اعرض النسخة الكاملة : ( ملتقى كلمة سواء لنقد البايبل )
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
http://3.bp.blogspot.com/-0Xs77r9sZLI/TfnuOlE2E_I/AAAAAAAAAA8/6yoKcM-AIHw/s1600/960827.jpg
كان وما زال نقد الكتاب المقدس يُعد من الكبائر المحرمة في نظر اللاهوتيين والقساوسة ، ولم تنجح لليوم محاولة نشر الأبحاث الناتجة عن نقد الكتاب المقدس نقداً علمياً على شعب الكنيسة لتعميق فهمه لديهم حيث كان هناك تشبث بالرأي القائل أن هذا سيؤدي فقط إلى البَلْبلَة ...!
ونحن من خلال هذا الملتقى /
(ملـتقى نقـد الكتاب المقـدس)
سنتعرف على هذا العلم "علم نقد الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد".
سنتعرف على ماهيته وأنواعه وكيف أثبت هذا العلم وقوع التحريف والتبديل في كتاب النصارى المقدس.
ويشرفنا في ملتقانا هذا أن نستضيف إخوة وأساتذة متخصصين في هذا المجال قدموا الكثير من الدراسات والمقالات والمحاضرات القيمة بهذا الشأن.
إخوة أسعدنا قبولهم دعوتنا..أتوا إلى هنا كي نتعلم منهم ونستفيد منهم
نسأل الله أن يبارك في أعمارهم وعلمهم وعملهم وينفع بهم وينصر بهم.. ويجزيهم خير الجزاء
http://www12.0zz0.com/2010/09/26/11/119738709.gif
تتشرف منتديات كلمة سواء الدعوية استضافة /
الاخ الفاضل
one1_or_three3
(أحمد السيد السبيع)
مدير الفرقان الشقيق..
محاور ومناظر متميز له العديد من البحوث والدروس القيمة التي تعنى بدراسة المخطوطات ونقد العهد القديم ..قدم العديد من المناظرات والمحاضرات على برامج المحادثة الصوتية.
http://www12.0zz0.com/2010/09/26/11/119738709.gif
abcdef_475
(طــارق أحمــد)
مدير الفرقان الشقيق ...أخ غني عن التعريف
قدم العديد من المناظرات والحوارات الكتابية المميزة في عدد من المنتديات الدعوية.. إضافة إلى المقالات المتميزة والقيمة التي تعنى بدراسة المخطوطات ونقد العهد القديم
وله محاضرات قيمة على برامج المحادثة الصوتية.
http://www12.0zz0.com/2010/09/26/11/119738709.gif
أبو المنتصر محمد شاهين
- الملقب بـ التاعب -
محاضر ومناظر غني عن التعريف أيضاً..
مدير موقع الدعوة الإسلامية قدم العديد من المحاضرات والأبحاث حول النقد النصي للعهد الجديد وله حوارات ومناظرات صوتية على برامج المحادثة الصوتية مع غير المسلمين وأعد كذلك حلقات على قنوات الحافظ والخليجية مع الشيخ عماد مهدي والأستاذ أشرف البلقيني
محاور النقاش في ملتقى نقد الكتاب المقدس
http://hh7.an3m1.com/Sep/an3m1.com_13208540811.jpg
1- تاريخ المسيحية
2- نقد العهد القديم
3- تاريخ العهد القديم
4- مخطوطات العهد القديم
5- بشارات العهد القديم
6- نقد العهد الجديد
صفحة التعليقات وطرح الأسئلة والإستفسارات على الضيوف الكرام
http://www.kalemasawaa.com/vb/t16456.html#post119628
نذكر أنه يمكن للأخوة المتابعين التعليق وطرح الأسئلة حول كل محور من محاور النقاش وذلك بعد أن ينتهي الأخوة الضيوف الكرام من تقديم كل ما لديهم حول موضوع النقاش.
قبل بدء النقاش حول هذه المحاور وطرح الأسئلة حولها.
نرجو من الأخوة الضيوف التعريف بأنفسهم في نبذة مختصرة ..
ويمكنكم كذلك تقديم عناوين المواقع والمدونات التي تتواجد فيها كتاباتكم وأبحاثكم ومقالاتكم.. لتكون مرجعاً لكل مهتم بدراسة نقد الكتاب المقدس.
ونرجو كذلك –إن أمكن- ذكر أسباب اهتمامهم بدراسة ونقد العهد القديم والعهد الجديد
http://www.audio-tool.net/Microphone01.png (http://www.kalemasawaa.com/vb/t12986.html)
بسم الله, والحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه
ثم أمّا بعدُ ...
بدايةً, أتشرَّف بهذه الاستضافة الكريمة
سائلاً الله عز وجل أن يجعلني أفضل ممّا تظنُّون وأن يغفر لي ما لا تعلمون
وأن أكون مُستَحِقًّا لتقديركم واحتِرامِكم
أنا العبد الفقير إلى الله عز وجل / أبو المُنتَصِر مُحمَّد شاهين الـمُلقَّب بـ التّاعِب
لستُ كبيراً في العمر كما يظنّ البعض, فأنا مولود عام 1987, رُغم أنني أراني مُسِنًّا !
أحسب نفسي من العاملين في مجال
"الحوار الإسلامي المسيحي" أو "مُقارنة الأديان"
لي بفضل الله عزَّ وجل ومنِّه وجُودِه وكَرَمِه العديد من ...
السلاسل العلمية والـمُحاضرات الصوتيَّة (رابط من موقع الدعوة الإسلامية (http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=207))
الدورات التعليمية والتدريبية الـمُصوَّرة (رابط من موقع الدعوة الإسلامية (http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=252)) (قناة اليوتيوب (http://www.youtube.com/eld3wah))
الأبحاث والمقالات المكتوبة (رابط من موقع الدعوة الإسلامية (http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=275)) (مُدوَّنتي الشخصيَّة (http://alta3b.wordpress.com/))
تستطيع أن تتواصل معي عبر ...
ماسنجر الياهووalta3b@yahoo.com
صفحتي على الفيسبوكhttps://www.facebook.com/alta3b
أكثر اهتماماتي بمجال العِصْمَة والـمَوثُوقِيَّة والـمِصْداقِيَّة
بين القرآن الكريم والعهد الجديد (كتابات المسيحيين الـمُقدَّسة)
ولكن كتاباتي مُحاضراتي تميل أكثر إلى المواضيع المسيحية
رُغم اهتمامي بـ تاريخ القرآن الكريم وانتقاله عبر التَّاريخ في الصُّدُور والسُّطُور
دراستي الأكاديمية بعيدة للأسف عن مجال الحِوار الإسلامي المسيحي
فأنا تخرَّجتُ من كُلِّيَّة الحاسبات والمعلومات, قسم عُلُوم الحاسِب الآلي (البَرمَجَة والتَّصميم)
اقرأ المزيد عنِّي على هذا الرابط (http://alta3b.wordpress.com/alta3b)
لا عجب إذاً في أن أغلب وسائل المعرفة بالنسبة لي
سواء عن الإسلام العظيم أو المسيحية أو أي عقيدة أخرى, هي وسائل إلكترونيَّة !
وسائل المعرفة الإلكترونية بالنسبة لي هي:
1- مُحاضرات مُصوَّرة فيديو
2- مُحاضرات مُسجَّلة صوتياً
3- كتب ومقالات وأبحاث علمية
ولعلمي اليقيني بأن العلوم الشَّرعِيَّة تحتاج إلى مُرشد
يأخذ بيدي إلى الفهم الصَّحيح والمنهج السليم
كنتُ أستعين دائماً بخالي وجدّي, فهُما أزهريَّان سلفيّان
من الجميل أن تكون قارئاً مُداوم الاطلاع على كتب العلماء
ولكن يجب عليك في الوقت نفسه أن تلجأ إلى من تثق في عِلْمِه وفَهْمِه
لتتأكد من أنك قد استوعبت المعلومات التي سمعتها وقرأتها بشكل صحيح
لألّا تكون قد أخطأت الفهم وأنت لا تدري !
لابد أن يكون لك شيخٌ يُرشِدك ويُتابعك لتتأكد من أنَّك على صواب
وإن تعسَّر عليك ذلك, فلا تكتفِ فقط بالقراءة, بل ابحث عن مادة صوتيَّة أو مرئيَّة
فكم مِن مرَّةٍ ظَنَنْتُ أني فاهم, وعندما سمعتُ ورأيتُ وجدتُ أني لم أفهم
هذا في المرتبة الأولى بالنِّسبة للعلوم الإسلاميَّة الشَّرعيَّة
وأيضاً بالنِّسبة للدراسات المسيحية الـمُتخصِّصة
فكم مِن مرَّةٍ كنتُ أقرأ فيها عن موضوع ما بخصوص النَّقد الكتابي
ولم أستوعب المسألة بشكل صحيح إلا بعد أن استمعت لـمُحاضرة صوتيَّة لأحد العلماء
أو شاهدت مُحاضرة مُصوَّرة تتناول الموضوع الذي كنتُ أقرأ عنه !
الحمد لله رب العالمين يسَّر اللهُ عزَّ وجل لي أساتذة كرام أرشدوني وعلَّموني
أبي الروحي, الـمُهندس / محمد رفاعي
الشهير على شبكة الإنترنت باسم الشَّيخ عَرَب
قُم بزيارة: دار الشيخ عرب لدراسة الكتب السماوية (http://www.sheekh-3arb.net/)
أستاذي ومُرشِدي في صِغَري, الـمُهندس / أحمد الغمراوي
الشَّهير على شبكة الإنترنت باسم ابن الفاروق المصري
قُم بزيارة: مُدوَّنة ابن الفاروق المصري (http://ebn-elfarouk.blogspot.com/)
وهُناك غيرهما الكثير, لا أستطيع إنكار أفضالهم عليّ
ولكنني ذكرتُ من كان لهم أكبر تأثير على حياتي وفكري ومنهجي
لماذا الاهتمام بدراسة ونقد العهد القديم والعهد الجديد ؟
الإجابة ببساطة: غير الـمُسلم لا يقبل إجابات إسلامية خالصة !
لذلك وجب علينا أن نُدَّعِم الحق الذي معنا ببراهين وأدلَّة من خارج المراجع الإسلامية
ولابد أن تكون هذه المراجع مقبولة لدى الشخص الذي أحاوِره حتى أستطيع إقامة الحُجَّة
وهل هناك كتابات أكثر قُبُولاً عند غير المسلمين من كُتُبهم الـمُقدَّسة ! بالطبع لا
إذن, الأمر يحتاج منك أولاً أن تكون على دراية بالحق الذي معك من المصادر الإسلامية
ثم تبحث في المرحلة الثانية في كتابات غير المسلمين الـمُقدَّسة عن ما يُدعِّم الحق الذي معك
لا أن تترك دراسة العلوم الشرعيَّة وتستبدلها بدراسة العهد القديم والجديد !
لمن أراد المزيد, قم بزيارة الروابط الآتية:
ما الذي أحتاجه لأدخل مجال مُقارنة الأديان ؟ (http://alta3b.wordpress.com/faqs/prepare/how-learn/)
أريد منهجاً أسير عليه في تحصيل العلوم الخاصة بالديانة المسيحية (http://alta3b.wordpress.com/ques/prop/manhag/)
دراسة ونقد العهد القديم والعهد الجديد
ليس فقط من أجل إثبات تحريف الكُتُب السابقة وهيمنة القرآن الكريم !
بل إن الأمر يخص مواضيع كثيرة جداً جداً مثل ...
العقائد: التوحيد والشرك والتثليث, الأسماء والصفات ... إلخ
قصص الأنبياء وأخبار السابقين ... بما فيهم المسيح عليه السلام على وجه الخصوص
الشرائع والأحكام وقضايا النّاسِخ والمنسوخ
وغيرها الكثير من المواضيع التي تخص العبادات والـمُعاملات والعادات ... إلخ
دراسة ونقد العهد القديم والجديد يُتيح لنا إيجاد "شاهد" للحق من "أهل" الكتاب !
سعيد جداً بمُشاركتي في هذا الـمُلتقى الرائع, وآسف جداً على الإطالة
أسأل اللهَ عزَّ وجل أن يتقبَّل مِنّا جميعاً صالح الأعمال
وأن يستخدمنا دائماً ولا يستبدلنا ... اللهم آمين
أحمد سبيع
09.11.2011, 17:57
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له؛ يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ اما بعد:
قبل التعريف، فإنني قد تشرفت بدعوة كلمة سواء للمشاركة في هذا الملتقى العلمي الراقي، ونسأل الله تعالى أن نكون عند حسن ظنكم، وأن يستعملنا، ولا يستبدلنا، وأن يسترنا، ولا يفضحنا.
آمين.
أخوكم العبد الفقير لله أحمد سبيع (وان أور ثري)، مصري الجنسية، من محافظة الشرقية، مقيم بالخارج، من مواليد عام 1987م.
دراستي الجامعية ليس لها تعلق بدراسات الأديان؛ فانا خريج جامعة قناة السويس، كلية السياحة والفنادق، وقد تكون الفائدة الوحيدة التي خرجت بها من الدراسة الجامعية هي اللغة الإنجليزية، وهي لا غنى عنها لمن يريد التعمق في دراسة اليهودية والنصرانية.
درست العلوم الشرعية الإسلامية على يد العديد من المشايخ والعلماء، وكانت أغلب الدراسة متركزة في علم الحديث، وهو ما أفادني في دراسة الكتاب المقدس، من حيث كتبة المخطوطات، والأسانيد، والأمور الأخرى العالقة في العلمين.
بدأت في الاهتمام بمقارنة الأديان منذ بضع سنين، بسبب زميل لي في الكلية، نصراني، وكان حينها شماس؛ كان لا يألوا جهداً في دعوة المسلمين لدينه، من خلال تشكيكهم في أكثر الأمور الإسلامية ثباتاً عندهم، وحصلت منه على الكتاب المقدس، ثم قرأت كل كتب الشيخ ديدات، واستمتعت إلى كل مناظراته، وكانت هذه بدايتي مع مقارنة الأديان.
في بداية دراستي في مقارنة الأديان كنت مهتماً كأكثر الناس بالأمور اللاهوتية، ثم بدأت تدريجياً أنخرط في دراسة العهد الجديد، دراسة المخطوطات والنصوص والتاريخ.
في مرحلة أخرى تالية؛ وجهني أخي ومعلمي: المهندس محمد محمود (ضياء الإسلام) إلى دراسة العهد القديم والتخصص فيه، ومن حينها بدأت في دراسة اللغة العبرية.
وهذا التوجيه لا أنساه لأخي محمد محمود؛ لذلك هو دائماً محل تقدير وعرفان وحب وإجلال.
دُعيت إلى منتديات الفرقان للحوار الإسلامي المسيحي؛ ثم ترقيت في المناصب إلى أن وصلت لرتبة مدير، وهذا شرف لي أن أساهم في الدعوة لدين الله من خلال منتديات الفرقان. (ادخل المنتدى (http://www.elforkan.com/7ewar/index.php)).
أنشئت مع الأخ الحبيب طارق أحمد مدونة متخصصة في النقد النصي للعهد القديم، وهي بفضل الله الأولى في مجالها في العالم العربي؛ ننشر فيها أبحاثنا وكتاباتنا. (ادخل المدونة (http://old-criticism.blogspot.com/)).
لي قناة وليدة على اليوتيوب؛ لتعليم اللغة العبرية ودراسة العهد القديم؛ مخطوطاته، نصوصه، بشاراته، وبمشيئة الله تبدأ القناة في العمل بعد أيام قليلة. (ادخل القناة (http://www.youtube.com/user/OTcriticism)).
لي بعض المحاضرات والمناظرات والدروس الصوتية في برنامج البالتوك، وهي منشورة منثورة في المدونة السابق ذكرها.
لي مناظرة كتابية وحيدة وبعض الأبحاث والكتب؛ منشورة في المدونة وفي منتدى الفرقان، من أهم كتبي؛ كتاب سميته: القمص عبد المسيح بسيط في الميزان. (حمله من مكتبة المهتدين (http://al-maktabeh.com/ar/open.php?cat=9&book=1599)).
أحاول أن أكون متخصصاً في دراسة العهد القديم من خلال:
تعلم اللغة العبرية وإتقانها أكثر، ولي محاضرات صوتية في تعليم اللغة العبرية.
قراءة العهد القديم بلغته الأصلية وترجمته.
مقارنة مخطوطات العهد القديم الماسورية مع مخطوطات قمران.
مقارنة ترجمات العهد القديم.
وكل هذا يلزم له أن يكون الباحث عارفاً باللغة العبرية، ولا يشترط اتقانها اتقاناً تاماً.
لا أحب أن أكون مجرد ناقل عن كتابات الغربيين، لكن لابد أن يكون لي رأي فيما أقرأه، من حيث التنقيح والرفض، والتصحيح، وهذا الأمر يجب أن يكون ثابتاً في أذهاننا جميعا؛ فلا يليق بنا أن نكون مجرد نقلة بلا وعي أو إدراك، لأننا من علم الدنيا كل العلوم،
أرى في دراسة العهد القديم بحراً لا ساحل له، فأحلم أن أكتب يوماً كتاباً موسعاً في الترجمة السبعينية، وكنت قد بدأت في ذلك بالفعل لكن توقفت بسبب السفر وضاعت الأوراق.
لا أريد أن أطيل أكثر من هذا، وجزاكم الله خيراً على دعوتكم الكريمة، ونسأل الله أن يصلح نياتنا وأعمالنا.
آمين.
abcdef_475
10.11.2011, 01:40
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بداية كلامي اتوجه بالتهنئة لكل الاخوة والاخوات وامتنا الاسلامية احباب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمناسبة عيد الأضحي المبارك اعاده الله عليكم جميعا بالخير والسعادة والصحة
ليس لدي الكثير لاعرف به عن نفسي ، فانا من عوام المسلمين ، تفضلت مشكورة إدارة منتدى كلمة سواء بوضعي في هذا المقام الذي احس انه اكبر مني بكثير جدا ، وبين اثنين من الاستاتذة مثل الاخ الحبيب التاعب ، والاخ الحبيب وان
كمعظم الشباب الموجودين على المنتديات الاسلامية ننتمي لجيل واحد ، عمري 23 سنة
اكن بجزيل الفضل للقمص زكريا بطرس - بعد الله سبحانه وتعالى - صاحب اليد الفعلية لدخولي ساحة مقارنة الأديان
ثم ارجع الفضل بعد ذلك لاخي وصديقي محمد محمود هو الذي وجه دفتي إلى أين ، واخذني الي اتجاه دراسة العهد القديم وهو من علمني ، وهو استاذي
ثم تلاقيت مع رفيق المشوار وان الذي تصادفت مرحلة توجيهه مع مرحلة توجيهي عبر محمد محمود ، الذي اشعر بوجودي الي جانبه كفريق عمل واحد بقوة لا حدود لها ، فانا اعتبره استاذي واتعلم منه .
ومن وقتها اصبح الاهتمام منصب على تعلم :
- العبرية
- نقد العهد القديم وفقا للاسس والنظريات التي وضعها العلماء والباحثين
واعتقد بشدة ان هذا يجب ان يسير جنباً إلى جنب مع رد الشبهات وافحام خصوم الإسلام
لذلك احب جدا دراسة العلم الشرعي ، وعندي في بيتي مكتبة كبيرة اهداها لي خالي الذي لم يعد يقوى على القراءة بسبب حالته الصحية ، وبلوغه من الكبر عتيا
واحاول بقدر المستطاع رد ما يثار من شبهات ضد الدين ، بما تعلمته مما وجد في مصادرنا
واكثر من اعتز به في حياتي مرتبط بهذا الشأن ، وهو ما كتبته دفاعاً عن نسب حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
مذبحة المشككين في نسب الصادق الأمين (http://ebnmaryam.com/web/modules.php?name=myBooks2&op=open&cat=4&book=646)
وايضاً
الطعن في القرآن الكريم من خلال مخطوطات صنعاء وغيرها (http://ebnmaryam.com/web/modules.php?name=myBooks2&op=open&cat=3&book=728)
وفي النهاية اتمنى من الله ان يجعلني خيراً مما تظنون ، وان يوفقني والاخوة في هذا الامر ، وان يجعلني على قدر هذا الحدث الاكبر مني
http://hh7.an3m1.com/Sep/an3m1.com_13208540811.jpg
سيتولى تقديم فقرة تاريخ المسيحية ونقد العهد الجديد
الأخ والأستاذ الفاضل التاعب
أما المحاور الخاصة بالعهد القديم من حيث تاريخة ونقده ومخطوطاته والبشارات التي وردت فيه..
سيقدمها الأخوين الفارسين الكريمين/
وان أور ثري و طارق أحمد
طريقة سير الحوار والنقاش في ملتقى نقد الكتاب المقدس
1- تعرض النقطة محور النقاش.
2- يعرض الضيف كل ما لديه عن محور النقاش.
3- يمكن لبقية الأخوة الضيوف التعليق والإضافة على النقطة المطروحة إن أرادوا التعليق والإضافة.
4- بعد ذلك يمكن للأخوة الضيوف الإجابة هنا على أسئلة الأعضاء -إن وجدت- في صفحة التعليقات حول النقطة المطروحة للنقاش والتي انتهى من شرحها الأخوة .
يتبع مع أول محور من محاور النقاش في الملتقى.
http://www.upislam.com/images/93143025228536028394.gif
تاريخ المسيحية
يعنى بهذا دراسة تاريخ الديانة المسيحية والكنيسة منذ المسيح ورسله الإثني عشر حتى أيامنا الحاضرة.
http://www.upislam.com/images/62614006552483444135.gif
سيعرض لنا هذا الموضوع
الأستاذ الفاضل
التاعـــب
تم نقل جميع مشاركات الترحيب بالأخوة إلى صفحة التعليقات.
لتكون هذه الصفحة مخصصة لعرض الدروس وتعليقات الضيوف الكرام فقط.
من يرغب بطرح الأسئلة والإستفسارات أو الإضافة والتعليق يمكنه ذلك من خلال هذا الرابط/
http://www.kalemasawaa.com/vb/t16456.html (http://www.kalemasawaa.com/vb/t16456.html)
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن أبدأ, أُحِبُّ أن أُعَبِّر عن فرحتي الغامرة بمُشاركتي في هذا الـمُلتقى
داعياً الله عزَّ وجل أن يتقبَّل مِنّا صالح أعمالنا
وأن يهدنا, ويهدي بنا, ويجعلنا سبباً لمن اهتدى
اللهم آمين
ما المقصود من عبارة "تاريخ المسيحية" ؟
في البداية يجب علينا أن نفهم ما معنى كلمة "تاريخ", وما معنى كلمة "مسيحية" !
لا أُحبُّ أن أبدوا مُملًّا ! ولكنني أُحبُّ أن آتي بالمعلومة من جذورها !
وفي رأيي الـمُتواضع ... هكذا يجب أن يكون الباحِث الأكاديميّ !
وهذا هو الفارِق بينَهُ وبين أي شخص مُثَقَّف مُطَّلِع
الشَّخص الـمُثقَّف يعرف المعلومة
الباحِث الأكاديميّ يعرف مصدر المعلومة وأصلها !
ما هو "التّاريخ" أو "التّأريخ" ؟
نجد في مُختار الصِّحاح, لسان العرب الآتي:
زين الدين أبو عبد الله محمد الرازي (ت 666 هـ): مُختار الصِّحاح, المكتبة العصرية ببيروت - صـ16.
[أ ر خ: (التَّأْرِيخُ) وَ (التَّوْرِيخُ) تَعْرِيفُ الْوَقْتِ.]
جمال الدين ابن منظور الأنصاري (ت 711 هـ): لسان العرب, دار صادر ببيروت, الجزء الثالث - صـ4.
[أ ر خ: التَّأْريخُ: تَعْرِيفُ الْوَقْتِ.]
ونجد أيضاً في مُعجم اللغة العربية المُعاصرة
أحمد مختار عبد الحميد (ت 1424 هـ) بمساعدة فريق عمل: مُعجم اللغة العربية المُعاصرة
دار عالم الكتب, الجزء الأول - صـ82.
[أرَّخَ/ أرَّخَ لـ يؤرِّخ، تَأْريخًا، فهو مُؤرِّخ، والمفعول مُؤرَّخ
• أرَّخ الرِّسالةَ: حدَّد تاريخَها "كانت رسالته مؤرَّخة في غُرّة رجب".
• أرَّخ الحادثَ: فصَّل تاريخه وحدَّد وقته "كثر الذين أرّخوا الحربَ العالميّة الأولى".
• أرَّخ للقوم: كتب تاريخ حياتهم وأحداثهم وحضارتهم.]
إذن, التّاريخ عبارة عن تحديد أو تعريف أو توضيح أو تفصيل الوقت
فإذا قمت بتأريخ "حادث ما", مثل: ثورة "25 يناير" ...
فيجبُ علىَّ أن أُوَضِّح وأُفَصِّل وقت أو زمن وقوع الأحداث
أي - وباختصار - أشرح الأحداث مع بيان وقت حدوثها, هذا هو تأريخ الحدث
نُريد الآن أن نفهم عبارة "تاريخ المسيحية", إذاً علينا أولاً أن نفهم ...
ماذا تعني كلمة "المسيحية" ؟
"المسيحية" - ببساطة - اسمٌ أُطْلِق على
"مُعتَقَد" أو "مَنْهَج" أو "أُسْلُوب حياة" أو "دِيانَة"
كل من ادَّعَى أنه من أتباع "المسيح" عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام
أياً كان مُعتقده أو منهجه أو أسلوب حياته ... !
(سأقوم لاحقاً بشرح العقائد الـمُختلفة للفرق المسيحية)
بعض المسيحيين لا يُحبُّون عبارة "الدِّيانَة المسيحية" !
ويقولون: إن المسيحية ليست ديناً بل منهجاً أو طريقة حياة !
سنُعلِّق على هذا الاختلاف في النَّظرة فيما بعد
ولكن ما يهمنا الآن هو أن كلمة "المسيحية" أصبحت مفهومة نوعاً ما !
مُفاجأة:
لم تُذكر كلمة "مسيحية" Χριστιανισμός (تُنطق: خريستيانيسموس)
مُطلقاً في الكتاب الـمُقدَّس بالكامل !
معلومة على هامش الموضوع
المسيحية ديانة باللغة اليونانية, بمعنى ...
جميع الكتابات المسيحية, سواء كتابهم الـمُقدَّس "العهد الجديد"
أو جميع كتابات آباء الكنيسة الأولى, كانت باللغة اليونانية
وذلك لأن اللغة اليونانية كانت هي اللغة العالمية الـمُنتشرة حينئذ
كما هو حال اللغة الإنجليزية في عصرنا الحالي
فإذا أراد شخصٌ ما أن يكتب كتابات يستطيع أغلب النّاس حول العالم قراءته
كان يكتب باللغة اليونانية القديمة Koine Greek
فإذا أردتَ حقًّا أن تكون مُتخصِّصاً في الدِّراسات المسيحية ...
يجب أن تُتقن "قراءة" اللغة اليونانية القديمة
تستطيع الحصول على فيديوهات تعليمية من هنا (http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=252)
أنصح كبداية بـ فيديوهات تعليم اليونانية القديمة للعهد الجديد (http://www.eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=253) (على اليوتيوب (http://www.youtube.com/user/eld3wah?feature=mhee#p/c/AD05FE9E2D2C2452))
إذن, كلمة "مسيحية" لم تُذكر أبداً في الكتاب الـمُقدَّس
ولكن تم استخدامها بواسطة آباء الكنيسة الأوائل ...
أمثال: بوليكاربوس (Polycarp) و إغناطيوس (Ignatius)
أي أن هذه الكلمة - "المسيحية" - لم تكن موجودة في أيام المسيح عليه السلام !
ولكن عند المسلمين
نجد أن القرآن الكريم يذكر صراحة أن "الإسلام" هو دين الله الحق !
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران : 19]
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران : 85]
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة : 3]
{فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} [الأنعام : 125]
{أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} [الزمر : 22]
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ} [الصف : 7]
ما أفعله الآن هو ما أُسمِّيه "مُقارنة الأديان" !
وهو: تحديد موضوع نبحث عنه في الإسلام والمسيحية
حتى نستطيع معرفة أي الفريقين أفضل من الآخر
فمُقارنة الأديان بالنسبة لي
وسيلة بيان أفضلية الإسلام على جميع الأديان الأخرى
فها نحن من البداية لا نجد شيئاً اسمه "المسيحية" أصلاً في الكتاب الـمُقدَّس !
فقولوا الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة
تم ذكر كلمة "مسيحي" و "مسيحيين" في العهد الجديد ...
ولكننا نجد أن هذا الـمُسمَّى لم يأتِ من أتباع المسيح عليه السلام أنفسهم !
بل أُطلِق هذا الاسم لأول مرَّة على أتباع المسيح عليه السلام من قِبَل غير المسيحيين
وكانت عبارة "مسيحي" أو "مسيحيين"
بمثابة السُّبَّة والشَّتيمة والاستهزاء والسُّخرية !
تم ذكر كلمة "مسيحي" Χριστιανός (تُنطق: خريستيانوس)
في: أعمال الرُّسُل 26 / 28 ورسالة بطرُس الأولى 4 / 16
وتم ذكر كلمة "مسيحيين" Χριστιανούς (تُنطق: خريستيانووس)
في: أعمال الرُّسُل 11 / 26
في البداية, دعونا نقرأ أعمال الرُّسُل 11 / 26
Act 11:26 وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً
Act 11:26 χρηματίσαι τε πρώτον ἐν ᾿Αντιοχείᾳ τοὺς μαθητὰς Χριστιανούς.
يقول بولس الفغالي في مُعجمه الرائع ... (انظر هذا الرابط (http://www.albishara.org/dictionary.php?op=bGV0dGVyPU5EazFNdz09Jmt3b3JkPU1q UT0.&libro=e4a6222cdb5b343735400904f03d8e6a5))
[يقول أع 11 :26 إن اسم مسيحيّ أعطي للمرة الأولى لتلاميذ يسوع في انطاكية، حوالى سنة 43. لم يأت هذا الاسم من اليهود الذين رفضوا أن يروا في يسوع، المسيحَ (م ش ي ح). بل هم الأمم سمّوا التلاميذ بهذا الاسم، فدلّوا على أنهم رأوا فيهم شيعة تختلف عن الجماعة اليهودية. رأوا فيهم مجموعة دينيّة جديدة ترتبط باسم "كرستوس" المسيح.]
بولس الفغالي: المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم, حرف الميم, كلمة "مسيحي".
دعونا نقرأ أيضاً ما ورد في دائرة المعارف الكتابية ... (انظر هذا الرابط (http://www.arabic-christian.org/daerat_almaearef/encyc/24/160.htm))
[ترد كلمة "مسيحي" أو "مسيحيين" ثلاث مرات في العهد الجديد ( أع 11: 26، 26: 28، 1بط 4: 16). ففي الأصحاح الحادي عشر من سفر أعمال الرسل نجد أول استعمال للكلمة حيث نقرأ: "ودُعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً"، أي المنتمين للمسيح أو أتباع المسيح، وواضح أن هذا الاسم لم يصدر أساساً عن المسيحيين أنفسهم، كما لم يطلقه اليهود عل أتباع المسيح الذي كانوا يكرهونه ويضطهدون اتباعه، بل كانوا يطلقونه على المؤمنين بالرب "شيعة الناصريين" ( أع 24: 5)، فلابد أن الكلمة سكها الوثنيون من سكان أنطاكية عندما انفصلت الكنيسة عن المجمع اليهودي، وحلت محل المجمع جماعة كانت غالبيتها من الأمم الذين آمنوا بالمسيح.]
دائرة المعارف الكتابية, حرف الميم, كلمة "مسيح - مسيحيون".
الآن, دعونا نقرأ أعمال الرُّسُل 26 / 28
Act 26:28 فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ: «بِقَلِيلٍ تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيّاً».
Act 26:28 ὁ δὲ ᾿Αγρίππας πρὸς τὸν Παῦλον ἔφη· ἐν ὀλίγῳ με πείθεις Χριστιανὸν γενέσθαι
هُنا نجد واضحاً من تعبير "أغريباس" أن ما يقوله بولس لن يجعله يتَّضِع ويصبح مسيحياً !
بمعنى أن قدر المسيحي قليل جداً وتحتاج إلى مجهود أكبر حتى تجعلني أصير مسيحياً !
وأيضاً في رسالة بطرُس الأولى 4 / 16
1Pe 4:16 وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ
1Pe 4:16 εἰ δὲ ὡς Χριστιανός, μὴ αἰσχυνέσθω, δοξαζέτω δὲ τὸν Θεὸν ἐν τῷ μέρει τούτῳ
الآن, لنقرأ المكتوب عن كلمة "مسيحي" في قاموس الكتاب المُقدَّس ... (انظر هذا الرابط (http://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/24_M/M_141.html))
[دعي المؤمنون مسيحيين أول مرة في أنطاكية (أع 11: 26) نحو سنة 42 أو 43م. ويرجّح أن ذلك اللقب كان في الأول شتيمة (1 بط 4: 16). قال المؤرخ تاسيتس (المولود نحو 54م.) أن تابعي المسيح كانوا أناساً سفلة عاميين, ولما قال أغريباس لبولس, ((بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً)) (أع 26: 28), فالراجح أنه أراد أن حسن برهانك كان يجعلني أرضى بأن أعاب بهذا الاسم.]
قاموس الكتاب المقدس, حرف الميم, كلمة "مسيحي".
إذن, كلمة "مسيحي" تم إطلاقها على المسيحين من قِبَل غير المسيحيين
ومعناها أتباع المسيح عليه السلام بشكل عام, ولا تعني طائفة بعينها
وكانت تُستخدم كشتيمة لأن - بحسب تعبير المؤرِّخ تاسيتس ...
تابعي المسيح كانوا أناساً سفلة عاميين !
ولكن عند المسلمين
الله عز َّ وجل هو الذي اختار لنا هذا الاسم !
{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} [الحج : 78]
الغريب والعجيب أن الصِّفات السيِّئة هذه
تم إطلاقها - بحسب الكتاب الـمُقدَّس
على أهمّ تلاميذ المسيح عليه السلام
وهُما بطرس رئيس التلاميذ, ويوحنا المدعو الحبيب !
فنجد في أعمال الرُّسُل 4 / 13
Act 4:13 فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.
Act 4:13 Θεωροῦντες δὲ τὴν τοῦ Πέτρου παρρησίαν καὶ ᾿Ιωάννου, καὶ καταλαβόμενοι ὅτι ἄνθρωποι ἀγράμματοί εἰσι καὶ ἰδιῶται, ἐθαύμαζον, ἐπεγίνωσκόν τε αὐτοὺς ὅτι σὺν τῷ ᾿Ιησοῦ ἦσαν
وللعلم, الترجمة الصحيحة لكلمة ἀγράμματοί (تُنطق: أجرامَّتويّ)
والتي ترجمتها الفاندايك إلى: عَدِيمَا الْعِلْمِ, هي: أميّان, أي: لا يستطيعان القراءة أو الكتابة
والترجمة الصحيحة لكلمة ἰδιῶται (تُنطق: إديوتايّ)
والتي ترجمتها الفاندايك إلى: عَامِّيَّانِ, هي: أبْلَه أو أحمق
وجاءت من هذه الكلمة اليونانية الكلمة الإنجليزية Idiot
والمقصود من كلمة ἰδιῶται أنهما من عامَّة الناس الغوغاء السَّفَلَة !
كما وصف المؤرِّخ تاسيتس تماماً !
معلومة على هامش الموضوع
لن تستطع فهم النَّص الكتابي بشكل دقيق
إلا عن طريق الاطلاع على النَّص المكتوب باللغة اليونانية !
فـأحياناً نجد أن التَّرجمات قد تتَّفِق على صياغة خاطئة للنَّص
أو صياغة لا تُوضِّح المعاني العميقة الدقيقة للكلمات الأصليَّة
لذلك دراسة اللغة اليونانية ليست فقط من أجل دراسة المخطوطات
ولكنها في المقام الأول من أجل الحصول على فهمٍ صحيحٍ للنُّصوص
المشكلة هي إذا تأمَّلت النَّص بشكل أكبر ستجد أن النَّص يقول ...
عندما وجد الناس هذه الصفات في يوحنا وبطرس, عرفوا مُباشرة أنهم مسيحيون !
الآن فهمنا تماماً أصل كلمة "مسيحي" ومعناها !
ومن كلمة "مسيحي" جاءت كلمة "مسيحية" وهي
مُعتقدات وأفكار وطريقة حياة هؤلاء المسيحيين
إذن, عبارة "تاريخ المسيحية" تعني تحديداً
دراسة مُعتقدات وأفكار وحياة المسيحيين عبر الزَّمن
ما هي مُعتقدات المسيحين الأوائل ؟ وكيف تطورت عبر الزمن ؟
ولكن قبل أن نقوم بدراسة "تاريخ المسيحية" ...
ما هي المصادر التي نحصل من خلالها على معلومات بخصوص تاريخ المسيحية ؟
هذا ما سنقوم بشرحه - بإذن الله عزَّ وجل - في الـمُداخلة القادمة
... آسف جداً على الإطالة ...
بانتظار تعليقاتكم واستفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عز وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكرتكم أخونا التاعب أن دراسة اللغة اليونانية مُهمَّة من أجل الحصول على فهم صحيح للنُّصوص..
وماذا عن العبرية التي نجتهد في تعلمها الآن ؟
ألم يكتب الكتاب بالعبرية إضافة إلى اليونانية طبعاً, أم أن هناك اختلاف ؟
الكتاب الـمُقدَّس بالنِّسبة للمسيحيين مُقسَّم لقسمَين
القسم الأول: العهد القديم ... الكُتُب الـمُقدَّسة لدى اليهود
القسم الثاني: العهد الجديد ... الكُتُب الـمُقدَّسة لدى المسيحيين
تم كتابة أسفار العهد القديم باللغة العِبْرِيَّة (عدا جُزء بسيط بالآرامية)
وتم كتابة أسفار العهد الجديد باللغة اليونانيَّة (Koine Greek)
إذن, عندما نتكلم عن دراسة المسيحية وكُتُبها الـمُقدَّسة
... لا نتكلم إلا عن اللغة اليونانيَّة ...
لأن جميع أسفار العهد الجديد الـ 27 كُتِبوا باللغة اليونانيَّة
وإليكم اقتباسَين بخصوص لغة كتابة العهد القديم
مقالات من مجلة مرقس: فكرة عامة عن الكتاب المقدس, دار مجلة مرقس - صـ86.
النَّص الأصلي للعهد القديم: 1- اللغة التي كُتب بها: كل أسفار العهد القديم كُتبت أصلاً باللغة العبرانية, فيما عدا بعض أجزاء صغيرة من سِفرَي عزرا ودانيال وآية واحدة من سفر إرميا (11: 10).
شنودة ماهر إسحاق: مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية - صـ10.
لغة العهد القديم: اللغة العبرانية هي اللغة التي كتبت بها أسفار العهد القديم. ولكن وردت بعض الفصول والآيات في أسفار العهد القديم مكتوبة باللغة الآرامية.
وإليكم أيضاً اقتباسَين بخصوص لغة كتابة العهد الجديد
مقالات من مجلة مرقس: فكرة عامة عن الكتاب المقدس, دار مجلة مرقس - صـ105.
(بعد كلام خاص بانتشار اللغة اليونانية ...)
من أجل ذلك كان من الطبيعي أن تُكتب أسفار العهد الجديد باللغة اليونانية, لأنها كانت موجهة إلى كل شعوب الأرض. فالعهد الجديد, إذن, هو كتاب يوناني, أي مكتوب باللغة اليونانية.
شنودة ماهر إسحاق: مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية - صـ12.
لغة العهد الجديد: كان السيد المسيح يكلم الشعب وتلاميذه باللغة الآرامية وفقاً للهجة الخاصة بأهل الجليل, فضلاً عن معرفته باللغة العبرانية (لوقا 4: 16 - 20). ولكن تلاميذه وسائر كتبة العهد الجديد استخدموا اللغة اليونانية في كتابة أسفارهم, لأنها اللغة التي شاع استخدامها في أقطار العالم منذ فتوحات الإسكندري الأكبر وفي الإمبراطورية الرومانية.
الآن, يجب أن نُلقِي الضوء على نُقطة في غاية الأهمية
المسيح عليه السلام قطعاً لم يتكلم اللغة اليونانيَّة
بل تكلَّم اللغة العبريَّة أو الآراميَّة أو كليهما معاً
ومع ذلك نجد أن جميع كتابات العهد الجديد كانت باللغة اليونانيَّة !
هل القضية فقط من أجل شُيُوع أو انتشار اللغة اليونانيَّة آن ذاك ؟
القضية تَكْمُن في مسألة رئيسيَّة واحدة
التَّبشير أو نشر المسيحية في القرن الأول
لم يكن مُعتمداً على "أقوال المسيح" عليه السلام
بل كانت مُعتمدة على نشر "قصص" عن المسيح عليه السلام
تَسْمَع هذه القصَّة, تُعْجَب بصاحبها, تؤمن به وتتَّبِعه !
لم يكن الاهتمام مُنصبًّا على ...
تدوين وحفظ "أقوال" المسيح عليه السلام !
لأن من يُريد أن يحفظ أقوال شخصٍ ما يُدوِّنها باللغة التي تكلَّم بها
ولكن الاهتمام كان مُنصبًّا على نشر "أعمال" المسيح عليه السلام
وما هي أفضل وسيلة لنشر أفعال شخصٍ ما ؟
أن أكتبها باللغة التي يستطيع الجميع قراءتها ! ألا وهي اللغة اليونانية !
هُناك مسألة أخرى يجب علينا توضيحها
ألا وهي ... مسألة: إنجيل متى العبري
هل فعلاً تم كتابة إنجيل متى باللغة العبريَّة ؟
ثم تم ترجمتها إلى اللغة اليونانيَّة ؟
وضاعت النُّسخة العبريَّة الأصليَّة ؟
أولاً: عرض الـمُشكلة
نقل يوسابيوس القيصري (أحد آباء الكنيسة بين القرن الثالث والرّابع)
في كتابه "تاريخ الكنيسة" (أحد أهم المراجع التاريخية عن الكنيسة)
عن بابياس Papias (أحد آباء الكنيسة بين القرن الأول والثاني)
هذه العبارة الآتية ...
يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, مكتبة المحبة
ترجمة: مرقس داود, الكتاب 3, الفصل 39 - صـ146.
أما عن متى فقد كتب ما يلي: "وهكذا كتب متى الأقوال الإلهية باللغة العبرانية, وفسَّرها كل واحد على قدر استطاعته".
فلنقرأ ترجمة إنجليزية أكثر دِقَّة من موسوعة آباء ما قبل نقية
The Early Church Fathers: Ante-Nicene Fathers, Volume 1, The Apostolic Fathers with Justin Martyr and Irenaeus, Papias, Fragments of Papias VI (From: Eusebius, Hist. Eccl., iii. 39.)
But with regard to Matthew he has made the following statements: "Matthew put together the oracles [of the Lord] in the Hebrew language, and each one interpreted them as best he could."
الترجمة
ولكن فيما يخص متى, قال العبارات الآتية: "متى جَمَّعَ الأقوال الإلهية (للرب, أي: يسوع المسيح) باللغة العبرية, وكل واحد حاول تفسيرها على قدر استطاعته".
هُنا نجد أن الأمر ازداد وضوحاً
متى لم يكتب إنجيلاً قصصيًّا روائيًّا يحكي فيها حياة المسيح عليه السلام
بل قام بتجميع "الأقوال الإلهية" باللغة العبريَّة
فهُناك أنواع للأناجيل
1- إنجيل قصصي
(مثل الأناجيل الأربعة التي بين أيدينا الآن)
2- إنجيل طفولة
(يحكي عن طفولة شخصٍ ما, مثل المسيح أو مريم عليهما السلام)
3- إنجيل أقوال
(مثل إنجيل توما المكتوب بالقبطيَّة, لا يحتوي إلا على أقوال منسوبة للمسيح عليه السلام)
إنجيل متى العبري المكتوب عنه في كتاب تاريخ الكنيسة ... إنجيل أقوال
إنجيل متى اليوناني الموجود بين أيدينا الآن ... إنجيل قصصي روائي
إذن, هُناك فرق حتى الآن في ...
1- لغة التَّدوين
2- نوع الكتاب
هُناك مُشكلة أخرى ألا وهي ...
هُناك إشارات واضحة كثيرة في إنجيل متى الذي بين أيدينا الآن
تدل على أن هذا الإنجيل لم يُكتب بالعبرية ولا لأُناسٍ يفهمون العبرية !
على سبيل المثال لا الحصر
نجد في إنجيل متى 27 / 46 العبارة المشهورة جداً
Mat 27:46 وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)
Mat 27:46 περὶ δὲ τὴν ἐνάτην ὥραν ἀνεβόησεν ὁ ᾿Ιησοῦς φωνῇ μεγάλῃ λέγων· ἠλι ἠλι, λαμὰ σαβαχθανί; τοῦτ᾿ ἔστι, Θεέ μου Θεέ μου, ἱνατί με ἐγκατέλιπες
هذه العبارة: إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي
ليست ترجمة عربية لنصٍ باللغة اليونانيَّة !
لاحظ أخي الكريم, العبارة تقول "لَمَا" بفتح اللّام وليست "لِمَا"
لأن النَّص باللغة اليونانيَّة يقول هكذا تماماً
هذه العبارة: ἠλι ἠλι, λαμὰ σαβαχθανί
تُنطق باليونانيَّة هكذا: أيلي أيلي, لَمَا سَبَخْثاني
هذه العبارة ليس لها أي معنى في اللغة اليونانيَّة
هذه العبارة باللغة الآراميَّة ولن يفهمها إلا من يعرف الآراميَّة
واضح جداً أن كاتب الإنجيل يعلم أن القارئ لن يفهم العبارة ...
لذلك وضع ترجمتها باللغة اليونانية !
هذه العبارة ليست إضافة من مُترجم اللغة العربية
بل هي عبارة موجودة باليونانية: أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي
العبارة باليونانية هي: τοῦτ᾿ ἔστι, Θεέ μου Θεέ μου, ἱνατί με ἐγκατέλιπες
والتي تُنطق: تووت استي, ثيئي موو ثيئي موو, إناتي مي انكاتيليبيس
وهذه عبارة مفهومة جداً باللغة اليونانية !
فلنقرأ مثالاً ثانياً من الإصحاح نفسه
في إنجيل متى 27 / 33 نجد الآتي ...
Mat 27:33 وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ»
Mat 27:33 Καὶ ἐλθόντες εἰς τόπον λεγόμενον Γολγοθᾶ, ὅς ἐστι λεγόμενος κρανίου τόπος
هُنا نجد كاتب الإنجيل يشرح المكان الذي قيل أن المسيح عليه السلام صُلب فيه
فيقول باللغة اليونانية: τόπον λεγόμενον Γολγοθᾶ
والتي تُنطق: توبون ليجومينون جُلْجُثَة
والتي تُترجم إلى: مكان مدعو جُلْجُثَة
الآن, إذا كُنتَ إنساناً يهودياً تفهم اللغة العربية
ستفهم مُباشرةً كلمة "جُلْجُثَة" وستعرف أين يقع هذا المكان
ولكن من الواضح جداً أن كاتب الإنجيل يعلم تماماً أن القارئ لن يفهم
لذلك كان لابد له أن يقوم بترجمة الاسم العبري حتى يفهم القارئ
نستطيع الآن أن نضيف نقطة ثالثة على النقطتين السابقتين
3- أدلَّة داخليَّة على أن الإنجيل الذي بين أيدينا ليس مُترجماً من العبريَّة
مُلخَّص ما سبق
الآباء تكلَّموا عن إنجيل "أقوال" باللغة العبريَّة
الإنجيل الذي بين أيدينا الآن إنجيل "قصصي" باللغة اليونانيَّة
والأهم أنه غير مُترجم من اللغة العبريَّة
كيف نقوم بحلّ هذه المُشكلة ؟
الرّاجِح في هذه المسألة هو الآتي ...
الإنجيل الذي تكلَّم عنه بابياس فُقِد ولم يعد موجوداً
والإنجيل الذي بين أيدينا الآن هو كتاب مُختلف آخر
دعونا نقرأ المذكور عن هذه المسألة في دائرة المعارف الكتابية ... (انظر هذا الرابط (http://www.arabic-
christian.org/daerat_almaearef/encyc/1/551.htm))
الإنجيل اليوناني الذى بين أيدينا، سواء بواسطة الرسول نفسه أو بواسطة أحد آخر كما يقول بنجل وتريش وغيرهما من العلماء. فإنجيل متى - في الحقيقة - يعطي الانطباع بأنه غير مترجم بل كتب أصلاً في اليونانية، فهو أقل في عِبْرِيَّتِهِ - في الصِّياغَة والفكر - من بعض الأسفار الأخرى في العهد الجديد، كسفر الرؤيا مثلاً. فليس من الصعب - عادة - اكتشاف أن كتاباً في اليونانية من ذلك العصر مترجم عن العبرية أو الآرامية، أو غير مترجم. وواضح أن إنجيل متى قد كتب اصلاً في اليونانيَّة، من أشياء كثيرة (...) وهكذا يظل إنجيل متى العبري الذى أشار إليه بابياس (على فرض أنه وجد حقيقة)، لغزاً لم يحل بالوسائل المتاحة لنا الأن، وكذلك مسألة العلاقة بين النصين العبري واليوناني.
دائرة المعارف الكتابية, حرف الألف, كلمة "إنجيل متى".
إذن, في النهاية نصل إلى هذه النتيجة
جميع أسفار العهد الجديد الـ27
التي بين أيدينا الآن كُتِبَت باللغة اليونانية
وقد تعني النَّتيجة السّابق ذكرها
أن كتاباً استخدمته الكنيسة الأولى
يحتوي على أقوال الرَّب الإلهية
ضاع من الوجود ولم يعد بين أيدينا الآن !
فقولوا الحمد لله الذي قال في كتابه الكريم
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر : 9]
شاكر جداً على هذا السؤال
آسف جداً على إطالتي في الإجابة عليه
سأقوم الآن بمُتابعة موضوعنا الأصلي ...
ما هي المصادر التي نحصل من خلالها على معلومات بخصوص تاريخ المسيحية ؟
... تابعونا ...
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي مُعتقدات المسيحين الأوائل ؟ وكيف تطورت عبر الزمن ؟
ما هي المصادر التي نحصل من خلالها على هذه المعلومات ؟
ما هي مصادر تاريخ المسيحية ؟
قبل أن أُجيب على هذا السؤال يجب أن نطرح سؤالاً قبله
إذا كانت عبارة "تاريخ المسيحية" تعني تحديداً
دراسة مُعتقدات وأفكار وحياة المسيحيين عبر الزَّمن
ما هي الفترة الزَّمنيَّة التي نُريد دراستها ؟
والتي تحتوي على أهمّ التَّفاصيل بخصوص مُعتقدات وأفكار وحياة المسيحيين
هذه الفترة الزمنية هي التي ...
تبدأ بحياة المسيح عليه السلام على الأرض
وتنتهي ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم !
أي: السِّتَّة قرون الأولى للمسيحية
حيث أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وُلِدَ في بداية النِّصف الثاني من القرن السادس تقريباً
هذه السِّتَّة قرون الأولى للمسيحية تحتوي على المراحل الآتية
1. حياة المسيح عليه السلام وتلاميذه وأتباعه (القرن الأول)
2. حياة بولس رسول المسيحية وتلاميذه وأتباعه (القرن الأول)
3. حياة آباء الكنيسة الأوائل قبل مجمع نقية 325م (نهايات الأول والقرنين الثاني والثالث)
4. حياة واضعي الإيمان المسيحي في عصر المجامع (القرن الرابع والخامس والسادس)
وهذه هي المراحل الأساسيَّة والأهمّ في تاريخ المسيحية
والتي منها نعرف التَّطوُّرات الرَّهيبة التي حدثت للعقائد المسيحي الـمُختلفة
نلمس بأنفسنا قول الله عزَّ وجل في كتابه الكريم
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً
[النساء : 171]
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ
[المائدة : 77]
وقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
صحيح البخاري 3445 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ».
فما وصل إليه النَّصارى عبر التاريخ عن طريق تطوُّر عقائدهم
ما هو إلا غلو وإطراء فاحش وكذب على الله عزَّ وجل
كيف نثبت هذا ؟
بدراسة تاريخ المسيحية !
الآن, بعد أن قمنا بتحديد الفترة الزَّمنيَّة التي نُريد دراستها
نعود إلى السُّؤال الأول:
ما هي المصادر التي سنحصل منها
على معلومات بخصوص هذه الفترة الزمنية ؟
والإجابة ...
لكل مرحلة من المراحل الأربعة مصادرها الخاصة
والتي تتلخَّص في الآتي: العهد الجديد وكتابات آباء الكنيسة !
ما هو العهد الجديد ؟
العهد الجديد هو اسمٌ أُطلِقَ على مجموعة من الكتابات المسيحية
والتي قبلتها الكنيسة مع مرور الزَّمَن على أنَّها كُتُب مُقدَّسة قانونيَّة
ما معنى عبارة "كُتُب مُقدَّسة" بالنسبة للمسيحيين ؟
معنى هذه العبارة تطوَّر عبر التّاريخ المسيحي !
في البداية, عبارة "كتاب مُقدَّس" scripture كان يعني ببساطة
كتاب يُحترم ويُبجَّل وله علاقة بالدِّين, يؤخذ منه الأحكام والشَّرائع
ثم تطوَّر المعنى إلى أن أصبحت تعني: كتاب مُوحى به من عند الله !
ما معنى عبارة "كُتُب قانونيَّة" بالنسبة للمسيحيين ؟
تعني: كُتُب تُعتبر بالنسبة للمسيحي دُستُوراً ومِعياراً ومِقياساً
يجب على المسيحي أن يعيش حياته بحسب المكتوب فيه
هذه العبارة أيضاً معناها تطوَّر عبر التّاريخ المسيحي
فالكتاب القانوني بالنسبة للمسيحي الآن
أصبح يعني أن هذا الكتاب موحى به من عند الله !
ولكن هذا لم يكن الحال مُنذ بداية المسيحية
لم تكن هُناك عقيدة راسخة عند المسيحي بخصوص وحي العهد الجديد
لماذا ؟
أولاً: لأن العهد الجديد لا يقول أنَّه مُوحى به من الله !
وثانياً: لأن عقيدة وحي العهد الجديد لم تظهر إلا في القرن الثاني !
انظر إلى ما يقوله الأب جورج سابا وهو أحد الآباء الكاثوليك
إلهام العهد الجديد: لَيسَ لَدَينا في العَهْد الجَدِيد نُصُوص تُبْرِز رَسْمِيّاً أنه مُلْهَمٌ.
جورج سابا: على عتبة الكتاب المقدس, منشورات المكتبة البولسية - صـ136.
وانظر إلى ما يقوله تادرس يعقوب ملطي
عن ثيئوفيلس الأنطاكي, أحد آباء الكنيسة في القرن الثاني
ثيئوفيلس أسقف أنطاكية (أسقفاً 169م, ت. بين 181 - 185م): ويرى البعض أن ثيئوفيلس هو أول من أوضح أن العهد الجديد هو موحى به, وأن الرُّسُل كانوا مُلهمين, وأن الأناجيل ورسائل بولس هي "كلام إلهي مُقدَّس".
تادرس يعقوب ملطي: نظرة شاملة لعلم الباترولوجي في الستة قرون الأولى
كنيسة مار جرجس بالإسكندرية - صـ30.
من أين علموا أن ثيئوفيلس الأنطاكي هو أول من قال بوحي العهد الجديد ؟
لأنَّهم فتَّشُوا في جميع كتابات العهد الجديد ولم يجدوا إعلانا بوحي هذه الكُتُب
وفتَّشُوا في جميع كتابات آباء ما قبل ثيئوفيلس الأنطاكي فلم يجدوا أيضاً !
حتى وجدوا هذا الكلام بخصوص وحي العهد الجديد لأول مرَّة عند ثيئوفيلس
على هامش الموضوع
اقرأ أكثر عن مشاكل وحي وقانونيَّة العهد الجديد
Bart Ehrman: Lost Scriptures
Bruce Metzger: The Canon of the NT
Caspar Gregory: Canon And Text Of The NT
Alexander Souter: The Text and Canon of the NT
الآن قد رأيت وعلمت أنك لابد وأن تكون مُتقناً للغة الإنجليزية
حتى تصبح مُتخصِّصاً حقيقياً في دراسة العلوم المسيحية والـمُختلفة !
إذن, عرفنا أن مصادر تاريخ المسيحية
هي العهد الجديد وكتابات آباء الكنيسة
ماذا نجد في العهد الجديد بخصوص تاريخ المسيحية ؟
العهد الجديد عبارة عن 27 كتاب لمؤلِّفين كثيرين من أزمنة مُختلفة
أغلب هؤلاء المؤلِّفين "مجهولون" وتم إضافة أسماء مشهورة على هذه الكتابات
أو قام شخصٌ ما لا نعرفه بالكتابة باسم أحد الأشخاص المسيحيين المعروفين !
على هامش الموضوع
اقرأ أكثر عن مشاكل التَّزوير في العهد الجديد
Bart Ehrman: Forged
Writing in the Name of God
ولكن على كل حال
العهد الجديد يُمثِّل لنا الكتابات المسيحية للقرن الأول الميلادي
على هامش الموضوع
أنصح بشدَّة الاستماع إلى هذه الـمُحاضرات
مدخلٌ إلى العهد الجديد (http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/intro-nt/)
مدخلٌ إلى المسيحية والعهد الجديد (http://eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=344)
نستطيع تقسيم أسفار العهد الجديد إلى الأقسام التالية
القسم الأولى: الأناجيل الأربعة
القسم الثاني: أعمال الرُّسُل
القسم الثالث: رسائل بولس
القسم الرابع: الرسائل الجامعة
القسم الخامس: رؤيا يوحنا اللاهوتي
وإليكم نبذة سريعة عن كل قسم من هذه الأقسام الخمسة
القسم الأولى: الأناجيل الأربعة
كلمة "إنجيل" عند المسيحيين لا تعني كتاب أُنزِل على المسيح عليه السلام
بل تعنى "اصطلاحاً": أخبار أو أقوال أو أحداث لها علاقة بالمسيح عليه السلام
سواء كانت عن أحداث قبل ولادته ولكن لها علاقة بولادته
أو كانت عن ولادته هو شخصياً وكيف نشأ وهو طفل صغير
أو كانت عن حياته وتعاليمه وأعماله ومُعجزاته
فهُناك - كما ذكرنا سابقاً - أنواع كثيرة من الأناجيل
أما بخصوص الأناجيل الأربعة التي نجدها في العهد الجديد
فهي أناجيل قصصية روائية تحكي عن حياة المسيح عليه السلام وتعاليمه وأعماله
الأناجيل الأربعة هم:
1. الإنجيل بحسب متى
2. الإنجيل بحسب مرقس
3. الإنجيل بحسب لوقا
4. الإنجيل بحسب يوحنا
هذه الأسماء ليست أسماء الأشخاص الذين كتبوا هذه الأناجيل بالفعل
ولكنها أسماء تم إلصاقها بهذه الكتابات في القرن الثاني الميلادي !
هذه الأناجيل الأربعة تُمثِّل مصدرنا الأول والأساسي
للمعلومات بخصوص حياة المسيح عليه السلام وتلاميذه وأتباعه
القسم الثاني: أعمال الرُّسُل
هو كتاب تاريخي في غاية الأهمية
يبدأ سرد الأحداث التي وقعت بعد رفع المسيح عليه السلام مُباشرة
النصف الأول من الكتاب يتكلم عن أحوال تلاميذ المسيح عليه السلام
والنصف الآخر يتكلم عن بولس رسول المسيحية وعن رحلاته التبشيريَّة
هذا الكتاب يُعتبر من المصادر الرئيسيَّة
للمعلومات بخصوص تلاميذ المسيح عليه السلام وحياة بولس أيضاً
وتُعطينا معلومات قيِّمة جداً بخصوص كيفية نشر المسيحية في بدايتها
القسم الثالث: رسائل بولس
مجموعة الرسائل التي أرسلها بولس إلى الكنائس التي قام بتأسيسها
أثناء رحلاته التبشيرية في حوض البحر الأبيض المتوسط
هذه الرسائل تحتوي على تعاليمه وأفكار ومُعتقادته
وأيضاً تحتوي على معلومات كثيرة جداً بخصوص الـمُجتمعات المسيحية الأولى
هذا الكتاب يُعتبر المصادر الرئيسي
للمعلومات بخصوص تعاليم وعقائد بولس رسول المسيحية وتلاميذه
القسم الرابع: الرسائل الجامعة
مجموعة رسائل لبعض القادة المسيحيين الأوائل
هذه الرسائل تحتوي على معلومات كثيرة جداً بخصوص الـمُجتمعات المسيحية الأولى
وتحتوي أيضاً على معلومات كثيرة بخصوص العقائد المسيحية الأولى الـمُختلفة
هذه الرسائل تُعتبر من المصادر الرئيسيَّة
للمعلومات بخصوص العقائد المُجتمعات المسيحية الأولى
القسم الخامس: رؤيا يوحنا اللاهوتي
هو كتاب نبوي, أي يحتوي على نبوءات بحسب الفكر المسيحي
يحكي لنا أحداث النهاية, والتي ستحدث عند عودة المسيح عليه السلام مرة أخرى
هذا الكتاب ليس له أهميَّة تاريخية كبيرة عند العلماء
ولكنه يُلقي الضوء على بعض الاضطهادات التي عانتها المجتمعات المسيحية الأولى
إذن, كتابات العهد الجديد تُغطِّي المرحلة الأولى والثانية من تاريخ المسيحية
حياة المسيح عليه السلام وتلاميذه وأتباعه (القرن الأول)
حياة بولس رسول المسيحية وتلاميذه وأتباعه (القرن الأول)
الـمُجتمعات المسيحية الأولى وكيفية انتشار المسيحية في حوض البحر الأبيض
ما هي مصادر المرحلتين الثانية والثالثة ؟
حياة آباء الكنيسة الأوائل قبل مجمع نقية 325م (نهايات الأول والقرنين الثاني والثالث)
حياة واضعي الإيمان المسيحي في عصر المجامع (القرن الرابع والخامس والسادس)
المصادر هي: كتابات آباء الكنيسة
من أين نحصل على كتابات آباء الكنيسة ؟
كتابات آباء الكنيسة مُقسَّمة تاريخياً بحسب حدث تاريخي ضخم
هذا الحدث معروف باسم: المجمع المسكوني الأول - مجمع نقية 325م
ماذا تعني عبارة "مَجْمَع مَسكُوني" ؟
تعني: جمع علماء المسيحية من كل أنحاء العالم
لحضور اجتماع كبير جداً لـمُناقشة أمر في غاية الأهميَّة يخُصّ الإيمان المسيحي
تستطيع أن تقول ببساطة: مجمع نقية 325م بالنسبة للمسيحية
مثل هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة لنا كمسلمين !
فكما أن "الهجرة" علامة مُميَّزة في تاريخنا الإسلامي
ونقول: فترة ما قبل الهجرة, وفترة ما بعد الهجرة
أيضاً بالنسبة للمسيحين
مجمع نقية 325م علامة مُميَّزة في التّاريخ المسيحي
ويُقسَّم التّاريخ المسيحي إلى فترتين
الفترة الأولى: قبل مجمع نقية 325م
الفترة الثانية: مجمع نقية 325م وما بعدها
طبقاً لهذا التقسيم تم جمع كتابات آباء الكنيسة في موسوعتين
موسوعة آباء ما قبل مجمع نقية 325م (10 مُجلَّدات)
Roberts, A., Donaldson, J., & Coxe, A. C. 1997
The Ante-Nicene Fathers - ANF
Translations of the writings of the Fathers down to A.D. 325
موسوعة آباء نقية 325م وما بعدها (28 مُجلَّد)
Schaff, P. 1997
The Nicene and Post-Nicene Fathers - NPNF
هذه الموسوعة مُقسَّمة إلى سلسلتين
السلسلة الأولى - 14 مُجلَّد First Series
السلسلة الثانية - 14 مُجلَّد Second Series
تجدون الموسوعتين على هذا الرابط
http://www.ccel.org/fathers.html
من خلال العهد الجديد وكتابات الآباء
نستطيع أن نرى صورة واضحة جداً لتاريخ المسيحية في السِّتة قرون الأولى
والآن, بعد أن علمنا المصادر التي سنستقي منها معلوماتنا بخصوص تاريخ المسيحية
هناك سؤال في غاية الأهمية
كيف نثق في المعلومات التي نجدها في هذه المصادر ؟
سأُجيب عن هذا السؤال في الـمُداخلة القادمة
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
آسف جداً على الإطالة
يُتْبَع بإذن الله عزَّ وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن تعرَّفنا على المصادر الرئيسية لتاريخ المسيحية
ما مدى مصداقية هذه المصادر ؟
كيف نثق في المعلومات التي نجدها في هذه المصادر ؟
هذا الموضوع كبير جداً ومُتشعِّب !
ولكن أسأل الله عزَّ وجل أن أقوم بتبسيطه إلى أقصى درجة
حتى يستطيع كل مُبتدئ في المجال أن يستوعب الموضوع جيداً
يجب في البداية أن نفهم
ما هي طبيعة هذه المصادر ؟
أقصد من عبارة "طبيعة المصادر" الآتي:
هل هذه المصادر مسموعة مثلاً ؟
عبارة عن روايات منقولة شفهيًّة ؟
أم أنَّها عبارة عن وثائق مكتوبة ؟
لماذا يُهمّني معرفة "طبيعة" مصادر تاريخ المسيحية ؟
لأن كل "نوع" من أنواع المصادر الـمُختلفة
لها تفاصيلها الخاصة بوسائل إنشائها وحفظها ونقلها بين الناس عبر الزمن
مما سيؤثر حتماً على مصداقية ما سنجده في هذه المظاهر
هل ظلَّت محفوظة أم أصابها الفساد والتَّحريف ؟!
إذن, بعد أن علمنا أهمية معرفة "طبيعة" مصادر تاريخ الكنيسة
فلنُجِب على السؤال: ما هي طبيعة هذه المصادر ؟
جميع مصادر تاريخ الكنيسة وثائق مكتوبة !
لا يوجد عند المسيحيين ما يُسمَّى بـ
الأحاديث أو الرِّوايات الشفهيَّة المنقولة عن طريق سلسلة من الرُّواة !
لا يوجد عند المسيحيين تواتُر شفهي لنصٍّ ما أو رواية
كل التُّراث المسيحي عبارة عن وثائق مكتوبة
هل هُناك عيب في ذلك ؟
على الإطلاق
لا يوجد أي عيب في نوع المصادر في حد ذاتها
ولكن الـمُشكلة تكمُن في ...
كيفية مُعاملة الوثائق المكتوبة في العالم القديم !
بمعنى
إذا كانت التَّفاصيل الـمُحيطة بهذه الوثائق المكتوبة كلها جميلة
أي: الخاصة بوسائل كتابة حفظ ونقل هذه الوثائق المكتوبة
فلن يكون هُناك أي إشكال على الإطلاق
ولكن إن كانت التَّفاصيل الـمُحيطة بهذه الوثائق المكتوبة سيِّئة
فهذا سيُؤثِّر بالتّأكيد على مصداقية ما نجده في هذه الوثائق
اسأل الله عز وجل أن يكون كلامي مفهُوماً !
الآن نأتي إلى السؤال الجوهري والرَّئيسي
كيف نعرف التَّفاصيل المُحيطة بهذه الوثائق المكتوبة ؟
كيف نعرف مدى مصداقية هذه الوثائق المكتوبة ؟
الإجابة: عن طريق النَّقد التّاريخي لهذه الوثائق !
عندما يُطبَّق هذا النوع من "النَّقد" على الكتاب الـمُقدَّس
يخرج لنا العلم المعروف بـ "النَّقد الكِتابي" !
ماذا تعني عبارة "النَّقد التّاريخي" ؟
"النَّقد التّاريخي" عبارة عن مجموعة من العُلُوم والمنهجيّات
والتي نستطيع تطبيقها على أي وثيقة مكتوبة
بهدف الوصول إلى أدَّق المعلومات
بخصوص كل التَّفاصيل الخاصة بهذه الوثيقة !
وإليكم المزيد من التَّوضِيح ...
تُحيط بوثائق العالم القديم الكثير من الغُمُوض
وُهناك معلومات كثيرة جداً ومُتخلفة خاصة بهذه الوثائق
هذه المعلومات منها ما هو حق ومنها ما هو باطل !
مُهمَّة النَّقد التّاريخي
معرفة المعلومات التّاريخية الصحيحة الخاصة بهذه الوثيقة
أي: استخراج المعلومات الصحيحة الحقيقية من بين رُكام الباطل !
وبما أن الكتابات والوثائق المسيحية الـمُبكِّرة
لا تختلف في طبيعتها عن أي وثائق أخرى كُتِبت في العالم القديم
نستطيع تطبيق "النَّقد التّاريخي" على هذه الوثائق
فيما يُسمَّى عند المسيحيين بـ "النَّقد الكِتابي" !
على هامش الموضوع
أنصح بقراءة الكُتُب الآتية
رياض يُوسف داود: مدخلٌ إلى النَّقد الكِتابيّ, طبعة دار المشرق ببيروت
وهذه المجموعة الرائعة لـ بارت إيرمان Bart D. Ehrman
The New Testament, A Historical Introduction To The Early Christian Writings
Jesus, Apocalyptic prophet of the new millennium
Jesus Interrupted, Revealing the Hidden Contradictions in the Bible and Why We Don’t Know About Them
هل يُعتبر "النَّقد الكِتابي" هُجُوماً على الكتاب الـمُقدَّس ؟
"النَّقد الكِتابي" ليس هُجُوماً على الكتاب الـمُقدَّس على الإطلاق
بل هو الطريق الوحيد للوصول إلى المعلومات الصحيحة الدقيقة
بخصوص الكتاب الـمُقدَّس تحديداً أو الكتابات المسيحية الـمُبكِّرة بشكل عام
ولكن الـمُشكلة تكمُن في الآتي ...
المعلومات التي نحصل عليها بعد تطبيق "النَّقد الكِتابي" كعلوم ومنهجيّات
غالباً ما تختلف عن المعلومات "الإيمانيَّة" التي يعرفها المسيحي !
حيث أن "النَّقد الكِتابي" يُخرِج لنا المعلومات التاريخيَّة الصَّحيحة
أما المعلومات "الإيمانيَّة" فهي تلك التي تُعلِّمها الكنيسة للمسيحي البسيط
فعندما تجد "الكنيسة" أن "النَّقد الكِتابي" يُخالف ما تُنادي به
تقوم "الكنيسة" مُباشرة بمُحاربة "النَّقد الكِتابي" حفاظاً على إيمانها !
اقرأ كلام الأنبا شنودة الثالث بخصوص "النَّقد الكتابي"
بعض مُدرِّسِي الكتاب والوعّاظ في بلاد الغرب يجعلون أنفسهم قوّامِين على الكتاب الـمُقدَّس: يُراجِعون ألفاظه, كما لو كانوا عُلماء في اللغة, وينتقدون ما يشاءون, ويحذفون ما يشاءون ! كما لو كان الكتاب خاضعاً لعقولهم ! وليست عقولهم هي التي ينبغي أن تخضع للكتاب .. كما أنهم جعلوا بعض أجزائه أقل أهمية من غيرها ! ونحن لا نقبل منهم هذا الوضع ولا نُوافقهم عليه. أما أن ينتقل بعض من أفكارهم إلى داخل كنيستنا, فأمر عجيب ما كنا ننتظره إطلاقاً. وسنضطر إلى مُواجهته, حتى لا ينتقل إلى البسطاء الذين قد يقبلون ما يُقدَّم لهم من فكر دون فحص .. !
الأنبا شنودة الثالث: النَّقد الكِتابي, الكليَّة الإكليريكيَّة بالقاهرة - صـ5.
بعد قراءة هذه الفقرة, تذكَّرت قول الله عزَّ وجل عن فرعون عليه لعنة الله
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ
[غافر : 26]
فرعون عليه لعنة الله يتَّهِم موسى عليه السلام بأن قد يُظهر في الأرض الفساد
كذلك الأنبا شنودة يُريد مُواجهة "النَّقد الكِتابي" المبني على المنهجيّات العلمية
بحُجَّة: المسيحي البسيط قد يقبل هذا الكلام بغير فحص !
يا أنبا شنودة
نتائج "النَّقد الكِتابي" مبنيَّة على الفحص والمنهجيَّة العلمية
فيجب عليك أن تتقبَّل هذه "الحقائق" ولا تُقاومها
والآن بعد أن فهمنا عبارة "النَّقد الكِتابي" نُريد توضيحاً لـ ...
واتفقنا أن تطبيق "النَّقد التّاريخي" على الكتاب الـمُقدَّس اسمه "النَّقد الكِتابي"
سننظر عن قرب إلى ...
"النَّقد الكتابي" Biblical Criticism
يُقسَّم "النَّقد الكِتابي" إلي قسمَين
القسم الأول:
النَّقد الأدنى Lower Criticism
ويُطلق عليه أيضاً: النَّقد النَّصِّي Textual Criticism
وهو القسم الخاص بتحديد نصّ الكِتاب بدقَّة
وسوف نتكلم بالتَّفصيل عن "النَّقد النَّصِّي" لاحقاً في الـمُلتقى
القسم ثاني:
النَّقد الأعلى Higher Criticism
وهو القسم الخاص بتحديد كل التَّفاصيل التي تدور حول نصّ الكتاب
مثل:
من الذي كتب أو ألَّف هذا الكتاب ؟
متى قام بتأليف هذا الكتاب ؟
أين قام بتأليف هذا الكتاب ؟
لماذا قام بتأليف هذا الكتاب ؟
لمن قام بتأليف هذا الكتاب ؟
ما معنى النَّص الذي قام بكتابته في هذا الكتاب ؟
إذن, عُلماء "النَّقد الكِتابي" يقومون بتحديد نصّ الكتاب أولاً
ثم يقومون بدراسة كل التَّفاصيل التي تدور حول نصّ الكتاب
بعد أن يمر الكتاب أو الوثيقة بهاتين المرحلتين
نكون قد حصلنا على معلومات دقيقة حول مدى مصداقيَّة الكتاب !
في الـمُداخلة القادمة سنتعرَّف على ...
بعض المعلومات الـمُهمَّة جداً والتي تخص "تاريخ المسيحية"
حصلنا عليها بعد تطبيق "النَّقد التّاريخي"
على الكتاب الـمُقدَّس وكتابات الآباء الأوائل
... آسف جداً على الإطالة ...
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عزَّ وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن فهمنا معنى عبارة "تاريخ المسيحية"
وعرفنا المصادر التي سنأخذ منها معلوماتنا بخصوص "تاريخ المسيحية"
وفهمنا معنى عبارة "النَّقد التّاريخي"
وعرفنا أن "النَّقد التّاريخي" يُطبَّق على مصادر "تاريخ المسيحية"
الآن نُريد أن نعرف ...
ما هو تأثير "النَّقد التّاريخي" على "تاريخ المسيحية" ؟
"النَّقد التّاريخي" يُخرج لنا جميع المعلومات والتَّفاصيل
الخاصة بمصادر "تاريخ المسيحية"
مما يُتيح لنا فُرصة الوصول إلى نتائج واقعيَّة
بعد دراسة مصادر "تاريخ المسيحية" على ضوء معلومات حقيقية !
وبالمثال يتَّضِح المقال ...
إذا كنت تبحث في موضوع إيمان تلاميذ المسيح عليه السلام
وبالتحديد إيمان بطرس رئيس التلاميذ بالمسيح عليه السلام
ستقوم بالبحث عن أقوال بطرس المذكورة في الأناجيل
هل آمن بالمسيح عليه السلام على أنه ابن الله أم لا ؟
ستجد هذه الأقوال المنسوبة لبطرس والتي يُخاطب بها المسيح عليه السلام !
متى 16 / 16 «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
مرقس 8 /29 «أَنْتَ الْمَسِيحُ!»
لوقا 9 / 20 «مَسِيحُ اللهِ»
يوحنا 6 / 69 «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
حتى نستطيع أن نخرج بنتيجة حقيقية بخصوص إيمان بطرس
يجب أن نُمرِّر كل إنجيل من هذه الأناجيل الأربعة على "النَّقد التّاريخي" !
أولاً: يجب تطبيق "النَّقد الأدنى" أو "النَّقد النَّصِّي"
والمَعنِي بتحديد النُّصُوص في أقدم وأصحّ شكل تاريخي له
بمعنى ...
هذه النُّصُوص الأربعة التي قمُنا بقراءتها مأخوذة من ترجمة عربية
ما هو مصدر نصّ هذ التَّرجمة العربية ؟ هل حدث تحريف للنُّصُوص أم لا ؟
يجب علينا التّأكُّد من النَّص الذي نقوم بقراءته قبل أن نستخلص منه معلومة !
سنجد أن النَّص الخاص بإنجيل يوحنا لم يكن كما قرأناه في أقدم المخطوطات
بل إن النَّص كان يقول: يوحنا 6 / 69 «أَنْتَ قُدُّوس الله» !
وتم تحريف النَّص إلى «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ» !
إذن, بعد تمرير النُّصُوص الأربعة على "النَّقد النَّصِّي"
وصلنا إلى أن النُّصُوص الأربعة كانوا هكذا في أقدم وأصح المخطوطات
متى 16 / 16 «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
مرقس 8 /29 «أَنْتَ الْمَسِيحُ!»
لوقا 9 / 20 «مَسِيحُ اللهِ»
يوحنا 6 / 69 «أَنْتَ قُدُّوس الله»
ثانياً: يجب تطبيق "النَّقد الأعلى"
حتى نعرف أي إنجيل من هذه الأناجيل الأربعة هو أدق وثيقة تاريخية !
بمعنى ...
هُناك ثلاثة أقوال مُختلفة منسوبة لبطرس رئيس التلاميذ !
1. «الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
2. «الْمَسِيحُ» أو «مَسِيحُ اللهِ»
3. «قُدُّوس الله»
رُغم أن هُناك فرق بين "الْمَسِيحُ" و "مَسِيحُ اللهِ"
ولكن سأتجاوز هذا الاختلاف البسيط حتى لا أُطيل
ما الذي قاله بطرس بالفعل ؟!
بعد دراسة مُوسَّعة وتفصيليَّة, وبمجموع الأدلة
نجد أن بطرس لم يقل على الإطلاق: «الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
وفي الغالب لم يقل أيضاً: «قُدُّوس الله»
ولكنه إما قال: «الْمَسِيحُ» أو «مَسِيحُ اللهِ»
اقرأ كلام الـمُهندس رياض يوسف داود بخصوص هذه الـمُشكلة
إن شهادة بطرس في إنجيل متى تدل على أنه كان قد فهم آنذاك سرّ يسوع, وهذا ما يُناقض صورة الاثني عشر في الأناجيل لأنهم لم يكونوا يعرفون هذا السِّر قبل القيامة. فيُمكن القول ببساطة إنَّ متى سجَّل اعتراف بطرس مُفسَّراً في ضوء القيامة.
رياض يوسف داود: مدخلٌ إلى النَّقد الكِتابيّ, دار المشرق ببيروت - صـ7.
هذا الكلام يعني ببساطة شديدة جداً
أن هناك بعض الأناجيل لا تُدوِّن ما قيل حقيقةً
ولكنها تُدوِّن الأقوال في ضوء الإيمان وليس من واقع التّاريخ
لذلك نقوم بتطبيق "النَّقد التّاريخي" حتى نحصل على التّاريخ والواقع وليس الإيمان !
لعلنا فهمنا بعد هذا المثال
فائدة تطبيق "النَّقد التّاريخي" على مصادر "تاريخ المسيحية"
من الأجل الوصول إلى نتائج حقيقية واقعية !
الآن نُريد أن نعرف ...
ما هي أهمّ نتائج "النَّقد التّاريخي" المُؤثِّرة على "تاريخ المسيحية" ؟
هُناك الكثير من النَّتائج الصّادِمة للمسيحي العادي !
لا أستطيع ذكرها كلها لضيق الوقت
ولكنني سأذكر أهمّ النَّتائج بخصوص الأناجيل الأربعة
حيث أن الأناجيل الأربعة هُم المصدر الرَّئيسي لتعاليم المسيح عليه السلام
"النَّقد التّاريخي" و "الأناجيل الأربعة"
"النَّقد التّاريخي" يُعطينا معلومات عن ...
1. مُؤلِّفي الأناجيل الأربعة
2. زمن كتابة الأناجيل الأربعة
3. مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة
4. دقَّة المعلومات الموجودة في الأناجيل الأربعة
على هامش الموضوع
أنصح بالاستماع لهذه الـمُحاضرات
أمثلة لبعض التُّعقيدات - الجزء الثاني - الإنجيل المنسوب إلى يوحنا - المُحاضرة الأولى (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=6050)
المشكلة الإزائية - متى ومرقس ولوقا (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=5200)
تكوين الأناجيل ومصداقيتها (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=5904)
الفِرَق المسيحية والمُشكلة الإزائية (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=5994)
سنتكلَّم بشكل بسيط حول كل نقطة من هذه النِّقاط
مُؤلِّفي الأناجيل الأربعة
"النَّقد التّاريخي" يتعارض مع "الإيمان المسيحي" بخصوص هذه النُّقطة
فـ "الإيمان المسيحي" يقول إن كتبة الأناجيل من تلاميذ المسيح عليه السلام
شهود عَيان للأحداث دوَّنوها كما شاهدوها
"النَّقد الكِتابي" وهو تطبيق "النَّقد التّاريخي" على الكتاب الـمُقدَّس
يُخبرنا أننا لا نستطيع أن نعرف من هُم كتبة الأناجيل
فهؤلاء الكتبة مجهولون تماماً كأشخاص بالنِّسبَة لنا
ولكننا نستطيع أن نعرف بعض المعلومات عنهم
نعلم أن كتبة الأناجيل الأربعة لم يكونوا شهود عيان !
نعلم أن كتبة الأناجيل لم يكونوا من الجيل الأول من المسيحين !
نعلم أن كتبة الأناجيل لم يكونوا يهوداً أو كتبوا باللغة العبرية !
زمن كتابة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن إنجيل مُرقس كُتِبَ تقريباً عام 65 - 70م
وأن إنجيلَيّ متى ولوقا كُتِبا تقريباً عام 80 - 85م
وأن إنجيل يوحنا كُتِبَ تقريباً عام 90 - 95م
ويُخبرنا أيضاً أن المسيح عليه السلام رُفِعَ إلى السماء عام 33م تقريباً
سوف نستفيد من هذه المعلومات في النُّقطة التالية !
مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أننا لا نستطيع تحديد مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة !
بمعنى: لا نستطيع أن نقول إن الكتاب الفُلاني أو المصدر الفُلاني
هو مصدر معلومات أحد كتبة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن مصادر كتبة الأناجيل إما عبارة عن روايات منقولة شفهياً
أو عبارة عن كتابات مُبكِّرة لا نعرف ما هي تحديداً
احتوت على معلومات خاصة بحياة المسيح عليه السلام
ولكن أغلب العلماء يُرجِّحون أن مصادر كتبة الأناجيل كانت روايات شفهيَّة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا أن هُناك مسافة الزمنيَّة بين
"وُقُوع الحَدَث" و "تَدْوِين الحَدَث"
وأنه لم تكن هُناك أي قواعد أو ضوابط أثناء نقل الروايات نقلاً شفهياً
وبالتّالي تم تغيير القصص أو الروايات أثناء انتقالها زمنياً
بين اللغات واللهجات والثقافات الـمُختلفة
وهذا هو سبب وجود اختلافات وتناقضات بين الأناجيل الأربعة
لأننا لا نعرف مصادر هذه الأناجيل, وكانت الروايات تتغير عبر الزَّمن !
دقَّة المعلومات الموجودة في الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن الأناجيل الأربعة لا تُعتبر وثائق تاريخية دقيقة بنسبة 100%
فكتبة الأناجيل لم يكونوا شهود عَيان, ولا نعرف مصادر أخبارهم
وهُناك مسافة زمنية بين "وُقُوع الحَدَث" و "تَدوين الحَدَث"
ولم تكن هُناك أي قواعد أو ضوابط لنقل الروايات نقلاً شفهياً
لذلك نجد بين الأناجيل تناقضات واختلافات كثيرة جداً تُعدّ بالمئات !
و "النَّقد الكِتابي" يُخبرنا أيضاً
كتبة الأناجيل كانوا أحياناً يُدوِّنون الأحداث بنظرة إيمانيَّة
فيقومون بتغيير الأحداث والأقوال لتتوافق مع إيمانهم الـمُرتبط بهذه الوقائع
ولكن مع كل هذا فإن الأناجيل أو العهد الجديد بشكل عام
يحتوي على معلومات تاريخية رائعة جداً بخصوص المسيحية وعقائدها
وهذا ما سنقوم بمُناقشته في الـمُداخلات القادمة
المسيحية في عهد المسيح عليه السلام
المسيحية في عهد بولس رسول المسيحية
المسيحية في عهد آباء ما قبل نقية 325م
المسيحية في عصر المجامع
آسف جداً على الإطالة وكثرة الـمُداخلات
ولكن أُريد أن أقوم بتوصيل صورة واضحة لكل مُبتدئ
بخصوص "تاريخ المسيحية"
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عزَّ وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن فهمنا معنى عبارة "تاريخ المسيحية"
وعرفنا المصادر التي سنأخذ منها معلوماتنا بخصوص "تاريخ المسيحية"
وفهمنا معنى عبارة "النَّقد التّاريخي"
وعرفنا أن "النَّقد التّاريخي" يُطبَّق على مصادر "تاريخ المسيحية"
الآن نُريد أن نعرف ...
ما هو تأثير "النَّقد التّاريخي" على "تاريخ المسيحية" ؟
"النَّقد التّاريخي" يُخرج لنا جميع المعلومات والتَّفاصيل
الخاصة بمصادر "تاريخ المسيحية"
مما يُتيح لنا فُرصة الوصول إلى نتائج واقعيَّة
بعد دراسة مصادر "تاريخ المسيحية" على ضوء معلومات حقيقية !
وبالمثال يتَّضِح المقال ...
إذا كنت تبحث في موضوع إيمان تلاميذ المسيح عليه السلام
وبالتحديد إيمان بطرس رئيس التلاميذ بالمسيح عليه السلام
ستقوم بالبحث عن أقوال بطرس المذكورة في الأناجيل
هل آمن بالمسيح عليه السلام على أنه ابن الله أم لا ؟
ستجد هذه الأقوال المنسوبة لبطرس والتي يُخاطب بها المسيح عليه السلام !
متى 16 / 16 «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
مرقس 8 /29 «أَنْتَ الْمَسِيحُ!»
لوقا 9 / 20 «مَسِيحُ اللهِ»
يوحنا 6 / 69 «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
حتى نستطيع أن نخرج بنتيجة حقيقية بخصوص إيمان بطرس
يجب أن نُمرِّر كل إنجيل من هذه الأناجيل الأربعة على "النَّقد التّاريخي" !
أولاً: يجب تطبيق "النَّقد الأدنى" أو "النَّقد النَّصِّي"
والمَعنِي بتحديد النُّصُوص في أقدم وأصحّ شكل تاريخي له
بمعنى ...
هذه النُّصُوص الأربعة التي قمُنا بقراءتها مأخوذة من ترجمة عربية
ما هو مصدر نصّ هذ التَّرجمة العربية ؟ هل حدث تحريف للنُّصُوص أم لا ؟
يجب علينا التّأكُّد من النَّص الذي نقوم بقراءته قبل أن نستخلص منه معلومة !
سنجد أن النَّص الخاص بإنجيل يوحنا لم يكن كما قرأناه في أقدم المخطوطات
بل إن النَّص كان يقول: يوحنا 6 / 69 «أَنْتَ قُدُّوس الله» !
وتم تحريف النَّص إلى «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ» !
إذن, بعد تمرير النُّصُوص الأربعة على "النَّقد النَّصِّي"
وصلنا إلى أن النُّصُوص الأربعة كانوا هكذا في أقدم وأصح المخطوطات
متى 16 / 16 «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
مرقس 8 /29 «أَنْتَ الْمَسِيحُ!»
لوقا 9 / 20 «مَسِيحُ اللهِ»
يوحنا 6 / 69 «أَنْتَ قُدُّوس الله»
ثانياً: يجب تطبيق "النَّقد الأعلى"
حتى نعرف أي إنجيل من هذه الأناجيل الأربعة هو أدق وثيقة تاريخية !
بمعنى ...
هُناك ثلاثة أقوال مُختلفة منسوبة لبطرس رئيس التلاميذ !
1. «الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
2. «الْمَسِيحُ» أو «مَسِيحُ اللهِ»
3. «قُدُّوس الله»
رُغم أن هُناك فرق بين "الْمَسِيحُ" و "مَسِيحُ اللهِ"
ولكن سأتجاوز هذا الاختلاف البسيط حتى لا أُطيل
ما الذي قاله بطرس بالفعل ؟!
بعد دراسة مُوسَّعة وتفصيليَّة, وبمجموع الأدلة
نجد أن بطرس لم يقل على الإطلاق: «الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
وفي الغالب لم يقل أيضاً: «قُدُّوس الله»
ولكنه إما قال: «الْمَسِيحُ» أو «مَسِيحُ اللهِ»
اقرأ كلام الـمُهندس رياض يوسف داود بخصوص هذه الـمُشكلة
إن شهادة بطرس في إنجيل متى تدل على أنه كان قد فهم آنذاك سرّ يسوع, وهذا ما يُناقض صورة الاثني عشر في الأناجيل لأنهم لم يكونوا يعرفون هذا السِّر قبل القيامة. فيُمكن القول ببساطة إنَّ متى سجَّل اعتراف بطرس مُفسَّراً في ضوء القيامة.
رياض يوسف داود: مدخلٌ إلى النَّقد الكِتابيّ, دار المشرق ببيروت - صـ7.
هذا الكلام يعني ببساطة شديدة جداً
أن هناك بعض الأناجيل لا تُدوِّن ما قيل حقيقةً
ولكنها تُدوِّن الأقوال في ضوء الإيمان وليس من واقع التّاريخ
لذلك نقوم بتطبيق "النَّقد التّاريخي" حتى نحصل على التّاريخ والواقع وليس الإيمان !
لعلنا فهمنا بعد هذا المثال
فائدة تطبيق "النَّقد التّاريخي" على مصادر "تاريخ المسيحية"
من الأجل الوصول إلى نتائج حقيقية واقعية !
الآن نُريد أن نعرف ...
ما هي أهمّ نتائج "النَّقد التّاريخي" المُؤثِّرة على "تاريخ المسيحية" ؟
هُناك الكثير من النَّتائج الصّادِمة للمسيحي العادي !
لا أستطيع ذكرها كلها لضيق الوقت
ولكنني سأذكر أهمّ النَّتائج بخصوص الأناجيل الأربعة
حيث أن الأناجيل الأربعة هُم المصدر الرَّئيسي لتعاليم المسيح عليه السلام
"النَّقد التّاريخي" و "الأناجيل الأربعة"
"النَّقد التّاريخي" يُعطينا معلومات عن ...
1. مُؤلِّفي الأناجيل الأربعة
2. زمن كتابة الأناجيل الأربعة
3. مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة
4. دقَّة المعلومات الموجودة في الأناجيل الأربعة
على هامش الموضوع
أنصح بالاستماع لهذه الـمُحاضرات
أمثلة لبعض التُّعقيدات - الجزء الثاني - الإنجيل المنسوب إلى يوحنا - المُحاضرة الأولى (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=6050)
المشكلة الإزائية - متى ومرقس ولوقا (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=5200)
تكوين الأناجيل ومصداقيتها (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=5904)
الفِرَق المسيحية والمُشكلة الإزائية (http://www.eld3wah.net/play.php?catsmktba=5994)
سنتكلَّم بشكل بسيط حول كل نقطة من هذه النِّقاط
مُؤلِّفي الأناجيل الأربعة
"النَّقد التّاريخي" يتعارض مع "الإيمان المسيحي" بخصوص هذه النُّقطة
فـ "الإيمان المسيحي" يقول إن كتبة الأناجيل من تلاميذ المسيح عليه السلام
شهود عَيان للأحداث دوَّنوها كما شاهدوها
"النَّقد الكِتابي" وهو تطبيق "النَّقد التّاريخي" على الكتاب الـمُقدَّس
يُخبرنا أننا لا نستطيع أن نعرف من هُم كتبة الأناجيل
فهؤلاء الكتبة مجهولون تماماً كأشخاص بالنِّسبَة لنا
ولكننا نستطيع أن نعرف بعض المعلومات عنهم
نعلم أن كتبة الأناجيل الأربعة لم يكونوا شهود عيان !
نعلم أن كتبة الأناجيل لم يكونوا من الجيل الأول من المسيحين !
نعلم أن كتبة الأناجيل لم يكونوا يهوداً أو كتبوا باللغة العبرية !
زمن كتابة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن إنجيل مُرقس كُتِبَ تقريباً عام 65 - 70م
وأن إنجيلَيّ متى ولوقا كُتِبا تقريباً عام 80 - 85م
وأن إنجيل يوحنا كُتِبَ تقريباً عام 90 - 95م
ويُخبرنا أيضاً أن المسيح عليه السلام رُفِعَ إلى السماء عام 33م تقريباً
سوف نستفيد من هذه المعلومات في النُّقطة التالية !
مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أننا لا نستطيع تحديد مصادر معلومات كتبة الأناجيل الأربعة !
بمعنى: لا نستطيع أن نقول إن الكتاب الفُلاني أو المصدر الفُلاني
هو مصدر معلومات أحد كتبة الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن مصادر كتبة الأناجيل إما عبارة عن روايات منقولة شفهياً
أو عبارة عن كتابات مُبكِّرة لا نعرف ما هي تحديداً
احتوت على معلومات خاصة بحياة المسيح عليه السلام
ولكن أغلب العلماء يُرجِّحون أن مصادر كتبة الأناجيل كانت روايات شفهيَّة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن هُناك مسافة الزمنيَّة بين
"وُقُوع الحَدَث" و "تَدْوِين الحَدَث"
وأنه لم تكن هُناك أي قواعد أو ضوابط أثناء نقل الروايات نقلاً شفهياً
وبالتّالي تم تغيير القصص أو الروايات أثناء انتقالها زمنياً
بين اللغات واللهجات والثقافات الـمُختلفة
وهذا هو سبب وجود اختلافات وتناقضات بين الأناجيل الأربعة
لأننا لا نعرف مصادر هذه الأناجيل, وكانت الروايات تتغير عبر الزَّمن !
دقَّة المعلومات الموجودة في الأناجيل الأربعة
"النَّقد الكِتابي" يُخبرنا
أن الأناجيل الأربعة لا تُعتبر وثائق تاريخية دقيقة بنسبة 100%
فكتبة الأناجيل لم يكونوا شهود عَيان, ولا نعرف مصادر أخبارهم
وهُناك مسافة زمنية بين "وُقُوع الحَدَث" و "تَدوين الحَدَث"
ولم تكن هُناك أي قواعد أو ضوابط لنقل الروايات نقلاً شفهياً
لذلك نجد بين الأناجيل تناقضات واختلافات كثيرة جداً تُعدّ بالمئات !
و "النَّقد الكِتابي" يُخبرنا أيضاً
كتبة الأناجيل كانوا أحياناً يُدوِّنون الأحداث بنظرة إيمانيَّة
فيقومون بتغيير الأحداث والأقوال لتتوافق مع إيمانهم الـمُرتبط بهذه الوقائع
ولكن مع كل هذا فإن الأناجيل أو العهد الجديد بشكل عام
يحتوي على معلومات تاريخية رائعة جداً بخصوص المسيحية وعقائدها
وهذا ما سنقوم بمُناقشته في الـمُداخلات القادمة
المسيحية في عهد المسيح عليه السلام
المسيحية في عهد بولس رسول المسيحية
المسيحية في عهد آباء ما قبل نقية 325م
المسيحية في عصر المجامع
آسف جداً على الإطالة وكثرة الـمُداخلات
ولكن أُريد أن أقوم بتوصيل صورة واضحة لكل مُبتدئ
بخصوص "تاريخ المسيحية"
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عزَّ وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيحية في عهد المسيح عليه السلام
ما المقصود بـ "المسيحية" في العبارة السّابِقة ؟
المقصود هو العقيدة التي اذا اعتنقتها وعملت بحسبها دخلت الجنَّة
هذه العقيدة - "المسيحية" - تغيَّرت وتطوَّرت عبر الزَّمن
فعلى مرّ الأزمنة والعُصُور ادَّعى المسيحيون
أن هذه "المسيحية" التي نقوم بشرحها لكم
هي طريقكم إلى الجنَّة والحياة الأبديَّة
ولا شكّ ولا رَيب أن العقيدة التي نادى بها المسيح عليه السلام
أو شكل "المسيحية" التي أراد المسيح عليه السلام أتباعه أن يكونوا عليها
هي العقيدة الصحيحة السليمة
والتي ينبغي أن يكون عليها كل من أرداً فعلاً أن يكون من أتباع المسيح !
ليدخل حقيقةً تحت قول الله عزَّ وجل في كتابه الكريم
وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
آل عمران : 55
أركان "المسيحية" في عهد المسيح عليه السلام
1. شهادة أن لا إله إلا الله "الآب"
2. شهادة أن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله "الآب"
3. العمل بشريعة موسى عليه السلام وتطبيق الوصايا
على هامش الموضوع
إذا نظرت إلى أركان الإسلام الخمسة
ستجد أنها هي نفسها أركان المسيحية في عهد المسيح عليه السلام
ولكن بدلاً من شهادة أن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله
ستشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلَّم رسول الله
لأنه هو رسول الله في ذلك الزَّمان
وبدلاً من العمل بشريعة موسى عليه السلام
ستجد العمل بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وتطبيق وصاياه
فإن الصلاة والزكاة والصوم والحج
كلها أحكام الشريعة وتطبيق الوصايا الإلهية !
الآن, وقبل أن نأتي بالأدلة على أركان "المسيحية" السابق ذكرها
أريد أن أُجيب على سؤالٍ في غاية الأهميَّة ؟
ما معنى عبارة "الله الآب" ؟
لماذا يُدعى "الله" عزَّ وجل بـ "الآب" ؟
قُلنا سابقاً إن العهد الجديد كتاب باللغة اليونانية
ولكن المسيح عليه السلام كان يتكلم إما العبرية أو الآرامية أو الاثنين معاً
لا شك ولا ريب أنه حدث تغيير
في معاني الكلمات التي نطق بها المسيح عليه السلام بالآرامية أو العبرية
والتي تم ترجمتها بطريقة مجهولة إلى اللغة اليونانية
وتم تدوينها في الأناجيل الأربعة الموجودة في العهد الجديد
لفظ الجلالة "الله" اسم علم على ذات الله تبارك وتعالى
هذا الاسم لا يُترجم كعادة أسماء الأعلام
قد يتغيَّر النُّطق قليلاً عندم انتقال الاسم بين اللغات واللهجات الـمُختلفة
ولكن الاسم لا يُترجم معناه من لُغة إلى لُغة أخرى
على سبيل المثال
إذا كان هُناك أحد المسيحيين اسمه سعيد ميلاد
فلا نقوم بترجمة معنى الاسم إلى اللغة الإنجليزية
ليصبح Happy Birthday !
بل نقوم بكتابة نُطق الاسم العربي بالحروف الـمُقابلة في اللغة الإنجليزية
خُلاصة الموضوع ...
لفظ الجلالة "الله" غير موجود في اللغة اليونانية
ولكننا نجد في اللغة اليونانية تعبير "الـإله" ὁ Θεὸς
والتي "غالباً" ما تدل على الإله خالق السموات والأرض
ماذا تعني بكلمة "غالباً" ؟
هل أُطلق هذا التعبير على المسيح عليه السلام مثلاً ؟
بالطبع لا
بل أُطلِق على الشيطان والعياذ بالله !
في رسالة كورينثوس الثانية 4 / 4
الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ
ἐν οἷς ὁ θεὸς τοῦ αἰῶνος τούτου ἐτύφλωσε τὰ νοήματα τῶν ἀπίστων εἰς τὸ μὴ αὐγάσαι αὐτοῖς τὸν φωτισμὸν τοῦ εὐαγγελίου τῆς δόξης τοῦ Χριστοῦ, ὅς ἐστι εἰκὼν τοῦ Θεοῦ
نجد أن التَّرجمة العربية تقول "إله"
رغم أن النَّص اليوناني يقول ὁ θεὸς بأداة التَّعريف
وإذا بحثنا في التَّفاسير المسيحية سنجد تصريحاً بأن هذا النَّص عن الشيطان !
ولا أريد أن أُطيل في هذا النَّص ولكن أُريد فقط توصيل فكرة وهي
لفظ الجلالة "الله" غير موجود في العهد الجديد اليوناني
ولكن تُستخدم كلمة "الـإله" للتعبير "غالباً" عن الإله خالق السموات والأرض
بعد أن فهمنا هذه المعلومة علينا أن نُعدِّل السُّؤال ...
لماذا يُدعى "الـإله" خالق السموات والأرض بـ "الآب" ؟
إطلاق وصف "الآب" على "الـإله" خالق السموات والأرض
له جذور في التّاريخ اليهودي, حيث أن اليهود يدَّعون أنهم أبناء الله
وهكذا, وكالعادة, اتَّبع النَّصارى خُطُوات اليهود وقالوا عن أنفسهم الكلام نفسه
وهكذا يُخبرنا الله عزَّ وجل في كتابه الكريم بهذا الكلام فيقول في كتابه الكريم
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
المائدة : 18
قبل أن أشرح المزيد أُريد إلقاء الضوء على هذه النُّقطة مرة أخرى
كلمة "الآب" وصل لـ "الـإله" خالق السموات والأرض وليس اسماً له !
نجد في إنجيل يوحنا 5 / 43
«أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي»
ونجد في إنجيل يوحنا 17 / 1 - 6
تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ (...) أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ»
إذن, كلمة "الآب" وصف لـ "الـإله" خالق السموات والأرض
نُريد أن نسأل السُّؤال مرَّة أخرى بعد التَّعديل ...
لماذا يُوصف "الـإله" خالق السموات والأرض بأنَّه "الآب" ؟
الإجابة في نقطتين
النُّقطة الأولى: طبيعة العلاقة بين الأب وابنه
كان اليهود يُحبُّون أن ينظروا إلى علاقتهم بينهم وبين الله عزَّ وجل
كأنها العلاقة بين "أب" و "ابنه", وهذا ليس بالمعنى النَّسبي
ولكن بمعنى طبيعة التَّعامُل بينهما
لا يُريدون العلاقة أن تكون مثل "السَّيِّد" و "وعبده"
فإن "السَّيِّد" يأمر "عبده" فيجب على العبد أن يُطيع
لا لأنَّه يُحبُ "السَّيِّد" ولكن لأنه إن لم يُطِع فسيُعذَّب
أما "الأب" فهو يأمر "ابنه" أيضاً والابن يُطيع
ولكن هذه الطّاعة جاءت نتيجة "المحبَّة" وليست نتيجة "الخوف"
وهذا معنى قول اليهود المنقول في القرآن الكريم: {أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}
ما قمتُ بشرحه الآن موجود بكثرة في العهد القديم والعهد الجديد أيضاً
ولكن لا أُريد أن أُطيل أكثر في هذه النُّقطة
النُّقطة الثانية: معنى كلمة "الآب" πατήρ لغوياً
عندما نقوم بمُراجعة القواميس والمعاجم الكتابيَّة
والتي تتناول معاني الكلمات اليونانية
مثل:
Thayer’s Greek Definitions
Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries
نجد أن كلمة "أب" πατήρ اليونانية
تأخذ إما معنى حرفي literally
أو معنى مجازي figuratively or metaphorically
ومن المعاني المجازية لكلمة "أب" πατήρ
لأنَّه مُنشئ originator أو خالق creator كل شيء !
وأيضاً في بعض الأحيان تكون كلمة "أب" πατήρ
لقباً شرفيًّا a title of honor
لكل من كان مصدراً للمعرفة knowledge
أو التَّوجيه والتَّدريب training
والآن بعد أن شرحنا معنى "الآب" علينا أن نعرض
الأدلة الكتابيَّة على أركان "المسيحية" في عهد المسيح عليه السلام
1. شهادة أن لا إله إلا الله "الآب"
2. شهادة أن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله "الآب"
3. العمل بشريعة موسى عليه السلام وتطبيق الوصايا
يوحنا 17 / 3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ (أي: الله الآب) الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.
هذا أوضح نص في العهد الجديد بالكامل
تستطيع أن تأخذ منه أول ركنين من أركان "المسيحية" في عهد المسيح عليه السلام
يوحنا 5 / 24 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَ يُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.
وبالطبع كلام المسيح عليه السلام ليس من نفسه
يوحنا 12 / 49 - 50 لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ.
إليكم المزيد من النُّصُوص التي تدل على أن
دخول الحياة الأبدية عن طريق العمل بشريعة موسى وتطبيق الوصايا
لوقا 10 / 25-28 (25 وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26 فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27 فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28 فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».)
مرقس 10 / 17-19 (17 وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. 19 أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ».)
متى 19 / 16-19 (16 وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17 فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18 قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ».)
لوقا 18 / 18-20 (18 وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20 أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ».)
مرقس 12 / 28-34 (28 فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ أَجَابَهُمْ حَسَناً سَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟» 29 فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30 وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31 وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ». 32 فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «جَيِّداً يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ لأَنَّهُ اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. 33 وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ». 34 فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْلٍ قَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيداً عَنْ مَلَكُوتِ اللَّهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!)
متى 22 / 34-40 ( 34 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35 وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36 «يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38 هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39 وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40 بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».)
... آسف جداً على الإطالة ...
في الـمُداخلة القادمة سنتكلم عن
المسيحية في عهد بولس رسول المسيحية
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عز وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيحية في عهد بولس رسول المسيحية
للأسف الشديد
أفكار بولس ومُعتقادته كانت بمثابة البذرة
والتي عبر الزَّمن نمت وأصبحت المسيحية كما نعرفها اليوم !
المسيحية كما نعرفها اليوم لم تكن موجودة في عهد بولس
ولكن أفكار بولس ومُعتقادته كانت هي حجر الأساس
والتي جاء المسيحيون فيما بعد وأكملوا البناء
ليصلوا إلى المسيحية كما نعرفها اليوم !
بولس لم يكن يؤمن بالتثليث
ولم يكن يؤمن بالتَّجسُّد ولا بألوهية المسيح عليه السلام
ولكن مع ذلك قام بولس بالإضافة والتَّبديل في دين المسيح عليه السلام
على هامش الموضوع
أنصح بقراءة كتاب بارت إيرمان الرائع جداً
Bart D. Ehrman: The New Testament, A Historical Introduction To The Early Christian Writings
وأنصح بشدَّة الاستماع إلى الـمُحاضرات الآتية:
المسيحية ديانة كتابية - الجزء الأول - بولس - نشر المسيحية والعقائد الرئيسية
المسيحية ديانة كتابية - الجزء الثالث - مشاكل سببت رسائل
المسيحية ديانة كتابية - الجزء الرابع - رسائل بولس المفقودة
على هذا الرابط (http://alta3b.wordpress.com/books/explain/misquoting)
بولس - أول من كتب في العهد الجديد
بولس - الأفكار التي بشر بها - الجزء الأول
بولس - الأفكار التي بشر بها - الجزء الثاني
على هذا الرابط (http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/intro-nt)
قلنا سابقاً أن مصادر معرفتنا لأفكار ومُعتقدات بولس هي
سفر أعمال الرُّسُل, ورسائل بولس في العهد الجديد
"الإيمان المسيحي" ينسب لبولس 14 رسالة في العهد الجديد
ولكن "النَّقد الكِتابي" يُخبرنا أن ..
هُناك 7 رسائل كتبها بولس فعلاً
Undisputed Pauline Epistles
almost certainly authentic
رسالته إلى أهل رومية Romans
رسالته الأولى إلى أهل كورينثوس 1 Corinthians
رسالته الثانية إلى أهل كورينثوس 2 Corinthians
رسالته إلى أهل غلاطية Galatians
رسالته إلى أهل فيلبي Philippians
رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي 1Thessalonians
رسالته إلى فيليمون Philemon
وهُناك 3 رسائل
يُحتمل أن يكون بولس هو كاتبها
ويُحتمل أن تكون مُزوَّرة
Deutero-Pauline Epistles
possibly pseudonymous
الرسالة إلى أهل أفسس Ephesians
الرسالة إلى أهل كولوسي Colossians
الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي 2 Thessalonians
وهُناك 3 رسائل
غالباً مزورة ولم يكتبها بولس !
Pastoral Epistles
probably pseudonymous
الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 1 Timothy
الرسالة الثانية إلى تيموثاوس 2 Timothy
الرسالة إلى تيتوس Titus
أركان "المسيحية" في عهد بولس
1. شهادة أن لا إله إلا الله الآب
2. شهادة أن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله الآب
3. الإيمان بموت وقيامة المسيح عليه السلام !
الفرق بين "مسيحية" المسيح و"مسيحية" بولس
على الرَّغم من أن بولس لم يؤمن بالتَّثليث أو بالتَّجسُّد
إلى أنه أضاف على أول ركنين من أركان "المسيحية" في عهد المسيح عليه السلام
الإيمان بموت وقيامة المسيح عليه السلام من الأموات
بولس كان يعتقد أن آدم عليه السلام هو سبب دخول الخطيَّة إلى العالم
ومن أجل أن يدخل البِرّ مرة أخرى إلى العالم ونُصبح أبراراً أمام الله عزَّ وجل
فالمسيح عليه السلام - في عقيدة بولس - مات لأجلننا, لنُصبح أبراراً مرة أخرى !
نجد في رسالته إلى أهل رومية 5 / 8
رومية 5 / 8 وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.
ولكن بولس لم يكن يعتقد بأن المسيح عليه السلام هو الله الـمُتجسِّد
بل القضية كلها: إنسان (آدم عليه السلام) مُقابل إنسان (المسيح عليه السلام) !
نجد في رسالته إلى رومية 5 / 11 - 19
رومية 5 / 11 - 19 بل نحن أيضا نفتخر بالله، والفضل لربنا يسوع المسيح الذي به نلنا الآن هذه المصالحة. 12 والخطيئة دخلت في العالم بإنسان واحد، وبالخطيئة دخل الموت. وسرى الموت إلى جميع البشر لأنهم كلهم خطئوا. 13 فالخطيئة كانت في العالم قبل شريعة موسى، ولكن حيث لا شريعة لا حساب للخطيئة. 14 غير أن الموت ساد البشر من أيام آدم إلى أيام موسى، حتى الذين ما خطئوا مثل خطيئة آدم. وكان آدم صورة لمن سيجيء بعده. 15 ولكن هبة الله غير خطيئة آدم. فإذا كان الموت ساد البشر بخطيئة إنسان واحد، فبالأولى أن تفيض عليهم نعمة الله والعطية الموهوبة بنعمة إنسان واحد هو يسوع المسيح. 16 وهناك فرق في النتيجة بين هبة الله وبين خطيئة إنسان واحد. فخطيئة إنسان واحد قادت البشر إلى الهلاك، وأما هبة الله بعد كثير من الخطايا، فقادت البشر إلى البر. 17 فإذا كان الموت بخطيئة إنسان واحد ساد البشر بسبب ذلك الإنسان الواحد، فبالأولى أن تسود الحياة بواحد هو يسوع المسيح أولئك الذين ينالون فيض النعمة وهبة البر. 18 فكما أن خطيئة إنسان واحد قادت البشر جميعا إلى الهلاك، فكذلك بر إنسان واحد يبرر البشر جميعا فينالون الحياة. 19 وكما أنه بمعصية إنسان واحد صار البشر خاطئين، فكذلك بطاعة إنسان واحد يصير البشر أبرارا.
(الترجمة العربيَّة الـمُشتركة)
هُناك مُخالفة أخرى كبيرة لبولس
ألا وهي أنه يقول إن دخول الحياة الأبدية ليس لها أي علاقة بالأعمال
هل تتذكرون النُّصُوص التي ذكرنها في الـمُداخلة السابقة ؟
السُّؤال الذي تكرر أكثر من مرة: ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديَّة ؟
كان المسيح عليه السلام دائماً يأمر بالعمل حسب الوصايا وناموس موسى
أما بولس فإنه بدَّل دين المسيح عليه السلام
وقال إن الله يُبرر البشر بدون العمل بالشريعة !
نجد في رسالته إلى أهل رومية 3 / 21 - 26
رومية 3 / 21 - 26 ولكن الآن ظهر كيف يُبرر الله البشر من دون الشريعة، كما تشهد له الشريعة والأنبياء. 22 فهو يُبررهم بالإيمان بيسوع المسيح: ولا فرق بين البشر. 23 فهم كلهم خطئوا وحرموا مجد الله. 24 ولكن الله بررهم مجانا بنعمته بالمسيح يسوع الذي افتداهم 25 والذي جعله الله كفارة في دمه لكل من يؤمن به. والله فعل ذلك ليظهر بره. فإذا كان تغاضى بصبره عن الخطايا الماضية، 26 فهو في الزمن الحاضر يظهر بره ليكون بارا ويبرر من يؤمن بيسوع. (الترجمة العربيَّة الـمُشتركة)
طبعاً الإيمان المطلوب بيسوع المسيح هو
إنه مات من أجلك كـ كفّارة ليجعلك بارًّا مرة أخرى !
هل طلب المسيح عليه السلام هذا الإيمان ؟ بالطبع لا
الآن أُريد أن أطرح سؤالاً في غاية الأهميَّة ...
ما هو السَّبب الرئيسي لانحراف بولس عن دين المسيح عليه السلام
الإجابة ببساطة: ترك تعاليم المسيح عليه السلام !
بمعنى
بولس كان يُبشِّر أو يدعوا النّاس لتعاليمه الخاصة
لم يكن ينشر تعاليم المسيح عليه السلام نفسه
لا نجد بولس يقتبس أقوالاً للمسيح عليه السلام إلا نادراً
نجده فقط يشرح أفكاره ومُعتقادته الخاصَّة
نجد في يوحنا 14 / 15 و 21
يوحنا 14 / 15 إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ.
يوحنا 14 / 21 اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي.
نجد في يوحنا 5 / 24
يوحنا 5 / 24 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.
المسيح عليه السلام وضع شرطاً لدخول الحياة الأبدية
ألا وهو أن نسمع كلامه ونؤمن بالذي أرسله
ولكن بولس ترك كلام المسيح عليه السلام واخترع هو كلاماً جديداً
لذلك انحرف عن الطريق الصحيح وبدَّل دين المسيح !
مع ذلك كلِّه - وأكرِّرها مرة أخرى
لم يؤمن بولس لا بالتثليث ولا بالتَّجسُّد
نجد في رسالته إلى أهل رومية 3 / 27 - 31
رومية 3 / 27 - 31 (27 فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى! بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28 إِذاً نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ. 29 أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضاً؟ بَلَى لِلأُمَمِ أَيْضاً؟ 30 لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ. 31 أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ.)
بولس يقولها صراحة: الله واحد وليس ثلاثة !
نجد في رسالته الأولى إلى أهل كورينثوس 8 / 4 - 6
1 كورينثوس 8 / 4-6 (4 فَمِنْ جِهَةِ أَكْلِ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي الْعَالَمِ وَأَنْ لَيْسَ إِلَهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً. 5 لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. 6 لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ.)
هذه العبارة خطيرة جداً: وَأَنْ لَيْسَ إِلَهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً
ثم يقوم بتوضيح من هو ذلك الواحد: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ
ولكن ما معنى عبارة: وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ ؟
الكلمة اليونانية التي تم ترجمتها إلى "رَبّ" هي: Κύριος
لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَ رَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ.
ἀλλ᾿ ἡμῖν εἷς Θεὸς ὁ πατήρ, ἐξ οὗ τὰ πάντα καὶ ἡμεῖς εἰς αὐτόν, καὶ εἷς Κύριος ᾿Ιησοῦς Χριστός, δι᾿ οὗ τὰ πάντα καὶ ἡμεῖς δι᾿ αὐτοῦ
أليست هذه الكلمة اليونانية
هي ذاتها المذكورة هُنا في يوحنا 13 / 13
ὑμεῖς φωνεῖτέ με ὁ Διδάσκαλος καὶ ὁ Κύριος, καὶ καλῶς λέγετε· εἰμὶ γάρ
نعم, هي الكلمة ذاتها ... هل تم ترجمتها إلى رب ؟ ... لا
يوحنا 13 / 13 أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَ سَيِّداً وَحَسَناً تَقُولُونَ لأَنِّي أَنَا كَذَلِكَ.
باختصار ... كلمة Κύριος (تُنطق: كوريوس)
تُترجم حسب أهواء المسيحيين في سياق الكلام
إذا وجد المسيحي أن السِّياق يُعطي للمسيح عليه السلام رفعة في الشّأن
ترجم كلمة Κύριος إلى "رَبَّ"
وإذا وجد أن السِّياق عادي, ترجم كلمة Κύριος إلى "سيِّد"
هكذا, وحتى لا أُطيل
بدَّل بولس دين المسيح عليه السلام
فقال إن دخول الحياة الأبدية ليست بالأعمال وإنما بالإيمان
وهذا الإيمان هو بأن المسيح عليه السلام مات لأجلك وقام من بين الأموات
هذه كانت بداية الطريق الـمؤدِّي إلى المسيحية كما نعرفها اليوم
في الـمُداخلة القادمة سنتكلم عن
المسيحية في عهد آباء ما قبل مجمع نقية 325م
... آسف جداً على الإطالة ...
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عز وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيحية في عهد آباء ما قبل نقية 325م
هذه هي المرحلة الزمنية التي نَمَت فيها عقائد المسيحية
فبدأت بعبادة المسيح "الإنسان" عليه السلام
وانتهت بعصر المجامع التي ساوَت بين الله عزَّ وجل والمسيح عليه السلام !
المسيحية في عهد المسيح عليه السلام كانت توحيداً
وفي عهد بولس اقتربت من الوثنية مع الحفاظ على عبادة إلهٍ واحد !
وفي عهد آباء ما قبل نقية 325م زاد الغُلُوّ وأصبحت أقرب إلى الوثنية
وفي مجمع نقية 325م أصبحت المسيحية عقيدة واضحة بين التَّوحيد والوثنيَّة !
مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
النساء : 143
حتى نستطيع فهم المسيحية في عهد آباء ما قبل نقية 32م
يجب أن نُلقي الضوء على بعض الأفكار الرئيسية التي جاءت في العهد الجديد
الفكرة الأولى: الآب هو الإله الحقيقي الوحيد
هذه الفكرة موجودة في الأناجيل الأربعة
وموجودة أيضاً في رسائل بولس
وموجودة في جميع أنحاء الكتاب الـمُقدَّس بشكل عام
فهذه فكرة ثابتة راسخة في كتابات القرن الأول, خصوصاً الأناجيل الأربعة
ولا داعي لتكرار النُّصُوص مرة أخرى
بالإضافة إلى ذلك
العهد الجديد يُوضِّح صراحة أن الله الآب هو إله المسيح عليه السلام !
فنجد في يوحنا 20 / 17
يوحنا 20 / 17 {قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».}
ونجد في سفر الرؤيا 3 / 12
الرؤيا 3 / 12 {مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ.}
وحتى في رسائل بولس نجد في أفسس 1 / 17
أفسس 1 / 17 {كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ}
إذن, لا يوجد أدنى شك من خلال كتابات القرن الأول الميلادي
أن الآب هو الإله الحقيقي الوحيد
وأنه على وجه ا لخصوص إله المسيح عليه السلام
وهُناك أيضاً نصوص تقول صراحة بأن المسيح عليه السلام
هو عبدٌ للإله خالق السموات والأرض
فنجد في سفر أعمال الرُّسُل, حسب ترجمة الآباء اليسوعيين
أعمال الرُّسُل 3 / 13 {إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، إله آبائنا، قد مجد عبده يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام بيلاطس، وكان قد عزم على تخلية سبيله}
أعمال الرُّسُل 3 / 26 {فمن أجلكم أولا أقام الله عبده وأرسله ليبارككم، فيتوب كل منكم عن سيئاته.}
أعمال الرُّسُل 4 / 27 {تحالف حقا في هذه المدينة هيرودس وبنطيوس بيلاطس والوثنيون وشعوب إسرائيل على عبدك القدوس يسوع الذي مسحته}
أعمال الرُّسُل 4 / 30 {باسطا يدك ليجري الشفاء والآيات والأعاجيب باسم عبدك القدوس يسوع.}
وفقط للعلم, فإن الكلمة اليونانية παῖς
والتي تم ترجمتها بحسب الآباء اليسوعيين إلى: عبد
قيل عنها في قاموس سترونج
Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries
أنها كلمة تعني على وجه الخصوص عبد أو خادم
specifically a slave or servant
هكذا نكون انتهينا من توضيح الفكرة الأولى
الفكرة الثانية: الآب هو الأعظم من الكل
بما أن الآب هو الإله الحقيقي الوحيد
فهو أعظم من جميع مخلوقاته وعباده, هو صاحب كل سلطان وكل قوة
وهو عالم الغيب والشاهدة, والذي يفيض بعلمه على مخلوقاته
وهو القاهر فوق عباده, والكل يعمل إرادته ومشيئته سبحانه وتعالى !
فهو بذلك كله الأعظم من الكل, وهو الكل في الكل
وهو على وجه الخصوص أعظم من المسيح عليه السلام !
على هامش الموضوع
هُناك مئات النُّصُوص في طول العهد الجديد وعرضه تقول بهذه المعاني
لا أستطيع حصرها الآن لضيق الوقت
ولكن أنصح بمُراجعة مُحاضرات
مدخلٌ إلى المسيحية والعهد الجديد (http://eld3wah.net/catplay.php?catsmktba=344)
خصوصاً مُحاضرات خُلاصة إنجيل يوحنا
وأنصح أيضاً بمُراجعة مقالة الأستاذ / مُعاذ عليان
بعُنوان: هل المسيح إله كامل بحسب أقوال الآباء ؟ (http://eld3wah.net/html/m03az/ilah-kamil.htm)
أنصح أيضاً بمُراجعة الـمُحاضرات الآتية:
عقيدة ألوهية المسيح عند المسيحيين وعلاقته بالتثليث والتجسد
عقائد النصارى والآيات القرآنية - الجزء الثالث - الصمدية ضد البنوَّة والتثليث
عقائد النصارى والآيات القرآنية - الجزء الرابع - ألوهية المسيح وعقيدة التجسُّد
عقائد النصارى والآيات القرآنية - الجزء الخامس - التثليث من القرآن الكريم
عقائد النصارى والآيات القرآنية - الجزء السادس - الثالوث وثالث ثلاثة
من سلسلة: العلم والمعرفة - مدخل إلى مُقارنة الأديان (http://alta3b.wordpress.com/blog/lect/moqarana/)
ولكن من أجل الإفادة, سأقوم بوضع أشهر النُّصُوص
والتي نستطيع من خلالها استخلاص المعاني السّابق ذكرها
يوحنا 10 / 29 {أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ}
يوحنا 14 / 28 {لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي}
1كورنثوس 15 / 28 {وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ}
يوحنا 5 / 30 {أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي}
لوقا 22 / 39 - 44 {39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ وَتَبِعَهُ أَيْضاً تَلاَمِيذُهُ. 40 وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.}
متَّى 20 / 23 {وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي}
هكذا نكون انتهينا من توضيح الفكرة الثانية
الفكرة الثالثة: لابد من "المسيح" عليه السلام لدخول الحياة الأبدية
من خلال كلمات المسيح عليه السلام في الأناجيل الأربعة
نجد أن الإيمان المطلوب بخصوص المسيح عليه السلام
هو نؤمن بأنه رسول من عند الله
ولكن الـمُشكلة جاءت من رسائل بولس
بولس لم يُوضِّح تحديداً ما هو الإيمان المطلوب بخصوص المسيح عليه السلام
إلا أنه أصرّ بأن نؤمن بأن الله عزَّ وجل أقام المسيح عليه السلام من الأموات
وأن المسيح "الإنسان" عليه السلام هو الوسيط بين الله والناس
بولس وضَّح مِراراً وتكراراً أننا لن نكون بارِّين أمام الله مرة أخرى
إلا بالمسيح عليه السلام, الذي بدمه نلنا الـمُصالحة مع الله عزَّ وجل
هذا الفهم تطوَّر حتى وصَّل المسيحيين إلى عبادة المسيح عليه السلام !
كيف هذا ؟
باختصار: نفس الشيء حدث مع الصُّوفيِّين !
المسلم لن يدخل الجنَّة إلا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم
أفضال النبي محمد صلى الله عليه وسلم عليك عظيمة جداً لا تُعد ولا تُحصى
يجب أن تُعلي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ترفع قدره وتُعظِّمه
فوصل بهم الغُلُوّ والإطراء إلى تقديم عبادات وتوسُّلات وتضرعات
لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وهذه أمور لا تنبغي إلا لله عزَّ وجل
هذا ما حدث تماماً مع المسيحين
بالإضافة إلى أن الأمر لم يصل إلى هذا الحدّ فحسب !
وإنما استمر الإطراء والغلو إلى أن اعتبر المسيحيون المسيح عليه السلام
إلهاً مع الله عزَّ وجل يُعبد مع الله جنباً إلى جنب !
وعند وصولنا لعصر المجامع
أصبح المسيح عليه السلام مُساوياً لله عزَّ وجل !
أركان المسيحية في عهد آباء ما قبل نقية 325م
نستطيع أن نقول إنها نفس أركان المسيحي في عهد بولس
ولكن حدث بضع الإضافات البسيطة !
في بداية هذا العهد
كانت الفكرتان الأولى والثانية راسختين في أذهان المسيحيين
ثم عند وصولنا للقرن الثالث
أصبح يُقال على المسيح عليه السلام أنه إله أو الإله
ولكن مع مُراعات أن الإله الآب أعظم منه !
فأصبح هُناك إلهين جنباً إلى جنب !
يجب أن نُوضِّح أيضاً
أن عقيدة "الفادي" و "الـمُخلِّص" الذي يموت عن الإنسان
كانت مُنتشرة جداً في الأوساط الوثنية الـمُحيطة للمُجتمعات المسيحية
وبالطبع هذه هي العقيدة التي نادى بها بولس ليلاً ونهاراً !
فكانت تُستغلّ هذه النُّقطة في دعوة الوثنيين للمسيحية !
إذن, الموضوع باختصار كالآتي
مع دخول الوثنيين للمسيحية وانتشار عقائد بولس
زاد الغُلُوّ في المسيح عليه السلام فأصبح "الإنسان" يُعبد مع الله عزَّ وجل
مع الإقرار بأن الله الآب أعظم من هذا "الإنسان" وأرفع منه شأناً
ثم زاد الغُلُوّ إلى أن أُطلِقَ على المسيح عليه السلام وصف الله أو الإله
وأصبح يُعبد مع الله عزَّ وجل جنباً إلى جنب
مع الإقرار بأن الله الآب أعظم وأرفع شأناً من الله الابن !
والآن لنقرأ بعض الاقتباسات من كتابات الآباء
والتي تُوضِّح بجلاء النِّقاط المذكورة سابقاً
على هامش الموضوع
قبل أن تقرأ أي اقتباس لأحد آباء الكنيسة
لابد أن تعرف لمن تقرأ وإلى أي قرن يعود !
لذلك أنصح باقتناء الكتاب الآتي:
نظرة شاملة لعلم الباترولوجي في الستة قرون الأولى
للقمُّص تادرس يعقوب مَلَطِي
والذي يعطي معلومات رائعة جداً عن جميع آباء الكنيسة في السِّتَة قرون الأولى
ومُقدِّمة الكتاب تحتوي على تلخيص جميل لعقائد الفرق المسيحية الـمُختلفة
النُّقطة الأولى: المسيحية والوثنية
من أخطر ما قيل بخصوص هذه النُّقطة
كلام يوستينوس الشَّهيد, أحد آباء النِّصف الأول من القرن الثاني
The Early Church Fathers: Ante-Nicene Fathers, Volume 1, Justin Martyr, The First Apology of Justin, Chap. XXI, Analogies to the History of Christ
And when we say also that the Word, who is the first-birth of God, was produced without sexual union, and that He, Jesus Christ, our Teacher, was crucified and died, and rose again, and ascended into heaven, we propound nothing different from what you believe regarding those whom you esteem sons of Jupiter
الترجمة:
وعندما نقول أيضاً أن الكلمة, والذي هو بِكرُ اللهِ, أُحْدِثَ من غير علاقة جنسيَّة, وأنه, يسوع المسيح, مُعلمّنا, صُلِب ومات, وقام مرَّة أخرى, وصعد إلى السماء, لا نُقدِّم شيئاً مُختلفاً عمّا تؤمن به بخصوص أولئك الذين تُقدِّرهم: أبناء جوبيتير.
وهكذا, دخل الوثنيون في دين الكُفر أفواجاً !
النُّقطة الثانية: الآب أعظم من المسيح عليه السلام
النُّقطة الثالثة: عبادة المسيح عليه السلام مع الآب
هذه هي المرحلة التي أدَّت إلى مساواة المسيح عليه السلام بالله !
فلنقرأ فقرة أخرى من كتاب يوستينوس الشَّهيد, الدِّفاع الأول
The Early Church Fathers: Ante-Nicene Fathers, Vol. I, Justin Martyr, The First Apology of Justin, Chap. XIII, Christians Serve God Rationally
Our teacher of these things is Jesus Christ, who also was born for this purpose, and was crucified under Pontius Pilate, procurator of Judaea, in the times of Tiberius Caesar; and that we reasonably worship Him, having learned that He is the Son of the true God Himself, and holding Him in the second place, and the prophetic Spirit in the third, we will prove. For they proclaim our madness to consist in this, that we give to a crucified man a place second to the unchangeable and eternal God, the Creator of all; for they do not discern the mystery that is herein, to which, as we make it plain to you, we pray you to give heed
الترجمة:
وسنُبَيِّن لكم أيضاً أننا نعبد بحق ذلك الذي علمنا هذه الأشياء ووُلد ليعلمنا إياها, يسوع المسيح الذي صُلِب في عهد بيلاطس البنطي, والي اليهودية, في عهد القيصر طيباريوس, الذي نرى فيه ابن الله الحق ونضعه في المنزلة الثانية, وفي الثالثة الروح النبوي. يا للجنون - على حد ما يُقال لنا - أن تُنزِلوا في المنزلة الثانية بعد الله الثابت الأزليّ خالق كل الأشياء, رجلاً مصلوباً ! هذا سر لا تفهمونه. سنشرحه لكم, فتفضلوا اتبعونا.
يوستينوس الشهيد: الدفاع عن المسيحية
إعداد: القمص تادرس يعقوب ملطي, كنيسة مار جرجس باسبورتنج الإسكندرية - صـ22
هنا نجد أن يوستينوس يُصرِّح بعبادته للمسيح عليه السلام
ولكن مع الإقرار بأنه في المنزلة الثانية بعد الله الثّابِت الأزليّ خالق كل الأشياء !
ومع الإقرار أيضاً بأنه "رجل" كما قال بطرس بحسب أعمال الرُّسُل 2 / 22
أعمال الرُّسُل 2 / 22 {أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.}
هذا كلام يوستينوس الشَّهيد, أحد آباء النِّصف الأول من القرن الثاني
ولكن عندما نأتي إلى النَّص الأول من القرن الثالث, أي إلى أوريجانوس
سنجد أن هُناك إضافة أخرى وتطوَّر جديد في المسيحية !
The Early Church Fathers: Ante-Nicene Fathers, Volume 4, Fathers of the Third Century: Origen Against Celsus, Book VIII, Chap. XV
For we who say that the visible world is under the government to Him who created all things, do thereby declare that the Son is not mightier than the Father, but inferior to Him. And this belief we ground on the saying of Jesus Himself, “The Father who sent Me is greater than I.” And none of us is so insane as to affirm that the Son of man is Lord over God. But when we regard the Saviour as God the Word, and Wisdom, and Righteousness, and Truth, we certainly do say that He has dominion over all things which have been subjected to Him in this capacity, but not that His dominion extends over the God and Father who is Ruler over all
الترجمة:
فنحن الذين نقول إن الكلمة المرئيَّة كانت تحت حُكم (أو سيطرة أو قهر) ذلك الذي خلق جميع الأشياء (أي: الآب), نُعلن أيضاً بهذا أن الابن ليس أقوى (أو أعظم) من الآب، ولكن أدنى منه. وهذه العقيدة مبنيَّة على قول يسوع نفسه: "إن الآب الذي أرسلني هو أعظم منّي". وليس منّا من هو مجنون ليُؤكِّد أن ابن الإنسان هو ربٌ على الله (أي: أعظم منه). ولكن عندما نعتبر الـمُخلِّص كـ "الله الكلمة"، والحكمة، والاستقامة, والحق، نقول بالتّأكيد أن له السِّيادة على جميع الأشياء والتي أُخضِعَت له بهذه القابليَّة, ولكن لا نقول أن سيادته امتدَّت لتسود على الله والآب الحاكم على الكلّ.
هذه الفقرة تستحق أن تُقرأ أكثر من مرَّة !
كلامه واضح وصريح جداً, لا يحتاج إلى شرح أو تفسير
أُنظر إلى عدد النِّقاط التي قام بتوضيحها وبيانها !
أوريجانوس يقول إن هذه العقيدة - عقيدة التَّدنِّي
أي: المسيح عليه السلام أدنى قدراً من الله الآب
عقيدة كتابيَّة مبنيَّة على أقوال المسيح عليه السلام نفسه !
لاحظ أيضاً أن أوريجانوس يقول ضمنيًّا أن سيادته أُعطيت له وليست من ذاته
ولكنه أطلق على المسيح عليه السلام لقب "الله الكلمة"
والآن, لننتقل إلى فقرة أخرى من كتاب أوريجانوس
The Early Church Fathers: Ante-Nicene Fathers, Volume 4, Fathers of the Third Century: Origen Against Celsus, Book II, Chap. IX
We therefore charge the Jews with not acknowledging Him to be God, to whom testimony was borne in many passages by the prophets, to the effect that He was a mighty power, and a God next to the God and Father of all things
الترجمة:
ولهذا نحن نُدين اليهود الذين لا يعترفون به كإله, والذي شهدت له العديد من الفقرات في كتابات الأنبياء, إلى درجة أنه قوَّةٌ عظيمة, وإلهٌ بجانب الإله والآب لجميع الأشياء.
بعد هذا الكلام القوي من أوريجانوس في القرن الثالث الميلادي
لا يجب أن نتعجَّب عندما نجد مُساواة المسيح عليه السلام بالله عزَّ وجل
فهذه هي الخطوة المنطقيَّة التالية في سُلَّم الوصول إلى المسيحيَّة !
الـمُداخلة القادمة هي الأخيرة بإذن الله عز وجل
المسيحية في عصر المجامع
... آسف جداً على الإطالة ...
مُنتظر استفساراتكم بخصوص هذا الجزء
يُتْبَع بإذن الله عزَّ وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم
المسيحية في عصر المجامع
(آباء مجمع نقية 325 وما بعدها)
هذه هي مرحلة نُضُوج المسيحية
و وُصُولها إلى العقيدة التي نعرفها في أيّامنا الحالية !
مرحلة تحرير الـمُصطلحات اللّاهوتيَّة
مرحلة شرح العقائد و وَضْع قوانين الإيمان !
مرحلة رفع المسيح عليه السلام إلى مرتبة مُساوية لخالق السموات والأرض
مرحلة إضافة إله ثالث بجانب الآب والابن ليصبحوا ثلاثة جنباً إلى جنب !
مرحلة وصول صِراعات الطَّوائف المسيحية إلى أعلى درجة !
إلى درجة المجامِع المسكونيَّة, وتدخُّل الإمبراطور الرُّماني لحلّ النِّزاعات
هذه المرحلة هي: عصر المجامع !
على هامش الموضوع
أنصح بقراءة الكُتُب الآتية:
القُمُّص كيرلس الأنطوني: عصر المجامع, مكتبة المحبَّة
يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, مكتبة المحبة
أندرو ميلر: مُختصر تاريخ الكنيسة, مكتبة الإخوة
الدكتور القس حنا جرجس الخضري: تاريخ الفكر المسيحي, دار الثقافة
للمزيد من المراجع المسيحية الـمُفيدة انظر الرابط الآتي:
مراجع مسيحية تحتوي على معلومات مُفيدة للرد على المسيحيين (http://alta3b.wordpress.com/2011/06/19/books/)
يضع القُمُّص كيرلس الأنطوني شُرُوطاً مُحدَّدة
يجب توافرها في المجمع حتى نستطيع اعتباره مسكونيًّا !
1. أن تنعقد بسبب بدعة أو انشقاق.
2. أن تنعقد بدعوة من الإمبراطور المسيحي.
3. أن يحضرها غالبيَّة أساقفة الكنيسة - شرقاً وغرباً - لتتمثل فيها المسكونة.
4. تُقرِّر شيئاً جديداً لم يكن مُقرَّراً من قبل.
القُمُّص كيرلس الأنطوني: عصر المجامع, مكتبة المحبَّة - صـ24.
أُنظر إلى الشَّرط الأخير مرة أخرى !
تُقرِّر شيئاً جديداً لم يكن مُقرَّراً من قبل
هل نستطيع أن نقول إذاً إنه عندما خرجت مجمع نقية 325م
بنتيجة: المسيح عليه السلام من نفس جوهر الله الآب
لذلك فهو مُساوٍ له في العظمة والقدرة والقوة والسلطان والعلم ... إلخ
هل كان هذا القرار شيئاً جديداً لم يكُن مُقرَّراً من قبل ؟!
قبل أن ندخل إلى مثل هذه الاستنتاجات المهولة
يجب علينا أن نُسلِّط قليلاً من الضوء على ...
بعد المُصطلحات المُهِمَّة في شرح العقائد المسيحيَّة
التثليث لم يكن موجوداً في عهد المسيح عليه السلام
ألوهية المسيح عليه السلام والتَّجسُّد لم يكونا موجودان أيضاً من البداية
كانت الألوهية الحقيقية محصورة فقط في الآب, بحسب يوحنا 17 / 3
ولكن عندما تطوَّرت العقائد المسيحية
وأصبح هُناك أكثر من مَعبود يحمل ألوهية حقيقيَّة ويستحقّ العِبادة
وجب على المسيحيين شرح هذه المعاني باستخدام ألفاظ خاصة
هذه الألفاظ استخدمها آباء عصر المجامع وقاموا بتوضيح معانيها في كتاباتهم
هذه الـمُصطلحات هي:
فُوسِيس (φυσις) طَبِيعَة
المسيحيون يقولون
إن المسيح عليه السلام له طبيعة إلهيَّة وطبيعة إنسانيَّة
ماذا تعني كلمة "طبيعة" في العبارة السّابِقة ؟
كلمة "طبيعة" تعني مجموعة الصِّفات التي يتصف بها كائن ما
فإذا كُنّا نتكلم عن إنسان
فإن الإنسان يحتاج إلى الطَّعام والشَّراب
والإنسان صاحب علم محدود يسبقه جهل
والإنسان ليس أزليًّا, فإنَّه يموت في النِّهاية
جميع هذه الصِّفات تُسمَّى "الطَّبيعة الإنسانيَّة"
وإذا كُنّا نتكلم عن الله عزَّ وجل
فإن الله عزَّ وجل هو الصَّمَد الذي لا يحتاج لشيء وكل شيء تحتاج إليه
وهو سُبحانه وتعالى صاحب العلم والكمال الـمُطلق
حيٌّ قيُّوم لا تأخذه سِنَة ولا نوم, له ما في السموات وما في الأرض
جميع هذه الصِّفات وغيرها تُسمَّى "الطَّبِيعة الإلهيَّة"
وكما نرى
فإن "الطَّبيعة الإلهيَّة" تتناقض تماماً مع "الطَّبيعة الإنسانيَّة"
فـ "الطَّبيعة الإلهيَّة" كمال و "الطَّبيعة الإنسانيَّة" فقر وحاجة وعَوَز
و "الطَّبيعة الإلهيَّة" علم مُطلق و "الطَّبيعة الإنسانيَّة" جهل
و "الطَّبيعة الإلهيَّة" قُدرة مُطلقة و "الطَّبيعة الإنسانيَّة" عجز وضعف
إلى آخر هذه الـمُقارنة التي لا تنتهي
لذلك يستحيل عقلاً أن تجتمع هذه النَّواقض معاً !
أُوسِيا (ουσια) جَوهَر
فلنفرض أن عندي تمثال من صلصال
هذا الصلصال كـ "مادَّة" لها خصائص وصفات
إذا قُمتُ بصناعة أي شيء من هذا الصِّلصال
فإن هذا الشيء سيكتسب جميع خصائص وصفات هذا الصِّلصال
وهذا هو الجوهر !
لابد أن نفهم أن هذه الألفاظ كلها يونانيَّة
وهذه الألفاظ تُستخدم في وصف الله عزَّ وجل عند المسيحين
عند الوثنيين وعند المسيحيين أيضاً لا يوجد معبود واحد فقط !
بل هُناك المئات عند الوثنيين وهُناك ثلاثة عند المسيحيين !
لماذا يُعبد هذا المعبود ؟!
يُعبد لأنَّه إله ! أو بكلمات أخرى يُعبد لألوهيَّته
فالألوهيَّة أصبحت "مادَّة" أو "جَوهَر" هذا الكائن
وبسببها يكون بالفعل إلهاً مُستحقاً للعبادة !
وبسببها تكون له جميع خصائص وصفات الألوهيَّة ! أي: الطَّبيعة الإلهيَّة !
تأمَّل قول الله عز وجل
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ
[المائدة : 73]
أي لا يوجد من "جنس" الألوهية أو من "جوهر" الألوهية إلا واحد
قال الله عزَّ وجل هذا الكلام الـمُحكَم البَيِّن من أجل المسيحيين
فإنَّهم يقولون أن هُناك ثلاثة من "جنس" أو "جوهر" الألوهية
ذلك يعبدون الثلاثة جنباً إلى جنب !
هُوبُوسْتاسِيس (υποστασις) أُقْنُوم
إذن, "الطَّبيعة" تأتي من "الجوهر"
فإذا قُمتُ بتحديد كائن ما له "طبيعة" و "جوهر" ما
فإن هذا الكائن الـمُحدَّد يُدعى "أُقنُوم", أي: ذات مُحدَّدة بعينها
اقرأ كلام كيرلس الإسكندري, أحد آباء عصر المجامع
نحن الذين ننتسب للبشرية, نحن نرتبط أولاً ببعض ارتباطاً وثيقاً, وذلك برباط طبيعتنا الواحدة وفي نفس الوقت مرتبطون ومتحدون بطريقة أخرى, فكل منا له أقنومه الخاص, فالواحد بطرس والآخر يوحنا, وواحد توما والآخر متى, وقد صرنا أعضاءً في جسد المسيح, نتغذى على نفس الجسد, ومختومين في الوحدة بالروح القدس.
كيرلس الإسكندري: حوار حول الثالوث, الجزء الأول, الحوار الأول,
المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية, نصوص آبائية 127, طبعة ثانية مُنقحة - صـ57, 58.
إذن, عندما نقول "بشريَّة" فهذا تصنيف عام يُبِّر عن الطَّبيعة
ولكن عندما أقول "بطرس" أو "يوحنا" فإني أقوم بتحديد "أُقنُوم" بعينه
هذا "الأُقنُوم" سواء كان بطرس أو يوحنا من "الطَّبيعة البشريَّة"
تأمَّل أيضاً المزيد من الشَّرح
نحن نُعرِّف الإنسان بأنه حيّ وناطق وفاني, وهذا هو المفهوم المناسب له, ونحن نقول إن هذا يُعبِّر عن جوهره. وهذا التعريف ينطبق على كل الأفراد فرداً فرداً, وهنا يجد توما ومرقس وبطرس وبولس مكانهم الصحيح حسب اعتقادي, وهكذا نحدد الجوهر لا نحدد بعد ماهية الأشخاص الذين نتكلَّم عنهم بشكل دقيق. فحينما نقول "إنسان" بشكل عام فهو ليس بطرس ولا بولس, وحينما نقول توما وبطرس فنحن نخرج من حدود ما نسميه بالجوهر الواحد, وهذا لا يُقلِّل من كل منهم "كإنسان", فقد أظهرناه موجوداً بأقنومه الخاص. إذن, الجوهر هو لكل إنسان دليل على النوع, أما الأقنوم فهو يُطلق على كل واحد في ذاته, دون أن ننسى أنه يُشير أيضاً إلى شركة الجوهر ولكن دون أن نخلط بين العام والخاص.
كيرلس الإسكندري: حوار حول الثالوث, الجزء الأول, الحوار الأول
المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية, نصوص آبائية 127, طبعة ثانية مُنقحة - صـ59, 60.
أعتقد أن هذا الكلام لا يحتاج إلى شرح !
هُومُوأُوسِيوس (ομοουσιος) جَوهَر واحِد
لماذا يعبد المسيحيون هؤلاء الثلاثة: الآب والابن والرُّوح القُدُس
لأن هؤلاء الثلاثة "هُومُوأُوسِيوس" أي من "جَوهَر واحد"
وهو "جَوهَر الألوهيَّة", فكل من كان من "جَوهَر الألوهيَّة" استحقّ أن يُعبَد !
المسيحيون يقولون إن "الآب" هو الأصل أو المصدر
وُلِد منه "الابن" ولادةً حقيقيًّة بكَيفيَّة غير معلومة
ولكن بسبب ولادة "الابن" من "الآب"
أخذ "الابن" من "أبيه" أو وَرِث منه "طبيعته وجوهره الإلهيّ" !
فـ "الابن" إلهٌ حقٌ (للدلالة على الجنس أو الجوهر)
من إلهٍ حقٍ (للدلالة على الجنس أو الجوهر) ألا وهو "الآب"
لهذا يستحقّ "الابن" العبادة كما يستحق "الآب" العبادة !
وكما كان يُطلق على "الآب" لفظ الجلالة "الله" (الله الآب) !
أصبح يُطلق على "الابن" أيضاً لفظ الجلالة "الله" (الله الابن) !
والمسيحيون يقولون أيضاً إن "الرُّوح القُدُس" مُنبثق أو خارج من "الآب"
وبسبب أنه مُنبثق من "الآب" أخذ منه "طبيعته وجوهره الإلهيّ"
وبسبب أن "الرُّوح القُدُس" من "جَوهَر الألوهيَّة" المأخوذ من "الآب"
استحقّ "الرُّوح القُدُس" العبادة كما يستحقَّهما "الآب" و "الابن" !
وكما كان يُطلق على "الآب" لفظ الجلالة "الله" (الله الآب) !
أصبح يُطلق على "الرُّوح القُدُس" أيضاً لفظ الجلالة "الله" (الله الرُّوح القُدُس) !
لذلك أصبح هناك ثلاثة يُعبدون بسبب أنهم
"هُومُوأُوسِيوس" أي من "جَوهَر واحد" ألا وهو "جَوهَر الألوهيَّة" !
ويُطلق على هؤلاء الثلاثة لفظ الجلالة "الله"
لذلك قال الله عز وجل في كتابه الكريم:
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ
[المائدة : 73]
أي: إن "الله" أي واحد من هؤلاء الثلاثة
فهؤلاء الثلاثة يُعبدون ويُطلق عليهم لفظ الجلالة "الله"
برُوسُّوبُون (προσωπον) الحُلَّة أو المَظْهَر الخارِجِيّ
هل هؤلاء الثلاثة: الآب والابن والرُّوح القُدُس
نُسخة واحدة من بعضها البعض ؟
بمعنى: ألا نستطيع التَّفريق بينهم ؟ بالطبع نستطيع !
كيف نستطيع: عن طريق الـ "برُوسُّوبُون" الخاص بكل "أُقنُوم"
فـ "أُقنُوم الابن" ليس نُسخة طبق الأصل من "أُقنُوم الآب"
و "أُقنُوم الرُّوح القُدُس" ليس نُسخة طبق الأصل من "أُقنُوم الآب"
ولكن لكل "أُقنُوم" من هذه الأقانيم الثلاثة حُلَّته أو مظهره الخاص !
سارْكُوثِينْتا (σαρκωθέντα) تجسَّد
لماذا يُعبد المسيح عليه السلام الذي عاش على الأرض ؟
من أين جاءت عقيدة "ألوهيَّة المسيح" عليه السلام ؟
جاءت عن طريق "التَّجسُّد" !
"التَّجسُّد" ليس ظهوراً أو تجليًّا
وإنَّما هو اتِّحادٌ "الألوهيَّة" بالـ "الإنسانيَّة"
كيف هذا ؟!
"أُقنُوم الابن" مولود من "أُقنُوم الآب"
و "أُقنُوم الرُّوح القُدُس" مُنبث من "أُقنُوم الآب"
إذن, أصبح لدينا ثلاثة أقانيم إلهيَّة !
هذه الأقانيم الثلاثة ليس فيهم من "الطَّبيعة الإنسانيَّة" البتَّة !
فجميعهم أقانيم "إلهيَّة" خالصة, ليس فيهم إلا "جَوهَر الألوهيَّة" !
أُقنُوم واحد من هذه الأقانيم الثلاثة
نزل من السَّماء وأصبح إنساناً وعاش بين النّاس على الأرض !
هذا الأُقنُوم هو "أُقنُوم الابن" (الله الابن)
عن طريق "التَّجسُّد" اكتسب هذا الأُقنُوم الإلهيّ: الابن
خصائص وصفات "الطَّبيعة الإنسانيَّة"
عن طريق اتِّحاد "الجَوهَر الإلهيّ" (الله الابن)
بـ "الجَوهَر الإنسانيّ" (جسد المسيح عليه السلام المخلوق) !
فأصبح لدينا الله (الابن) الـمُتجسِّد !
والذي بسبب تجسُّده اكتسب خصائص وصفات الإنسان
بالإضافة إلى ألوهيَّته التي جاءت من ولادته من الآب !
بهذه العقيدة, المسيحيون يقولون صراحة
{إِنَّ اللّهَ} (الابن) نزل من السَّماء وأصبح {هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} عليه السلام
الذي عاش على الأرض واكل وشرب ... إلخ
والله عز وجل يقول في كتابه الكريم:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
[المائدة : 72 و 73]
لماذا تُعتبر هذه العقيدة كُفر ؟!
لأن الاتِّحاد بين "الألوهيَّة" و "الإنسانيَّة" مُستحيل تماماً
إنانْثرُوبِيسانْتا (ἐνανθρωπήσαντα) تأنَّس
بعد الاتِّحاد بين "الألوهيَّة" و "الإنسانيَّة" بحسب العقيدة المسيحية
هذا الكيان الـمُكوَّن من "الألوهيَّة" و "الإنسانيَّة" أصبح إنساناً
وهذا ما يُسمَّى عند المسيحيين بـ "التّأنُّس"
فبعد أن "تجسَّد" الله (الابن), أي: اتَّحد بـ "جَوهَر الإنسانيَّة"
"تأنَّس", أي: أصبح إنساناً مثلنا تماماً في الهيئة والشكل
مع البقاء على جميع صفات وخصائص "طبيعته الإلهيَّة"
فأصبح الله (الابن)
بعد "التَّجسُّد" و "التّانُّس"
هو المسيح ابن مريم عليه السلام !
والآن, وقبل أن نأتي إلى ما حدث في مجمع نقية 325م
يجب علينا أن نُسلِّط قليلاً من الضوء على ...
عقائد الفِّرَق المسيحيَّة الـمُختلفة
مُنذ فجر المسيحية وهُناك فرق مسيحية كثيرة جداً ومُختلفة
هذه الفرق المسيحية كانت تختلف لاختلاف مُعتقدها في المسيح عليه السلام
بمعنى
هُناك فرق كانت تؤمن بأن ..
1. المسيح عليه السلام إنسان فقط (الإبيونِيّون)
2. أو أن المسيح عليه السلام إنسان وإله في الوقت نفسه (أتباع أثناسيوس الرسولي)
3. أو أن المسيح عليه السلام إله أو روح فقط (بعض الغُنُوصِيّين والدُّويستِيَّة)
وكانت هُناك اختلافات بين الفرق المسيحي بخصوص
الإله الـمُستحق للعبادة, هل هو واحد أم أكثر ... إلخ
فهُناك فرق كانت تؤمن بـ ..
1. إله واحد فقط وهو إله العهد القديم ونفي الألوهية عن أي كائن آخر (الإبيونِيّون)
2. إله للخير وإله للشر يُصارِعان ويُحارِبان بعضهما البعض (ماركيون, الدُّويستِيَّة)
3. إله كبير عظيم وكائنات إلهية كثيرة جداً لا تُعَد ولا تُحصى (فرق غُنُوصِيَّة)
والآن, بعد أن شرحنا القليل عن العقائد المسيحية الرئيسيَّة الـمُختلفة
يجب علينا أن نُسلِّط قليلاً من الضوء على ...
الظُّرُوف التي أدَّت إلى مجمع نقية 325م
كانت هُناك صراعات ضخمة جداً بين طرفين
الطَّرَف الأول: آريوس وأتباعه
آريوس كان من أصل ليبيّ, وُلِدَ عام 270م
درس الكثير من العلوم والمعارف ثم التحق بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية
تنحصر تعاليمه في إنكار ألوهيَّة المسيح عليه السلام وادعائه أنه مخلوق
وكان يقول بأن "الابن" و "الآب" ليسا من "جَوهر واحد"
بل الابن مخلوق والآب هو الخالق !
الطَّرَف الثاني: أثناسيوس وأتباعه
أثناسيوس الإسكندري, وُلِد عام 287م من أبوين وثنيَّين !
مات والده وهو ما زال صغيراً, فقامته أمُّه الوثنيَّة بتربيته !
أثناسيوس عارَض تعاليم آريوس
وقال إن "الابن" ليس مخلوقاً, بل هو مولود من "الآب"
وقال إن "الآب" و "الابن" من "جَوهَر واحد"
من الواضح جداً أن أتباع آريوس كانوا الأغلبية
كان الأمر يبدوا وكأن العالم كله ضدّ أثناسيوس وكان هو ضدّ العالم !
هذان الطَّرفان كانا يتصارعان دائماً
حتى كاد الأمر يصل إلى فوضى عارمة وفتنة
حينئذ أمر الإمبراطور الرُّوماني الوثني "قُسطنطين"
بإقامة مجمع عالمي لفض هذه النِّزاعات وتوحيد صفوف الإمبراطوريَّة
الدِّيانة الرَّسميَّة للإمبراطوريَّة الرُّمانيَّة
الأحداث التي جَرَت في مجمع نقية 325م يُحيطها بعض الغُمُوض !
فالجلسة الأولى للمجمع لم تصل إلى نتيجة ما !
في نهاية المجمع تم وضع الجزء الأول من قانون الإيمان المسيحي الذي يقول:
نؤمن بإله واحد, الله الآب, ضابط الكل, خالق السماء والأرض, ما يرى و ما لا يرى. نؤمن برب واحد يسوع المسيح, ابن الله الوحيد, المولود من الآب قبل كل الدهور, نور من نور, إلهٌ حق من إلهٍ حق, مولود غير مخلوق, واحد مع للآب في الجوهر, الذى به كان كل شيء. هذا الذي من أجلنا نحن البشر, ومن أجل خلاصنا, نزل من السماء وتجسَّد من الروح القدس ومن مريم العذراء. تأنَّس وصُلِب عنّا على عهد بيلاطس البنطي. تألم وقُبِرَ وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب, وصعد إلى السموات, وجلس عن يمين أبيه, وأيضاً يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات, الذي ليس لملكه انقضاء.
يقول القُمُّص كيرلس الأنطوني:
ولقد وقَّع على قانون الإيمان هذا أكثر من 300 أسقف, ولما امتنع أريوس وأنصاره عن التَّوقيع حرمهم المجمع. كما قرر نفي آريوس وحرق كتبه.
القُمُّص كيرلس الأنطوني: عصر المجامع, مكتبة المحبَّة - صـ108.
لاحظ عدم ذكر أعداد الـمُخالفين لهذا القانون !
وبداية اضطهاد الـمُخالفين لعقيدة أثناسيوس !
وهكذا انتشرت عقيدة أثناسيوس بعد أن كان هو ضدّ العالم !
بعثة النَّبي محمد صلى الله عليه وسلم
بعد مجمع نقية 325م والمجامع المسكونيَّة الأخرى
ساد الكفرُ العالم بأسره, ولم يبقَ على الإيمان الصحيح إلا القليل
فكل من كان يُخالف الدِّيانة الرسميَّة للإمبراطوريَّة الرُّومانيَّة كان يُحارب
ودخل الوثنيون في دين الكفر أفواجاً
وكما جاء في الحديث المذكور في صحيح مسلم 7386
« إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ »
بقايا من الفرق المسيحية التي كانت مُتمسِّكة بالحق الذي معها !
فجاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالم الذي ساده الكفر والظَّلام
جاء نوراً إلى العالم, يهدي به اللهُ أولئك الذين كانوا جالسين في الظُّلمة !
قال الله عزَّ وجل في كتابه الكريم:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
[الآيات: 15 و 16 من سورة المائدة]
بهذا أكون قد أنهيت حديثي عن
تاريخ المسيحية
آسف جداً على الإطالة
شاكر جداً لاستضافتكم الكريمة
أراكم مرة أخرى قريباً عندما نتحدَّث عن
نقد العهد الجديد
... الحمد لله الذي بنعمته تتم الصّالحات ...
جزاكم الله خيراً أخونا الفاضل (التاعب) على ما خطت يداكم..زادكم الله علماً
ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
من يرغب بطرح الأسئلة والإستفسارات حول ما جاء في مداخلات الأخ الفاضل التاعب يمكنه ذلك من خلال صفحة التعليقات هنا
http://www.kalemasawaa.com/vb/t16456.html#post119628 (http://www.kalemasawaa.com/vb/t16456.html#post119628)
http://dl9.glitter-graphics.net/pub/207/207779y2dlo7wkjl.gif
المحــــور الثاني
(نقــد العهـــد القــديم)
http://www.quran-m.com/firas/ar_photo/1210623198torahscroll_(custom).jpg
ماذا يقصد به؟ وما هي أشكاله؟ وما الهدف منه؟
يجيبنا على هذه الأسئلة وغيرها.
الأخوين الكريمين/
one1_or_three3
abcdef_475
http://dl9.glitter-graphics.net/pub/207/207779y2dlo7wkjl.gif
abcdef_475
22.11.2011, 00:49
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، وعلى إخوانه السابقين من الأنبياء والمرسلين .
لا شك وان لكل أمر مقدمات ، وعند بداية اي حديث في علم مقارنة الأديان خصوصا وان كان موضوعه هو الكتاب المقدس ، هناك بعض الأسئلة التي يعتبرها زملاؤنا المسيحيين أنها بديهية .
وهي من باب الإفتراضات الجدلية ، ظناً بأنها في حد ذاتها اقامة للحجة على المسلم ، والظفر بالقداسة لما معه من أسفار وأصحاحات واعداد .
هذه الأمور التي يعتبرها المسيحي بديهيات تتمثل في أمرين لا ثالث لهما وهما :
- هل قالت أصلا المصادر الإسلامية بأن اهل الكتاب قد حرفوا كتبهم ؟
- وان كان ذلك كذلك ، وعرفت كتبنا محرفة بالفعل ، فلما تستشهد بها ؟ فضلا عن كيف يسمح الله أصلا بتحريف كتبه ؟
ولذا فلابد من تناول النقتطين بالنقاش ، وبيان ان الزملاء النصارى حينما يثيروا تلك النقاط ظناً منهم انهم يقيموا علينا الحجج ، انما لا يقيموها الا على انفسهم ولا احد سواهم .
اولا : هل قالت المصادر الاسلامية بأن ما يسمى بالكتاب المقدس إصطلاحاً محرف ؟ .
تحدث الله سبحانه وتعالى عن هذا الأمر في كتابة العزيز صراحة ، وذكر أن اهل الكتاب قد حرفوا كتبهم على كلا نوعين من التحريف وهو التحريف المعنوي : وهو صرف المعنى عن مراده الحقيقي .
والثاني بالزيادة والنقصان : وهو التصرف في اللفظ سواء بالحذف منه أو الإضافة عليه .
يقول الله تعالى :
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) البقرة
وقال الزمخشري رحمه الله :
ذكر العلماء الذين عاندوا بالتحريف مع العلم والاستيقان، ثم العوامّ الذين قلدوهم، ونبه على أنهم في الضلال سواء، لأن العالم عليه أن يعمل بعلمه، وعلى العامي أن لا يرضى بالتقليد والظنّ وهو متمكن من العلم. { يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } المحرّف { بِأَيْدِيهِمْ } تأكيد، وهو من محاز التأكيد، كما تقول لمن ينكر معرفة ما كتبه: يا هذا كتبته بيمينك هذه. { مِّمَّا يَكْسِبُونَ } من الرشا. [1] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn1)
وقال الامام بن عطية رحمه الله في تفسير هذه الآية :
هم الأحبار الذين بدلوا التوراة. [2] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn2)
ويقول الله عز وجل :
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( 75 ) البقرة
قال الإمام بن كثير رحمه الله :
أي : يتأولونه على غير تأويله .[3] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn3)
مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ( 46 ) النساء
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 13 ) المائدة
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 41 ) المائدة
وقد فصل الإمام الرازي في تفسيره في الفرق بين المعنيين في قوله تعالى " يحرفون الكلم عن مواضعه " و قوله تعالى أيضاً " يحرفون الكلم من بعد مواضعه " ، فبين - رحمه الله - أن الأولى للتأويلات الفاسدة ، والثانية بالحذف والإضافة ، على النحو الذي قاله في المسألة ، فقال :
المسألة الرابعة :
ذكر الله تعالى ههنا: { عَن مَّوٰضِعِهِ } وفي المائدة { مِن بَعْدِ مَوٰضِعِهِ }
والفرق أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة، فههنا قوله: { يُحَرّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوٰضِعِهِ } معناه: أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص، فهاهنا قوله: { يُحَرّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوٰضِعِهِ } معناه: أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص، وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب
وأما الآية المذكورة في سورة المائدة، فهي دالة على أنهم جمعوا بين الأمرين، فكانوا يذكرون التأويلات الفاسدة، وكانوا يخرجون اللفظ أيضا من الكتاب، فقوله: { يُحَرّفُونَ ٱلْكَلِمَ } إشارة إلى التأويل الباطل وقوله: { مِن بَعْدِ مَوٰضِعِهِ } إشارة إلى إخراجه عن الكتاب.[4] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn4)
فهذا مما ذكره القرآن الكريم من صريح التحريف والعبث مما قام به أهل الكتاب والقائمين على أسفارهم المقدسة ، ثم نسبوه بعد ذلك إلى الوحي الإلهي سواء نصاً أو مدلولاً.
__________
[1] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref1) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل 1 / 185
[2] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref2) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1 / 170
(http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref3)
[3] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref3) تفسير القرآن العظيم 1 / 307
(http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref4)
[4] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref4) مفاتيح الغيب 6 / 96 .
abcdef_475
22.11.2011, 01:19
ثم نأتي بعد ذلك للقضية الثانية ، وهي بعد أن علمنا أن هذه الكتب قد حرفت وبدلت وغيرت ، أفليس من التناقض أن يستشهد بها المسلم بعد ان قال فيها ما قال ؟
ثم كيف يقول القرآن الكريم بأن هذه الكتب قد حرفت وأصابها ما أصابها ويشهد لها بالصحة بعد ذلك ؟
وجواب ذلك أن القرآن الكريم حينما شهد لما نزل من الله عز وجل لأهل الكتاب من كتب ، كانت شهادة لها حينما نزلت على من اختاره الله من أنبياء بني إسرائيل في صورتها النقية بعيداً عن التحريف والدس الذي أدخل فيها بعد ذلك .
وأن كل ما يستخدمه النصارى من آيات من القرآن الكريم في هذا الصدد إنما هو حجة عليهم ايضاً لا حجة لهم ، وانهم في حقيقة الأمر لا يستشهدون إلا بما يدحض كلامهم ويفنده ويعريه .
فيقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :
إن جميع ما يحتجون به من هذه الآيات وغيرها , فهو حجة عليهم لا لهم , وهكذا شأن جميع أهل الضلال إذا احتجوا بشيء من كتاب الله وكلام أنبيائه , كان في نفس ما احتجوا به ما يدل على فساد قولهم , وذلك لعظمة كتب الله المنزلة على أنبياؤه , فإنه جعل ذلك هدى وبيانًا للخلق وشفاء لما في الصدور , فلا بد أن يكون في كلام الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين من الهدى والبيان ما يفرق الله به بين الحق والباطل, والصدق والكذب , لكن الناس يؤتون من قبل أنفسهم , لا من قبل أنبياء الله تعالى. [1] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn1)
فلذا حينما يقول الله عز وجل :
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) المائدة
وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) المائدة
فهم الكتب النقية التي أنزلها الله لتكون مرشداً ونوراً للناس ، ومبشرة بالرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم :
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) الأعراف
وليست أسفاراً كتبت بواسطة أشخاص مجهولين لا يعرف احد من هم ، نسبت بعد ذلك للوحي الإلهي ، جمعت بين دفتيها الحق مما ورث عن الأنبياء ، والباطل الذي خطه أهل الباطل بأيديهم .
وهنا يكون كلام الله وكلام رسول الله هو الفيصل امامها .
وهو مدخلنا لجواب قولهم " لماذا تستشهد بها ؟ " ، إذ يقول الإمام بن كثير رحمه الله :
فأما ما شهد له شرعنا بالصدق – ويعني من كتب أهل الكتاب – فلا حاجة بنا إليه ، استغناءً بما عندنا ، وما شهد له شرعنا منها بالبطلان ، فذاك مرود لا يجوز حكتايته إلا على سبيل الإنكار والإبطال ، فإذا كان الله وله الحمد قد أغنانا برسوله محمدِ صلى الله عليه وسلم عن سائر الشرائع ، وبكتابه عن سائر الكتب ، فلسنا نترامى على ما بأيديهم مما قد وقع فيه حبط وخلط ، وكذب ووضع ، وتحريف وتبديل ، وبعد ذلك كله نسخ وتغيير . فالمحتاج إليهه قد بينه رسولنا ، وشرحه وأوضحه ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله . [2] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn2)
لذا ؛ فعندما يقوم مسلم بإستخدام نص من كتب اليهود والنصارى فهو من باب إقامة الحجة عليهم ، وإنكار وإبطال من هم عليه في جداله معهم ، ، ولا يستلزم ذلك الإيمان بتلك النصوص أو أخذ شريعة منها .
اما عن إنكارهم مبدأ تحريف الكتب ، وزعمهم بأن هذا قدحاً في الذات الإلهية – حاشا لله – فهو أمر مردود عليهم أيضاُ .
فالله سبحانه وتعالى حينما كان ينزل الكتب على أنبياؤه كان يوكل مهام حفظ هذه الكتب لأهلها والقائمين عليها ، إذ يقول عز وجل :
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) المائدة
و قال الشيخ الشعراوي رحمه الله كلاماً نفسياً نذكر منه بتلخيص :
وقد استحفظ الله الربانيين والأحبار بالتوراة، أي طلب منهم أن يحفظوها، وكان هذا أمراً تكليفياً، والأمر التكليفي عُرضة لأن يُطاع وعُرضة لأن يُعصى. واستحفظهم الله التوراة والإنجيل
{ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ }
والحق طلب منهم أن يحفظوا المنهج، ولكنهم - ما عدا النبيين - لم ينفذوا، وكل أمر تكليفي يدخل في دائرة الاختيار، ولذلك نجد أن الأحبار والربانيين قد نسوا، وما لم ينسوه كتموه. وأول مرحلة من مراحل عدم الحفظ أنهم نسوا،والمرحلة الثانية هي كتمان ما لم ينسوه، والثالثة هي: ما لم يكتموه حرَّفوه ولووا به ألسنتهم. وياليتهم اقتصروا على هذه المراحل فقط، ولكنهم جاءوا بأشياء وقالوا: هي من عند الله وهي ليست من عند الله
{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ }
إذن فالحفظ منهم لم يتم؛ لذلك لم يدع الله القرآن للحفظ بطريق التكليف؛ لأنه سبحانه اختبر البشر من قبل، ولأنه أراد القرآن معجزة باقية؛ لذلك لم يكل الله سبحانه أمر حفظه إلى الخلق، ولكنه تكفل - سبحانه - بأمر حفظ القرآن:
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
فلو كان الأمر تكليفياً لكان نسيان القرآن وارداً؛ لأن المسلمين ابتعدوا في بعض أمورهم عنه كمنهج، ويناسب ذلك أن ينفصلوا عنه حفظاً. ولكن الأمر صار بالعكس. فعلى الرغم من بُعد المسلمين عن المنهج، ولكن حفظ القرآن لا يقل أبداً، ومن العجيب أن الكثيرين من المسرفين على أنفسهم، إن سمع واحد منهم أنّ شيئاً يمس المصحف، يقيم الدنيا ويقعدها، فالمسألة ليست مسألته، ولكنها مسألة الحافظ جل شأنه. وإن حدث أي تحريف يسير في القرآن من أعداء الإسلام، نجد أمة الإسلام تقف وقفة رجل واحد. [3] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftn3)
فرحم الله الشيخ الإمام ، وأترك الحديث في النقطة الثانية لأخي الحبيب الغالي وان
_________
[1] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref1) الجواب الصحيح 2 / 192
[2] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref2) البداية والنهاية 1 / 8.
[3] (http://www.kalemasawaa.com/vb/#_ftnref3) خواطر الشيخ الإمام – سورة المائدة
أحمد سبيع
25.11.2011, 23:10
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين؛ له الحمد الحسن، والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
أشكركم على هذه الدعوة الكريمة، وأسأل الله سبحانه أن يجعلني أحسن مما تظنون، ويغفر لي ما لا تعلمون؛ إنه حليم ستير.
تكلم الأخ الحبيب التاعب وأفاد وأجاد فجزاه الله خيراً.
وقدم الأخ الحبيب ورفيق الطريق طارق أحمد فأحسن وأبدع، وما أحسنه من استهلال.
بداية لابد أن تعرف ما هو العهد القديم، وماذا يسميه اليهود، ومتى سمي العهد القديم بهذا الاسم، وما هي اللغة التي كتبت بها هذه الأسفار؟!
أولاً ما هو العَهْد القَديم؟!
يقول القس صموئيل يوسف:
تطلق هذه التسمية "العهد القديم" على الأسفار التسعة والثلاثين من تكوين إلى ملاخي. (المدخل إلى العهد القديم ص 25).
إذاً الكتاب المقدس يتكون من قسمين رئيسيين:
القسم الأول: العهد القديم ويضم عند البروتستانت 39 سفراً من تكوين (اسمه في العبرية برشيت בראשית أي في البدء وهي الكلمة من السفر) إلى ملاخي (في العبرية ملاخي מלאכי أي ملاكي أو رسولي، وهي ليست بالضرورة اسم إنسان).
القسم الثاني: العهد الجديد ويضم 27 سفراً من إنجيل متى إلى سفر رؤيا يوحنا.
ما هو الاسم الذي يطلقه اليهودُ على العهدِ القديم؟!
لا يؤمن اليهود بالعهد الجديد الذي يقدسه النصارى؛ فلذلك لا يسمون كتابهم المقدس العهد القديم، وإنما يطلقون عليه تسميات أخرى أشهرها: تناخ (תנך ت ن ك) وهي تجمع الحروف الأولى من:
- توراة (بالعبرية تُورا תּוֹרָה وتعني حرفياً تعليم).
- الأنبياء (بالعبرية نفئيم נְבִיאִים والمقصود أسفار الأنبياء).
- الكتابات (بالعبرية كتوفيم כְּתוּבִים والمقصود أسفار الكتابات) –لاحظ أن الكاف إذا جاءت في آخر الكلمة العبرية تنطق خ لذلك قلنا تناخ ولم نقل تناك-.
والتوراة وأسفار الأنبياء والكتابات هي الأقسام الرئيسية للعهد القديم.
باختصار: النصارى يسمونه العهد القديم، واليهود يسمونه تناخ.
من أول من سَمَّى أسْفار اليهود المقدسة باسم العهدِ القديم؟!
يقول القس صموئيل يوسف:
وأول من استخدم التعبير "عهد قديم" هو ميليتس melito أسقف ساردس عام 180م. (المدخل إلى العهد القديم ص 25).
بأي لغةٍ كُتِبَ العَهْدُ القديمُ؟!
كتب العهد القديم باللغة العبرية ما عدا بعض النصوص كتبت بالآرامية.
تاريخ العَهْد القَديم
ونتحدث تحت هذا العنوان عن نَقْلِ نَصِّ العهدِ القديمِ مِن الناحيةِ التاريخيةِ؛ بدايةً مِن كِتابة أولِ أسفارهِ أي التوراة، إلى أن وصلنا العهدُ القديمُ كاملاً.
يبدأ العهد القديم بسفر التكوين وينتهي بسفر ملاخي؛ وبحسب التواريخ الكتابية التقليدية فإن موسى عليه السلام كاتب التوراة عاش سنة 1400 ق . م تقريباً، وظلت تنقل يدوياً عبر النسخ حتى اختراع آلات الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي.
أي إن أقدم جزء في العهد القديم وهو التوراة ظل ينقل يدوياً لمدة تربو على 3000 عام!
ولا ينكر أحد أن وقوع الأخطاء أثناء نقل نص يدوياً لمدة 3000 سنة هو أمر واقعي نظرياً وعملياً، وهذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل إن شاء الله في حينه.
سنقسم مدة نقل العهد القديم إلى ست مراحل؛ كالآتي:
1- نص العهد القديم قبل 300 ق.م.
2- نص العهد القديم من 300 ق.م حتى 135 م.
3- نص العهد القديم من 135 م حتى 500 م.
4- نص العهد القديم من 500 م حتى 1000 م.
5- نص العهد القديم من 1000 م حتى 1450 م.
6- نص العهد القديم بعد 1450 حتى عصرنا الحالي.
وسنتحدث بالتفصيل عن هذه المراحل في المداخلات القادمة إن شاء الله تعالى.
أتمنى منكم إن كان في كلامي شيء معجم طرح أي سؤال يخص كلامي الماضي حتى نوضح وأكون لكم من الشاكرين.
جزاكم الله خيراً.
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
diamond