Just asking
14.09.2009, 05:29
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/salam_files/image065.gif
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/dividing_files/image395.gif
الكلام المفيد في شبهةالتجسيد
د. هشام عزمي
جرت عادة النصارى على انتحال الشبهات ضد الإسلام من الفرق الضالة و المبتدعة ؛ فتجدهم يسرقون الشبهات من الشيعة للطعن في الصحابة و أمهات المؤمنين رضي الله عنهم و من القرآنيين للطعن في الأحاديث الصحيحة .
أما هذه المرة فقد واجهونا بشبهة منحولة من كتب أهل الضلال من الأشاعرة و المعتزلة و الجهمية الذين يحرفون صفات الله عن معناها ظنًا منهم أنهم قد وجدوا مطعنًا في اهل السنة و الجماعة السائرين على منوال السلف الصالح . لذا بدأت في كتابة هذا الرد على هذه الشبهة راجيًا من الله أن أوفق في هذا .
علمًا بأني لست أول من تصدى للرد على هذه الشبهة ، بل سبقني الأخ الحبيب ساري في سلسلة ردوده الماتعة
شبهات حول الأسماء والصفات (mk:@MSITStore:C:\Users\Munir\Downloads\noor_el7k3 \noor_el7k3.chm::/shobohat_islam/asmaa_sary.htm)
ندعو الله أن تكون كل اعمالنا الصالحات لوجهه و في سبيله و نعوذ به من الرياء و النفاق .. آمين .
حمدًالله ، و صلاةً و سلامًا على خاتم أنبيائه ، و على إخوانه النبيين .
أما بعدفإن عقيدة أهل السنة والجماعة تمتاز بالصفاء والوضوح والخلو من الغموض والتعقيد ,وهي مستمدة من نصوص الوحي كتابا وسنة , وكان عليها سلف الأمة , وهي عقيدة مطابقةللفطرة , ويقبلها العقل السليم الخالي من أمراض الشبهات , وذلك بخلاف العقائدالأخرى المتلقاة من آراء الرجال , ففيها الغموض والتعقيد والخبطُ والخلط , وكيف لايكون الفرق كبيراً والبونُ شاسعاً بين عقيدة نزل بها جبريل من الله إلى رسولهالكريم صلى الله عليه وسلم وبين عقائد متنوعة مختلفة خرج أصحابها المبتدعون لها منالأرض .
و من أهم جوانب هذه العقيدة هو ما يتعلق بأسماء الله و صفاته العلا ، فنحن – أهل السنة و الجماعة – نصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلىالله عليه و سلم ، مع فهم المعنى و الجهل بالكيف ، أي أننا نثبت المعنى لله و نفوضالكيف ، خلافًا للمؤولة و المعطلة و سيأتي شرح هذا الكلام لاحقًا إن شاء الله .
و قد سارع النصارى إلى سرقة شبهات أهل التأويل الباطل و التعطيل منالمخالفين لأهل السنة و الجماعة ، و قذفنا بها قائلين : ( أنكم تثبتون لله وجهًا ويدًا و عينًا و صورتموه جالسًا على عرش و كاتبًا للألواح و جعلتموه يحب و يرضى ويغضب و يمكر ) ظنًا منهم انهم قد ألزمونا بتجسيد الله فلا فرق بيننا و بينهم في هذهالناحية .
و لسان حالهم يقول : ( طالما أنتم تثبتون لله أعضاءً و جوارح فهذايقتضي منكم الإيمان بكون الله جسدًا ، فلم إذن تنكرون علينا عقيدتنا في تجسد الإله؟ )
و الجواب بعون الملك الوهاب :
أن أهل السنة والجماعة المتبعين لعقيدة السلف الصالح من الصحابة و التابعين و من سار على نهجهمينزهون الله تعالى عن أن يشبه شئ من صفاته صفات المخلوقين ، وهذا يدل عليه قولهتعالى : ( ليس كمثله شئ) ، (ولم يكن له كفوا أحد) ، (فلا تضربوا لله الأمثال) .
و في نفس الوقت فهم يثبتون له – جل و علا – كل ما وصف به نفسه في كتابه أووصفه به سيد الخلق – عليه صلوات الله و سلامه – دون تشبيه أو تمثيل . و هذانالأصلان ( إثبات الصفات و التنزيه عن التشبيه ) هما اللذان سار عليهما أهل السنة والجماعة .
قال الشهرستاني :
فأما أحمد بن حنبلوداود بن علي الأصفهاني وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمينعليهم من أصحاب الحديث مثل مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان وسلكوا طريق السلامةفقالوا: نؤمن بما ورد في الكتاب والسنة ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعاً أنالله عز وجل لا يشبه شيئاً من المخلوقات وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره .
( الشهرستاني ، الملل و النحل ص604 )
وقال ابن خزيمة في كتابه (التوحيد) :
فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز واليمنوالعراق والشام ومصر مذهبنــا: أن نثبت لله ما أثبته الله لنفسه نقر بذلك بألسنتناونصدق بذلك في قلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين وعز ربنا أننشبهه بالمخلوقين ، وجل ربنا عن مقالة العاطلين وعز أن يكون كما قال المبطلون .
( ابن خزيمة ، التوحيد و إثبات صفات الرب ص10 )
قال ابن قدامةالمقدسي :
وعلى هذا درج السلف والخلف رضي الله عنهممتفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسولهمن غير تعرض لتأويله وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرناالمحدثات وأخبرنا أنها ضلالات .
( ابن قدامة المقدسي ، لمعة الاعتقاد ص4 )
وقال ابن عبدالبر :
أهل السنن مجمعون علىالإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ، ولم يكيفوا شيئاً منها .
( ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ج13 ص407 )
وقال الإمامالترمذي في سننه في باب فضل الصدقة :
ما ثبت بهذهالروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف هذا ، هكذا روي عن مالك بن أنس وسفيانبن عيينة وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أَمِرُّها بلا كيف ،وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة .
( سنن الترمذي ج3 ص87 )
و رب معترض يقول :
أنا لا أفهم كيف تقول نثبت الصفات و في نفس الوقت تنفي التشبيه ! هذهسفسطة و مغالطة لا تخفى على أحد ؛ فأنت إن أثبت لله يدًا فلا يخطر ببالي سوى يد بهاأصابع و عظم و عروق ، و لا أدري كيف يكون لله يد لا تشبه أيدي مخلوقاته !!
و الجواب بعون الملك الوهاب :
أولا:
اتفق جميع أهل الملل أن الله عالم قادرسميع بصير ، و هم مع ذلك لا يقولون أن علم الله كعلم أي من مخلوقاته كمًا أو كيفًا ، و لا أن قدرة الله كقدرة أي من مخلوقاته كمًا أو كيفًا ، و لا أن سمع الله كسمعأي من مخلوقاته ، و لا أن بصر الله كبصر أي من مخلوقاته . فلم يستلزم إثبات هذهالصفات أي تشبيه ، أليس كذلك ؟!
إذن من الطبيعي أن نتبع نفس المنهج مع كل ماأثبته الله لنفسه ، و هذا مما يقتضيه العقل و المنطق .
قال شيخ الإسلام فيالتدمرية :
القولُ في بعض الصفات كالقول في البعضالآخر , فإن ما أثبت من الصفات على وجهٍ يليق بالله عز وجل , يلزمك الباقي على هذاالوجه اللائق بالله .
( ابن تيمية ، العقيدة التدمرية ص46 و كذلك مجموعالفتاوى ج5 ص212 )
و قال في الجواب الصحيح :
ومن فرق بين صفة وصفة ، مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز ؛كان متناقضاً في قولـه ، متهافتاً في مذهـبه ، مشابهاً لمن آمن ببعض الكتاب وكفرببعض .
( ابن تيمية ، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج3 ص145 و كذلكمجموع الفتاوى ج9 ص290 )
و كذلك نحن جميعًا نثبت لله ذاتًا حقيقية و موجودة ، و في نفس الوقت لا نشبهها بذواتنا المخلوقة . فأولى بنا أن نتبع نفس المنهج والأسلوب في إثبات الصفات كلها ، أليس كذلك ؟!
فكما أن ذاته حقيقية لا تشبهالذوات ؛ فهي متصفة بصفات حقيقية لا تشبه الصفات ، وكما أن إثبات الذات إثبات وجودلا إثبات كيفية ، كذلك إثبات الصفات .
يقول شيخ الإسلام :
إن الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات , فكما أننا نُثبتلله ذاتاً لا تُشبه ذوات المخلوقات , فيجب أن نثبت كل ما ثبت في الكتاب والسنة منالصفات دون أن يكون فيها مشابهةٌ للمخلوقات .
( العقيدة التدمرية ص31 )
و هذا هو منهج أهل السنة و الجماعة مع كل ما وصف الله به نفسه أو وصفه بهنبيه – صلى الله عليه و سلم – فهم يثبتون الصفة فقط و لا يثبتون المثل الموجود فيالمخلوقات .
قال العلامة الشنقيطي :
ومن ظن أنصفة خالق السموات والأرض تشبه شيئا من صفات الخلق فهذا مجنون جاهل، ملحد ضال، ومنآمن بصفات ربه جل وعلا منزها ربه عن تشبيه صفاته بصفات الخلق فهو مؤمن منزه سالم منورطة التشبيه والتعطيل. وهذا التحقيق هو مضمون: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)فهده الآية فيها تعليم عظيم يحل جميع الإشكالات ويجيب عن جميع الأسئلة حول الموضوع.ذلك لأن الله قال: (وهو السميع البصير) بعد قوله (ليس كمثله: شئ). ومعلوم أن السمعوالبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات، فكأن الله يشير للخلق ألاينفوا عنه صفة سمعه وبصره بادعاء أن الحوادث تسمع وتبصر وأن ذلك تشبيه بل عليهم أنيثبتوا له صفة سمعه وبصره على أساس (ليس كمثله شىء). فالله جل وعلا له صفات لائقةبكماله وجلاله والمخلوقات لهم صفات مناسبة لحالهم وكل هذا حق ثابت لا شكفيه.
إلا أن صفة رب السموات والأرض أعلى وأكل من أن تشبه صفات المخلوقين، فمننفي عن الله وصفا أثبته لنفسه فقد جعل نفسه أعلم من الله (سبحانك هذا بهتان عظيم).من ظن أن صفة ربه تشبه شيثا من صفة الخلق فهذا مجنون ضال ملحد لا عقل له يدخل فيقوله: (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين). ومن يسوى رب العالمينبغيره فهو مجنون .
( محمد الأمين الشنقيطي ، منهج و دراسات لآيات الأسماءو الصفات ص3 )
و قال شارح الطحاوية في شرحه لقول الإمام الطحاوي(ولايشبه الأنام) :
ولكن المشهور من استعمال هذا اللفظعند علماء السنة المشهورين : أنهم لا يريدون بنفي التشبيه نفي الصفات ، ولا يصفونبه كل من أثبت الصفات . بل مرادهم أنه لا يشبه المخلوق في أسمائه وصفاته وأفعاله ،كما تقدم من كلام أبي حنيفة رحمه الله" أنه تعالى يعلم لا كعلمنا ، ويقدر لاكقدرتنا ، ويرى لا كرؤيتنا ". وهذا معنى قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميعالبصير) . فنفى المثل وأثبت الصفة .
( ابن أبي العز الحنفي ، شرح العقيدةالطحاوية ص26 )
ثانيًا :
كيفيةالصفة تختلف حتمًا باختلاف الموصوف ، فأنت مثلاً عندما تقول أن زيدًا حي يتبادر إلىذهنك أن الحياة في زيد عبارة عن سريان الدم في الأوعية الدموية و ضربات القلب وتردد الأنفاس . و لكن عندما تقول أن النبات حي فلا يتبادر لذهنك نفس المتبادر مننفس الصفة عند إثباتها لزيد . و لا يقول أحد أن في وصف النبات بالحياة تشبيه لهبزيد ، فهذا من الهراء الذي لا يخطر على عقل بشر .
لذا فنحن عندما نقرأ فيالقرآن أن لله وجهًا أو يدًا أو عينًا لا يتبادر إلى أذهاننا نفس الأعضاء أوالجوارح المخلوقة ، بل يتجه تفكيرنا لوجهة أخرى تثبت هذه الصفات – و ليس الأعضاءلأن الله منزه عن الأعضاء و الأجزاء – بما يليق بكمال الله و جلاله تعالى عما يصفون .
و خلاصة الجواب :
أن دعوىالنصارى بأن إثبات هذه الصفات في القرآن و الإيمان بها على ظاهرها يستلزم الإيمانبكون الله جسدًا و بالتالي فلا مناص لنا من الإقرار بتجسد الإله في شخص المسيح أو –على الأقل – عدم الاعتراض عليه من الناحية العقلية أو العقائدية ، هذه الدعوى لاتخرج عن كونها جهلاً فاضحًا بمعتقد أهل السنة و الجماعة في هذه الصفات أو تدليسًاعلى هذا المعتقد . و قد سبق توضيح معتقد أهل السنة و الجماعة في هذه الصفات و هوإثباتها كما هي على ظواهرها المفهومة من كلام العرب بلا تأويل أو نفي و في نفسالوقت بلا تشبيه أو تمثيل بالمخلوقات .
قال الصابوني في عقيدته :
أصحاب الحديث، حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم، يشهدون لله تعالىبالوحدانية، وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عزوجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم علىما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبتلنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاتهبصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله عز من قائل: (يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي) ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدينعلى النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهمابكيف أو تشبيههما بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالىأهل السنة من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبلالتوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: (ليسكمثله شيء وهو السميع البصير).
وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرهاالقرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوةوالقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخطوالحياة، واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبينالمخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآلهوسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولاتبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر،ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلاالله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخونفي العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولوالألباب).
( أبو عثمان الصابوني ، عقيدة السلف أهل الحديث ص1-2 )
يقول النصارى في مواقعهم :
القرآن الذي حارب بعنف تجسّد الله في المسيح,, والذي يقرر أنالذين يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله، هم كفرة,, قاتلهم الله,, هذا القرآن عينهجسّد الله .
و قد بينا تهافت هذا المنطق في كلامنا السابق ، و قررناقاعدة أهل السنة و الجماعة في إثبات الصفات لله تعالى . فالثابت عندنا هو أن صفاتالله لا تشبه صفات الأجساد لأن ذاته ليست جسدًا ، و الكلام في الصفات فرع من الكلامعن الذات . فإذا تقرر أن الذات ليست جسدًا ، استحال أن تثبت التجسيد بطريق الصفات .و هذا من بداهات العقل لأن الذات أصل و الصفات فروع من هذا الأصل ، و لا يجوز أنيتبع الأصل الفروع بل العكس هو الصحيح .
وليس بمولدٍ وليس بوالدٍ --- وليسله شِبْهٌ تعالى المُسبحُ
( حائية ابن أبي داود )
يقولشارح الحائية :
( وليس له شبه ) أي : الله سبحانهوتعالى , والشبه هو المثيل والنظير , والله لا شبيه له ولا مثيل ولا نظير لا فيأسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله .
قال الله تعالى ( ...لَيْسَ كَمِثْلِهِشَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ( الشورى11 )
وقال تعالى ( ... هَلْتَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) ( مريم65 )
وقال ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ( الإخلاص4 )
وقال ( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْتَعْلَمُونَ ) ( البقرة22 )
ويؤخذ من هذا أن إثبات الصفات لا يقتضي التمثيلفإن التمثيل أمر آخر غير إثبات الصفات .
يقول الإمام أحمد رحمه الله :المشبه يقول يدي كيدي وسمع كسمعي ... والله يقول ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) , فالذي يثبت الصفات لله على الوجه الذي يليق به ليس بمشبه , وإنما المشبه الذي يشبه صفات الله بصفات خلقه , وأهل السنة مطبقون على ذم هؤلاءالمشبهة , وأن مقالتهم كفر وضلال .
( التحفة السنية شرح منظومة ابن أبيداود الحائية )
و نحن الآن نتناول حججهم بالتفصيل لدحضها و تفنيدها في نورالحق الساطع و نواصل كلامنا مع شبهات النصارى المنحولة من كتب أهل البدع و الضلالداعين الله تعالى أن يعيننا على إتمام الرد على كل الشبهات
يقول النصراني
أعطى القرآن لله وجهاً
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ * سورة الرحمن 55: 26 و27 ,
وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍهَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * سورة القصص 28: 88 .
ذكر النصراني لإثبات صفة الوجه لله تعالى آيتين:
الآية الأولى: قوله: {ويبقى وجه ربكذو الجلال والإكرام} ( الرحمن : 27 )
والوجه: معناه معلوم ، لكن كيفيته مجهولة ، لا نعلم كيف وجه الله عز وجل ، كسائر صفاته ، لكننا نؤمن بأنله وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام ، وموصوفاً بالبهاء والعظمة والنور العظيم ، حتىقال النبي عليه الصلاة والسلام: (حجابه النور، لو كشفه، لأحرقت سبحات و انتهىإليه بصره من خلقه)
وبناء على هذا نقول : من عقيدتنا أننا نثبت أن للهوجهاً حقيقة ، ونأخذه من قوله : {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} ، ونقولبأن هذا الوجه لا يماثل أوجه المخلوقين ، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} (الشورى: 11 )، ونجهل كيفية هذا : {ولا يحيطون به علماً} ( طه : 110 )
يقول العلامة عبد الله الجبرين :
في هذهالآية إثبات الوجه صفة لله تعالى ، وهو من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن اللهتعالى ، ومثلها قوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) ، وقوله ( إلا ابتغاء وجهربك الأعلى ) ، وفي الحديث : ( من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله .. ) ،ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ) وقوله صلىالله عليه وسلم ( أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ) ، وفي الحديث أيضاً (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) .
فأهل
السنة يثبتون الوجه صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله ، زائدة على الذات ، ولايشبهونه بما يختص بالمخلوق .
( عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ،التعليقات على متن لمعة الاعتقاد ص64
فإن حاول أحد أن يتصور هذه الكيفيةبقلبه أو أن يتحدث عنها بلسانه ، قلنا: إنك مبتدع ضال ، قائل على الله مالا تعلم ، وقد حرم الله علينا أن نقول عليه مالا نعلم ، قال تعالى: {قل إنما حرم ربيالفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا ما لم ينزل بهسلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون} ( الأعراف: 33 ) ، وقال تعالى:{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}( الإسراء : 36 )
وقوله: {ذو}: صفة للوجه، والدليل الرفع ، ولوكانت صفة للرب ، لقال ذي الجلال كما قال في نفس السورة: {تبارك اسم ربك ذيالجلال والإكرام} ( الرحمن: 78 )، فلما قال: {ذو الجلال} ، علمنا أنهوصف للوجه .
قوله: {كل شيءهالك}، أي: فان، كقوله: {كل من عليها فان} ( الرحمن : 26 )
وقوله:{إلا وجهه}: توازي قوله: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام }
فالمعنى : كل شيء فان وزائل ، إلا وجه الله عز وجل ، فإنه باق ، ولهذا قال: {له الحكم وإليه ترجعون} ( القصص: 88 ) فهو الحكم الباقي الذي يرجعإليه الناس ليحكم بينهم .
وقيل في معنى الآية: {كل شيء هالك إلاوجهه}، أي: إلا ما أريد به وجهه . قالوا: لأن سياق الآية يدل على ذلك:{ولا تدع مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]، كأنه يقول: لا تدع مع الله إلهاً آخر فتشرك به، لأن عملك وإشراكك هالك ،أي: ضائع سدى ، إلا ما أخلصته لوجه الله ، فإنه يبقى ، لأن العمل الصالح له ثوابباقى لا يفنى في جنات النعيم .
ولكن المعنى الأول أسد وأقوى .
وعلى طريقة من يقو بجواز استعمال المشترك في معنييه ، نقول:
يمكن أننحمل الآية على المعنيين ، إذ لا منافاة بينهما ، فتحمل على هذا وهذا ، فيقال: كلشيء يفنى إلا وجه الله عز وجل ، وكل شيء من الأعمال يذهب هباء ، إلا ما أريد به وجهالله .
وعلى أي التقديرين ، ففي الآية دليل على ثبوت الوجه لله عز وجل .
قال الإمام البيهقي :
وهذه صفات طريقإثباتها السمع، فَنُثْبِتُها لورود خير الصادق بها، ولا نكيفها قال الله تباركوتعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فأضاف الوجه إلى الذات، وأضاف النعتإلى الوجه، فقال: "ذو الجلال والإكرام" ولو كان ذكر الوجه صلة – [أي: زيادة]، ولميكن للذات صفة لقال: ذي الجلال والإكرام. فلمـا قال: ذو الجلال والإكرام علمنا أنهنعت للوجه ، وهو صفة للذات .
( البيهقي ، الاعتقاد ص89 )
و قالالإمام ابن خزيمة في إثبات صفة الوجه لله عز وجل :
فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشامومصر ، مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه ، نقر ذلك بألسنتنا ، ونصدق ذلكبقلوبنا ، من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين عز ربنا عن أن يشبهالمخلوقين .
( ابن خزيمة ، التوحيد و إثبات صفات الرب ص10 )
اقراء الجزء الثاني
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/dividing_files/image395.gif
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/dividing_files/image395.gif
الكلام المفيد في شبهةالتجسيد
د. هشام عزمي
جرت عادة النصارى على انتحال الشبهات ضد الإسلام من الفرق الضالة و المبتدعة ؛ فتجدهم يسرقون الشبهات من الشيعة للطعن في الصحابة و أمهات المؤمنين رضي الله عنهم و من القرآنيين للطعن في الأحاديث الصحيحة .
أما هذه المرة فقد واجهونا بشبهة منحولة من كتب أهل الضلال من الأشاعرة و المعتزلة و الجهمية الذين يحرفون صفات الله عن معناها ظنًا منهم أنهم قد وجدوا مطعنًا في اهل السنة و الجماعة السائرين على منوال السلف الصالح . لذا بدأت في كتابة هذا الرد على هذه الشبهة راجيًا من الله أن أوفق في هذا .
علمًا بأني لست أول من تصدى للرد على هذه الشبهة ، بل سبقني الأخ الحبيب ساري في سلسلة ردوده الماتعة
شبهات حول الأسماء والصفات (mk:@MSITStore:C:\Users\Munir\Downloads\noor_el7k3 \noor_el7k3.chm::/shobohat_islam/asmaa_sary.htm)
ندعو الله أن تكون كل اعمالنا الصالحات لوجهه و في سبيله و نعوذ به من الرياء و النفاق .. آمين .
حمدًالله ، و صلاةً و سلامًا على خاتم أنبيائه ، و على إخوانه النبيين .
أما بعدفإن عقيدة أهل السنة والجماعة تمتاز بالصفاء والوضوح والخلو من الغموض والتعقيد ,وهي مستمدة من نصوص الوحي كتابا وسنة , وكان عليها سلف الأمة , وهي عقيدة مطابقةللفطرة , ويقبلها العقل السليم الخالي من أمراض الشبهات , وذلك بخلاف العقائدالأخرى المتلقاة من آراء الرجال , ففيها الغموض والتعقيد والخبطُ والخلط , وكيف لايكون الفرق كبيراً والبونُ شاسعاً بين عقيدة نزل بها جبريل من الله إلى رسولهالكريم صلى الله عليه وسلم وبين عقائد متنوعة مختلفة خرج أصحابها المبتدعون لها منالأرض .
و من أهم جوانب هذه العقيدة هو ما يتعلق بأسماء الله و صفاته العلا ، فنحن – أهل السنة و الجماعة – نصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلىالله عليه و سلم ، مع فهم المعنى و الجهل بالكيف ، أي أننا نثبت المعنى لله و نفوضالكيف ، خلافًا للمؤولة و المعطلة و سيأتي شرح هذا الكلام لاحقًا إن شاء الله .
و قد سارع النصارى إلى سرقة شبهات أهل التأويل الباطل و التعطيل منالمخالفين لأهل السنة و الجماعة ، و قذفنا بها قائلين : ( أنكم تثبتون لله وجهًا ويدًا و عينًا و صورتموه جالسًا على عرش و كاتبًا للألواح و جعلتموه يحب و يرضى ويغضب و يمكر ) ظنًا منهم انهم قد ألزمونا بتجسيد الله فلا فرق بيننا و بينهم في هذهالناحية .
و لسان حالهم يقول : ( طالما أنتم تثبتون لله أعضاءً و جوارح فهذايقتضي منكم الإيمان بكون الله جسدًا ، فلم إذن تنكرون علينا عقيدتنا في تجسد الإله؟ )
و الجواب بعون الملك الوهاب :
أن أهل السنة والجماعة المتبعين لعقيدة السلف الصالح من الصحابة و التابعين و من سار على نهجهمينزهون الله تعالى عن أن يشبه شئ من صفاته صفات المخلوقين ، وهذا يدل عليه قولهتعالى : ( ليس كمثله شئ) ، (ولم يكن له كفوا أحد) ، (فلا تضربوا لله الأمثال) .
و في نفس الوقت فهم يثبتون له – جل و علا – كل ما وصف به نفسه في كتابه أووصفه به سيد الخلق – عليه صلوات الله و سلامه – دون تشبيه أو تمثيل . و هذانالأصلان ( إثبات الصفات و التنزيه عن التشبيه ) هما اللذان سار عليهما أهل السنة والجماعة .
قال الشهرستاني :
فأما أحمد بن حنبلوداود بن علي الأصفهاني وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمينعليهم من أصحاب الحديث مثل مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان وسلكوا طريق السلامةفقالوا: نؤمن بما ورد في الكتاب والسنة ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعاً أنالله عز وجل لا يشبه شيئاً من المخلوقات وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره .
( الشهرستاني ، الملل و النحل ص604 )
وقال ابن خزيمة في كتابه (التوحيد) :
فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز واليمنوالعراق والشام ومصر مذهبنــا: أن نثبت لله ما أثبته الله لنفسه نقر بذلك بألسنتناونصدق بذلك في قلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين وعز ربنا أننشبهه بالمخلوقين ، وجل ربنا عن مقالة العاطلين وعز أن يكون كما قال المبطلون .
( ابن خزيمة ، التوحيد و إثبات صفات الرب ص10 )
قال ابن قدامةالمقدسي :
وعلى هذا درج السلف والخلف رضي الله عنهممتفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسولهمن غير تعرض لتأويله وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرناالمحدثات وأخبرنا أنها ضلالات .
( ابن قدامة المقدسي ، لمعة الاعتقاد ص4 )
وقال ابن عبدالبر :
أهل السنن مجمعون علىالإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ، ولم يكيفوا شيئاً منها .
( ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ج13 ص407 )
وقال الإمامالترمذي في سننه في باب فضل الصدقة :
ما ثبت بهذهالروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف هذا ، هكذا روي عن مالك بن أنس وسفيانبن عيينة وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أَمِرُّها بلا كيف ،وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة .
( سنن الترمذي ج3 ص87 )
و رب معترض يقول :
أنا لا أفهم كيف تقول نثبت الصفات و في نفس الوقت تنفي التشبيه ! هذهسفسطة و مغالطة لا تخفى على أحد ؛ فأنت إن أثبت لله يدًا فلا يخطر ببالي سوى يد بهاأصابع و عظم و عروق ، و لا أدري كيف يكون لله يد لا تشبه أيدي مخلوقاته !!
و الجواب بعون الملك الوهاب :
أولا:
اتفق جميع أهل الملل أن الله عالم قادرسميع بصير ، و هم مع ذلك لا يقولون أن علم الله كعلم أي من مخلوقاته كمًا أو كيفًا ، و لا أن قدرة الله كقدرة أي من مخلوقاته كمًا أو كيفًا ، و لا أن سمع الله كسمعأي من مخلوقاته ، و لا أن بصر الله كبصر أي من مخلوقاته . فلم يستلزم إثبات هذهالصفات أي تشبيه ، أليس كذلك ؟!
إذن من الطبيعي أن نتبع نفس المنهج مع كل ماأثبته الله لنفسه ، و هذا مما يقتضيه العقل و المنطق .
قال شيخ الإسلام فيالتدمرية :
القولُ في بعض الصفات كالقول في البعضالآخر , فإن ما أثبت من الصفات على وجهٍ يليق بالله عز وجل , يلزمك الباقي على هذاالوجه اللائق بالله .
( ابن تيمية ، العقيدة التدمرية ص46 و كذلك مجموعالفتاوى ج5 ص212 )
و قال في الجواب الصحيح :
ومن فرق بين صفة وصفة ، مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز ؛كان متناقضاً في قولـه ، متهافتاً في مذهـبه ، مشابهاً لمن آمن ببعض الكتاب وكفرببعض .
( ابن تيمية ، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج3 ص145 و كذلكمجموع الفتاوى ج9 ص290 )
و كذلك نحن جميعًا نثبت لله ذاتًا حقيقية و موجودة ، و في نفس الوقت لا نشبهها بذواتنا المخلوقة . فأولى بنا أن نتبع نفس المنهج والأسلوب في إثبات الصفات كلها ، أليس كذلك ؟!
فكما أن ذاته حقيقية لا تشبهالذوات ؛ فهي متصفة بصفات حقيقية لا تشبه الصفات ، وكما أن إثبات الذات إثبات وجودلا إثبات كيفية ، كذلك إثبات الصفات .
يقول شيخ الإسلام :
إن الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات , فكما أننا نُثبتلله ذاتاً لا تُشبه ذوات المخلوقات , فيجب أن نثبت كل ما ثبت في الكتاب والسنة منالصفات دون أن يكون فيها مشابهةٌ للمخلوقات .
( العقيدة التدمرية ص31 )
و هذا هو منهج أهل السنة و الجماعة مع كل ما وصف الله به نفسه أو وصفه بهنبيه – صلى الله عليه و سلم – فهم يثبتون الصفة فقط و لا يثبتون المثل الموجود فيالمخلوقات .
قال العلامة الشنقيطي :
ومن ظن أنصفة خالق السموات والأرض تشبه شيئا من صفات الخلق فهذا مجنون جاهل، ملحد ضال، ومنآمن بصفات ربه جل وعلا منزها ربه عن تشبيه صفاته بصفات الخلق فهو مؤمن منزه سالم منورطة التشبيه والتعطيل. وهذا التحقيق هو مضمون: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)فهده الآية فيها تعليم عظيم يحل جميع الإشكالات ويجيب عن جميع الأسئلة حول الموضوع.ذلك لأن الله قال: (وهو السميع البصير) بعد قوله (ليس كمثله: شئ). ومعلوم أن السمعوالبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات، فكأن الله يشير للخلق ألاينفوا عنه صفة سمعه وبصره بادعاء أن الحوادث تسمع وتبصر وأن ذلك تشبيه بل عليهم أنيثبتوا له صفة سمعه وبصره على أساس (ليس كمثله شىء). فالله جل وعلا له صفات لائقةبكماله وجلاله والمخلوقات لهم صفات مناسبة لحالهم وكل هذا حق ثابت لا شكفيه.
إلا أن صفة رب السموات والأرض أعلى وأكل من أن تشبه صفات المخلوقين، فمننفي عن الله وصفا أثبته لنفسه فقد جعل نفسه أعلم من الله (سبحانك هذا بهتان عظيم).من ظن أن صفة ربه تشبه شيثا من صفة الخلق فهذا مجنون ضال ملحد لا عقل له يدخل فيقوله: (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين). ومن يسوى رب العالمينبغيره فهو مجنون .
( محمد الأمين الشنقيطي ، منهج و دراسات لآيات الأسماءو الصفات ص3 )
و قال شارح الطحاوية في شرحه لقول الإمام الطحاوي(ولايشبه الأنام) :
ولكن المشهور من استعمال هذا اللفظعند علماء السنة المشهورين : أنهم لا يريدون بنفي التشبيه نفي الصفات ، ولا يصفونبه كل من أثبت الصفات . بل مرادهم أنه لا يشبه المخلوق في أسمائه وصفاته وأفعاله ،كما تقدم من كلام أبي حنيفة رحمه الله" أنه تعالى يعلم لا كعلمنا ، ويقدر لاكقدرتنا ، ويرى لا كرؤيتنا ". وهذا معنى قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميعالبصير) . فنفى المثل وأثبت الصفة .
( ابن أبي العز الحنفي ، شرح العقيدةالطحاوية ص26 )
ثانيًا :
كيفيةالصفة تختلف حتمًا باختلاف الموصوف ، فأنت مثلاً عندما تقول أن زيدًا حي يتبادر إلىذهنك أن الحياة في زيد عبارة عن سريان الدم في الأوعية الدموية و ضربات القلب وتردد الأنفاس . و لكن عندما تقول أن النبات حي فلا يتبادر لذهنك نفس المتبادر مننفس الصفة عند إثباتها لزيد . و لا يقول أحد أن في وصف النبات بالحياة تشبيه لهبزيد ، فهذا من الهراء الذي لا يخطر على عقل بشر .
لذا فنحن عندما نقرأ فيالقرآن أن لله وجهًا أو يدًا أو عينًا لا يتبادر إلى أذهاننا نفس الأعضاء أوالجوارح المخلوقة ، بل يتجه تفكيرنا لوجهة أخرى تثبت هذه الصفات – و ليس الأعضاءلأن الله منزه عن الأعضاء و الأجزاء – بما يليق بكمال الله و جلاله تعالى عما يصفون .
و خلاصة الجواب :
أن دعوىالنصارى بأن إثبات هذه الصفات في القرآن و الإيمان بها على ظاهرها يستلزم الإيمانبكون الله جسدًا و بالتالي فلا مناص لنا من الإقرار بتجسد الإله في شخص المسيح أو –على الأقل – عدم الاعتراض عليه من الناحية العقلية أو العقائدية ، هذه الدعوى لاتخرج عن كونها جهلاً فاضحًا بمعتقد أهل السنة و الجماعة في هذه الصفات أو تدليسًاعلى هذا المعتقد . و قد سبق توضيح معتقد أهل السنة و الجماعة في هذه الصفات و هوإثباتها كما هي على ظواهرها المفهومة من كلام العرب بلا تأويل أو نفي و في نفسالوقت بلا تشبيه أو تمثيل بالمخلوقات .
قال الصابوني في عقيدته :
أصحاب الحديث، حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم، يشهدون لله تعالىبالوحدانية، وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عزوجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم علىما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبتلنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاتهبصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله عز من قائل: (يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي) ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدينعلى النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهمابكيف أو تشبيههما بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالىأهل السنة من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبلالتوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: (ليسكمثله شيء وهو السميع البصير).
وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرهاالقرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوةوالقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخطوالحياة، واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبينالمخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآلهوسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولاتبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر،ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلاالله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخونفي العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولوالألباب).
( أبو عثمان الصابوني ، عقيدة السلف أهل الحديث ص1-2 )
يقول النصارى في مواقعهم :
القرآن الذي حارب بعنف تجسّد الله في المسيح,, والذي يقرر أنالذين يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله، هم كفرة,, قاتلهم الله,, هذا القرآن عينهجسّد الله .
و قد بينا تهافت هذا المنطق في كلامنا السابق ، و قررناقاعدة أهل السنة و الجماعة في إثبات الصفات لله تعالى . فالثابت عندنا هو أن صفاتالله لا تشبه صفات الأجساد لأن ذاته ليست جسدًا ، و الكلام في الصفات فرع من الكلامعن الذات . فإذا تقرر أن الذات ليست جسدًا ، استحال أن تثبت التجسيد بطريق الصفات .و هذا من بداهات العقل لأن الذات أصل و الصفات فروع من هذا الأصل ، و لا يجوز أنيتبع الأصل الفروع بل العكس هو الصحيح .
وليس بمولدٍ وليس بوالدٍ --- وليسله شِبْهٌ تعالى المُسبحُ
( حائية ابن أبي داود )
يقولشارح الحائية :
( وليس له شبه ) أي : الله سبحانهوتعالى , والشبه هو المثيل والنظير , والله لا شبيه له ولا مثيل ولا نظير لا فيأسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله .
قال الله تعالى ( ...لَيْسَ كَمِثْلِهِشَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ( الشورى11 )
وقال تعالى ( ... هَلْتَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) ( مريم65 )
وقال ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ( الإخلاص4 )
وقال ( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْتَعْلَمُونَ ) ( البقرة22 )
ويؤخذ من هذا أن إثبات الصفات لا يقتضي التمثيلفإن التمثيل أمر آخر غير إثبات الصفات .
يقول الإمام أحمد رحمه الله :المشبه يقول يدي كيدي وسمع كسمعي ... والله يقول ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) , فالذي يثبت الصفات لله على الوجه الذي يليق به ليس بمشبه , وإنما المشبه الذي يشبه صفات الله بصفات خلقه , وأهل السنة مطبقون على ذم هؤلاءالمشبهة , وأن مقالتهم كفر وضلال .
( التحفة السنية شرح منظومة ابن أبيداود الحائية )
و نحن الآن نتناول حججهم بالتفصيل لدحضها و تفنيدها في نورالحق الساطع و نواصل كلامنا مع شبهات النصارى المنحولة من كتب أهل البدع و الضلالداعين الله تعالى أن يعيننا على إتمام الرد على كل الشبهات
يقول النصراني
أعطى القرآن لله وجهاً
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍوَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ * سورة الرحمن 55: 26 و27 ,
وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍهَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * سورة القصص 28: 88 .
ذكر النصراني لإثبات صفة الوجه لله تعالى آيتين:
الآية الأولى: قوله: {ويبقى وجه ربكذو الجلال والإكرام} ( الرحمن : 27 )
والوجه: معناه معلوم ، لكن كيفيته مجهولة ، لا نعلم كيف وجه الله عز وجل ، كسائر صفاته ، لكننا نؤمن بأنله وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام ، وموصوفاً بالبهاء والعظمة والنور العظيم ، حتىقال النبي عليه الصلاة والسلام: (حجابه النور، لو كشفه، لأحرقت سبحات و انتهىإليه بصره من خلقه)
وبناء على هذا نقول : من عقيدتنا أننا نثبت أن للهوجهاً حقيقة ، ونأخذه من قوله : {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} ، ونقولبأن هذا الوجه لا يماثل أوجه المخلوقين ، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} (الشورى: 11 )، ونجهل كيفية هذا : {ولا يحيطون به علماً} ( طه : 110 )
يقول العلامة عبد الله الجبرين :
في هذهالآية إثبات الوجه صفة لله تعالى ، وهو من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن اللهتعالى ، ومثلها قوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) ، وقوله ( إلا ابتغاء وجهربك الأعلى ) ، وفي الحديث : ( من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله .. ) ،ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ) وقوله صلىالله عليه وسلم ( أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ) ، وفي الحديث أيضاً (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) .
فأهل
السنة يثبتون الوجه صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله ، زائدة على الذات ، ولايشبهونه بما يختص بالمخلوق .
( عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ،التعليقات على متن لمعة الاعتقاد ص64
فإن حاول أحد أن يتصور هذه الكيفيةبقلبه أو أن يتحدث عنها بلسانه ، قلنا: إنك مبتدع ضال ، قائل على الله مالا تعلم ، وقد حرم الله علينا أن نقول عليه مالا نعلم ، قال تعالى: {قل إنما حرم ربيالفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا ما لم ينزل بهسلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون} ( الأعراف: 33 ) ، وقال تعالى:{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}( الإسراء : 36 )
وقوله: {ذو}: صفة للوجه، والدليل الرفع ، ولوكانت صفة للرب ، لقال ذي الجلال كما قال في نفس السورة: {تبارك اسم ربك ذيالجلال والإكرام} ( الرحمن: 78 )، فلما قال: {ذو الجلال} ، علمنا أنهوصف للوجه .
قوله: {كل شيءهالك}، أي: فان، كقوله: {كل من عليها فان} ( الرحمن : 26 )
وقوله:{إلا وجهه}: توازي قوله: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام }
فالمعنى : كل شيء فان وزائل ، إلا وجه الله عز وجل ، فإنه باق ، ولهذا قال: {له الحكم وإليه ترجعون} ( القصص: 88 ) فهو الحكم الباقي الذي يرجعإليه الناس ليحكم بينهم .
وقيل في معنى الآية: {كل شيء هالك إلاوجهه}، أي: إلا ما أريد به وجهه . قالوا: لأن سياق الآية يدل على ذلك:{ولا تدع مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]، كأنه يقول: لا تدع مع الله إلهاً آخر فتشرك به، لأن عملك وإشراكك هالك ،أي: ضائع سدى ، إلا ما أخلصته لوجه الله ، فإنه يبقى ، لأن العمل الصالح له ثوابباقى لا يفنى في جنات النعيم .
ولكن المعنى الأول أسد وأقوى .
وعلى طريقة من يقو بجواز استعمال المشترك في معنييه ، نقول:
يمكن أننحمل الآية على المعنيين ، إذ لا منافاة بينهما ، فتحمل على هذا وهذا ، فيقال: كلشيء يفنى إلا وجه الله عز وجل ، وكل شيء من الأعمال يذهب هباء ، إلا ما أريد به وجهالله .
وعلى أي التقديرين ، ففي الآية دليل على ثبوت الوجه لله عز وجل .
قال الإمام البيهقي :
وهذه صفات طريقإثباتها السمع، فَنُثْبِتُها لورود خير الصادق بها، ولا نكيفها قال الله تباركوتعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فأضاف الوجه إلى الذات، وأضاف النعتإلى الوجه، فقال: "ذو الجلال والإكرام" ولو كان ذكر الوجه صلة – [أي: زيادة]، ولميكن للذات صفة لقال: ذي الجلال والإكرام. فلمـا قال: ذو الجلال والإكرام علمنا أنهنعت للوجه ، وهو صفة للذات .
( البيهقي ، الاعتقاد ص89 )
و قالالإمام ابن خزيمة في إثبات صفة الوجه لله عز وجل :
فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشامومصر ، مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه ، نقر ذلك بألسنتنا ، ونصدق ذلكبقلوبنا ، من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين عز ربنا عن أن يشبهالمخلوقين .
( ابن خزيمة ، التوحيد و إثبات صفات الرب ص10 )
اقراء الجزء الثاني
http://www.sheekh-3arb.net/3atter/dividing_files/image395.gif