المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : السّتر من أخلاق الكبار


miran dawod
03.03.2010, 22:47
http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/09.gif


السّتر من أخلاق الكبار

http://www.ikhwanonline.com/Data/2008/7/6/jpg1.jpg


بقلم: محمد عبده





ونعني بالسّتر هنا: إخفاء ما يُعلم من زلات الناس وعيوبهم.
كم هي البيوت التي تهدَّمت على أصحابها بسبب انفضاح سِترها وانكشاف عوراتها!، وكم هي المشكلات التي حدثت بين الناس لأنهم ترخَّصوا في الكلمة وأشاعوها!، وكم هي الجراح التي أدمت القلوب لأن البعض لم يحفظوا أسرارًا ائتمنوا عليها!، وكم هي لحظات الانكسار والذل التي عاشها البعض لأن البعض ترخَّصوا في نشر عوراتهم دون أدنى تحرُّج!، وكم هي المآسي التي امتلأت بها حياة الناس نتيجة كشف السِّتر عنهم!.

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

لماذا السّتر من أخلاق الكبار؟
لأن السّتر يعني القدرة على التحكم في النفس، ولَجْم اللسان عن إفشاء الأسرار ونقل الكلام، وهذا خلاف ما جُبلت عليه النفس من حب الثرثرة والرغبة في الكلام.

ولأن السّتر يعني حفظ الأسرار حتى في لحظات الخصام، وأوقات الخلاف، وهذا ما لا يقدر عليه إلا الكبار الذين يحفظون العهد ولا يخونون المجالس.

ولأن السّتر يعني اتصاف صاحبه بالحصافة والحكمة والقدرة على الكتمان ووضع الكلمة في مكانها الصحيح، وهذا ما لا يتصف به إلا الكبار.

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

الله يستر عباده
من منا بدون أخطاء؟! ومن منا ليست له خطيئة؟!.. إنها طبيعة البشر، ولكن يبقى سَتر الله هو النعمة العظمى التي يشعر بطعمها كل من احتاج إليها، وخاف افتضاح ذنبه أو خطئه في حق الله أو حق البشر، ألا ترى أن السارق حين يسرق يدعو الله أن يستره من الفضيحة وانكشاف أمره؟! ألا ترى مرتكب الخطيئة وهو يفعل ما يفعل لسانه يردد "سترك يا رب"؟!.. إنه الطمع في ستر الله.

حتى إذا تاب هذا وذاك وحسنت صورته، وخشيَ افتضاح ما كان يفعله، فيتذكر هذه النعمة الكبرى، فيحمد ربه عليها، وفي الآخرة السَّتر الأعظم؛ حيث يقر العبد بذنوبه فيذكِّره ربه: "سترتها عليك في الدنيا، واليوم أسترك أمام الخلق"، يَقُولُ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن الله يُدني المؤمن فيضع عليه كنفه وستره من الناس ويقرره بذنوبه فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه; و أما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" (1).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

إلا المجاهرين
من أجل هذا فإن الكبار متى ابتُلوا بذنبٍ سارعوا إلى الاستغفار والتوبة والندم على ما اقترفوه في حق مولاهم أو حق الآخرين، فيسترون فعلتهم، ويتجنبون ذكرها؛ أملاً أن يشملهم الحديث السابق، أما الذين يتجرَّءون على الله فيكشفون ستره، أو يُجاهرون بمعصيته، فأولئك في خطرٍ عظيمٍ، وسوف يُحرمون المعافاة كما جاء في الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، و إن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا و كذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" (2).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

شر الناس منزلةً
والكبار يُدركون حجم إفشاء سر العلاقات الزوجية، والذي قد يهدم كيان الأسرة وبنيانه؛ فكل ما يدور داخل هذا العش الصغير إنما هو سرٌّ يجب ألا يتعدى حدود بيت الزوجية، ولا يُنشر خارجه حفاظًا عليه وتقويةً له.

فالكبار لا يستصغرون حديثًا زوجيًّا فينشروه أو يذيعوه؛ فاحترام هذه العلاقة وتقديسها يسهم في استقرار البيت واستمرار المودة والمحبة بين القائمين فيه؛ فهم يخشَون أن يقعوا في هذا الوصف الشديد الذي جاء في الحديث قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" (3).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

وقاية
كم من النظرات تُختلس عند دخول بيوت الآخرين!، وكم من العورات تنكشف نتيجة هذا التجاوز!.. إن هناك من الناس من يُعطي لنفسه الحق في التجوال بنظره حيث شاء داخل بيوت من يزورهم دون أدنى تحرُّج بدعوى الأخوة والقرب، أو الصداقة والمحبة، فتقع عينه على ما يكره صاحب البيت أن يراه، ويمنعه الحـرج من ملامته أو عتابه.

جاء في الحديث أَنَّ رَجُلا اطَّلَعَ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سِتْرِ حُجْرَتِهِ وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى فَقَالَ: "لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينك.. إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" (4)، بل إن البعض قد يطرق الباب طرقةً واحدةً مصحوبةً بالنداء: "يا أبو فلان" أو "يا أم فلان"، وإذا به فوق رأس صاحب البيت في انتهاك صارخ لخصوصيته، وتعدٍّ فجٍّ لحرمة بيته!!.

وللمحافظة على خصوصية البيوت وسترها فإن الشرع قد نهى الناس عن أن يُطلقوا سهام أبصارهم فتخترق البيوت وتهتك أستارها، فتقع أعينهم على عورات بعضهم البعض، وشدد على ذلك، فأخبر أن صاحب البيت لو أنه فقع عين الناظر لما لامه ولا عاتبه، ولام آخرين يتركون بيوتهم بلا غطاءٍ ولا سِتْرٍ يقيهم نظرات المختلسين، جاء في الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَشَفَ سِتْرًا فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ فَقَدْ أَتَى حَدًّا لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، لَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدْخَلَ بَصَرَهُ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَفَقَأَ عَيْنَيْهِ مَا عَيَّرْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَرَّ الرَّجُلُ عَلَى بَابٍ لا سِتْرَ لَهُ غَيْرِ مُغْلَقٍ فَنَظَرَ فَلا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ" (5).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

خطر عظيم
ولكي تدرك أخي القارئ الكريم أهمية الستر وحاجة الناس إليه، وضرورة التحلي به وجُرم من انتهك حرمة أحد فكشف ستره أو أذاع أمره، فاقرأ معي هذا الحديث، والذي إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أهمية ستر العورات، وحِفْظ خصوصيات البيوت، والنصح لهم لا نشر عوراتهم، عَنْ دُخَيْنٍ كَاتِبِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُقْبَةَ إِنَّ لَنَا جِيرَانًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَأَنَا دَاعٍ لَهُمْ الشُّرَطَ فَيَأْخُذُوهُمْ، فَقَالَ: لا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ، قَالَ: فَفَعَلَ فَلَمْ يَنْتَهُوا، قَالَ: فَجَاءَهُ دُخَيْنٌ فَقَالَ: إِنِّي نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَأَنَا دَاعٍ لَهُمْ الشُّرَطَ، فَقَالَ: عُقْبَةُ.. وَيْحَكَ، لا تَفْعَلْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا" (6).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

تشجيع إلهي
ولمحبة الله تعالى لهذا الخلق الكريم فقد منح الكرامات العظيمة لأوليائه الذين يسترون عورات إخوانهم فلا يفضحونهم بإذاعة سرٍ أو نشر زلة.

وأول هذه الكرامات: دخول الجنة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه إلا أدخله الله الجنة" (7).

وثاني هذه الكرامات: الستر يوم القيامة: عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لا يَظْلِمُهُ، وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (8).

وثالث هذه الكرامات: الدفاع عنهم والانتقام لهم؛ لأن من تجرأ على فضح أخيه تكفل الله بفضحه وكشف ستره عنه، حتى إن كان في جوف رحله، جاء في الحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ.. لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ" (9).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

أشياء تجلب ستر الله
والطريق إلى ستر الله سهل ميسور على من يسَّره الله عليه، ومن الأسباب التي تجلب الستر على العبد المؤمن:
الصدقة: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي"، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللهِ وَفِي حِفْظِ اللهِ وَفِي سَتْرِ اللهِ حَيًّا وَمَيِّتًا" (10).

الرفق وبر الوالدين والإحسان: من الأشياء التي تجعل العبد يدخل فيمن شملهم الله بستره وحفظه، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ: رِفْقٌ بِالضَّعِيفِ، وَشَفَقَةٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِحْسَانٌ إِلَى الْمَمْلُوكِ" (11).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

من موجبات كشف الستر
وكما أن هناك أسبابًا توجب سَتر الله للعبد وحفظه، فإن هناك أسبابًا توجب كشف السِّتر عن العبد، وهي تجرؤه على حدود الله والوقوع فيها، جاء في الحديث أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ضَرَبَ مَثَلاً صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، عَلَى كَنَفَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ ﴿وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فَالأَبْوَابُ الَّتِي عَلَى كَنَفَيْ الصِّرَاطِ حُدُودُ اللهِ؛ لا يَقَعُ أَحَدٌ فِي حُدُودِ اللهِ حَتَّى يُكْشَفَ سِتْرُ اللهِ، وَالَّذِي يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" (12).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

الدعوة إلى ستر الزلات
كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، ولأنه لا يوجد معصوم على وجه الأرض إلا الأنبياء والمرسلون، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا العباد أن يستتروا بستر الله على أنفسهم، ولا يُبادروا إلى كشفه ما دام في الأمر متسعًا للتوبة والعودة والإنابة إلى الله، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ.. إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ، قَالَ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً دَعَاهُ وَتَلا عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ ﴿وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾،فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللهِ.. هَذَا لَهُ خَاصَّةً، قَالَ : "بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً" (13).

ويُروى أَنَّ رَجُلاً اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ، فَقَالَ: "فَوْقَ هَذَا" فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ، فَقَالَ: "دُونَ هَذَا" فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلانَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُلِدَ ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ.. قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ" (14).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

كتمان الشهادة
والدعوة للستر والتستر لا يعني أبدًا كتم الشهادة والامتناع عن أدائها متى طُلب إلى أدائها؛ لما في ذلك من ضياع للحقوق، وعدم انتصارٍ للحق وردعٍ الظالم والأخذ على يديه ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: من الآية 283).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif
أمانة المجالس
ومن أخطر ما يحتاج إلى ضبط وإحكام: أحاديث المجالس، والتي قد يُصرِّح فيها الشخص ببعض من مشاكله أو خصوصياته لأحد المقربين منه أو مجموعةٍ من المخلصين من حوله، فإذا بأحاديثه قد نُشرت، وأسراره قد ذاعت، وخصوصياته قد فشت، أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ إلا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ: سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ، أَوْ فَرْجٍ حَرَامٍ، أَوْ اقْتِطَاع مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ" (15).

بل إن مجرد الحديث العابر- والذي قد يظنه البعض أمرًا بسيطًا هينًا فيُعطون لأنفسهم حق إذاعته ونشره- قد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه؛ فقد يكون ما يقدِّره البعض بسيطًا من وجهة نظرهم كبيرًا عند أصحاب الشأن؛ ولذلك فقد جاء في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ" (16).

وقد يتعلل البعض بأن صاحب الحديث لم يستكتمه أو يأتمنه عليه، ولأمثال هؤلاء نسوق لهم هذا الحديث الشريف الذي ينهى عن إذاعة مثل هذه الأحاديث ونشرها، َأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: "مَنْ سَمِعَ مِنْ رَجُلٍ حَدِيثًا لا يَشْتَهِي أَنْ يُذْكَرَ عَنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ" (17).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

المصلحة العامة
هناك من يُسهب في عرض أسرار ائتمنوا عليها، ومشاكل خاصة قد أُطْلِعوا عليها بهدف المصلحة العامة؛ فهناك بعض المجالس التي يُتداول فيها أحوال الناس وصفاتهم، وقدراتهم وإمكاناتهم بهدف التقويم والتعديل كما هو الحال مع المربين والتربويين، أو بهدف الترشيح لمهمة أو وظيفة كما هو الحال مع الإداريين والتنمويين.

وهنا يجدر الإشارة إلى ضرورة العمل بقانون أمانة المجالس، والذي سبق أن أشرنا إليه؛ بحيث يكون أهل هذا المجلس من الثقات الذين يكتمون الحديث ولا ينشرونه، وألا تتعدى أي أسرار الناس أركان الغرفة الأربعة مهما كان الدافع وأيًّا كانت الأسباب، وأن يكون الكلام حول من تدور حولهم المناقشة في أمور غير قلبية لا تتعلق بالإخلاص أو التقوى، بل بعرض صفات ظاهرة وليست باطنة.

وشيء آخر هو وجوب ألا يُسهب القائمون على الأمر- تربويين كانوا أو إداريين- في تحليل المواقف وحملها على سوء الظن، بل يجب أن تُحمل على الظن الحسن متى وجد باب لذلك، وأن يكون النقد لصفات الأفراد وأفعالهم لا لذواتهم وأشخاصهم.

عَنْ عَطَاءٍ عَنْ يَعْلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاًَ يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ" (18).

فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يجرح من فعل هذا باسمه، بل نصح لله وستر الفاعل، وأكد حب الله للستر والتستر.

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif


حب الظهور
صغار النفوس تدفعهم الرغبة في التميز عن الآخرين ويدفعهم حبهم للظهور إلى كشف السِّتر عن أسرار ائتمنوا عليها أو وقعت عليها أعينهم ليظهروا أمام محدثيهم وأقرانهم بأنهم مطلعون على معلومات خاصة، أو أنهم قريبون من المسئولين والقادة وصانعي القرار.

أما الكبار أصحاب النفوس الرفيعة والمقام العالي فلا يشغلون بالهم، أو يسعون إلى الحصول على معلومة لا يُرجى من ورائها فائدة حقيقية، بل إنهم ليعزفون عن الإصغاء والاستماع إلى حديثٍ لا يعنيهم، أو كلام لا يخصهم، معتقدين في ذلك الخير لهم ولغيرهم، مستجيبين للتوجيه النبوي "من حُسْنِ إسلام المرء تُركُه ما لا يعنيه" (19).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

الانتقاص من الآخرين
صغار النفوس يكشفون السِّتر عن أسرار اطلعوا عليها، ويُسربون أخبارًا خاصةً عن أشخاص بعينهم لينالوا من كفاءاتهم ومكانتهم، ويُضعفون الثقة فيهم ممن حولهم، ليُحسنوا هم من صورتهم، ويجملوا من هيئتهم.

أما كبار النفوس فيحفظون حقوق الغير، فلا يذكرونهم بشيءٍ يكرهونه فضلاً عن أن ينشروا لهم سرًّا أو يُذيعوا لهم خبرًا قد ائتمنوا عليه حتى في لحظات الخصام.

وكيف يفعلون ذلك وقد تعلموا في مدرسة النبوة أن إفشاء الأسرار يُعد خيانةً، والخيانة في مدرسة النبوة علامة من علامات النفاق، جاء في الحديث: "في المنافق ثلاث خصال: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان" (20).

والكبار لا يفرحون بكشف الستر عن الآخرين ولو لأمرٍ يخصهم؛ فلا يُعطون آذانهم للمشَّاءين بين الناس بالنميمة، ولا يصغون لحديثٍ فيه ضرر على الآخرين، بل يأخذون على يد فاشي السر، وخائن العهد، وهكذا يكون الكبار في تعاملاتهم.

جاء رجل لعمرو بن عبيد: إن فلانًا يذكرك بشرّ، فقال عمرو للقائل: يا هذا.. ما رعيت حقَّ مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه أن الموت يعمنا، والقبر يضمنا، والقيامة تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين" (21).

والكبار بحفظهم السر وكتمانهم خصوصياتهم ينتقلون من نجاحٍ إلى نجاحٍ، ومن تقدُّمٍ إلى تقدمٍ، مستفيدين بذلك من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: "استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود" (22).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

الصبر
صغار النفوس لا يستطيعون التحكم في أنفسهم ولَجْم أنفسهم عن الخوض في الحديث عن الناس وخصوصياتهم.

أما الكبار فقد تَحَلّوا بالصبر ومقارعة نزعات النفس ومجابهة رغبتها في التحدث والترخص في الحديث عمّا يخص الآخرين؛ فخلق الصبر قد زين سلوكهم ومنحهم من القوة ما يؤهلهم للتحكم في ألسنتهم، فلا يكشفون سرًّا ولا يُذيعون خبرًا ائتمنوا عليه أو لم يؤتمنوا عليه.

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

أحمال ثقيلة
صغار النفوس يبحثون عن المعلومة هنا وهناك، وجمع أخبار الآخرين تحتل مساحة كبيرة من أنفسهم، وتشغل حيزًا كبيرًا من تفكيرهم، والرغبة في التعرف على أدق التفاصيل صفة من صفاتهم، بل قد يحزن هؤلاء وتضيق صدورهم ويسهرون الليل ولا ينامون لأنهم لم يَرْووا ظمأهم بالحصول عليها، فإذا ما نالوا مرادهم وحصلوا على ما يريدون لم يستطيعوا لَجْم ألسنتهم ومنعها من التحدث عما سمعوا به من أخبار.

أما الكبار أصحاب النفوس الساكنة الوقورة فلا يشغلون بالهم أو يلهثون سعيًا إلى الحصول على معلومة لا تفيدهم، بل إنهم ليعزفون عن الإصغاء لحديث لا يعنيهم بشيء، معتقدين في ذلك الخير لهم ولغيرهم، مستحبين للتوجيه النبوي "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (23).

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

تربية الأبناء على حفظ السر
ومما يجدر بنا أن نفعله أن نُربيَ أبناءنا على حفظ الأسرار وأمانة المجالس، وعدم إفشاء أحاديثها كما فعلت أم أنس رضي الله عنهما، جاء في الحديث أن أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ فَأَبْطَأْت عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْت قَالَتْ مَا حَبَسَك؟ قُلْت بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْت: إنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لا تُخْبِرْنَ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا.
قَالَ أَنَسٌ: "وَاَللهِ.. لَوْ حَدَّثْت بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُك بِهِ يَا ثَابِتُ".

وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: "يَا بُنَيَّ.. إنِّي أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِيكَ- يَعْنِي عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا: لا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلا تَغْتَابَنَّ أَحَدًا، وَلا يَطَّلِعَنَّ مِنْك عَلَى كِذْبَةٍ".
------
الحواشي:
1- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (1894).
2- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (4512).
3- صحيح مسلم، ح رقم (2597).
4- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (5273).
5- سنن الترمذي، ح رقم (2631)، قال الترمذي: حديث غريب، وضعفه الألباني في جامع الترمذي، ح رقم (2707).
6- مسند الإمام أحمد، ح رقم (16754).
7- المعجم الأوسط للطبراني، ح رقم (1536).
8- صحيح البخاري، ح رقم (2262)، وصححه الألباني في جامع الترمذي، ح رقم (2945).
9- سنن الترمذي، ح رقم (1955)، قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الألباني في جامع الترمذي: صحيح، ح رقم (2032).
10- سنن الترمذي ح رقم (3483)، قال الترمذي حسن غريب، وقال الألباني في جامع الترمذي: حديث ضعيف، ح رقم (3560).
11- سنن الترمذي، ح رقم (2418)، قال الترمذي: حسن غريب، وقال الألباني في جامع الترمذي: إنه موضوع، ح رقم (2494).
12- مسند الإمام أحمد، ح رقم (16978)، وصححه الألباني في جامع الترمذي، ح رقم (2859).
13- صحيح مسلم، ح رقم (4964).
14- موطأ الإمام مالك، ح رقم (1299)، وأورده الألباني بنفس المعنى في صحيح الجامع، ابن عمر، ح رقم (149).
15- سنن أبي داود، ح رقم (4226)، وضعفه الألباني في سنن أبي داود، ح رقم (4869).
16- سنن الترمذي، ح رقم (1882)، وحسنة الألباني في جامع الترمذي، ح رقم (1959).
17- مسند الإمام أحمد، ح رقم (26237).
18- سنن النسائي، ح رقم (403)، وأورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (1756).
19- رواه الترمذي، ح رقم ( 2317)، قال الترمذي حديث غريب، وصححه الألباني في جامع الترمذي، ح رقم (2317).
20- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (4255).
21- الإحياء، 3/157 بتصرف.
22- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (943).
23- صحيح، أورده الألباني في صحيح الجامع، ح رقم (5911).
------
http://www.ikhwanonline.com/Data/2008/7/6/jpg1.jpg

http://sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit4/extra/16.gif

راجية الاجابة من القيوم
04.03.2010, 00:39
جزاكى الله خيرا اختى الفاضله

miran dawod
04.03.2010, 05:35
جزاكى الله خيرا اختى الفاضله
واياكم أخيتي الفاضلة شرفني
مروركِ للموضوع غاليتي

نضال 3
01.04.2010, 23:46
http://www.jewelsuae.com/jewelsB&P/barr.gif


اختى الحبيبة ميران

عودا حميدا _ وحمدالله على سلامتك

ودمتى بألف خير وسلام

وانتظار جديدك كما تعودناه منكِ

هنا تظهر أخلاق الكبار ، وتنكشف معادن الرجال ، إنهم الرجال حينما تفقد الرجال فتبحث عنهم فلا تجدهم ، إنهم رجال الطوارئ الذين تعتمد عليهم في أي لحظة كانت ، إرادتهم حديدية ، قلوبهم عصية على الاستسلام ، إنها الفئة الثابتة .. الصادقة في إرادتها .. والصادقة في رغبتها في القتال والجهاد " قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"[البقرة:249-250]
فكانت هي الفئة التي لابد أن تنتصر وتعلو رايتها " فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ"[البقرة:251]


http://www.jewelsuae.com/psd/Mustalzamat/photo/flowers/16.jpg

http://www.jewelsuae.com/jewelsB&P/barr.gif

أمــة الله
02.04.2010, 15:36
الله يستر عبادهمن منا بدون أخطاء؟! ومن منا ليست له خطيئة؟!.. إنها طبيعة البشر، ولكن يبقى سَتر الله هو النعمة العظمى التي يشعر بطعمها كل من احتاج إليها، وخاف افتضاح ذنبه أو خطئه في حق الله أو حق البشر، ألا ترى أن السارق حين يسرق يدعو الله أن يستره من الفضيحة وانكشاف أمره؟! ألا ترى مرتكب الخطيئة وهو يفعل ما يفعل لسانه يردد "سترك يا رب"؟!.. إنه الطمع في ستر الله.

من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ومن فضح مسلماً فضحه الله بين الخلائق ومن أقال عثرة مسلم أقال الله عثرته وستر زلته

كتمان عورات المسلمين:
المسلم لا يتحدث عن الآخرين بما يؤذيهم بل إنه يستر عوراتهم ويغض بصره عن محارمهم وقد توعد الـله -سبحانـه- من يقومون بهتـك أستار المسلمين بالعذاب الأليم فقال: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [النور: 19].

بارك الله فيكِ أختي ميران
أسأل الله أن يرزقنا أحسن الأخلاق

نضال 3
30.04.2010, 23:56
لأن السّتر يعني القدرة على التحكم في النفس، ولَجْم اللسان عن إفشاء الأسرار ونقل الكلام، وهذا خلاف ما جُبلت

عليه النفس من حب الثرثرة والرغبة في الكلام

يعطيكِ العافيه على الكلمات القيمه ميران