زهراء
24.04.2011, 15:57
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال الإمام مسلم في صحيحه كتاب الإمارة. بَاب وُجُوبِ مُلَازَمَةِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وفي كل حَالٍ وَتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ على الطَّاعَةِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ (3/1476 رقم1847): وحدثني محمد بن سَهْلِ بن عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ حدثنا يحيى بن حَسَّانَ ح وحدثنا عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن الدَّارِمِيُّ أخبرنا يحيى وهو بن حَسَّانَ حدثنا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي بن سَلَّامٍ حدثنا زَيْدُ بن سَلَّامٍ عن أبي سَلَّامٍ قال: قال حُذَيْفَةُ بن الْيَمَانِ: قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كنا بِشَرٍّ فَجَاءَ الله بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فيه فَهَلْ من وَرَاءِ هذا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قال «نعم» قلت: هل وَرَاءَ ذلك الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قال: «نعم» قلت: فَهَلْ وَرَاءَ ذلك الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قال: «نعم».
قلت: كَيْفَ؟ قال: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ ولا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إِنْسٍ»
قال: قلت: كَيْفَ أَصْنَعُ يا رَسُولَ اللَّهِ إن أَدْرَكْتُ ذلك؟
قال: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».
فهذا الحديث صححه الإمام مسلم حيث أورده في صحيحه الذي هو ثاني أصح الكتب بعد كتاب الله، فهو في المرتبة بعد صحيح الإمام البخاري عند أكثر العلماء، وقدمه بعض العلماء على صحيح البخاري.
وقد تلقت الأمة أحاديثه هو والبخاري بالقبول، واتفقوا على صحة هذين الكتابين بما هو معلوم مشهور مستفيض عند أهل السنة لا يحتاج إلى تكثير النقول عن الأئمة في ذلك.
وقد انتقد بعض العلماء بعض الأحاديث حصل فيها خلاف، رأى بعض العلماء أن الصواب فيها مع صاحبي الصحيح.
وهذا الحديث الذي خرجه مسلم من حديث حذيفة قد تلقته الأمة بالقبول، وأجمعت الأمة على صحة متنه، وذكروه ضمن عقيدة أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة.
وقد حاول البعض تضعيف هذا الحديث ..
فزعم بعضهم أن هذا الحديث ضعيف بسبب الإنقطاع بين أبي سلام ممطور الحبشي التابعي الجليل وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
وهذه الشبهة مردودة من وجوه:
الوجه الأول: أن الحديث خرجه مسلم في صحيحه، ومقتضى هذا أنه صحيح عنده، والأصل في الصحيح أن يكون متصل الإسناد، فربما يرى أنه قد سمع من حذيفة رضي الله عنه.
فقد صح سماع أبي سلام من عبادة بن الصامت رضي الله عنه وهو متوفى سنة 34هـ ، فسماعه من حذيفة المتوفى سنة 36هـ أولى وأحرى.
ولم ينف سماعه من حذيفة إلا الدارقطني وبعض من جاء بعده وليس له سلف في ذلك، ولم يذكر دليلاً، فتصحيح مسلم له أولى بالقبول.
وقد صححه أبو عوانة، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ووافقه الذهبي، والألباني.
الوجه الثاني: لو قيل إن أبا سلام لم يسمع من حذيفة فقد ثبت سماعه من أبي إدريس الخولاني كما ذكر ذلك البخاري في تاريخه وابن عساكر وغيرهما، وقد ساقه الإمام مسلم بعد رواية الحديث من طريق أبي إدريس الخولاني عن حذيفة، فلا تخرج رواية أبي سلام للحديث عن حذيفة مباشرة أو عن أبي إدريس عن حذيفة فهو صحيح على كل حال.
الوجه الثالث: أن الإمام مسلماً قد يورد أحياناً بعض الأسانيد التي فيها كلام لكنه لا يورد السند المتكلم فيه إلا إذا كان المتن الذي رواه صحيحاً، فهو ممن ينتقي أحاديث الرواة كالإمام البخاري وليس ممن يوردون الأحاديث الضعيفة في كتاب اشترط فيه الصحة.
فمتن الحديث صحيح عند مسلم، وقد تلقته الأمة بالقبول، ولم يضعف متنه ولم يطعن فيه أحد من أهل السنة، بل نص النووي رَحِمَهُ اللهُ على صحته.
قال في شرحه على صحيح مسلم- (12/237-238): «قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا عِنْدِي مُرْسَل ؛ لِأَنَّ أَبَا سَلَّامٍ لَمْ يَسْمَع حُذَيْفَة ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ ، لَكِنَّ الْمَتْن صَحِيح مُتَّصِل بِالطَّرِيقِ الْأَوَّل ، وَإِنَّمَا أَتَى مُسْلِم بِهَذَا مُتَتَابِعَة كَمَا تَرَى ؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُول وَغَيْرهَا أَنَّ الْحَدِيث الْمُرْسَل إِذَا رُوِيَ مِنْ طَرِيق آخَر مُتَّصِلًا تَبَيَّنَّا بِهِ صِحَّة الْمُرْسَل ، وَجَازَ الِاحْتِجَاج بِهِ ، وَيَصِير فِي الْمَسْأَلَة حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ ».
فلا يوجد عالم سني ضعف الحديث بل منهم من تكلم في سنده مع اعتقاده صحة متنه.
الوجه الرابع: أن حديث حذيفة رضي الله رواه عنه عدد من الرواة وهم:
أبو إدريس الخولاني، وأبو سلام ممطور الحبشي، وسبيع بن خالد اليشكري، ويونس بن ميسرة، ومكحول، وعبدالرحمن بن قرظ، وزيد بن وهب.
فهو حديث مشهور، وأكمل وأتم رواياته رواية: أبي إدريس وأبي سلام، وسبيع.
وقد اتفقت روايتا أبي سلام وسبيع على ذكر جملة: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك» فهي متابعة تامة لأبي سلام مما يؤكد صحتها، ودقة نظر الإمام مسلم رَحِمَهُ اللهُ، وإمامته في هذا الفن.
وقد خرج رواية سبيع بن خالد:
معمر في جامعه(11/341رقم20711)، والطيالسي في مسنده(ص/59رقم442، 443)، وابن أبي شيبة في المصنف(7/447رقم37113)، وأحمد بن حنبل في مسنده(5/403)، وفي العلل ومعرفة الرجال(2/204-205) رواية ابنه عبدالله، والحربي في غريب الحديث (3/1164) مختصراً مقتصراً على موضع الشاهد، وأبو داود في سننه(4/95-96رقم 4244-4248)، والبزار في البحر الزخار(7/361رقم2959 ، 2960)، وأبو نعيم في حلية الأولياء(1/271)، وأبو عوانة في مسنده(4/420رقم7168) ، وابن حبان في صحيحه(13/298رقم5963) بنحوه وليس فيه موضع الشاهد، والحاكم في المستدرك على الصحيحين(4/479)، والبغوي في شرح السنة(15/8رقم4219)، وغيرهم من طريق سبيع بن خالد اليشكري قال: أَتَيْتُ الْكُوفَةَ في زَمَنِ فُتِحَتْ تُسْتَرُ أَجْلُبُ منها بِغَالًا فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فإذا صَدْعٌ من الرِّجَالِ، وإذا رَجُلٌ جَالِسٌ تَعْرِفُ إذا رَأَيْتَهُ أَنَّهُ من رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ.
قال: قلت: من هذا؟ فَتَجَهَّمَنِي الْقَوْمُ، وَقَالُوا: أَمَا تَعْرِفُ هذا؟ هذا حُذَيْفَةُ بن الْيَمَانِ صَاحِبُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فقال حُذَيْفَةُ: إِنَّ الناس كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ.
فَأَحْدَقَهُ الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. فقال: إني قد أَرَى الذي تُنْكِرُونَ، إني قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ هذا الْخَيْرَ الذي أَعْطَانَا الله أَيَكُونُ بَعْدَهُ شَرٌّ كما كان قَبْلَهُ؟ قال: «نعم» قلت: فما الْعِصْمَةُ من ذلك؟ قال: «السَّيْفُ». قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ مَاذَا يَكُونُ؟ قال: «إن كان لِلَّهِ خَلِيفَةٌ في الأرض فَضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَأَطِعْهُ وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ».
قلت ثُمَّ مَاذَا؟ قال: «ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، معه نَهْرٌ وَنَارٌ فَمَنْ وَقَعَ في نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ وَمَنْ وَقَعَ في نَهْرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَحُطَّ أَجْرُهُ»
قال: قلت: ثُمَّ مَاذَا؟ قال: «ثُمَّ هِيَ قِيَامُ السَّاعَةِ». واللفظ لأبي داود في سننه.
الوجه الخامس: أن حديث حذيفة tله شاهد من حديث عبادة بن الصامت
عن النبي قال: «اسمع وأطع، في عُسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك»
رواه الشاشي في مسنده(رقم1221)، وابن حبان في صحيحه(10/425، 428رقم4562، 4566)، وابن أبي عاصم في السنة(رقم1026)، وابن زنجويه في كتاب الأموال(رقم24)، وابن عساكر في تاريخ دمشق(15/374، 57/184) ، وابن العديم في تاريخ حلب(3/1230) وغيرهم من طريق مُدْرِكِ بْنِ سَعْدٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ سَمِعَ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ به. وسنده صحيح.
الوجه السادس: أنه صح من قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عن سُويد بن غَفَلَة قال: قال لي عمرُ: «يا أبا أمية، إني لا أدري لعلي أن لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسمع وأطع، وإن أُمِّر عليك عبد حبشي مجدَّع فاسمع له وأطع، إن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن أراد أمرًا ينتقص دينَكَ فقل: سمعٌ وطاعةٌ، دمي دون ديني، ولا تفارق الجماعة».
رواه ابن أبي شيبة في المصنف(6/544رقم33711)، ونعيم بن حماد في كتاب الفتن(1/153رقم389) ، والخلال في السنة(1/111رقم54)،والآجري في الشريعة(1/379-381رقم70-71)، والبيهقي في السنن الكبرى(8/159)، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن وغوائلها(2/402رقم143) ، وغيرهم من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة به.
وإسناده صحيح.
فقد قال الإمام مسلم في صحيحه كتاب الإمارة. بَاب وُجُوبِ مُلَازَمَةِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وفي كل حَالٍ وَتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ على الطَّاعَةِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ (3/1476 رقم1847): وحدثني محمد بن سَهْلِ بن عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ حدثنا يحيى بن حَسَّانَ ح وحدثنا عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن الدَّارِمِيُّ أخبرنا يحيى وهو بن حَسَّانَ حدثنا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي بن سَلَّامٍ حدثنا زَيْدُ بن سَلَّامٍ عن أبي سَلَّامٍ قال: قال حُذَيْفَةُ بن الْيَمَانِ: قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كنا بِشَرٍّ فَجَاءَ الله بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فيه فَهَلْ من وَرَاءِ هذا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قال «نعم» قلت: هل وَرَاءَ ذلك الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قال: «نعم» قلت: فَهَلْ وَرَاءَ ذلك الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قال: «نعم».
قلت: كَيْفَ؟ قال: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ ولا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إِنْسٍ»
قال: قلت: كَيْفَ أَصْنَعُ يا رَسُولَ اللَّهِ إن أَدْرَكْتُ ذلك؟
قال: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».
فهذا الحديث صححه الإمام مسلم حيث أورده في صحيحه الذي هو ثاني أصح الكتب بعد كتاب الله، فهو في المرتبة بعد صحيح الإمام البخاري عند أكثر العلماء، وقدمه بعض العلماء على صحيح البخاري.
وقد تلقت الأمة أحاديثه هو والبخاري بالقبول، واتفقوا على صحة هذين الكتابين بما هو معلوم مشهور مستفيض عند أهل السنة لا يحتاج إلى تكثير النقول عن الأئمة في ذلك.
وقد انتقد بعض العلماء بعض الأحاديث حصل فيها خلاف، رأى بعض العلماء أن الصواب فيها مع صاحبي الصحيح.
وهذا الحديث الذي خرجه مسلم من حديث حذيفة قد تلقته الأمة بالقبول، وأجمعت الأمة على صحة متنه، وذكروه ضمن عقيدة أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة.
وقد حاول البعض تضعيف هذا الحديث ..
فزعم بعضهم أن هذا الحديث ضعيف بسبب الإنقطاع بين أبي سلام ممطور الحبشي التابعي الجليل وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
وهذه الشبهة مردودة من وجوه:
الوجه الأول: أن الحديث خرجه مسلم في صحيحه، ومقتضى هذا أنه صحيح عنده، والأصل في الصحيح أن يكون متصل الإسناد، فربما يرى أنه قد سمع من حذيفة رضي الله عنه.
فقد صح سماع أبي سلام من عبادة بن الصامت رضي الله عنه وهو متوفى سنة 34هـ ، فسماعه من حذيفة المتوفى سنة 36هـ أولى وأحرى.
ولم ينف سماعه من حذيفة إلا الدارقطني وبعض من جاء بعده وليس له سلف في ذلك، ولم يذكر دليلاً، فتصحيح مسلم له أولى بالقبول.
وقد صححه أبو عوانة، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ووافقه الذهبي، والألباني.
الوجه الثاني: لو قيل إن أبا سلام لم يسمع من حذيفة فقد ثبت سماعه من أبي إدريس الخولاني كما ذكر ذلك البخاري في تاريخه وابن عساكر وغيرهما، وقد ساقه الإمام مسلم بعد رواية الحديث من طريق أبي إدريس الخولاني عن حذيفة، فلا تخرج رواية أبي سلام للحديث عن حذيفة مباشرة أو عن أبي إدريس عن حذيفة فهو صحيح على كل حال.
الوجه الثالث: أن الإمام مسلماً قد يورد أحياناً بعض الأسانيد التي فيها كلام لكنه لا يورد السند المتكلم فيه إلا إذا كان المتن الذي رواه صحيحاً، فهو ممن ينتقي أحاديث الرواة كالإمام البخاري وليس ممن يوردون الأحاديث الضعيفة في كتاب اشترط فيه الصحة.
فمتن الحديث صحيح عند مسلم، وقد تلقته الأمة بالقبول، ولم يضعف متنه ولم يطعن فيه أحد من أهل السنة، بل نص النووي رَحِمَهُ اللهُ على صحته.
قال في شرحه على صحيح مسلم- (12/237-238): «قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا عِنْدِي مُرْسَل ؛ لِأَنَّ أَبَا سَلَّامٍ لَمْ يَسْمَع حُذَيْفَة ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ ، لَكِنَّ الْمَتْن صَحِيح مُتَّصِل بِالطَّرِيقِ الْأَوَّل ، وَإِنَّمَا أَتَى مُسْلِم بِهَذَا مُتَتَابِعَة كَمَا تَرَى ؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُول وَغَيْرهَا أَنَّ الْحَدِيث الْمُرْسَل إِذَا رُوِيَ مِنْ طَرِيق آخَر مُتَّصِلًا تَبَيَّنَّا بِهِ صِحَّة الْمُرْسَل ، وَجَازَ الِاحْتِجَاج بِهِ ، وَيَصِير فِي الْمَسْأَلَة حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ ».
فلا يوجد عالم سني ضعف الحديث بل منهم من تكلم في سنده مع اعتقاده صحة متنه.
الوجه الرابع: أن حديث حذيفة رضي الله رواه عنه عدد من الرواة وهم:
أبو إدريس الخولاني، وأبو سلام ممطور الحبشي، وسبيع بن خالد اليشكري، ويونس بن ميسرة، ومكحول، وعبدالرحمن بن قرظ، وزيد بن وهب.
فهو حديث مشهور، وأكمل وأتم رواياته رواية: أبي إدريس وأبي سلام، وسبيع.
وقد اتفقت روايتا أبي سلام وسبيع على ذكر جملة: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك» فهي متابعة تامة لأبي سلام مما يؤكد صحتها، ودقة نظر الإمام مسلم رَحِمَهُ اللهُ، وإمامته في هذا الفن.
وقد خرج رواية سبيع بن خالد:
معمر في جامعه(11/341رقم20711)، والطيالسي في مسنده(ص/59رقم442، 443)، وابن أبي شيبة في المصنف(7/447رقم37113)، وأحمد بن حنبل في مسنده(5/403)، وفي العلل ومعرفة الرجال(2/204-205) رواية ابنه عبدالله، والحربي في غريب الحديث (3/1164) مختصراً مقتصراً على موضع الشاهد، وأبو داود في سننه(4/95-96رقم 4244-4248)، والبزار في البحر الزخار(7/361رقم2959 ، 2960)، وأبو نعيم في حلية الأولياء(1/271)، وأبو عوانة في مسنده(4/420رقم7168) ، وابن حبان في صحيحه(13/298رقم5963) بنحوه وليس فيه موضع الشاهد، والحاكم في المستدرك على الصحيحين(4/479)، والبغوي في شرح السنة(15/8رقم4219)، وغيرهم من طريق سبيع بن خالد اليشكري قال: أَتَيْتُ الْكُوفَةَ في زَمَنِ فُتِحَتْ تُسْتَرُ أَجْلُبُ منها بِغَالًا فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فإذا صَدْعٌ من الرِّجَالِ، وإذا رَجُلٌ جَالِسٌ تَعْرِفُ إذا رَأَيْتَهُ أَنَّهُ من رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ.
قال: قلت: من هذا؟ فَتَجَهَّمَنِي الْقَوْمُ، وَقَالُوا: أَمَا تَعْرِفُ هذا؟ هذا حُذَيْفَةُ بن الْيَمَانِ صَاحِبُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فقال حُذَيْفَةُ: إِنَّ الناس كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ.
فَأَحْدَقَهُ الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. فقال: إني قد أَرَى الذي تُنْكِرُونَ، إني قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ هذا الْخَيْرَ الذي أَعْطَانَا الله أَيَكُونُ بَعْدَهُ شَرٌّ كما كان قَبْلَهُ؟ قال: «نعم» قلت: فما الْعِصْمَةُ من ذلك؟ قال: «السَّيْفُ». قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ مَاذَا يَكُونُ؟ قال: «إن كان لِلَّهِ خَلِيفَةٌ في الأرض فَضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَأَطِعْهُ وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ».
قلت ثُمَّ مَاذَا؟ قال: «ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، معه نَهْرٌ وَنَارٌ فَمَنْ وَقَعَ في نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ وَمَنْ وَقَعَ في نَهْرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَحُطَّ أَجْرُهُ»
قال: قلت: ثُمَّ مَاذَا؟ قال: «ثُمَّ هِيَ قِيَامُ السَّاعَةِ». واللفظ لأبي داود في سننه.
الوجه الخامس: أن حديث حذيفة tله شاهد من حديث عبادة بن الصامت
عن النبي قال: «اسمع وأطع، في عُسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك»
رواه الشاشي في مسنده(رقم1221)، وابن حبان في صحيحه(10/425، 428رقم4562، 4566)، وابن أبي عاصم في السنة(رقم1026)، وابن زنجويه في كتاب الأموال(رقم24)، وابن عساكر في تاريخ دمشق(15/374، 57/184) ، وابن العديم في تاريخ حلب(3/1230) وغيرهم من طريق مُدْرِكِ بْنِ سَعْدٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ سَمِعَ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ به. وسنده صحيح.
الوجه السادس: أنه صح من قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عن سُويد بن غَفَلَة قال: قال لي عمرُ: «يا أبا أمية، إني لا أدري لعلي أن لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسمع وأطع، وإن أُمِّر عليك عبد حبشي مجدَّع فاسمع له وأطع، إن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن أراد أمرًا ينتقص دينَكَ فقل: سمعٌ وطاعةٌ، دمي دون ديني، ولا تفارق الجماعة».
رواه ابن أبي شيبة في المصنف(6/544رقم33711)، ونعيم بن حماد في كتاب الفتن(1/153رقم389) ، والخلال في السنة(1/111رقم54)،والآجري في الشريعة(1/379-381رقم70-71)، والبيهقي في السنن الكبرى(8/159)، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن وغوائلها(2/402رقم143) ، وغيرهم من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة به.
وإسناده صحيح.