المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : البدعة وخطرها في الدِّين


أبوحذيفة الأثري
19.03.2012, 10:35
http://www.noor-alyaqeen.com/mlafat/7.gif




البدعة وخطرها (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1553)في الدِّين



إنَّ الناظر في تاريخ هذه الأمة , يعلم أن أزهى عصورها , وأفضلها على الإطلاق عصر النبوة وما بعده , وذلك لأن هذا العصر كان أصفى عقيدة وعملا , خال من البدع والشبهات فاستقامت الأمة أيما استقامة , اعتصمت بكتاب ربها فلم تضل ولم تزغ , وتمسكت بهدي نبيها فلم تحد عنه ولم تبتدع , فأصبح ذكرها مرفوعا ، وأثرها معلوما ، وفضلها مشهورا ، فأعلى الله كلمتها , ونصرها وأعزها , ودانت لها الأمم من حولها ، فلم يستطع كسرى و لا قيصر صد زحفها بل زحفت وزحفت حتى بلغ الدين مبلغه , وأصبح للدين شوكته ومهابته ومنعته ودولته , كانت مترابطة متماسكة قوة واحدة في وجه عدوها لا خلاف ولا اختلاف , حتى تسربت إليها بعض البدع الفاسدة فأثر ذلك فيها فظهرت الفرقة بين صفوف الأمة , وبدأ الوهن والضعف يدب فيها .



حتى أنك لو نظرت وجدت شيئا واضحا, وهو أن هذه البدع لها علاقة أصيلة بعز الأمة وذلها , فحين كانت الأمة خالية من البدع كانت عزيزة ، ولما أصبحت الدولة للبدعة وأهلها أصبحت الأمة أذل الأمم , وإذا أردت دليلاً فتأمل عصرنا وانظر كم البون شاسع بين عهدنا وعهدهم الذي خلا من البدع , والبون شاسع بين حالنا وحالهم .



خطر الابتداع في الدِّين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1553):



اعلم يا أخي : أن الله تبارك وتعالى قد أنعم على هذه الأمة الإسلامية من جملة نعمه عليها بنعمة عظيمة وجليلة ، ألا وهي نعمة كمال الدين وتمامه ، فلم يتوف رسوله إلا بعد أن أكمل الدين ورضيه له ولأمته ، فأنزل على رسوله قبل وفاته بأشهر في حجة الوداع قوله : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة3.



قال ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير هذه الآية : " أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً ، وقد رضيه فلا يسخطه أبداً ".



ولهذا كانت اليهود تحسد المسلمين على هذه الآية كما روى الشيخان أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر فقال : " آية في كتابكم تقرؤنها لو نزلت علينا معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال : وأي آية ؟ قال : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة3.



وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكمال الدين وأنه لا يسع أحد الخروج عنه إلا هلك فقال : " إني تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ".



فإذا تقرر ذلك فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله ما ليس منه ، ولا أن يعبد الله إلا بما شرع الله ورسوله ، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله ورسوله ، وأن يتبعوا الكتاب والسنة ، وأن لا يبتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله ولم يشرعه رسوله مهما رأوه حسنا ، وزينته لهم أنفسهم ، لأن الدين كمل وليس فيما خرج عنه إلا البدعة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1553)والضلال .



واعلم - رحمك الله - أنّ كلامه - رضي الله عنه - وما يأتي من كلام أمثاله من السلف في معاداة أهل البدع والضلالة في أن ضلالة القوم لا تُخرج عن الملة ، لكنهم شدَّدوا في ذلك ، وحذروا منه لأمرين :



الأول : غلظ البدعة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1553)في نفسها ، فهي عندهم أجل من الكبائر ، ويعاملون أهلها أغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر ، كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ـ ولو كان عالما عابدا ـ أبغض وأشدّ ذنباً من السني المجاهر بالكبائر .



الثاني : أن البدع تجرُّ إلى الرِّدة الصريحة كما وجد من كثير من أهل البدع ، فمثال البدعة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1553)التي شددوا فيها مثل تشديد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح خوفاً مما وقع من الشرك الصريح الذي يصير به المسلم مرتداً .



وقال ابن وضاح في كتاب "البدع والحوادث" بعد حديث ذكره : " أنه سيقع في هذه الأمة فتنة الكفر وفتنة الضلالة ".



وقال رحمه الله : " إن فتنة الكفر هي الردة يحل فيها السبي و الأموال ، وفتنة الضلالة لا يحل فيها السبي والأموال " .



قال الحسن البصري: " لو أن رجلاً أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئاً قال : ووضع يده على خدِّه ، ثم قال : إلا هذه الصلاة ، ثم قال : أما والله لمن عاش في هذه النكرا ، ولم يدرك هذا السلف الصالح ، فرأى مبتدعاً يدعو إلى بدعته ، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه ، فعصمه الله عن ذلك ، وجعل قلبه يحن إلى ذكر هذا السلف الصالح ، يسأل عن سبيلهم ويتقص آثارهم ، ويتبع سبيلهم ، ليعوض أجرا عظيما ، فكذلك فكونوا إن شاء الله تعالى " .



والبدعة مذمومة من جهة النَّظَر والنقل الشَّرعي العام :



فمن جهة النظر :



• أحدها : أنه قد علم بالتجارب أن العقول غير مستقلة بمصالحها استجلاباً لها ، أو مفاسدها استدفاعاً لها ، لأنها إما دنيوية أو أخروية :



فأما الدنيوية : فلا يستقل باستدراكها على التفصيل ألبته ، لا في ابتداء وضعها أولا ، ولا في استدراك ما عسى أن يعرض في طريقها ، إما في السوابق ، وإما في اللواحق ، فلولا أنْ منَّ الله على الخلق ببعثة الأنبياء ؛ لم تستقم لهم حياة ، ولا جرت أحوالهم على كمال مصالحهم ، وهذا معلوم بالنظر في أخبار الأولين والآخرين .



وأما المصالح الأخروية : فأبعد عن مصالح العقول من جهة وضع أسبابها ، وهي العبادات مثلا ، فإن العقل لا يشعر بها على الجملة ، فضلا عن العلم بها على التفصيل .



فبالجملة : العقول لا تستقل بإدراك مصالحها دون الوحي ، فالابتداع مضاد لهذا الأصل.



الثاني : أن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان :



والمبتدع حاصل قوله بلسان حاله أو مقاله : أن الشريعة لم تتم ، وإنه بقى منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها . لأنه لو كان معتقدا كمالها وتمامها من كل وجه ؛ لم يبتدع ولا استدرك عليها .



وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم .



قال ابن الماجشون : سمعت مالكاً يقول : " مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة ؛ لأن الله يقول : { اليوم أكملت لكم دينكم } ، فما لم يكن يومئذ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً " .



الثالث : أن المبتدع مُعاند للشرع ومشاقٌّ له :



لأن الشارع قد عين لمطالب العبادة طرقا خاصة على وجوه خاصة ، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد ، وأخبر أن الخير فيها ، وأن الشر في تعديها ؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم ، وأنه إنما أرسل الرسول رحمة للعالمين .



فالمبتدع رادٌّ لهذا كله ، فإنه يزعم أن ثم طرقا أخر ليس ما حصره الشرع بمحصور ، ولا عينه بمتعين ، كأن الشارع يعلم ونحن أيضا نعلم .



بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشرع أنه علم ما لم يعلمه الشارع .



وهذا إن كان مقصودا للمبتدع ، فهو كفر بالشريعة والشارع ، وإن كان غير مقصود ؛ فهو ضلال مبين .



الرابع : أن المبتدع قد أنزل نفسه منزلة المضاهي للشارع :



لأن الشارع وضع الشرائع ، وألزم الخلق الجري على سننها ، وصار هو المنفرد بذلك، و إلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع ولا احتيج إلى بعث الرسل عليهم السلام .



فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا ، حيث شرع مع الشارع ، ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك .



الخامس : أنه اتباع للهوى :



لأن العقل إذا لم يكن متبعاً للشرع ؛ لم يبق له إلا الهوى والشهوة ، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى ، وأنه ضلال مبين .







المصدر (http://assalam.ws/portal/article-view-90.html)

فارس التوحيد
19.03.2012, 19:56
شكراً
بارك الله فيك أخي الفاضل