خادم المسلمين
09.06.2009, 21:33
بسمِ اللهِ الرحمـٰنِ الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا مُحَمَّد ، وعلى آلـِهِ وصحبـِهِ أجمعين
أمّا بعد ،
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتـُه
حَيَّاكُمُ اللهُ جميعـًا يا طيّبين وبوّأكم الجنة
آداب المحادثة في برنامج البالتوك
- الأدبُ الأولُ :
هذا الأدب قد يكون له علاقة بآداب المجالس أيضًا ألا وهو تحية الإسلام وهي " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ، فإذا دخل المستخدم للبرنامج إلى غرفة من غرف البالتوك وخاصة غرف أهل السنة ، فأول ما يبتدأ به حال الدخول السلام ، سواء كان كتابة أو عن طريق الصوت .
هذا الأدب الجميل يورث المحبة بين المؤمنين ، وتركه دليل على الجفاء والغلظة ، وذلك مما يورث البغضاء والنفرة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ » . رواه مسلم (54)، وأبو داود (5193) ، وابن ماجه (68) ، وأحمد (2/391) ، والبخاري في الأدب المفرد (980) .
والغرفة عند دخولها قد يكون فيها أخلاط من المسلمين والمشركين والنصارى وغير ذلك فلا بأس بالسلام عليهم ويكون السلام للمسلمين منهم ودليل ذلك :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ ، وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ : لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ... الحديث . رواه البخاري (6207) ، ومسلم (1798) .
قال الإمام النووي في المنهاج (12/157) : فِيهِ : جَوَاز الِابْتِدَاء بِالسَّلَامِ عَلَى قَوْم فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّار , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ .ا.هـ.
وإذا رد واحد ممن في الغرفة السلام عليك فهذا يكفي . وقد يدخل بعض أهل البدع فيكتبون أو يقولون : السلام على من اتبع الهدى . وهذه التحية لا تقال إلا للكفار ، وهم يعتقدون كفر أهل السنة .
- الأدبُ الثاني :
قال تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } [ البقرة : 83 ]
تذكروا إخوتي الداخلين هذه الآية .
فإذا أردتنا أن نتكلم فليكن القول حسنا جميلا ، وهو الأصل في التخاطب بين الناس .
وتذكروا أن الكلمة الطيبة تُتقى بها النار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ عَدِيٌّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ » . رواه البخاري (6023) ، ومسلم (2/704) .
وتذكروا أيضا هذه الآية : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } [ الإسراء : 53 ].
قال ابن كثير : يَأْمُر تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْده وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُر عِبَاد اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا فِي مُخَاطَبَاتهمْ وَمُحَاوَرَاتهمْ الْكَلَام الْأَحْسَن وَالْكَلِمَة الطَّيِّبَة فَإِنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ نَزَغَ الشَّيْطَان بَيْنهمْ وَأَخْرَجَ الْكَلَام إِلَى الْفِعَال وَوَقَعَ الشَّرّ وَالْمُخَاصَمَة وَالْمُقَاتَلَة ... .ا.هـ.
لا تنسوا هذا الأصل في التخاطب ؛ ولكن قد نحتاج إلى استعمال الكلمات اللاذعة والتي تكون في مقام الطبيب مع المريض ، ولا تكون دَيْدَنًا ودينًا لك بل نتجه إليها عند الضرورات الملحة ، وبعد انتهاء الضرورة نرجع إلى أصلنا السابق .
وإليكم الأدلة :
يوسف عليه السلام قال لإخوانه : { فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ } [ يوسف : 60 ].
وسليمان عليه السلام يقول : { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ . لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } [ النمل : 20 - 21 ].
وقد يدخل إلى الغرفة ممن يدعون محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويشتم ، ويلعن الصحابة ، أو العلماء ، أو طلبة العلم فما هو الواجب علينا في هذه الحالة ؟
هل نرد عليه بالمثل ؟؟
اسمعوا ماذا يقول ربكم جل وعز .
قال تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } [ المؤمنون : 1 - 3 ].
و قَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [ الفرقان : 72 ].
وقال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [ القصص : 55 ].
- الأدبُ الثالثُ:
لاشك أن المتكلم لابد للسامعين من الإصغاء له ، ومن خلال الدخول على غرف البالتوك عايشنا أمرا على العكس ، فلا نجد من يصغي للمتكلم إلا ما ندر ، ونرى أن المتكلم يتكلم ، والكتابة لا تنقطع على الجزء الذي ينشغل فيه المستمعون .
فهذا أدب ينبغي مراعاته في هذا البرنامج من قِبل المشرفين عليها في غرف أهل السنة ، والحث عليه ، بل قد تكون هناك محاضرة ، والكثير ممن في الغرفة لا يلقي لها بالا مما قد يؤثر على المحاضر من جهتين :
1 - عدم التحمس للمحاضرة عندما يرى المحاضر كثرة الكتابة ، والانشغال بها من المستمعين .
2 - ينشغل المحاضر بالكتابة ، فتشتت أفكاره ، بل قد ينشغل بالرد على ما يكتب .
فمن الأدب حسن الإصغاء لمن يتحدث ، والإقبال عليه ، وإبداء الأنس بحديثه .
وإليكم هذا الحوار بين النبي صلى الله عليه والصحابي الجليل ضمام بن ثعلبة ، وكيف كان النبي صلى الله ينصت ، ويجيب ، ويعطي الفرصة لإبداء آرائه.
عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْنَا : هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ . فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : يَا ابْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَجَبْتُكَ . فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ . فَقَالَ : أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ ءَاللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ءَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ . قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ءَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ . قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ءَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . فَقَالَ الرَّجُلُ : آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ . أخرجه البخاري (63) .
- الأدبُ الرابعُ :
خفض الصوت عند التحدث في البرنامج أمر مطلوب ، وأدب إسلامي حثت عليه الشريعة . قال تعالى : { وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } [ لقمان : 19 ].
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي : فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة ، لما اختص بذلك الحمار ، الذي قد علمت خسته وبلادته .
*ملحوظة : يرجىٰ التفريق بين رفع الصوت تعنّتًا وبين رفع الصوت للموعظة والتذكير ، فهذا أمر آخر ، فعله النبي صلى الله عليه وسلم .
- الأدبُ الخامسُ :
لا شك أن غرف البالتوك هي لتبادل الكلام من عدة أطراف ، ويتخلل الحوار فيها أسئلة سواء كانت شرعية أو غير شرعية ، وطرح السؤال له أدب لا بد من مراعاته حال طرحه .
وإليكم إخوتي الداخلين على غرف البالتوك بعضا من الآداب التي ينبغي مراعاتها عند طرحنا للسؤال :
1 - التقدمة بين يدي السؤال لا سيما إن كان السؤال محرجا أو دقيقا أو ستتلوه أسئلة أخرى .
2 - اختيار الصيغة المناسبة ، وإيضاح السؤال ، فلا يكون السؤال قبيحا ، أو ركيكا ، أو غير مفهوم .
3 - الابتعاد عن الحالات التي يكون فيها السؤال منهيا عنه أو مذموما وهي كما يلي :
أولاً : السؤال عما سكت عنه الشرع ولم يبينه . وهذا النهي خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيًا : السؤال فيما لا فائدة فيه ، ولا حاجة إليه .
ثالثاً : السؤال على وجه العبث ، أو السخرية ، أو الاستهزاء .
رابعًا : كثرة السؤال في المسائل التي لم تقع .
خامسًا : السؤال عما أخفاه الله عن الناس لحكمة .
قال حَبيب : كنا جلوسا عند زياد ، فأتاه كتاب من بعض الملوك ، فمد مَدَّة - أي بَلَّ قلمه من الحِبر بلَّة - فكتب فيه ، ثم طَبَع الكتاب ونَفَّذ به مع الرسول . فقال زياد : أتدرون عما سأل صاحب هذا الكتاب ؟ سأل عن كفَّتّي ميزان الأعمال يوم القيامة ، أمن ذهب هي أم وَرِق ؟ فكتبت إليه : حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مِنْ حُسْن إِسْلَام الْمَرْء تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيه " . وستَرِدُ فتَعلم . حكاه القاضي عياض في " ترتيب المدارك " (3/120) .
سادسًا : السؤال لإحراج المسئول ، أو اختباره أمام الناس .
سابعًا : السؤال للرياء والسمعة وإظهار العلم .
ثامنًا : السؤال لإحداث الفتنة . مثل : سؤال واصل بن عطاء للحسن البصري .
- الأدبُ السادسُ :
احذروا إخوتي المستخدمين لبرنامج البالتوك من الاستخفاف ، وعدم مقاطعة المتحدث ولو كنت تعرف باقي كلامه .
قال ابن جريج عن عطاء : إن الرجل ليحدِّثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه ، وقد سمعته قبل أن يولد . سير أعلام النبلاء (5/86).
- الأدبُ السابعُ :
من خلال هذا البرنامج نستطيع أن نطبق أدبًا نبويًا عظيمًا ألا وهو أدب النصيحة ، فقد يقع الخطأ من أحد الفضلاء في الغرفة فما الواجب على من كان في الغرفة ؟
إن كان مضافًا لدينا فما علينا إلا أن نرسل له على الخاص (PM) ، وقبل أن ننصح نقدم بين يدي نصيحتنا كلاما نذكر فيه محاسن الشخص ، ثم نقدم النصيحة ، فهذا يكون أدعى لتهيئة المشاعر لقبول القول ، والعمل بالنصيحة الموجهة .
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا مُحَمَّد ، وعلى آلـِهِ وصحبـِهِ أجمعين
أمّا بعد ،
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتـُه
حَيَّاكُمُ اللهُ جميعـًا يا طيّبين وبوّأكم الجنة
آداب المحادثة في برنامج البالتوك
- الأدبُ الأولُ :
هذا الأدب قد يكون له علاقة بآداب المجالس أيضًا ألا وهو تحية الإسلام وهي " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ، فإذا دخل المستخدم للبرنامج إلى غرفة من غرف البالتوك وخاصة غرف أهل السنة ، فأول ما يبتدأ به حال الدخول السلام ، سواء كان كتابة أو عن طريق الصوت .
هذا الأدب الجميل يورث المحبة بين المؤمنين ، وتركه دليل على الجفاء والغلظة ، وذلك مما يورث البغضاء والنفرة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ » . رواه مسلم (54)، وأبو داود (5193) ، وابن ماجه (68) ، وأحمد (2/391) ، والبخاري في الأدب المفرد (980) .
والغرفة عند دخولها قد يكون فيها أخلاط من المسلمين والمشركين والنصارى وغير ذلك فلا بأس بالسلام عليهم ويكون السلام للمسلمين منهم ودليل ذلك :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ ، وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ : لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ... الحديث . رواه البخاري (6207) ، ومسلم (1798) .
قال الإمام النووي في المنهاج (12/157) : فِيهِ : جَوَاز الِابْتِدَاء بِالسَّلَامِ عَلَى قَوْم فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّار , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ .ا.هـ.
وإذا رد واحد ممن في الغرفة السلام عليك فهذا يكفي . وقد يدخل بعض أهل البدع فيكتبون أو يقولون : السلام على من اتبع الهدى . وهذه التحية لا تقال إلا للكفار ، وهم يعتقدون كفر أهل السنة .
- الأدبُ الثاني :
قال تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } [ البقرة : 83 ]
تذكروا إخوتي الداخلين هذه الآية .
فإذا أردتنا أن نتكلم فليكن القول حسنا جميلا ، وهو الأصل في التخاطب بين الناس .
وتذكروا أن الكلمة الطيبة تُتقى بها النار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ عَدِيٌّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ » . رواه البخاري (6023) ، ومسلم (2/704) .
وتذكروا أيضا هذه الآية : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } [ الإسراء : 53 ].
قال ابن كثير : يَأْمُر تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْده وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُر عِبَاد اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا فِي مُخَاطَبَاتهمْ وَمُحَاوَرَاتهمْ الْكَلَام الْأَحْسَن وَالْكَلِمَة الطَّيِّبَة فَإِنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ نَزَغَ الشَّيْطَان بَيْنهمْ وَأَخْرَجَ الْكَلَام إِلَى الْفِعَال وَوَقَعَ الشَّرّ وَالْمُخَاصَمَة وَالْمُقَاتَلَة ... .ا.هـ.
لا تنسوا هذا الأصل في التخاطب ؛ ولكن قد نحتاج إلى استعمال الكلمات اللاذعة والتي تكون في مقام الطبيب مع المريض ، ولا تكون دَيْدَنًا ودينًا لك بل نتجه إليها عند الضرورات الملحة ، وبعد انتهاء الضرورة نرجع إلى أصلنا السابق .
وإليكم الأدلة :
يوسف عليه السلام قال لإخوانه : { فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ } [ يوسف : 60 ].
وسليمان عليه السلام يقول : { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ . لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } [ النمل : 20 - 21 ].
وقد يدخل إلى الغرفة ممن يدعون محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويشتم ، ويلعن الصحابة ، أو العلماء ، أو طلبة العلم فما هو الواجب علينا في هذه الحالة ؟
هل نرد عليه بالمثل ؟؟
اسمعوا ماذا يقول ربكم جل وعز .
قال تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } [ المؤمنون : 1 - 3 ].
و قَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [ الفرقان : 72 ].
وقال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [ القصص : 55 ].
- الأدبُ الثالثُ:
لاشك أن المتكلم لابد للسامعين من الإصغاء له ، ومن خلال الدخول على غرف البالتوك عايشنا أمرا على العكس ، فلا نجد من يصغي للمتكلم إلا ما ندر ، ونرى أن المتكلم يتكلم ، والكتابة لا تنقطع على الجزء الذي ينشغل فيه المستمعون .
فهذا أدب ينبغي مراعاته في هذا البرنامج من قِبل المشرفين عليها في غرف أهل السنة ، والحث عليه ، بل قد تكون هناك محاضرة ، والكثير ممن في الغرفة لا يلقي لها بالا مما قد يؤثر على المحاضر من جهتين :
1 - عدم التحمس للمحاضرة عندما يرى المحاضر كثرة الكتابة ، والانشغال بها من المستمعين .
2 - ينشغل المحاضر بالكتابة ، فتشتت أفكاره ، بل قد ينشغل بالرد على ما يكتب .
فمن الأدب حسن الإصغاء لمن يتحدث ، والإقبال عليه ، وإبداء الأنس بحديثه .
وإليكم هذا الحوار بين النبي صلى الله عليه والصحابي الجليل ضمام بن ثعلبة ، وكيف كان النبي صلى الله ينصت ، ويجيب ، ويعطي الفرصة لإبداء آرائه.
عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْنَا : هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ . فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : يَا ابْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَجَبْتُكَ . فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ . فَقَالَ : أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ ءَاللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ءَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ . قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ءَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ . قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ءَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . فَقَالَ الرَّجُلُ : آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ . أخرجه البخاري (63) .
- الأدبُ الرابعُ :
خفض الصوت عند التحدث في البرنامج أمر مطلوب ، وأدب إسلامي حثت عليه الشريعة . قال تعالى : { وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } [ لقمان : 19 ].
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي : فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة ، لما اختص بذلك الحمار ، الذي قد علمت خسته وبلادته .
*ملحوظة : يرجىٰ التفريق بين رفع الصوت تعنّتًا وبين رفع الصوت للموعظة والتذكير ، فهذا أمر آخر ، فعله النبي صلى الله عليه وسلم .
- الأدبُ الخامسُ :
لا شك أن غرف البالتوك هي لتبادل الكلام من عدة أطراف ، ويتخلل الحوار فيها أسئلة سواء كانت شرعية أو غير شرعية ، وطرح السؤال له أدب لا بد من مراعاته حال طرحه .
وإليكم إخوتي الداخلين على غرف البالتوك بعضا من الآداب التي ينبغي مراعاتها عند طرحنا للسؤال :
1 - التقدمة بين يدي السؤال لا سيما إن كان السؤال محرجا أو دقيقا أو ستتلوه أسئلة أخرى .
2 - اختيار الصيغة المناسبة ، وإيضاح السؤال ، فلا يكون السؤال قبيحا ، أو ركيكا ، أو غير مفهوم .
3 - الابتعاد عن الحالات التي يكون فيها السؤال منهيا عنه أو مذموما وهي كما يلي :
أولاً : السؤال عما سكت عنه الشرع ولم يبينه . وهذا النهي خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيًا : السؤال فيما لا فائدة فيه ، ولا حاجة إليه .
ثالثاً : السؤال على وجه العبث ، أو السخرية ، أو الاستهزاء .
رابعًا : كثرة السؤال في المسائل التي لم تقع .
خامسًا : السؤال عما أخفاه الله عن الناس لحكمة .
قال حَبيب : كنا جلوسا عند زياد ، فأتاه كتاب من بعض الملوك ، فمد مَدَّة - أي بَلَّ قلمه من الحِبر بلَّة - فكتب فيه ، ثم طَبَع الكتاب ونَفَّذ به مع الرسول . فقال زياد : أتدرون عما سأل صاحب هذا الكتاب ؟ سأل عن كفَّتّي ميزان الأعمال يوم القيامة ، أمن ذهب هي أم وَرِق ؟ فكتبت إليه : حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مِنْ حُسْن إِسْلَام الْمَرْء تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيه " . وستَرِدُ فتَعلم . حكاه القاضي عياض في " ترتيب المدارك " (3/120) .
سادسًا : السؤال لإحراج المسئول ، أو اختباره أمام الناس .
سابعًا : السؤال للرياء والسمعة وإظهار العلم .
ثامنًا : السؤال لإحداث الفتنة . مثل : سؤال واصل بن عطاء للحسن البصري .
- الأدبُ السادسُ :
احذروا إخوتي المستخدمين لبرنامج البالتوك من الاستخفاف ، وعدم مقاطعة المتحدث ولو كنت تعرف باقي كلامه .
قال ابن جريج عن عطاء : إن الرجل ليحدِّثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه ، وقد سمعته قبل أن يولد . سير أعلام النبلاء (5/86).
- الأدبُ السابعُ :
من خلال هذا البرنامج نستطيع أن نطبق أدبًا نبويًا عظيمًا ألا وهو أدب النصيحة ، فقد يقع الخطأ من أحد الفضلاء في الغرفة فما الواجب على من كان في الغرفة ؟
إن كان مضافًا لدينا فما علينا إلا أن نرسل له على الخاص (PM) ، وقبل أن ننصح نقدم بين يدي نصيحتنا كلاما نذكر فيه محاسن الشخص ، ثم نقدم النصيحة ، فهذا يكون أدعى لتهيئة المشاعر لقبول القول ، والعمل بالنصيحة الموجهة .