تسجيل الدخول

اعرض النسخة الكاملة : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة


أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:07
الكتاب : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة
المؤلف : محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني
شهرته : الألباني
دار النشر : مكتبة المعارف
البلد : الرياض - المملكة العربية السعودية
الطبعة : الأولى
سنة الطبع : 1412 هـ / 1992 م
عدد الأجزاء : 14 مجلد (علمًا بأن كل مجلد قد ينقسم لأكثر من قسم، فمثلاً المجلد الأخير 14 ينقسم إلى: القسم الأول، والقسم الثاني، والقسم الثالث، وقد طبع كل قسم منهم في مجلد مستقل، فيصبح المجلد 14 وحده 3 مجلدات! وهكذا).
التصنيف : حديث - أحاديث ضعيفة وموضوعة
العلم : الحديث وعلومه
ملاحظات :
1 - الكتاب موافق للمطبوع
2 - يمكن الانتقال برقم الجزء والصفحة، أو برقم الحديث
3 - للكتاب نسخة مصورة على موقع المكتبة الوقفية : http://www.waqfeya.com/open.php?cat=21&book=499
[ أعد الكتاب للموسوعة الشاملة مجموعة متطوعين من ملتقى أهل الحديث على الشبكة : http://www.ahlalhdeeth.com ]

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:20
تمهيد في الأحاديث الضعيفة والموضوعة

من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم، لا أستثني أحداً منهم، ولو كانوا علماءهم، إلا من شاء اللّه منهم من أئمة الحديث ونقاده. كالبخاري، وأحمد، وابن معين، وأبي حاتم الرازي، وغيرهم.
وقد أدَّى انتشارها إلى مفاسد كثيرة، منها ما هو من الأمور الاعتقادية الغيبية، ومنها ما هو من الأمور التشريعية، وسيرى القارئ الكريم الأمثلة
الكثيرة لما ندَّعيهِ في كثير من الأحاديث الآتية إن شاء اللّه تعالى.
وقد اقتضت حكمة العليم الخبير سبحانه وتعالى أن لا يدعَ لهذه الأحاديث التي اختَلَقَها المُغْرِضونَ لغايات شتى؛ تسري بين المسلمين
دون أن يُقَيِّضَ لها من يكشف القناع عن حقيقتها، ويبين للناس أمرها، أولئك هم أئمة الحديث الشريف، وحامِلو ألوية السنة النبوية الذين دعا
لهم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
"نَضَّرَ اللّه امرءاً سمِعَ مقالَتي؛ فوعاها، وحفظها، وبلَّغها، فربَّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه " (1) .
فقد قام لهؤلاء الأئمة- جزاهم اللّه عن المسلمين خيراً- ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة، أو ضعف، أو وضع، وأصَّلوا أصولاً متينة، وقعَّدوا قواعد رصينة، مَن أتقنها وتضلَع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث، ولو لم ينصُّوا عليه، و ذلك هو علم أصول الحديث، أو مصطلح الحديث.
وألَف المتأخرون منهم كتباً خاصة للكشف عن الأحاديث، وبيان حالها، أشهرها وأوسعها كتاب "المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة" للحافظ السخاوي، ونحوها كتب التخريجات، فإنها تبيِّن حال الأحاديث الورادة في كتب مَن ليس من أهل الحديث، وما لا أصل له من تلك الأحاديث، مثل كتاب: "نصب الراية لأحاديث الهداية" للحافظ الزيلعي، و"المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الِإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي، و"التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير" للحافظ ابن حجر العسقلاني، و "تخريج أحاديث الكشاف " له، و "تخريج أحاديث الشفاء" للشيخ السيوطي، وكلها مطبوعة.
ومع أن هؤلاء الأئمة- جزاهم اللّه خيراً- قد سهَّلوا السبيل لمن بعدهم من العلماء والطلاب ,
____________
(1) أخرجه أبو داود، والترمذي وصححه- والسياق له-، وابن حبان في "صحيحه " عن ابن مسعود.
وقد ثبت عن جماعة من الصحابة بنحو. فانظر "التعليق الرغيب " (1/63) ، و "الصحيحة " (404) .

حتى يعرفوا درجة كل حديث بهذه الكتب وأمثالها، فإننا نراهم- مع الأسف الشديد- قد انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة، فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التي حفظوها عن مشايخهم، أو يقرؤونها في بعض الكتب التي لا تتحرى الصحيح الثابت، ولذلك لا نكاد نسمع وعظاً لبعض المرشدين، أو محاضرة لأحد الأساتذة، أو خطبة من خطيب؛ إلا ونجد فيها شيئاً من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهذا أمر خطير، يُخشى عليهم جميعاً أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم - : "مَن كذب عليَّ متعمداً (1) فَلْيَتَبَوَّأ مقعده من النار". [حديث صحيح متواتر].
فإنهم، وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة، ففد ارتكبوه تبعاً؛ لنقلهم الأحاديث التي يقفون عليها جميعها، وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف
وما هو مكذوب قطعاً، وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَفى بالمرء كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بكل ما سمعَ ".
___________
(1) لفظة "متعمداً" صحيحة ثابتة في الحديث، وإن حاول التشكيك بها مؤلف كتاب "الأضواء " بل إنه جزم ببطلانها، وأنها من وضع بعض المحدثين؛ ليروج بها قوله: إنه يجوز رواية الحديث بالمعنى!
وإنكار المؤلف المذكور لها لا يدل فقط على جهله بالحديث وطرقه، بل إنه يدل على جهله أيضاً بأصول الشريعة وقواعدها، فإن هذه اللفظة لو لم ترد في الحديث مطلقاً؛ فإن تقديرها في الحديث لا مناص منه كما لا يخفى، وإلا كان المؤلف المذكور أول من يشمله الحديث؛ لأنه- على الأقل- ليس معصوماً من الخطأ في رواية حديث ما!

رواه مسلم في "مقدمة صحيحه " (1/8) ، وغيره من حديث أبي هريرة.
ثم رُوي عن الِإمام مالك أنه قال:
"اعلم أنه ليس يَسْلَمُ رجلٌ حدَّث بكل ما سمعَ، ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدِّث بكل ما سمع ". وقال الِإمام ابن حبان في "صحيحه " (ص 27) :
"فصل: ذكر إيجاب دخول النار لمن نَسَبَ الشيء إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بصحته ".
ثم ساق بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً:
"مَن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار".
وسنده حسن، وأصله في "الصحيحين " بنحوه. ثم قال:
"ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه في الباب المتقدم ".
ثم ساق بسنده عن سمرة بن جندب قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -:
"مَن حدّثَ عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ". وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم في "مقدمة صحيحه " (1/7)
من حديث سمرة والمغيرة بن شعبة معاً، وقال:
"إنه حديث مشهور". ثم قال ابن حبان:
"ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه ".
ثم ساق حديث أبي هريرة الأول.
فتبين مما أوردنا أنه لا يجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها، وأن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:
"إن كذباً على ليس كَكَذِبٍ على أحدٍ ، فمَن كَذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار".
رواه مسلم وغيره.
ولخطورة هذا الأمر، رأيت أن أساهم في تقريب سبيل الاطلاع على الأحاديث التي نسمعها في هذا العصر، أو نقرأها في كتاب متداول، مما
ليس له أصل يثبت عند المحدثين، أو له أصل موضوع، لعل في ذلك تحذيراً وتذكيراً لمن يتذكر أو يخشى.
ولم أتقيد في سوقها بترتيب خاص، بل حسبما اتفق. ولذلك فإني أبتدئها بذكر حديثين قرأتهما في مقال نشر في العدد (2404) من "جريدة
العلم " الغراء، لأحد المرشدين الفضلاء في صدد بحث له مفيد في إسراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعراجه إلى السماء، والله ولي التوفيق.

دمشق، رمضان سنة 1374 هـ
محمد ناصر الدين الألباني

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:24
1- ( الدين هو العقل ، ومن لا دين له لا عقل له ) .

باطل .

أخرجه النسائي في " الكنى " وعنه الدولابي في " الكنى والأسماء " ( 2 / 104 ) عن أبي مالك بشر بن غالب بن بشر بن غالب عن الزهري عن مجمع بن جارية عن عمه مرفوعا دون الجملة الأولى " الدين هو العقل " وقال النسائي : هذا حديث باطل منكر .
قلت : وآفته بشر هذا فإنه مجهول كما قال الأزدي ، وأقره الذهبي في " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " والعسقلاني في " لسان الميزان " .
وقد أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده ( ق 100 / 1 - 104 / 1 - زوائده ) عن داود بن المحبر بضعا وثلاثين حديثا في فضل العقل ، قال الحافظ ابن حجر : كلها موضوعة ، ومنها هذا الحديث كما ذكره السيوطي في " ذيل اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 - 10 ) ونقله عنه العلامة محمد طاهر الفتني الهندي في " تذكرة الموضوعات " ( ص 29 - 30 ) .
وداود بن المحبر قال الذهبي : صاحب " العقل " وليته لم يصنفه ، قال أحمد : كان لا يدري ما الحديث ، وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث غير ثقة ، وقال الدارقطني : متروك ، وروى عبد الغنى بن سعيد عنه قال : كتاب " العقل " وضعه ميسرة بن عبد ربه ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة ، وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء ، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي .
ومما يحسن التنبيه عليه أن كل ما ورد في فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها شيء ، وهي تدور بين الضعف والوضع ، وقد تتبعت ما أورده منها أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه " العقل وفضله " فوجدتها كما ذكرت لا يصح منها شيء ، فالعجب من مصححه الشيخ محمد زاهد الكوثري كيف سكت عنها ؟ ! بل أشار في ترجمته للمؤلف ( ص 4 ) إلى خلاف ما يقتضيه التحقيق العلمي عفا الله عنا وعنه .
وقد قال العلامة ابن القيم في " المنار " ( ص 25 ) : أحاديث العقل كلها كذب .
وانظر الحديث ( 370 و5644 ) .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:27
2 - ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا ) .

باطل .

وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، ولا من جهة متنه . أما إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية ) والقضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 2 / 414 ) و" الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس عن ابن عباس .
وهذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا - وهو ابن أبي سليم - فإنه ضعيف ، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك .
وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
وقال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
قلت : وقد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره ( 20 / 92 ) من طريق أخرى عن ابن عباس موقوفا عليه من قوله ، ولعله الصواب وإن كان في سنده رجل لم يسم .
ورواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " ( ص 159 ) والطبراني في " المعجم الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ : " من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا " .
وسنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف ، ثم رأيته في معجم ابن الأعرابي قال ( 193 / 1 ) ، أنبأنا عبد الله - يعني ابن أيوب المخرمي - أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
وهذا مرسل ، وإسماعيل هو ابن مسلم ، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة ، وإن كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف ، لكن قال الحافظ العراقي : رواه علي بن معبد في كتاب " الطاعة والمعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح .
قلت : يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح ، ولا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند جمهو ر علماء الحديث ، ولا سيما إذا كان من مرسل الحسن وهو البصري ، قال ابن سعد في ترجمته : كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة .
وحتى إنه لوفرض أن الحسن وصل الحديث وأسنده ولم يصرح بالتحديث
أو بسماعه من الذي أسنده إليه كما لوقال : عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة ، فكيف لوأرسله كما في هذا الحديث ؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " : كان الحسن كثير التدليس ، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه ولا سيما عمن قيل : إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة ونحوه ، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في
جملة المنقطع .
على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " ( ص 264 ) وإسناده صحيح ، وكذلك رواه ابن جرير ( 20 / 92 ) من طرق عنه وهو الصواب .
ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) من طريق مقدام بن داود قال : أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا ، ومقدام هذا قال النسائي : ليس بثقة ، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد وكان ثقة فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي وإلا فلا يصح .
وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما صح من قول ابن مسعود والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس . ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما .
وقال ابن عروة في " الكواكب " : إنه الأصح .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين وابن عباس وابن مسعود والحسن مرفوعا : والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم .
قلت : وسيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى وهو بهذا اللفظ إلا أنه قال : " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " وهو منكر أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم ( 985 ) .
وأما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة ، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
وقوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
وهذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان ، وحينئذ فليس له صلاة شرعا ، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : { إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت : 45 ) وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد والبزار والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) والبغوي في حديث علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " ( 31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها - ولم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة.
ولذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا ومتنا والله أعلم .
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي وقال : ومثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان والشرائط ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : " ستمنعه صلاته " واستصوب الشيخ أحمد كلام الجاربردي هذا وقال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في
الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة ويزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال :
قلت : وحمل الحديث على المبالغة والتهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره وأما على اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : ويشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى { إن الحسنات يذهبن السيئات } .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه ، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه وإن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا وهو الحق وكلامه المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2 ) وقد نقل الذهبي في " الميزان " ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث : كذب وزور .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:30
3 - " همة الرجال تزيل الجبال " .

ليس بحديث .

قال الشيخ إسماعيل العجلونى في " كشف الخفاء " : لم أقف على أنه حديث ، لكن نقل بعضهم عن الشيخ أحمد الغزالي أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " همة الرجال تقلع الجبال " فليراجع .
قلت : قد راجعنا مظانه في كتب السنة فلم نجد له أصلا ، وإيراد الشيخ أحمد الغزالي له لا يثبته ، فليس هو من المحدثين ، وإنما هو مثل أخيه محمد من فقهاء الصوفية ، وكم في كتاب أخيه " الإحياء " من أحاديث جزم بنسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي مما يقول الحافظ العراقي وغيره فيها : لا أصل له منها .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:32
4 - ( الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهائم الحشيش ) .

لا أصل له .

أورده الغزالي في " الإحياء " ( 1 / 136 ) فقال مخرجه الحافظ العراقي : لم أقف له على أصل وبيض له الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 73 / 95 و130 / 176 ) .
وقال عبد الوهاب بن تقى الدين السبكي في " طبقات الشافعية " ( 4 / 145 - 147 ) : لم أجد له إسنادا .
والمشهور على الألسنة : " الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " وهو هو .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:44
5 - ( ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا لله إلا عوضه منه ما هو خير له فى دينه ودنياه ) .

موضوع بهذا اللفظ .

وقد سمعته في كلمة ألقاها بعض الأفاضل من إذاعة دمشق في هذا الشهر المبارك شهر رمضان !
أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 2 / 196 ) وعنه الديلمي ( 4 / 27 ـ الغرائب الملتقطة ) والسلفي في " الطيوريات " ( 200 / 2 ) وابن عساكر ( 3 / 208 / 2 و15 / 70 / 1 ) من طريق عبد الله بن سعد الرقي حدثتني والدتي مروة بنت مروان قالت حدثتني والدتي عاتكة بنت بكار عن أبيها قالت : سمعت الزهري يحدث عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره وقال أبو نعيم عقبه : حديث غريب.
وأقول : أن إسناده موضوع ، فإن من دون الزهري لا ذكر لهم في شيء من كتب الحديث غير عبد الله بن سعد الرقي فإنه معروف ، ولكن بالكذب !
قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " وتبعه الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في " لسان الميزان " : كذبه الدارقطني وقال : كان يضع الحديث وهاه أحمد بن عبدان .
وفيه علة أخرى وهي جهالة بكار هذا وهو ابن محمد وفي ترجمته أورده ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .
نعم صح الحديث بدون قوله في آخره " في دينه ودنياه " .
أخرجه وكيع في " الزهد " ( 2 / 68 / 2 ) وعنه أحمد ( 5 / 363 ) والقضاعي في " مسند الشهاب " ( رقم 1135 ) بلفظ :
" إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه " .
وسنده صحيح على شرط مسلم .
وأخرجه الأصبهاني أيضا في " الترغيب " ( 73 / 1 ) ثم روى له شاهدا من حديث أبي
ابن كعب بسند لا بأس به في الشواهد .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:46
6 - " تنكبوا الغبار فإنه منه تكون النسمة " .

لا أعلم له أصلا .

أورده ابن الأثير في مادة نسم من " النهاية " وذكر أنه حديث ! ولا أعرف له أصلا مرفوعا وقد روى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ( 8 / 2 / 198 ) فقال : وقال عبد الله بن صالح المصري عن حرملة بن عمران عمن حدثهم عن ابن سندر مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أقبل عمرو بن العاص وابن سندر معهم ، فكان ابن سندر ونفر معه يسيرون بين يدي عمرو بن العاص فأثاروا الغبار ، فجعل عمرو طرف عمامته على أنفه ثم قال : اتقوا الغبار فإنه أو شك شيء دخولا ، وأبعده خروجا ، وإذا وقع على الرئة صار نسمة .
وهذا مع كونه موقوفا لا يصح من قبل سنده لأمور : الأول : أن ابن سعد علقه ، فلم يذكر الواسطة بينه وبين عبد الله بن صالح .
الثاني : أن ابن صالح فيه ضعف وإن روى له البخاري فقد قال ابن حبان : كان في نفسه صدوقا ، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له ، فسمعت ابن خزيمة يقول : كان بينه وبينه عداوة ، كان يضع الحديث على شيخ ابن صالح ، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ، ويرميه في داره بين كتبه ، فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به ! .
الثالث : أن الواسطة بين حرملة وابن سندر لم تسم فهي مجهولة .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 15:48
7 - " اثنتان لا تقربهما : الشرك بالله والإضرار بالناس " .

لا أصل له .

وقد اشتهر بهذا اللفظ ولم أقف عليه في شيء من كتب السنة ، ولعل أصله ما في " الإحياء " للغزالي ( 2 / 185 ) قال صلى الله عليه وسلم : " خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر : الشرك بالله والضر لعباد الله ، وخصلتان ليس فوقهما شيء من البر : الإيمان بالله ، والنفع لعباد الله " .
وهو حديث لا يعرف له أصل .
قال العراقي في تخريجه : ذكره صاحب الفردوس من حديث علي ، ولم يسنده ولده في مسنده .
ولهذا أورده السبكي في الأحاديث التي وقعت في " الإحياء " ولم يجد لها إسنادا ( 4 / 156 ) .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 16:04
8 - " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " .

لا أصل له مرفوعا .

وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة حتى إن الشيخ عبد الكريم العامري الغزي لم يورده في كتابه " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث " .
وقد وجدت له أصلا موقوفا ، رواه ابن قتيبة في " غريب الحديث " ( 1 / 46 / 2 ) حدثني السجستاني حدثنا الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن العيزار عن عبد الله بن عمرو أنه قال : فذكره موقوفا عليه إلا أنه قال : " احرث لدنياك " إلخ .
وعبيد الله بن العيزار لم أجد من ترجمه .
ثم وقفت عليها في " تاريخ البخاري " ( 3 / 394 ) و" الجرح والتعديل " ( 2 / 2 / 330 ) بدلالة بعض أفاضل المكيين نقلا عن تعليق للعلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله تعالى وفيها يتبين أن الرجل وثقه يحيي بن سعيد القطان وأنه يروي عن الحسن البصري وغيره من التابعين فالإسناد منقطع .
ويؤكده أنني رأيت الحديث في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي ( ق 130 / 2 ) من طريق أخرى عن ابن العيزار قال : لقيت شيخا بالرمل من الأعراب كبيرا فقلت : لقيت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، فقلت : من ؟ فقال : عبد الله بن عمرو بن العاص ....
ثم رأيت ابن حبان قد أورده في " ثقات أتباع التابعين " ( 7 / 148 ) .
ورواه ابن المبارك في " الزهد " من طريق آخر فقال ( 218 / 2 ) : أنبأنا محمد ابن عجلان عبد الله بن عمرو بن العاص قال : فذكره موقوفا ، وهذا منقطع وقد روي مرفوعا ، أخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 19 ) من طريق أبي صالح حدثنا الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره في تمام حديث أوله : " إن هذا الدين متين فأو غل فيه برفق ، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك ، فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى ، فاعمل عمل امريء يظن أن لن يموت أبدا ، واحذر حذر ( امريء ) يخشى أن يموت غدا " .
وهذا سند ضعيف وله علتان جهالة مولى عمر بن عبد العزيز وضعف أبي صالح وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث كما تقدم في الحديث ( 6 ) .
ثم إن هذا السياق ليس نصا في أن العمل المذكور فيه هو العمل للدنيا ، بل الظاهر منه أنه يعني العمل للآخرة ، والغرض منه الحض على الاستمرار برفق في العمل الصالح وعدم الانقطاع عنه ، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم : " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " متفق عليه والله أعلم .
هذا والنصف الأول من حديث ابن عمرو رواه البزار ( 1 / 57 / 74 ـ كشف الأستار ) من حديث جابر ، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 62 ) : وفيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب .
قلت : ومن طريقه رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتابه " الأمثال " ( رقم 229 ) .
لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم : " إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا ... " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا .
وقد روى الحديث بنحوه من طريق أخرى وسيأتي بلفظ ( أصلحوا دنياكم ... ) ( رقم 878 ) .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 16:05
9 - " أنا جد كل تقي " .

لا أصل له .

سئل عنه الحافظ السيوطي فقال : لا أعرفه ذكره في كتابه " الحاوي للفتاوي " ( 2 / 89 ) .

أبوحمزة السيوطي
10.04.2010, 16:06
10 - " إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال " .

موضوع .

رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا ، قال الحافظ العراقي ( 2 / 56 ) : وفيه محمد بن سهل العطار ، قال الدارقطني : يضع الحديث .
قلت : وهذا من الأحاديث الموضوعة التي شان بها السيوطي كتابه " الجامع الصغير " خلافا لما تعهد به في مقدمته فقال : وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب ، فإنه عفا الله عنا وعنه لم يف بما تعهد به ، وفي النية إذا يسر الله لنا أن نتوجه إلى تطهيره من تلك الأحاديث وجمعها في كتاب خاص ونشره على الناس حتى يكونوا على حذر منها .
هذا وقد قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في شرحه لـ" الجامع ، " فيض القدير " بعد أن نقل ما ذكرته عن العراقي : فكان ينبغي للمصنف حذفه .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:10
11 - " إنما بعثت معلما " .

ضعيف .

أخرجه الدارمي ( 1 / 99 ) من طريق عبد الله بن يزيد - وهو أبو عبد الرحمن المقري - وابن وهب في " المسند " ( 8 / 164 / 2 ) وعبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 220 / 2 ) وعنه الحارث في مسنده ( ص 16 من " زوائده " ) والطيالسي ( ص 298 رقم 2251 ) كلهم عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلسين في مسجده فقال : " كلاهما على خير وأحدهما أفضل من صاحبه ، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه ، فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم ، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه والعلم ويعلمون الجاهل فهم أفضل وإنما بعثت معلما " .
وهذا سند ضعيف فإن عبد الرحمن بن زياد وابن رافع ضعيفان كما قال الحافظ ابن حجر في " تقريب التهذيب " ورواه ابن ماجه ( 1 / 101 ) من طريق داود بن الزبرقان عن بكر بن خنيس عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو به .
وهذا سند أشد ضعفا من الأول ، فإن كل من دون عبد الله بن يزيد ضعفاء ، وقد خالفوا الثقات فجعلوا أو أحدهم جعل عبد الله بن يزيد - المعافري الحبلي الثقة - مكان عبد الرحمن بن رافع الضعيف .
وقال البوصيري في " الزوائد " ( ق 16 / 2 ) : فيه داود وبكر وعبد الرحمن وهم ضعفاء .
وقال العراقي في " تخريج الإحياء " : سنده ضعيف .
وقد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر والتمايل يمنة ويسرة وأماما وخلفا مما هو غير مشروع باتفاق المتقدمين ، ومع أن الحديث لا يصح كما علمت ، فليس فيه هذا الذي زعموه ، بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى ، وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث ، وهي لا تفيد أيضا إلا مطلق الاجتماع ، أما ما يضاف إليه من التحلق وما قرن معه من الرقص فكله بدع وضلالات يتنزه الشرع عنها .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:10
12 - " أوحى الله إلى الدنيا : أن اخدمي من خدمني ، وأتعبي من خدمك " .

موضوع .

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 8 / 44 ) واللفظ له والحاكم في " معرفة علوم الحديث " ( ص 101 ) من طرق عن الحسين بن داود بن معاذ البلخي قال حدثنا الفضيل بن عياض قال حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا .
قال الخطيب : تفرد بروايته الحسين عن الفضيل ، وهو موضوع ، ورجالهم كلهم ثقات سوى الحسين بن داود ، ولم يكن ثقة ، فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أكثرها موضوع .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:12
13 - " أهل الشام سوط الله في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء من عباده ، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ، ولا يموتوا إلا غما وهما " .

ضعيف .

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4163 ) من طريقين عن الوليد بن مسلم عن محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس عن أبيه عن خريم بن فاتك الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
وهذا إسناد ظاهره الصحة ولعله لذلك احتج به شيخ الإسلام ابن تيمية في فصل له في " فضائل الشام " ( ق 259 / 1 من مسودته ) وليس بصحيح فإن له علتين : الأولى : عنعنعة الوليد فإنه يدلس تدليس التسوية ، قال الذهبي في " الميزان " : " إذا قال الوليد : عن ابن جريج أو عن الأو زاعى فليس بمعتمد لأنه يدلس عن كذابين فإذا قال : " ثنا " فهو حجة "
وقال الحافظ في " التقريب " : هو ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية .
الأخرى : الوقف فقد رواه موقوفا هيثم بن خارجة قال : حدثنا محمد بن أيوب به موقوفا على خريم .
أخرجه أحمد ( 3 / 498 ) وسنده صحيح ، وأو هم ابن تيمية أنه مرفوع وليس كذلك .
والحديث أورده المنذري في " الترغيب والترهيب " ( 4 / 63 ) وقال : رواه الطبراني مرفوعا وأحمد موقوفا ولعله الصواب ، ورواتهما ثقات .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:13
14 - " إياكم وخضراء الدمن ، فقيل : وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء فى المنبت السوء " .

ضعيف جدا .

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 81 / 1 ) من طريق الواقدي قال : أنبأنا يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجيزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري ، وأورده الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 38 ) وقال مخرجه العراقي : رواه الدارقطني في " الأفراد " والرامهرمزى في " الأمثال " من حديث أبي سعيد الخدري ، قال الدارقطني : تفرد به الواقدى وهو ضعيف .
وذكر نحوه ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ( ق 118 / 1 ) .
قلت : بل هو متروك فقد كذبه الإمام أحمد والنسائي وابن المديني وغيرهم .
ولا تغتر بتوثيق بعض المتعصبين له ممن قدم لبعض كتبه ، وغيره من الحنفية ، فإنه على خلاف القاعدة المعروفة عند المحدثين : الجرح المبين مقدم على التعديل ولذا حكم الكوثري بوضعه كما سيأتي تحت الحديث ( 25 ) .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:46
15 - " الشام كنانتي فمن أرادها بسوء رميته بسهم منها " .

لا أصل له في المرفوع .

ولعله من الإسرائيليات ، فقد أخرج الحافظ أبو الحسن الربعي في " فضائل الشام " ( ص 3 ) عن عون بن عبد الله بن عتبة قال : قرأت فيما أنزل الله عز وجل على بعض الأنبياء أن الله تعالى يقول : الشام كنانتي فإذا غضبت على قوم رميته منها بسهم .
وفي سنده المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبد الله وهو ضعيف لاختلاطه ، وجماعة آخرون لم أجد من ترجمهم ، ويروى مثل هذا المعنى في مصر أيضا ولا أصل له في المرفوع أيضا كما يشير إليه كلام السخاوي في " المقاصد الحسنة ".

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:48
16 - " صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس : الأمراء والفقهاء ، [ وفي رواية : العلماء ] " .

موضوع .

أخرجه تمام في " الفوائد " ( 238 / 1 ) وأبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 96 ) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1 / 184 ) من طريق محمد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا .
وهذا سند موضوع محمد بن زياد هذا قال أحمد : كذاب أعور يضع الحديث وقال ابن معين والدارقطني : كذاب وكذبه أبو زرعة أيضا وغيره .
والحديث مما أورده السيوطي في " الجامع " خلافا لشرطه ! وأورده الغزالي في " الإحياء " ( 1 / 6 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم ! وقال مخرجه الحافظ العراقي بعد أن عزاه لابن عبد البر وأبي نعيم : سنده ضعيف .
( تنبيه ) :
ولا منافاة بين قول الحافظ هذا وبين حكمنا عليه بالوضع إذ أن الموضوع من أنواع الحديث الضعيف كما هو مقرر في علم المصطلح .

ومن أحاديث هذا الكذاب :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:49
17 - " من أذنب وهو يضحك دخل النار وهو يبكي " .

موضوع .

أخرجه أبو نعيم أيضا ( 4 / 96 ) من طريق عمر بن أيوب حدثنا أبو إبراهيم الترجمان حدثنا محمد بن زياد اليشكري بإسناده المتقدم .
وهو من الأحاديث التي سود بها السيوطي أيضا كتابه " الجامع الصغير " ! وقال شارحه المناوي : وفيه عمر بن أيوب قال الذهبي : جرحه ابن حبان .
قلت : وعمر هذا الظاهر أنه المزني وهاه الدارقطني كما في " الميزان " و" لسانه " فالحمل في الحديث على اليشكري أولى .
ثم رأيته في " الحلية ( 6 / 185 ) عن بكر بن عبد الله المزني من قوله وهو الأشبه .

ومن أحاديث هذا الكذاب أيضا :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:50
18 - " اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تلهي الجن عن صبيانكم " .

موضوع .

أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 288 / 2 ) والخطيب ( 5 / 279 ) وابن عساكر ( 17 / 469 ) من طريق محمد بن زياد بإسناده السابق عن ابن عباس .
وهو من أحاديث " الجامع الصغير " أيضا ! وقد عزاه فيه للخطيب والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عباس وابن عدي عن أنس فتعقبه شارحه المناوي بقوله : وقضيته أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه ، فإنه عقبه بنقله عن أحمد وابن معين وغيرهما أن محمد بن زياد كان كذابا يضع الحديث
انتهى .
وقال ابن حجر : فيه محمد بن زياد اليشكري كذبوه ، وفي " الميزان " كذاب وضاع ثم أورد له هذا الخبر ، وابن عدي رواه من حديث عثمان بن مطر عن ثابت عن أنس بن مالك قال في الميزان عن ابن حبان بعد ما ساق له هذا الخبر : يروي الموضوعات عن الأثبات ، ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتبعه المؤلف في " مختصر الموضوعات " ساكتا عليه ، وحكاه عنه في " الكبير " وأقره فكان ينبغي حذفه من هذا الكتاب وفاء بشرطه .
وممن جزم بوضعه ابن عراق والهندي وغيرهما .
قلت : ومنهم ابن القيم في " المنار " ( 39 ) .

ومن أحاديث اليشكري الكذاب هذا :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:51
19 - " زينوا مجالس نسائكم بالمغزل " .

موضوع .

أخرجه ابن عدي ( 288 / 2 ) والخطيب ( 5 / 380 ) عن اليشكري بسنده المتقدم عن ابن عباس مرفوعا وقال ابن عدي : اليشكري هذا بين الأمر في الضعفاء يروي عن ميمون أحاديث مناكير لا يرويها غيره ولا يتابعه أحد من الثقات عليها .
ومن طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 277 ) وأقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 179 ) .

ونحو هذا الحديث :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 07:53
20 - " زينوا موائدكم بالبقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية " .

موضوع .

أخرجه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " ( 2 / 229 / 1 ) وابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " ( 2 / 186 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 216 ) وغيرهما من طريق العلاء بن مسلمة عن إسماعيل ابن مغراء الكرماني عن ابن عياش عن برد عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا .
قلت : وهذا موضوع ، وآفته العلاء هذا ، قال الذهبي في " الميزان " : قال الأزدي : لا تحل الرواية عنه كان لا يبالي ما روى ، وقال ابن طاهر : كان يضع الحديث ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات ، وتمام كلام ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به بحال .
والحديث مما شان به السيوطي " جامعه " فأورده من طريق ابن حبان في " الضعفاء " والديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي أمامة ، وقال شارحه المناوي : وفيه إسماعيل بن عياش مختلف فيه عن برد بن سنان أورده الذهبي في الضعفاء .
ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي مصرحا فلوعزاه له لكان أولى .
قلت : لقد أبعد الشارح النجعة فعلة الحديث ممن دون من ذكرهم كما عرفت ، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 298 ) من طريق ابن حبان عن العلاء بن مسلمة به ، ثم قال ابن الجوزي :
لا أصل له ، العلاء يضع ... وذكر ما تقدم نقله عن " الميزان " .
فتعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " ( 2 / 12 ) بقوله : قلت : روى له الترمذي.
قلت : وهذا تعقب لا طائل تحته مع ثبوت جرح الرجل فرواية الترمذي عنه لا تعدله وكم في رواته من مجروحين ومتهمين كما لا يخفى على العارفين بتراجم رواة الحديث .
ثم ساق له السيوطي في " اللآليء " طريقا أخرى من رواية واثلة بن الأسقع مرفوعا وفيه الحسن بن شبيب المكتب ، قال الذهبي في " الميزان " : هو آفة هذا الحديث قال فيه ابن عدي : حدث بالبواطيل عن الثقات وقد جزم ابن القيم في " المنار " ( ص 32 ) بأن الحديث موضوع ، أورده في التنبيه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا ، ثم قال ( ص 35 ) : ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه .
ثم ذكر أحاديث ؛ هذا منها .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:16
21 - " حسبي من سؤالي علمه بحالي " .

لا أصل له .

أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهو من الإسرائيليات ولا أصل له في المرفوع ، وقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيرا لضعفه فقال : روي عن كعب الأحبار : " أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ... لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟
قال : أما إليك فلا ، قال جبريل : فسل ربك ، فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه بحالي " .

وقد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية فقال : سؤالك منه يعني الله الله تعالى اتهام له ، وهذه ضلالة كبري ! فهل كان الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة ؟ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهو ي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ، ربنا ... ) إلى آخر الآيات وكلها أدعية ، وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى ، والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة بغض النظر عن ماهية الحاجة المسؤولة ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " الدعاء هو العبادة ، ثم تلا قوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } " ذلك لأن الدعاء يظهر عبودية العبد لربه وحاجته إليه ومسكنته بين يديه ، فمن رغب عن دعائه ، فكأنه رغب عن عبادته سبحانه وتعالى ، فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به والحض عليه حتى قال صلى الله عليه وسلم :
" من لا يدع الله يغضب عليه " .
أخرجه الحاكم ( 1 / 491 ) وصححه ووافقه الذهبي .
قلت : وهو حديث حسن ، وتجد بسط الكلام في تخريجه وتأكيد تحسينه والرد على من زعم من إخواننا أنني صححته وغير ذلك من الفوائد في " السلسلة الأخرى " ( رقم 2654 ) .
وقالت عائشة رضي الله عنها : " سلوا الله كل شيء حتى الشسع ، فإن الله عز وجل ، إن لم ييسره لم يتيسر " .
أخرجه ابن السني ( رقم 349 ) بسند حسن ، وله شاهد من حديث أنس عند الترمذي ( 4 / 292 ) وغيره وضعفه وهو مخرج فيما سيأتي برقم ( 1362 ) .
وبالجملة فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين ؟ !
ثم وجدت الحديث قد أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " وقال ( 1 / 250 ) : قال ابن تيمية موضوع .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:18
22 - " توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم " .

لا أصل له .

وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " . ومما لا شك فيه أن جاهه صلى الله عليه وسلم ومقامه عند الله عظيم ، فقد وصف الله تعالى موسى بقوله : { وكان عند الله وجيها } ، ومن المعلوم أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ، فهو بلا شك أو جه منه عند ربه سبحانه وتعالى ، ولكن هذا شيء والتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم شيء آخر ، فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم ، إذ أن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم
يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه ، وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل إذ أنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها فلابد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة ، وهذا مما لا سبيل إليه البتة ، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين : صحيح وضعيف ، أما الصحيح فلا دليل فيه البتة على المدعى مثل توسلهم به صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ، وتوسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم فإنه توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم لا بجاهه ولا بذاته صلى الله عليه وسلم ، ولما كان التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن كان بالتالي التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن وغير جائز .
ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر توسلوا بعمه صلى الله عليه وسلم العباس ، ولم يتوسلوا به صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ولذلك توسلوا بعده صلى الله عليه وسلم بدعاء عمه لأنه ممكن ومشروع ، وكذلك لم ينقل أن أحدا من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى ، ذلك لأن السر ليس في قول الأعمى : ( اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة ) .
وإنما السر الأكبر في دعائه صلى الله عليه وسلم له كما يقتضيه وعده صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء له ، ويشعر به قوله في دعائه " اللهم فشفعه في " أي اقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم أي دعاءه في " وشفعني فيه " أي اقبل شفاعتي أي دعائي في قبول دعائه صلى الله عليه وسلم في ، فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز ، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع ، ولهذه أنكره الإمام أبو حنيفة فقال : أكره أن يسأل الله إلا بالله ، كما في " الدر المختار " وغيره من كتب الحنفية .
وأما قول الكوثري في مقالاته ( ص 381 ) : وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أو ائل " تاريخ الخطيب " بسند صحيح فمن مبالغاته بل مغالطاته فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب ( 1 / 123 ) من
طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : إنى لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره ، وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقضى .
فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، ويحتمل أن يكون هو عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسى وقد ترجمه الخطيب ( 12 / 226 ) وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة ( 341 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال ، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة ( 247 ) على أكثر الأقوال ، فبين وفاتيهما نحومائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه .
وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " معنى هذه الرواية ثم أثبت بطلانها فقال ( ص 165 ) : هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل ، فالشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا ، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء ، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده ؟ ! ثم ( إن ) أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره ، ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها ، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه ، وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف .
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل فهي أحاديث ضعيفة تدل بظاهرها على التوسل المبتدع ، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها والتنبيه عليها ، فمنها :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:20
23 - " الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ... " .

ضعيف .

رواه الطبراني في " الكبير " ( 24 / 351 ـ 352 ) و" الأوسط " ( 1 / 152 ـ 153 ـ الرياض ) ، ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 121 ) : حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة قال روح بن صلاح قال : حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول ومن طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 121 ) عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما ... دعا أسامه بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود يحفرون ... فلما فرغ ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه فقال ... فذكره ، وقال الطبراني : تفرد به روح بن صلاح .
قلت : قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 257 ) :
وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف ، وبقية رجاله رجال الصحيح .
وفي قوله : وبقية رجاله رجال الصحيح نظر رجيح ، ذلك لأن زغبة هذا ليس من رجال الصحيح ، بل لم يروله إلا النسائي ، أقول هذا مع العلم أنه في نفسه ثقة .
بقي النظر في حال روح بن صلاح وقد تفرد به كما قال الطبراني ، فقد وثقه ابن حبان والحاكم كما ذكر الهيثمي ، ولكن قد ضعفه من قولهم أرجح من قولهما لأمرين : الأول : أنه جرح والجرح مقدم على التعديل بشرطه .
والآخر : أن ابن حبان متساهل في التوثيق فإنه كثيرا ما يوثق المجهولين حتى الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو ولا من أبوه ؟ كما نقل ذلك ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ومثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على المتضلع بعلم التراجم والرجال فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى ولوكان الجرح مبهما لم يذكر له سبب ، فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلاح هذا ؟ ! فقد ضعفه ابن عدي ( 3 / 1005 ) ، وقال ابن يونس : رويت عنه مناكير ، وقال الدارقطني : ضعيف في الحديث ، وقال ابن ماكولا : ضعفوه ، وقال ابن عدي بعد أن خرج له حديثين :
وفي بعض حديثه نكرة .
فأنت ترى أئمة الجرح قد اتفقت عباراتهم على تضعيف هذا الرجل ، وبينوا أن السبب روايته المناكير ، فمثله إذا تفرد بالحديث يكون منكرا لا يحتج به ، فلا يغتر بعد هذا بتوثيق من سبق ذكره إلا جاهل أو مغرض .
ومما تقدم يتبين للمنصف أن الشيخ زاهدا الكوثري ما أنصف العلم حين تكلم على هذا الحديث محاولا تقويته حيث اقتصر على ذكر التوثيق السابق في روح بن صلاح دون أن يشير أقل إشارة إلى أن هناك تضعيفا له ممن هم أكثر وأو ثق ممن وثقه ! انظر ( ص 379 ) من " مقالات الكوثرى " نفسه !
ومن عجيب أمر هذا الرجل أنه مع سعة علمه يغلب عليه الهوى والتعصب للمذهب ضد أنصار السنة وأتباع الحديث الذين يرميهم ظلما بالحشوية فتراه هنا يميل إلى تقوية هذا الحديث معتمدا على توثيق ابن حبان ما دام هذا الحديث يعارض ما عليه أنصار السنة !
فإذا كان الحديث عليه لا له فتراه يرده وإن كان ابن حبان صححه أو وثق رواته !
فانظر إليه مثلا يقول في حديث مضيه صلى الله عليه وسلم في صلاته بعد خلع النعل النجسة وقد أخرجه ابن حبان والحاكم في " صحيحيهما " قال : وتساهل الحاكم وابن حبان في التصحيح مشهور ! ! ( انظر ص 185 ) من " مقالاته " .
والحديث صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " وإعلاله بتساهل لمذكورين تدليس خبيث ، لأنه ليس فيه من لم يوثقه غيرهما ، بل رجاله كلهم رجال مسلم .
وانظر إليه في كلامه على حديث الأو عال وتضعيفه إياه وهو في ذلك مصيب تراه يعتمد في ذلك على أن راويه عبد الله بن عميرة مجهول ، ثم يستدرك في التعليق فيقول ( ص 309 ) : نعم ذكره ابن حبان في الثقات ، لكن طريقته في ذلك أن يذكر في الثقات من لم يطلع على جرح فيه ، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة عند الآخرين ، وقد رد ابن حجر شذوذ ابن حبان هذا في " لسان الميزان " .
قلت : فقد ثبت بهذه النقول عن الكوثري أن من مذهبه عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان والحاكم لتساهلهما في ذلك ، فكيف ساغ له أن يصحح الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه لمجرد توثيقهما لراويه روح بن صلاح ، ولاسيما أنه قد صرح غيرهما ممن هو أعلم منهما بالرجال بتضعيفه ؟ ! اللهم لولا العصبية المذهبية لم يقع في مثل هذه الخطيئة ، فلا تجعل اللهم تعصبنا إلا للحق حيثما كان .
ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل وهي في الوقت نفسه تدل على تعصب الكوثري ، الحديث الآتي :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:25
24 - " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ، وأسألك بحق ممشاي هذا ، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ... أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له ألف ملك " .

ضعيف .

أخرجه ابن ماجه ( 1 / 261 - 262 ) وأحمد ( 3 / 21 ) والبغوي في " حديث علي بن
الجعد " ( 9 / 93 / 3 ) وابن السني ( رقم 83 ) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به .
وهذا سند ضعيف من وجهين ، الأول : فضيل بن مرزوق وثقه جماعة وضعفه آخرون ، وقول الكوثري في بعض " مقالاته " ( 393 ) : وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، ولم يضعفه سواه وجرحه غير مفسر ، بل وثقه البستي . فيه أخطاء مكشوفة :
أولا : قوله لم يضعفه غير أبي حاتم ، فإنه باطل ، وما أظن هذا يخفى على مثله ، فإن في ترجمته من " التهذيب " بعد أن حكى أقوال الموثقين له ما نصه : وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : صالح الحديث صدوق يهم كثيرا يكتب حديثه .
قلت : يحتج به ؟ قال : لا .
وقال النسائي : ضعيف ... قال مسعود عن الحاكم : ليس هو من شرط الصحيح .
وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه ، قال ابن حبان في الثقات : يخطيء ، وقال في " الضعفاء " : كان يخطيء على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات .
فأنت ترى أنه قد ضعفه مع أبي حاتم النسائي والحاكم وابن حبان مع أنهما من المتساهلين في التوثيق كما تقدم .
ثانيا : قوله : وجرحه غير مفسر .
فهذا غير مسلم به ، بل هو مفسر في نفس كلام أبي حاتم الذي نقلته ، وهو قوله : يهم كثيرا ، وقد اعتمد الحافظ ابن حجر هذا القول فقال في ترجمته : صدوق يهم ، فمن كان يهم في حديثه كثيرا ، فلا شك أنه لا يحتج به كما هو مقرر في محله من علم المصطلح .
ثالثا : قوله : بل وثقه البستي .
قلت : البستي هو ابن حبان ، وإنما عدل الكوثري عن التصريح باسم ( ابن حبان ) إلى ذكر نسبته ( البستي ) تدليسا وتمويها ، وقد علمت أن ابن حبان كان له فيه قولان ، فمرة أورده في " الثقات " ( 7 / 316 ) وأخرى في " الضعفاء " ( 2 / 209 ) والاعتماد على هذا أولى من الأول ، لأنه بين فيه سبب ضعفه ، فهو جرح مفسر يقدم على التعديل كما تقرر في المصطلح أيضا .
الوجه الثاني في تضعيف الحديث : أنه من رواية عطية العوفي ، وهو ضعيف أيضا .
قال الحافظ في " التقريب " : صدوق يخطيء كثيرا كان شيعيا مدلسا ، فهذا جرح مفسر يقدم على قول من وثقه مع أنهم قلة ، وقد خالفوا جمهو ر الأئمة الذين ضعفوه وتجد أقوالهم في " تهذيب التهذيب " وعبارة الحافظ التي نقلتها عن " التقريب " هي خلاصة هذه الأقوال كما لا يخفى على البصير بهذا العلم فلا نطيل الكلام بذكرها ، ولهذا جزم الذهبي في " الميزان " بأنه ضعيف .
أما تدليسه فلابد من بيانه ها هنا لأن به تزول شبهة يأتي حكايتها ، فقال ابن حبان في " الضعفاء " ما نصه :
سمع من أبي سعيد أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفته ، فإذا قال الكلبي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، فيحفظه ، وكناه أبا سعيد ويروي عنه ، فإذا قيل له : من حدثك هذا ؟ فيقول :
حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري ، وإنما أراد الكلبي !
قال : لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب .
فهل تدري أيها القاريء الكريم ما كان موقف الشيخ الكوثري تجاه تلك الأقوال المشار إليها في تضعيف الرجل ؟ إنه لم يشر إليها أدنى إشارة واكتفى بذكر أقوال القلة الذين وثقوه ، الأمر الذي ينكره على خصومه ( انظر ص 392 من " مقالاته " وليته وقف عند هذا ، بل إنه أو هم أن سبب تضعيفه أمر لا يصلح أن يكون جرحا فقال ( ص 394 ) : وعطية جرح بالتشيع ، لكن حسن له الترمذي عدة أحاديث .
وقصده من هذا إفساح المجال لتقديم أقوال الموثقين بإيهام أن المضعفين إنما ضعفوه بسبب تشيعه ، وهو سبب غير جارح عند المحققين ، مع أن السبب في الحقيقة إنما هو خطأه كثيرا كما تقدم في كلام الحافظ ابن حجر ، فانظر كم يبعد التعصب بصاحبه عن الإنصاف والحق !
وأما تحسين الترمذي له فلا حجة فيه بعد قيام المانع من تحسين الحديث ، والترمذي متساهل في التصحيح والتحسين ، وهذا شيء لا يخفى على الشيخ - عفا الله عنا وعنه - فقد نقل هو نفسه في كلامه على حديث الأو عال الذي سبقت الإشارة إليه عن ابن دحية إنه قال : كم حسن الترمذي من أحاديث موضوعة وأسانيد
واهية ؟ ! وعن الذهبي أنه قال : لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ( انظر ص 311 من " مقالات الكوثرى " ) .
فانظر كيف يجعل كلام الرجل في موضع حجة ، وفي آخر غير حجة ! !
ثم أجاب عن شبهة التدليس بقوله : وبعد التصريح بالخدري لا يبقى احتمال التدليس ولاسيما مع المتابعة .
يعني أن عطية قد صرح بأن أبا سعيد في هذا الحديث هو الخدري ، فاندفعت شبهة كونه هو الكلبي الكذاب .
قلت : وهذا دفع هزيل ، فالشبهة لا تزال قائمة ، لأن ابن حبان صرح كما تقدم نقله عنه أن عطية لما كان يحدث عن الكلبي ويكنيه بأبي سعيد كان الذين يسمعون الحديث عنه يتوهمون أنه يريد الخدري ، فمن أين للشيخ الكوثري أن التصريح بالخدري إنما هو من عطية وليس من توهم الراوي عنه أو من وهمه فقد علمت أنه كان سيء الحفظ ؟ ! هذان احتمالان لا سبيل إلى ردهما وبذلك تبقى شبهة التدليس قائمة .
وأما المتابعة التي أشار إليها فهي ما فسره بقوله قبل : ولم ينفرد عطية عن الخدري ، بل تابعه أبو الصديق عنه في رواية عبد الحكم بن ذكوان ، وهو ثقة عند ابن حبان ، وإن أعله به أبو الفرج في علله .
قلت : لقد عاد الشيخ إلى الاعتداد بتوثيق ابن حبان مع اعترافه بشذوذه في ذلك كما سبق النقل عنه ، هذا مع قول ابن معين في ابن ذكوان هذا : لا أعرفه ، فإذا لم يعرفه أمام الجرح والتعديل ، فأنى لابن حبان أن يعرفه ؟ !
فتبين أن لا قيمة لهذا المتابع لجهالة الراوي عنه ، فإعلال أبي الفرج للحديث به حق لا غبار عليه عند من ينصف !
ثم بدا لي وجه ثالث في تضعيف الحديث وهو اضطراب عطية أو ابن مرزوق في روايته حيث أنه رواه تارة مرفوعا كما تقدم ، وأخرى موقوفا على أبي سعيد كما رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 12 / 110 / 1 ) عن ابن مرزوق به موقوفا ، وفي رواية البغوي من طريق فضيل قال : أحسبه قد رفعه ، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 184 ) : موقوف أشبه .
ثم إن الشيخ حاول أن يشد من عضد الحديث بأن أو جد له طريقا أخرى فقال : وأخرج ابن السني في عمل " اليوم والليلة " بسند فيه الوازع عن بلال ، ( كذا ) وليس فيه عطية ولا ابن مرزوق .
قلت : ولم يزد الشيخ على هذا فلم يبين ما حال هذا الوازع وهل هو ممن يصلح أن يستشهد به ، أو هل عنده وازع يمنعه من رواية الكذب ؟ ولو أنه بين ذلك لظهر لكل ذي عينين أن روايته لهذا الحديث وعدمها سواء ، ذلك لأنه ضعيف بمرة عند أئمة الحديث بلا خلاف عندهم ، حتى قال أبو حاتم : ضعيف الحديث جدا ليس بشىء ، وقال لابنه : اضرب على أحاديثه فإنها منكرة .
بل قال الحاكم - على تساهله - : روى أحاديث موضوعة ! وكذا قال غيره ، وهو الوازع بن نافع العقيلي.
فمن كان هذا حاله في الرواية لا يعتضد بحديثه ولا كرامة حتى عند الشيخ نفسه فاسمع إن شئت كلامه في ذلك ( ص 39 ) من " مقالاته " :
" إن تعدد الطرق إنما يرفع الحديث إلى مرتبة الحسن لغيره إذا كان الضعف في الرواة من جهة الحفظ والضبط
فقط ، لا من ناحية تهمة الكذب ، فإن كثرة الطرق لا تفيد شيئا إذ ذاك " .
ومن هنا يتبين للقاريء اللبيب لم سكت الشيخ عن بيان حال الوازع هذا !
وجملة القول أن هذا الحديث ضعيف من طريقيه وأحدهما أشد ضعفا من الآخر ، وقد ضعفه البوصيرى والمنذري وغيرهما من الأئمة ، ومن حسنه فقد وهم أو تساهل ، وقد تكلمت على حديث بلال هذا ، وكشفت عن تدليس الكوثري فيما سيأتي ( 6252 ) ومن الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة في التوسل :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:33
25 - " لما اقترف آدم الخطيئة ، قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لما خلقتني بيدك ، ونفخت في من روحك ، رفعت رأسي ، فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ، ادعني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك " .

موضوع .

أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 615 ) وعنه ابن عساكر ( 2 / 323 / 2 ) وكذا البيهقي في باب ما جاء فيما تحدث به صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه من " دلائل النبوة " ( 5 / 488 ) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري ، حدثنا إسماعيل ابن مسلمة ، نبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا ، وقال الحاكم :
صحيح الإسناد ، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب .
فتعقبه الذهبي بقوله : بل موضوع ، وعبد الرحمن واه ، وعبد الله بن مسلم الفهري لا أدري من هو .
قلت : والفهري هذا أورده في " ميزان الاعتدال " لهذا الحديث وقال : خبر باطل رواه البيهقي في " دلائل النبوة " وقال البيهقي : تفرد به عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم وهو ضعيف .
وأقره ابن كثير في " تاريخه " ( 2 / 323 ) ووافقه الحافظ ابن حجر في " اللسان " أصله " الميزان " على قوله : خبر باطل وزاد عليه قوله في هذا الفهري : لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته .
قلت : والذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رشيد ، ذكره ابن حبان فقال : متهم بوضع الحديث ، يضع على ليث ومالك وابن لهيعة لا يحل كتب حديثه ، وهو الذي روى عن ابن هدبة نسخة كأنها معمولة .
والحديث أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( 207 ) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن زيد ثم قال : لا يروي عن عمر إلا بهذا الإسناد .
وقال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 253 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " وفيه من لم أعرفهم .
قلت : وهذا إعلال قاصر ما دام فيه عبد الرحمن بن زيد ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة " ( ص 69 ) : ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه ، فإنه نفسه قد قال في كتاب " المدخل إلى معرفة
الصحيح من السقيم " : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه .
قلت : وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرا .
وصدق شيخ الإسلام في نقله اتفاقهم على ضعفه وقد سبقه إلى ذلك ابن الجوزي ، فإنك إذا فتشت كتب الرجال ، فإنك لن تجد إلا مضعفا له ، بل ضعفه جدا علي بن المديني وابن سعد ، وقال الطحاوى : حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف .
وقال ابن حبان : كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف ، فاستحق الترك .
وقال أبو نعيم نحوما سبق عن الحاكم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة .
قلت : ولعل هذا الحديث من الأحاديث التي أصلها موقوف ومن الإسرائيليات ، أخطأ عبد الرحمن بن زيد فرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويؤيد هذا أن أبا بكر الآجري أخرجه في " الشريعة " ( ص 427 ) من طريق الفهري المتقدم بسند آخر له عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه .
ورواه ( ص 422 - 425 ) من طريق أبي مروان العثماني قال : حدثني أبي ( في الأصل : ابن وهو خطأ ) عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال :
" من الكلمات التي تاب الله عز وجل على آدم عليه السلام أنه قال : اللهم إني أسألك بحق محمد عليك .. " الحديث نحوه وليس فيه ادعني بحقه إلخ .
وهذا موقوف وعثمان وابنه أبو مروان ضعيفان لا يحتج بهما لورويا حديثا مرفوعا ، فكيف وقد رويا قولا موقوفا على بعض أتباع التابعين وهو قد أخذه - والله أعلم - من مسلمة أهل الكتاب أو غير مسلمتهم أو عن كتبهم التي لا ثقة لنا بها كما بينه شيخ الإسلام في كتبه .
وكذلك رواه ابن عساكر ( 2 / 310 / 2 ) عن شيخ من أهل المدينة من أصحاب ابن مسعود من قوله موقوفا عليه وفيه مجاهيل .
وجملة القول : أن الحديث لا أصل له عنه صلى الله عليه وسلم فلا جرم أن حكم عليه بالبطلان الحافظان الجليلان الذهبي والعسقلاني كما تقدم النقل عنهما .
ومما يدل على بطلانه أن الحديث صريح في أن آدم عليه السلام عرف النبي صلى الله عليه وسلم عقب خلقه ، وكان ذلك في الجنة ، وقبل هبوطه إلى الأرض ، وقد جاء في حديث إسناده خير من هذا على ضعفه أنه لم يعرفه إلا بعد نزوله إلى الهند وسماعه باسمه في الأذان ! انظر الحديث ( 403 ) .
ومع هذا كله فقد جازف الشيخ الكوثري وصححه مع اعترافه بضعف عبد الرحمن بن زيد لكنه استدرك ( ص 391 ) فقال : إلا أنه لم يتهم بالكذب ، بل بالوهم ، ومثله ينتقى بعض حديثه .
قلت : لقد بلغ به الوهم إلى أنه روى أحاديث موضوعة كما تقدم عن الحاكم وأبي نعيم ، فمثله لا يصلح أن ينتقى من حديثه حتى عند الكوثري لولا العصبية والهوى ، فاسمع إن شئت ما قاله ( ص 42 ) في صدد حكمه بالوضع على حديث " إياكم وخضراء الدمن ... " وقد تقدم برقم ( 14 ) .
وإنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة
الحديثية هو انفراد الكذاب أو المتهم بالكذب أو الفاحش الخطأ به .
وقد علمت مما سبق أن مدار الحديث على عبد الرحمن بن زيد الفاحش الخطأ ، فيكون حديثه ضعيفا جدا على أقل الأحوال عنده لو أنصف !
ومن عجيب أمره أنه يقول عقب عبارته السابقة ( ص 391 ) : وهذا هو الذي فعله الحاكم حيث رأى أن الخبر مما قبله مالك فيما روى ابن حميد عنه حيث قال لأبي جعفر المنصور : وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام .
فمن أين له أن الحاكم رأى أن الخبر مما قبله مالك ؟ ! فهل يلزم من كون الرجل كان حافظا أنه كان يحفظ كل شيء عن أي إمام ، هذا ما لا يقوله إنسان ؟ ! فمثل هذا لابد فيه من نقل يصرح بأن الحاكم رأى ... وإلا فمن ادعى ذلك فقد قفى ما ليس له به علم .
ثم هب أن مالكا قبل الخبر ، فهل ذلك يلزم غيره أن يقبله وهو لم يذكر إسناده المتصل منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أفلا يجوز أن يكون ذلك من الإسرائيليات التي تساهل العلماء في روايتها عن بعض مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار ، فقد كان يروي عنه بعضها ابن عمر وابن عباس وأبوهريرة باعتراف الكوثري نفسه ( ص 34 ـ " مقالة كعب الأحبار والإسرائيليات " ) فإذا جاز هذا لهؤلاء ، أفلا يجوز ذلك لمالك ؟ بلى ثم بلى .
فثبت أن قول مالك المذكور لا يجوز أن يكون شاهدا مقويا للحديث المروى عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا كله يقال لوثبت ذلك عن مالك ، كيف ودون ثبوته خرط القتاد ! فإنه يرويه عنه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي في الراجح عند الكوثري ثم اعتمد هو على توثيق ابن معين إياه وثناء أحمد والذهلي عليه ، وتغافل عن تضعيف جمهو ر الأئمة له ، بل وعن تكذيب كثيرين منهم إياه ، مثل أبي حاتم والنسائي وأبي زرعة وصرح هذا أنه كان يتعمد الكذب ، ومثل ابن خراش فقد حلف بالله أنه كان يكذب ، وقال صالح بن محمد الأسدي : كل شيء كان يحدثنا ابن حميد كنا نتهمه فيه ، وقال في موضع آخر : كانت أحاديثه تزيد ، وما رأيت أحدا أجرأ على الله منه ، وقال أيضا : ما رأيت أحدا أحذق بالكذب من رجلين سليمان الشاذكوني ومحمد ابن حميد ، كان يحفظ حديثه كله .
وقال أبو علي النيسابوري : قلت لابن خزيمة : لوحدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه ؟ فقال : إنه لم يعرفه ، ولوعرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلا .
فهذه النصوص تدل على أن الرجل كان مع حفظه كذابا ، والكذب أقوى أسباب الجرح وأبينها ، فكيف ساغ للشيخ تقديم التعديل على الجرح المفسر مع أنه خلاف معتقده ؟ !
علم ذلك عند من يعرف مبلغ تعصبه على أنصار السنة وأهل الحديث ، وشدة عداوته إياهم سامحه الله وعفا عنه .
فتبين مما ذكرناه أن هذه القصة المروية عن مالك قصة باطلة موضوعة ، وقد حقق القول في ذلك على طريقة أخرى شيخ الإسلام في " القاعدة الجليلة " ( 1 / 227 - ضمن مجموع الفتاوى ) وابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " فليراجعهما من أراد المزيد من الاطلاع على بطلانها ، فإن فيما أوردت كفاية .
وبذلك ثبت وضع حديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وخطأ من خالف .
ولقد أطلت كثيرا في تحقيق الكلام عليه وعلى الأحاديث التي قبله ، وما كنت أو د ذلك لولا أنى وجدت نفسي مضطرا لذلك ، لما وقفت على مغالطات الشيخ الكوثري ، فرأيت من الواجب الكشف عنها لئلا يغتر بها من لا علم له بما هنالك ! فمعذرة إلى القراء الكرام .
هذا وإن من الآثار السيئة التي تركتها هذه الأحاديث الضعيفة في التوسل أنها صرفت كثيرا من الأمة عن التوسل المشروع إلى التوسل المبتدع ، ذلك لأن العلماء متفقون - فيما أعلم - على استحباب التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته تعالى ، وعلى توسل المتوسل إليه تعالى بعمل صالح قدمه إليه عز وجل .
ومهما قيل في التوسل المبتدع فإنه لا يخرج عن كونه أمرا مختلفا فيه ، فلو أن الناس أنصفوا لانصرفوا عنه احتياطا وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " إلى العمل بما أشرنا إليه من التوسل المشروع ، ولكنهم مع الأسف أعرضوا عن هذا وتمسكوا بالتوسل المختلف فيه كأنه من الأمور اللازمة التي لابد منها ولازموها ملازمتهم للفرائض ! فإنك لا تكاد تسمع شيخا أو عالما يدعوبدعاء يوم الجمعة وغيره إلا ضمنه التوسل المبتدع ، وعلى العكس من ذلك فإنك لا تكاد تسمع أحدهم يتوسل بالتوسل المستحب كأن يقول مثلا : اللهم إنى أسألك بأن لك الحمد لا إله ألا أنت وحدك لا شريك لك المنان ، يا بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك ... مع أن فيه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى كما قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه .
فهل سمعت أيها القارئ الكريم أحدا يتوسل بهذا أو بغيره مما في معناه ؟ أما أنا فأقول آسفا : إننى لم أسمع ذلك ، وأظن أن جوابك سيكون كذلك ، فما السبب في هذا ؟ ذلك هو من آثار انتشار الأحاديث الضعيفة بين الناس ،
وجهلهم بالسنة الصحيحة ، فعليكم بها أيها المسلمون علما وعملا تهتدوا وتعزو ا .
وبعد طبع ما تقدم اطلعت على رسالة في جواز التوسل المبتدع لأحد مشايخ الشمال المتهو رين ، متخمة بالتناقض الدال على الجهل البالغ ، وبالضلال والأباطيل والتأويلات الباطلة والافتراء على العلماء بل الإجماع ! مثل تجويز الاستغاثة بالموتى والنذر لهم ، وزعمه أن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية متلازمان !
وغير ذلك مما لا يقول به عالم مسلم ، كما أنه حشاها بالأحاديث الضعيفة والواهية كما هي عادته في كل ما له من رسائل - وليته سكت عنها ، بل إنه صحح بعض ما هو معروف منها بالضعف كقوله ( ص 42 ) وفي الأحاديث الصحيحة : " إن أحب الخلق إلى الله أنفعهم لعباده " وغير ذلك مما لا يمكن البحث فيه الآن .
وإنما القصد أن أنبه القراء على ما وقع في كلامه على الأحاديث المتقدمة في التوسل من التدليس بل الكذب المكشوف ليوهمهم صحتها ، كي يكونوا في حذر منه ومن أمثاله من الذين لا يتقون الله فيما يكتبون ، لأن غرضهم الانتصار لأهو ائهم وما وجدوا عليه آبائهم وأمهاتهم .
فحديث أنس ( رقم 23 ) الذي بينا ضعف إسناده ، أو هم هو أنه صحيح بتمكسه بتوثيق ابن حبان والحاكم لروح بن صلاح ! وقد أثبتنا ضعف هذا الراوي وعدم اعتداد العلماء بتوثيق المذكورين فتذكر ، كما أثبتنا عدم أمانة الكوثري في النقل واتباعه للهو ى وقد جرى على طريقته هذه مؤلف هذه الرسالة بل زاد عليه ! فإنه بعد أن ساق الحديث موهما القاريء أنه صحيح قال عقبه ( ص 15 ) :
ولهذا طرق منها عن ابن عباس عند أبي نعيم في " المعرفة " والديلمي في " الفردوس " بإسناد حسن كما قاله الحافظ السيوطي .
فهذا كذب منه على ابن عباس رضي الله عنه - وربما على السيوطي أيضا - فليس في حديث ابن عباس موضع الشاهد من حديث أنس وهو قوله " بحق نبيك والأنبياء الذين قبلي فإنك أرحم الراحمين " وذلك مما يوهن هذه الزيادة ولا يقويها خلافا لمحاولة المؤلف الفاشلة المغرضة !
وأما حديث عمر ( رقم 25 ) فقال في تخريجه ( ص 15 ) :
وأخرج البيهقي في " دلائل النبوة " وقد التزم أن لا يذكر في هذا الكتاب حديثا موضوعا .
قلت : والجواب من وجهين :
الأول : أن الالتزام المذكور غير مسلم به ، فقد أخرج فيه غيرما حديث موضوع وقد نص على ذلك بعض النقاد ، ومن يتتبع مقالاتنا هذه في الأحاديث الضعيفة والموضوعة يجد أمثلة على ذلك وحسبك دليلا الآن هذا الحديث فقد حكم عليه الحافظان الذهبي والعسقلاني بأنه حديث باطل كما سبق ، فما بال المؤلف يتغاضى عن حكمهما وهما المرجع في هذا الشأن ويتعلق بالمتشابه من الكلام ؟ ! .
الآخر : أن البيهقي الذي أخرجه في " الدلائل " قد ضعف الحديث فيه كما سبق نقله عنه ، فإن لم يكن الحديث عنده موضوعا فهو على الأقل ضعيف ، فهو حجة على الشيخ الذي يحاول بتحريف الكلام أن يجعله صحيحا ؟ !
ثم نقل المؤلف تخريج الحاكم للحديث وتصحيحه إياه ، وتغاضى أيضا عن تعقب الذهبي إياه الذي سبق أن ذكرناه ، والذي يصرح فيه أنه حديث موضوع ! كما تغاضى عن حال راويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، الذي اتهمه الحاكم نفسه بالوضع !
وعن غيره ممن لا يعرف حاله أو هو متهم ، وعن قول الحافظ الهيثمي في الحديث فيه من لم أعرفهم ! .
عجبا من هذا المؤلف وأمثاله إنهم يزعمون أن باب الاجتهاد قد أغلق على الناس فليس لهم أن يجتهدوا لا في الحديث تصحيحا وتضعيفا ، ولا في الفقه ، ترجيحا وتفريعا ، ثم هم يجتهدون فيما لا علم لهم فيه البتة ، وهو علم الحديث ،
ويضربون بكلام ذوي الاختصاص عرض الحائط ! ثم هم إن قلدوا قلدوا دون علم متبعين أهواءهم ، وإلا فقل لي بالله عليك : إذا صحح الحاكم حديثا - وهو معروف بتساهله في ذلك - ورده عليه أمثال الذهبي والهيثمي والعسقلاني أفيجوز والحالة هذه التعلق بتصحيح الحاكم ؟! اللهم إن هذا لا يقول به إلا جاهل أو مغرض ! اللهم فاحفظنا من اتباع الهوى حتى لا يضلنا عن سبيلك .
ثم زعم المؤلف ( ص 16 ) أن الإمام مالكا قد صح عنده محل الشاهد من هذا الحديث حيث قال للخليفة العباسى : ولم تصرف وجهك عنه صلى الله عليه وسلم وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم ؟ .
وقد بينا فيما سلف بطلان نسبة هذه القصة إلى مالك ، وأما المؤلف فلا يهمه التحقق من ذلك ، وسيان عنده أثبتت أو لم تثبت ، ما دام أنها تؤيد هواه وبدعته إذ الغاية عنده تسوغ الوسيلة ! .
ومن تهو ر هذا المؤلف وجهله أنه يصرح ( ص 12 ) : أن التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والأولياء والصالحين والاستغاثة بهم ... مما أجمعت عليه الأمة قبل ظهور هذا المبتدع ابن تيمية الذي جاء في القرن الثامن الهجري وابتدع بدعته ! .
فإن إنكار التوسل بغير الله تعالى مما صرح به بعض الأئمة الأولين المعترف بفضلهم وفقههم ، وقد نقلنا نص أبي حنيفة في ذلك ( ص 77 ) من الكتب الموثوق بها من كتب الحنفية وفيها عن صاحبيه الإمام محمد وأبي يوسف نحوذلك مما يعتبر قاصمة الظهر لهؤلاء المبتدعة ، فأين الإجماع المزعوم أيها المتهور ؟ ! وإن من أكبر الافتراء على الإجماع أن ينسب إليه هذا المؤلف جواز الاستغاثة بالأموات من الصالحين ؟ وهذه ضلالة كبري لم يقل بها - والحمد لله - أحد من سلف الأمة وعلمائها ، ونحن نتحدى المؤلف وغيره من أمثاله أن يأتينا ولو بشبه نص عنهم في جواز ذلك ، بل المعروف في كتب أتباعهم خلاف ذلك ولولا ضيق المجال لنقلنا بعض النصوص عنهم .
وأما حديث أبي سعيد الخدري ( رقم 24 ) فاكتفى المؤلف ( ص 36 ) بأن نقل تحسينه عن بعض العلماء ، وقد بينا خطأ ذلك من وجوه بما لا مرد لها فأغنى عن الإعادة ، والمؤلف لا يهمه مطلقا التحقيق العلمي لأنه ليس من أهله ، بل هو يتعلق في سبيل تأييد هو اه بالأوهام ولوكانت كخيوط القمر أو مدد الأموات ! .
وبهذه المناسبة أريد أن أقول كلمة وجيزة من جهة استدلال المؤلف بهذا الحديث وأمثاله على التوسل المبتدع فأقول :
إن حق السائلين على الله تعالى هو أن يجيب دعاءهم ، فلوصح هذا الحديث وما في معناه فليس فيه توسل ما إلى الله بالمخلوق ، بل هو توسل إليه بصفة من صفاته وهي الإجابة ، وهذا أمر مشروع خارج عن محل النزاع فتأمل منصفا ، وبهذا يسقط قول هذا المؤلف عقب الحديث : فالنبى صلى الله عليه وسلم توسل بالسائلين الأحياء والأموات ، لأننا نقول هذا من تحريف الكلم فإننا نقول - إنما توسل - لوصح الحديث بحق السائلين ، وعرفت المعنى الصحيح - وبحق الممشى ، وهو الإثابة من الله لعبده ، وذلك أيضا صفة من صفاته تعالى فأين التوسل المبتدع وهو التوسل بالذات ؟ !
وأنهي هذا الرد السريع بتنبيه القراء الكرام إلى أمرين آخرين وردا في الرسالة المذكورة : الأمر الأول ذكر ( ص 16 ) حديث الأعمى وقد سبق بيان معناه ، ثم أتبعه بذكر قصة عثمان بن حنيف مع الرجل صاحب الحاجة وكيف أنه شكي إليه أنه يدخل على عثمان بن عفان فلا يلتفت إليه ! فأمره ابن حنيف أن يدعو بدعاء الأعمى ... فدخل على عثمان بن عفان فقضى له حاجته ! احتج المؤلف بهذه القصة على التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته .
وجوابنا من وجهين :
الأول : أنها قصة موقوفة ، والصحابة الآخرون لم يتوسلوا مطلقا به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، لأنهم يعلمون أن التوسل به معناه التوسل بدعائه وهذا غير ممكن كما سبق بيانه .
الآخر : أنها قصة لا تثبت عن ابن حنيف ، وبيان ذلك في رسالتنا الخاصة " التوسل أنواعه وأحكامه " وقد سبقت الإشارة إليها .
ونحوذلك أنه : ذكر ( ص 25 ) قصة مجيء بلال بن الحارث المزني الصحابى لما قحط الناس في عهد عمر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنادته إياه :
يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا .
فهذه أيضا قصة غير ثابتة وأو هم المؤلف صحتها محرفا لكلام بعض الأئمة ، مقلدا في ذلك بعض ذوي الأهواء قبله ، وتفصيل ذلك في الرسالة المومىء إليها .

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:35
26 - " الحدة تعتري خيار أمتي " .

ضعيف .

أخرجه الطبراني ( 3 / 118 / 1 و123 / 1 ) وابن عدي ( 163 / 1 ) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 6 / 44 / 2 ) عن سلام الطويل عن الفضل بن عطية عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا وقال المخلص : قال البغوي : هذا حديث منكر ، وسلام الطويل ضعيف الحديث جدا فأشار إلى أن الآفة من سلام هذا وهو الصواب خلافا لما
ذكره ابن الجوزي في " الواهيات " على ما نقله المناوي عنه في " الفيض " حيث قال : لا يصح ، وفيه آفات ، سلام الطويل متروك ، وكذا الفضل بن عطية ، والبلاء فيه منه .
قلت : هو وإن كان ضعيفا فإنه لم يتهم بخلاف سلام الطويل فقد اتهمه غير واحد بالكذب والوضع ، فالحمل فيه عليه أولى .
نعم لم يتفرد به ، بل تابعه محمد بن الفضل عن أبيه به .
أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 61 ) والخطيب في " تاريخه " ( 14 / 73 ) ، ألا إن محمد بن الفضل هذا كذاب أيضا فلا يفرح بمتابعته ! كذبه ابن معين والفلاس وغيرهما ، وكأن الحافظ السخاوي لم يطلع على هذه المتابعة فقد اقتصر في " المقاصد الحسنة " ( رقم 397 ) على إعلال الحديث بسلام الطويل وقال : وهو متروك ، وعزاه لأبي يعلى والطبراني ، وبالجملة فالحديث من هذا الوجه ضعيف جدا ، لكن له شاهد بإسناد خير من هذا ، رواه الحسن بن سفيان في " مسنده " وبشر بن مطر في " حديثه " ( 3 / 89 / 1 ) وابن منده في " معرفة الصحابة " ( 2 / 264 / 2 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 7 ) والخطيب في " الموضح " ( 2 / 50 ) عن دريد بن نافع عن أبي منصور الفارسي مرفوعا به .
وهذا سند ضعيف ، فإن أبا منصور هذا مختلف في صحبته ، وقد قال البخاري : حديث مرسل ، والراوي عنه دريد ، قال أبو حاتم : هو شيخ كما في " الجرح والتعديل " لابنه ( 1 / 2 / 438 ) ، وقال ابن حبان في " الثقات " ( 2 / 82 ) : هو مستقيم الحديث ، وقد اضطرب عليه فيه ، فرواه من ذكرنا عنه هكذا ، ورواه الخطيب من
طريق أخرى عنه عن منصور مولى ابن عباس مرفوعا . والله أعلم .
وقد روي الحديث بألفاظ وطرق أخرى لا تخلومن كذاب ، أذكر ثلاثة منها :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:36
27 - " الحدة تعتري حملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم " .

موضوع .

أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 2529 ـ بيروت ) من طريق وهب بن وهب بسنده عن معاذ بن جبل مرفوعا به ، وقال : وهب يضع الحديث .
وقال العقيلي ( 4 / 325 ـ دار الكتب ) : أحاديثه كلها بواطيل .
وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية ابن عدي عن معاذ ، فقال المناوي :
وفيه وهب بن وهب بن كثير قال في " الميزان " : قال ابن معين : يكذب ، وقال أحمد : يضع .
ثم سرد له أخبارا ختمها بهذا ثم قال : وهذه أحاديث مكذوبة . ومنها :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:38
28 - " الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي وأبرارها ثم تفيء " .

موضوع .

رواه بن بشران في " الأمالي " ( 23 / 69 / 2 ) عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا.
قلت : وبشر هذا كذاب .
والحديث ذكره السيوطي برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس وقال شارحه المناوي : رواه الديلمي من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس وبشر هذا قال الذهبي : قال الدارقطني : متروك .
قلت : وزاد الذهبي في ترجمته من " الميزان " : وقال أبو حاتم : يكذب على الزبير ، وقال ابن حبان : يروي بشر بن الحسين عن نسخة موضوعة شبيها بمائة وخمسين حديثا .
قلت : ومنها هذا الحديث كما نقله الذهبي في ترجمته لكن بلفظ :
" ليس أحد أحق بالحدة من حامل القرآن لعزة القرآن في جوفه " .
وبهذا اللفظ رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 1 / 141 ) من طريق بشر ، وساق له أحاديث أخرى وقال : وله غير حديث من هذا النحومناكير كلها .
وقد أورده السيوطي برواية أبي نصر السجزي في " الإبانة " والديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس وتعقبه المناوي هنا بما نقلناه عن الذهبي من تكذيب أبي حاتم لبشر هذا ، وزاد : وفي " اللسان " عن ابن حبان : لا ينظر في شيء رواه عن الزبير إلا على جهة التعجب ، وكذبه الطيالسي .
ومن الغرائب أن السيوطي أورد حديث معاذ وحديث أنس بلفظيه في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 24 ) مستدركا لهما على ابن الجوزي ، ثم أوردهما في
" الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع ! وهذه كلها من رواية الكذابين ! ونحوه في المناوي في " التيسير " فإنه قال في حديث أنس :
إسناده ضعيف ! .
ومنها :

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:39
29 - " خيار أمتي أحداؤهم الذين إذا غضبوا رجعوا " .

باطل .

رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 217 ـ الظاهرية ) وتمام في " الفوائد " ( 249 / 2 ) وابن شاذان في " فوائد ابن قانع وغيره " ( 163 / 2 ) والسلفى في " الطيوريات " ( 140 / 2 ) من طريق عبد الله بن قنبر حدثني أبي قنبر عن علي مرفوعا وقال العقيلي عقبه : عبد الله لا يتابع على حديثه من جهة تثبت .
قلت : وعبد الله هذا قال الأزدي : تركوه ، وساق له الذهبي في ترجمته هذا الحديث وقال : خبر باطل وأقره العسقلاني .
والحديث رواه الطبراني في " الأوسط " بسند فيه يغنم بن سالم بن قنبر وهو كذاب كما قال الهيثمي ( 8 / 68 ) والسخاوي ( ص 187 ) وعزاه للبيهقى أيضا في " الشعب " واقتصر الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 146 ) على تضعيف سند الحديث ، وهو قصور ، إلا أن يلاحظ أن الحديث الموضوع من أنواع الضعيف فلا
إشكال .
وخلاصة القول : إن هذه الأحاديث في الحدة كلها موضوعة إلا حديث دويد عن أبي منصور الفارسي الذي تقدم لفظه برقم ( 26 ) فضعيف لإرساله . والله أعلم .
ومن آثار هذه الأحاديث السيئة أنها توحي للمرء بأن يظل على حدته وأن لا يعالجها لأنها من خلق المؤمن ! وقد وقع هذا ، فإنى ناظرت شيخا متخرجا من الأزهر في مسألة لا أذكرها الآن فاحتد في أثنائها ، فأنكرت عليه حدته ، فاحتج علي بهذا الحديث ! فأخبرته بأنه ضعيف ، فازداد حدة وافتخر علي بشهاداته الأزهرية ، وطالبني بالشهادة التي تؤهلني لأن أنكر عليه ! فقلت : قوله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا ... " الحديث ! رواه مسلم وهو مخرج في " تخريج مشكلة الفقر " ( 66 ) و" صحيح أبي داود " ( 1034 ) وغيرهما.

أبوحمزة السيوطي
11.04.2010, 21:40
30 - " الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة " .

لا أصل له .

قال في " المقاصد " : قال شيخنا يعني ـ ابن حجر العسقلاني ـ : لا أعرفه .
وقال ابن حجر الهيثمي الفقيه في " الفتاوى الحديثية " ( 134 ) : لم يرد هذا اللفظ .
قلت : ولذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم ( 1220 ) بترقيمي ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " .
أخرجه مسلم والبخاري بنحوه وغيرهما ، عن جمع من الصحابة بألفاظ متقاربة ، وهو مخرج في " الصحيحة " فانظر " صحيح الجامع " ( 7164 ـ 7173 ) .

أمــة الله
11.04.2010, 23:12
أسأل الله تعالى أن يجعل هذا الموضوع في ميزان حسناتك وأن يكتب لك بكل حرف حسنة أخي الفاضل أبو حمزة
نفع الله بكِ الأمة الإسلامية ..جزاك الله خير الجزاء

ابو يونس
05.07.2010, 01:51
اخى ابا حمزة المتميز دائما جزيت الجنة

ابن الجبل
03.09.2010, 00:29
أخي الفاضل أبو حمزة السيوطي

أسأل الله أن يجعل ما تقدمه في ميزان حسناتك

وأسأله تعالى أن يجعل ما تقدمه من أعمال مما تنتفع به بعد مماتك

أخي الفاضل وددت لو تدخل وتشرفنا الى هذه الموسوعة علك تستحسن ما تجد فيها وتنقله الى موضوعك هذا

ففيه من الأحاديث والمواضيع المكذوبة والمنتشرة عبر الانترنت الكثير

هذا هو الرابط


http://www.islamme.com/vb/showthread.php?t=20878 (http://www.islamme.com/vb/showthread.php?t=20878)


بورك بكم وبجهودكم

Zainab Ebraheem
03.09.2010, 03:08
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخينا الكريم السيوطى

فعلا موضوع مهم لان هناك احاديث كثيرة مشهورة وهى ضعيفة او موضوعة

تسجيل متابعة

حجة الاسلام
18.09.2010, 18:06
31 " الدنيا خطوة رجل مؤمن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 104 ) :

لا أصل له .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " ( 1 / 196 ) : لا يعرف عن النبي
صلى الله عليه وسلم و لا عن غيره من سلف الأمة و لا أئمتها .
و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعات " برقم ( 1187 ) .

حجة الاسلام
18.09.2010, 18:07
32 " الدنيا حرام على أهل الآخرة , و الآخرة حرام على أهل الدنيا , و الدنيا
و الآخرة حرام على أهل الله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 105 ) :

$ موضوع .
و هو من الأحاديث التي شوه بمثلها السيوطي " الجامع الصغير " و عزاه للديلمى في
" مسند الفردوس " عن # ابن عباس‏# و قد تعقبه المناوي بقوله : و فيه جبلة بن
سليمان أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : قال ابن معين : ليس بثقة .
قلت : حري بمن روى هذا الخبر أن يكون غير ثقة , بل هو كذاب أشر , فإنه خبر باطل
لا يشك في ذلك مؤمن عاقل , إذ كيف يحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على
المؤمنين أهل الآخرة ما أباحه الله تعالى لهم من التمتع بالدنيا و طيباتها كما
في قوله عز وجل *( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )* و قوله : *( قل من حرم
زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق , قل هي للذين آمنوا في الحياة
الدنيا , خالصة يوم القيامة )* .
ثم كيف يجوز أن يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الدنيا و الآخرة
معا على أهل الله تعالى و ما أهل الله إلا أهل القرآن القائمين به و العاملين
بأحكامه , و ما الآخرة إلا جنة أو نار , فتحريم النار على أهل الله مما أخبر
به الله تعالى , كما أنه تعالى أوجب الجنة للمؤمنين به , فكيف يقول هذا الكذاب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم الآخرة و فيها الجنة التي وعد
المتقون , و فيها أعز شيء عليهم و هي رؤية الله تعالى كما قال سبحانه *( وجوه
يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )* و هل ذلك إلا في الآخرة ? و قال صلى الله عليه
وسلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة , يقول الله تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ?
فيقولون : ألم تبيض وجوهنا , ألم تدخلنا الجنة و تنجينا من النار ? قال : فيكشف
الحجاب , فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ثم تلا هذه الآية
*( للذين أحسنوا الحسنى و زيادة )* " رواه مسلم و غيره .
و الذي أراه إن واضع هذا الحديث هو رجل صوفى جاهل أراد أن يبث في المسلمين بعض
عقائد المتصوفة الباطلة التي منها تحريم ما أحل الله بدعوى تهذيب النفس , كأن
ما جاء به الشارع الحكيم غير كاف في ذلك حتى جاء هؤلاء يستدركون على خالقهم
سبحانه و تعالى !
و من شاء أن يطلع على ما أشرنا إليه من التحريم فليراجع كتاب " تلبيس إبليس "
للحافظ أبي الفرج بن الجوزي ير العجب العجاب .
ثم وقفت على إسناد الديلمي في " مسنده " ( 2 / 148 ) فرأيته قد أخرجه من طريق
عبد الملك بن عبد الغفار : حدثنا جعفر بن محمد الأبهري : حدثنا أبو سعيد القاسم
ابن علقمة الأبهري : حدثنا الحسن بن على بن نصر الطوسي : حدثنا محمد بن حرب
حدثنا جبلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا .
أقول : فإن لم تكن العلة من جبلة أو عنعنة ابن جريج فهي من أحد الثلاثة الذين
دون الطوسي فإني لم أعرفهم , والله أعلم .

السيف المأثور
24.09.2010, 18:24
بارك الله فيك موضوع مهم للغايه .. الكثير من الاحاديث نقولها وهي ضعيفه .. وصدمت حقا بمعرفة ذلك

جزاكم الله خيرا اخي الفاضل .. موضوع هام وشائك .. بارك الله فيك