أبوحذيفة الأثري
13.03.2012, 21:47
http://www.noor-alyaqeen.com/mlafat/7.gif
سؤال وجواب (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)حول فقه الواقع
للشيخ العلامة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)
محمد ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الدين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الألباني (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)رحمه (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)تعالى
http://www.assakina.com/thumbnail.php?file=fatawa_153009405.jpg&size=article_medium
سؤال وجواب (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)حول فقه الواقع
لشيخ الإسلام العلامة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)
محمد ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الدين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الألباني (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)السلفي
الطبعة الأولى كانت سنة
1412 هـ ـ 1992 م
الناشر
دار الجلالين للنشر والتوزيع
السعودية ـ الرياض
مقدِّمة المؤلِّف
الحمدُ لله ربِّ العالَمين ، والصلاة ُ والسلامُ على سَيِّدِ المُرسَلين ، وعلى آلِهِ وصحبهِ أجمعين .
أما بعد :
فهذه رسالة ضمنتها جواباً على سؤال (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)وَرَدَ إلَيَّ حولَ ما يُسمى بـ (( فقه ِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) وحُكمهِ ، ومَدى حاجةِ المُسلمينَ إليهِ ، مَعَ بيان ِ صورَتِهِ الشرعيَّةِ الصَّحيحة .
وأصلُ هذه الرِّسالةِ جوابٌ مُرتجَلٌ في مَجلس ٍ من المَجالس ِ العلميَّة التي يَجتمعُ فيها ـ ولله الحَمد ـ عَددٌ مِن الشبابِ المُسلم ِ الحَريص ِ على طلبِ العلم ِ الصَّحيح ِ ؛ المُستقى مِن الكتابِ والسُّـنَّة ، وعلى منهَج ِ السَّلَفِ الصَّالح ، صَفوَةِ الأُمَّة .
ثمَّ قامَ أحَدُ الإخوَةِ ـ جزاهُ اللهُ خيراً ـ بنسخ ِ كلامي الوارِد في شريط التَّسجيل ، وعَرَضهُ عَلَيَّ ، فعَدَّلتُهُ ، وَزِدتُ عليه ، وَنقَّحُتهُ ، بما يَتناسَبُ مع نشْرِهِ ؛ لِتعُمَّ به الفائدَةُ ، ويَزدادَ به النَّفعُ ـ إن شاءَ اللهُ ـ .
وقَـَد قامَ أخونا الفاضلُ (( علي بن حَسَن )) ـ وَفـَّقـَهُ اللهُ لِمَراضيهِ ـ بَتهيئـَةِ هذه الرِّسالةِ للنَّشرِ ، وإعدادِها للطَّبع( [1] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1) ) ، ثم نَسَخَها ـ بَعدُ ـ بِيَدِهِ ، وَضَبَط نَصَّها ، وَقَدَّمَ لها ؛ فَجَزاهُ اللهُ خَيراً .
فاللهَ أسألُ أن يَنفَعَ بهذه الرِّسالةِ المُختَصرةِ قارئيها ، وأن يُفيدَ بها طالبيها ، إنَّهُ سميعٌ مُجيبٌ .
وكتبه : محمد (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الدين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الألباني (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ــ عَمَّان : 29 شوَّال 1412 هـ .
فقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ِ
إنَّ الحَمدَ لله نَحمَدُهُ ونَستعينُهُ ونَستغفرُهُ ، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسنا ومِن سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ ، ومَن يُضِلل فلا هادِيَ لهُ .
وأشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شريكَ لهُ .
وأشهَدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدُهُ ورسولُهُ .
أمَّا بَعد :
فإنَّ رَسولَ اللهِ مُحمَّداً rيقولُ : (( يُوشِكُ الأُمَمُ أن تـَداعى عَليكُم ، كما تـَداعى الأكَلَةُ إلى قَصْعَتِها )) .
فقال قائلٌ : ومِن قِلَّةٍ نَحنُ يَومَئذٍ ؟
قال : (( بَل أنتُم يَومَئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكُم غُثاءٌ كَغُثاء ِ السَّيل ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللهُ من صُدورِ عَدُوِّكُم المَهابَةَ منكُم ، وَلَيَقْذفَنَّ اللهُ في قُلوِبكُم الوَهَن )) .
فقال قائلٌ : يا رَسولَ اللهِ ! وما الوَهَنُ ؟
قال : (( حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ المَوت ))( [2] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2) ) .
◄ واقعُ المُسلمين :
قـَد تـَجلَّى هذا الحَديثُ النَّبويُّ الشريفُ بأقوى مظاهرِهِ وأجلى صُوَرِهِ ، في الفتنةِ العظيمَةِ التي ضَرَبَت المُسلمين ؛ فَفَرَّقـَتْ كلمَتـَهُم ، وَشـَتـَّتـَتْ ( صُفوفَـَهُم ) .
وَلـَقـَد أصابَ طـَرَفٌ مِن هذه الفتنةِ القاسيةِ جَذْرَ قـُلوبِ عَددٍ كبيرٍ مِن الدُّعاةِ وَطـَلـَبَةِ العلم ِ ، فانقـَسَموا ـ وللأسَف الشديدٍ ـ على أنفُسهم ، فصارَ بَعضُهُم ( يَتـَكلـَّمُ ) في بَعض ٍ ، والبَعضُ ( الآخَرُ ) ينقـُدُ الباقين ، ويَرُدُّ عليهم ... وهكذا ...
◄ معرفةُ الحقِّ بالردِّ :
وليسَت تلك الرُّدودُ ( مُجَرَّدة ً ) ، أو هاتيكَ النَّقـَداتُ ( وَحدَها ) بضائرةٍ أحداً مِن هؤلاء أو أولئكَ ، سواءٌ منهم الرَّادُّ أم المَردودُ عليه ، لأنَّ الحَقَّ يُعرَفُ بنوِرهِ ودلائِلهِ ، لا بِحاكيِه وقائِلهِ ـ عند أهل ِ الإنصافِ ، وليسَ عندَ ذوي التعصُّب والاعتساف ـ ؛ وإنَّما الذي يَضيرُ أولئكَ أو هؤلاء : هو الكلامُ ، بغَير علم ٍ ، وإلقاءُ القَول ِ على عَواهِنِهِ ، والتكلُّمُ بغَيرِ حقَّ على عبادِ الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)!!
◄ مسألةُ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
ولـَقـُد أثيرَت أثناءَ تلك الفتنةِ العَمياء ِ الصمَّاء ِ البَكماء ِ مسائلُ شَتَّى ؛ فِقهيَّة ً ، ومَنهَجيَّة ً ، ودَعَويَّة ً ، وكان لنا ـ حينَها ـ أجوبة ٌ علمَّية ٌ عليها بِحَمد الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)سبحانهُ ومِنَّتِه .
ومِن المَسائل التي أعقَبَت تلك الفتنة َ ، وكَثُرَ الخَوضُ فيها : ما اصْطَلحَ ( البَعضُ ) على تَسميِتِه بـ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) !!
وأنا لا أخاِلفُ في صورَةِ هذا العلم ِ الذي ابتَدعوا لهُ هذا الاسمَ ، ألا وهو (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ؛ لأنَّ كثيراً مِن العُلَماءِ قـَد نَصُّوا على أنَّه يَنَبغي على مَن يَتَوَلونَ تَوجيهَ الأمَّةِ وَوضعَ الأجوبَةِ لِحَلِّ مشاكلهم : أن يَكونوا عالمينَ وعارفينَ بِواقِعِهِم ؛ لذلك كان مِن مَشهورِ كلماِتهِم : (( الحُكمُ على الشيءِ فَرعٌ عَن تَصَوُّرهِ )) ، ولا يَتَحقَّق ذلك إلا بمَعرفَةِ ( الواقِع ) المُحيطِ بالمسألَةِ المُرادِ بَحثُها ؛ وهذا مِن قَواعدِ الفُتيا بِخاصَّةٍ ، وأصول ِ العلم ِ بعامَّةٍ .
فَفِقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ـ إذاً ـ هو الوقوفُ على ما يَهُمُّ المُسلمين مِمَّا يَتَعلَّقُ بشؤوِنهِم ، أو كيدِ أعدائِهم ؛ لتحذيرِهم ، والنُّهوض ِ بهم ، واقعيَّاً ، لا كلاماً نَظَريَّاً( [3] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3) ) ، أو انشغالاً بأخبارِ الكُفَّارِ وأنبائهم ... أو إغراقاً بِتحليلاِتهِم وأفكارِهم ِ !!
◄ أهمِّيَّةُ معرفة الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223):
فمَعرفةُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ِ للوُصول ِ به إلى حُكم ِ الشرع ِ واجبٌ مهم مِن الواجباتِ التي يَجبُ أن يَقومَ بها طائفة ٌ مُختصَّة ٌ مِن طلاَّب ِ العلم ِ المُسلمينَ النُّبَهاء ِ ، كأيِّ علم مِن العلوم ِ الشرعيَّةِ ، أو الاجتماعيَّةِ ، أو الاقتصاديَّةِ ، أو العَسكريَّةِ ، أو أيِّ علم ٍ يَنفعُ الأمَّة َ الإسلاميَّة َ ويُدنيها مِن مَدارج ِ العَودَةِ إلى عِزِّها ومَجدِها وَسُؤْدُدِها ، وَبـِخاصَّةٍ إذا ما تـَطَوَّرَت هذه العلومُ بتـَطوُّرِ الأزِمنَةِ والأمكنَةِ .
◄مِن أنواع ِ (( الفقه )) الواجبة :
وَمِمَّا يَجبُ التَّنبيهُ عليه في هذا المَقام ِ أنَّ أنواعَ الفقهِ المَطلوبَة َ مِن جُملـَةِ المُسلمين ليسَت فـَقـَط ذلك الفقهَ المَذهَبيَّ الذي يَعرفونَهُ ويتلقـَّنونَهُ ، أو هذا (( الفقهَ )) الذي تـَنـَبَّه إليه ونَبَّهَ عليه بعضُ شبابِ الدُّعاةِ ! حيثُ إنَّ أنواعَ الفقهِ الواجبِ على المُسلمين القيامُ بها ـ ولو كِفائيَّاًً عل الأقلّ ـ أكبرُ مِن ذلك كلـِّه ، وأوسَعُ دائرَة ً منهُ ؛ فَمِن ذلك مَثلا ً : (( فقه الكتاب )) ، و (( فقه السُّنـَّة )) ، و (( فقه اللُّغَة )) ، و (( فقه السُّنن الكَونيَّة )) ، و (( فقه الخلاف )) ، ونَحو ذلك مِمَّا يُشبهُهُ .
وهذه الأنواعُ مِن الفقه ـ بـِعُمومِها ـ لا تـَقِلُّ أهميَّة ً عَن نَوعي الفقهِ المُشارِ إليهما قـَبلُ ، سواءٌ منها الفقهُ المَعروفُ ، أم (( فقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ِ )) الذي نَحنُ بـِصدَدِ إيضاح ِ القَول فيه .
وَمَع ذلك كُلـِّه ؛ فإنَّنا لا نَرى مَن يُنَبِّهُ على أنواع ِ الفقهِ هذه ، أو يُشيرُ إليها ! وَبخاصَّةٍ (( فقه الكتاب والسنة )) الذي هو رَأسُ هذه الأنواع ِ وأسُّها ، هذا الفقهُ الذي لو قال أحدٌ بوجوبهِ عَينيَّا ً لـَما أبعَدَ ؛ لِعَظيم ِ حاجَةِ المُسلمين إليه ، وشديدِ لُزومِهِ لهم ؛ وبالرُّغم ِ من ذلك :
فإنَّنا لا نَسمَعُ مَن يُدَندِنُ حَولَهُ ، وَيُقَعِّدُ مَنهَجَهُ ، ويشغلُ الشبابَ بهِ ، وَيُربيهم عليه !
◄ نُريدُ ( المَنهج ) لا مُجرَّدَ الكلام :
نَعَم ؛ كثيرون ـ ولله الحَمد ـ الَّذينَ يَتـَكلَّمونَ في الكتاب والسُّنَّة اليَومَ ، وَيُشيرون إليهما ، ولكنَّ الواجبَ الذي نُريدُهُ ليسَ فقط أكتوبَة ً ، أو مُحاضَرَة ً هناك ، إنما الذي نُريدُهُ جَعلُ الكتاب ِ والسُّنَّة الإطارَ العامِّ لكلِّ صَغير وكبير ِ ، وأن يَكونَ منَهجهمُماً هو الشِّعارَ والدِّثارَ للَّدعوَةِ ؛ بَدْء ٍ وانتهاءً ، وبالتَّالي أن يَكونَ تـَفكيرُ المَدعوّين مِن الشبابِ وغَيرهم مُؤصَّلا ً وَفـْق هذا المَنهَج العَظيم الذي لا يصَلاحَ للأمَِّة إلا بهِ وعليه .
فلا بُدَّ ـ إذا ً ـ من أن يكون هناك عُلماءُ في كُلَّ أنواع الفقه ِ المُتقدِّمَةِ ـ وبخاصَّة (( فقه الكتاب والسُّنَّة )) ـ ، بـِضَوابط واضحةٍ ، وَقواعِدَ مُبيِّنَةٍ .
◄ الانقسام حولَ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
ولكَّننا سمِعنا ولاحَظنا أنَّهُ قـَد وَقـَعَ كثيرٌ مِن الشبابِ المُسلم ِ في حَيْصَ بيْصَ نَحو هذا النَّوع ِ من العلم الذي سَبَقت الإشارَةُ إلى تـَسمِيَتهم له بـِ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، فانقـَسموا قسمين ، وصاروا ـ للأسَفِ ـ فَريقيَن ، حيثُ إنَّه قـَد غـَلا البَعضُ بهذا الأمر ، وَقـَصَّرَ البَعضُ الآخَرُ فيهِ !
إذ إنكَ تـَرى وتـَسمَعُ ـ مِمَّن يُفَخِّمونَ شأنَ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وَيَضعونَهُ في مرتبةٍ عَليَّةٍ فوقَ مَرتبتهِ العلميَّةِ الصَّحيحةِ ، ـ أنهم يُريدونَ مِن كُلِّ عالم ٍ بالشرع ِ أن يَكونَ عالماً بما سَمَّوهُ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) !
كما أن َّ العَكسَ ـ أيضاً ـ حاصلٌ فيهم ، فـَقـَد أوْهموا السَّامعينَ لهم ، والمُلتـَفَّينَ حَولـَهُم أنَّ كلَّ مَن كان عارفاً بواقع العالم ِ الإسلاميِّ هو فقيهٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ ، وعلى منهج السَّلف الصَّالح !!
وهذا ليسَ بلازِم ٍ كما هو ظاهرٌ .
◄ الكمالُ عزيزٌ ؛ فالواجبُ التـَّعاوُنُ :
وَنَحنُ لا نَتـَصوَّرُ وجودَ إنسان ٍ كاملٍ بكُلِّ مَعنى هذه الكلمةِ ، أي : أن يَكونَ عالماً بكُلِّ هذه العلوم التي أشرتُ إليها ، وَسَبَقَ الكلامُ عليها .
فالواجبُ إذاً : تـَعاوُنُ هؤلاء ِ الذين تـَفَرَّغوا لِمَعرفـَةِ واقع ِ الأُمةِ الإسلامَّيةِ وما يُحاكُ ضِدَّها ، مَعَ عُلماء ِ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلى نَهج ِ سَلفِ الأُمَّةِ ، فأولئكَ يُقدَّمونَ تـَصوُّراتِهم وأفكارَهم ِ ، وهؤلاء يُبيِّنونَ فيها حُكمَ اللهِ سبحانَهُ ، القائمَ على الدِّليل ِ الصَّحيح ِ ، والحُجَّةِ النيِّرَةِ .
أمَّا أن يُصبحَ المُتـَكلِّمُ في (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) في أذهان ِ سامعيهِ واحداً من العُلماء ِ والمُفتينَ ، لا لِشيءٍ إلا لأنَّه تكلَّمَ بهذا (( الفقهِ )) المشار إليه ، فهذا ما لا يُحكَمُ له بوجهٍ من الصَّوابِ ؛ إذ يُتـَّخَذُ كلامُهُ تُكَأة ً تُرَدُّ بها فتاوى العُلماء ، وتُنْقَضُ فيه اجتهاداتهُم وأحكامُهُم .
◄ خَطَأُ ( العالِم ِ ) لا يُسْقِطُهُ :
وِمن المُهمِّ بيانُهُ في هذا المَقام ِ أنهُ قـَد يُخطئُ عالِمٌ ما في حُكمِهِ على مسألةٍ مُعَيَّنةٍ مِن تلك المسائل ِ الواقعيَّةِ ، وهذا أمرٌ ( حَدَث ) وَيَحدُثُ ، ولكنْ ... هل هذا يُسقِطُ هذا العالمَ أو ذاكَ ، وَيَجعلُ المُخالفينَ له يَصِفُونَهُ بكلماتِ نابيَةٍ لا يَجوزَ إيرادُها عليه ، كأنْ يُقالُ مثلا ً ـ وقـَد قيل ـ : هذا فقيهُ شرْع ٍ وليسَ فقيهَ واقع ٍ !!!
فهذهِ قِسمَة ٌ تُخالفُ الشرع َ والواقع !
فكلامُهُم المُشارُ إليه كُلُّه كأنَّهُ يوجـِبُ على عُلماء ِ الكتابِ والسُّنَّةِ أن يَكونوا ـ أيضاً ـ عارفينَ بالاقتصادِ والاجتماع ِ والسِّياسةِ والنُّظُم العَسكريَّةِ وطُرُق استعمال ِ الأسلحةِ الحَديثةِ ، ونَحوِ هذا وذاك !!
ولستُ أظُنُّ أنَّ هناكَ أنساناً عاقلا ً يَتصوَّر اجتماع َ هذه العلوم والمَعارِف كلَّها في صَدرِ إنسان ٍ ، مهما كان عالماً أو ( كاملا ً ) .
◄ خَطَأ ( الجَهل ) بالواقع :
وقـَد سَمِعنا أيضاً عَن أناس ٍ يقولونَ : (( ما يَهُمُّنا نَحنُ أن نَعرِفَ هذا الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ! فهذا ـ إن وَقـَعَ ـ خطاُ أيضاً .
فالعَدلُ أن يُقال : لا بُدَّ في كلِّ علم ٍ من العلوم ِ أن يَكونَ هناك عارفونَ به مُتخَصِّصونَ فيه ، يتعاوَنونَ فيما بَينهُم تعاوُناً إسلاميَّا ً أخويَّا ً صادقا ً ، لا حزبَّية َ فيه ولا عَصبَيَّة ، لِيُحقِّقوا مصلَحة َ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ ، وَإقامَة َ ما يَنشدُهُ كلُّ مُسلم ٍ مِن إيجادِ المُجتمع الإسلاميّ ، وتطبيق ِ شرع ِ اللهِ في أرضِهِ .
فكلُّ تلكَ العلوم ِ واجبَة ٌ وجوباً كِفائيَّاً على مَجموع ِ عُلماء ِ المُسلمين ، وليسَ من الواجبِ في شيءٍ أن يَجمَعها فـَردٌ واحدٌ ، فضلا ً عن استحالةٍ ذلك واقعاً !
فـَمثلا ً : لا يَجوزُ للطبيبِ أن يُسَوِّغ َ ـ أحياناً ـ القيامَ بعَمليَّةٍ جراحيَّةٍ مُعيَّنَةٍ إلا إذا استعانَ برأي العالم الفقيهِ بكتابِ الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)سبحانَهُ ، وبسُنَّةِ رسول الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)r ، وعلى مَنهج ِ السَّلفِ الصالح ِ ، إذ مِن الصَّعبِ ـ إن لم نَقل : من المُستحيل ـ أن يَكونَ الطَّبيبُ المُتمَكِّنُ في علمِهِ عارفاً ـ أيضاً ـ بالكتابِ والسُّنَّة ، مُتمَكِّناً من فِقههما ، وَمَعرفة أحكامِهما .
◄التَّأكيدُ على وجوبِ التَّعاوُن :
لذلكَ ؛ لا بُدَّ مِن التَّعاوُن ِ ، عَمَلا ً بقول ِ رَبَّ العالمين في كتابهِ الكريم ِ : ) وَتَعاوَنوا عَلى البِرِّ والتَّقوى وَلا تَعَاوَنوا عَلى الإثمِ وَالعُدوان ِ (( [4] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn4) ) ، وبذلك تتحَقَّقُ المَصالحُ المَرجُوَّةُ للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ .
وهذه الَمسألةُ من البَداهَةِ بِمَكان ٍ ، فإنَّ المُسلمَ لا يَكادُ يَتصَوَّرُ عالماً فقيهاً في الكتابِ والسُّنَّة ، ثم هو مَع ذلك طَبيبٌ خِرِّيتٌ ، ثم هو مَع ذلك يعرفُ ـ كما يقولونَ اليَومَ ـ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) !! إذ بقدْر اشتغالهِ بهذا العلم ِ يَنشغِلُ عَن ذاكَ العلم ِ ، وَبِقدْرِ اهتمامهِ بذاكَ العلم ِ يَنصَرِفُ عَن هذا العلم ... وهكذا ...
ولا يَكونُ الكمَالُ ـ كما ذكَرتُ آنِفاً ـ إلا بتعاوُن ِ هؤلاء ِ جميعاً كلٌّ في اخِتصاصهِ ـ مَع الآخَرين ، وبذلك ـ وبه فقط ـ تتحقَّقُ المَقاصِدُ الشرعيَّة ُ لكُلِّ المُسلمين ، وَيَنْجونَ من الخُسران ِ المُبين ، كما قال ربُّ العالمين : ) وَالعَصْرِ إنَّ الإنسانَ لَفي
خُسْرٍ إلاَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصَّاِلحاتِ وَتَواصَوْا بِالحَقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبر ( .
◄ الغُلُوُّ فيما لابُدَّ منه :
لكنَّ الذي لاحَظناهُ ونُلاحظُهُ أنَّ للعَواطِفِ الحماسيَّةِ الجامحَةِ التي لا حُدودَ لها : آثاراً سلبيَّة ً مُتعَدِّدَة ً ، منها الغُلُوُّ فيما لا بُدَّ منه ، إذ الواجبُ الذي لا بُدَّ منه يُقسَم إلى قسمين :
الأوَّل : الفَرضُ العَينيُّ ، وهذا يَجبُ على كلِّ مُسلم .
الثَّاني : الفرضُ الكِفائيُ ، وهو ما إذا قامَ به البَعضُ سَقطَ عَن الباقين .
فلا يَجوزُ أن نَجعَل الفَرضَ الكِفائيَّ كالفَرض ِ العَينيِّ ، مُتساويَيْن ِ في الحُكم ِ .
ولو أنَّنا قُلنا ـ تنَزُّلا ً ـ : يَجبُ على طُلاَّبِ العلم ِ الصَّاعِدينَ أن يَكونوا عارِفينَ بفقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)، فلا يُمكنُ أن نُطِلقَ هذا الكلامَ في عُلماء ِ المُسلمين الكبار ، فَضلاً عَن أن نُلزمَ طُلاَّبَ العلم ِ بوجوبِ مَعرفةِ الواقِع ِ ، وما يَترَتَّبُ على هذه المَعرِفَةِ مِن فقهٍ يُعطي لكُلِّ حالةٍ حُكْمَها .
◄ لا يُنكَرُ ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) :
وكذلك لا يَجوزُ ـ والحالةُ هذه ـ أن يُنكِرَ أحدٌ مِن طُلاَّبِ العلم ِ ضرَورَة َ هذا الفقه بالواقع ، لأنَّهُ لا يُمكِنُ الوُصولُ إلى تحقيق الضَّالَّةِ المَنشودَةِ بإجماع ِ المُسلمين ـ ألا وهي التخلُّص مِن الاستعمارِ الكافرِ للبلادِ الإسلاميَّة ، أو ـ على الأقلّ ـ بَعضِها ـ إلاّ بأن نَعرفَ ما يتآمَرون به ، أو ما يَجتمعونَ عليهِ ؛ لِنَحذرَهُ ونُحذِّرَ منهُ ؛ حتى لا يَستمِرَّ استعمارُهمُ واستعبادُهمُ للعالم ِ الإسلاميِّ ، وهذا لا يَكونُ جُزءٌ منه إلا بتربَيةِ الشبابِ تربيَة ً عقائديَّة ً علميَّة ً مَنهجيَّة ًقائمة ً على أساس ِ التصفيَةِ للإسلام ِ مِن الشوائب التي عَلَقت بهِ ، ومبنيَّة ً على قاعدةِ التربَيةِ على الإسلام المُصَفَّى ، كما أنزَلَهُ على قلبِ رسول r .
◄ بين العُلماء والحكَّام :
ومن الأمورِ التي يَنبَغي ذِكرُها هنا : أنَّ الذين يَستطيعونَ حملَ الأمةِ على ما يَجبُ عليها وجوباً عَينيَّاً أو كِفائيَّاً ، ليسَ هم الخُطباءَ المُتحَمِّسينَ ، ولا الفقهاءَ النَّظريِّين ؛ وإنما هم الحُكَّامُ الذين بيدِهم ِ الأمرُ والتنفيذُ والحَلُّ والعَقدُ ، وليسَ ـ أيضاً ـ أولئكَ المُتحمِّسينَ من الشبابِ ، أو العاطفيِّين من الدُّعاةِ ...
فعلى الخُطباء ِ والعلماء ِ والدُّعاة ِ أن يُرَبُّوا المُسلمين َ على قبول ِ حُكم الإسلام ِ ، والاستسلام له ، ثمَّ دعوَةُ الحُكَّام ِ ـ بالّتي هي أحسنُ للّتي هي أقوَمُ ـ إلى أن يَستعينوا بالفُقهاء ِ والعُلماء ِ( [5] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn5) ) على اختلاف عِلمهم وتنوُّع ِ فِقههم ؛ فقه الكتاب والسُّنَّة ، فقه اللُّغَة ، فقه السُّنَن الكونيَّة ، فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)... وغير ذلك من مُهمَّات ؛ إعمالاً منهم للمبدأ الإسلاميِّ العَظيم ؛ مبدأ الشورى ، وَيَومئذٍ تستقيمُ الأمورُ ، ويَفرَحُ المُؤمنون بنصر اللهِ ؛ ) فإنْ أعْرَضُوا فَما أرْسَلْناكَ عَلَيهِم حَفيظاً (( [6] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn6) ) !
◄عِلَّة ُ ذلَ المُسلمين :
ولا بُدَّ هُنا مِن بيان ِ أمرٍ مهمٍّ جدَّاً يَغفلُ عنه الكثيرون ، فأقولُ : ليسَت عِلَّة ُ بقاء ِ المُسلمين فيما هم عليه مِن الذُّلِّ واستعبادِ الكُفَّارِ ـ حتى اليَهود ـ لبَعض ِ الدُّوَل الإسلاميَّة ، هي جهلَ الكثيرين مِن أهل ِ العلم ِ بفقهِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)، أو عَدمَ الوقوفِ على مُخَطَّطاتِ الكُفارِ وَمُؤامراتِهم ، كما يُتوهمُّ !
◄مِن أغلاط بَعض ( الدُّعاة ) :
ولذلك فأنا أرى أنَّ الاهتمامَ بفقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)اهتماماً زائداً بحَيث يكونُ منهجاً للدُّعاةِ والشبابِ ، يُرَبُّونَ وَيَتَربَّونَ عليه ، ظانَّينَ أنَّهُ سبيلُ النَّجِاةِ : خَطأُ ظاهِرٌ وَغَلَطٌ واضحٌ !
والأمرُ الذي لا يَختِلَفُ فيه مِن الفُقهاء ِ اثنان ، ولا يَنتطحُ فيه عَنزان : أنَّ العلَّةَ الأساسيَّة للذُّلِّ الذي حَطَّ في المُسلمين رِحاَلهُ :
أوَّلاً : جَهلُ المُسلمين بالإسلام الذي أنزَلَهُ اللهُ على قَلبِ نبيَّنا عليه الصَّلاةُ والسَّلام .
وثانياً : أنَّ كثيراً مِن المُسلمين الذين يَعرفونَ أحكامَ الإسلام ِ في بَعض ِ شؤوِنهم لا يَعملونَ بها .
◄التَّصفيَة ُ والتَّربيَة ُ :
فإذاً : مِفتاحُ عَودَةِ مَجـِد الإسلام ِ : تَطبيقُ العلم ِ النَّافِع ِ ، والقيامُ بالعَمَل الصَّالح ِ ، وهو أمرٌ جليلٌ لا يُمِكنُ للمُسلمين أن يَصِلوا إليه إلا بإعمال ِ مَنهج ِ التَّصفيةِ والتَّربَيةِ ، وهُما واجبان ِ مُهمَّان ِ عَظيمان ِ( [7] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn7) ) :
وأرَدتُ بالأوَّل ِ منهما أموراً :
الأوَّل : تصفيَة ُ العَقيدةِ الإسلاميَّة مِمَّا هو غـَريبٌ عنها ، كالشركِ ، وجَحُدِ الصَّفاتِ الإلهيَّة ، وتأويلها ، وردّ الأحاديث الصَّحيحةِ لتعلُّقها بالعَقيدة وَنحوِها .
الثَّاني : تصفيَة ُ الفقهِ الإسلاميِّ مِن الاجتهاداتِ الخاطئةِ المُخالِفةِ للكتابِ والسُّنَّة ، وتحريرُ العقول مِن آصارِ التَّقليد ، وظُلمات التعصُّب .
الثَّالث : تصفية ُ كتب التفسيرِ ، والفقهِ ، والرَّقائق ِ ، وغيرها مِن الأحاديث الضَّعيفة والمَوضوعَة ، والإسرائيليَّات والمنُكَرات .
وأمَّا الواجبُ الآخرُ : فأريدُ بهِ تربَية َ الجيل ِ النَّاشئ على هذا الإسلام ِ المُصفَّى مِن كلِّ ما ذكَرنا ؛ تربية ً إسلامية ً صحيحة ً منذ نُعومَةِ أظفارِهِ ، دونَ أيِّ تأثرٍ بالتربَّيةِ الغربَّيةِ الكافِرَةِ .
ومِمَّا لا رَيبَ فيه أنَّ تحقيقَ هذين الواجبَين يَتطّلَّبُ جُهوداً جبَّارة ً مُخلصَة ً بينَ المُسلمين كاَّفة ً : جماعاتٍ وأفراداً ؛ من الذين يَهُمُّهُم حقَّاً إقامَة ُ المُجتمع ِ الإسلاميِّ المَنشودِ ، كل ٌّ في مَجالهِ واختِصاصِهِ .
◄الإسلاُم الصَّحيحُ :
فلا بُدَّ ـ إذاّ ـ مِن أن يُعنى العُلماءُ العارِفونَ بأحكام ِ الإسلام ِ الصَّحيح بَدَعوَةِ المُسلمين إلى هذا الإسلام الصَّحيح ، وتفهيمهم إيَّاهُ ثم تربيتهم عليهِ ، كمل ما قال اللهُ تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) وَلكنْ كُونوا رَبَّانيَّين بـِما كُنْتُمْ تُعَلَّمونَ الكِتابَ وبما كُنْتُم تَدْرُسونَ (( [8] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn8) ) .
هذا هو الحلُّ الوحَيدُ الذي جاءَت به نُصوصُ الكتابِ والسُّنَّة ، كما في قوله تـَعالى :
) إنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبَّتْ أقْدامَكُم (( [9] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn9) ) ، وغيره كثير .
◄كيف يأتي نـَصرُ اللهِ ؟
فـَمِن المُتـَّفـَق عليه دونَ خِلافٍ ـ ولله الحَمد ـ بين المُسلمين أنَّ مَعنى ) إنْ تَنْصرُوا اللهَ ( ، أي : إنْ عملتُم بما أمَرَكُم به : نصَرَكُم اللهُ على أعدائكُم .
ومِن أهمِّ النُّصوص ِ المُؤيِّدَةِ لهذا المَعنى مِمَّا يُناسِبُ واقعَنا الذي نعيشُه تماماً ، حيثُ وَصْفُ الدَّواء ِ والعلاج ِ معاً ؛ قولهُ r : (( إذا تبايَعتُم بالعِينَة ، وَأخَذتُم أذنابَ البَقـَر ، وَرَضيتُم بالزَّرع ، وَتركُتم الجهادَ ، سَلَّطَ اللهُ عليكُم ذُلاً لا يَنزعُهُ عَنكُم حتى ترجِعوا إلى دينكُم ))( [10] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10) ) .
◄سَببُ ( مَرَض ) المُسلمين :
فإذاً : ليسَ مَرَضُ المُسلمين اليَومَ هو جهلَهُم بعلم مُعَيَّن ٍ ، أقولُ هذا مُعترفاً بأنَّ كلَّ علم يَنفعُ المُسلمين فهو واجبٌ بقدْرهِ ، ولكن ليسَ سَبَبُ الذلَّ الذي لَحِقَ بالمُسلمين جَهلَهُم بهذا الفقه المُسَمَّى اليَوم (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ! وإنما العِلَّة ُ ـ كما جاءَ في هذا الحديث الصَّحيح ـ هي إهماُلهُم العَمَل بأحكام ِ الدِّين ؛ كتاباً وَسُنَّة ً .
فقولُه r : (( إذا تبايَعتُم بالعِينَة )) ؛ إشارة ٌ إلى نَوع ٍ مِن المُعامَلات الِّربَويَّة ذات التحايُل على الشرع .
وقولهُ r : (( وأخَذتُم أذنابَ البَقـَر )) ؛ إشارَة ٌ إلى الاهتمام ِ بأمورِ الدُّنيا والرُّكون ِ إليها ، وَعَدم ِ الاهتمام ِ بالشريعَةِ وأحكامها .
ومِثُلُهُ قولُه r : (( ورَضيتُم بالزَّرع )) .
وقولهُ r : (( وترَكتُم الجهادَ )) ؛ هو ثمَرَةُ الخلودِ إلى الدُّنيا ، كما في قوله تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا ما لَكُمْ إذا قيلَ لَكُم انْفِرُوا في سَبيل ِ اللهِ اثـَّاقَلْتُم إلى الأرض ِ أرَضيتُم بالحَيَاةِ الدُّنيا مِن الآخِرَةِ فما مَتاعُ الحيَاةِ الدُّنيا في الآخِرَةِ إلا قَليلٌ ( ( [11] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn11) ) .
وقولهُ r : (( ... سَلَّط اللهُ عليكُم ذلاً لا يَنزِعُهُ عنكُم حتى تـَراجعوا إلى دينكُم )) ؛ فيه إشارَة ٌ صريحة ٌ إلى أنَّ الدَّين الذي يَجبُ الرُّجوعُ إليه هو الذي ذكَرَهُ اللهُ عَز وجلَّ في أكثرِ مِن آيَةٍ كريمةٍ ، كمثل ِ قولهِ سُبحانَهُ : ) اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دينَكم وأتْمَمْتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِتُ لكُمُ الإسلامَ ديناً ( ( [12] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn12) ) .
وفي تعليق الإمام مالكٍ المشهورِ على هذه الآيَةِ ما يُبَيَّنُ المُرادَ ، حيثُ قال ـ رحمه (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ـ : (( وما لم يَكُن يَومئذٍ ديناً فلا يَكونُ اليَومَ ديناً ، ولا يصلُحُ آخِرُ هذه الأمَّة إلا بما صَلَحَ به أوَّلُها )) .
◄ الغُلُوُّ في ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) :
وأمَّا هؤلاء الدُّعاةُ الذين يُدنَدِنونَ اليَومَ حولَ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، ويُفَخِّمونَ أمرَهُ ، ويَرفَعونَ شأنَهُ ـ وهذا حقٌ في الأصل ِ ـ ، فإنَّهم يُغالونَ فيه ؛ حيث يَفهَمونَ ويُفهِّمونَ ـ ربَّما مِن غـَيرِ قـَصْدٍ ـ أنَّهُ يَجبُ على كلِّ عالم ٍ بَل على كلِّ طالبِ علم ٍ أن يَكونَ عارفاً بهذا الفقهِ !!
مَع أنَّ كثيراً مِن هؤلاء ِ الدُّعاةِ يَعلمونَ جيِّداً أنَّ هذا الدِّينَ الذي ارتـَضاهُ ربُّنا عَزَّ وجَلَّ في أمَّةِ الإسلام قـَد تغَيَّرَت مفاهيمُهُ قـَديم الزَّمان ِ حتى فيما يَتلَّقُ بالعَقيدةِ ، فـَنَجِدُ أناساً كثيرين جدَّاً يَشهَدونَ أن (( لا إله إلا الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وَيقومون بسائر الأركان ، بل قـَد يَتعبَّدونَ بنوافِلَ مِن العِبادات ، كقيام ِ اللَّيل ، والصَّدقات ، ونَحو ذلك ، ولكَّنهُم انْحَرَفوا عَن مثلِ قوله تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) فاعْلَم أنَّهُ لا إلهَ إلا اللهُ (( [13] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13) ) .
◄ واقعُ ( الدُّعاة ) مع (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
ونَحنُ نعلمُ أنَّ كثيراً مِن أولئك ( الدُّعاةِ ) يُشارِكونَنا في مِعرِفةِ سبَبَ سوء ِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الذي يَعيشهُ المُسلمون اليَومَ جَذريَّاً ؛ ألا وهو بُعدُهُم عَن الفهم الصَّحيح ِ للإسلام ِ فيما يَجبُ على كلِّ فـَردٍ ، وليسَ فيما يَجبُ على بَعض ِ الأفرادِ فقط ، فالواجبُ : تـَصحيحُ العَقيدةِ ، وتـَصحيحُ العبادَةِ ، وتـَصحيحُ السُّلوكِ .
أينَ مِن هذه الأمَّة مَن قامَ بهذا الواجب العَينيِّ وليسَ الواجبَ الكِفائيَّ ؟؟ إذ الواجبُ الكِفائيُّ يأتي بَعدَ الواجب العَينيِّ ، وليسَ قبلَهُ !
ولذلكَ : فإنَّ الانشغالَ والاهتمامَ بدَعوَةِ الخاصَّةِ مِن الأمَّةِ الإسلاميَّةِ إلى العنايَة بواجبٍ كِفائيِّ ألا وهو (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وتقليلَ الاهتمام بالفقهِ الواجب عَينيَّاً عَلى كلِّ مُسلم ـ وهو (( فقهُ الكتاب والسُّنَّة )) ـ بما أشرتُ إليه : هو إفراط ٌ وتضييعٌ ( [14] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14) ) لمَا يَجبُ وُجوباً مُؤكداً على كُلِّ فردٍ مِن أفرادٍ الأمَّة المُسلمَةِ ، وغـُلوٌّ في رَفع شأن ِ أمر ٍ لا يَعدو كَونَهُ ـ على حَقيقتهِ ـ واجباً كِفائيَّاً ! .
◄ القولُ الوَسَط ُ الحقُّ في (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
فالأمرُ ـ إذاً ـ كما قال الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) وَكَذلكَ جَعَلناكُم أمَّة ً وَسَطا ً (( [15] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn15) ) ؛ ففقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)بمَعناهُ الشرعيِّ الصَّحيح هو واجبٌ بلا شكّ ، ولكنْ وجوباً كِفائيَّا ً ، إذا قامَ به بَعضُ العُلماء ِ سَقطَ عَن سائرِ العُلماء ِ ، فضلا ً عَن طلاّبِ العلم ِ ، فضلا ً عَن عامَّةِ المُسلمين !
فلذلك يَجبُ الاعتدالُ بدعوة المُسلمين إلى مَعرفِة (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وَعَدمُ إغراقهم بأخبارِ السِّياسة ، وَتـَحليلاتِ مُفكِّري الغـَرب، وإنَّما الواجبُ ـ دائماً وأبَداً ـ الدَّندَنَة ُ حولَ تـَصفية الإسلام ِ مِمَّا عَلَقَ به مِن شوائبَ ، ثم تربَية ُ المُسلمين : جماعاتٍ وأفراداً ، على هذا الإسلام المُصَفَّى ، وَرَبطُهُم بـِمَنهَج ِ الدَّعوةِ الأصيل :
الكتاب والسُّنَّة بفـَهم سَلَف الأمَّة .
◄ وجوبُ المحبَّة والولاء :
ومِن الواجب على العُلماء ِ ـ أيضاً ـ وعلى مُختلفِ اختصاصاتهـِم ـ فضلا ً عَن بَقيَّة الأمَّة ـ أن يَكونوا مُمْتثِلين قولَ نَبيِّهم r : (( مَثلُ المُؤمنين في تـَوَادِّهم ِ وتراحُمِهم كمَثل ِ الجَسَدِ الواحدِ ... ))( [16] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn16) ) .
ولا يَتحقَّقُ هذاالمَثلُ النَّبويُّ العظيمُ بمعناه الرَّائع الجميل ِ إلا بتعاوُن ِ العُلماء ِ مَعَ أفرادِ المُجتمع ، تـَعليما ً وتـَعلُّما ً ، دَعوة ً وَتـَطبيقا ً .
فيَتعاوَنُ ـ إذاً ـ مَن عَرَفوا فِقهَ الشرع ِ بأدلَّتِهِ وأحكامِهِ ، مَعَ مَن عَرفوا فقهَ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)بصورَتِهِ الصَّحيحة التـَّطبيقيَّة لا النَّظرية ، فأولئكَ يَمُدُّونَ هؤلاء بما عندَهمُ مِن علم وَفِقهٍ ، وهؤلاء يُوِقفونَ أولئكَ على ما تـَبيّنَ لهم لِيَحذروا وَيُحذّروا .
ومِن هذا التـَّعاوُن الصَّادِق بينَ العُلماء ِ والدُّعاةِ على تـَنوُّع اختصاصاتِهـِم ، يُمكنُ تـَحقيقُ ما يَنشدُهُ كُلُّ مسلم ٍ غـَيور ٍ .
◄ خـَطَرُ الطَّعن بالعُلماء ِ :
أمَّا الطَّعنُ في بَعض ِ العُلماء ِ أو طُلاّب العلم ِ ، وَنَبْزُهمُ بجهل فقهِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)، وَرَميُهم بما يُستـَحيى مِن إيرادهِ : فهذا خَطَأ وَغـَلطٌ ظاهرٌ لا يَجوزُ استمرارُهُ لأنَّهُ مِن التباغُض ِ الذي جاءَت الأحاديثُ الكثيرةُ لِتـَنهى المُسلمينَ عنه ، بَل لِتـَأمُرَهمُ بضِدِّهِ مِن التَّحابِّ والتَّلافي والتَّعاوُن ِ .
◄ كيف نُعالِجُ الأخطاءَ ؟
وأمَّا الواجبُ على أيِّ مُسلم ٍ رأى أمراً أخطَأ فيه أحَدُ العُلماء ِ أو ( الدُّعاةِ ) : فهو أن يَقـَومَ بتـَذكيرِهِ ، وَنُصحِهِ :
فإن كان الخَطَأ في مكان ٍ مَحصور ٍ : كان التـَّنبيهُ في ذلك المكان نَفسهِ دونَ إعلان ٍ أو إشهار ٍ ، وبالّتي هي أحسَنُ للّتي هي أقوَمُ .
وإن كانَ الخَطأ مُعلَناً مَشهوراً ، فلا بَأسَ مِن التـَّنبيهِ والبيان ِ لهذا الخَطأ ، وعلى طريقةِ الإعلان ، ولكن كما قال اللهُ تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) ادْعُ إلى سَبيل ِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوعِظَةِ الحَسَنةِ وَجادِلهُم بالَّتي هيَ أحْسَنُ (( [17] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn17) ) .
ومِن المهمِّ بيانُهُ أنَّ التَّخطئة المُشارَ إليها هنا ليسَت التَّخطئةَ المبنيَّة َ على حماسةِ الشباب وعَواطِفِهم ، دونَما علم أو بيِّنةٍ ، لا ؛ وإنَّما المُرادُ : التـَّخطئة ُ القائمة ُ على الحُجَّةِ والبيان ، والدَّليل ِ والبُرهان ( [18] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn18) ) .
وهذه التَّخطئة ُ ـ بهذه الصُّورة اللَّيِّنَةِ الحكيمَة ـ لا تـَكونُ إلا بينَ العُلماء ِ المُخِلصينَ وطُلاَّبِ العلم النَّاصحين ؛ الذين همُ في علمهم ودَعوتهم على كلمةٍ سواء ، مَبنيَّةٍ على الكتاب والسُّنَّة ؛ وعلى نَهج سَلَف الأمَة .
أما إذا كان مَن يُرادُ تـَخطِئتُهُ مِن المُنحَرفينَ عَن هذا المَنهج الرَّبَّاني فله ـ حينئذٍ ـ مُعامَلة ٌ خاصَّة ٌ ، وأسلوبٌ خاصٌّ يَليقُ بـِقـَدْرِ انحِرافِهِ وَبُعدِهِ عَن جادَّةِ الحَقَّ والصَّواب .
◄ خَطَرُ ( السِّياسَة ) المُعاصرَة :
ولا بُدَّ ـ أخيراً ـ مِن تـَعريفِ المُسلمينَ بأمرٍ مُهمِّ جدَّاً في هذا الباب ، فأقولُ :
يَجبُ ألاّ يَدفـَعَنا الرَّضا بفقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ـ بصورتهِ الشرعيَّةِ ـ ، أو الانشغالُ به ، إلى ولوج ِ أبوابِ السيِّاسةِ المُعاصرةِ الظَّالم ِ أهلُها ، مُغتَرِّينَ بكلمات السَّاسةِ ، مُرَدِّدين لأساليبهم ، غارقين بطرائقهم .
وإنَّما الواجبُ هو السَّيرُ على السِّياسة الشرعيَّةِ ، ألاَ وهي (( رعاية ُ شؤون ِ الأمَّة )) ، ولا تـَكونُ هذه الرِّعاية ُ إلا ّ في ضوء ِ الكتابِ والسُّنَّة ، وعلى مَنهج ِ السَّلف الصَّالح ، وبـِيدِ أولي الأمر ِ مَن العُلماء ِ العاملينَ ، والأمراء ِ العادلينَ ، فإنَّ اللهَ يَزَعُ بالسُّلطان ِ ما لا يَزَعُ بالقـُرآن ِ ( [19] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn19) ) .
أمَّا تلك السَّياسة ُ الغَربيَّة ُ التي تـَفتحُ أبوابَها ، وَتـَغُرُّ أصحابَها : فلا دينَ لها ، وسائرُ من انساقَ خـَلفها ؛ أو غرقَ بـِبَحرِها : أصابهُ بأسُها ، وضَرَبهُ جَحيمُها ؛ لأنَّهُ انشغَل بالفرع ِ قبلَ الأصل ِ ! ورَحمَ اللهُ مَن قال : (( مَن تـَعَجَّلَ الشيْءَ قـَبلَ أوانهِ : عُوقِبَ بـِحرْمانِهِ )) .
واللهُ المُوَفِّق للسداد .
وآخِرُ دَعوانا أن ِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمين .
########
فهرس الكتاب
تـَقديم .................................................. ................... 2
مقدِّمة المؤلِّف .................................................. .......... 12
فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)............................ ...................... ............... 13
واقع المُسلمين .................................................. .......... 13
معرفة الحقِّ بالردِّ .................................................. ...... 14
مسألة (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) .................................................. .... 14
أهمِّيَّة معرفة الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)............................ ...................... ..... 15
من أنواع (( الفقه )) الواجبة ............................................... 15
نريدُ ( المنهج ) لا مُجرَّد الكلام .......................................... 15
الانقسام حول (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) .............................................. 16
الكمالُ عزيزٌ ؛ فالواجب التَّعاوُن ......................................... 16
خطأ ( العلم ) لا يُسقِطُهُ .................................................. .. 17
خطأ ( الجَهل ) بالواقع .................................................. ... 17
التَّأكيد على وجوب التَّعاوُن ............................................... 18
الغُلُوُّ فيما لابُدَّ منه .................................................. ....... 19
لايُنكَرُ ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) .................................................. ...... 19
بينَ العُلماء والحكَّام .................................................. ..... 20
عِلَّة ُ ذُل المُسلمين .................................................. ....... 20
مِن أغلاط بعض ( الدُّعاة ) ................................................ 20
التَّصفية والتَّربية .................................................. ......... 21
الإسلامُ الصَّحيح .................................................. ...... 22
كيف يأتي نَصر الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)؟ .................................................. . 22
سبَب ( مرض ) المُسلمين ................................................ 22
الغُلُوُّ في ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) .................................................. .. 24
واقع ( الدُّعاة ) مع (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ......................................... 24
القول الوَسط الحقُّ في (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) .................................... 25
وجوب المحبَّة والولاء .................................................. .. 25
خَطَرُ الطَّعن بالعُلماء .................................................. .... 26
كيف نعالج الأخطاء؟ .................................................. .... 26
خَطر ( السَّياسة ) المُعاصرة .............................................. 27
فهرس الكتاب .................................................. ............ 28و29 .
_____
27 ـ وبعدَ تنضيدِ الرِّسالةِ ـ بمُقدِّمتها ـ وتصحيحها ، عَرَضتُها على شيخنا فوافَقَ عليها ، وأقرَّها مَشكوراً ، فجزاهُ اللهُ خيراً . ( علي ) .
28 ـ حديثٌ صحيحٌ ، تراه مُخَرَّجاً في (( الصَّحيحة )) ( 958 ) .
29 ـ أمَّا الكلامُ ( النَّظريُّ ) الذي ليسَ لهُ مَن ( يتبنَّاهُ ) عمَلاً ، ويُخرجهُ إلى حيِّزِ ( الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) فعلاً ؛ فقد وَصَفهُ شيخنا في بَعض مجالسهِ مع الأخ الدكتور ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)العُمَر بأنهُ (( عَبثٌ وجُهدٌ ضائعٌ )) ، كما في شريطِ التسَّجيل ِ المَنشورِ من تلكَ المجالس ِ . ( علي ) . وانظر ما سيأتي ( ص 57 ) .
30 ـ المائدَة : 2 .
31 ـ فهم للمُسلمينَ ـ جماعاتٍ وأفراداً ـ ضياءُ السبَّيل ِ ومنارُ الطريق ِ ؛ وعلى نهجهم يَسيرون . (علي ) .
32 ـ الشورى : 48 .
33 ـ وعلى هذين الواجبين اللَّذين ِ يُدَندنُ حَولَهُما شيخُنا دائماً بَنيتُ رسالَتي (( التَّصفيَة والتَّربية وأثرُهُما في استئناف الحياة الإسلاميَّة )) ، وهي مطبوعة منذ سنوات . ( علي ) .
34 ـ آل عمران : 79 .
35 ـ مُحمَّد : 7 .
36 ـ وهو مُخرَّجٌ في كتابي (( سلسلة الأحاديث الصَّحيحة )) ( رقم : 11 ) .
37 ـ التوبة : 38 .
38 ـ آل عمران : 19 .
39 ـ مُحمَّد : 19 .
40 ـ أنظر ما سبَق ( ص 14 ) .
41 ـ البقرة : 143 .
42 ـ مُخرَّج في (( الصيحة )) ( 1083 ) .
43 ـ النَّحل : 125 .
44 ـ فـَلْيُتاْمَّل هذا الكلامُ وَلْيُتـَدَبَّر . ( علي ) .
45 ـ انظر (( الدُّرّ المَنثور )) ( 4 / 99 ) .
لا للإرهاب
سؤال وجواب (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)حول فقه الواقع
للشيخ العلامة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)
محمد ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الدين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الألباني (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)رحمه (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)تعالى
http://www.assakina.com/thumbnail.php?file=fatawa_153009405.jpg&size=article_medium
سؤال وجواب (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)حول فقه الواقع
لشيخ الإسلام العلامة (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)
محمد ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الدين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الألباني (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)السلفي
الطبعة الأولى كانت سنة
1412 هـ ـ 1992 م
الناشر
دار الجلالين للنشر والتوزيع
السعودية ـ الرياض
مقدِّمة المؤلِّف
الحمدُ لله ربِّ العالَمين ، والصلاة ُ والسلامُ على سَيِّدِ المُرسَلين ، وعلى آلِهِ وصحبهِ أجمعين .
أما بعد :
فهذه رسالة ضمنتها جواباً على سؤال (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)وَرَدَ إلَيَّ حولَ ما يُسمى بـ (( فقه ِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) وحُكمهِ ، ومَدى حاجةِ المُسلمينَ إليهِ ، مَعَ بيان ِ صورَتِهِ الشرعيَّةِ الصَّحيحة .
وأصلُ هذه الرِّسالةِ جوابٌ مُرتجَلٌ في مَجلس ٍ من المَجالس ِ العلميَّة التي يَجتمعُ فيها ـ ولله الحَمد ـ عَددٌ مِن الشبابِ المُسلم ِ الحَريص ِ على طلبِ العلم ِ الصَّحيح ِ ؛ المُستقى مِن الكتابِ والسُّـنَّة ، وعلى منهَج ِ السَّلَفِ الصَّالح ، صَفوَةِ الأُمَّة .
ثمَّ قامَ أحَدُ الإخوَةِ ـ جزاهُ اللهُ خيراً ـ بنسخ ِ كلامي الوارِد في شريط التَّسجيل ، وعَرَضهُ عَلَيَّ ، فعَدَّلتُهُ ، وَزِدتُ عليه ، وَنقَّحُتهُ ، بما يَتناسَبُ مع نشْرِهِ ؛ لِتعُمَّ به الفائدَةُ ، ويَزدادَ به النَّفعُ ـ إن شاءَ اللهُ ـ .
وقَـَد قامَ أخونا الفاضلُ (( علي بن حَسَن )) ـ وَفـَّقـَهُ اللهُ لِمَراضيهِ ـ بَتهيئـَةِ هذه الرِّسالةِ للنَّشرِ ، وإعدادِها للطَّبع( [1] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1) ) ، ثم نَسَخَها ـ بَعدُ ـ بِيَدِهِ ، وَضَبَط نَصَّها ، وَقَدَّمَ لها ؛ فَجَزاهُ اللهُ خَيراً .
فاللهَ أسألُ أن يَنفَعَ بهذه الرِّسالةِ المُختَصرةِ قارئيها ، وأن يُفيدَ بها طالبيها ، إنَّهُ سميعٌ مُجيبٌ .
وكتبه : محمد (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الدين (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الألباني (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ــ عَمَّان : 29 شوَّال 1412 هـ .
فقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ِ
إنَّ الحَمدَ لله نَحمَدُهُ ونَستعينُهُ ونَستغفرُهُ ، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسنا ومِن سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ ، ومَن يُضِلل فلا هادِيَ لهُ .
وأشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شريكَ لهُ .
وأشهَدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدُهُ ورسولُهُ .
أمَّا بَعد :
فإنَّ رَسولَ اللهِ مُحمَّداً rيقولُ : (( يُوشِكُ الأُمَمُ أن تـَداعى عَليكُم ، كما تـَداعى الأكَلَةُ إلى قَصْعَتِها )) .
فقال قائلٌ : ومِن قِلَّةٍ نَحنُ يَومَئذٍ ؟
قال : (( بَل أنتُم يَومَئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكُم غُثاءٌ كَغُثاء ِ السَّيل ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللهُ من صُدورِ عَدُوِّكُم المَهابَةَ منكُم ، وَلَيَقْذفَنَّ اللهُ في قُلوِبكُم الوَهَن )) .
فقال قائلٌ : يا رَسولَ اللهِ ! وما الوَهَنُ ؟
قال : (( حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ المَوت ))( [2] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2) ) .
◄ واقعُ المُسلمين :
قـَد تـَجلَّى هذا الحَديثُ النَّبويُّ الشريفُ بأقوى مظاهرِهِ وأجلى صُوَرِهِ ، في الفتنةِ العظيمَةِ التي ضَرَبَت المُسلمين ؛ فَفَرَّقـَتْ كلمَتـَهُم ، وَشـَتـَّتـَتْ ( صُفوفَـَهُم ) .
وَلـَقـَد أصابَ طـَرَفٌ مِن هذه الفتنةِ القاسيةِ جَذْرَ قـُلوبِ عَددٍ كبيرٍ مِن الدُّعاةِ وَطـَلـَبَةِ العلم ِ ، فانقـَسَموا ـ وللأسَف الشديدٍ ـ على أنفُسهم ، فصارَ بَعضُهُم ( يَتـَكلـَّمُ ) في بَعض ٍ ، والبَعضُ ( الآخَرُ ) ينقـُدُ الباقين ، ويَرُدُّ عليهم ... وهكذا ...
◄ معرفةُ الحقِّ بالردِّ :
وليسَت تلك الرُّدودُ ( مُجَرَّدة ً ) ، أو هاتيكَ النَّقـَداتُ ( وَحدَها ) بضائرةٍ أحداً مِن هؤلاء أو أولئكَ ، سواءٌ منهم الرَّادُّ أم المَردودُ عليه ، لأنَّ الحَقَّ يُعرَفُ بنوِرهِ ودلائِلهِ ، لا بِحاكيِه وقائِلهِ ـ عند أهل ِ الإنصافِ ، وليسَ عندَ ذوي التعصُّب والاعتساف ـ ؛ وإنَّما الذي يَضيرُ أولئكَ أو هؤلاء : هو الكلامُ ، بغَير علم ٍ ، وإلقاءُ القَول ِ على عَواهِنِهِ ، والتكلُّمُ بغَيرِ حقَّ على عبادِ الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)!!
◄ مسألةُ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
ولـَقـُد أثيرَت أثناءَ تلك الفتنةِ العَمياء ِ الصمَّاء ِ البَكماء ِ مسائلُ شَتَّى ؛ فِقهيَّة ً ، ومَنهَجيَّة ً ، ودَعَويَّة ً ، وكان لنا ـ حينَها ـ أجوبة ٌ علمَّية ٌ عليها بِحَمد الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)سبحانهُ ومِنَّتِه .
ومِن المَسائل التي أعقَبَت تلك الفتنة َ ، وكَثُرَ الخَوضُ فيها : ما اصْطَلحَ ( البَعضُ ) على تَسميِتِه بـ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) !!
وأنا لا أخاِلفُ في صورَةِ هذا العلم ِ الذي ابتَدعوا لهُ هذا الاسمَ ، ألا وهو (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ؛ لأنَّ كثيراً مِن العُلَماءِ قـَد نَصُّوا على أنَّه يَنَبغي على مَن يَتَوَلونَ تَوجيهَ الأمَّةِ وَوضعَ الأجوبَةِ لِحَلِّ مشاكلهم : أن يَكونوا عالمينَ وعارفينَ بِواقِعِهِم ؛ لذلك كان مِن مَشهورِ كلماِتهِم : (( الحُكمُ على الشيءِ فَرعٌ عَن تَصَوُّرهِ )) ، ولا يَتَحقَّق ذلك إلا بمَعرفَةِ ( الواقِع ) المُحيطِ بالمسألَةِ المُرادِ بَحثُها ؛ وهذا مِن قَواعدِ الفُتيا بِخاصَّةٍ ، وأصول ِ العلم ِ بعامَّةٍ .
فَفِقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ـ إذاً ـ هو الوقوفُ على ما يَهُمُّ المُسلمين مِمَّا يَتَعلَّقُ بشؤوِنهِم ، أو كيدِ أعدائِهم ؛ لتحذيرِهم ، والنُّهوض ِ بهم ، واقعيَّاً ، لا كلاماً نَظَريَّاً( [3] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3) ) ، أو انشغالاً بأخبارِ الكُفَّارِ وأنبائهم ... أو إغراقاً بِتحليلاِتهِم وأفكارِهم ِ !!
◄ أهمِّيَّةُ معرفة الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223):
فمَعرفةُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ِ للوُصول ِ به إلى حُكم ِ الشرع ِ واجبٌ مهم مِن الواجباتِ التي يَجبُ أن يَقومَ بها طائفة ٌ مُختصَّة ٌ مِن طلاَّب ِ العلم ِ المُسلمينَ النُّبَهاء ِ ، كأيِّ علم مِن العلوم ِ الشرعيَّةِ ، أو الاجتماعيَّةِ ، أو الاقتصاديَّةِ ، أو العَسكريَّةِ ، أو أيِّ علم ٍ يَنفعُ الأمَّة َ الإسلاميَّة َ ويُدنيها مِن مَدارج ِ العَودَةِ إلى عِزِّها ومَجدِها وَسُؤْدُدِها ، وَبـِخاصَّةٍ إذا ما تـَطَوَّرَت هذه العلومُ بتـَطوُّرِ الأزِمنَةِ والأمكنَةِ .
◄مِن أنواع ِ (( الفقه )) الواجبة :
وَمِمَّا يَجبُ التَّنبيهُ عليه في هذا المَقام ِ أنَّ أنواعَ الفقهِ المَطلوبَة َ مِن جُملـَةِ المُسلمين ليسَت فـَقـَط ذلك الفقهَ المَذهَبيَّ الذي يَعرفونَهُ ويتلقـَّنونَهُ ، أو هذا (( الفقهَ )) الذي تـَنـَبَّه إليه ونَبَّهَ عليه بعضُ شبابِ الدُّعاةِ ! حيثُ إنَّ أنواعَ الفقهِ الواجبِ على المُسلمين القيامُ بها ـ ولو كِفائيَّاًً عل الأقلّ ـ أكبرُ مِن ذلك كلـِّه ، وأوسَعُ دائرَة ً منهُ ؛ فَمِن ذلك مَثلا ً : (( فقه الكتاب )) ، و (( فقه السُّنـَّة )) ، و (( فقه اللُّغَة )) ، و (( فقه السُّنن الكَونيَّة )) ، و (( فقه الخلاف )) ، ونَحو ذلك مِمَّا يُشبهُهُ .
وهذه الأنواعُ مِن الفقه ـ بـِعُمومِها ـ لا تـَقِلُّ أهميَّة ً عَن نَوعي الفقهِ المُشارِ إليهما قـَبلُ ، سواءٌ منها الفقهُ المَعروفُ ، أم (( فقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ِ )) الذي نَحنُ بـِصدَدِ إيضاح ِ القَول فيه .
وَمَع ذلك كُلـِّه ؛ فإنَّنا لا نَرى مَن يُنَبِّهُ على أنواع ِ الفقهِ هذه ، أو يُشيرُ إليها ! وَبخاصَّةٍ (( فقه الكتاب والسنة )) الذي هو رَأسُ هذه الأنواع ِ وأسُّها ، هذا الفقهُ الذي لو قال أحدٌ بوجوبهِ عَينيَّا ً لـَما أبعَدَ ؛ لِعَظيم ِ حاجَةِ المُسلمين إليه ، وشديدِ لُزومِهِ لهم ؛ وبالرُّغم ِ من ذلك :
فإنَّنا لا نَسمَعُ مَن يُدَندِنُ حَولَهُ ، وَيُقَعِّدُ مَنهَجَهُ ، ويشغلُ الشبابَ بهِ ، وَيُربيهم عليه !
◄ نُريدُ ( المَنهج ) لا مُجرَّدَ الكلام :
نَعَم ؛ كثيرون ـ ولله الحَمد ـ الَّذينَ يَتـَكلَّمونَ في الكتاب والسُّنَّة اليَومَ ، وَيُشيرون إليهما ، ولكنَّ الواجبَ الذي نُريدُهُ ليسَ فقط أكتوبَة ً ، أو مُحاضَرَة ً هناك ، إنما الذي نُريدُهُ جَعلُ الكتاب ِ والسُّنَّة الإطارَ العامِّ لكلِّ صَغير وكبير ِ ، وأن يَكونَ منَهجهمُماً هو الشِّعارَ والدِّثارَ للَّدعوَةِ ؛ بَدْء ٍ وانتهاءً ، وبالتَّالي أن يَكونَ تـَفكيرُ المَدعوّين مِن الشبابِ وغَيرهم مُؤصَّلا ً وَفـْق هذا المَنهَج العَظيم الذي لا يصَلاحَ للأمَِّة إلا بهِ وعليه .
فلا بُدَّ ـ إذا ً ـ من أن يكون هناك عُلماءُ في كُلَّ أنواع الفقه ِ المُتقدِّمَةِ ـ وبخاصَّة (( فقه الكتاب والسُّنَّة )) ـ ، بـِضَوابط واضحةٍ ، وَقواعِدَ مُبيِّنَةٍ .
◄ الانقسام حولَ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
ولكَّننا سمِعنا ولاحَظنا أنَّهُ قـَد وَقـَعَ كثيرٌ مِن الشبابِ المُسلم ِ في حَيْصَ بيْصَ نَحو هذا النَّوع ِ من العلم الذي سَبَقت الإشارَةُ إلى تـَسمِيَتهم له بـِ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، فانقـَسموا قسمين ، وصاروا ـ للأسَفِ ـ فَريقيَن ، حيثُ إنَّه قـَد غـَلا البَعضُ بهذا الأمر ، وَقـَصَّرَ البَعضُ الآخَرُ فيهِ !
إذ إنكَ تـَرى وتـَسمَعُ ـ مِمَّن يُفَخِّمونَ شأنَ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وَيَضعونَهُ في مرتبةٍ عَليَّةٍ فوقَ مَرتبتهِ العلميَّةِ الصَّحيحةِ ، ـ أنهم يُريدونَ مِن كُلِّ عالم ٍ بالشرع ِ أن يَكونَ عالماً بما سَمَّوهُ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) !
كما أن َّ العَكسَ ـ أيضاً ـ حاصلٌ فيهم ، فـَقـَد أوْهموا السَّامعينَ لهم ، والمُلتـَفَّينَ حَولـَهُم أنَّ كلَّ مَن كان عارفاً بواقع العالم ِ الإسلاميِّ هو فقيهٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ ، وعلى منهج السَّلف الصَّالح !!
وهذا ليسَ بلازِم ٍ كما هو ظاهرٌ .
◄ الكمالُ عزيزٌ ؛ فالواجبُ التـَّعاوُنُ :
وَنَحنُ لا نَتـَصوَّرُ وجودَ إنسان ٍ كاملٍ بكُلِّ مَعنى هذه الكلمةِ ، أي : أن يَكونَ عالماً بكُلِّ هذه العلوم التي أشرتُ إليها ، وَسَبَقَ الكلامُ عليها .
فالواجبُ إذاً : تـَعاوُنُ هؤلاء ِ الذين تـَفَرَّغوا لِمَعرفـَةِ واقع ِ الأُمةِ الإسلامَّيةِ وما يُحاكُ ضِدَّها ، مَعَ عُلماء ِ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلى نَهج ِ سَلفِ الأُمَّةِ ، فأولئكَ يُقدَّمونَ تـَصوُّراتِهم وأفكارَهم ِ ، وهؤلاء يُبيِّنونَ فيها حُكمَ اللهِ سبحانَهُ ، القائمَ على الدِّليل ِ الصَّحيح ِ ، والحُجَّةِ النيِّرَةِ .
أمَّا أن يُصبحَ المُتـَكلِّمُ في (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) في أذهان ِ سامعيهِ واحداً من العُلماء ِ والمُفتينَ ، لا لِشيءٍ إلا لأنَّه تكلَّمَ بهذا (( الفقهِ )) المشار إليه ، فهذا ما لا يُحكَمُ له بوجهٍ من الصَّوابِ ؛ إذ يُتـَّخَذُ كلامُهُ تُكَأة ً تُرَدُّ بها فتاوى العُلماء ، وتُنْقَضُ فيه اجتهاداتهُم وأحكامُهُم .
◄ خَطَأُ ( العالِم ِ ) لا يُسْقِطُهُ :
وِمن المُهمِّ بيانُهُ في هذا المَقام ِ أنهُ قـَد يُخطئُ عالِمٌ ما في حُكمِهِ على مسألةٍ مُعَيَّنةٍ مِن تلك المسائل ِ الواقعيَّةِ ، وهذا أمرٌ ( حَدَث ) وَيَحدُثُ ، ولكنْ ... هل هذا يُسقِطُ هذا العالمَ أو ذاكَ ، وَيَجعلُ المُخالفينَ له يَصِفُونَهُ بكلماتِ نابيَةٍ لا يَجوزَ إيرادُها عليه ، كأنْ يُقالُ مثلا ً ـ وقـَد قيل ـ : هذا فقيهُ شرْع ٍ وليسَ فقيهَ واقع ٍ !!!
فهذهِ قِسمَة ٌ تُخالفُ الشرع َ والواقع !
فكلامُهُم المُشارُ إليه كُلُّه كأنَّهُ يوجـِبُ على عُلماء ِ الكتابِ والسُّنَّةِ أن يَكونوا ـ أيضاً ـ عارفينَ بالاقتصادِ والاجتماع ِ والسِّياسةِ والنُّظُم العَسكريَّةِ وطُرُق استعمال ِ الأسلحةِ الحَديثةِ ، ونَحوِ هذا وذاك !!
ولستُ أظُنُّ أنَّ هناكَ أنساناً عاقلا ً يَتصوَّر اجتماع َ هذه العلوم والمَعارِف كلَّها في صَدرِ إنسان ٍ ، مهما كان عالماً أو ( كاملا ً ) .
◄ خَطَأ ( الجَهل ) بالواقع :
وقـَد سَمِعنا أيضاً عَن أناس ٍ يقولونَ : (( ما يَهُمُّنا نَحنُ أن نَعرِفَ هذا الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ! فهذا ـ إن وَقـَعَ ـ خطاُ أيضاً .
فالعَدلُ أن يُقال : لا بُدَّ في كلِّ علم ٍ من العلوم ِ أن يَكونَ هناك عارفونَ به مُتخَصِّصونَ فيه ، يتعاوَنونَ فيما بَينهُم تعاوُناً إسلاميَّا ً أخويَّا ً صادقا ً ، لا حزبَّية َ فيه ولا عَصبَيَّة ، لِيُحقِّقوا مصلَحة َ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ ، وَإقامَة َ ما يَنشدُهُ كلُّ مُسلم ٍ مِن إيجادِ المُجتمع الإسلاميّ ، وتطبيق ِ شرع ِ اللهِ في أرضِهِ .
فكلُّ تلكَ العلوم ِ واجبَة ٌ وجوباً كِفائيَّاً على مَجموع ِ عُلماء ِ المُسلمين ، وليسَ من الواجبِ في شيءٍ أن يَجمَعها فـَردٌ واحدٌ ، فضلا ً عن استحالةٍ ذلك واقعاً !
فـَمثلا ً : لا يَجوزُ للطبيبِ أن يُسَوِّغ َ ـ أحياناً ـ القيامَ بعَمليَّةٍ جراحيَّةٍ مُعيَّنَةٍ إلا إذا استعانَ برأي العالم الفقيهِ بكتابِ الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)سبحانَهُ ، وبسُنَّةِ رسول الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)r ، وعلى مَنهج ِ السَّلفِ الصالح ِ ، إذ مِن الصَّعبِ ـ إن لم نَقل : من المُستحيل ـ أن يَكونَ الطَّبيبُ المُتمَكِّنُ في علمِهِ عارفاً ـ أيضاً ـ بالكتابِ والسُّنَّة ، مُتمَكِّناً من فِقههما ، وَمَعرفة أحكامِهما .
◄التَّأكيدُ على وجوبِ التَّعاوُن :
لذلكَ ؛ لا بُدَّ مِن التَّعاوُن ِ ، عَمَلا ً بقول ِ رَبَّ العالمين في كتابهِ الكريم ِ : ) وَتَعاوَنوا عَلى البِرِّ والتَّقوى وَلا تَعَاوَنوا عَلى الإثمِ وَالعُدوان ِ (( [4] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn4) ) ، وبذلك تتحَقَّقُ المَصالحُ المَرجُوَّةُ للأُمَّةِ الإسلاميَّةِ .
وهذه الَمسألةُ من البَداهَةِ بِمَكان ٍ ، فإنَّ المُسلمَ لا يَكادُ يَتصَوَّرُ عالماً فقيهاً في الكتابِ والسُّنَّة ، ثم هو مَع ذلك طَبيبٌ خِرِّيتٌ ، ثم هو مَع ذلك يعرفُ ـ كما يقولونَ اليَومَ ـ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) !! إذ بقدْر اشتغالهِ بهذا العلم ِ يَنشغِلُ عَن ذاكَ العلم ِ ، وَبِقدْرِ اهتمامهِ بذاكَ العلم ِ يَنصَرِفُ عَن هذا العلم ... وهكذا ...
ولا يَكونُ الكمَالُ ـ كما ذكَرتُ آنِفاً ـ إلا بتعاوُن ِ هؤلاء ِ جميعاً كلٌّ في اخِتصاصهِ ـ مَع الآخَرين ، وبذلك ـ وبه فقط ـ تتحقَّقُ المَقاصِدُ الشرعيَّة ُ لكُلِّ المُسلمين ، وَيَنْجونَ من الخُسران ِ المُبين ، كما قال ربُّ العالمين : ) وَالعَصْرِ إنَّ الإنسانَ لَفي
خُسْرٍ إلاَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصَّاِلحاتِ وَتَواصَوْا بِالحَقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبر ( .
◄ الغُلُوُّ فيما لابُدَّ منه :
لكنَّ الذي لاحَظناهُ ونُلاحظُهُ أنَّ للعَواطِفِ الحماسيَّةِ الجامحَةِ التي لا حُدودَ لها : آثاراً سلبيَّة ً مُتعَدِّدَة ً ، منها الغُلُوُّ فيما لا بُدَّ منه ، إذ الواجبُ الذي لا بُدَّ منه يُقسَم إلى قسمين :
الأوَّل : الفَرضُ العَينيُّ ، وهذا يَجبُ على كلِّ مُسلم .
الثَّاني : الفرضُ الكِفائيُ ، وهو ما إذا قامَ به البَعضُ سَقطَ عَن الباقين .
فلا يَجوزُ أن نَجعَل الفَرضَ الكِفائيَّ كالفَرض ِ العَينيِّ ، مُتساويَيْن ِ في الحُكم ِ .
ولو أنَّنا قُلنا ـ تنَزُّلا ً ـ : يَجبُ على طُلاَّبِ العلم ِ الصَّاعِدينَ أن يَكونوا عارِفينَ بفقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)، فلا يُمكنُ أن نُطِلقَ هذا الكلامَ في عُلماء ِ المُسلمين الكبار ، فَضلاً عَن أن نُلزمَ طُلاَّبَ العلم ِ بوجوبِ مَعرفةِ الواقِع ِ ، وما يَترَتَّبُ على هذه المَعرِفَةِ مِن فقهٍ يُعطي لكُلِّ حالةٍ حُكْمَها .
◄ لا يُنكَرُ ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) :
وكذلك لا يَجوزُ ـ والحالةُ هذه ـ أن يُنكِرَ أحدٌ مِن طُلاَّبِ العلم ِ ضرَورَة َ هذا الفقه بالواقع ، لأنَّهُ لا يُمكِنُ الوُصولُ إلى تحقيق الضَّالَّةِ المَنشودَةِ بإجماع ِ المُسلمين ـ ألا وهي التخلُّص مِن الاستعمارِ الكافرِ للبلادِ الإسلاميَّة ، أو ـ على الأقلّ ـ بَعضِها ـ إلاّ بأن نَعرفَ ما يتآمَرون به ، أو ما يَجتمعونَ عليهِ ؛ لِنَحذرَهُ ونُحذِّرَ منهُ ؛ حتى لا يَستمِرَّ استعمارُهمُ واستعبادُهمُ للعالم ِ الإسلاميِّ ، وهذا لا يَكونُ جُزءٌ منه إلا بتربَيةِ الشبابِ تربيَة ً عقائديَّة ً علميَّة ً مَنهجيَّة ًقائمة ً على أساس ِ التصفيَةِ للإسلام ِ مِن الشوائب التي عَلَقت بهِ ، ومبنيَّة ً على قاعدةِ التربَيةِ على الإسلام المُصَفَّى ، كما أنزَلَهُ على قلبِ رسول r .
◄ بين العُلماء والحكَّام :
ومن الأمورِ التي يَنبَغي ذِكرُها هنا : أنَّ الذين يَستطيعونَ حملَ الأمةِ على ما يَجبُ عليها وجوباً عَينيَّاً أو كِفائيَّاً ، ليسَ هم الخُطباءَ المُتحَمِّسينَ ، ولا الفقهاءَ النَّظريِّين ؛ وإنما هم الحُكَّامُ الذين بيدِهم ِ الأمرُ والتنفيذُ والحَلُّ والعَقدُ ، وليسَ ـ أيضاً ـ أولئكَ المُتحمِّسينَ من الشبابِ ، أو العاطفيِّين من الدُّعاةِ ...
فعلى الخُطباء ِ والعلماء ِ والدُّعاة ِ أن يُرَبُّوا المُسلمين َ على قبول ِ حُكم الإسلام ِ ، والاستسلام له ، ثمَّ دعوَةُ الحُكَّام ِ ـ بالّتي هي أحسنُ للّتي هي أقوَمُ ـ إلى أن يَستعينوا بالفُقهاء ِ والعُلماء ِ( [5] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn5) ) على اختلاف عِلمهم وتنوُّع ِ فِقههم ؛ فقه الكتاب والسُّنَّة ، فقه اللُّغَة ، فقه السُّنَن الكونيَّة ، فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)... وغير ذلك من مُهمَّات ؛ إعمالاً منهم للمبدأ الإسلاميِّ العَظيم ؛ مبدأ الشورى ، وَيَومئذٍ تستقيمُ الأمورُ ، ويَفرَحُ المُؤمنون بنصر اللهِ ؛ ) فإنْ أعْرَضُوا فَما أرْسَلْناكَ عَلَيهِم حَفيظاً (( [6] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn6) ) !
◄عِلَّة ُ ذلَ المُسلمين :
ولا بُدَّ هُنا مِن بيان ِ أمرٍ مهمٍّ جدَّاً يَغفلُ عنه الكثيرون ، فأقولُ : ليسَت عِلَّة ُ بقاء ِ المُسلمين فيما هم عليه مِن الذُّلِّ واستعبادِ الكُفَّارِ ـ حتى اليَهود ـ لبَعض ِ الدُّوَل الإسلاميَّة ، هي جهلَ الكثيرين مِن أهل ِ العلم ِ بفقهِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)، أو عَدمَ الوقوفِ على مُخَطَّطاتِ الكُفارِ وَمُؤامراتِهم ، كما يُتوهمُّ !
◄مِن أغلاط بَعض ( الدُّعاة ) :
ولذلك فأنا أرى أنَّ الاهتمامَ بفقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)اهتماماً زائداً بحَيث يكونُ منهجاً للدُّعاةِ والشبابِ ، يُرَبُّونَ وَيَتَربَّونَ عليه ، ظانَّينَ أنَّهُ سبيلُ النَّجِاةِ : خَطأُ ظاهِرٌ وَغَلَطٌ واضحٌ !
والأمرُ الذي لا يَختِلَفُ فيه مِن الفُقهاء ِ اثنان ، ولا يَنتطحُ فيه عَنزان : أنَّ العلَّةَ الأساسيَّة للذُّلِّ الذي حَطَّ في المُسلمين رِحاَلهُ :
أوَّلاً : جَهلُ المُسلمين بالإسلام الذي أنزَلَهُ اللهُ على قَلبِ نبيَّنا عليه الصَّلاةُ والسَّلام .
وثانياً : أنَّ كثيراً مِن المُسلمين الذين يَعرفونَ أحكامَ الإسلام ِ في بَعض ِ شؤوِنهم لا يَعملونَ بها .
◄التَّصفيَة ُ والتَّربيَة ُ :
فإذاً : مِفتاحُ عَودَةِ مَجـِد الإسلام ِ : تَطبيقُ العلم ِ النَّافِع ِ ، والقيامُ بالعَمَل الصَّالح ِ ، وهو أمرٌ جليلٌ لا يُمِكنُ للمُسلمين أن يَصِلوا إليه إلا بإعمال ِ مَنهج ِ التَّصفيةِ والتَّربَيةِ ، وهُما واجبان ِ مُهمَّان ِ عَظيمان ِ( [7] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn7) ) :
وأرَدتُ بالأوَّل ِ منهما أموراً :
الأوَّل : تصفيَة ُ العَقيدةِ الإسلاميَّة مِمَّا هو غـَريبٌ عنها ، كالشركِ ، وجَحُدِ الصَّفاتِ الإلهيَّة ، وتأويلها ، وردّ الأحاديث الصَّحيحةِ لتعلُّقها بالعَقيدة وَنحوِها .
الثَّاني : تصفيَة ُ الفقهِ الإسلاميِّ مِن الاجتهاداتِ الخاطئةِ المُخالِفةِ للكتابِ والسُّنَّة ، وتحريرُ العقول مِن آصارِ التَّقليد ، وظُلمات التعصُّب .
الثَّالث : تصفية ُ كتب التفسيرِ ، والفقهِ ، والرَّقائق ِ ، وغيرها مِن الأحاديث الضَّعيفة والمَوضوعَة ، والإسرائيليَّات والمنُكَرات .
وأمَّا الواجبُ الآخرُ : فأريدُ بهِ تربَية َ الجيل ِ النَّاشئ على هذا الإسلام ِ المُصفَّى مِن كلِّ ما ذكَرنا ؛ تربية ً إسلامية ً صحيحة ً منذ نُعومَةِ أظفارِهِ ، دونَ أيِّ تأثرٍ بالتربَّيةِ الغربَّيةِ الكافِرَةِ .
ومِمَّا لا رَيبَ فيه أنَّ تحقيقَ هذين الواجبَين يَتطّلَّبُ جُهوداً جبَّارة ً مُخلصَة ً بينَ المُسلمين كاَّفة ً : جماعاتٍ وأفراداً ؛ من الذين يَهُمُّهُم حقَّاً إقامَة ُ المُجتمع ِ الإسلاميِّ المَنشودِ ، كل ٌّ في مَجالهِ واختِصاصِهِ .
◄الإسلاُم الصَّحيحُ :
فلا بُدَّ ـ إذاّ ـ مِن أن يُعنى العُلماءُ العارِفونَ بأحكام ِ الإسلام ِ الصَّحيح بَدَعوَةِ المُسلمين إلى هذا الإسلام الصَّحيح ، وتفهيمهم إيَّاهُ ثم تربيتهم عليهِ ، كمل ما قال اللهُ تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) وَلكنْ كُونوا رَبَّانيَّين بـِما كُنْتُمْ تُعَلَّمونَ الكِتابَ وبما كُنْتُم تَدْرُسونَ (( [8] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn8) ) .
هذا هو الحلُّ الوحَيدُ الذي جاءَت به نُصوصُ الكتابِ والسُّنَّة ، كما في قوله تـَعالى :
) إنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبَّتْ أقْدامَكُم (( [9] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn9) ) ، وغيره كثير .
◄كيف يأتي نـَصرُ اللهِ ؟
فـَمِن المُتـَّفـَق عليه دونَ خِلافٍ ـ ولله الحَمد ـ بين المُسلمين أنَّ مَعنى ) إنْ تَنْصرُوا اللهَ ( ، أي : إنْ عملتُم بما أمَرَكُم به : نصَرَكُم اللهُ على أعدائكُم .
ومِن أهمِّ النُّصوص ِ المُؤيِّدَةِ لهذا المَعنى مِمَّا يُناسِبُ واقعَنا الذي نعيشُه تماماً ، حيثُ وَصْفُ الدَّواء ِ والعلاج ِ معاً ؛ قولهُ r : (( إذا تبايَعتُم بالعِينَة ، وَأخَذتُم أذنابَ البَقـَر ، وَرَضيتُم بالزَّرع ، وَتركُتم الجهادَ ، سَلَّطَ اللهُ عليكُم ذُلاً لا يَنزعُهُ عَنكُم حتى ترجِعوا إلى دينكُم ))( [10] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10) ) .
◄سَببُ ( مَرَض ) المُسلمين :
فإذاً : ليسَ مَرَضُ المُسلمين اليَومَ هو جهلَهُم بعلم مُعَيَّن ٍ ، أقولُ هذا مُعترفاً بأنَّ كلَّ علم يَنفعُ المُسلمين فهو واجبٌ بقدْرهِ ، ولكن ليسَ سَبَبُ الذلَّ الذي لَحِقَ بالمُسلمين جَهلَهُم بهذا الفقه المُسَمَّى اليَوم (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ! وإنما العِلَّة ُ ـ كما جاءَ في هذا الحديث الصَّحيح ـ هي إهماُلهُم العَمَل بأحكام ِ الدِّين ؛ كتاباً وَسُنَّة ً .
فقولُه r : (( إذا تبايَعتُم بالعِينَة )) ؛ إشارة ٌ إلى نَوع ٍ مِن المُعامَلات الِّربَويَّة ذات التحايُل على الشرع .
وقولهُ r : (( وأخَذتُم أذنابَ البَقـَر )) ؛ إشارَة ٌ إلى الاهتمام ِ بأمورِ الدُّنيا والرُّكون ِ إليها ، وَعَدم ِ الاهتمام ِ بالشريعَةِ وأحكامها .
ومِثُلُهُ قولُه r : (( ورَضيتُم بالزَّرع )) .
وقولهُ r : (( وترَكتُم الجهادَ )) ؛ هو ثمَرَةُ الخلودِ إلى الدُّنيا ، كما في قوله تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا ما لَكُمْ إذا قيلَ لَكُم انْفِرُوا في سَبيل ِ اللهِ اثـَّاقَلْتُم إلى الأرض ِ أرَضيتُم بالحَيَاةِ الدُّنيا مِن الآخِرَةِ فما مَتاعُ الحيَاةِ الدُّنيا في الآخِرَةِ إلا قَليلٌ ( ( [11] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn11) ) .
وقولهُ r : (( ... سَلَّط اللهُ عليكُم ذلاً لا يَنزِعُهُ عنكُم حتى تـَراجعوا إلى دينكُم )) ؛ فيه إشارَة ٌ صريحة ٌ إلى أنَّ الدَّين الذي يَجبُ الرُّجوعُ إليه هو الذي ذكَرَهُ اللهُ عَز وجلَّ في أكثرِ مِن آيَةٍ كريمةٍ ، كمثل ِ قولهِ سُبحانَهُ : ) اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دينَكم وأتْمَمْتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِتُ لكُمُ الإسلامَ ديناً ( ( [12] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn12) ) .
وفي تعليق الإمام مالكٍ المشهورِ على هذه الآيَةِ ما يُبَيَّنُ المُرادَ ، حيثُ قال ـ رحمه (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ـ : (( وما لم يَكُن يَومئذٍ ديناً فلا يَكونُ اليَومَ ديناً ، ولا يصلُحُ آخِرُ هذه الأمَّة إلا بما صَلَحَ به أوَّلُها )) .
◄ الغُلُوُّ في ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) :
وأمَّا هؤلاء الدُّعاةُ الذين يُدنَدِنونَ اليَومَ حولَ (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، ويُفَخِّمونَ أمرَهُ ، ويَرفَعونَ شأنَهُ ـ وهذا حقٌ في الأصل ِ ـ ، فإنَّهم يُغالونَ فيه ؛ حيث يَفهَمونَ ويُفهِّمونَ ـ ربَّما مِن غـَيرِ قـَصْدٍ ـ أنَّهُ يَجبُ على كلِّ عالم ٍ بَل على كلِّ طالبِ علم ٍ أن يَكونَ عارفاً بهذا الفقهِ !!
مَع أنَّ كثيراً مِن هؤلاء ِ الدُّعاةِ يَعلمونَ جيِّداً أنَّ هذا الدِّينَ الذي ارتـَضاهُ ربُّنا عَزَّ وجَلَّ في أمَّةِ الإسلام قـَد تغَيَّرَت مفاهيمُهُ قـَديم الزَّمان ِ حتى فيما يَتلَّقُ بالعَقيدةِ ، فـَنَجِدُ أناساً كثيرين جدَّاً يَشهَدونَ أن (( لا إله إلا الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وَيقومون بسائر الأركان ، بل قـَد يَتعبَّدونَ بنوافِلَ مِن العِبادات ، كقيام ِ اللَّيل ، والصَّدقات ، ونَحو ذلك ، ولكَّنهُم انْحَرَفوا عَن مثلِ قوله تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) فاعْلَم أنَّهُ لا إلهَ إلا اللهُ (( [13] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13) ) .
◄ واقعُ ( الدُّعاة ) مع (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
ونَحنُ نعلمُ أنَّ كثيراً مِن أولئك ( الدُّعاةِ ) يُشارِكونَنا في مِعرِفةِ سبَبَ سوء ِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)الذي يَعيشهُ المُسلمون اليَومَ جَذريَّاً ؛ ألا وهو بُعدُهُم عَن الفهم الصَّحيح ِ للإسلام ِ فيما يَجبُ على كلِّ فـَردٍ ، وليسَ فيما يَجبُ على بَعض ِ الأفرادِ فقط ، فالواجبُ : تـَصحيحُ العَقيدةِ ، وتـَصحيحُ العبادَةِ ، وتـَصحيحُ السُّلوكِ .
أينَ مِن هذه الأمَّة مَن قامَ بهذا الواجب العَينيِّ وليسَ الواجبَ الكِفائيَّ ؟؟ إذ الواجبُ الكِفائيُّ يأتي بَعدَ الواجب العَينيِّ ، وليسَ قبلَهُ !
ولذلكَ : فإنَّ الانشغالَ والاهتمامَ بدَعوَةِ الخاصَّةِ مِن الأمَّةِ الإسلاميَّةِ إلى العنايَة بواجبٍ كِفائيِّ ألا وهو (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وتقليلَ الاهتمام بالفقهِ الواجب عَينيَّاً عَلى كلِّ مُسلم ـ وهو (( فقهُ الكتاب والسُّنَّة )) ـ بما أشرتُ إليه : هو إفراط ٌ وتضييعٌ ( [14] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14) ) لمَا يَجبُ وُجوباً مُؤكداً على كُلِّ فردٍ مِن أفرادٍ الأمَّة المُسلمَةِ ، وغـُلوٌّ في رَفع شأن ِ أمر ٍ لا يَعدو كَونَهُ ـ على حَقيقتهِ ـ واجباً كِفائيَّاً ! .
◄ القولُ الوَسَط ُ الحقُّ في (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) :
فالأمرُ ـ إذاً ـ كما قال الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) وَكَذلكَ جَعَلناكُم أمَّة ً وَسَطا ً (( [15] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn15) ) ؛ ففقهُ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)بمَعناهُ الشرعيِّ الصَّحيح هو واجبٌ بلا شكّ ، ولكنْ وجوباً كِفائيَّا ً ، إذا قامَ به بَعضُ العُلماء ِ سَقطَ عَن سائرِ العُلماء ِ ، فضلا ً عَن طلاّبِ العلم ِ ، فضلا ً عَن عامَّةِ المُسلمين !
فلذلك يَجبُ الاعتدالُ بدعوة المُسلمين إلى مَعرفِة (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ، وَعَدمُ إغراقهم بأخبارِ السِّياسة ، وَتـَحليلاتِ مُفكِّري الغـَرب، وإنَّما الواجبُ ـ دائماً وأبَداً ـ الدَّندَنَة ُ حولَ تـَصفية الإسلام ِ مِمَّا عَلَقَ به مِن شوائبَ ، ثم تربَية ُ المُسلمين : جماعاتٍ وأفراداً ، على هذا الإسلام المُصَفَّى ، وَرَبطُهُم بـِمَنهَج ِ الدَّعوةِ الأصيل :
الكتاب والسُّنَّة بفـَهم سَلَف الأمَّة .
◄ وجوبُ المحبَّة والولاء :
ومِن الواجب على العُلماء ِ ـ أيضاً ـ وعلى مُختلفِ اختصاصاتهـِم ـ فضلا ً عَن بَقيَّة الأمَّة ـ أن يَكونوا مُمْتثِلين قولَ نَبيِّهم r : (( مَثلُ المُؤمنين في تـَوَادِّهم ِ وتراحُمِهم كمَثل ِ الجَسَدِ الواحدِ ... ))( [16] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn16) ) .
ولا يَتحقَّقُ هذاالمَثلُ النَّبويُّ العظيمُ بمعناه الرَّائع الجميل ِ إلا بتعاوُن ِ العُلماء ِ مَعَ أفرادِ المُجتمع ، تـَعليما ً وتـَعلُّما ً ، دَعوة ً وَتـَطبيقا ً .
فيَتعاوَنُ ـ إذاً ـ مَن عَرَفوا فِقهَ الشرع ِ بأدلَّتِهِ وأحكامِهِ ، مَعَ مَن عَرفوا فقهَ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)بصورَتِهِ الصَّحيحة التـَّطبيقيَّة لا النَّظرية ، فأولئكَ يَمُدُّونَ هؤلاء بما عندَهمُ مِن علم وَفِقهٍ ، وهؤلاء يُوِقفونَ أولئكَ على ما تـَبيّنَ لهم لِيَحذروا وَيُحذّروا .
ومِن هذا التـَّعاوُن الصَّادِق بينَ العُلماء ِ والدُّعاةِ على تـَنوُّع اختصاصاتِهـِم ، يُمكنُ تـَحقيقُ ما يَنشدُهُ كُلُّ مسلم ٍ غـَيور ٍ .
◄ خـَطَرُ الطَّعن بالعُلماء ِ :
أمَّا الطَّعنُ في بَعض ِ العُلماء ِ أو طُلاّب العلم ِ ، وَنَبْزُهمُ بجهل فقهِ الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)، وَرَميُهم بما يُستـَحيى مِن إيرادهِ : فهذا خَطَأ وَغـَلطٌ ظاهرٌ لا يَجوزُ استمرارُهُ لأنَّهُ مِن التباغُض ِ الذي جاءَت الأحاديثُ الكثيرةُ لِتـَنهى المُسلمينَ عنه ، بَل لِتـَأمُرَهمُ بضِدِّهِ مِن التَّحابِّ والتَّلافي والتَّعاوُن ِ .
◄ كيف نُعالِجُ الأخطاءَ ؟
وأمَّا الواجبُ على أيِّ مُسلم ٍ رأى أمراً أخطَأ فيه أحَدُ العُلماء ِ أو ( الدُّعاةِ ) : فهو أن يَقـَومَ بتـَذكيرِهِ ، وَنُصحِهِ :
فإن كان الخَطَأ في مكان ٍ مَحصور ٍ : كان التـَّنبيهُ في ذلك المكان نَفسهِ دونَ إعلان ٍ أو إشهار ٍ ، وبالّتي هي أحسَنُ للّتي هي أقوَمُ .
وإن كانَ الخَطأ مُعلَناً مَشهوراً ، فلا بَأسَ مِن التـَّنبيهِ والبيان ِ لهذا الخَطأ ، وعلى طريقةِ الإعلان ، ولكن كما قال اللهُ تعالى (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223): ) ادْعُ إلى سَبيل ِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوعِظَةِ الحَسَنةِ وَجادِلهُم بالَّتي هيَ أحْسَنُ (( [17] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn17) ) .
ومِن المهمِّ بيانُهُ أنَّ التَّخطئة المُشارَ إليها هنا ليسَت التَّخطئةَ المبنيَّة َ على حماسةِ الشباب وعَواطِفِهم ، دونَما علم أو بيِّنةٍ ، لا ؛ وإنَّما المُرادُ : التـَّخطئة ُ القائمة ُ على الحُجَّةِ والبيان ، والدَّليل ِ والبُرهان ( [18] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn18) ) .
وهذه التَّخطئة ُ ـ بهذه الصُّورة اللَّيِّنَةِ الحكيمَة ـ لا تـَكونُ إلا بينَ العُلماء ِ المُخِلصينَ وطُلاَّبِ العلم النَّاصحين ؛ الذين همُ في علمهم ودَعوتهم على كلمةٍ سواء ، مَبنيَّةٍ على الكتاب والسُّنَّة ؛ وعلى نَهج سَلَف الأمَة .
أما إذا كان مَن يُرادُ تـَخطِئتُهُ مِن المُنحَرفينَ عَن هذا المَنهج الرَّبَّاني فله ـ حينئذٍ ـ مُعامَلة ٌ خاصَّة ٌ ، وأسلوبٌ خاصٌّ يَليقُ بـِقـَدْرِ انحِرافِهِ وَبُعدِهِ عَن جادَّةِ الحَقَّ والصَّواب .
◄ خَطَرُ ( السِّياسَة ) المُعاصرَة :
ولا بُدَّ ـ أخيراً ـ مِن تـَعريفِ المُسلمينَ بأمرٍ مُهمِّ جدَّاً في هذا الباب ، فأقولُ :
يَجبُ ألاّ يَدفـَعَنا الرَّضا بفقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)ـ بصورتهِ الشرعيَّةِ ـ ، أو الانشغالُ به ، إلى ولوج ِ أبوابِ السيِّاسةِ المُعاصرةِ الظَّالم ِ أهلُها ، مُغتَرِّينَ بكلمات السَّاسةِ ، مُرَدِّدين لأساليبهم ، غارقين بطرائقهم .
وإنَّما الواجبُ هو السَّيرُ على السِّياسة الشرعيَّةِ ، ألاَ وهي (( رعاية ُ شؤون ِ الأمَّة )) ، ولا تـَكونُ هذه الرِّعاية ُ إلا ّ في ضوء ِ الكتابِ والسُّنَّة ، وعلى مَنهج ِ السَّلف الصَّالح ، وبـِيدِ أولي الأمر ِ مَن العُلماء ِ العاملينَ ، والأمراء ِ العادلينَ ، فإنَّ اللهَ يَزَعُ بالسُّلطان ِ ما لا يَزَعُ بالقـُرآن ِ ( [19] (http://www.ana-salafi.tk/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn19) ) .
أمَّا تلك السَّياسة ُ الغَربيَّة ُ التي تـَفتحُ أبوابَها ، وَتـَغُرُّ أصحابَها : فلا دينَ لها ، وسائرُ من انساقَ خـَلفها ؛ أو غرقَ بـِبَحرِها : أصابهُ بأسُها ، وضَرَبهُ جَحيمُها ؛ لأنَّهُ انشغَل بالفرع ِ قبلَ الأصل ِ ! ورَحمَ اللهُ مَن قال : (( مَن تـَعَجَّلَ الشيْءَ قـَبلَ أوانهِ : عُوقِبَ بـِحرْمانِهِ )) .
واللهُ المُوَفِّق للسداد .
وآخِرُ دَعوانا أن ِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمين .
########
فهرس الكتاب
تـَقديم .................................................. ................... 2
مقدِّمة المؤلِّف .................................................. .......... 12
فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)............................ ...................... ............... 13
واقع المُسلمين .................................................. .......... 13
معرفة الحقِّ بالردِّ .................................................. ...... 14
مسألة (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) .................................................. .... 14
أهمِّيَّة معرفة الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)............................ ...................... ..... 15
من أنواع (( الفقه )) الواجبة ............................................... 15
نريدُ ( المنهج ) لا مُجرَّد الكلام .......................................... 15
الانقسام حول (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) .............................................. 16
الكمالُ عزيزٌ ؛ فالواجب التَّعاوُن ......................................... 16
خطأ ( العلم ) لا يُسقِطُهُ .................................................. .. 17
خطأ ( الجَهل ) بالواقع .................................................. ... 17
التَّأكيد على وجوب التَّعاوُن ............................................... 18
الغُلُوُّ فيما لابُدَّ منه .................................................. ....... 19
لايُنكَرُ ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) .................................................. ...... 19
بينَ العُلماء والحكَّام .................................................. ..... 20
عِلَّة ُ ذُل المُسلمين .................................................. ....... 20
مِن أغلاط بعض ( الدُّعاة ) ................................................ 20
التَّصفية والتَّربية .................................................. ......... 21
الإسلامُ الصَّحيح .................................................. ...... 22
كيف يأتي نَصر الله (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)؟ .................................................. . 22
سبَب ( مرض ) المُسلمين ................................................ 22
الغُلُوُّ في ( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) .................................................. .. 24
واقع ( الدُّعاة ) مع (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) ......................................... 24
القول الوَسط الحقُّ في (( فقه الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223))) .................................... 25
وجوب المحبَّة والولاء .................................................. .. 25
خَطَرُ الطَّعن بالعُلماء .................................................. .... 26
كيف نعالج الأخطاء؟ .................................................. .... 26
خَطر ( السَّياسة ) المُعاصرة .............................................. 27
فهرس الكتاب .................................................. ............ 28و29 .
_____
27 ـ وبعدَ تنضيدِ الرِّسالةِ ـ بمُقدِّمتها ـ وتصحيحها ، عَرَضتُها على شيخنا فوافَقَ عليها ، وأقرَّها مَشكوراً ، فجزاهُ اللهُ خيراً . ( علي ) .
28 ـ حديثٌ صحيحٌ ، تراه مُخَرَّجاً في (( الصَّحيحة )) ( 958 ) .
29 ـ أمَّا الكلامُ ( النَّظريُّ ) الذي ليسَ لهُ مَن ( يتبنَّاهُ ) عمَلاً ، ويُخرجهُ إلى حيِّزِ ( الواقع (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)) فعلاً ؛ فقد وَصَفهُ شيخنا في بَعض مجالسهِ مع الأخ الدكتور ناصر (http://www.ana-salafi.tk/vb/showthread.php?t=1223)العُمَر بأنهُ (( عَبثٌ وجُهدٌ ضائعٌ )) ، كما في شريطِ التسَّجيل ِ المَنشورِ من تلكَ المجالس ِ . ( علي ) . وانظر ما سيأتي ( ص 57 ) .
30 ـ المائدَة : 2 .
31 ـ فهم للمُسلمينَ ـ جماعاتٍ وأفراداً ـ ضياءُ السبَّيل ِ ومنارُ الطريق ِ ؛ وعلى نهجهم يَسيرون . (علي ) .
32 ـ الشورى : 48 .
33 ـ وعلى هذين الواجبين اللَّذين ِ يُدَندنُ حَولَهُما شيخُنا دائماً بَنيتُ رسالَتي (( التَّصفيَة والتَّربية وأثرُهُما في استئناف الحياة الإسلاميَّة )) ، وهي مطبوعة منذ سنوات . ( علي ) .
34 ـ آل عمران : 79 .
35 ـ مُحمَّد : 7 .
36 ـ وهو مُخرَّجٌ في كتابي (( سلسلة الأحاديث الصَّحيحة )) ( رقم : 11 ) .
37 ـ التوبة : 38 .
38 ـ آل عمران : 19 .
39 ـ مُحمَّد : 19 .
40 ـ أنظر ما سبَق ( ص 14 ) .
41 ـ البقرة : 143 .
42 ـ مُخرَّج في (( الصيحة )) ( 1083 ) .
43 ـ النَّحل : 125 .
44 ـ فـَلْيُتاْمَّل هذا الكلامُ وَلْيُتـَدَبَّر . ( علي ) .
45 ـ انظر (( الدُّرّ المَنثور )) ( 4 / 99 ) .
لا للإرهاب