفرق الباطنية ليس فيها تفصيل في حكم كفرهم جميعاً.
وأما الرافضة : فقد اختلف العلماء في كفرهم على أقوال :
أ. فمن العلماء من يرى أن كفرهم أصلي وأنهم لم يدخلوا في الإسلام أصلاً ؛ لأن الشهادتين لهما معنى غير ما في الإسلام ، والقرآن لم يؤمنوا به ، والدين الذي أوصله لنا الصحابة لا يرونه إلا كفراً وضلالاً ، وعند أصحاب هذا القول : لا فرق بين عامي وعالِم ، وحكم عوامهم كحكم عوام اليهود والنصارى ، ومن أبرز من قال به : الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
وظاهر حالهم ، وعقائدهم المنحرفة ، وضلالاتهم ، مما يتوافق مع هذا القول .
ب. وذهبت طائفة أخرى من العلماء إلى التفريق بين عوامهم وعلمائهم ، وقالوا : إن عوامهم لا يكفرون إلا بإقامة الحجة عليهم ، وأما علماؤهم فيكفرون ؛ لأن الحجة مقامة عليهم بما يعرفونه من نصوص القرآن والسنَّة ، ومن أبرز القائلين بهذا التفصيل قديماً : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وحديثاً : الشيخ الألباني رحمه الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - عن الرافضة - :
وأما تكفيرهم ، وتخليدهم : ففيه أيضاً للعلماء قولان مشهوران : وهما روايتان عن أحمد ، والقولان في الخوارج ، والمارقين من الحرورية ، والرافضة ، ونحوهم ، والصحيح: أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يُعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول : كفر ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضاً ، وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع ؛ لكن تكفير الواحد المعين منهم ، والحكم بتخليده في النار : موقوف على ثبوت شروط التكفير ، وانتفاء موانعه ، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد، والتكفير والتفسيق ، ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له ، وقد بسطت هذه القاعدة في " قاعدة التكفير " ، ولهذا لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفر الذي قال : " إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لإن قدِر الله عليَّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين " ، مع شكه في قدرة الله ، وإعادته ، ولهذا لا يكفِّر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام ، أو لنشأته ببادية بعيدة ؛ فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة ، وكثير من هؤلاء قدلا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه ، ولا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بذلك ، فيطلق أن هذا القول كفر ، ويكفر متى قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها ، دون غيره ، والله أعلم ." مجموع الفتاوى " ( 28 / 468 – 501 ) باختصار .
غير أنه ينبغي الانتباه هنا إلى أمرين مهمين :
1. الخلاف بين العلماء في سب الصحابة لا يدخل فيه من اعتقد فسق عامتهم ، أو اعتقد تكفيرهم ، أو تكفيرهم إلا نفراً قليلاً منهم ، فمن اعتقد من الرافضة كفر ذلك : فلا ريب في كفره ، بل إنه يكفر من شكَّ في كفرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً يبلغون بضعة عشر نفساً ، أو أنهم فسقوا عامتهم : فهذا لا ريب أيضاً في كفره ؛ لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى عنهم ، والثناء عليهم ، بل من يشك في كفر مثل هذا : فإن كفره متعين ؛ فإن مضمون هذه المقالة : أن نقلة الكتاب والسنَّة كفَّار ، أو فساق ، وأن هذه الآية التي هي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) آل عمران/ 110 ، وخيرها هو القرآن الأول : كان عامتهم كفاراً أو فساقاً ، ومضمونها : أن هذه الأمة شرُّ الأمم ، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارهم ، وكفر هذا مما يعلم باضطرار من دين الإسلام .
" الصارم المسلول على شاتم الرسول " ( 1 / 590 ) .
وبمثله تماماً قال الشيخ العثيمين رحمه .
2. قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله به : كفر مخرج من الملَّة ، وقد نُقل الإجماع على ذلك،
ذات صله
حكم من قذف عائشة رضي الله عنها
إن عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين داخلات في عموم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكل نص نهى عن سب الأصحاب فعائشة داخلة فيه ومن ذلك :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نصيفه . " رواه البخاري : فتح رقم 3379.
ثم إن علماء الإسلام من أهل السنة أجمعوا قاطبة على أن من طعن في عائشة بما برأها الله منه فهو كافر مكذب لما ذكره الله من براءتها في سورة النور .
وقد ساق الإمام ابن حزم بسنده إلى هشام بن عمار قال: سمعت مالك بن أنس يقول: من سب أبا بكر وعمر جلد ومن سب عائشة قتل ، قيل له : لم يقتل في عائشة ؟ قال : لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها : ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ) .
قال مالك فمن رماها فقد خالف القرآن ومن خالف القرآن قتل .
قال ابن حزم : قول مالك ههنا صحيح وهي ردة تامة وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها .
قال أبو بكر ابن العربي : ( لأن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ومن كذب الله فهو كافر فهذا طريق مالك وهي سبيل لائحة لأهل البصائر ) .
قال القاضي أبو يعلى : ( من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم ) .
وقال ابن أبي موسى: (ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة ) .
وقال ابن قدامة : ( ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ، أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم ) .
وقال الإمام النووي رحمه الله: ( براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافرا مرتدا بإجماع المسلمين).
وقال ابن القيم رحمه الله : (واتفقت الأمة على كفر قاذفها ) .
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ( أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية فإنه كافر لأنه معاند للقرآن ) .
وقال بدر الدين الزركشي : ( من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها ) .
وقد بنى العلماء كلامهم في حكم من قذف عائشة على عدد من الأدلة ومنها :
1- الاستدلال بما جاء في سورة النور من التصريح ببراءتها فمن اتهمها بذلك بعدما برأها الله فإنما هو مكذب لله عز وجل وتكذيب الله كفر لا شك فيه .
2- أن في الطعن في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إيذاء له صلى الله عليه وسلم ولا شك أن إيذاءه صلى الله عليه وسلم كفر إجماعا ومما يدل على تأذي النبي بقذف زوجه ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث الإفك عن عائشة قالت : " .. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلا خَيْرًا …" الحديث .
فقوله صلى الله عليه وسلم "من يعذرني" أي من ينصفني ويقيم عذري إذا انتصفت منه لما بلغني من أذاه في أهل بيتي . فثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تأذّى بذلك تأذيا استعذر منه .
قال الإمام القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى: ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا ) : يعني في عائشة .. لما في ذلك من أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه وأهله ، وذلك كفر من فاعله ) .
3- كما أن الطعن في عائشة يستلزم الطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم لأنّ الله سبحانه قد قال : ( الخبيثات للخبيثين ) ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيّبة ، لأنه أطيب من كل طيب من البشر ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعا ولا قدرا .
ثم ليعلم ختاما أن أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم عائشة الصديقة بنت الصديق كما صح عن عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قَالَ قُلْتُ فَمِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا إِذًا قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ قَالَ فَعَدَّ رِجَالًا .
فمن أبغض حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حريّ أن يكون بغيضه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة والله أعلم .
( انظر عقيدة أهل السنّة والجماعة في الصحابة الكرام ناصر الشيخ 2/871 ، اعتقاد أهل السنة في الصحابة : محمد الوهيبي ص: 58 )

--------------------------------------------
* مايقال فى أهل السنه من باطل واعتقادات الرافضه النجسه :-
ماذا يعني لفظ الناصب :
ـ أبي حنيفة عند الشيعة ناصبي كما في: {الكافي 8/292} ط دار الكتب الاسلامية طهران.
ـ قال المفيد في كتابه: {عدة مسائل ص 253،263،265،268،270 ط قم} أطلق لفظ الناصبي على أبي حنيفة.
ـ وقال نقمة الله الجزائري في {الانوار النعمانية 2/307 ط تبريز}: (ويؤيد هذا المعنى أنَّ الأئمة عليهم السلام وخواصهم أطلقوا لفظ الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله مع أنه لم يكن ممن نصب العداوة لآل البيت).
ـ وقال حسين بن الشيخ محمد آل عصفور البحراني في {المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية ص157 ط بيروت}: ( على أنك قد عرفت سابقاً أنه ليس الناصب إلا عبارة عن التقديم على عليٍّ عليه السلام).
ـ وقبلها قال في ص147 من كتابه: (بل أخبارهم تُنادي بأنَّ الناصب هو ما يُقال له عندهم سنياً).
ـ ويقول في نفس الموضع: (ولا كلام في أنَّ المراد بالناصبة هم أهل التسنّن).
ـ وقال حسين بن شهاب الدين الكركي العاملي في كتابه{هداية الابرار إلى طريق الأئمة الأطهار ص106 ط1}: (كالشبهة التي أوجبت للكفار إنكار نبوة النبي صلّى الله عليه وسلم والنواصب إنكار خلافة الوصي).
ـ وقال محمد الحسيني الشيرازي في موسوعته {الفقه 33/38 ط2 دار العلوم اللبنانية} : (الثالث مصادمة الخبرين المذكورين بالضرورة بعد أنْ فُسر الناصب بمطلق العامة).
ـ إذن المقصود بالعامة هم أهل السُّنّة كما يقول محسن الأمين في كتابه: {أعيان الشيعة 1/21 ط دار التعارف بيروت} ( الخاصة وهذا يطلقه أصحابنا على أنفسهم مقابل العامة الذين يُسمّون أنفسهم بأهل السُّنّة والجماعة).
ـ قال فتح الله الشيرازي في {قاعدة لا ضرر ولا ضرار ص21 نشر دار الأضواء بيروت}: (وأما الحديث من طريق العامة فقد روى كثير من محدثيهم كالبخاري ومسلم....).
* إذن الناصب عند الشيعة هم مجمل أهل السُّنّة والجماعة (العامة). فإذا فهمنا هذه النقطة ننتقل إلى ما يترتب عليها من أحكام عندهم .

نجاسة أهل السُّنّة عند الرافضة :
ـ قال الخوئي في كتابه {منهاج الصالحين1/116 ط نجف}: (في عدد الاعيان النجسة وهي عشرة ـ إلى أنْ قال ـ العاشر الكافر وهو من لم ينتحل ديناً غير الاسلام أو انتحل الاسلام وجحد ما يُعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة، نعم إنكار المعاد يُوجب الكفر مطلقاً ولا فرق بين المرتد والكافر الأصلي الحربي والذمي والخارجي والغالي والناصب).
ـ وقال محسن الحكيم في كتابه {العروة الوثقى 1/68 ط طهران}: ( لا إشكال في نجاسة الغلاة والخوارج والنواصب).
ـ وقال الخميني في {تحرير الوسيلة 1/119}: (غير الاثني عشرية من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب أو معاداة وسب لسائر الأئمة الذين لا يعتقدون بإمامتهم طاهرون وأما مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب).
ـ ويقول في ص 118 ط بيروت: (وأما النواصب والخوارج لعنهما الله تعالى فهما نجسان من غير توقف).
ـ وقال محمد بن علي القمي الكذوب في {عقاب الأعمال ص352 ط بيروت} عن الامام الصادق أنّه قال: (إنَّ المؤمن ليشفع في حميمه إلاّ أنْ يكون ناصبياً ولو أنَّ ناصباً شفع له كل نبي مرسل وملك مقرب ما شفعوا).
ـ ويروي في الصفحةِ ذاتها عن أبي بصير عن الصادق (إنَّ نوحاً عليه السلام حمل في السفينة الكلب والخنزير ولم يحمل ولد الزنا والناصب شر من ولد الزنا).


حكم من لا يقول بإمامة الاثني عشر عند الشيعة :
ـ وقال يوسف البحراني في {الحدائق الناضرة 18/153 ط بيروت}: (وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه ورسوله وبين من كفر بالائمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين).
ـ وقال الفيض الكاشاني في {منهاج النجاة ص48 ط دار الاسلامية بيروت}: (ومن جحد إمامة أحدهم ـ الائمة الاثني عشرـ فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء).
ـ وقال المجلسي في {بحار الانوار23/390 ط بيروت}: (أعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام وفضّل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار).
ـ وقال يوسف البحراني في {الحدائق الناضرة 18/53}:
(إنك قد عرفت أن المخالف كافر لاحظ له في الاسلام بوجه من الوجوه كما حققنا في كتابنا الشهاب الثاقب).
ـ وقال عبد الله شبر في {حق اليقين في معرفة أصول الدين 2/188 ط بيروت}:
(وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب فالذي عليه جملة من الامامية كالسيد المرتضى أنهم كفار في الدنيا والاخرة والذي عليه الأشهر أنهم كفار مخلدون في النار).
ـ وقال محمد بن حسن النجفي في {جواهر الكلام 6/62}:
(والمخالف لإهل الحق كافر بلا خلاف بيننا كالمحكي عن الفاضل محمد صالح في شرح أصول الكافي، بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق من الحكم بكفر منكري الولاية لأنها أصل من أصول الدين).
ـ يقول أيضاً في نفس المصدر السابق (ومعلوم أن الله عقد الاخوّة بين المؤمنين بقوله تعالى: {إنما المؤمنون أخوة} دون غيرهم فكيف تتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات في وجوب معاداتهم والبراءة منهم).
ـ وقال عبد الله المامقاني في {تنقيح المقال 1/208 باب الفوائد ط نجف}:
(وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن إثني عشرياً).
ـ وقال الصدوق في {علل الشرائع ص601 ط نجف/ الحر العاملي في وسائل الشيعة18/463/ والجزائري في الانوارالنعمانية2/308}:
(عن داود بن فرقد قال: قلتُ: لأبى عبد الله عليه السلام ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حلال الدم ولكن اتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد عليك فافعل. قلتُ: فما ترى في ماله؟ قال: تُوه ما قدرت عليه).
ـ وقال نقمة الله الجزائري في: {الانوار النعمانية2/308}: (وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة فأمر غلمانه وهدوا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريباً فأراد الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى مولانا الكاظم فكتب عليه السلام إليه جواب كتابه بأنك لو كنت تقدمت إلي قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم وحيث أنك لم تتقدم إلي فكفّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه، فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لاتعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد فإن ديته خمس وعشرون درهماً ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي فإنها ثمانمائة درهم وحالهم في الدنيا أخس وأبخس).
ـ وقال أبو جعفر الطوسي في {تهذيب الأحكام 4/122 ط طهران /الفيض الكاشاني في الوافي 6/43 ط دار الكتب الاسلامية طهران}:
عن الامام الصادق (خذ مال الناصب حيث ما وجدته وادفع إلينا خُمسه).
ـ وقال الخميني في {تحرير الوسيلة 1/352}: (والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما أغتنم منهم وتعلق الخُمس به بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان وادفع إلينا خُمسه).
ـ وقال يوسف البحراني في {الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة12/323-324}:
(إن إطلاق المسلم على الناصب وإنه لا يجوز أخذ ماله من حيث الإسلام خلاف ما عليه الطائفة المحقة سلفاً وخلفاً من الحكم بكفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله بل قتله).

جواز اغتياب المخالفين :
ـ وقال الخميني في {المكاسب المحرمه1/251 ط قم}:
(والأنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لائمة الحق عليهم السلام).
ـ وقال الخميني في: {المكاسب المحرمة1/249}:
(ثم أن الظاهر اختصاص الحرمة بغيبة المؤمن فيجوز اغتياب المخالف إلا أن تقتضي التقية وغيرها لزوم الكف عنهم).
ـ وقال عبد الحسين دستغيب في {الذنوب الكبرى 2/267 ط الدار الاسلامية بيروت}: (ويجب أن يعلم أن حرمة الغيبة مختصة بالمؤمن أي المعتقد بالعقائد الحقة ومنها الاعتقاد بالائمة عليهم السلام وبناءً على ذلك فأن غيبة المخالفين ليست حراماً).
ـ وقال محمد حسن النجفي في {جواهر الكلام22/62}:
(وعلى كل حال فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك لاتحاد الكفر الاسلامي والإيماني فيه بل لعل هجائهم على رؤوس الأشهاد من أفضل عبادة العباد ما لم تمنع التقية وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الاعصاروالامصار وعلمائهم وعوا مهم حتى ملاؤا القراطيس منها بل هي عندهم من أفضل الطاعات وأكمل القربات فلا غرابة في دعوى تحصيل الإجماع كما عن بعضهم بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات فضلاً عن القطعيات).

موقفهم من أئمة المذاهب الأربعة :
ـ وقال الكليني في {الكافي 1/58 ط طهران/ الحر العاملي في وسائل الشيعة18/33 ط بيروت}:
(عن موسى الكاظم قال: لعن الله أبا حنيفة، كان يقول قال علي عليه السلام وقلت أنا وقالت الصحابة).
ـ وقال محمد الرضوي في {كذبوا على الشيعة ص 135 ط إيران}:
(قبحك الله يا أبا حنيفة كيف تزعم أن الصلاة ليسـت من دين الله).
ـ وأيضاً في ص 279 (ولو أن أدعياء الاسلام والسُّنّة أحبوا أهل البيت عليهم السلام لاتبعوهم ولما أخذوا أحكام دينهم عن المنحرفين عنهم كأبي حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل).
ـ وقال الجزائري في {قصص الأنبياء ص347 ط بيروت}:
(أقول هذا يكشف لك عن أمور كثيرة منها بطلان عبادة المخالفين وذلك انهم وإن صاموا وصلوا وحجوا وزكوا وأتوا من العبادات والطاعات وزادوا على غيرهم إلا انهم آتوا إلى الله تعالى من غير الأبواب التي أُمروا بالدخول منها... وقد جعلوا المذاهب الأربعة وسائط وأبواب بينهم وبين ربهم وأخذوا الأحكام عنهم وهم أخذوها عن القياسات والآراء والاجتهاد الذي نهى الله عن اخذ الأحكام عنها، وطعن عليهم من دخل في الدين منها).
أخي المسلم السُني الموحد هذا ما استطعت جمعه من أقوالهم حتى تعلم حقيقة نظرتهم إليك التي هي فرع من نظرتهم الى دينك ونبيك صلّى الله عليه وسلم وسلف الأمة رضوان الله عليهم، فاحذر يرحمني ويرحمك الله أن يُلّبس عليك هؤلاء حقيقتهم. فكما تحرص على عِرضك أن لا يمسه سوء فمن باب أولى أن تحرص على دينك الذي هو عصمة أمرك.
[بسم الرحمن الرحيم الله * والعصر* إن الإنسان لفي خُسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ وتواصوا بالحقِ وتواصوا بالصبر].
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلّى الله على محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
------------------------------------------
* محاورة هامة للمعرفه والتحصيل .....
لماذا تفرقون بين السنة و الشيعة مع أننا بحاجة للوحدة؟

و كيف يكون هناك وحدة بين الإسلام و بين روافض الإسلام... بين أنصار الله و شيعة الشيطان؟ الوحدة يا أخي لا تكون على حساب عقيدتنا و ديننا. بل إن وحدة الأمة تقوم على وحدة العقيدة كما قال الشهيد سيد قطب: ( ومن ثم لم يكن بد أن تتمثل القاعدة النظرية للاسلام - أي العقيدة - في تجمع عضوي حركي منذ اللحظة الاولى تستهدف رد الناس الى ألوهية الله وحده… ربوبيته وقوامته وحاكميته وسلطانه وشريعته). و تذكر أنه لما عبد بنو اسرائيل العجل و جاءهم موسى و أخذ بلحية أخيه اعتذر له هارون قائلا : ( يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي اني خشيت أن تقول فرقت بين بني اسرائيل و لم ترقب قولي ). و كان رأي هارون أن يترك بني اسرائيل على ما هم عليه من عبادة العجل انتظار رأي موسى ، و خشية أن يفرق بين بني اسرائيل ، فعاتبه موسى أشد العتب ، فان تفريق الناس بالتوحيد خير من بقائهم على الشرك مجتمعين. ولا ننسى ما ثبت في البخاري ان الملائكة وصفت الرسول صلى الله عليه وسلم أنه (فرق بين الناس ).
و إذا كان الرافضة يريدون الوحدة فلم يضطهدون السنة في بلادهم و يستبيحون دماءهم من أيام القرامطة إلى أيامنا الحالية في إيران. و اعلم أننا لسنا نحن من بدأ بالتهجم على الرافضة إذ أنهم هم من ابتدء بذلك. و لو أن شتائمهم كانت موجهة إلينا فحسب، لكنا صفحنا عنهم . و لكن عدائهم و لعناتهم موجهة إلى أهل بيت رسول الله و أزواجه أمهات المؤمنين و إلى أصهاره و أصحابه و من تبع سنته. و يعترف الرافضة أن أول من بدأ سب الصحابة (رضوان الله عليهم) هو بن سبأ اليهودي مؤسس مذهبهم. فليس لنا أن نعفو عنهم و رسول اللهrý يقول: إن الله اختارني واختار لي أصحاباً. فجعل لي منهم وزراء وأنصاراً وأصهاراً فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.
و أذكرك بما ورد في صحيح مسلم عن حادثة الإفك أن أم المؤمنون عائشة رضي الله عنها قالت:
فَقَامَ رَسُولُ اللَّه ‏‏عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ‏ ‏قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ‏ ‏مَنْ ‏ ‏يَعْذِرُنِي ‏ ‏مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ ‏ ‏سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ‏ ‏الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ أَنَا ‏ ‏أَعْذِرُكَ ‏ ‏مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنْ ‏ ‏الْأَوْسِ ‏ ‏ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا ‏ ‏الْخَزْرَجِ ‏ ‏أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قَالَتْ فَقَامَ ‏ ‏سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ‏ ‏وَهُوَ سَيِّدُ ‏ ‏الْخَزْرَجِ ‏ ‏وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ ‏ ‏اجْتَهَلَتْهُ ‏ ‏الْحَمِيَّةُ فَقَالَ ‏ ‏لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ‏ ‏كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ. فَقَامَ ‏ ‏أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ‏ ‏وَهُوَ ابْنُ عَمِّ ‏ ‏سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ‏ ‏كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ.
و هذا الحديث يدل على دخول أمهات المؤمنين في أهل البيت ، و يدل على وجوب قتل من سب أمهات المؤمنين. و أن كل من يدافع عمن يسب أمهات المؤمنين هو منافق. و من يقذف الطّاهرة الطّيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلّم - في الدّنيا و الآخرة كما صحّ ذلك عنه ، فهو من ضرب عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ، ولسان حال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – يقول : يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن آذاني في أهلي! و الله يقول { إن الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة و أعدّ لهم عذاباً مهينا و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبينا } فهل تريدنا أن نقول : لا، نحن لا نعذرك يا رسول الله في هؤلاء! فنكون منافقين ندافع عن المنافقين؟

ماذا تسمونهم بالرافضة؟
لسنا نحن من سميناهم بالرافضة و لكنهم هم من اخترع هذا الإسم لطائفتهم. و قصة ذلك أنهم جاءوا إلى زيد بن علي بن الحسين ، فقالوا : تبرأ من أبي بكر حتى نكون معك ، فقال : هما صاحبا جدي بل أتولاهما ، قالوا : إذاً نرفضك ، فسموا أنفسهم رافضة و سمي من بايعه و وافقه زيدية. (انظر مقدمة ابن خلدون). و هذه التسمية ذكرها شيخهم المجلسي في كتابه ( البحار ) وذكر أربعة أحاديث من أحاديثهم.
و أورد الكليني في الروضة من الكافي رواية طويلة عن محمد بن سلمان عن أبيه و في جزء منها أن أبا بصير قال لأبي عبد الله (.. جعلت فداك فإنا قد نبزنا نبزاً انكسرت له ظهورنا و ماتت له أفئدتنا و استحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: الرافضة؟ قال: قلت: نعم، قال لا والله ما هم سموكم ولكن الله سماكم به.....) جـ8 ( مقامات الشيعة وفضائلهم ) ص (28). (نبز أي لقب).
على أنه لما تبين لهم أن هذا الإسم هو اسم لفرقة مارقة قد أخبر الرسول (ص) بظهورها و أمر بقتل أتباعها، حاول بعضهم أن ينكر هذا الإسم، و نحن نسميهم بذلك لرفضهم الإسلام فقد روى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أن رسول الله (عليه الصلاة و السلام) قال: << يظهر في أمتي في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام>> أخرجه أحمد. أما الحديث الذي أشار له الكليني فهو ما قاله علي أبن أبي طالب: قال رسول الله عليه الصلاة و السلام (( ألا أدلك على عمل إن عملته كنت من أهل الجنة ـ و إنك من أهل الجنة ـ؟ سيكون بعدنا قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون))، ثم قال علي: سيكون بعدنا قوم ينتحلون مودتنا يكذبون علينا مارقة، آية ذلك أنهم يسبون أبا بكر و عمر رضي الله عنهم.

هؤلاء الشيعة يشهدون بالشهادتين و يصلون و يأذنون و يحجون فكيف نكفرهم؟
و المرتدون الذين حاربهم أبو بكر الصديق و استباح دمائهم كانو يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله، و يصلون و يأذنون و يصومون و يحجون و يدّعون الإسلام... لكن لم ينفعهم ذلك كله و قد رفضو أن يدفعو الزكاة لخليفة المسلمين. (و الرافضة ينكرون الزكاة و يدفعون الخمس لأئمتهم فقط). و بعض هؤلاء المرتدون قد ساوى بين مسيلمة الكذاب و بين رسول الله فحل دمه و خرج من دين الإسلام فكيف بمن يرفع أئمته إلى مرتبة الله عز و جل؟! و يدعي أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل، وباب أنّ الأئمة يعلمون ما كان وما يكون، و أنّ الأئمة يعلمون متى يموتون و أنهم لا يموتون إلا باختيارهم. وهذا خلاف قول الله تعالى: {إنّ الله عنده عِلم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت إنّ الله عليم خبير}. بل إن هؤلاء من صنف الرافضة الذين حرقهم علي بن أبي طالب بالنار كما ثبت في صحيح البخاري.
و قد أخرج الشيخان أن رسول الله قال في الخوارج (( أينما لقيتموهم فاقتلوهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )) مع كونهم أكثر الناس عبادة حتى أن الصحابة يحقرون صلاتهم عندهم، و هم تعلمو العلم من الصحابة، فلم تنفعهم (لا إله إلا الله) و لا كثرة العبادة و لا ادعاء الإسلام لمّا ظهر منهم تكفير الصحابة.
و أحب أن أستشهد بأحد علماء الشيعة الرافضة و هو نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية : (( إننا لم نجتمع معهم - أي مع أهل السنة - على الله و لا على نبي و لا على إمام ، و ذلك أنهم يقولون : إن ربهم هو الذي كان محمداً نبيه ، و خليفته بعده أبو بكر ، ونحن - أي الرافضة - لا نؤمن بهذا الرب و لا بذلك النبي ، إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ، ليس ربنا و لا ذلك النبي نبينا )).

أليس الأجدر أن نحارب اليهود بدلاً من أن نحارب من يشهد أن لا إله إلا الله؟
و كيف نستعين بالمنافقين ممن قال الله عنهم: {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}. و قال أيضاً: {‏لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}
و لعلك يا أخي نسيت هنا أن رسول الله قاتل اليهود مع أنهم يشهدون أنه لا إله إلا الله. أو أنك نسيت أن مؤسس هذه الديانة هو بن سبأ اليهودي و أن هؤلاء الرافضة كانو دوماً عبر التاريخ كانو دوماً عبر التاريخ حلفاءً لليهود و الصليبيون و كل أعداء هذه الأمة، فهل تكفي لا إله إلا الله؟!
و أحب أن أعود مرة أخرى إلى حرب أبي بكر للمرتدين (الذين يترضى الرافضة عنهم). فقد لاحق مثنى بن حارث الشيباني المرتدين إلى أن دخلوا أرض المدائن من بلاد الفرس. فأرسل إليه أبو بكر رضي الله عنه وأستفسر عن ملاحقته و مطاردته للمرتدين و دخوله أرض الفرس فقال مثنى : إني أخشى أن أوتى من وراء ظهري فلو أمنت ظهري فأقاتلهم و إن دخلوا ديوان كسرى.
وقفتي في حديثي مع قول مثنى رضي الله عنه وجوابه لأبي بكر رضي الله عنه الذي قال فيه ما ذكرناه : إني أخشى أن أوتى من وراء ظهري …!! فهل أمن المسلمون اليوم من أن يؤتوا من وراء ظهورهم .. ؟؟ والأمم تتداعى عليهم كما يتداعى الأكلة إلى قصعتها ..؟؟!! إن ما كان يخشاه مثنى رضي الله عنه، علينا أن نخشى مثله اليوم ألف مرة وفي كل ثغر وأرض ورباط .. وقد تعرت صدورنا أمام أعدائنا وانكشفت ظهورنا لكل غادر وخائن .. بل صار بيننا دعاة يدعوننا لأن نستعين بالمشركين الذين لا يزيدوننا إلا خبالاً و بأن نترك ظهورنا لكل فاجر و فاسق و زنديق.
نعم، لقد حارب صلاح الدين الأيوبي الرافضة قبل النصارى بل قضى على الدولة العبيدية (الفاطمية) قبل حربه للصليبيين و لولا ذلك لاستحال عليه تحرير القدس. و بفضل الله ثم بفضل صلاح الدين الأيوبي لا يوجد رافضي واحد في بلاد شمال افريقيا بعد أن رضخت تحت الشعوذة الرافضية سنين طويلة. فبوجود الدولة العبيدية وجدت الدولة الصليبية في فلسطين و بوجود الدولة الرافضية في إيران اليوم و بتمزق المسلمين وجدت الدولة اليهودية في فلسطين فإن كانت هذه الفرقة و التمزق مؤلم لنا فإن في وجود اليهود و الرافضة كدولة في قلب العالم الإسلامي وبتعالي أصوات جاهلة لا تقرأ و لا تعرف التاريخ و تنادي بالوحدة مع الرافضة طامة عظيمة تمد في عمر مأساة العالم الإسلامي و تعرقل سبيل وحدتهم و نهضتهم كأمة خير تعطي للبشرية ما أخذته أعوان الشياطين توحد ربها و لا تشرك به شيئاً.
و هذه شهادة من التاريخ تشهد لنا كيف أن الرافضة كانت سبباً في إخفاق المسلمين من مواصلة فتوحاتهم إذ يذكر المؤرخون بأن دار الخلافة في اسطمبول اضطرت في سحب جيوشها الفاتحة التي كانت على مشارف فيينا عاصمة النمسا بسبب هجوم إيران الرافضية عليها... فكم من خير أفسدته أيادي آثمة جاثمة على صدورنا يخدعوننا بالكلمة الطيبة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ثم يطعنوننا من وراء ظهورنا. نعم إن قتال الرافضة واجب قبل اليهود والنصارى فإن خطر اليهود معلوم لأنه يهودي و كذلك الصليبي. و لكن الرافضة يستقبلون قبلتنا و يأكلون ذبيحتنا و يصلون صلاتنا و يطعنوننا من وراء ظهورنا بعد أن يستغفلون منا المستغفلين.

لكن الشيخ فلان قال أن الشيعة ليسو كفار؟
و هل المسألة مسألة أهواء؟! قد بينا لك حكم الله في الشيعة (من القرآن و السنة) و أرفقنا ذلك بأقول السلف و الخلف في الرافضة و إجماعهم على كفر الرافضة. و من هؤلاء: رسول الله (ص) و عمر بن الخطاب (ر) و علي بن أبي طالب (ر) و الإمام أبو حنيفة و الإمام الشافعي و الإمام مالك و الإمام أحمد بن حنبل و البخاري و ابن حزم الأندلسي و الغزالي و القاضي عياض و شيخ الإسلام ابن تيمية و ابن كثير و العلامة ابن خلدون و أحمد بن يونس و القاضي شريك و ابن مبارك و ابن الجوزية و الكثيرين غيرهم. بل إن أبا حنيفة و إبن تيمية كانا يريان كفر من يشك في كفر الشيعة. و من المعاصرين علماء الجزيرة كلهم و بهجة البيطار (سوريا) و الهلالي (المغرب) و الألباني (سوريا\الأردن) و مصطفى السباعي (مؤسس الإخوان المسلمين في سوريا) و البشير الإبراهيمي (الجزائر) و محب الدين الخطيب (مصر) و محمد رشيد رضا (مصري كان من أشهر دعاة التقريب ثم انقلب ضد الشيعة) و كثير غيرهم. ثم تريدنا أن نكذبهم و نصدق الشيخ فلان؟! معاذ الله من ذلك.
و اعلم يا أخي أن من أطاع العلماء و الأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله كما فعل اليهود و النصارى من قبل. و أنا أعجب أنني كلما قلت لبعض الناس:
«قـال الله، قـال رســـــولُه قال الصحابةُ ســادةُ الأجيالِ»
يقول لي:
«شــيخي قال لي عن شــيخه، والشــيخُ عندي عمدةُ الأقوالِ!»

إن كان الأمر كذلك فهل يجوز لنا أن نكتم هذا تفادياً للمشاكل؟
معاذ الله مما تقول! كيف نفعل ذلك و قد قال الله رب العزة في سورة البقرة : {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)‏} و قال : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}. و قال أيضاً في سورة آل عمران: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}.
و قال رسوله (ص) : (( إذا ظهرت البدع و سبّ أصحابي فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلاً )). و قال أيضاً : ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَحْفَظُ عِلْمًا فَيَكْتُمُهُ إِلا أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ)). (رواه الترمذي و أبو داوود و ابن ماجة و أحمد). و قال أيضاً : ((إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا : فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ)). (رواه بن ماجة). و لا يكفي أن ننهاهم عن ذلك بل يجب على كل مسلم ألا يتخذ منهم أولياء و أصحاباُ و إلا حلت على هذه الأمة لعنة كلعنة بني اسرائيل:
{‏لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَ كَانُوا يَعْتَدُونَ (87) ‏كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (88) ‏تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (89)}
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرا فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله و خليطه و شريكه فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض و لعنهم على لسان نبيهم داود و عيسى ابن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون". ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "و الذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر و لتأخذن على يد المسيء و لتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض أو ليلعنكم كما لعنهم!"
ثم تريدنا أن نكتم ما آتانا الله من العلم لنصيب بذلك عرضاً من الدنيا قليل؟! و الله لا نفعل ذلك أبدا.

أما آن لنا أن ننسى الماضي و ننهي هذا النزاع الذي دام ألف و أربعمئة من السنين؟ هل من فرصة للتقريب؟
و هل ينتهي الصراع بين الخير و الشر؟ و بين أنصار الله و أنصار الشيطان؟ و هل ندم الرافضة عن تاريخهم الإجرامي ضد الإسلام؟ بل هل توقفو عن عدائهم له؟ لو كانت شتائمهم موجهة لنا فحسب لربما عفونا عنهم. لكنها موجهة لأهل بيت رسول الله و أزواجه و أصهاره و أصحابه. فكيف نعفو عنهم؟ هذا الصراع سيدوم كما أخبر حبيبنا المصطفى (ص) حتى خروج الدجال فيقتله المسلمون و أنصاره من اليهود و المشركين و الرافضة.
و كيف يمكن التقريب مع من يؤمن بتحريف كتاب الله و يزعم بتنزل كتب إلهية على أئمته بعد القرآن الكريم ، و يرى الإمامة أعلى من النبوة ، والأئمة عنده كالأنبياء أو أفضل ويفسر عبادة الله وحده التي هي رسالة الرسل كلهم بغير معناها الحقيقي ويزعم أنها طاعة الأئمة وأن الشرك بالله طاعة غيرهم معهم ، ويكفر خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و يلعن زوجاته أمهات المؤمنين و يحكم بردة جميع الصحابة إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة على اختلاف رواياتهم ، ويشذ عن جماعة المسلمين بعقائد في الإمامة والعصمة والتقية ويقول بالرجعة والغيبة والبداء؟! أنصحك يا أخي أن تقرأ خطبة الشيخ الحذيفي إمام المسجد النبوي سابقاً عن التقريب بين السنة و الشيعة.
و أهم ما ينبغي معرفته : أنه بعد أن كان غلاتهم في العصور السالفة أقلية، صاروا بعد ذلك الى هذا اليوم كلهم غلاة بلا استثناء، و قد اعترف بذلك اكبر خبثائهم ( عفوا اقصد ) علمائهم في الجرح والتعديل (آية الله المامقاني) في كل ترجمة كتبها للغلاة: بأن ما كان به الاقدمون غلاة، أصبح الآن عند جميع الشيعة الامامية من ضروريات المذهب. و كما هو معلوم أن علماء اهل السنة قد كفروا غلاة الشيعة القدامى، و بذلك تعرف حكم متأخريهم.

و ماذا تقول للذين يسعون للتقريب؟
إن مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة من المسائل التي تطرح دوماً من قبل بعض الكتاب -والذين يسمون أنفسهم بالمتنورين- و لا يشك من أنار الله بصيرته أن عقيدة الشيعة التي هم عليها الآن ومن قبل، تضاد معتقد أهل السنة والجماعة، وتضاد عقيدة السلف.
ونحن نعجب ممن يهون هذا الأمر ويصفنا بالغلو والتشدد في ذلك، ونقول لهم ببساطة ولكل من أراد أن يقرب بين أهل السنة والشيعة: نوافقكم ونجيبكم إلى طلبكم بشرط واحد وهو التحاكم إلى كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة، لأن الله أمرنا عند التنازع أن نرد الأمر إليهما: { فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول... الآية} .
فنقول لمن أراد التقريب: كيف نتقارب وهم يشككون في هذا المصحف الذي بين أيدينا؛ دع عنك إنكار الروافض فإن ذلك ثابت في كتبهم وسورة الولاية التي زعموا أنها من القرآن تفضحهم وتبين كذب إدعائهم . فبالله عليكم من نصدق، أنصدق العظيم الذي الذي تكفل بحفظ كتابه: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . أم نصدقهم ونرمي كتاب الله وراء ظهورنا ‍؟
ونقول لمن أراد التقريب: كيف نتقارب مع الذين يسبون خيارنا وخير الناس بعد الأنبياء والرسل؟ كيف نتقارب مع الذين يسبون أبي بكر وعمر وعثمان؛ وهل أنجبت الأمهات بعد الأنبياء والرسل خير من أبي بكر وعمر وعثمان . بل إن الثابت عن الروافض وذلك ثابت في كتبهم أنهم جعلوا الصحابة كلهم مرتدين وكفاراً، ولم يستثنوا منهم إلا قلة كأبي ذر، وبلال، والمقداد،وسلمان رضي الله عنهم . فإذا سبوا هولاء وكفروهم‍، فمن الذي نقل إلينا الشرع والقرآن والسنة إلا أولئك، وكما قال بعض السلف: هم يريدون أن يجرحوا شهودنا. فإذا اعتقدنا ذلك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعياذ بالله- فكيف نثق بما نقلوه إلينا، وكيف نصدقهم فيما قالوه ، ياأمة محمد أين عقولكم ؟
ونقول لمن أراد التقريب : كيف نتقارب مع الذين يتهمونا أمنا- عائشة رضي الله عنها وعن أبيها- بالزنا وحاشاها أن تفعل ذلك- . والله برأها من فوق سبع سموات، وأنزل فيها آيات تتلى إلى يوم القيامة، وهم أبوا إلا تكذيب القرآن، والمكذب بالقرآن كافر .
إذا كان الشيعة يؤمنون بتحريف القرآن فلن يؤمنو لكم أبداً. ألم تسمع قول الله تعالى: {‏أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}... فلماذا إضاعة الوقت في الحوار معهم؟
لعلك يا أخي نسيت قول الله تعالى عن اليهود: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ}. لاحظ قوله فقليلا ما يؤمنون أي أن قلة نادرة منهم تدخل الإسلام. و قد عرفنا منهم أم المؤمنين صفية (ر) و الصحابي الجليل عبد الله بن سلام (ر) و آخرون ممن حسن إسلامهم. فإن كان ذلك باليهود فكيف في الرافضة؟

لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذابًا شَدِيدًا؟

‏مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.
أنسيت يا أخي قصة أصحاب السبت كانو طوائف ثلاث: طائفة الذين اعتدو في السبت و ظلمو أنفسهم. و طائفة ممن لم يفعلو السوء لكنهم لم يستنكروه و لم يعتزلو فاعليه. و طائفة الذين نهوهم عن السوء و أمروهم بالمعروف و لم يساكنوهم بل بنو جداراً حول حيّهم حتى لا يخالطوهم. فلما جاء عذاب الله مسخ الله الطائفتين إلى قردة و خنازير و نجى الذين ينهون عن السوء. فذلك قول الله تعالى :{‏فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ ‏وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}. الأعراف (7:165).
و قد ذكرنا قصة اسلام أحد علمائهم الكبار آية الله أبو الفضل البرقعي و كسروي و قصة اسلام أحد شبابهم و هناك أيضاً عالمهم الكبير د. موسى الموسوي، و أنا شخصياً قد أسلم على يدي رافضي إيراني. و اعلم أن الله تبارك و تعالى مع علمه بأن فرعون لن يؤمن لموسى، فقد أمره أن يبلغه ليقيم عليه الحجة، و هذا فرض كفاية علينا إن لم يفعله أحد أثِمنا جميعاً. فاحمد الله يا أخي أن هناك من يقوم عنك بفريضة الكفاية في نصح هؤلاء و نهيهم عن السوء و المنكر.

في الختام يبقى لي سؤال : من أنتم؟
نحن هم الطائفة المنصورة الباقية على نهج سيدنا و حبيبنا و نبينا محمد عليه أتم الصلاة و التسليم. و نحن من الفرقة الناجية التي ذكرها رَسُولُ اللَّهِ (‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم) بقوله:
‏‏لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏حَذْوَ ‏النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ ‏‏أَتَى ‏أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَ تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ‏ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلا مِلَّةً وَاحِدَة.ً ‏ ‏ ‏قَالُوا وَ مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ‏ ‏قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَ أَصْحَابِي.
و ‏قَالَ أيضاً:‏ ‏افْتَرَقَتْ ‏الْيَهُودُ ‏عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَافْتَرَقَتْ ‏‏النَّصَارَى ‏عَلَى ثِنْتَيْنِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَ سَبْعُونَ فِي النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَ الَّذِي نَفْسُ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ‏ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ. قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ الْجَمَاعَةُ.
(أخرجهم ابن ماجة و الترمذي و أبو داوود و أحمد و الدارمي و كثير غيرهم).
و نحن التابعون بإحسان ممن قال الله عنهم:
{‏و َالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (59 : 10)
و نحن الذين ينتهجون المنهج الوسيط فلا نبغض صحابة رسول الله كما يفعل الشيعة و الخوارج، و لا نعبد قبورهم من دون الله كما يفعل بعض الصوفية. و إنما نحن على سنة رسول الله و منهج السلف الصالح. ألا نحن هم أهل السنة و الجماعة.
-----------------------------------------------

* بعض الردود على ما أثاروه من شبهات حقيره نجسه :-
الرد على مَن زعم مِن الرافضة أن أبا بكر وعمر وابنتيهما حاولا قتل النبي !
يا إخوان ، أنا مسلم ، سنَّي ، ذات يوم جعلت أقلب في موقع " اليوتيوب " ، ورأيت مقاطع فيديو لأحد علماء الشيعة ، وكان حديثه عن أن عائشة هي مَن قتلت النبيَّ صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله !! - : وأن هناك ثلاث محاولات لقتل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ! من أبي بكر ، وعمر بن الخطاب ، رضوان الله عليهم عن طريق ابنتيهما حفصة ، وعائشة ، زوجات النبي صلى الله عليه وسلم المحاولات الثلاثة مذكورة في أحد المنتديات الخاصة بهم على الرابط التالي : (تم حذف الرابط). وأكثر ما جعلني خائفاً هو حديث عائشة : لددنا رسولَ الله ، في معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن لدِّه ، ولكنهم لدوه ، وحينما استفاق سألهم ، أو وبخهم ، وغضب من عائشة ، وبعدها مرض النبي ، وتوفي ، فيقول الشيعة : إن عائشة سممته !! لا حول ولا قوة إلا بالله .

الجواب:
الحمد لله
أولاً:
قبل الإجابة على سؤالك أخي الفاضل لا بد من التنبه لأمرين :
1. اعلم أن الرافضة أكذب الفرق المنتسبة للإسلام ، وأن دينهم بُني على ذلك الكذب ، وأنه ليس لهم أعداء يحقدون عليهم ، ويسبونهم الليل والنهار أكثر من الصحابة رضي الله عنهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وقد اتفق أهل العلم بالنقل ، والرواية ، والإسناد ، على أن الرافضة أكذب الطوائف ، والكذب فيهم قديم ، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب .
قال الشافعي : لم أر أحداً أشهد بالزور من الرافضة .
وقال محمد بن سعيد الأصبهاني : سمعت شريكاً يقول : احمل العلم عن كل من لقيتَ إلا الرافضة ؛ فإنهم يضعون الحديث ، ويتخذونه ديناً .
" منهاج السنّة " ( 1 / 59 ) .
2. واعلم أنه لا يجوز للمسلم أن ينظر في مواقع أهل البدع عموماً ، وأهل الرفض خصوصاً ، ولا أن يقرأ كتبهم ، إلا أن يكون متمكناً من دينه ، وعلى علم بمداخل ، ومخارج أهل الضلال .

ثانياً:
ما في الرابط المحال عليه في السؤال يؤكد ما قلناه من كون هذه الطائفة أكذب الفرق المنتسبة إلى الإسلام ، وقد جمعوا مع كذبهم على دين الله : حقدهم العظيم على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وسبهم ، وشتمهم ، وتكفيرهم ، وقذفهم لعائشة الطاهرة رضي الله عنها ، فلا يعجب من يعلم ذلك عنهم عندما يقرأ مثل ذلك المقال المبني على الجهل ، والكذب ، والافتراء ، فقد زعم كاتبه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حاول اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ، وقتله ! وأنه فشل في محاولتين ، ونجح في الثالثة ! بالاشتراك مع أبي بكر الصدِّيق ، وحفصة بنت عمر ، وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم جميعاً ، والرد على هذا الزعم الضال يكون من وجوه إجمالية ، وأخرى تفصيلية .
أما الرد من الوجوه الإجمالية :
1. ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه قد توفرت فرص كثيرة للصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الخلوة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فهما وزيراه ، وصاحباه ، وقد زوجاه من ابنتيهما ، وصاحبه الصدِّيق في الهجرة من مكة إلى المدينة في رحلة استغرقت عشرة أيام ، وقد كان هذا معروفاً عند المسلمين والكفار ، ولذا فقد اختارهما الصحابة الأجلاء أمراء عليهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنَّى لعاقل أن يزعم أنه لم تتوفر لمثل هؤلاء الصحابة إلا فرصة أو فرصتان لقتل النبي صلى الله عليه وسلم ! بل هي فرص كثيرة ؛ فالزعم بأن أبا بكر وعمر أراد قتل النبي صلى الله عليه وسلم زعم باطل ، يعلم قائله أنه سيصير أضحوكة بين العالَمين بسبب قوله الخبيث هذا ، لكن لأنهم فقدوا الدين ، والعقل ، والحياء : فلم يعد يهمهم ما يقال عنهم ، وكل همهم تفريغ حقدهم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والسعي في تشويه صورتهم ، وأنَّى لعاقل يرى هؤلاء الرافضة وما فعلوه في المسلمين قتلاً وتشريداً ، وما فعله سلفهم من الكيد والمكر في أهل السنَّة ، أنَّى لعاقل أن يصدِّق ترهاتهم ، وتنطلي عليه أكاذيبهم ؟!.
2. وقد كانت الفرص لقتله صلى الله عليه وسلم من قبَل نسائه أكثر ، وخاصة عائشة رضي الله عنها ، والتي كان لها ليلتان مع النبي صلى الله عليه وسلم كل تسع ليالٍ ؛ فقد وهبتها سودة رضي الله عنها ليلتها ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان زوجاً لهن ، يختلي بهن ، وينام على فراشهن ، وكل تلك السنين لم تتوفر فرصة لهن لقتله صلى الله عليه وسلم ؟! هكذا يفكر الرافضة ، وهذه هي عقولهم التي رضوا بتأجيرها لأشياخهم الفرس ، فراحوا يعبثون بها ذات اليمين ، وذات الشمال ، وراحوا يزينون لهم الباطل لتصديقه ، والخرافة لجعلها حقيقة ، والشرك لجعله توحيداً ، والحمد لله الذي نزَّه عقول المسلمين من أن تتلوث بمثل هذه الأفكار ، وقد أكرم الله عبيده بدين مطهَّر ، وخصَّ نبيه صلى الله عليه وسلم بأشرف الناس بعد الأنبياء عليهم السلام لصحبته ، وخصَّ أطهر النساء ليكنَّ زوجاتٍ له ، وأمهات للمؤمنين ، وإن مجرد التفكير بمثل تلك الترهات التي يزعمها الرافضة يبعث على الغثيان ، فكيف أن تكون اعتقاداً ينام معها الواحد منهم ويقوم ؟! .
وأما وجوه الرد التفصيلية :
1. فقد ذكر الكاتب الرافضي ، والذي رضي لنفسه بكنية أخيه وشبيهه : " أبو لؤلؤة " ! أن أول محاولة اغتيال للنبي صلى الله عليه وسلم من قبَل عمر كانت قبل أن يُسلم ! فهل هذا الكاتب المجوسي يعي ما يقول ويكتب ؟! إذ كيف يعد نية عمر – حال شركه - قتل النبي صلى الله عليه وسلم من " محاولات اغتياله " ؟! لقد كان على دين مضاد للإسلام ، وهو لمَّا يسلم بعد ، فماذا تنتظر ممن هذا حاله ؟ لقد اجتمع المشركون على قتاله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة ، وفي أكثر من غزوة ، وهذا من الطبيعي أن يفعله من كان متلبساً بالشرك ، وله أرباب كثيرون ، مع من يدعو إلى التوحيد ، ويسفِّه تلك الأرباب والآلهة .
وهذا كله على فرض صحة القصة الواردة في مقاله ! والتي فيها خروج عمر متهددا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، والصواب المقطوع به : أنها قصة منكرة ، ليس لها إسناد صحيح سالم من علَّة ، وأنَّى للرافضة أن يكون لهم نصيب من علم التحقيق والأسانيد ؟! .
فالقصة المذكورة المشهورة في إسلام عمر بعد أن كان يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم : رواها ابن سعد في " الطبقات " ( 3 / 267 – 269 ) ، والدارقطني في " السنن " ( 1 / 123 ) مختصرة ، والحاكم في " المستدرك " (4/59 - 60) من طريق إسحاق بن الأزرق ، عن القاسم بن عثمان البصري ، عن أنس به .
والقاسم بن عثمان البصري هذا هو علَّة الحديث .
قال الذهبي – رحمه الله - في ترجمته - :
القاسم بن عثمان البصري ، عن أنس ، قال البخاري : له أحاديث لا يتابع عليها .
قلت : حدَّث عنه إسحاق الأزرق بمتن محفوظ ، وبقصة إسلام عمر ؛ وهي منكرة جدّاً .
" ميزان الاعتدال " ( 3 / 375 ) .
2. والمحاولة الثانية لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم كما يزعم الرافضي : حدثت بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من " تبوك " ، حيث تعرَّض له مجموعة من المنافقين ، وأرادوا قتله صلى الله عليه وسلم بإلقائه من مكانٍ عالٍ ، وقد نجَّاه الله تعالى من هذا ، وكان المكان الذي تم فيه تلك المحاولة يقال له " العقَبة " .
قال ابن الجوزي – رحمه الله - :
هذا الحديث يشكل على المبتدئين ؛ لأن أهل العقبة إذا أطلقوا : فإنما يشار بهم إلى الأنصار المبايعين له ، وليس هذا من ذاك ، وإنما هذه عقبة في طريق تبوك ، وقف فيها قوم من المنافقين ليفتكوا به .
" كشف المشكل من حديث الصحيحين " ( 1 / 257 ) .
والقصة صحيحة ، لا إشكال فيها ، لكن الرافضة الكذَبة زعموا أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا من أولئك المنافقين الذين حاولوا قتله صلى الله عليه وسلم ، وهو زعم تافه ، والوقت أنفس من أن يضيع في الرد عليه ، لولا أننا نطمع بإسلام بعض من اغتر بالدين الرافضي ، ونطمع بأن نثبت قلوب عامة أهل السنَّة على الحق الذي وفقهم الله لاتباعه .
روى مسلم ( 2779 ) من طريق الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ ثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ : كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَقَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللهِ ؛ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ ؟ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ : أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ ، قَالَ - يعني حذيفة - : كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ، وَعَذَرَ ثَلاثَةً ، قَالُوا : مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ ، وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ ، فَمَشَى ، فَقَالَ : إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ ، فَوَجَدَ قَوْمَاً قَدْ سَبَقُوهُ ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ .
انتهى
هذه خلاصة القصة ، كما رواها مسلم رحمه الله ، فهل يمكن لعاقل أن يصدِّق أن يترك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما رفقة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يتلثمان ، ويحاولان قتله ؟! ولماذا لم يفعلا هذا قبل ذهابهما معه لـ " تبوك " ؟ ولماذا لم يفعلا هذا أثناء خلوتهما بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو عليهما يسير ؟! وقد أوحى الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأسماء أولئك ، وقد عذر منهم ثلاثة ، فكيف يكون أولئك الأجلاء منهم ولا ينبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين منهم ؟! وكيف يثني عليهما ، ويأمر بتقديمهما ، ويرضى صحبتهما ونسبهما ؟! وكيف يبايع حذيفة رضي الله عنه ذينك الإمامين أبي بكر وعمر وهو يعلم أنهما من المنافقين ؛ بل جزم لعمر رضي الله عنه أنه ليس من المنافقين ، وقد كان عنده خبر المنافقين من النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
أسئلة كثيرة ترد إلى القلب الطاهر ، والعقل الصريح ، ولا جواب عليها إلا أن ما زُعم من الرافضة هو محض كذب ، وافتراء ، وإن عقلية المؤامرة التي يعيشون معها ، ونفسية المريض التي يحيون بها ، والعقيدة الخربة التي يعتقدونها ، كل ذلك يدفعهم إلى إنشاء مثل تلك الخرافة غير المحبوكة ، والتي يضحك منها العقلاء .
إن ناقل هذه القصة هو حذيفة رضي الله عنه ، وهو يخبر بأن من قام بتلك الفعلة الشنيعة هم " أهل العقبة " ، وأين أبو بكر وعمر منهم ؟! وكيف يفعل الرافضة في الروايات التي صرَّحت بأسماء أولئك المنافقين وليس بينهم من ذكروا من الصحابة الأجلاء ؟! .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقد ترجم الطبراني في " مسند حذيفة " تسمية أصحاب " العقبة " ، ثم روى عن علي بن عبد العزيز عن الزبير بن بكار أنه قال : هم مُعَتِّب بن قشير ، ووديعة بن ثابت ، وجد بن عبد الله بن نَبْتَل بن الحارث من بني عمرو بن عوف ، والحارث بن يزيد الطائي ، وأوس بن قَيْظِي ، والحارث بن سُوَيْد ، وسعد بن زرارة ، وقيس بن فهد ، وسويد وداعس من بني الحبلي ، وقيس بن عمرو بن سهل ، وزيد بن اللصيت ، وسلالة بن الحمام ، وهما من بني قينقاع أظهرا الإسلام .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 182 ، 183 ) .
وقد لبَّس صاحب المقال على الناس بالنقل عن " ابن حزم " رحمه الله مرتين :
الأولى : زعمه أن " الوليد بن جُميع " له رواية يذكر فيها أسماء الصحابة الذين شاركوا في مؤامرة الاغتيال تلك ، وبما أن ابن حزم يضعف هذا الرواي : فإنه يلزم قبول الرواية عند من يوثقه ، ويحسن حديثه ! .
والثانية : ذِكر كتاب ابن حزم المسمى بـ " المحلى " كأحد مصادر وجود تلك الرواية التي احتوت على أسماء أولئك الصحابة .
وهذا نص كلامه :
ابن حزم في " المحلى بالآثار " ج12 ح 2203 كتاب الحدود يقول :
" وأما حديث حذيفة : فساقط ؛ لأنه من طريق الوليد بن جميع ، وهو هالك ! ولا نراه يعلم من وضع الحديث ؛ فإنه قد روى أخباراً فيها أن أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، رضي الله عنهم : أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وآله ، وإلقاءه من " العقبة " في " التبوك " !! " .
نرى أن ابن حزم يُسقط الحديث لوليد بن جميع ، والحال : أن وليد من رجال البخاري ، ومسلم ، وسنن أبي داود ، وصحيح ترمذي ، وسنن نسائي ، والحال : أن كثيراً من كتب الرجال صرحوا بوثاقة ! وليد بن جميع .
انتهى
والرد على ذلك من وجوه :
1. " الوليد بن جُميع " ليس من رجال البخاري ؛ إذ لم يرو له في الصحيح حديثاً واحداً ، بل روى له خارجه ، ومثله لا يقال عنه " من رجال البخاري " .
2. أخطأ ابن حزم رحمه الله في وصف الوليد بالهلاك ، وأعدل الأقوال فيه أنه " صدوق يهم " كما وصفه به الحافظ ابن حجر في التقريب .
وفي " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ( 9 / 8 ) :
عن الإمام أحمد وأبي زرعة أنهما قال فيه : " ليس به بأس " ، وأن يحيى بن معين وثقه ، وقال أبو حاتم الرازي : " صالح الحديث " .
3. لا يُعرف في الدنيا إسناد فيه ذِكر أولئك الصحابة الأجلاء أنهم اشتركوا في محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وابن حزم يضعف ذلك الراوي أصلاً ، قبل هذا الحديث ، والمفهوم من كلامه رحمه الله أن وضع أسماء أولئك الصحابة كان مقحماً في إسناد الوليد الأصلي للحديث ، وأنه لا دخل له به ، ومما قاله ابن حزم رحمه الله في هذا الصدد : " ولا نراه يَعلم مَن وضع الحديث " ، فالحديث بذكر أولئك الصحابة مكذوب قطعاً على الوليد بن جُمَيع رحمه الله ، ومن هنا كان لا بدَّ من تبيه المسلمين على ما حذفه ذلك الرافضي من كلام ابن حزم رحمه الله ، فإنه قال بعدها مباشرة :
" وهذا هو الكذب الموضوع ، الذي يَلعن الله تعالى واضعَه ، فسقط التعلق به ، والحمد لله رب العالمين " .
" المحلى " ( 11 / 224 ) .
فانظر كيف دلَّس ، ولبَّس ، في نقله عن ابن حزم رحمه الله ، وهذا الدعاء الذي دعا به ابن حزم رحمه الله لا يمكن إلا أن يصيب رافضيّاً ؛ لأنهم هم الذين يكذبون مثل هذه الأكاذيب ، ويركبونها على أسانيد صحيحة ، مشهورة .
4. ولو أننا جعلنا ذِكر أسماء المنافقين الذين ذكرهم الزبير بن بكار ، والواردة أسماؤهم في رواية البيهقي في " دلائل النبوة " من الضعيف غير المقبول : فإننا نقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم استأمن حذيفة رضي الله عنه على أسمائهم ، وهو أمين سر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكاتمه ، فمِن أين عرفوا أسماء أولئك الملثمين من المنافقين الذين هموا بقتله صلى الله عليه وسلم ؟! وللإجابة على هذا السؤال كذب الرافضة فزعموا أن حذيفة رضي الله عنه أخبر بأسمائهم ! فانظر إليهم كيف جعلوا حذيفة خائناً للسر ، وليس المهم عندهم إلا تحقيق مأربهم من الطعن في أجلاء الصحابة رضي الله عنهم ، ولا يهمهم الثمن الذي يبذلونه من أجل ذلك .
قال ذلك الرافضي المجوسي في مقاله :
" وفي زمن حكم عثمان بن عفان صرَّح حذيفة بن اليمان رضوان الله عليه بأسماء الذين حاولوا قتل النبي في العقبة ، وكان منها أسماء أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبا موسى الاشعري ، وأبو سفيان بن حرب ، وطلحة بن عبيد الله ، وعبد الرحمن بن عوف .
المصدر : " المحلى " لابن حزم الأندلسي ج 11 ص 225 ، و" منتخب التواريخ " ص 63 ".
انتهى كلامه بما فيه من أخطاء نحوية وركاكة .
والرد على هذا من وجوه مختصرة :
أ. أنتم بذلك جعلتم حذيفة رضي الله خائناً لسر النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان كذلك فهو حري أن لا يُقبل كلامه ! وقد ائتمنه النبي صلى الله عليه وسلم عموماً بكتم أسماء المنافقين ، وتحديداً أسماء هؤلاء ، فكيف تترضون عنه مع خيانته للأمانة ؟! وأما نحن فننزه حذيفة رضي الله عنه عن خيانة الأمانة ، ونجزم بأنه لم يفعل ما تفترونه عليه .
ب. أين الرواية التي فيها إخبار حذيفة بأسماء من نوى قتل النبي صلى الله عليه وسلم ؟! وما هو إسنادها ؟ .
ج. ما ذكروه هنا يؤكد ما قلناه من براءة " الوليد بن جمَيع " من الكذب ، وذِكر أسماء أولئك الأجلاء من الصحابة ، فروايته للحديث كانت خالية من الأسماء ، والرافضة قد نسبوا الإخبار بتلك الأسماء لحذيفة رضي الله عنه ! فليس توثيق الوليد يعني قبول الرواية التي فيها أسماء أولئك الصحابة – كما سبق ذِكره – فهو ليس موجوداً في إسنادها ، بل الرواية نفسها ليست موجودة أصلاً ! .
د. إحالتهم على " المحلى " من التدليس ، والتلبيس ، فابن حزم رحمه الله كذَّب الرواية التي فيها ذِكر تلك الأسماء ، وغير خافٍ على أحد عظيم كذب الرافضة .
هـ. إحالتهم على " منتخب التواريخ " ليس بنافعهم ؛ لسبيين :
الأول : الكتاب مؤلفه محمد هاشم الخراساني ، وهو رافضي خبيث ، متأخر الوفاة (ت: 1352هـ) ، فهو قريب العهد جدا من ذلك الكذاب الذي نناقشه .
الثاني : لا يقبل كلام أحد غير مسنَد ، ولو كان ثمة إسناد لنقلوه فرحين .
5. لا يلزم من مخالفة الأئمة لابن حزم في الحكم على " الوليد بن جُميع " أن تكون الرواية التي فيها أسماء : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، ومن معهم : صحيحة ؛ إذ لا وجود لها أصلاً ، وإنما يلزم الأئمة قبول رواية مسلم التي فيها ذِكر الحادثة من طريق " الوليد " ، ولا نعلم أحداً من المشتغلين بالحديث يقدِّم ابن حزم على مَن ذكرنا مِن أئمة الشأن مِن أهل الحديث .
6. وعليه : فثمة أمران :
الأول : الرواية الأصلية التي في صحيح مسلم من غير ذِكر أسماء أحد من المنافقين الذين هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم : ضعيفة عند ابن حزم ؛ لضعف الوليد بن جُميع عنده ، وقد سبق أن ضعفه في حديث حذيفة وأبيه عندما عاهدوا المشركين على عدم قتالهم في " بدر " ، والحديث رواه مسلم أيضاً .
والثاني : الرواية التي فيها ذِكر أسماء من قام بتلك المحاولة ، والتي فيها ذِكر أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، وغيرهم : موضوعة ، مكذوبة موضوعة ، كما قال ابن حزم رحمه الله ! وقد دعا رحمه الله على من افتراها ، وجزم بكذبها ، وليست علة الرواية هذه وجود الوليد بن جميع ، وإنما افتراها كذاب مجهول ، وألصقها برواية الوليد ، وقد جزم ابن حزم رحمه الله بأن الوليد لا يعلم من وَضعها ، وهو الذي نجزم به .
7. والعجيب عندنا هو أنه لا توجد رواية عند الرافضة في إثبات أن أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، رضي الله عنهم حاولوا اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم في " عقبة تبوك " ، ولم يجدوا ما يتعلقوا به غير كلام ابن حزم رحمه الله ، ولنسمل عيونهم ، ونرغم أنوفهم بهذا النقل عنه ، لعلهم يكفوا عن الاستدلال بكلامه .
قال – رحمه الله - :
وأما قولهم – أي : النصارى - في دعوى الروافض تبديل القرآن : فإن الروافض ليسوا من المسلمين ! إنما هي فرَقة حدثَ أولُّها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة ، وكان مبدؤها : إجابة ممن خذله الله تعالى لدعوة مَن كاد الإسلام ، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب ، والكفر !!
وهي طوائف ، أشدهم غلوّاً : يقولون بإلهية علي بن أبي طالب ، وإلهية جماعة معه ، وأقلهم غلوّاً : يقولون إن الشمس رُدَّت على علي بن أبي طالب مرتين ، فقومٌ هذا أقل مراتبهم في الكذب : أيُستشنع منهم كذب يأتون به ؟! .وكل مَن لم يزجره عن الكذب ديانة ، أو نزاهة نفس : أمكنه أن يكذب ما شاء ، وكل دعوى بلا برهان : فليس يَستدل بها عاقل ، سواء كانت له ، أو عليه ، ونحن إن شاء الله تعالى نأتي بالبرهان الواضح الفاضح لكذب الروافض فيما افتعلوه من ذلك .
" الفِصَل في الملل والأهواء والنِّحَل " ( 2 / 65 ) ط الخانجي ، و ( 2 / 213 ) ط الجيل .
فسقط – بفضل الله – تعلق الرافضة المجوس بتلك الرواية غير الموجودة أصلاً ، وتبين للناس أن ابن حزم رحمه الله يجزم بكذبها ، فما نراه في مواقع الرافضة من تعلقهم بكلام ابن حزم رحمه الله قد تبين لهم وجهه ، وأنه لا يفيدهم في إثبات دعواهم ، والحمد لله رب العالمين .

ثالثاً:
أما المحاولة الثالثة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي نجحت بزعم الرافضة : فهي زعمهم أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما قد وضعتا السم في فم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه مات نتيجة لذلك ! وأن ذلك الفعل منهما كان بتحريض أبويهما : أبي بكر وعمر ، رضي الله عنهما .
وكان مما قاله ذلك الأفاك الأثيم :
" وهذه الروايات الموثقة في كتب الحديث عند أهل السنة تكشف أن هناك مؤامرة كبرى دبرها المخططون لقلب النظام الإسلامي ، والسيطرة على دفة الحكم ، وذلك لاغتيال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وتجريعه سمّاً على أنه دواء للشرب ! " .
انتهى
وقال :
" والأرجح ! أنَّ من نفذ هذه العملية هي عائشة وحفصة ! زوجتا النبي صلى الله عليه وآله ، وبتخطيط من عمر بن الخطاب ، وأبي بكر ، وأمرٍ منهما ؛ حيث إن المستفيد الأكبر : هما ، وهما اللذان تحققت أهدافهما ، ومصالحهما بقتل النبي صلى الله عليه وآله " .
انتهى
وهذا نص الرواية ، وكلام العلماء فيها ، وأوجه الرد على الرافضة في زعمهم الكاذب :
عن عَائِشَة قالت : لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا ( لَا تَلُدُّونِي ) ، فَقُلْنَا : كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ بِالدَّوَاءِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : ( أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي ) ، قُلْنَا : كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ، إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ ) .
رواه البخاري ( 6501 ) ومسلم ( 2213 ) .
وعن أَبي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ : أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ ، فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ ، فَلَدُّوهُ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : ( مَا هَذَا ؟ ) ، فَقُلْنَا : هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ - وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ قَالُوا : كُنَّا نَتَّهِمُ فِيكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيَقْرَفُنِي بِهِ ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا الْتَدَّ ، إِلَّا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَعْنِي : الْعَبَّاسَ - ) .
قَالَ : فَلَقَدْ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ ، وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ ، لِعَزْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رواه أحمد ( 45 / 460 ) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3339 ) .
اللّدود : هو الدواء الذي يُصب في أحد جانبي فم المريض ، أو يُدخل فيه بأصبع وغيرها ويحنك به ، وأما الوُجور : فهو إدخال الدواء في وسط الفم ، والسُّعوط : إدخاله عن طريق الأنف .
وذات الجنب : ورمٌ حار يَعْرِضُ فى نواحى الجَنب فى الغشاء المستبطن للأضلاع .
ويلزم ذاتَ الجنب الحقيقى خمسةُ أعراض ، وهى : الحُمَّى ، والسعال ، والوجع الناخس ، وضيق النَّفَس ، والنبضُ المنشاري .
ينظر: " زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 4 / 81 – 83 ) .
ولنا مع هاتين الروايتين وقفات :
1. إن مَن نقل هذه الحادثة للعالَم هو عائشة رضي الله عنها ! فكيف تنقل للناس قتلها لنبيها ، وزوجها ، وحبيبها ، صلى اله عليه وسلم ؟! وكذلك روت الحادثةَ أم سلمة ، وأسماء بنت عُمَيس ، رضي الله عنهما ، وكل أولئك متهمات في دينهن عند الرافضة ، ومشاركات في قتله صلى الله عليه وسلم ! ومع ذلك قبلوا روايتهن لهذا الحديث ؛ فاعجبوا أيها العقلاء !
2. كيف عرف الرافضة المجوس مكونات الدواء الذي وضعته عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم ؟! .
3. النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يوضع الدواء نفسه في فم كل من كان في الغرفة ، إلا العباس رضي الله عنه ، فلماذا مات هو صلى الله عليه وسلم منه ، ولم يموتوا هم ؟! .
4. لماذا لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمَّه العباس رضي الله عنه بما فعلوه من وضع السم في فمه صلى الله عليه وسلم حتى يقتص ممن قتله ؟! إذا قلتم أخبره : فأين الدليل على إخباره ، وإن قلتم : لم يخبره : فكيف علمتم أنه سمٌّ وليس دواء ، والعباس نفسه لم يعلم ؟! .
5. السم الذي وضعته اليهودية في الطعام الذي قُدِّم للنبي صلى الله عليه وسلم كُشف أمره من الله تعالى ، وأخبرت الشاةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنها مسمومة ، فلماذا لم يحصل معه صلى الله عليه وسلم الأمر نفسه في السمّ ! الذي وضعته عائشة في فمه ؟! .
6. لم يُعط الدواء للنبي صلى الله عليه وسلم من غير علَّة ، بل أعطيه من مرضٍ ألمَّ به .
7. لم يُعط النبي صلى الله عليه وسلم الدواء إلا بعد أن تشاور نساؤه رضي الله عنهن في ذلك الإعطاء .
8. لا ننكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مات بأثر السم ! لكن أي سم هذا ؟ إنه السم الذي وضعته اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم في طعام دعته لأكله عندها ، وقد لفظ صلى الله عليه وسلم اللقمة ؛ لإخبار الله تعالى بوجود السم في الطعام ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه أنه يجد أثر تلك اللقمة على بدنه ، ومن هنا قال من قال من سلف هذه الأمة إن الله تعالى جمع له بين النبوة والشهادة .
والعجيب أن بعض الرافضة يُنكرون هذه الرواية ، ويبرؤون اليهود من تلك الفعلة الدنيئة ، مع تواتر الرواية ، وصحة أسانيدها ، ومع إخبار الله تعالى أن اليهود يقتلون النبيين ، ومع ذلك برأتهم الرافضة ! وغير خاف على مطلع سبب ذلك الدفاع عن اليهود من قبَل الرافضة ، وما ذاك إلا لأن مؤسس هذا المذهب هو " عبد الله بن سبأ " اليهودي ! فصار من الطبيعي أن يُبرَّأ اليهود مع صحة الرواية ، وتلصق التهمة بأجلاء الصحابة مع عدم وجود مستند صحيح ، ولا ضعيف ! .
9. من الواضح في الرواية أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم يفهمن من نهي النبي صلى الله عليه وسلم بعدم لدِّه أنه نهي شرعي ، بل فهموا أنه من كراهية المريض للدواء ، وفهمهم هذا ليس بمستنكر في الظاهر ، وقد صرَّحوا بهذا ، وإن لم يكن لهم عذر عند النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الأصل هو الاستجابة لأمره صلى الله عليه وسلم ، قد أخطؤوا في تشخيص دائه صلى الله عليه وسلم ، لذا فقد ناولوه دواء لا يناسب علته .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وإنما أنكر التداوى لأنه كان غير ملائم لدائه ؛ لأنهم ظنوا أن به " ذات الجنب " ، فداووه بما يلائمها ، ولم يكن به ذلك ، كما هو ظاهر في سياق الخبر ، كما ترى .
" فتح الباري " ( 8 / 147 ، 148 ) .
10. وهل اقتص منهم صلى الله عليه وسلم ، أم أراد تأديبهم ؟ الظاهر أن ما فعله صلى الله عليه وسلم من إلزامهم بتناول ذلك اللدود أنه من باب التأديب ، ومما يدل على أنه ليس من باب القصاص : أنه لم يلزمهم بالكمية نفسها التي وضعوها له .
قال أبو جعفر الطحاوي – رحمه الله -
فإن قال قائل : فهل كان ما أمر أن يُفعل قصاصاً ممن أمر أن يفعل ذلك به مما فعلوه به ؟ قيل له : قد يحتمل أن يكون ذلك كان منه على العقوبة ، والتأديب , حتى لا يَعُدن إلى مثله , ومما يدل على أن ذلك ليس على القصاص : أنه لم يَأمر أن يُلدُّوا بمقدار ما لَدُّوه به من الدواء ؛ لأنه لو كان قصاصاً : لأمر أن يُلدوا بمقدار ما لَدوه به ، لا بأكثر منه .
" شرح مشكل الآثار " ( 5 / 198 ) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم ؛ لئلا يعودوا ، فكان ذلك تأديباً ، لا قصاصاً ، ولا انتقاماً .
" فتح الباري " ( 8 / 147 ) .
11. الاشتباه بنوع مرضه صلى الله عليه وسلم : محتمل ؛ لأن كلاًّ منهما – أي : ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من مرض ، وما ظنوه – له الاسم نفسه ، فكلاهما يُطلق عليه " ذات الجنب " ، وكلاهما له مكان الألم نفسه ، وهو " الجنب " .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وذاتُ الجنب عند الأطباء نوعان : حقيقي ، وغيرُ حقيقي ، فالحقيقي : ورمٌ حار يَعْرِضُ في نواحي الجَنب ، في الغشاء المستبطن للأضلاع ، وغير الحقيقي : ألم يُشبهه يَعْرِضُ في نواحي الجنبِ ، عن رياح غليظة ، مؤذيةٍ ، تحتقِن بين الصِّفاقات – وهي الأغشية التي تغلف أعضاء البطن - ، فتُحْدِث وجعاً قريباً من وجع ذات الجنب الحقيقي ، إلا أن الوجعَ فى هذا القسم ممدودٌ ، وفي الحقيقي ناخسٌ .
وقال :
والعلاج الموجود في الحديث : ليس هو لهذا القسم ، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة ، فإنَّ القُسْطَ البحري - وهو العود الهندى على ما جاء مفسَّراً فى أحاديث أُخَر - صِنفٌ من القُسْط ، إذا دُقَّ دقاً ناعماً ، وخُلِط بالزيت المسخن ، ودُلِكَ به مكانُ الريح المذكور ، أو لُعِق : كان دواءً موافقاً لذلك ، نافعاً له ، محلِّلاً لمادته ، مُذْهِباً لها ، مقويّاً للأعضاء الباطنة ، مفتِّحاً للسُّدد ، والعودُ المذكور فى منافعه كذلك .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 4 / 81 ، 82 ) .
فهنَّ رضي الله عنهن اعتقدن أن مرضه صلى الله عليه وسلم هو الأول الحقيقي ، وهو الذي استبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتليه الله به ، وقد ناولوه دواء المرض الآخر ، وكان الدواء هو " القُسط الهندي " وقد دقوه وخلطوه بزيت – كما في رواية الطبراني - ، وهو مفيد لمن تناوله حتى لو لم يكن به مرض ، لذا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل من شارك في إعطائه له ، ومن رضي به : أمر أن يلد به ! ولو كان فيه ضرر لم يكن ليأمر بذلك صلى الله عليه وسلم .
12. ليس في الروايتين – ولا في غيرها – ذِكرٌ لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وإنما الذي تشاور في الأمر هم نساؤه رضي الله عنهن ، ولا فيهما أن عائشة وحفصة استشارتا أبويهما في ذلك التصرف .
وبما سبق يتبين – بفضل الله وتوفيقه – عدم ثبوت أيٍّ من مزاعم ذلك الرافضي ، ومثله ما زعمه من سمِّي " نجاح الطائي " في كتابه الهالك " هل اغتيل النبي محمَّد " .
ولقد تبين لنا ، كلما رددنا على الرافضة شبهة من شبهاتهم ، ضحالة تفكيرهم ، وسوء معتقدهم ، كما تبين لنا قوة أهل السنَّة في حجتهم ، وصحة أدلتهم ، واستدلالاتهم ، وهي نعمة عظيمة منَّ الله بها أن أخرجنا من الظلمات إلى النور ، وأن رزقنا منهجاً سليماً ، وطريقاً مستقيماً ، وأبان لنا المحجة ، وأنار لنا الدرب ، فلا يزيغ عن الطريق بعد ذلك إلا هالك .

والله أعلم
----------------------------------------------------------------
* مـناظرة بـيـن علماء الــسنة و علماء الــشيعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام /
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الحوار دار بين أحد علماء السنة وأحد علماء الشيعة . و قد ورد في هذين الكتابين:
1. الــخطـــــوط العــــريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثناعشرية ( للشيخ / محب الدين الخطيب)
2. وقد أورد هذا الحوار علامة العراق / السيد عبد الله بن الحسين السويدي العباسي ( مولود 1104 هـ : والمتوفي 1174 هـ ) في مذكراته عن مؤتمر النجف الذي إنتهى بخضوع مجتهدي الشيعة لإمامة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما.
وقد أُعلن ذلك على منبر الكوفة في خطبة الجمعة يوم 26 / شوال / 1156هـ وقد حضرها نادر شاه ( و هو أحد ملوك الشيعة و معروف عنه البطش و التقتيل ) و علماء السنة و الشيعة.
والعالم السُني هو الشيخ / عبد الله بن الحسين العباسي. و العالم الشيعي هو الملا باشا علي أكبر أحد أكبر علماء الشيعة الذين حضروا المؤتمر.

نبذة مختصرة عن المؤتمر:
أولاً: المكان:
تحت المسقَّف الذي وراء ضريح الإمام علي رضي الله عنه.
ثانياً: الزمان:
الأربعاء ، الخميس ، الجمعة ، 24-25-26 من شوال ( 1156 )
ثالثاً: أطراف المؤتمر:
أ - نحو سبعين عالماً من علماء الشيعة بإيران لم يكن معهم سوى سني واحد، من أبرزهم و أشهرهم:
1- الملا باشي : علي أكبر 12- ميرزا أسد الله ، المفتي بتبريز
2- مفتي ركاب : أقا حسين 13- الملا طالب ، المفتي بمازندران
3- الملا محمد ، إمام لاهجان 14- الملا محمد مهدي ، نائب الصدارة بمشهد الرضا
4- أقا شريف ، مفتي مشهد رضا 15- الملا محمد صادق ، المفتي بخلخال
5- ميرزا برهان ، قاضي شروان 16- محمد مؤمن ، المفتي بأستر أباد
6- الشيخ حسين ، المفتي بأرومية 17- السيد محمد تقي ، المفتي بقزوين
7- ميرزا أبو الفضل ، المفتي بقم 18- الملا محمد حسين ، المفتي بسبزوار
8- الحاج صادق ، المفتي بجام 19- السيد بهاء الدين ، المفتي بكرمان
9- السيد محمد المهدي ، إمام أصفهان
10- الحاج محمد زكي ، مفتي كرمنشاه
11- الحاج محمد الشمامي ، المفتي بشيراز
…وغيرهم من العلماء
ب - السيد عبدالله بن الحسين السويدي العباسي المولود سنة1104 هـ و المتوفى سنة 1174 هـ و كان رحمه الله علامة العراق و عماد هذا المؤتمر و رئيسه.
ج - علماء الأفغان:
1- الشيخ الفاضل الملا حمزة القلجاني الحنفي مفتي الأفغان
2- الملا أمين الأفغاني القلجاني ، ابن الملا سليمان ، قاضي الأفغان
3- الملا طه الأفغاني المدرس بنادر آباد الحنفي
4- الملا دنيا الحنفي
5- الملا نور محمد الأفغاني القلجاني الحنفي
6- الملا عبدالرزاق الأفغاني القلجاني الحنفي
7- الملا إدريس الأفغاني الابدالي الحنفي
د- علماء ما وراء النهر:
1- العلامة الهادي خوجة ( الملقب ببحر العلم ) ابن علاء الدين البخاري القاضي ببخارى الحنفي
2- مير عبدالله صدور البخاري الحنفي
3- ملا أميد صدور البخاري الحنفي
4- قلندر خوجة البخاري الحنفي
5- باد شاه مير خوجة البخاري الحنفي
6- ميرزا خوجة البخاري الحنفي
7- الملا إبراهيم البخاري الحنفي
رابعاً: النتائـج:
1- خضوع علماء إيران و مجتهديها من الشيعة لإمامة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و اعترافهم و إقرارهم بصحة و أحقية توليهم الخلافة قبل علي رضوان الله عليهم جميعاً.
2- رفع سب الشيخين.
3- إقرارهم بأن الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم.
4- تحريمهم المتعة إذ لا يقبلها إلا السفهاء منهم.
5- عدم تفضيله علياً على أبي بكر أو القول بأنه الخليفة الحق بعد النبي صلى الله عليه و سلم و اعترافهم بأن أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر بن أبي قحافة ، فعمر بن الخطاب ، فعثمان بن عفان ، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً و أن خلافتهم على هذا الترتيب الذي ذكروه في تفضيلهم.
6- قبولهم شروط عدم تحليلهم حراماً معلوماً من الدين بالضرورة و حرمته مجمع عليها، و عدم تحريمهم حلالاً مجمعاً عليه معلوماً حله.
7- التوقيع من قبلهم على صحيفة أعدت لهذا الشأن.

بعض تفاصيل المؤتمر:
طبعاً تفاصيل القصة طويلة وكيف بدأ المؤتمر و لمن أراد التفاصيل فليرجع إلى مذكرات الشيخ أو كتاب الخطوط ( العريضة لمذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ) للشيخ الجليل / محب الدين الخطيب رحمه الله. و لكن المؤتمر كان بسبب أن نادر شاه أرسل إلى أحد علماء السنة لمناظرة علماء الشيعة في مذهب الإثنى عشر فجاء عبد الله بن الحسين لهذا الأمر.
عندما سمع الملا باشا ( عالم الشيعة ) أن قاضي بخارى ( عالم سني ) يُقال له بحر العلم قال:--
كيف يسوغ له أن يُلقب ببحر العلم وهو لا يعرف من العلم شيئاً ، فوالله لو سألته عن دليلين في خلافة علي ( رضي الله عنه ) لما إستطاع أن يُجيب عنهما ، بل ولا الفحول من أهل السنة - وكرر الكلام ثلاث مرات - .
فقلت له ( أي عبد الله بن الحسين وكان موجوداً في المجلس ) :--
وما هذان الدليلان اللذان لا جواب عنهما ؟
قال ( الملا باشا = م) :--
قبل تحرير البحث أسألك هل قوله صلى الله عليه وسلم لعلي (( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )) ثابت عندكم ؟
قلت ( عبد الله = ع ) :--
نعم إنه حديث مشهور .
فقال ( م ) :-- هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالة صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب .
قلت (ع) :-- ما وجه الدليل من ذلك ؟
قال(م) :-- حيث أثبت النبي لعلي جميع منازل هارون ولم يستثن إلا النبوة - والإستثناء معيار المعلوم - فثبتت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون ، فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى .
فقلت(ع) :-- صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية ، فما صور هذا الإيجاب الكلي ؟
قال(م) :-- الإضافة التي في الإستغراق بقرينة الإستثناء .
فقلت(ع) :-- أولاً إن هذا الحديث غير نص جلي ، وذلك لإختلاف المُحدثين فيه ، فمن قائل إنه صحيح ، ومن قائل إنه حسن ، ومن قائل إنه ضعيف ، حتى بالغ ابن الجوزي فادعى أنه موضوع .
فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي ؟!
فقال(م) :-- نعم نقول بموجب ما ذكرت ، وإن دليلنا ليس هذا ، وإنما قوله صلى الله عليه وسلم (( سلموا على علي بإمرة المؤمنين )) ، وحديث الطائر ، ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث (أي حديث موسى وهارون عليهما السلام) معكم لما لم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به ؟
قلت(ع) :-- هذا الحديث لا يصلح أن يكون دليلاً من وجوه :-
منها أن الإستغراق ممنوع ، إذ من جملة منازل هارون كونه نبياً مع موسى ، وعلي ليس بنبي بإتفاق منا ومنكم ، لا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده ، فلو كانت المنازل الثابتة لهارون - ما عدا النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم - ثابتة لعلي لإقتضى أن يكون علي نبياً مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبوة معه لم تُستثن وهي من منازل هارون كونه أخاً شقيقاً لموسى ، وعلي ليس بأخ ، والعام إذا تخصص بغير الإستثناء صارت دلالته ظنية ، فليحمل الكلام على منزلة واحدة كما هو ظاهر التاء التي للوحدة ، فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها ، و(( إلا )) في الحديث بمعنى (( لكن )) كقولهم : فلان جواد إلا أنه جبان ، أي لكنه.
فرجعت القضية مهملة يراد منها بعض غير معين فيها وإنما نعينه من خارج ، والمعين هو المنزلة المعهودة حين إستخلف موسى هارون على بني إسرائيل ، والدال على ذلك قوله تعالى (( اخلفني في قومي )) ومنزلة علي هي إستخلافه على المدينة في غزوة تبوك.
فقال (م) :-- والإستخلاف يدل على أنه أفضل وأنه الخليفة بعد .
فقلت (ع) :-- لو دل هذا على ما ذكرت لإقتضى أن ابن أم مكتوم خليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه استخلفه على المدينة ، واستخلف غيره ، فلما خصصتم علياً بذلك دون غيره مع إشتراك الكل في الإستخلاف؟ و أيضاً لو كان هذا من باب الفضائل لما وجد علي ( رضي الله منه ) في نفسه وقال: ( أتجعلني مع النساء والأطفال والضعفة ) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم تطييباً لنفسه (( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)).
فقال(م) :-- قد ذُكر في أصولكم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
قلت(ع) :-- إني لم أجعل خصوص السبب دليلاً ، وإنما هو قرينة تعيين ذلك البعض المهم .
فانقطع ....
ثم قال(م) :-- عندي دليل آخر لا يقبل التأويل ، وهو قوله تعالى (( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) .
قلت(ع) له :-- ما وجه الدلالة من هذه الآية ؟
فقال (م):-- أنه لما أتى نصارى نجران للمباهلة إحتضن النبي صلى الله عليه وسلم الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة ( رضي الله عنها ) من ورائهم وعلي ( رضي الله عنه ) خلفها ، ولم يقدم إلى الدعاء إلا الأفضل .
قلت (ع) :-- هذا من باب المناقب لا من باب الفضائل وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره ، كما لا يخفى على من تتبع كتب السير.
وأيضاً إن القرآن نزل على أسلوب كلام العرب ، وطرز محاوراتهم ، ولو فرض أن كبيرين من عشيرتين وقع بينهما حرب وجدال ، يقول أحدهما للآخر : ابرز أنت وخاصة عشيرتك وأبرز أنا وخاصة عشيرتي فنتقابل و لا يكون معنا من الأجانب أحد ، فهذا لا يدل على أنه لم يوجد مع الكبيرين أشجع من خاصتهما. و أيضاً الدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع المقتضي لسرعة الإجابة.
فقال(م):-- ولا ينشأ الخشوع إذ ذاك إلا من كثرة المحبة .
فقلت(ع):-- هذه محبة مرجعها إلى الجبلة والطبيعة ، كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا يقتضي وزراً ولا أجراً إنما المحبة المحدودة التي تقتضي أحد الأمرين المتقدمين إنما هي المحبة الإختيارية .
فقال(م):-- وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية ، وهو حيث جعل نفسه صلى الله عليه وسلم نفس علي ، إذ في قوله (( أبناءنا )) يراد الحسن والحسين وفي (( نساءنا )) يراد فاطمة ، وفي (( أنفسنا )) لم يبق إلا علي والنبي صيى الله عليه وسلم .
فقلت(ع):-- الله أعلم أنك لم تعرف الأصول ، بل و لا اللغة العربية.
كيف وقد عبر بأنفسنا والأنفس جمع قلة مضافاً إلى (( نا )) الدالة على الجمع ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي تقسيم الآحاد ، كما في قولنا ( ركب القوم دوابهم ) أي ركب كل واحد دابته.
وهذه مسألة مصرحة في الأصول ، غاية الأمر أنه أطلق الجمع على ما فوق الواحد وهو مسموع كقوله تعالى ((أولئك مبرؤن مما يقولون )) أي عائشة و صفوان ( رضي الله عنهما ) ، و قوله تعالى (( فقد صفت قلوبكما )) ولم يكن لهما إلا قلبان.
على أن أهل الميزان ( أي علم المنطق ) يطلقون الجمع في التعاريف على ما فوق الواحد ، وكذلك أطلق الأبناء على الحسن والحسين ، والنساء على فاطمة فقط مجازاً.
نعم لو كان بدل أنفسنا بـ ( نفسي ) لربما كان له وجه ما بحسب الظاهر.
وأيضاً لو كانت الآية دالة على على خلافة علي لدلت على خلافة الحسن والحسين وفاطمة ( رضي الله عنهم ) مع أنه بطريق الإشتراك ، ولا قائل بذلك لأن الحسن والحسين إذ ذاك صغيران ، وفاطمة مفطومة كسائر النساء عن الولايات ، فلم تكن الآية دالة على الخلافة .
فانقطع ......
ثم قال(م) :-- عندي دليل آخر وهو قوله تعالى (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )) أجمع أهل التفسير على أنها نزلت في علي حين تصدق بخاتمه على السائل وهو في الصلاة و (( إنما )) للحصر ، و (( الولي )) بمعنى ( الأولى منكم بالتصرف ).
فقلت(ع) :-- لهذه الآية عندي أجوبة كثيرة .
وقبل أن أشرع في الأجوبة قال بعض الحاضرين من الشيعة باللغة الفارسية يخاطب الملا باشي بشيء معناه: إترك المباحثة مع هذا فإنه شيطان مجسم و كلما زدت في الدلائل و أجابك عنها إنحطت منزلتك.
فنظر إلي وتبسم وقال (م) :-- إنك رجل فاضل تجيب عن هذه وعن غيرها ، ولكن كلامي مع بحر العلم ( وهو القاضي / هادي خوجة قاضي بخارى ) فإنه لا يستطيع أن يجيب.
فقلت(ع) :-- الذي كان في صدر كلامك أن فحول أهل السنة لا يستطيعون الجواب ، فهذا الذي دعاني إلى المعارضة والمحاورة .
فقال(م) :-- أنا رجل أعجمي ولا أتقن العربية فربما صدر مني لفظ غير مقصود لي ....
فقلت(ع) له:-- أريد أن أسألك عن مسألتين لا تستطيع أهل الشيعة الجواب عنهما.
فقال(م) :-- وما هما ؟
قلت (ع):-- الأولى :
كيف حكم الصحابة عند الشيعة ؟
فقال(م):-- إرتدوا حيث لم يبايعوا علي على الخلافة ( إلا خمسة : علياً و المقداد و أبا ذر وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر)
قلت(ع) :-- إن كان الأمر كذلك فكيف زوج علي ( رضي الله عنه ) بنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) .
فقال(م) :-- إنه مكره !
قلت( ع):-- والله إنكم إعتقدتم في علي منقصة لا يرضى بها أدنى العرب فضلاً عن بني هاشم الذين هم سادات العرب وأكرمها أرومة وأفضلها جرثومة وأعلاها نسباً وأعظمها مروءة وحمية وأكثرها نعوتاً سنِيَّة. و إن أدنى العرب يبذل نفسه دون عرضه و يُقتل دون حرمه و لا تعز نفسه على حرمه و أهله. فكيف تثبتون لعلي وهو الشجاع الصنديد ليث بني غالب أسد الله في المشارق و المغارب مثل هذه المنقصة التي لا يرضى بها أجلاف العرب ؟! بل كم رأينا من قاتل دون عياله فقُتل!
فقال(م):-- يحتمل أن تكون زُفت إليه جنية ( أي شيطانة ) تصورت بصورة أم كلثوم ؟
قلت(ع):-- هذا أشنع من الأول فكيف يُعقل مثل هذا ؟! و لو فتحنا هذا الباب لانسدت جميع أبواب الشريعة حتى لو أن الرجل جاء إلى زوجته لاحتمل أن تقول : أنت جني تصورت بصورة زوجي فتمنعه من الإتيان إليها. فإن بشاهدين عدلين على أنه فلان لاحتمل أن يقال فيهما إنهما جنيان تصورا بصورة هذين العدلين وهلم جرا ..... و يحتمل أن جنياً تصور بصورة جعفر الصادق - الذي تزعمون أن عبادتكم موافقة لمذهبه - جنياً تصور بصورته و ألقى إليكم هذه الأحكام الثابتة.
ثم قلت(ع) له :-- ما حكم أفعال الخليفة الجائر ؟ هل هي نافذة عند الشيعة ؟
فقال(م):-- لا تصح ولا تنفذ.
فقلت (ع) :-- أنشدك الله من أي عشيرة أم محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب ؟
فقال(م) :-- من بني حنيفة .
فقلت(ع):-- من سبى بني حنيفة ؟
فقال(م) :--لا أدري ( وهو كاذب )
فقال بعض الحاضرين من علمائهم :-- سباهم أبو بكر الصديق ( رضي الله تعالى عنه )
فقلت(ع) :-- كيف ساغ لعلي أن يأخذ جارية من السبي ويتولدها ، والإمام - على زعمكم - لا تنفذ أحكامه لجوره ، والإحتياط في الفروج أمر مقرر !
فقال(م):-- لعله إستوهبها من أهلها ، يعني زوجوه بها .
قلت(ع):-- يحتاج هذا إلى دليل .
فانقطع ....... والحمد لله
ثم قلت(ع):-- إنما لم آتيك بحديث أو آية لأني مهما بالغت في صحة الحديث أقول رواه أهل الكتب الستة و غيرهم، فتقول أنا لا أقول بصحتها. و لو أتيتك بأية و قلت أجمع أهل التفسير لا يكون حجة علي و تذكر تأويلاً بعيداً و تقول الدليل إذا تطرقه الإحتمال بطل به الإستدلال. فهذا الذي دعاني إلى ترك الإستدلال بالآية أو الحديث.
ثم إن الشاه أُخبر بهذه المباحثة طبق ما وقع ، فأمر أن يُجمع علماء إيران وعلماء الأفغان ويرفعوا المكفرات وأكون ناظراً عليهم ووكيلاً عن الشاه وشاهداً على الفرق الثلاث بما يتفقوا عليه. فخرجنا نشق الخيام والأفغان والأزبك والعجم يشيرون إلي بالأصابع وكان يوماً مشهوداً.
إنتهى كلامه رحمه الله .

نهاية المناظرة:
و قد انتهت المناظرة بالتالي:
قال العالم السُني هادي خوجة لعالم الشيعة الملا باشا :
أنتم تكفرون بسبكم الشيخين ( أي أبو بكر وعمر )
قال الملا باشا :
رفعنا سب الشيخين
قال هادي خوجة :
وتكفرون بتضليلكم الصحابة وتكفيركم إياهم
قال الملا باشا :
الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم ورضوا عنه
قال هادي خوجة :
وتقولون بحل المتعة
قال الملا باشا :
هي حرام لا يقبلها إلا السفهاء منا
قال هادي خوجة:
وتفضلون علياً على أبي بكر وتقولون إنه الخليفة الحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم
قال الملا باشا :
أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر بن أبي قحافة فعمر بن الخطاب فعثمان بن عفان فعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً ، وإن خلافتهم على هذا الترتيب الذي ذكرناه في تفضيلهم
و كل ذلك غيض من فيض مما دار في تلك المناظرة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
* الأتجاه السياسى :-
هذا ما يحصل للسنة في ايران


اغتيال علماء السنه ما زال وتوقيفهم المتتالي والعشوائي ما زال مستمرا بعد مجيء خاتمي الى السلطة، وقد بدأت امواج الاضطهاد تتسرب من مدن أتهل السنة في إيران الى قراهم، وفي الأسبوعين الماضيين اقتيد الشيخ نظام الدين روانبد ابن الشيخ عبد الله - رحمه الله - العالم والشاعر الشهير في بلوشستان الايرانيه الى السجن، وكان الشيخ بصدد بناء مسجد، و كان يدير مدرسة صغيرة، ولم يعرف مصيره حتى الان، علما بأن بناء مسجد أو مدرسة دينية للسنة في ايران يعتبر جريمة لا تغتفر.
كما اغتيل في الشهر الماضي الشيخ يار محمد كهروزي إمام جمعية اهل السنة في مدينة خاش الذي كان يدير مدرسة دينية أيضا، و جميع الشواهد تدل على ان المخابرات الرافضية هي التي اغتالته؛ لأنها اعتقلت قبل سنتين مدير المدرسة نفسها: الشيخ عبد الستار - رحمه الله - إمام الجمعة و العالم الشهير لأهل السنة في مدينة خاش البلوشية؛ وذلك ضمن حملة مسعورة بقيادة مرشد الثورة أية الشيطان خامئني لاخلاء ايران من علماء السنة؛ ليتسنى لهم تشييع البلد كليا بعد ذلك كما كتبوا في مخططاتهم الخمسينية السرية.
وأما خليفة الشيخ وهو يار محمد - رحمه الله - فقد كان يخضع لاستجواب المخابرات الرافضية الايرانية كغيره من مشايخ السنة، و طلب منه فصل الطلاب من غير ابناء المنطقة - ليقطعوا أدنى صلة بين السنة في إيران حيث يعيشون في أطراف إيران الأربعة - وحين رفض الشيخ ذلك القي القبض على الطلاب وتم إعادتهم - بعد السجن والتعذيب - إلى بلادهم، وكان للشيخ يار محمد موقف مشهود في الدفاع عن هؤلاء الطلاب.
هذا في بلوشستان الواقعة في جنوب شرق إيران، أما بالنسبة للتركمان السنة الساكنين في شمالي إيران فقد وصانا الخبر التالي:
هاجمت عناصر من المخابرات الإيرانية في الساعة 2:30 ليلا - أغسطس 1997 - منزل الشيخ آخوند ولي محمد ارزانش الذي هرب من إيران ولجأ إلى تركمانستان (أسوه بمئات من طلبة العلم من السنة الإيرانيين إلى الدول المجاورة)؛ وعندما لم يجدوه في المنزل أوسعوا ابنه ضربا، ثم استولوا على بعض الصور والمستندات والوثائق المتعلقة بالتركمان، وغادروا البيت بعدما هددوا أهله بالموت إذا هم اخبروا الشرطة، وهذه الحادثة كانت الثانية من نوعها؛ إذ انه في شهر أبريل 1997م هجم شخص مجهول مسلح بسكين على منزل الشيخ ولي محمد ليقتله و نجا الشيخ بعدما اصيب بجروح خطيرة.
كل هذه الأعمال والقرائن المتعلقة بها تدل على ضلوع المخابرات الرافضية الإيرانية الحاقدة في مثل هذه الأعمال التي بدأت بأمر من أية إبليس الخامنئي - لعنه الله - بالتصفية الجسدية بالاغتيال و ولإعدام و دس السم والقتل بالطرق المتعددة لعلماء السنة في الداخل والخارج.
رابطة أهل السنة في إيران –مكتب لندن-
بسم الله الرحمن الرحيم 16/ 3/98=28/11/1419
إلى المتباكين للشيعة والمغترين بهم
نشرت مجلة المجتمع الكويتي في عددها 1341 بيانا بتوقيع كل من الدكاترة (القرضاوي و الهلباوي و التكريتي )، والغنوشي نددوا فيه باغتيال بعض مشايخ الشيعة في العراق ، وقالوا أن الهدف من هذه الاغتيالات هو بث جذور الخلاف بين السنة و الشيعة !!
ونحب أن نسأل حضرات الدكاترة ومن معهم :لماذا لم نسمع تنديداتهم هذه عندما تم –ولم يزل-تصفية عشرات من علماء السنة -الذين لا بواكي لهم- في إيران على يد النظام الطائفي الحاقد فيها، كما فعلت مجلة المجتمع مشكورة، ولماذا هم غير مستعدين حتى مجرد سماع هذه الأخبار مع محاولاتنا المتكررة معهم!! ثم منذ متى كان النظام العراقي هو حامي حمى السنة حتى يتوهم هؤلاء أن القصد هو بث الخلاف وكيف تأكدوا من ذلك؟
ولا ندري ما هذه الازدواجية التي يتعامل بها الأساتذة مع الأحداث ، فينددون هنا –مع احتمال وجود اكثر من جهة و اكثر من دولة وراء هذه الجرائم-ويسكتون هناك سكوت أصحاب الكهف-حيث تمارس إيران علنا ودون تقية أو حياء سياسة التصفية الجسدية مع علماء السنة وطلابها و مثقفيها ودارسيها ، وتدعم الشيعة لبث الفرقة و الخلاف في كل مكان ،حتى قال الخميني لشيعته في أفغانستان : تريثوا مع الروس فإن جهادكم يبدأ بعد خروجهم من أفغانستان ! فهلا تحمس هؤلاء الغيورون مرة واحدة لإخوانهم السنة كغيرتهم على الشيعة !
أليس هذا البيان قبل أن يكون تنديدا بالاغتيالات إنما هو تقرب بارد للطائفة وللنظام الطائفي في إيران، ألم يأخذوا العبرة من كلام إمامهم الخميني لما تجرأ على وصفهم بأجراء بغير أجرة –ونعتذر من نقل بشاعة كلامه-فهلا اعتبر إخواننا من وقاحة كهذه ؟ و هلا أنصفوا إخوانهم السنة المستضعفين في وقت يمد فيه النظام الشيعي إليهم مخلبا ناشبا ، و هلا دققوا النظر في العاصمة الوحيدة طهران –وجميع المدن الشيعية الكبرى في إيران- التي لا يسمح للسنة ببناء مسجد واحد فيها ،لا بل إن مساجدهم و مدارسهم الدينية تطال يد الهدم الشيعية ؟ أم يعدون هذا كله سبب الفرقة ودعايات الأمريكان و مصالحها كما قال لنا واحد من الموقعين !
نرجو أن يقف الدعاة أنفسهم لما ندبهم الله تعالى إليه من الدفاع عن الكتاب والسنة و لا يدخلوا في دوامة المزايدات السياسية العقيمة و لا يكونوا أقل إنصافا من مندوب الأمم المتحدة –وهو غير مسلم – حيث قام بالتنديد لما يجري على أهل السنة في إيران على يد حكومتهم!

بيان رابطة أهل السنة في إيران
بيان هايد بارك –لندن- 99/4/11
إيران دولة طائفية منافقة –غير إسلامية-لكنها تتاجر باسم الإسلام بدليل:
1-لا يوجد في الحكم الإيراني واحد من مسلمي السنة ، لا وزير و لا سفير و لا محافظ و لا مدير بلدية ولا مدير دائرة و لا موظف كبير في إيران كلها مع أن ثلث سكان إيران من أهل السنة وهم من الأكراد و البلوش و التركمان وبعض الفرس وبعض العرب،إذن فهو حكم طائفي بغيض إلى العظم خلافا لما تعلن كذبا
2-إيران دولة منافقة لأنها تدعي الوحدة الإسلامية بالقول و تقوم بقتل علماء السنة و هدم عشرات المساجد للسنة في إيران و بل إنه لا يوجد مسجد واحد لأهل السنة في طهران وفي جميع المدن الكبرى الإيرانية مع وجود عدد من الكنائس و المعابد للنصارى و غير المسلمين مع أن عدد أهل السنة في طهران وحدها يفوق عدد جميع الأقليات غير المسلمة
3-إيران دولة رافضية خبيثة بدليل إهانتها المتكررة لعقيدة المسلمين و منذ نشأتها و سبها و شتمها –كغيرها من الروافض-لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-سواء في الإعلام المرئي أو المسموع أو في كتب مرشدها –خميني-المليئة بالسب و الشتم للرعيل الأول
4-إيران ليست دولة إسلامية لأن الحاكمية فيها ليست حقا للشرع بل للاستخبارات شأنهافي ذلك شأن جميع الحكومات البوليسيةالمسلطة على المسلمين
5-إن الذين يدعون الوحدة و التقارب مع هذا النظام أو مع هذه الطائفة التي تأخذ التقية والنفاق منهجا لها ، إما جهال أغبياء أو أصحاب المصالح يبيعون الدين بالدنيا، بدليل أعمال حكام إيران مع مسلمي السنة في داخلها بدءا من التصفية من الدوائر الحكومية إلي وصولا إلى القتل و التشريد و هدم المساجد و المدارس الدينية و تهجير مئات من طلبة العلم من السنة ، كلها شواهد على نفلق النظام الإيراني و عدم إسلاميته ، و هو امتداد لحكم الروافض في التاريخ الذين كانوا –ومازالوا-ألد أعداء المسلمين و المتآمرين عليهم مع كل عدو و غازي .

* وأخيرا هاما :-
فتاوى ذات صله

لا ننصحك باستمرار الاطلاع على كتب أهل الضلال
أحب الاطلاع على كتب ومؤلفات وكتابات الرافضة والصوفية ، وبضاعتي في العلم قليلة ، والحمد لله أقف من الشبهات موقف المنكر ، لسبب بسيط ، هو أني أعلم أن دينهم باطل ، والكثير منهم غال أو عامي جاهل مسكين مستحق الشفقة لخداع أسيادهم وضلالاهم . فهل ترى أن أستمر بالاطلاع أم أترك ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
يجب على المسلم أن يحافظ على عقيدته وإيمانه ، ويهتم بسلامة فطرته وفكره ، ويهرب بدينه وقلبه من الشبهات والفتن ، فإن القلوبَ ضعيفةٌ والشبهَ خطَّافة ، تخطف بشيء من البريق الذي يزينها به أهل البدع والضلالات ، ولكنها في الحقيقة شبه واهية ضعيفة .
والنظر في كتب البدع والضلالة أو كتب الشرك والخرافة أو كتب الأديان الأخرى التي طالها التحريف أو كتب الإلحاد والنفاق لا يجوز إلا لمتأهِّل في العلم الشرعي ، يريد بقراءته لها الرد عليها وبيان فسادها ، أما أن ينظر ويقرأ فيها من لم يتحقق بالعلم الشرعي فغالبا يناله من هذه المطالعة شيء من الحيرة والغواية ، وقد وقع ذلك لكثير من الناس وحتى من طلبة العلم ، حتى انتهى بهم الأمر إلى الكفر والعياذ بالله ، وغالبا ما يغتر الناظر في هذه الكتب بأن قلبه أقوى من الشبهات المعروضة ، إلا أنه يفاجأ – مع كثرة قراءته – بأن قلبه قد تشرَّب من الشبهات ما لم يخطر له على بال .
ولذلك كانت كلمة العلماء والسلف الصالحين على تحريم النظر والمطالعة في هذه الكتب ، حتى ألف ابن قدامة المقدسي رسالة بعنوان " تحريم النظر في كتب الكلام " .
وننقل هنا العديد من نصوص العلماء في تحريم قراءة هذه الكتب لغير العالم :
جاء في "الموسوعة الفقهية" (34/185) :
" قال الحنابلة : ولا يجوز النظر في كتب أهل البدع ، ولا في الكتب المشتملة على الحقّ والباطل ، ولا روايتها ؛ لما في ذلك من ضرر إفساد العقائد .
وقال القليوبيّ : تحرم قراءة كتب الرقائق والمغازي الموضوعة " انتهى .
كما أفتى الشاطبي في "الإفادات والإنشادات" (44) أن العوام لا يحل لهم مطالعة كتاب أبي طالب المكي المسمى بـ ( قوت القلوب ) لما فيه من الشطحات الصوفية .
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13/525) :
" والأولى في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن ويصير من الراسخين في الإيمان ، فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك ، بخلاف الراسخ ، فيجوز له ، ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف " انتهى .
وقال محمد رشيد رضا في "الفتاوى" (1/137) :
" ينبغي منع التلامذة والعوام من قراءة هذه الكتب لئلا تشوش عليهم عقائدهم وأحكام دينهم ، فيكونوا كالغراب الذي حاول أن يتعلم مِشية الطاووس فنسي مشيته ولم يتعلم مشية الحجل " انتهى .
وجاء في "فتاوى نور على الدرب" (التوحيد والعقيدة/267) من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وأما كتب الصوفية فإنه لا يجوز اقتناؤها ولا مراجعتها إلا لشخص يريد أن يعرف ما فيها من البدع من أجل أن يرد عليها ، فيكون في نظره إليها فائدة عظيمة وهي معالجة هذه البدعة حتى يسلم الناس منها " انتهى .
وقد قالت اللجنة الدائمة كما في "مجلة البحوث الإسلامية" (19/138) :
" يحرم على كل مكلف ذكرا أو أنثى أن يقرأ في كتب البدع والضلال , والمجلات التي تنشر الخرافات وتقوم بالدعايات الكاذبة وتدعو إلى الانحراف عن الأخلاق الفاضلة ، إلا إذا كان من يقرؤها يقوم بالرد على ما فيها من إلحاد وانحراف ، وينصح أهلها بالاستقامة وينكر عليهم صنيعهم ويحذر الناس من شرهم " انتهى .
فلماذا تعرِّض نفسك – أخي الكريم – للشر والشبهات ، فأنت في مأمن وغنى عن ذلك ، واحمد الله تعالى على السلامة والعافية ، واشكره على نعمة الهداية والثبات بأن تحافظ عليها فلا تعرضها لما قد يصيبها في مقتلها .
ثم إن العمر أقصر من قضائه في مطالعة الباطل ، فالحق والخير والعلم النافع كثير ، وإذا أنفق المرء عمره كله في مطالعة كتب العلم النافعة كالتفاسير وكتب الحديث والفقه والرقائق والزهد والأدب والفكر والتربية لما كاد يقضي منها وطره ، فكيف إذا انشغل بكتب الخرافة والضلالة التي يكتبها الرافضة وبعض المتصوفة ؟!!
واستمع أخي الكريم إلى نصيحة العلامة ابن الجوزي في الاهتمام بالنافع من العلوم حيث يقول في "صيد الخاطر" (54-55) :
" أما العالم فلا أقول له اشبع من العلم ، ولا اقتصر على بعضه .
بل أقول له : قدم المهم ؛ فإن العاقل من قدَّر عمره وعمل بمقتضاه ، وإن كان لا سبيل إلى العلم بمقدار العمر ، غير أنه يبني على الأغلب .
فإن وصل فقد أعد لكل مرحلة زاداً ، وإن مات قبل الوصول فنيته تسلك به ......
والمقصود أن ينتهي بالنفس إلى كمالها الممكن لها في العلم والعمل " انتهى باختصار .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب

صديقه مبتدع أدخل في قلبه بغض بعض الصحابة فماذا يفعل؟

كان لي صديق من أحد الفرق الضالة وكان يحدثني عن بعض القصص التي حدثت بين الصحابة رضي الله عنهم وكان ينتقص بعض الصحابة من خلال القصص بشكل غير علني وكنت أستمع إليه مجاملة له وأنا في نفسي أعلم أنه كاذب ولكن مع مرور الأيام عندما أسمع أسماء بعض الصحابة أجد في نفسي عليهم حنقا لم أجده من قبل أن أستمع إلى هذا الضال سؤالي : هل من نصيحة لي لكي أعيد تعظيم الصحابة وعدم الشك فيهم في نفسي؟

الحمد لله
ما ذكرته من وجْدك وحنقك على بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو أثر من آثار صحبة هذا المبتدع ، وهو دال على فقه السلف في تحذيرهم من مجالسة أهل البدع ، وتشديدهم في ذلك .
كان أبو قلابة رحمه الله يقول : " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة ، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم ".
وقال أبو إسحاق الهمداني: " من وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ".
ودخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء ، فقالا : يا أبا بكر نحدثك ، قال : لا ، قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل ، قال : لا ، لتقومن عني أو لأقومنَّ ، فقام الرجلان فخرجا .
وقال الفضيل بن عياض : " لا تجلس مع صاحب بدعة ؛ فإني أخاف أن تنزل عليك اللعنة ".
وقال محمد بن النضر الحارثي : " من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة ، وهو يعلم أنه صاحب بدعة ، نزعت منه العصمة ، ووكل إلى نفسه ".
وقال عبد الرزاق الصنعاني الإمام : قال لي إبراهيم بن أبي يحيى : إني أرى المعتزلة عندكم كثيرا . قلت : نعم ، وهم يزعمون أنك منهم . قال : أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك ؟ قلت : لا . قال : لم ؟ قلت : لأن القلب ضعيف ، وإن الدين ليس لمن غلب .
وانظر هذه الآثار في "الشريعة" للآجري ، و"أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي.
قال الآجري رحمه الله في كتابه "الشريعة" : " باب ذكر هجرة أهل البدع والأهواء : ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة أن يهجر جميع أهل الأهواء من الخوارج والقدرية والمرجئة والجهمية ، وكل من ينسب إلى المعتزلة ، وجميع الروافض ، وجميع النواصب ، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة ، وصح عنه ذلك ، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه ، ولا يجالس ولا يصلى خلفه ، ولا يزوج ولا يتزوج إليه من عرفه ، ولا يشاركه ولا يعامله ولا يناظره ولا يجادله ، بل يذله بالهوان له ، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك . فإن قال : فلم لا أناظره وأجادله وأرد عليه قوله ؟ قيل له : لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاما يفسد عليك قلبك ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت ؛ إلا أن يضطرك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجة عليه ، فأما لغير ذلك فلا . وهذا الذي ذكرته لك لقول من تقدم من أئمة المسلمين ، وموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وقال الذهبي رحمه الله : " أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة " انتهى من "سير أعلام النبلاء (7/261).
فما حصل لك أيها الأخ الكريم هو بسبب تفريطك ، وتساهلك في الجلوس مع هذا المبتدع ، حتى أوغر صدرك على أفضل الخلق بعد الأنبياء ، وهم قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ، ونصرة دينه ، وقد توفي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فلا يطعن فيهم إلا شقي محروم .
وقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) حسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2340)
وأما سبيل الإصلاح لقلبك ، فبالتوبة إلى الله تعالى ، وبالإقبال على القرآن والسنة وكتب السيرة ، وسترى فيها ثناء الله تعالى على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ، وتعلم كم ضحى هؤلاء بأنفسهم وأموالهم حتى وصل إلينا هذا الدين العظيم .
ولعلك ترجع إلى كتاب فضائل الصحابة من صحيح مسلم أو من غيره من كتب السنة ، ليزداد حبك وتعظيمك لصحابة رسولك صلى الله عليه وسلم .
ومن الكتب المختصرة الجامعة التي نوصيك بقراءتها : كتاب الصحيح المسند من فضائل الصحابة للشيخ مصطفى العدوي ، وكتاب : صور من حياة الصحابة للأستاذ عبد الرحمن رأفت الباشا .
ولتعلم أن عامة ما يقوله أهل البدع عن الصحابة كذب وافتراء ، ناتج عن تعصب مقيت وحقد أعمى ونفوس مريضة ، صورت لهم أن الصحابة أناس يتقاتلون على الدنيا ، ويلهثون وراءها ، ويكيدون المكائد ، ويدبرون المؤامرات ، وكما قيل قديما : كل ينظر بعين طبعه ، فنفوسهم الحاقدة اللاهثة خلف الدنيا ، صورت لهم أن الصحابة مثلهم ، والواقع أن الصحابة طراز فريد ، وجيل متميز ، وصفوة مختارة ، لأنهم نتاج مدرسة عظيمة ، وتربية مستقيمة ، وصحبة مباركة ، تلقوا فيها العلم والخلق على يد أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم .
واعلم أن الطعن في هؤلاء الصحابة ، طعن في نبيهم الذي اختارهم ، وقرّبهم ، وصاهرهم ، بل طعن في الله تعالى الذي رضي أن يكون هؤلاء جلساءَ نبيه ، وحملةَ دينه ، وكتبةَ وحيه .
نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك ، ويطهر قلبك ، ويملأه محبة لدينه وكتابه ، ونبيه وأصحابه .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب





والده يجحد وجوب الصلاة ويسب الصحابة فما حكمه وكيف يتعامل معه ؟
الحمد لله الذي هدانا وأنعم علينا بنعمة الإسلام ، أنا بدأت بالالتزام منذ أشهر قليلة ، وأبي يحاربني في ذلك ، أبي لا يصلي ؛ لأنه لا يعترف أن الصلاة فرض ، بل ويسب بعض الصحابة ، ويتكلم عن السيدة عائشة ، ويتكلم بالسوء عن الصالحين أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية ، ويشكك في أي حديث شريف ، ويتحيز كثيراً للشيعة ، ويعاملني أنا وأمي وإخوتي معاملة سيئة ، بل ويهين أمي ، ولا يدع أخي الصغير يذهب إلى المسجد بحجة المذاكرة ، ويمنعني أن أتحدث إلى إخوتي في أمور الدين ، ولا يحب أن ينصحه أحد ، ولا يطيق سماع القرآن ، ولا سماع البرامج الدينية ، ويتهمها بالتضليل ، وكلما يراني أشاهد برنامجاً دينيّاً يغيِّر القناة . فما هو حكمه في الشرع ؟ وكيف أستطيع التعامل معه ؟ مع العلم أنه أنا والحمد لله أعامله معاملة طيبة ، وأدعو له ، ولكنه يهينني ، ويقول لإخوتي إنني إرهابي ، ويشجعهم على سماع الأغاني ، وعدم مشاهدة البرامج الدينية ، وعلى عدم سماع كلامي . أرجو الرد على سؤالي ، وجزاكم الله خيراً

الحمد لله
أولاً :
نسأل الله تعالى أن يُعظم أجرك في مصيبتك ، ونسأله تعالى أن يهدي والدك قبل أن يأتيه أجله .
أما حكم والدك : فقد أتى بأفعال وأقوال يوجب بعضها كفره وخروجه من الملة ، فكيف بها مجتمعة ؟! ومن ذلك : تركه للصلاة حتى لو كان كسلاً ، وجحده لفرضيتها ، وهذان أمران يكفرانه ، ويخرجانه من ملة الإسلام ، أما الأول : فعلى الصحيح من أقوال أهل العلم في حال تركها كسلاً ، وأما الثاني فبالاتفاق ، ولكن لا خلاف في أن تارك الصلاة إن تركها جحوداً لفرضيتها أنه كافر خارج من ملة الإسلام .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
أجمع العلماء على أن تارك الصلاة ، الجاحد لوجوبها كافر ، وأنه يقتل كفراً ما لم يتب .
" أضواء البيان " ( 4 / 335 ) .
ووالدك لم يترك الصلاة كسلاً ، بل تركها جحوداً لفرضيتها ، وإنه لو كان تركها كسلاً لكفر : فكيف وقد تركها جحوداً لها ؟! .

وأما سبُّه لبعض الصحابة : فالظاهر أنه لا يستثني في سبه إلا بعض الصحابة ! لا أنه يسبُّ بعضهم ، والذي ظهر لنا من سؤالك أن والدك معتقد لمذهب الرافضة الخبيث ، والذي يَحكم على الصحابة بالردة إلا عدداً قليلاً منهم ، وهذا موجب لكفرهم ؛ ومن لم يحكم بكفرهم من العلماء : فإنه يحكم بسجنهم حتى التوبة أو الموت .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
سب الصحابة على ثلاثة أقسام:
الأول : أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم ، أو أن عامتهم فسقوا : فهذا كفر ؛ لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم ، بل من شك في كفر مثل هذا : فإن كفره متعين ؛ لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار ، أو فساق .
الثاني : أن يسبهم باللعن والتقبيح ، ففي كفره قولان لأهل العلم ، وعلى القول بأنه لا يكفر : يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال .
الثالث : أن يسبهم بما لا يقدح في دينهم ، كالجبن والبخل : فلا يكفر ، ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك ، ذكر معنى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب " الصارم المسلول " ونقل عن أحمد في ( ص 573 ) قوله : " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم ، ولا يطعن على أحد منهم بعيب أو نقص ، فمن فعل ذلك : أُدب ، فإن تاب ، وإلا جلد في الحبس حتى يموت أو يرجع " .
" فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 5 / 83 ، 84 ) .
ومن لوازم الطعن في الصحابة رضي الله عنهم : الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الإسلام ، وفي رب العباد سبحانه وتعالى .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
إن سب الصحابة رضي الله عنهم ليس جرحاً في الصحابة رضي اله عنهم فقط ، بل هو قدح في الصحابة ، وفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي شريعة الله ، وفي ذات الله عز وجل :
- أما كونه قدحاً في الصحابة : فواضح .
- وأما كونه قدحاً في رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحيث كان أصحابه ، وأمناؤه ، وخلفاؤه على أمته من شرار الخلق .
وفيه قدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه آخر ، وهو تكذيبه فيما أخبر به من فضائلهم ومناقبهم .
- وأما كونه قدحاً في شريعة الله : فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم في نقل الشريعة : هم الصحابة ، فإذا سقطت عدالتهم : لم يبق ثقة فيما نقلوه من الشريعة .
- وأما كونه قدحاً في الله سبحانه : فحيث بعث نبيه صلى الله عليه وسلم في شرار الخلق ، واختارهم لصحبته ، وحمل شريعته ونقلها لأمت‍ه .
فانظر ماذا يترتب من الطوام الكبرى على سب الصحابة رضي الله عنهم .
ونحن نتبرأ من طريقة هؤلاء الروافض الذين يسبون الصحابة ويبغضونهم ، ونعتقد أن محبتهم فرض ، وأن الكف عن مساوئهم فرض ، وقلوبنا - ولله الحمد - مملوءة من محبتهم ؛ لما كانوا عليه من الإيمان ، والتقوى ، ونشر العلم ، ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول ، أو عمل .
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - ( 8 / 616 ) .
ولذا فلا عجب أن يحكم علماء الإسلام بالزندقة على كل من ينتقص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن حجر الهيتمي – رحمه الله - :
قال إمام عصره أبو زرعة الرازي - من أجلِّ شيوخ مسلم - : إذا رأيتَ الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله : فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به ألصق ، والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق .
" الصواعق المحرقة " ( 2 / 608 ) .
وكذلك يقال في قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه كفر وردة .
وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 954 ) .
ومن لم يسلم منه صحابة النبي صلى الله عليه فلن يسلم منه أئمة الهدى من بعدهم كالتابعين ومن تبعهم كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وبسبهم على الصحابة وطعنهم في دينهم فإنهم يحكمون على أنفسهم أنهم على دينٍ غير ديننا .
ثانياً :
أما عن كيفية التعامل مع والدك :
فلا بدَّ لك من سلوك طرق شتى في بيان الحق له ، والسعي الحثيث في هدايته ، ولا تيأس ولا تمل من هذا ، فهو باعتقاده وأقواله وأفعاله قد خرج من الإسلام خروجاً كليّاً ، وعليك تدارك الأمر بما تراه نافعاً له ، ونوجهك إلى أمورٍ ، منها :
1. وجوب التبرؤ من اعتقاده وأقواله وأفعاله .
2. التلطف في إيصال الحق له .
3. تنويع طريق الدعوة وبيان الحق ، فالمناظرات التي جرت بين أهل السنة وبين الرافضة كانت قاصمة ظهر لهم ، فيمكنك الاستعانة بها ، لتقنعه برؤيتها وسماعها ، وكذا يوجد من الأشرطة السمعية والكتب ما يكفي لدعوة هؤلاء المنتقصين من الصحابة ، وما يُرد به على شبهاتهم .
4. السعي نحو عدم تأثير والدك على أمك وأشقائك ، حتى لا تتوسع دائرة الكفر والردة .
5. الدفاع عن نفسك بأخلاقك وسلوكك الحسن معه ومع أهل بيتك .
6. عدم اليأس من هدايته ، والاستمرار في دعوته ، عن طريقك مباشرة ، وعن طريق غيرك ممن يعرفهم ويثق بهم من أهل السنَّة .
7. مداومة الدعاء له ، واختيار الأوقات الفاضلة كثلث الليل الآخر ، والأحوال الفاضلة كالسجود في الصلاة .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
كيف نعامل الرجل الذي يسب الأصحاب الثلاثة ؟ .
فأجابوا :
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة ، وقد أثنى الله عليهم في كتابه ، قال الله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ، وقال تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) ، إلى غير هذا من الآيات التي أثنى الله فيها على الصحابة ، ووعدهم بدخول الجنة ، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي من هؤلاء السابقين ، وممن بايع تحت الشجرة فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم نفسه لعثمان ، فكانت شهادة له ، وثقة منه به ، وكانت أقوى من بيعة غيره للنبي صلى الله عليه وسلم ، في أحاديث كثيرة إجمالاً وتفصيلاً ، وخاصة أبا بكر وعثمان وعليًّا ، وبشَّر هؤلاء بالجنة في جماعة آخرين من الصحابة ، وحذَّر من سبهم فقال : ( لا تسبُّوا أصحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه ) رواه مسلم في صحيحه من طريق أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ، - ورواه البخاري من حديث أبي هريرة - .
فمن سبَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو شتمهم ، وخاصة الثلاثة : أبا بكر وعمر وعثمان المسؤول عنهم : فقد خالف كتاب الله وسنة رسوله وعارضهما بمذمته إياهم ، وكان محروماً من المغفرة التي وعدها الله مَن تابعهم واستغفر لهم ودعا الله ألا يجعل في قلبه غلا على المؤمنين .
ومِن أجل ذمّه لهؤلاء الثلاثة وأمثالهم : يجب نصحه ، وتنبيهه لفضلهم ، وتعريفه بدرجاتهم وما لهم من قَدم صدق في الإسلام ، فإن تاب : فهو من إخواننا في الدين ، وإن تمادى في سبهم : وجب الأخذ على يده ، مع مراعاة السياسة الشرعية في الإنكار بقدر الإمكان ، ومن عجز عن الإنكار بلسانه ويده : فبقلبه ، وهذا هو أضعف الإيمان ، كما ثبت في الحديث الصحيح .
" فتاوى إسلامية " ( 1 / 12 ) .
ونسأل الله أن يوفقك في مسعاك ، وأن يثبتك على الحق ، وأن يهدي والدك .
والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب


والحمد لله الذى لا يحمد على مكروها سواه والصلاة والسلام على أشرف الخلق خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له وسلم.
أخوكم فى الله - أحمـــد شـــرارة

الاشبيلي
10.07.2010, 10:17
جزاك الله الفردوس الاعلى اخي احمد شرارة على هذا الموضوع القيم

أحمد شرارة
10.07.2010, 12:46
جزاك الله الفردوس الاعلى اخي احمد شرارة على هذا الموضوع القيم




وجزاك كل الحسن الطيب أخى الاشبيلى